فأجبنا أن مطلق الأمر بالطاعة يقتضي تناوله لكل مخاطب في كل زمان وأمر ، وانما يفتقر التخصيص إلى دلالة ، وإذا كان هذا معلوما من مطلق كل خطاب ، وعطف بأولى الأمر على ما تقدمت دلالة الخطاب على عمومه ، وجب إلحاقهم به. وبأنا لو سلمنا أن عموم طاعته سبحانه ورسوله صلىاللهعليهوآله معلوم بدليل غير الآية ، لم يقدح ذلك في مقصودنا ، من حيث كان المخاطب العالم بعموم الطاعتين إذا قيل له أطع الله ورسوله فهم بما تقدم له من الدلالة عموم الطاعة ، فإذا عطف على هذه الطاعة بأولى الأمر وجب عليه إلحاقهم في عموم الطاعة بما تقدم له العلم بعمومه وخوطب به.
ويدل أيضا على إمامتهم عليهمالسلام قوله تعالى ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (١) فأخبر سبحانه قاطعاً بأن الرد الى اولى الأمر يقتضي العلم بما يستنبطه الراد إليهم ، كاقتضائه مع الرد الى الرسول صلىاللهعليهوآله ، وذلك يقتضي صفتي العلم والعصمة لأولي الأمر حسب ما أوجبناه في أية أهل الذكر ، وذلك يقتضي تخصيص الآية بأئمتنا ، ووجوب الاقتداء بهم ، وثبوت إمامتهم حسب ما رتبناه فيما سلف.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ ) (٢) يعني الاقتداء بهم ، إذ الأمر بالكون معهم في المكان لا فائدة فيه ، وذلك يقتضي وجوب الاقتداء بهم في كل شيء ، لأنه سبحانه يخص (٣)
__________________
(١) سورة النساء ، الاية : ٨٣.
(٢) سورة التوبة ، الاية : ١١٩.
(٣) كذا في النسخ. ولكن قال في تقريب المعارف : ومنها قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ ) فأمر باتباع المذكورين ولم يخص جهة الكون بشيء دون شيء فيجب اتباعهم في كل شيء.