وما ورد من الأخبار (١) في جواز الاستدانة للنفقة في الحج ، فمحمول على ما ذكرناه ، وحرّرناه ، لا على من لا يكون الحجّ قد وجب عليه ، ولا يكون له ما إذا رجع إليه قضى منه دينه ، لأنّ هذا لا يجب عليه الحج ، وهو على هذه الصفة ، وإذا كان ذلك لا يجب عليه ، فلا يجوز أن يستدين ليفعل ما لا يجب عليه.
ومن كان عليه دين ، وجب عليه العزم على قضائه ، فإن ترك العزم على ذلك ، كان مأثوما ، وهو بمنزلة السارق ، على ما روي (٢) في الآثار عن الأئمة الأطهار.
ومن كان له غريم ، فلا ينبغي له أن ينزل عليه ، فإن نزل فلا يقيم عنده ، أكثر من ثلاثة أيّام.
ومن اضطر إلى الدين ، ولا يملك شيئا ، يرجع إليه ، وكان ممن يجد الصدقة ، فالأولى له ، والأفضل في ديانته ، أن يقبل الصدقة ، ولا يتعرض للدين ، لأنّ الصدقة حق جعلها الله له في الأموال.
ومن كان له غريم له عليه دين ، فأهدى المدين ، بفتح الميم ، الذي هو الغريم ، له شيئا لم تكن قد جرت به عادته ، وانّما فعله لمكان الدين ، استحب له أن يحتسبه من دينه ، وليس ذلك بواجب.
وقد روي (٣) أنّه إذا رأى صاحب الدين المدين ، ( قد قلنا إنّ المدين بفتح الميم ، الذي عليه الدين ، ويقال مديون أيضا ، ودائن ، ومديان ، أربع لغات ، ويقال أيضا لغة خامسة مدان ، فأمّا الفاعل الذي له الدين ، فهو مدين بضمّ الميم ، وكسر الدال ، يقال : أدان زيد عمروا ، إذا أعطاه ، فزيد مدين ، وعمرو مدان ، ومدين بفتح الميم ) في الحرم لم يجز له مطالبته فيه ، ولا ملازمته ، بل ينبغي أن يتركه حتى يخرج من الحرم ، ثم يطالبه كيف شاء ، ذكر ذلك ، وأورده شيخنا أبو جعفر
__________________
(١) الوسائل : كتاب الحج الباب ٥٠ من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(٢) الوسائل : كتاب التجارة الباب ٥ من أبواب الدين والقرض.
(٣) الوسائل : كتاب التجارة الباب ٢٢ من أبواب الدين والقرض.