التصرّف في ملكه ، بسائر أنواع التصرّفات ، عقلا وسمعا ، إذ لا مانع يمنع منه من كتاب ، ولا سنة مقطوع بها ، ولا إجماع ، فلا يرجع ويترك الأدلة بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا ، على ما كرّرنا القول فيه.
وقد ذكرنا أنّ من اكترى دابة على أن يسلك بها في طريق مخصوص ، أو يحملها قدرا معلوما ، فخالف في شيء ممّا قلناه ، كان ضامنا لها ، ولكلّ ما يحدث فيها ، ولزمه إن سار عليها أكثر ممّا شرط ، أو حملها أكثر ممّا ذكر ، أجرة الزيادة من غير نقصان.
ومتى هلكت الدابة والحال ما وصفناه ، كان ضامنا لها ، ولزمه قيمتها يوم تعدّي فيها ، فإن اختلفا في الثمن ، كان على صاحبها البيّنة ، فإن لم تكن له بيّنة ، كان القول قول الغارم الذي هو الضامن ، لأنّه المدّعى عليه الزيادة فيما اتّفقا عليه ، وهذا حكم سائر فيما سوى الدابة ، ممّا يقع الخلف فيه بين المستأجر والمستأجر منه ، كانت البيّنة على المدّعى ، واليمين على المدّعى عليه.
وقال شيخنا في نهايته : فإن اختلفا في شيء ، كان على صاحبها البيّنة ، فإن لم يكن له بيّنة ، كان القول قوله مع يمينه ، فإن لم يحلف وردّ اليمين على المستأجر منه ، لزمه اليمين ، أو يصطلحا على شيء ، والحكم فيما سوى الدابة ، ممّا يقع الخلف فيه بين المستأجر والمستأجر منه ، إن كانت البيّنة على المدّعي ، واليمين على المدّعى عليه (١).
والصحيح أنّه لا فرق بين الدابة وغيرها في ذلك ، فالمفرّق يحتاج إلى دليل.
ومتى استأجر دابة ففرط في حفظها ، أو علفها ، أو سقيها ، فهلكت ، أو عابت ، كان ضامنا لها ، ولما يحدث فيها من العيب.
والصانع إذا تقبّل عملا بشيء معلوم ، جاز له أن يقبله لغيره بأكثر من ذلك ، إذا كان قد أحدث فيه حدثا ، وإن لم يكن أحدث فيه حدثا لم يجز له ذلك ، وإن قبل غيره بإذن صاحب العمل ، ثمّ هلك ، لم يكن عليه شيء ، فإن
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب الإجارات ، وفيه : فان اختلفا في الثمن إلخ.