أنّ الأخبار بمبلغ الموزون أو المكيل ، يقوم مقام الوزن في الموزون ، والكيل في المكيل ، لأنّهما لا يجوز أن يباعا جزافا ، من دون وزن ، أو اخبار بوزن ، أو كيل ، أو اخبار بكيل.
ولا بأس أن يبيع الإنسان ألف درهم ودينارا ، بألفي درهم ، من ذلك الجنس ، أو من غيره من الأجناس والدراهم ، وإن كان الدينار لا يساوي ألف درهم في الحال ، وكذلك لا بأس أن يجعل بدل الدينار شيئا من الثياب ، أو جزء من المتاع ، على ما قدّمناه ، ليتخلص من الربا ، ويكون ذلك نقدا ، ولا يجوز نسيئة ، وكذلك لا بأس أن يبيع ألف درهم صحاحا ، وألفا مكسرة ، وهي الغلّة « لأن مكسرة الدراهم ، تسمّى الغلّة ، مثل مكسرة الدنانير ، تسمّى قراضة » بألفين صحاحا ، أو بألفين غلة نقدا ، ولا يجوز ذلك نسيئة.
وقال شيخنا في نهايته : وكذلك لا بأس أن يبيع درهما بدرهم ويشرط معه صياغة خاتم ، أو غير ذلك من الأشياء (١).
ووجه الفتوى بذلك ، على ما قاله رحمهالله : إنّ الربا هو الزيادة في العين ، إذا كان الجنس واحدا ، وهاهنا لا زيادة في العين ، ويكون ذلك على جهة الصلح في العمل ، فهذا وجه الاعتذار له ، إذا سلم العمل به ، ويمكن أن يحتج بصحته ، بقوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » وهذا بيع ، والربا المنهي عنه غير موجود هاهنا ، لا حقيقة لغوية ولا حقيقة عرفية شرعية.
وإذا باع الإنسان دراهم بالدنانير ، لم يجز له أن يأخذ بالدنانير دراهم مثلها ، إلا بعد أن يقبض الدنانير ، ثم يشتري بها دراهم إن شاء ، هكذا أورده شيخنا في نهايته (٢).
قال محمّد بن إدريس : إن لم يتفارقا من المجلس ، إلا بعد قبض الدراهم المبتاعة بالدنانير التي على المشتري الأول ، فلا بأس بذلك وإن لم يكن قبضه الدنانير التي هي ثمن الدراهم الأولة المبتاعة ، هذا إذا عيّنا الدراهم الأخيرة
__________________
(١) و (٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب الصرف وأحكامه.