وخلاف الأدلة.
الغناء من الصوت ممدود ، ومن المال مقصور ، فإذا ثبت هذا ، فالغناء عندنا محرّم ، يفسق فاعله ، وترد شهادته ، فأمّا ثمن المغنيات ، فليس بحرام إجماعا ، لأنّها تصلح لغير الغناء.
إذا سمع الشاهد رجلا يقر بدين ، فيقول : لفلان علي ألف درهم ، صار السامع به شاهدا بالدين ، قال المقر اشهدوا عليّ بذلك أو لم يقل ، وكذلك إذا شاهد رجلين تعاقدا عقدا ، كالبيع ، والصلح ، والإجارة ، والنكاح ، وغير ذلك ، وسمع كلام العقد ، صار شاهدا بذلك ، وكذلك الأفعال ، كالغصب ، والقتل ، والإتلاف ، يصير به شاهدا ، وكذلك إذا كان بين رجلين خلف في حساب ، فحضرا بين يدي شاهدين ، وقالا لهما قد حضرنا لنتصادق ، فلا تحفظا علينا ما يقر به كل واحد منّا لصاحبه ، ثم حصل من كلّ واحد منهما إقرار لصاحبه بالدين ، صارا شاهدين ، ولا يلتفت إلى تلك المواعدة ، لأنّ الشاهد بالحق ، من علم به ، فمتى علم به ، صار شاهدا.
فأمّا شهادة المختبي فمقبولة عندنا ، وهو إذا كان على رجل دين ، يعترف به سرا ويجحده جهرا ، فاحتال صاحب الدين ، فخبا له شاهدين ، يسمعانه ، ولا يراهما ، ثم جاراه ، فاعترف به ، وسمعاه ، وشهدا به ، صحت الشهادة عندنا ، وخالف في ذلك شريح فقط.
ويعتبر في شهادة النساء الإيمان ، والستر ، والعفاف ، وطاعة الأزواج فيما أوجب الله تعالى عليهن طاعتهم ، وترك البذاء بالذال المعجمة ، وهو قول الفحش ، والتبرّج إلى أنديه الرجال ، إلا لحاجة ضروريّة.
ولا يجوز قبول شهادة الظنين ، والمتهم ، وقد قلنا أنّ الظنين هو المتهم ، وإن كان اللفظ مختلفا ، فالمعنى واحد ، وهذا في كلام العرب والقرآن كثير ، والظنين هو المتهم بالزور والخيانة.