وقوله : عليها سرج ، ليس بإقرار بالسرج ، فافترقا.
إذا قال : هذه الدار لفلان ، لا بل لفلان ، أو قال غصبتها من زيد ، لا بل من عمرو ، فإنّ إقراره الأول لازم ، ويكون الدار للأول ، ويغرم قيمتها للثاني ، لأنّه حال بينه وبين ما أقرّ له به ، فهو كما لو ذبح شاة له ، وأكلها ، ثمّ أقرّ له بها ، أو أتلف مالا ، ثمّ أقرّ به لفلان ، فإنّه يلزمه غرامته ، فكذلك هذا ، وهذا كما نقول في الشاهدين : إذا شهدا على رجل بإعتاق عبده ، أو طلاق امرأته غير المدخول بها ، وحكم الحاكم بذلك ، ثمّ رجعا عن الشهادة ، كان عليهما غرامة قيمة العبد ، وغرامة المهر ، لأنّهما حالا بينه وبين ملكه ، فلا ينقض حكم الحاكم بغير خلاف.
وإلى هذا يذهب شيخنا أبو جعفر في المبسوط ، في كتاب الإقرار (١) ، وكتاب الشهادات (٢).
وإذا باع شيئا ، ثمّ أقرّ البائع أن ذلك المبيع لفلان ، فإنّ الغرامة تلزمه ، ولا ينفذ إقراره في حقّ المشتري.
إذا قال : لفلان عليّ ألف درهم ، فجاء بألف ، وقال : هذه التي أقررت لك بها ، كانت لك عندي وديعة ، كان القول في ذلك قوله ، عند بعض الناس ، والأظهر أنّه لا يقبل قوله في ذلك ، ويلزمه ما أقرّ به ، لأنّا قد بيّنا من قبل أن لفظة « عليّ » لفظة إيجاب وإلزام ، والوديعة غير لازمة له ، إلا أن يعقّب. قوله : وديعة فرطت فيها.
وإذا قال : له عندي ألف درهم وديعة شرط عليّ أني ضامن لها ، كان ذلك إقرارا بالوديعة ، ولم يلزمه الضمان الذي شرطه عليه ، لأنّ ما كان أصله أمانة لا يصير مضمونا بالشرط ، وما يكون مضمونا لا يصير أمانة بشرط ، لأنّه لو شرط على المستام أن يكون مال السوم أمانة ، لم يصر أمانة بالشرط.
__________________
(١) المبسوط : ج ٣ ، كتاب الإقرار ، ص ١٧.
(٢) المبسوط : ج ٨ ، كتاب الشهادات ، فصل في الرجوع عن الشهادة ، ص ٢٤٧.