كلّها راجعة إلى بيان كيفية الحكم على طبيعة العالم التي أحضرها للسامع بقوله عالم ، وليس شيء من تلك الخصوصيات راجعا إلى مقام إرادة معنى العالم من لفظ عالم ، ولا يكون شيء منها موجبا لأنّ لفظ العالم استعمل في خصوص المتخصّص بتلك الخصوصية من باب تعدّد الدالّ ووحدة المدلول ، كما يقال إنّ لفظ « يرمي » قرينة على أنّه أراد بالأسد الرجل الشجاع ، ليكون هذا المعنى ـ وهو الرجل الشجاع ـ مستفادا من مجموع اللفظين أعني لفظ أسد ولفظ يرمي.
بل يمكن أن يقال : إنّه لو كان المراد من لفظ « عالم » في قولنا : ( أكرم كلّ عالم عادل ) هو خصوص العادل بحيث كانت لفظة « عالم » مستعملة في هذا المثال في خصوص ذلك الصنف الخاصّ لكان توصيفه بالعادل لغوا. وهكذا الحال في الاستثناء ، إذ لو كان المراد من العالم في قوله : أكرم العالم إلاّ زيدا ـ مثلا ـ هو خصوص من عدا زيد ، لكان قوله : « إلاّ زيدا » لغوا لدخول مفاده تحت لفظ العالم.
ثمّ لا يخفى أنّ قولنا إنّ التوصيف بالعادل إنّما هو مسوق لبيان أنّ المحكوم عليه من طبيعة العالم هو خصوص العادل ، ليس راجعا إلى دعوى أنّ التوصيف قبل الحكم ، أو أنّ استثناء الفاسق إخراج من العالم قبل الحكم ، بل مرادنا إنّما هو أنّ هذه الخصوصيات من توصيف أو استثناء أو غير ذلك كلّها راجعة إلى الطبيعة المحكوم عليها ، لكنّها لاحقة لها في مقام الحكم عليها ، فلا يكون التوصيف إلاّ باعتبار الحكم ، ولا يكون الاستثناء إلاّ من الحكم.
وإن شئت فقل : إنّ هيئة التوصيف توجب قصر الحكم على موردها ، بمعنى أنّها آلة تقصر الحكم على موردها. وهكذا الحال في أداة الاستثناء فإنّها توجب عدم سراية الحكم إلى مدخولها ، وقولنا مسوقة لبيان كذا ، لا يخلو من