مستند الشّيعة - ج ١٥

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٥

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
ISBN: 964-319-041-2
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٩٠

قال المحقّق الأردبيلي قدس‌سره باحتمال الأمرين (١).

والظاهر كفاية غسل إحداهما في تحصيل الاستحباب ، لورود الترغيب في أكثر الأخبار المتقدّمة بغسل اليد ، الصادق على غسل إحداهما وإن كان غسلهما مستحبّا في مستحبّ.

لرواية أبي بصير المشار إليها ، فإنّ فيها : « غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في العمر وإماطة للغمر عن الثياب ويجلو البصر » (٢).

ولما في محاسن البرقي : إنّ أبا جعفر عليه‌السلام يوم قدم المدينة تغدّى معه جماعة ، فلمّا غسل يديه من الغمر مسح بهما رأسه ووجهه قبل أن يمسحهما بالمنديل ، وقال : « اللهمّ اجعلني ممّن لا يرهق وجهه قتر ولا ذلّة » (٣).

ولا يتوهّم أنّ بتقييدهما تقيّد المطلقات ، إذ لا منافاة بين الأمرين هنا.

ويستحبّ ترك المسح بالمنديل في الغسل الأول والمسح به في الثاني ، لمرسلة أبي محمود : « إذا غسلت يدك للطعام فلا تمسح يدك بالمنديل ، فإنّه لا تزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد » (٤).

ورواية مرازم : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام إذا توضّأ قبل الطعام لم يمسّ المنديل ، وإذا توضّأ بعد الطعام مسّ المنديل (٥).

ويستحبّ مسح الوجه والعينين بعد الغسل الثاني قبل المسح بالمنديل ،

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٣٤١.

(٢) الكافي ٦ : ٢٩٠ ـ ٣ ، المحاسن : ٤٢٤ ـ ٢٢٠ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٦ أبواب آداب المائدة ب ٤٩ ح ٦.

(٣) المحاسن : ٤٢٦ ـ ٢٣٤ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٥ أبواب آداب المائدة ب ٥٤ ح ٣.

(٤) الكافي ٦ : ٢٩١ ـ ١ ، المحاسن : ٤٢٤ ـ ٢١٦ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٣ أبواب آداب المائدة ب ٥٢ ح ٢.

(٥) الكافي ٦ ، ٢٩١ ـ ٢ ، التهذيب ٩ : ٩٨ ـ ٤٢٦ ، المحاسن : ٤٢٨ ـ ٢٤٤ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٣ أبواب آداب المائدة ب ٥٢ ح ١.

٢٤١

لما مرّ في المرويّ عن المحاسن ، وفيه أيضا : « إذا غسلت يدك بعد الطعام فامسح وجهك وعينيك قبل أن تمسح بالمنديل ، وتقول : اللهمّ إنّي أسألك المحبّة والزينة ، وأعوذ بك من المقت والبغضة » (١).

ومسح الحاجبين بعد الغسل الثاني ، داعيا بالمأثور لرفع الرّمد ، لرواية المفضّل : شكوت إليه الرّمد ، فقال لي : « أو تريد الطريف؟ » ثمَّ قال لي : « إذا غسلت يدك بعد الطعام فامسح حاجبيك وقل ثلاث مرّات : « الحمد لله المحسن المجمل المنعم المفضل » قال : ففعلت ذلك فما رمدت عيني بعد ذلك (٢).

وغسل الجميع في إناء واحد ، لرواية الفضل المتقدّمة ، ورواية عمرو ابن ثابت : « اغسلوا أيديكم في إناء واحد يحسن أخلاقكم » (٣).

ومنها : غسل الفم بعد الطعام ، سيّما بالسّعد ، فإنّه قد ورد أنّ من غسل فمه بالسّعد بعد الطعام لم يصب علّة في فمه (٤).

ومنها : التسمية إذا وضعت المائدة ، بأن يقول : بسم الله ، لروايات السكوني (٥) ، ويونس بن ظبيان (٦) ، وأبي بصير (٧) ، وأبي خديجة (٨) ،

__________________

(١) المحاسن : ٤٢٦ ـ ذ. ح ٢٣٤ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٦ أبواب آداب المائدة ب ٥٤ ح ٤.

(٢) الكافي ٦ : ٢٩٢ ـ ٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٥ أبواب آداب المائدة ب ٥٤ ح ٢.

(٣) الكافي ٦ : ٢٩١ ـ ٢ ، المحاسن : ٤٢٦ ـ ٢٢٩ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤١ أبواب آداب المائدة ب ٥١ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ٣٧٨ ـ ٣ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢٧ أبواب آداب المائدة ب ١٠٧ ح ٢.

والسّعد : طيب معروف بين الناس ـ مجمع البحرين ٣ : ٦٩.

(٥) الكافي ٦ : ٢٩٢ ـ ١ ، الفقيه ٣ : ٢٢٤ ـ ١٠٤٧ ، التهذيب ٩ : ٩٨ ـ ٤٢٧ ، المحاسن : ٤٣١ ـ ٢٥٨ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥١ أبواب آداب المائدة ب ٥٧ ح ١.

(٦) الكافي ٦ : ٢٩٥ ـ ٢١ ، المحاسن : ٤٣٧ ـ ٢٨٤ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٩ أبواب آداب المائدة ب ٥٩ ح ٨.

(٧) الكافي ٦ : ٢٩٢ ـ ٢ ، التهذيب ٩ : ٩٩ ـ ٤٢٨ ، المحاسن : ٤٣٣ ـ ٢٦٢ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٢ أبواب آداب المائدة ب ٥٧ ح ٢.

(٨) الكافي ٦ : ٢٩٢ ـ ٣ ، المحاسن : ٤٣١ ـ ٢٥٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٢ أبواب آداب

٢٤٢

ومحمّد بن مروان (١).

ولو كان حينئذ جماعة وسمّى واحد منهم أجزأت هذه التسمية للجميع ، لصحيحة البجلي (٢).

وإذا أراد الشروع في الأكل ، للمستفيضة ، بل المتواترة.

ولو قال حينئذ : « بسم الله على أوله وآخره » كما في رواية أبي بصير ، أو : « في أوله وآخره » كما في مرسلة حسين بن عثمان (٣) ، كان أحسن.

بل تستحبّ التسمية عند إرادة أكل كلّ نوع من الطعام ، لروايات غياث (٤) ، والعرزمي (٥) ، وكليب (٦).

ومرسلة الفقيه ، وفيها : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ضمنت لمن سمّى على طعامه أن لا يشتكي منه ، فقال له ابن الكوّاء : يا أمير المؤمنين ، لقد أكلت البارحة طعاما فسمّيت عليه وآذاني ، قال : فلعلّك أكلت ألوانا فسمّيت على بعضها ولم تسمّ على بعض يا لكع » (٧).

__________________

المائدة ب ٥٧ ح ٣.

(١) الكافي ٦ : ٢٩٣ ـ ٤ ، المحاسن : ٤٣٢ ـ ٢٦٠ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٨ أبواب آداب المائدة ب ٥٦ ح ٢.

(٢) الكافي ٦ : ٢٩٣ ـ ٩ ، التهذيب ٩ : ٩٩ ـ ٤٢٩ ، المحاسن : ٤٣٩ ـ ٢٩٣ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٦ أبواب آداب المائدة ب ٥٨ ح ٢.

(٣) الكافي ٦ : ٢٩٤ ـ ١١ ، المحاسن : ٤٣٢ ـ ٢٥٩ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٩ أبواب آداب المائدة ب ٥٦ ح ٥.

(٤) الكافي ٦ : ٢٩٣ ـ ٥ ، المحاسن : ٤٣٤ ـ ٢٦٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٩ أبواب آداب المائدة ب ٥٦ ح ٣.

(٥) الكافي ٦ : ٢٩٤ ـ ١٤ ، المحاسن : ٤٣٤ ـ ٢٧٠ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٣ أبواب آداب المائدة ب ٥٧ ح ٥.

(٦) الكافي ٦ : ٢٩٣ ـ ٧ ، المحاسن : ٤٣٥ ـ ٢٧٣ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٨ أبواب آداب المائدة ب ٥٦ ح ١.

(٧) الفقيه ٣ : ٢٢٤ ـ ١٠٥٠ ، الوسائل ٢٤ : ٣٦٢ أبواب آداب المائدة ب ٦١ ح ٣.

٢٤٣

وفي مرسلته الأخرى : قال الصادق عليه‌السلام : « ما اتّخمت قطّ ، وذلك أنّي لم أبدأ بطعام إلاّ قلت : بسم الله ، ولم أفرغ من طعام إلاّ قلت : الحمد لله » (١).

بل عند الأكل من كلّ آنية ولو اتّحدت أطعمتها ، لصحيحة داود بن فرقد (٢).

ولو نسيها عند بعض الألوان أو بعض الأواني فليقل إذا ذكر : بسم الله على أوله وآخره ، كما في صحيحة داود ، ومرسلة الفقيه (٣).

ولو تكلّم في أثناء طعام سمّي عليه أعاد التسمية ، لرواية مسمع (٤) ، وصرّح فيها بأنّ إضرار الطعام إنّما هو إذا لم يعد التسمية بعد الكلام.

ومنها : قول : الحمد لله ، بعد الفراغ من الطعام ، لمرسلة الفقيه ، وروايات مسمع (٥) ، ويونس بن ظبيان ، وجرّاح (٦) ، والعرزمي ، والسكوني.

وفي بعضها : « قل : الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم ».

وفي آخر : « الحمد لله هذا منك ومن محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ، وزاد في بعض آخر عليهما.

__________________

ولكع ، صغير العلم ـ مجمع البحرين ٤ : ٣٨٨.

(١) الفقيه ٣ : ٢٢٥ ـ ١٠٥٢ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٤ أبواب آداب المائدة ب ٥٧ ح ٧.

(٢) الكافي ٦ : ٢٩٥ ـ ٢٠ ، التهذيب ٩ : ٩٩ ـ ٤٣١ ، الوسائل ٢٤ : ٣٦١ أبواب آداب المائدة ب ٦١ ح ١.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٢٤ ـ ١٠٥١ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٧ أبواب آداب المائدة ب ٥٨ ح ٣.

(٤) الكافي ٦ : ٢٩٥ ـ ١٩ ، المحاسن : ٤٣٨ ـ ٢٨٧ ، الوسائل ٢٤ : ٣٦١ أبواب آداب المائدة ب ٦١ ح ٢.

(٥) الكافي ٦ : ٢٩٦ ـ ٢٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٣ أبواب آداب المائدة ب ٥٧ ح ٦.

(٦) الكافي ٦ : ٢٩٤ ـ ١٣ ، المحاسن : ٤٣٤ ـ ٢٦٨ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٣ أبواب آداب المائدة ب ٥٧ ح ٤.

٢٤٤

وبعد رفع المائدة ، لروايات أبي خديجة ، وأبي بصير ، والصنعاني (١) ، ومرسلة إبراهيم بن مهزم (٢) ، وزاد فيها فقرات أخر.

ويستحبّ تكرار الحمد في الأثناء أيضا ، كما في رواية سماعة : « يا سماعة أكلا وحمدا ، لا أكلا وصمتا » (٣).

ويستحبّ رفع الصوت بالحمد بعد الفراغ ، لما روي في تحف العقول : « يا كميل ، إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك ، وارفع بذلك صوتك يحمده سواك ، فيعظم بذلك » (٤).

ومنها : الأكل باليد اليمنى ، إلاّ مع العذر ، لما يأتي من كراهة الأكل باليسار.

ومنها : الأكل من بين يديه من غير أن يتناول من عند غيره من هذا الظرف وهذا الظرف ، لروايات أبي خديجة ، والقدّاح (٥).

والكرخي ، وفيها : « وأمّا التأديب فالأكل ممّا يليك ، وتصغير اللقمة ، وتجويد المضغ ، وقلّة النظر في وجوه الناس » (٦).

والمرويّ في الخصال ، وفيها : « وأمّا السنّة فالجلوس على الرّجل‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٩٤ ـ ١٢ ، المحاسن : ٤٣٣ ـ ٢٦٣ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٨ أبواب آداب المائدة ب ٥٩ ح ٤.

(٢) الكافي ٦ : ٢٩٤ ـ ١٥ ، المحاسن : ٤٣٦ ـ ٢٧٧ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٨ أبواب آداب المائدة ب ٥٩ ح ٥.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٢٤ ـ ١٠٤٩ ، الوسائل ٢٤ : ٣٥٠ أبواب آداب المائدة ب ٥٦ ح ٨.

(٤) تحف العقول : ١١٥ ، وفيه زيادة : أجرك ، في آخر الحديث.

(٥) الكافي ٦ : ٢٩٧ ـ ٣ ، المحاسن : ٤٤٨ ـ ٣٤٨ ، الوسائل ٢٤ : ٣٦٩ أبواب آداب المائدة ب ٦٦ ح ١.

(٦) الفقيه ٣ : ٢٢٧ ـ ١٠٦٧ ، الوسائل ٢٤ : ٤٣١ أبواب آداب المائدة ب ١١٢ ح ١.

٢٤٥

اليسرى ، والأكل بثلاث أصابع ، وأن يأكل ممّا يليه ، ومصّ الأصابع » (١).

والمرويّ في مكارم الأخلاق : « كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أكل سمّى وأكل بثلاث أصابع وممّا يليه ، ولا يتناول من بين يدي غيره ، ويشرع قبل القوم » (٢).

ومنها : ابتداء صاحب الطعام بالأكل وتأخيره في الامتناع ورفع اليد ، لرواية القدّاح (٣).

ومنها : أن يأكل بثلاث أصابع أو الأربع أو الخمس لا أقلّ منها.

ففي رواية الكرخي : « وأمّا السنّة : فالوضوء قبل الطعام ، والجلوس على الجانب الأيسر ، والأكل بثلاث أصابع ، ولعق الأصابع ».

وفي رواية أبي خديجة : أنّه كان يجلس جلسة العبد ويضع يده على الأرض ، ويأكل بثلاث أصابع ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأكل هكذا ، ليس كما يفعل الجبّارون ، أحدهم يأكل بإصبعيه (٤).

وفي مكارم الأخلاق ـ بعد ما تقدّم ذكره ـ : « ويأكل بأصابعه الثلاث : الإبهام والتي تليها والوسطى ، وربما استعان بالرابعة ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأكل بكفّه كلّها ولم يأكل بإصبعين ، ويقول : هو أكلة الشيطان ».

وفي مرفوعة عليّ بن محمّد : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يستاك عرضا ويأكل هرتا ، وقال : الهرت : أن يأكل بأصابعه أجمع (٥).

__________________

(١) الخصال : ٤٨٥ ـ ٦١ ، الوسائل ٢٤ : ٤٣٢ أبواب آداب المائدة ب ١١٢ ح ٢.

(٢) مكارم الأخلاق ١ : ٧٠ ـ ٨٨ ، الوسائل ٢٤ : ٤٣٥ أبواب آداب المائدة ب ١١٢ ح ١٢.

(٣) الكافي ٦ : ٢٨٥ ـ ٢ ، المحاسن : ٤٤٨ ـ ٣٤٩ و ٤٤٩ ـ ٣٥٤ ، الوسائل ٢٤ : ٣٢٠ أبواب آداب المائدة ب ٤١ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ٢٩٧ ـ ٦ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٢ أبواب آداب المائدة ب ٦٨ ح ١.

(٥) الكافي ٦ : ٢٩٧ ـ ٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٢ أبواب آداب المائدة ب ٦٨ ح ٢.

٢٤٦

ومنها : لعق الأصابع ومصّها.

ومنها : تجويد المضغ.

ومنها : تصغير اللقمة.

ومنها : أن يعتمد على يساره بوضع يده اليسرى على الأرض عند الأكل ، للمرويّ في المحاسن وفعل الصادق عليه‌السلام الآتيين في المسألة الآتية.

ومنها : لطع القصعة ولحسها.

كلّ ذلك للأخبار (١) ، وورد في الأول : « أنّ الله سبحانه يقول : بارك الله فيك » (٢).

وأنّ أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « إنّي ألحس أصابعي من الأدم حتى أخاف أن يراني خادمي فيرى أنّ ذلك من التجشّع وليس ذلك كذلك » الحديث (٣).

وفي الأخير : أنّه كأنّما تصدّق بمثلها (٤).

ومنها : طول الجلوس على الموائد وطول الأكل ، روي الأول في مكارم الأخلاق (٥) ، والثاني في تحف العقول (٦). وعلّل الأول بأنّها ساعة لا تحسب من أعماركم ، والثاني : بأنه يستوفي من معك ، ويظهر منه أنّ‌

__________________

(١) الوسائل ٢٤ : ٣٧٠ أبواب آداب المائدة ب ٦٧.

(٢) الكافي ٦ : ٢٩٧ ـ ٧ ، المحاسن : ٤٤٣ ـ ٣١٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٠ أبواب آداب المائدة ب ٦٧ ح ٢.

(٣) الكافي ٦ : ٣٠١ ـ ١ ، المحاسن : ٥٨٦ ـ ٨٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٨٢ أبواب آداب المائدة ب ٧٨ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ٢٩٧ ـ ٤ ، المحاسن : ٤٤٣ ـ ٣١٨ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٠ أبواب آداب المائدة ب ٦٧ ح ١.

(٥) مكارم الأخلاق ١ : ٣٠٥ ـ ٩٦٨ ، مستدرك الوسائل ١٦ : ٢٣٣ أبواب آداب المائدة ب ١٣ ح ١.

(٦) تحف العقول : ١١٥.

٢٤٧

استحبابه إذا كان معه غيره.

ومنها : الكفّ عن الطعام مع اشتهائه ، ففي مكارم الأخلاق : « من أكل الطعام على النقاء وأجاد الطعام تمضّغا وترك الطعام وهو يشتهيه ولم يحبس الغائط إذا أتى ولم يمرض إلاّ مرض الموت » (١).

