من الطرق الشرعيّة الظنيّة ذخيرة لوقت الاضطرار وفقد المندوحة ؛ لأنّه غالباً غنيّ عنها بالآيات القرآنيّة ، والأخبار المتواترة المعنويّة ، والسيرة القطعيّة المتلقّاة خلفاً بعد سلف من زمان الحضرة النبويّة والإماميّة إلى يومنا هذا.
وليس مذهبنا أقلّ وضوحاً من مذهب الحنفيّة ، والشافعيّة ، والحنبليّة ، والمالكيّة ، والزيديّة ، والناووسيّة ، والواقفيّة ، والفطحيّة وغيرهم ؛ فإنّ لكلّ طائفة طريقة مستمرّة يتوارثونها صاغراً بعد كابر ، بل أهل الملل ممّن عدا المسلمين على بُعد عهدهم عن أنبيائهم الماضين لهم طرائق وسِيَر يمشون فيها على الأثر ، ولا يصغون إلى إنكار من أنكر.
فما أدري وليتني علمت أنّه ما السبب وما الباعث في أنّ بعض أصحابنا رضوان الله عليهم لم يزالوا ساعين في إخماد ضوء الشريعة الغرّاء ، وإثبات الخفاء في مذهب أئمّة الهدى! حتّى فتحوا للأعداء أكبر (١) الأبواب ، ونسبوا أكابر فقهائنا إلى الخطأ ، وأبعدوهم عن الصواب ، وبعثوا على تجرّي الأطفال على فحول العلماء الذين لولاهم لم يعرف الحرام من الحلال ، وتلك مصيبة عامّة نسأل الله تعالى الوقاية منها.
البحث السابع والأربعون
في أنّه لا ريب أنّ في الواقع أحكاماً مختلفة منقسمة إلى الأحكام الخمسة أو الستّة ، عقليّة أو عاديّة أو عرفيّة أو شرعيّة.
وهذه هي التي أخبر عنها مُبدع الأشياء في الكتب المنزلة من السماء ، وكذا الأنبياء والأوصياء ، وبَذَلَ الجهد في معرفتها العلماء والفضلاء ، فصرفوا الأعمار في تتبّع السير والآثار ، وأجالوا الفكر في الأخبار المرويّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم المختار ، وأهل بيته الأئمّة الأطهار. فمن وقف عليها أصاب ، ومن زاغ عنها زاغ عن الصواب (٢).
وهي قد تتعلّق بعنوان لا يتغيّر ، كالمكلّفين من مطلق البشر ، وكالأُنثى والذكر ،
__________________
(١) في «ح» : أكثر.
(٢) في «س» : الثواب.