مستند الشّيعة - ج ١٥

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٥

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
ISBN: 964-319-041-2
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٩٠

النّضوح قال : « يطبخ التمر حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث ثمَّ يتمشّطن » (١).

والأخرى : عن النّضوح المعتق كيف يصنع به حتى يحلّ؟ قال : « خذ ماء التمر فأغله حتى يذهب ثلثا ماء التمر » (٢).

والجواب : أنّه لا تصريح في الروايتين بحرمة الشرب قبل ذهاب الثلاثين من الإمام عليه‌السلام أصلا ، وإنّما غايتهما الأمر بغلية حتى يذهب ثلثاه ، وهو أعمّ من تحريمه بالغلي قبله ، ولعلّ الوجه فيه ما ذكره بعضهم من أنّ النضوح ـ على ما ذكره اللغويون ـ : ضرب من الطيب تفوح رائحته (٣).

وفي مجمع البحرين : إنّ في كلام بعض الأفاضل : أنّه طيب مائع ، ينقعون التمر والسكر والقرنفل والتفّاح والزعفران وأشباه ذلك في قارورة فيها قدر مخصوص من الماء ، ويشدّ رأسها ، ويصبر به أيّاما حتى ينشّ ويتخمّر ، وهو شائع بين نساء الحرمين الشريفين (٤).

وعلى هذا فتحمل الروايتان على أنّ الغرض من طبخه حتى يذهب ثلثاه إنّما هو لئلاّ يصير خمرا ببقائه مدّة ، لأنّ غلية هذا الحدّ الذي يصير به دبسا يذهب الأجزاء المائيّة التي يصير بها خمرا لو مكث مدّة كذلك ، لأنّه يصير خمرا بسبب ما فيه من تلك الأجزاء المائيّة ، فإذا ذهب أمن من صيرورته خمرا.

ويؤيّد ذلك قوله : النّضوح المعتق ، على صيغة اسم المفعول ، أي‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ١٢٣ ـ ٥٣١ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٩ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣٧ ح ١ ، في المصدر : يمتشطن.

(٢) التهذيب ٩ : ١١٦ ـ ٥٠٢ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٣ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣٢ ح ٢.

(٣) الرياض ٢ : ٢٩١.

(٤) مجمع البحرين ١ : ٤١٩.

٢٢١

الذي يراد جعله عتيقا بأن يحفظ زمانا حتى يصير عتيقا.

ويؤيّده أيضا قوله : « يتمشّطن » الظاهر في أنّ الغرض منه التمشّط ، وهو : الوضع في الرأس ، فالمراد من السؤال في الروايتين من كيفيّة عمله هو التحرّز عن صيرورته بزيادة المكث خمرا نجسا يمتنع الصلاة فيه ولا يحلّ إذا تمشّطن به ، وإلاّ فهو ليس بمأكول. ولا الغرض من السؤال عن كيفيّة عمله حلّ أكله ، حتى يكون الأمر بغلية على ذلك الوجه لأجله ، بل حلّ استعماله ، فمعنى قوله : حتى يحلّ ، أن يحلّ استعماله ، مع أنّه في كلام الراوي ، وقد عرفت مرارا ما فيه.

ومنها : أنّه يطلق عليه اسم النبيذ ، ويشابه العصير العنبي‌ ، مع أنّ الزبيبي مشترك مع العنبي في أصل الحقيقة.

والجواب : منع صدق النبيذ على مطلق العصير أولا ، ومنع حرمة مطلق النبيذ ثانيا ، بل الأخبار مصرّحة بأنّ من النبيذ ما هو حلال (١).

ومنع المشابهة ، وبطلان القياس لو سلّمت.

ومنع الشركة في أصل الحقيقة ، ومنع اقتضائها الشركة في الحكم لو سلّمت بعد اختصاص دليل الحكم ، أي الحرمة بالعصير العنبي خاصّة ، والله العالم.

المسألة الخامسة : إذا انقلبت الخمر خلاّ‌ ، فإمّا يكون بنفسه ، أو بالعلاج.

فعلى الأول : يصير حلالا بلا خلاف بين الفقهاء كما عن التنقيح (٢) ، وفي غيره (٣) ، وبين الأصحاب بل المسلمين كما في شرح الإرشاد للأردبيلي (٤) ،

__________________

(١) الوسائل ٢٥ : ٣٥٣ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٢٤ ح ١ و ٣ و ٥.