وفي طبّ الأئمّة : « من أراد أن لا يضرّه طعام فلا يأكل حتى يجوع ، فإذا أكل فليقل : بسم الله ، وليجد المضغ ، وليكفّ عن الطعام وهو يشتهيه ، وليدعه وهو يحتاج إليه » (٢).

وزاد في رواية أخرى : « ويعرض النفس على الخلاء عند النوم » قال : « فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطبّ » (٣).

وفي تحف العقول : « يا كميل ، لا توفّرنّ معدتك طعاما » إلى أن قال : « ولا ترفع يدك عن طعام إلاّ وأنت تشتهيه ، فإن فعلت ذلك فأنت تستمرئه ، فإنّ صحّة الجسم من قلّة الطعام وقلّة الماء » (٤).

ومنها : الاستلقاء بعد الطعام واضعا الرجل اليمنى على اليسرى ، لرواية البزنطي (٥) ، وروايته الأخرى المرويّة في المحاسن (٦) ، وفي دعوات‌

__________________

(١) مكارم الأخلاق ١ : ٣١٤ ـ ١٠٠٣.

(٢) طبّ الأئمّة عليهم‌السلام : ٢٩ ، الوسائل ٢٤ : ٤٣٣ أبواب آداب المائدة ب ١١٢ ح ٤.

(٣) الخصال : ٢٢٨ ـ ٦٧ ، دعوات الراوندي : ٧٤ ـ ١٧٣ ، الوسائل ٢٤ : ٢٤٥ أبواب آداب المائدة ب ٢ ح ٨ ، البحار ٥٩ : ٢٦٧ ـ ٤٢.

(٤) تحف العقول : ١١٥ ، مستدرك الوسائل ١٦ : ٢١٩ أبواب آداب المائدة ب ٢ ح ١٤. ومرء الطعام مراء فهو مري‌ء : أي صار لذيذا. وأمرأني الطعام : إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عليها طيبا ـ مجمع البحرين ٥ : ٣٩١.

(٥) الكافي ٦ : ٢٩٩ ـ ٢١ ، التهذيب ٩ : ١٠٠ ـ ٤٣٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٦ أبواب آداب المائدة ب ٧٤ ح ١.

(٦) المحاسن : ٤٤٩ ـ ٣٥٢ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٧ أبواب آداب المائدة ب ٧٤ ح ٣.

٢٤٨

الراوندي : « الاستلقاء بعد الشبع يسمن البدن ويمرأ الطعام ويسلّ الداء » (١).

ومنها : إحضار البقل والخضر على المائدة ، لرواية موفّق المدائني ، عن أبيه ، عن جدّه ، وفيها : أنّه عليه‌السلام قال : « إنّي لا آكل على مائدة ليس فيها خضرة » (٢).

وفي حسنة حنّان : « إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يؤت بطبق إلاّ وعليه بقل » وقال : « لأنّ قلوب المؤمنين خضرة ، وهي تحنّ إلى إشكالها » (٣).

ومنها : الخلال (٤) بعد الطعام ، للروايات المستفيضة ، وفي بعضها : « إنّه يطيب الفم » (٥).

وفي آخر : « إنّه مصلحة للفم أو اللّثة ، مجلبة للرزق » (٦).

وفي ثالث : « إنّه ينقي الفم ومصلحة للّثة » (٧).

ويكره الخلال بعود الريحان وقضيب الرمّان ، فإنّهما يهيّجان عرق‌

__________________

(١) الدعوات : ٨٠ ـ ٢٠٠ ، المستدرك ١٦ : ٢٨٩ أبواب آداب المائدة ب ٦٦ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ٣٦٢ ـ ١ ، المحاسن : ٥٠٧ ـ ٦٥١ ، الوسائل ٢٤ : ٤١٩ أبواب آداب المائدة ب ١٠٣ ح ٢.

(٣) الكافي ٦ : ٣٦٢ ـ ٢ ، المحاسن : ٥٠٧ ـ ٦٥٢ ، الوسائل ٢٤ : ٤١٩ أبواب آداب المائدة ب ١٠٣ ح ١.

(٤) الخلال : العود يخلّل به الثوب والأسنان وخلّل الشخص أسنانه تخليلا : إذا أخرج ما يبقى من المأكول بينها ـ المصباح المنير : ١٨٠.

(٥) الكافي ٦ : ٣٧٦ ـ ٣ ، المحاسن : ٥٥٩ ـ ٩٣١ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢٠ أبواب آداب المائدة ب ١٠٤ ح ١.

(٦) الكافي ٦ : ٣٧٦ ـ ٤ ، المحاسن : ٥٦٣ ـ ٩٦٢ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢١ أبواب آداب المائدة ب ١٠٤ ح ٧.

(٧) الكافي ٦ : ٣٧٦ ـ ٥ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢١ أبواب آداب المائدة ب ١٠٤ ح ٥.

٢٤٩

الجذام (١).

وكذا بالخوص والقصب ، ففي رواية ابن سنان : « كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتخلل بكلّ ما أصاب ، ما خلا الخوص والقصب » (٢).

أقول : الخوص : ورق النخل.

ويستحبّ تهيئة الخلال للضيف ، كما في مرسلة الفقيه (٣).

ثمَّ ما يخرج بالخلال فيكره أكله ، لمرسلة الفقيه : « ما أدرت عليه لسانك فأخرجته فابلعه ، وما أخرجته بالخلال فارم به » (٤).

وفي مرفوعة أحمد : « لا يزدردنّ أحدكم ما يتخلّل به ، فإنّه يكون من الدّبيلة » (٥).

وفي صحيحة ابن سنان : « ما يكون على اللّثة فكله ، وما يكون بين الأسنان فارم به » (٦).

بل يكره أكل كلّ ما يخرج من بين الأسنان ، سواء خرج بالخلال أو الإصبع أو غيرهما.

وأمّا قوله في المرسلة : « ما أدرت عليه لسانك » فالمراد ما ألصق باللّثة‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٧٧ ـ ٧ ، المحاسن : ٥٦٤ ـ ٩٦٦ ، العلل : ٥٣٣ ـ ١ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢٣ أبواب آداب المائدة ب ١٠٥ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ٣٧٧ ـ ١٠ ، المحاسن : ٥٦٤ ـ ٩٦٥ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢٤ أبواب آداب المائدة ب ١٠٥ ح ٤.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٢٦ ـ ١٠٥٨ ، الوسائل ٢٤ : ٣١٩ أبواب آداب المائدة ب ٤٠ ح ٤.

