عليه في تلك الحال ، فأمّا الموضع الذي أوجبنا المهر في مال الأب ، فدليله إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضا فإنّه لما قبل النكاح لولده مع علمه بإعساره ، وعلمه بلزوم الصداق بعقد النكاح ، علمنا من حيث العرف والعادة أنّه دخل على أن يضمن ، فقام العرف في هذا مقام نطقه.
وحدّ الجارية التي يجوز لها العقد على نفسها ، أو يجوز لها أن تولّي من يعقد عليها ، تسع سنين فصاعدا ، مع الرشد والسلامة من زوال العقل ، فإن بلغت إلى ذلك الحدّ وهي مجنونة أو زائلة العقل ، فإنّ ولاية الأب غير زائلة.
ومتى عقدت الام لابن لها على امرأة ، كان مخيرا في قبول العقد والامتناع منه ، فإن قبل لزمه المهر ، وإن أبي ذلك لزمها هي المهر ، على ما روي في بعض الأخبار (١) أورده شيخنا في نهايته (٢).
قال محمّد بن إدريس : حمل ذلك على الأب قياس ، فإن الام غير والية على الابن ، وإنّما هذا النكاح موقوف على الإجازة والفسخ ، فإن بلغ الابن ورضي لزمه المهر ، وإن أبى انفسخ النكاح ، ولا يلزم الامّ من المهر شيء بحال ، إذ هي والأجانب سواء ، ولو عقد عليه أجنبي كان الحكم ما ذكرناه بغير خلاف ، فلا دليل على لزوم المهر ، لأنّ الأصل براءة الذمة ، وشغلها يحتاج إلى دليل ، ولا دليل عليه من كتاب ، ولا سنّة مقطوع بها ، ولا إجماع منعقد ، فبقينا على حكم الأصل.
وقد روي (٣) أنّ المرأة إذا عقدت على نفسها عقدة النكاح ، وهي سكرى ، كان العقد باطلا ، فإن أفاقت ورضيت بفعلها ، كان العقد ماضيا ، وإن دخل بها الزوج في حال السكر ، ثم أفاقت الجارية ، فاقرّته على ذلك ، كان ذلك أيضا
__________________
(١) الوسائل : الباب ٧ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ح ٣.
(٢) النهاية : كتاب النكاح ، باب من يتولى العقد على النساء ، باختلاف يسير.
(٣) الوسائل : الباب ١٤ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد.