يسد طريق العلم بصحتها على ما قررناه.
والثالث أظهر فسادا من حيث كان الشكر الاعتراف بالنعمة والخضوع لفاعلها وتعظيمه ، وهذه الحقيقة أجنبية من أفعال الشريعة وتروكها ، ولان شكره تعالى واجب على كل مكلف في كل حال ذكر ، والشرعيات بخلاف ذلك ، لاختصاص تكليفها بمكلف دون مكلف ، وزمان دون زمان. وليس لأحد أن يقول : فالعبادات لا تصح الا بعد أن تكون فاعلها معترفا بنعمة تعالى خاضعا بها له سبحانه ، لان ذلك من شرائط صحتها كالطهارة وستر العورة والنية وليس بوجه لها.
والرابع أبعد من الصحة لأن التعبد والنص والإشارة والتعيين توجهت الى فعل العبادات كالصلاة والزكاة ، والمحرمات كالزنا وشرب الخمر ، دون تركها ، ولو كان الترك هو المعتبر في التكليف لوجب توجه النص والتعيين اليه دون الفعل ، إذ هو المقصود.
فثبت ان الوجه ما ذكرناه.
ولأنه سبحانه قد نص على ذلك بقوله ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (١) و ( إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) (٢) وهذا صريح بكون الصلاة صارفة عن القبيح والخمر والميسر صارفان (٣) عن الحسن.
وقلنا بما ذكرناه في الأحكام ، لان مريد النكاح متى لم يعلم الوجه الذي يقع عليه العقد الشرعي لم يحل له الوطي ، وكذلك مريد البيع والابتياع مع
__________________
(١) سورة العنكبوت ، الاية : ٤٥.
(٢) سورة المائدة ، الاية : ٩١.
(٣) في بعض النسخ : صارفا.