(٤) الفقيه ٣ : ٢٢٦ ـ ١٠٥٩ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢٦ أبواب آداب المائدة ب ١٠٦ ح ٥.

(٥) الكافي ٦ : ٣٧٨ ـ ٤ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢٦ أبواب آداب المائدة ب ١٠٦ ح ٤ ، والدّبيلة هي خراج ودمّل كبير ، تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبا : النهاية ٢ : ٩٩.

(٦) الكافي ٦ : ٣٧٧ ـ ٢ ، المحاسن : ٥٥٩ ـ ٩٣٦ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢٥ أبواب آداب المائدة ب ١٠٦ ح ١.

٢٥٠

ونحوها ، كما صرّح في الصحيحة ، ولأنّه الذي يدار عليه اللسان ويخرج بإدارته ، دون ما دخل بين الأسنان ، وتدلّ عليه أيضا رواية الفضل الآتية ، المصرّحة بأنّ ما بقي في الفم منها ما يدار عليه اللسان ، ومنها ما يستكن فيخرج بالخلال.

نعم ، الظاهر : استثناء ما استكن في الثنايا ـ أي مقاديم الأسنان ـ فيؤكل وإن اخرج بالخلال ، لرواية إسحاق بن جرير : عن اللحم الذي يكون في الأسنان ، فقال : « أمّا ما كان في مقدّم الفم فكله وما كان في الأضراس فاطرحه » (١).

فإنّ هذه الرواية أخصّ مطلقا من روايات الطرح ، ولو خصّ ما يؤكل باللحم الداخل في المقاديم ـ كما في الرواية ـ كان أولى.

ثمَّ الأمر بالرمي والطرح فيها محمول على الكراهة ، للإجماع ، ورواية الفضل بن يونس : « كلّ ما بقي في فمك ، فما أدرت عليه لسانك فكله ، وما استكن فأخرجه بالخلال ، وأنت فيه بالخيار إن شئت أكلته وإن شئت طرحته » (٢).

ومنها : الافتتاح بالملح والاختتام به ، للمستفيضة من الصّحاح وغيرها : كصحيحة هشام معلّلة بأنّ فيهما المعافاة عن اثنين وسبعين نوعا من البلاء ، منه : الجذام والجنون والبرص (٣).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٧٧ ـ ١ ، المحاسن : ٥٥٩ ـ ٩٣٥ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢٥ أبواب آداب المائدة ب ١٠٦ ح ٣.

(٢) الكافي ٦ : ٣٧٧ ـ ٣ ، المحاسن : ٥٥٩ ـ ٩٣٤ ، الوسائل ٢٤ : ٤٢٥ أبواب آداب المائدة ب ١٠٦ ح ٢.

(٣) الكافي ٦ : ٣٢٦ ـ ٢ ، المحاسن : ٥٩٣ ـ ١٠٨ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٣ أبواب آداب المائدة ب ٩٥ ح ١.

٢٥١

وفي موثّقة زرارة : إنّ فيهما دفع سبعين نوعا من البلاء أيسرها الجذام (١).

وفي مرسلة الفقيه : « ابدؤا بالملح في أول طعامكم ، فلو يعلم الناس ما في الملح لاختاروه على الدرياق المجرّب » (٢).

وفي رواية الجعفري « لا يخصب خوان لا ملح عليها ، وأصحّ للبدن أن يبدأ به في أول الطعام » (٣).

وفي رواية فروة : « أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران مر قومك أن يفتتحوا بالملح ويختموا به ، وإلاّ فلا يلوموا إلاّ أنفسهم » (٤).

وأمّا ما في رواية محمّد بن علي الهمداني ، من افتتاح الرضا عليه‌السلام بالخلّ ، وقوله : إنّه مثل الملح (٥).

وما في رواية إسماعيل من قوله : « إنّا لنبدأ بالخلّ كما تبدؤن بالملح‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٢٥ ـ ١ ، المحاسن : ٥٩٣ ـ ١٠٩ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٣ أبواب آداب المائدة ب ٩٥ ح ٢.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٢٥ ـ ١٠٥٦ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٣ أبواب آداب المائدة ب ٩٥ ح ٣ ، وفي الفقيه : الترياق وهو أيضا بمعنى الدرياق ، والمراد به : ما يستعمل لدفع السم من الأدوية والمعاجين ـ مجمع البحرين ٥ : ١٤٢.

(٣) الكافي ٦ : ٣٢٦ ـ ٥ ، المحاسن : ٥٩١ ـ ١٠١ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٤ أبواب آداب المائدة ب ٩٥ ح ٤ ، وفي النسخ : لا يحضر خوان .. وما أثبتناه من المصدر ، والمراد به : النماء والبركة ـ مجمع البحرين ٢ : ٥٠ ، والخوان : ما يؤكل عليه ، معرّب ـ المصباح المنير : ١٨٤.

(٤) الكافي ٦ : ٣٢٦ ح ٦ ، المحاسن : ٥٩٢ ـ ١٠٣ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٤ أبواب آداب المائدة ب ٥٩ ح ٦.

(٥) الكافي ٦ : ٣٢٩ ـ ٤ ، المحاسن : ٤٨٧ ـ ٥٥٤ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٧ أبواب آداب المائدة ب ٩٦ ح ٢.

٢٥٢

عندكم » (١).

فمعارض بما في رواية الديلمي : « نحن نستفتح بالملح ونختم بالخلّ » (٢).

ومرسلة الفقيه : « إنّ بني أميّة يبدءون بالخلّ في أول الطعام ويختمون بالملح ، وإنّا نبدأ بالملح في أول الطعام ونختم بالخلّ » (٣).

والترجيح للأول ، لموافقة الثاني لبني أميّة ، مع أنّه على فرض التكافؤ لا يعلم ما كانوا يبدءون به للتعارض ، فتبقى الأخبار السابقة خالية عن المعارض.