(٢) التنقيح ٤ : ٦١.

(٣) الرياض ٢ : ٢٩٩.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٥٤.

٢٢٢

بل بالإجماع المحقّق ، فهو الحجّة فيه ، مع القاعدة الثابتة من تبعيّة الأحكام للأسماء حلاّ وحرمة وطهارة ونجاسة.

مضافا إلى المستفيضة من الصحاح وغيرها ، كموثقتي عبيد.

إحداهما : في الرجل باع عصيرا ، فحبسه السلطان حتى صار خمرا ، فجعله صاحبه خلاّ ، فقال : « إذا تحوّل عن اسم الخمر فلا بأس به » (١).

والأخرى : عن الرجل يأخذ الخمر فيجعلها خلاّ ، قال : « لا بأس » (٢).

وصحيحتي زرارة وجميل ، إحداهما : عن الخمر العتيقة تجعل خلاّ ، قال : « لا بأس » (٣).

والأخرى : يكون لي على الرجل دراهم فيعطيني بها خمرا ، فقال : « خذها ثمَّ أفسدها » قال عليّ : فاجعلها خلاّ (٤).

وروايتي عبد العزيز وأبي بصير ، الاولى : العصير يصير خمرا ، فيصبّ عليه الخلّ وشي‌ء يغيّره حتى يصير خلاّ ، قال : « لا بأس به » (٥).

والأخرى مرويّة في السرائر عن جامع البزنطي : عن الخمر تعالج بالملح وغيره لتحول خلاّ ، قال : « لا بأس بمعالجتها » (٦).

__________________

(١) التهذيب ٩ : ١١٧ ـ ٥٠٦ ، الاستبصار ٤ : ٩٣ ـ ٣٥٧ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧١ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ٥.

(٢) الكافي ٦ : ٤٢٨ ـ ٣ ، التهذيب ٩ : ١١٧ ـ ٥٠٥ ، الاستبصار ٤ : ٩٣ ـ ٣٥٦ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٠ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ٣.

(٣) الكافي ٦ : ٤٢٨ ـ ٢ ، التهذيب ٩ : ١١٧ ـ ٥٠٤ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٠ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ١ ، وفي الكافي : العقيقة بدل العتيقة.

(٤) التهذيب ٩ : ١١٨ ـ ٥٠٨ ، الاستبصار ٤ : ٩٣ ـ ٣٥٨ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧١ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ٦.

(٥) التهذيب ٩ : ١١٨ ـ ٥٠٩ ، الاستبصار ٤ : ٩٣ ـ ٣٥٩ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٢ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ٨.

(٦) مستطرفات السرائر : ٦٠ ـ ٣١ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٢ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ١١.

٢٢٣

وموثّقتي أبي بصير ، إحداهما : عن الخمر تصنع فيها الشي‌ء حتى تحمض ، قال : « إذا كان الذي صنع فيها هو الغالب على ما صنع فيه فلا بأس » (١) وفي بعض النسخ : يضع ، ووضع من الوضع ، وفي بعض آخر بترك لفظة : « فيه ».

ثمَّ تقريب الاستدلال : أن يراد بالغلبة : الغلبة في الكيفيّة ، أي الشي‌ء القاهر على كيفيّتها ، الجاعل لها خلاّ ، كالملح وغيره ، دون الغلبة في الكمّيّة الموجبة لترك العمل بالرواية وشذوذها ، كما يأتي.

وأمّا احتمال إرادة الخمر من الغالب كمّيّة ـ كما جوّزه بعض مشايخنا (٢) حاكيا عن العلاّمة المجلسي في بعض حواشيه ـ فبعيد غايته ، بل لا تحتمله العبارة من حيث التركيب اللفظي.

والأخرى : عن الخمر يجعل خلاّ ، قال : « لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يغلبها » (٣) بالغين المعجمة كما في نسخ الكافي ، بل التهذيب على ما يظهر من الوافي (٤) ، وإن نقل بعضهم عنه وعن الاستبصار بالقاف (٥).

ثمَّ الإجماع والأخبار كما يثبتان ارتفاع الحرمة الخمريّة وإثبات الحلّية الخلّية ، كذلك يثبتان الحلّية المطلقة أيضا ، حتى من جهة الطهارة أيضا ،

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٢٨ ـ ١ ، التهذيب ٩ : ١١٩ ـ ٥١١ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٠ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ٢.

