الحقيقة والمجاز ، والمقام الثاني هو الذي يكون موردا للتخصيص أو التقييد. مثلا لو قال المولى أكرم كلّ عالم عادل ، كان كلّ واحد من هذه المفردات مستعملا في حاق معناه الحقيقي ، وإن كان حاصل الجملة هو أنّ المحكوم عليه بوجوب الاكرام هو خصوص من كان عادلا من العلماء دون الفاسق منهم.
وبيان ذلك : أنّ لفظ « كلّ » إنّما هي حقيقة في الشمول لكلّ فرد ممّا هو مورد الحكم ، ومن الواضح أنّها لم تستعمل إلاّ في ذلك المعنى. وأمّا لفظ عالم فإنّما هي حقيقة في من تلبس بالعلم ، وإن شئت فقل : إنّها حقيقة في طبيعة العالم ، ومن الواضح أنّها لم تستعمل إلاّ في تلك الطبيعة ، بمعنى أنّ القائل أكرم كلّ عالم يكون قد أحضر طبيعة العالم في ذهن السامع بواسطة إيراده لهذه اللفظة ، فهو لم يرد بلفظ عالم في قوله : ( أكرم كلّ عالم ) إلاّ تلك الطبيعة ، غايته أنّه بلحاظ إيراد الحكم بوجوب الاكرام عليها لم يورد الحكم المذكور على نفس تلك الطبيعة الصالحة للانقسام إلى العادل والفاسق ، بل إنّما أورد حكمه على خصوص من كان منهم متّصفا بالعدالة. والقرينة على هذا التصرّف الراجع إلى كيفية إيراد الحكم هو توصيفه العالم بالعادل ، فليس توصيفه العالم بالعادل قرينة على أنّ مراده بلفظ العالم حينما ألقاه إلى المخاطب بقوله : ( أكرم كلّ عالم ) هو خصوص العادل من طبيعة العالم ، ليكون موجبا لاستعمال لفظ العالم في خصوص صنف منه ، بل إنّما هي قرينة على أنّ الذي حكم عليه بالاكرام هو خصوص هذا الصنف من طبيعة العالم التي ألقاها إلى السامع بقوله كلّ عالم.
وبالجملة : أنّ لفظ « عالم » لا يستعمل إلاّ في حاق معناه الحقيقي ، وكون الحكم على كلّ فرد منه كما هو مفاد إضافة لفظ « كلّ » إليه ، وأنّ المحكوم عليه من تلك الأفراد هو خصوص هذا الصنف أعني العادل ونحو ذلك من الخصوصيات ،