نعم ، يعارض الخبران الأخيران للصحيح والموثّق الأولين في الختم بالملح أو الخلّ ، فالظاهر فيه التخيير.

وفي مرفوعة يعقوب بن يزيد : « من ذرّ على أول لقمة من طعامه الملح ذهب عنه بنمش الوجه » (٤).

ومنها : التقاط ما يسقط من الخوان ، للمتواترة معنى من الأخبار ، كالأخبار التسعة التي بعضها من الصحاح لأبي بصير (٥) ، وداود بن كثير (٦) ،

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٢٩ ـ ٥ ، المحاسن : ٤٨٥ ـ ٥٣٩ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٧ أبواب آداب المائدة ب ٩٦ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ٣٣٠ ـ ١٢ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٨ أبواب آداب المائدة ب ٩٦ ح ٣.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٢٥ ـ ١٠٥٥ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٨ أبواب آداب المائدة ب ٩٦ ح ٤.

(٤) الكافي ٦ : ٣٢٦ ـ ٨ ، المحاسن : ٥٩٣ ـ ١١٢ ، الوسائل ٢٤ : ٤٠٤ أبواب آداب المائدة ب ٩٥ ح ٥ ، والنّمش محرّكة : نقط بيض وسود تقع في الجلد يخالف لونه لونه ـ مجمع البحرين ٤ : ١٥٦.

(٥) الكافي ٦ : ٢٩٩ ـ ١ ، المحاسن : ٤٤٤ ـ ٣٢٣ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٨ أبواب آداب المائدة ب ٧٦ ح ٣.

(٦) الكافي ٦ : ٣٠٠ ـ ٢ ، المحاسن : ٤٤٣ ـ ٣١٩ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٨ أبواب آداب المائدة ب ٧٦ ح ٢.

٢٥٣

ووهب (١) ، وعبد الله بن صالح (٢) ، وإبراهيم بن مهزم (٣) ، وعبد الله الأرجاني (٤) ، ومعمّر (٥) ، والكرماني (٦) ، وعمر بن قيس (٧).

وفي بعضها : « إنّه شفاء من كلّ داء إذا قصد الاستشفاء به ».

وفي بعضها : « إنّه يدفع وجع الخاصرة ».

وفي ثالث : « إنّه ينفي الفقر ويكثر الولد ».

والمستفاد من تلك الأخبار : أنّ المراد بما يسقط عن الخوان ما يقع خارج السفرة والطبق والمائدة ، لا ما يقع خارج الصّحفة (٨) والقصعة على السفرة أو الطبق.

ثمَّ المستحبّ التقاط ما يسقط منه في البيت ونحوه ، دون ما يسقط في الصحراء ونحوها ، لروايتي معمّر والكرماني ، وفي الاولى : إنّ في الصحراء يترك للطير والسبع. وفي الثانية : « إنّ ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة ».

ومنها : الأكل غداء وعشاء وعدم الأكل بينهما. والغداء صدر النهار ،

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٠٠ ـ ٤ ، المحاسن : ٤٤٤ ـ ٣٢٦ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٩ أبواب آداب المائدة ب ٧٦ ح ٤.

(٢) الكافي ٦ : ٣٠٠ ـ ٣ ، المحاسن : ٤٤٤ ـ ٣٢٤ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٨ أبواب آداب المائدة ب ٦٧ ح ١.

(٣) الكافي ٦ : ٣٠٠ ـ ٧ ، المحاسن : ٤٤٤ ـ ٣٢٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٩ أبواب آداب المائدة ب ٧٦ ح ٥.

(٤) الكافي ٦ : ٣٠١ ـ ٩ ، المحاسن : ٤٤٤ ـ ٣٢١ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٩ أبواب آداب المائدة ب ٧٦ ح ٦ ، في النسخ : الأرمني ، بدل : الأرجاني ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) الكافي ٦ : ٣٠٠ ـ ٨ ، المحاسن : ٤٤٥ ـ ٣٢٧ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٥ أبواب آداب المائدة ب ٧٢ ح ١.

(٦) الفقيه ٣ : ٢٢٥ ـ ١٠٥٤ ، الوسائل ٢٤ : ٣٧٦ أبواب آداب المائدة ب ٧٢ ح ٢.

(٧) الفقيه ٣ : ٢٢٥ ـ ١٠٥٣ ، الوسائل ٢٥ : ٢٥٧ أبواب الأشربة المباحة ب ١٤ ح ٣.

(٨) الصّحفة : كالقصعة الكبيرة ، منبسطة تشبع الخمسة ـ مجمع البحرين ٥ : ٧٧.

٢٥٤

والعشاء أول الليل.

ويستحبّ أن يكون التعشّي بعد العتمة ، فإنّ في رواية محمّد : « عشاء الأنبياء [ بعد العتمة ] فلا تدعوه » (١) وأولها عند سقوط نور الشفق.

وفي رواية زياد بن أبي الحلال : « العشاء بعد العشاء الآخرة عشاء النبيّين » (٢).

وفي رواية اللهبي : « ما يقول أطبّاؤكم في عشاء الليل؟ » قلت : إنّهم ينهونا عنه ، قال : « ولكنّي آمركم به » (٣).

وفي مرسلة ثعلبة : « طعام الليل أنفع من طعام النهار » (٤).

ومنها : غسل الثمار بالماء قبل أكلها ، لرواية فرات : « إنّ لكلّ ثمرة سمّا ، فإذا أتيتم بها فمسّوها بالماء أو اغمسوها في الماء » يعني : اغسلوها (٥).

ومنها : جمع العيال والأكل معهم ، لرواية مسمع : « ما من رجل جمع عياله ويضع مائدة ويسمّي ويسمّون في أول الطعام ويحمدون الله في آخره فترتفع المائدة حتى يغفر لهم » (٦).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٨٨ ـ ١ ، المحاسن : ٤٢٠ ـ ١٩٧ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣١ أبواب آداب المائدة ب ٤٧ ح ١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٢) الكافي ٦ : ٢٨٩ ـ ٧ ، المحاسن : ٤٢١ ـ ١٩٨ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٢ أبواب آداب المائدة ب ٤٧ ح ٣.

(٣) الكافي ٦ : ٢٨٩ ـ ١٠ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣١ أبواب آداب المائدة ب ٤٧ ح ٢.

(٤) الكافي ٦ : ٢٨٩ ـ ١١ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٢ أبواب آداب المائدة ب ٤٧ ح ٤.

(٥) الكافي ٦ : ٣٥٠ ـ ٤ ، المحاسن : ٥٥٦ ـ ٩١٣ ، الوسائل ٢٥ : ١٤٧ أبواب الأطعمة المباحة ب ٨٠ ح ١.

(٦) الكافي ٦ : ٢٩٦ ـ ٢٥ ، الوسائل ٢٤ : ٢٦٣ أبواب آداب المائدة ب ١٢ ح ٣.

٢٥٥

المسألة الثانية : يكره في الأكل أمور :

منها : أكل الشي‌ء فيما بين أكل الغداء وأكل العشاء ، لرواية ابن أخي شهاب : شكوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ما ألقى من الأوجاع والتخم ، فقال لي : « تغدّ وتعشّ ولا تأكل بينهما شيئا ، فإنّ فيه فساد البدن » (١).

ومنها : الأكل متّكئا ، للمستفيضة ، كصحيحة الشحّام : « ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متّكئا منذ بعثه الله إلى أن قبضه ، وكان يأكل أكل العبد ويجلس جلسة العبد تواضعا لله تعالى » (٢).

ورواية أبي خديجة : « ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأكل متّكئا على يمينه وعلى يساره ، ولكن كان يجلس جلسة العبد » (٣).

ورواية المعلّى : « ما أكل نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو متكئ منذ بعثه الله تعالى ، وكان يكره أن يتشبّه بالملوك ، ونحن لا نستطيع أن نفعل » (٤).

وموثّقة سماعة : عن الرجل يأكل متّكئا ، فقال : « لا ، ولا منبطحا » (٥).

أقول : الانبطاح : الاستلقاء على الوجه.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٨٨ ـ ٢ ، المحاسن : ٤٢٠ ـ ١٩٦ ، الوسائل ٢٤ : ٣٢٧ أبواب آداب المائدة ب ٤٥ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ٢٧٠ ـ ١ ، المحاسن : ٤٥٧ ـ ٣٩٠ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥١ أبواب آداب المائدة ب ٦ ح ٧.

(٣) الكافي ٦ : ٢٧١ ـ ٧ ، المحاسن : ٤٥٧ ـ ٣٨٩ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥١ أبواب آداب المائدة ب ٦ ح ٦ ، بتفاوت يسير.

(٤) الكافي ٦ : ٢٧٢ ـ ٨ ، المحاسن : ٤٥٨ ـ ٣٩٦ ، الوسائل ٢٤ : ٢٤٩ أبواب آداب المائدة ب ٦ ح ٢.

(٥) الكافي ٦ : ٢٧١ ـ ٤ ، المحاسن : ٤٥٨ ـ ٣٩٣ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥٠ أبواب آداب المائدة ب ٦ ح ٤.

٢٥٦

والمرويّ في المحاسن : « ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متّكئا ولا نحن » (١) إلى غير ذلك.

وقد اختلفوا في المراد من الاتّكاء في هذا المقام ، قال ابن الأثير : « لا آكل متّكئا » المتّكي في العربيّة : كلّ من استوى قاعدا على وطاء متمكّنا ، والعامّة لا تعرف المتّكي إلاّ من مال في قعوده معتمدا على أحد شقّيه ، ومعنى الحديث : أنّي إذا أكلت لم أقعد متمكّنا فعل من يريد الاستكثار ، ومن حمل الاتّكاء على الميل إلى أحد الشقّين تأوله على مذهب الطب (٢).

وفي المصباح : اتّكأ : جلس متمكّنا (٣).

وفي فتح الباري لابن حجر : اختلف في صفة الاتّكاء ، فقيل : أن يتمكّن في الجلوس للأكل على أيّ صفة كان. وقيل : أن يميل على أحد شقّيه. وقيل : أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض. ثمَّ فسّر الحديث نحوا من النهاية. وعن أبي الجوزاء : الجزم في تفسير الاتّكاء أنّه الميل إلى أحد الشقّين (٤).

أقول : المستفاد من كلماتهم أنّ للاتّكاء معاني :

أحدها : الجلوس على البساط متمكّنا ، مسندا ظهره إلى الوسائد ، من دون ميل إلى جانب.

وثانيها : الاتّكاء باليد.

وثالثها : الميل إلى أحد الشقّين كما هو المتعارف عند العامّة.

__________________

(١) المحاسن : ٤٥٨ ـ ٣٩٢ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥٢ أبواب آداب المائدة ب ٦ ح ٨.

(٢) النهاية ( لابن الأثير ) ١ : ١٩٣.

(٣) المصباح المنير : ٦٧١.

(٤) فتح الباري ٩ : ٤٤٦. وفيه : ابن الجوزي.

٢٥٧

ليس المراد ـ في ذلك المقام ـ الثاني قطعا ، لأنّ المستفاد من أخباره : أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجتنب عنه لأنّه كان يجلس جلسة العبد ، والاتّكاء ينافيه وأنّه تشبّه بالملوك.

مع أنّه ورد في رواية أبي خديجة : أنّ أبا عبد الله عليه‌السلام كان يجلس جلسة العبد ويضع يده على الأرض ويأكل بثلاث أصابع ، وأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأكل هكذا (١) ، فإنّها تدلّ على أنّ في وضع اليد على الأرض تواضعا وانكسارا.

وأيضا صرّح في رواية أبي خديجة المتقدّمة أولا : أنّه لم يأكل متّكئا على يمينه وعلى يساره ، وظاهر أنّه في الأكل لا يتحقّق الاتّكاء على اليمين غالبا ، لأنّ اليمين يد الأكل.

وأيضا في رواية المعلّى علّله بكراهة أن يتشبّه بالملوك ، والملوك يأكلون متّكئين على الوسائد. قال بعض المتأخّرين : الأكل كذلك من دأب الملوك (٢).

وأيضا عطف الانبطاح عليه يؤكّد إرادة أحد المعنيين الآخرين.

وأيضا روى في المحاسن بسنده عن أبي عبد الله عليه‌السلام يقول : « إذا أكلت فاعتمد على يسارك » (٣).

وأيضا في رواية الفضيل الصحيحة عمّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه وضع أبي عبد الله عليه‌السلام يده على الأرض عند الأكل ، واعتراض عباد عليه ورفعها ، ثمَّ وضعها ، ثمَّ اعتراضه ، ثمَّ رفعه إيّاها ، ثمَّ‌

__________________

(١) المحاسن : ٤٤١ ـ ٣٠٧ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥٦ أبواب آداب المائدة ب ٨ ح ٦.

(٢) انظر البحار ٦٣ : ٣٩١.

(٣) المحاسن : ٤٤١ ـ ٣٠٦ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥٤ أبواب آداب المائدة ب ٧ ح ٣.

٢٥٨

وضعها ، ثمَّ اعتراضه ، ثمَّ عوده عليه‌السلام ، وقوله بعد اعتراضه ثالثا : « والله ما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن هذا قطّ » (١).

مع أنّه قد مرّ عن المحاسن قوله : « ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متّكئا ولا نحن ». والتنافي بينهما ظاهر.

وقوله : « لا نستطيع أن نفعل » في رواية المعلّى لا يدلّ على أنّهم كانوا يتّكئون ، لإجمال ما لا يستطيعون فعله ، فلعلّه الاتّكاء دون تركه ، بل هو الظاهر.

فتعيّن أحد المعنيين الأول أو الثالث ، مع أنّه على فرض عدم التعيّن واحتمال ذلك المعنى أيضا لا ينبغي ترك الرواية الآمرة بالاعتماد على اليسار ـ المعتضدة بفعل الإمام ويمينه عليه‌السلام على عدم نهي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه ـ قطّ بمجرّد الاحتمال.

ثمَّ إنّ الاحتمال الأول يرجّح بتشبّهه بجلسة الملوك ، والثالث بقوله : على يمينه وعلى يساره ، في رواية أبي خديجة ، ويمكن كراهته بالمعنيين وترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهما معا ، كما هو الظاهر.

ومنها : الأكل على الشبع ، للأخبار المستفيضة (٢).

ومنها : التملّي عن الطعام ، فإنّه ورد في رواية أبي الجارود : « ما من شي‌ء أبغض إلى الله من بطن مملوء » (٣).

وفي رواية أبي بصير : « كثرة الأكل مكروه » (٤).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٧١ ـ ٥ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥٣ أبواب آداب المائدة ب ٧ ح ١.

(٢) الوسائل ٢٤ : ٢٤٣ أبواب آداب المائدة ب ٢.

(٣) الكافي ٦ : ٢٧٠ ـ ١١ ، المحاسن : ٤٤٧ ـ ٣٣٩ ، الوسائل ٢٤ : ٢٤٨ أبواب آداب المائدة ب ٤ ح ٢.

(٤) الكافي ٦ : ٢٦٩ ـ ٢ ، التهذيب ٩ : ٩٢ ـ ٣٩٤ ، الوسائل ٢٤ : ٢٣٩ أبواب آداب المائدة ب ١ ح ٢.

٢٥٩

وفي اخرى : « إنّ البطن ليطغى من أكله ، وأقرب ما يكون البعد إلى الله إذا خفّ بطنه ، وأبغض ما يكون العبد إلى الله إذا امتلأ بطنه » (١).

وفي رواية السكوني : « أطولكم جشاء في الدنيا أطولكم جوعا في الآخرة » (٢).

وفي مرسلة ابن سنان : « كلّ داء من التخمة ما خلا الحمّى ، فإنها ترد ورودا » (٣).

وفي المرويّ في المحاسن : « لو أنّ الناس قصدوا في المطعم لاستقامت أبدانهم » (٤).

وربّما كان الإفراط في الأكل حراما إذا أحسّ منه الضرر.

ومنها : الأكل باليسار ، للمستفيضة (٥) ، وفي موثّقة سماعة : « لا يأكل بشماله ، ولا يشرب بشماله ، ولا يتناول بها شيئا » (٦).

ومنها : أكل سؤر الفأر : لقوله عليه‌السلام في حديث المناهي الطويل : « ونهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكل سؤر الفأر » (٧).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٦٩ ـ ٤ ، المحاسن : ٤٤٦ ـ ٣٣٧ ، الوسائل ٢٤ : ٢٣٩ أبواب آداب المائدة ب ١ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ٢٦٩ ـ ٥ ، التهذيب ٩ : ٩٢ ـ ٣٩٥ ، المحاسن : ٤٤٧ ـ ٣٤٥ ، الوسائل ٢٤ : ٢٤٦ أبواب آداب المائدة ب ٣ ح ١ ، والجشاء كغراب : صوت مع ريح يخرج من الفم عند شدة الامتلاء ـ مجمع البحرين ١ : ٨٧.

(٣) الكافي ٦ : ٢٦٩ ـ ٨ ، المحاسن : ٤٤٧ ـ ٣٤١ ، الوسائل ٢٤ : ٢٤٧ أبواب آداب المائدة ب ٤ ح ١.

(٤) المحاسن : ٤٣٩ ـ ٢٩٦ ، الوسائل ٢٤ : ٢٤١ أبواب آداب المائدة ب ١ ح ٧.

(٥) الوسائل ٢٤ : ٢٥٨ أبواب آداب المائدة ب ١٠.

(٦) الكافي ٦ : ٢٧٢ ـ ٣ ، التهذيب ٩ : ٩٣ ـ ٤٠٤ ، المحاسن : ٤٥٥ ـ ٣٨١ ، الوسائل ٢٤ : ٢٥٨ أبواب آداب المائدة ب ١٠ ح ١.

(٧) الفقيه ٤ : ٢ ـ ١ ، الوسائل ١ : ٢٤٠ أبواب الأسئار ب ٩ ح ٧.

٢٦٠