(٢) الرياض ٢ : ٢٩٩.

(٣) الكافي ٦ : ٤٢٨ ـ ٤ ، التهذيب ٩ : ١١٧ ـ ٥٠٦ ، الاستبصار ٤ : ٩٤ ـ ٣٦١ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧١ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ٤ ، وفي الاستبصار : عن عبيد ابن زرارة.

(٤) الوافي ٢٠ : ٦٧٧ ب ١٦٥.

(٥) كالهندي في كشف اللثام ٢ : ٨٩ ، وصاحب الرياض ٢ : ٢٩٩.

٢٢٤

فلا ينجس ذلك الخلّ بنجاسة الآنية المشتملة عليه ، إمّا لتطهّر الآنية تبعا أيضا كما ذكره جمع من الأصحاب (١) ، أو لعدم سراية نجاستها إلى الخلّ ، كما هو الحقّ عندي ، إذ الثابت ليس إلاّ طهارة الخلّ الحاصلة بأحد الأمرين ، فتستصحب نجاسة الآنية ، مضافا إلى منع وجود خصوص أو عموم دالّ على تنجس أحد المتلاقيين بنجاسة الأخرى مطلقا بحيث يشمل مثل المورد أيضا.

والمناقشة في دلالة الروايات ـ بأنّ غايتها انتفاء العذاب والإثم في ذلك الجعل والمعالجة ، دون حلّية الخلّ وطهارته من جميع الجهات ـ وإن أمكن في بعضها جدلا ، إلاّ أنّه بعيد عن الإنصاف ، مخالف لفهم الأصحاب ، مع أنّه غير جار في الجميع ، كالموثّقة الاولى النافية لجميع أنواع البأس بما تحوّل عن اسم الخمر لا عن الجعل والعلاج ، والصحيحة الثانية المجوّزة لأخذ الخمر عوض الدراهم وجعلها خلاّ ولو كان حراما ولو بسبب التنجّس الحاصل بملاقاة الآنية الغير المنفكّ عنه البتّة لما تترتّب فائدة على جعلها خلاّ ، بل الموثّقتين الأخيرتين ، فإنّه لو لا إرادة الحلّية للغا الاشتراط ، إذ لا إثم حينئذ مع غلبة الخمر أيضا.

وعلى الثاني : فإمّا يكون العلاج بشي‌ء لا يدخل في الخمر ـ بل بنحو تدخين أو مجاورة شي‌ء ونحو ذلك ـ أو بجسم يدخل فيها ويلاقيها.

فعلى الأول : فالظاهر أيضا عدم الخلاف في الحلّية ، فإنّ الشهيد الثاني المتوقّف في الحلّية بالعلاج خصّه بالعلاج بالأجسام (٢) ، فيحلّ أيضا ،

__________________

(١) منهم الشهيد في الروضة ٧ : ٣٤٧ ، المحقق الكركي في جامع المقاصد ١ : ١٩ ، والهندي في كشف اللثام ٢ : ٨٩.

(٢) المسالك ٢ : ٢٤٨.

٢٢٥

لصدق الاسم ، وعموم أكثر الأخبار المتقدّمة.

وعلى الثاني : فإمّا يكون العلاج بما يذهب عينه قبل صيرورة الخمر خلاّ ، كقليل خلّ أو ملح يدخل في الخمر فيستهلك ويضمحلّ ، وبالجملة : يكون بقدر يطلق على المجموع خمرا أيضا وليس شي‌ء غير الخمر عرفا.

أو بما لا يذهب ، بل تكون باقية إلى أن يصير الخمر خلاّ ، كحديدة محماة يدخل فيها أو سفرجلة أو تفّاحة أو نحوها.

فعلى الأول : يحلّ الخلّ ويطهر أيضا على الأقوى الأشهر ، لعموم بعض ما تقدّم من الأخبار ، وخصوص بعض آخر ، حيث إنّ الخلّ والملح المصبوبين في الخمر ينقلبان إلى الخمر أولا غالبا ، من جهة اشتراط قلّة الخلّ أو الملح ـ كما يأتي ـ ثمَّ ينقلب المجموع خلاّ.

