وشيخنا أبو جعفر الطوسي يصرّح بهذا ، وأورد في كتابه الاستبصار ، من الأخبار ما يؤذن ببقاء العقد والتخيير بين الطلاق والإمساك ، لمن ذكرنا حاله ، ويتأول بعض الأخبار ، وجمع بين معانيها ، ولائم بين ألفاظها ، في أنّه يحرم عليه وطؤها ، ولا تحلّ له أبدا ، ويصح طلاقها بعد ذلك ، أورده في الجزء الثالث ، في باب من وطأ جارية فأفضاها ، قال الحسن بن محبوب ، عن الحارث بن محمّد بن النعمان ، صاحب الطاق ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في رجل افتضّ جارية ، يعني امرأته فأفضاها ، قال : عليه ديتها إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين ، قال : فإن أمسكها فلم (١) يطلّقها فلا شيء عليه ، وإن كان دخل بها ولها تسع سنين ، فلا شيء عليه ، إن شاء أمسك ، وإن شاء طلّق (٢).
فأمّا ما رواه ابن أبي عمير عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل تزوج جارية ، فوقع بها فأفضاها ، قال : عليه الاجراء عليها ما دامت حيّة (٣).
فلا ينافي الخبر الأول ، لأنّا نحمل هذا الخبر على من وطأها بعد التسع السنين ، فإنّه لا تكون عليه الدية ، وانّما يلزمه الاجراء عليها ما دامت حيّة ، لأنّها لا تصلح للرجال ، ولا ينافي هذا التأويل قوله في الخبر الأول : « إن شاء طلّق وإن شاء أمسك ، إذا كان الدخول بعد تسع سنين » لأنّه قد ثبت له الخيار بين إمساكها وبين طلاقها ، ولا يجب عليه واحد منهما ، وإن كان يلزمه النفقة عليها علىّ كلّ حال ، لما قدّمناه.
وأمّا الخبر الذي رواه محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب ، عن بريد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها ، قبل أن تبلغ تسع سنين ،
__________________
(١) ج : ولم.
(٢) الاستبصار : باب من وطء جارية فأفضاها ، ج ٤ ، ص ٢٩٤ ، وفي الوسائل : الباب ٣٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها ، ح ٣.
(٣) الوسائل : الباب ٤٤ من أبواب ديات الأعضاء ، ح ٣.