تحوّل الملك إلى العامل ، وكان الثمن عليه ، لأنّ ربّ المال إنّما فسح للعامل في التصرّف في ألف ، إمّا أن يشتريه به بعينه ، أو في الذمة ، وينقد ثمنه ، ولم يدخل على أن يكون له في القراض أكثر منه (١).
قال محمّد بن إدريس : الذي عندي في ذلك ، أنّه لا يخلو إمّا أن يكون اشترى المضارب العبد بثمن في الذمة ، لا معيّن ، أو ثمن معيّن ، فإن كان الأوّل ، فالعبد للمضارب دون ربّ مال المضاربة ، ويجب على العامل الذي هو المضارب ، أن يدفع من ماله وخاصّه ، ألفا ، ثمن العبد ، والبيع لا ينفسخ ، لأنّ الأثمان إذا كانت في الذمة ، لا ينفسخ البيع بهلاكها ، لأنّها غير معيّنة ، وإن كان الثاني ، فإنّ البيع ينفسخ ، ويكون العبد ملكا لبائعه ، على ما كان ، دون العامل ، ودون ربّ مال المضاربة ، لأنّ الثمن إذا كان معيّنا ، وهلك قبل القبض ، انفسخ البيع ، وكان الملك المبيع باقيا وعائدا إلى ملك بايعه ، بغير خلاف.
فهذا تحرير هذا المسألة وما ذكره شيخنا ، اختيار أبي العبّاس بن سريج ، من قول الشافعي ، اختاره شيخنا أيضا والذي حرّرناه واخترناه ، هو الذي يقتضيه أصول مذهبنا ، وبه يقول شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله ، في مواضع كثيرة ، من كتبه وتصنيفاته ، مسائل (٢) الخلاف (٣) والمبسوط (٤).
لا يصح القراض إذا كان المال جزافا ، لأنّه لا دلالة عليه.
إذا قارضه على أن يشتري أصلا ، له فائدة يستبقي الأصل ، ويطلب فائدته ، كالشجر والعقار والحيوان الذي يرجى نسله ودرّة ، فالكلّ قراض فاسد ، لأنّ موضوع القراض الصحيح في الشرع غير هذا ، وأيضا لا دليل على صحّة ذلك ، لأنّ القراض عقد شرعي ، يحتاج في ثبوته إلى أدلة شرعية.
إذا دفع إليه مالا قراضا ، فإن اتجر حضرا ، كان عليه من التصرّف فيه
__________________
(١) الخلاف : كتاب القراض ، المسألة ١٥ ، مع تقطيع في العبارة.
(٢) ل : إلا مسائل.
(٣) الخلاف ، كتاب القراض ، المسألة ١٥.
(٤) المبسوط : ج ٣ ، كتاب القراض ، ص ١٩٤.