مضافا إلى أنّ بعد انقلاب المصبوب خمرا وانقلاب تلك الخمر أيضا خلاّ لا يبقى وجه للتشكيك في الحلّية لأجل بقاء النجاسة.

والتشكيك بأنّ القدر المعلوم ارتفاع النجاسة الخمريّة الذاتيّة بالانقلاب خلاّ ، وأمّا ارتفاع النجاسة العارضيّة ولو كانت خمريّة بالانقلاب خلاّ فغير معلوم كما قاله الأردبيلي (١) ، فالخلّ والملح وإن انقلبا خمرا ثمَّ خلاّ إلاّ أنّهما تنجّسا بنجاسة عارضيّة بملاقاة الخمر أولا ، ولا دليل على ارتفاع تلك النجاسة.

غير جيّد ، لأن الخلّ والملح وإن تنجّسا بالخمريّة قبل الانقلاب خمرا إلاّ أنّ بعد انقلابهما إليها ليسا بنجسين من جهتين ، لأنّ النجاسة الخمريّة أمر واحد ، فتأمّل.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٢٠١.

٢٢٦

وعلى الثاني : فالمشهور ـ كما في الكفاية (١) وغيرها (٢) ـ الحلّية أيضا.

وقد يناقش فيها حينئذ نظرا إلى تنجّس ما دخل فيه وعدم مطهّر له ، وبنجاسته ينجس الخلّ أيضا.

وأجيب عنه : بإمكان اغتفار ذلك ، نظرا إلى عموم الأدلّة المتقدّمة ، أي بعضها ، لأنّ الكل لا يعمّ مثل ذلك.

ويمكن المناقشة في تنجّس الخلّ حينئذ مع قطع النظر عن عموم الأدلّة أيضا ، لما أشير إليه من منع ما يدلّ على تنجّس أحد المتلاقيين بنجاسة الأخرى مطلقا ، حتى فيما إذا كانا نجسين فيتطهّر أحدهما ، فتأمّل.

وربّما يناقش في الحلّية بمطلق العلاج ، لرواية أبي بصير : عن الخمر يجعل فيها الخلّ ، فقال : « لا ، إلاّ ما جاء من قبل نفسه » (٣).

وفيها : أنّها ـ لمقاومة ما يعارضها من الأخبار المتكثّرة الموافقة لعمل الطائفة ـ قاصرة ، ومع ذلك لإرادة أنّ مجرّد جعل الخلّ في الخمر لا يكفي في الاستحالة أو الحلّية ـ بل لا بدّ أن يترك حتى ينقلب ذلك خلاّ بنفسه ردّا على أبي حنيفة (٤) ـ محتملة.

وللموثّقة الأخيرة على نسخة القاف.

وفيها : أنّ اختلاف النسخة يمنع عن الاستدلال.

__________________

(١) الكفاية : ٢٥٣.

(٢) المسالك ٢ : ٢٤٨.

(٣) التهذيب ٩ : ١١٨ ـ ٥١٠ ، الاستبصار ٤ : ٩٣ ـ ٣٦٠ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧١ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ٧.

(٤) راجع المغني والشرح الكبير ١٠ : ٣٣٨.

٢٢٧

فروع :

أ : لو القي في الخمر خلّ كثير حتى استهلكها‌ ، أو القي قليل خمر في كثير خلّ كذلك ، فلا يحلّ ولا يطهر ولو مضت مدّة انقلب الخمر خلاّ.

لا للموثّقتين الأخيرتين كما قيل (١) ، لاختلاف النسخ في إحداهما ، وإجمال المعنى في الأخرى.

بل لتنجّس الخلّ بالملاقاة وعدم حصول مطهّر له أصلا ، فتكون الخمر أيضا منقلبة إلى الخلّ النجس.

ولا ينتقض بصورة عدم استهلاك الخمر ، بل استهلاك الخلّ ، لأنّه وإن تنجّس الخلّ ولكن انقلب خمرا ، ثمَّ انقلب المجموع خلاّ ، فيطهر المجموع ، بخلاف المفروض.

ولا تفيد الأخبار المتقدّمة في ذلك ، لأنّ ذلك ليس جعلا للخمر خلاّ ، بل هو استهلاكها واضمحلالها ، مع أنّه على فرض الجعل تدلّ على حلّيتها وانتفاء البأس عنها من حيث هي هي لا مطلقا ، حتى إذا عرضت لنجاستها سبب آخر أيضا.

