بحسب الأدلة ، إذ لا تنافي بينهما على ما مضى ذكره ألا ترى أنّ من ظاهر من امرأته أو آلى منها ولم يكفر عن ظهاره ولا عن إيلائه ، ولا رافعته إلى الحاكم ، واستمر ذلك منها مائة سنة ، فإنّ نكاحها محرّم عليه ، ولا يحل له وطؤها بغير خلاف ، وهي زوجته وعقدها باق ، ويصح طلاقها بغير خلاف ، إذ لا تنافي بينهما ، وكذلك من كان في فرجها قرح أو ألم يضرها الوطء ، ويخشى على نفسها من الوطء في الموضع ، واستمر ذلك تقديرا مائة سنة ، فانّ وطئها لا يحل لزوجها ، وعقدها باق ، ويصح طلاقها بغير خلاف ، إذ لا تضاد بين الحكمين ، أعني تحريم الوطء ، وبقاء العقد على ما كان ، وصحة الطلاق.
وأيضا فقد وردت الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهمالسلام ، بصحة ما ذكرناه ، فمن ذلك ما أورده شيخنا الصدوق أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، في كتابه كتاب من لا يحضره فقيه (١) ، قال : روى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حمران ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سئل عن رجل تزوّج جارية بكرا لم تدرك ، فلمّا دخل بها افتضها فأفضاها ، قال : إن كان دخل (٢) بها ولها تسع سنين ، فلا شيء عليه ، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين ، أو كان لها أقل من ذلك بقليل حين دخل بها ، فافتضّها ، فإنّه قد أفسدها وعطلها على الأزواج ، فعلى الإمام أن يغرمه ديتها ، وإن أمسكها ولم يطلّقها حتى تموت ، فلا شيء عليه (٣).
ألا تراه عليهالسلام قد أثبت له الخيرة بين إمساكها وطلاقها ، بقوله : « فإن أمسكها ولم يطلقها » فلو كانت بنفس الوطء قبل بلوغ تسع سنين تبين منه ، وينفسخ عقدها ، لما قال عليهالسلام : « فإن أمسكها ولم يطلقها حتى تموت فلا شيء عليه ».
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : باب ما أصل الله عزوجل من النكاح وما حرّم منه ، ج ٣ ، ص ٢٧٢ ، ح ٧٩ ، وفي الوسائل : الباب ٣٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها ، ح ١.
(٢) ج : دخل حين دخل.
(٣) الوسائل : الباب ٤٥ من أبواب مقدمات النكاح ، ح ٩.