ثانيها : ما يتعلّق بالفعل وهو على أقسام :
أحدها : المخيّر ، ولا يخفى على من تتبّع حال الأوامر والخطابات العاديّة والعرفيّة في كلّ لغة وعلى كلّ لسان أنّها إمّا أن يكون المطلوب فيها نوعاً خاصّاً ؛ لعدم حصول المصلحة الباعثة على الأمر إلا به ، وهذا هو المعيّن.
وقد يُراد فيه أحد الأنواع من غير خصوصيّة (١) لتأدّيها بأحدها ، فهي متساوية في تأدية المصلحة ، وخصوصيّاتها ملحوظة على وجه التخيير فلا خطاب تعيين ، ولا تعلّق له بكلّ دائرٍ بين آحاد الأنواع وذلك غير خفيّ ، وهذا هو المخيّر.
ولعدم إرادة الخصوصيّة فيه ، كان من تعمّد قسماً من كلّ أو جزءٍ ففعل وقصد غيره كقصر وتمام ، وظهر وجمعة ، وتشهّد أوّل وأخير ، وحمد وتسبيح وسورة ونحو ذلك ، ما فعله صحيح.
وليس منه آحاد أفراد النوع ؛ لعدم مطلوبيّتها ، وإجمالها في نفسها ، أو باعتبار سعة الزمان من غير ملاحظة لأجزائه ؛ إذ لا تعلّق للخطاب بها ، لإجمالها وعدم إمكان تصوّرها ؛ لعدم إمكان الإحاطة بها إلا على نحو التبعيّة كالمقدّمة ، فإنّها على ذلك النحو ، وهو الموسّع ، فيفارق المخيّر بذلك ، وبأنّ التخيير فيه زمانيّ لا فعليّ.
ثانيها : المرتّب ، وهو ظاهر لمن تأمّل في الخطابات العرفيّة والعاديّة ، فإنّه قد تتعلّق المصلحة بإيجاد أنواع متعدّدة على نحو لزوم الإتيان بأحدها أوّلاً إن أمكن ، ثمّ بغيره بعد تعذّره أو تعسّره ، فهي مشتركة في الوقت وحصول مصلحته بإيجادها على نحو المخيّر ، غير أنّه يفارقه باعتبار الترتيب ، حتّى لو أتى به لا على وجه الترتيب وقع فاسداً.
وبذلك يفترق عن المعيّن وعن الفوريّ والموسّع ؛ لأنّه (٢) ترتيب في الأفعال خالٍ عن التخيير فيها ، وعن التعيين (٣) والترتيب (٤) في أجزاء الزمان ، ويترتب عليه الفساد
__________________
(١) في «س» : خصوصيته.
(٢) في «ح» : بأنّه.
(٣) في «ح» زيادة في الأفعال.
(٤) في «س» ، «م» : للترتيب.