ولو لم يستهلك أحدهما في الآخر ، بأن يدخل مساوي الخمر من الخلّ أو قريب منه فيها ، فيحصل حينئذ لا محالة مزاج ثالث شبه السكنجبين بالنسبة إلى الخلّ والدبس ، فإذا انقلب المجموع خلاّ ففي طهارته وحلّه ونجاسته وحرمته إشكال ، من جهة عموم الأخبار المتقدّمة ، ومن جهة أنّ ما فيه من الخلّ متنجّس غير الخمر صار خلاّ ولا دليل على‌

__________________

(١) الرياض ٢ : ٢٩٩.

٢٢٨

طهارة ذلك ، وبملاقاته الأجزاء الخمريّة المنقلبة خلاّ تنجس تلك الأجزاء أيضا ، وعموم الأخبار لا يفيد عدم عروض التنجيس لهذه الأجزاء من جهة أصلا.

ب : لو عولجت الخمر بشي‌ء نجس‌ ، فإن انقلب المعالج به خمرا ثمَّ انقلب المجموع خلاّ ، فالظاهر الحلّية والطهارة وإلاّ فالنجاسة ، والوجه يظهر ممّا مرّ.

ومنه يظهر حكم ما إذا وقع نجس في الخمر ثمَّ انقلبت خلاّ.

ج : لو وقع في الخمر جسم وكان فيها إلى أن انقلبت خلاّ‌ ، فلا يطهر ذلك الجسم ، للأصل ، والاستصحاب ، ومقتضاه تنجّس الخلّ ، ولا تنصرف العمومات إلى مثل ذلك ، إلاّ أن يمنع عموم تنجّس كلّ ملاق للنجاسة ، كما أشير إليه.

د : لا شكّ في تنجّس الظرف الذي فيه الخمر قبل انقلابها‌ ، وأمّا بعده فإمّا طاهر بالتبعيّة كما قيل (١) ، أو نجس لا تسري نجاسته إلى الخلّ ، للعمومات ، حيث إنّ الخمر لا ينفكّ عن ظرف أبدا.

ولو لاقى جزء من الظرف الخمر قبل الانقلاب ، وكان حال الانقلاب خاليا عن الخمر ، لا يطهر هذا الجزء ، وتسري نجاسته إلى الخلّ لو لاقاه ، فلو ملأت قارورة أو دنّ (٢) خمرا ، ثمَّ أخذ منها شي‌ء وخلا رأس القارورة أو الدّنّ ، ثمَّ انقلب الباقي خلاّ ، يشترط في إخراج [ الخلّ ] (٣) عنه أن يكون بحيث لا يلاقي ذلك الجزء ، وإلاّ ينجس بملاقاته إيّاه ، والله العالم.

__________________

(١) انظر جامع المقاصد ١ : ١٨٠.

(٢) الدّنّ : كهيئة الحبّ. إلاّ أنّه أطول منه وأوسع رأسا ـ المصباح المنير : ٢٠١.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : الخمر ، والظاهر الصحيح ما أثبتناه.

٢٢٩

المسألة السادسة : ذهب جماعة ـ منهم : الشيخ في النهاية (١) والحلّي وفخر المحقّقين (٢) والشهيد في الدروس (٣) وصاحب التنقيح (٤) ـ إلى حرمة استئمان من يستحلّ العصير قبل ذهاب ثلثيه بعد الغليان في طبخه. وحكي عن الفاضل أيضا (٥). ولازمه عدم جواز شربه.

واستدلّ لهم بموثّقة ابن عمّار : عن الرجل من أهل المعرفة بالحقّ يأتيني بالبختج ويقول : قد طبخ على الثلث ، وأنا أعلم أنّه يشربه على النصف ، أفأشربه بقوله وهو يشربه على النصف؟ فقال : « لا تشربه » قلت : فرجل من غير أهل المعرفة ممّن لا نعرفه يشربه على الثلث ولا يستحلّه على النصف ، يخبرنا أنّ عنده بختجا قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه نشرب منه؟

قال : « نعم » (٦).

وصحيحة عمر بن يزيد : الرجل يهدي إليّ البختج من غير أصحابنا ، فقال : « إن كان ممّن يستحلّ المسكر فلا تشربه ، وإن كان ممّن لا يستحلّ شربه فاقبله » أو قال : « اشربه » (٧).

ولموثّقة الساباطي المتقدّمة في الدليل الثاني من أدلّة المحرّمين‌

__________________

(١) النهاية : ٥٩١.

(٢) الحلي في السرائر ٣ : ١٢٩ ، فخر المحقّقين في الإيضاح ٤ : ١٥٩.

(٣) الدروس ٣ : ١٧.

(٤) التنقيح ٤ : ٦٣.

(٥) انظر القواعد ٢ : ١٥٩.

(٦) الكافي ٦ : ٤٢٠ ـ ٤ ، التهذيب ٩ : ١٢٢ ـ ٥٢٤ ، الوسائل ٢٥ : ٢٩٢ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٧ ح ١.

٢٣٠

للعصير الزبيبي والتمري (١).

ويرد على الأوليين : عدم الدلالة على الحرمة ، لاحتمال الجملة الخبريّة ، مع أنّ الثانية مخصوصة بمن يستحلّ المسكر دون مطلق ما لم يذهب ثلثاه.

وعلى الثالثة : أنّها أخصّ من المدّعى ، إذ قد يكون الرجل مسلما ورعا مأمونا ولكن يستحلّ العصير قبل ذهاب الثلاثين لمسألة اجتهاديّة ، كصيرورته دبسا ، أو كونه ممّن لا يشترط الذهاب في غير العنبي ويطبخ لمن يشترطه فيه.

وعلى المجموع : بالمعارضة بعموم صحيحة علي المتقدّمة في الدليل الثاني المذكور أيضا (٢) ، وصحيحة ابن وهب المتقدّمة في المسألة الثالثة (٣) ، وبالأخبار الدالّة على أنّ كلّ ذي عمل مؤتمن في عمله ، وأنّ قول ذي اليد مقبول مطلقا ، وأنّ ما في أسواق المسلمين حلال لا يسأل عنه (٤).

فإذن القول بالجواز والحلّية ـ كما ذهب إليه جماعة ، منهم : المحقّق في الشرائع والنافع والفاضل في الإرشاد وصاحب الكفاية (٥) ـ هو الأقوى وإن كان مكروها ، لفتوى الجماعة.

__________________

(١) في ص : ٢٠١.

(٢) في ص : ٢٠١.

(٣) في ص : ١٨١.

(٤) انظر الوسائل ٣ : ٤٩٠ أبواب النجاسات ب ٥٠ ، وج ٢٥ : ٢٩٢ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٧ ، وص ٣٨١ ب ٣٨ ح ٣.

(٥) الشرائع ٣ : ٢٢٨ ، المختصر النافع : ٢٥٥ ، إرشاد الأذهان ٢ : ١١١ ، الكفاية : ٢٥٣.

٢٣١
٢٣٢

الباب الرابع

في أمور مرتبطة بالأطعمة والأشربة‌

وفيه فصلان‌ :

٢٣٣

الفصل الأول

في بعض الأحكام المتعلّقة بالمطاعم والمشارب‌

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : يجوز سقي الدواب وإطعامهم المسكر وسائر المحرّمات والمنجّسات على الأصحّ الأشهر ، للأصل ، والعمومات ، وحصر المحرّمات ، وعدم الدليل على التحريم.

نعم ، يكره ذلك ، لروايتي أبي بصير (١) وغياث (٢) المصرّحتين بأنّه يكره ذلك.

وعن القاضي : تحريمه (٣) ، ولعلّه لحمل الكراهة في الخبرين على الحرمة. ولا وجه له بعد كونها أعمّ بحسب اللغة.

المسألة الثانية : المعروف في كلامهم ـ كما في الكفاية (٤) ـ أنّه يحرم سقي الأطفال المسكر‌ ، وتدلّ عليه روايتا عجلان.

إحداهما : « من سقى مولودا مسكرا سقاه الله من الحميم وإن غفر له » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٩ : ١١٤ ـ ٤٩٧ ، الوسائل ٢٥ : ٣٠٩ أبواب الأشربة المحرّمة ب ١٠ ح ٥.

(٢) الكافي ٦ : ٤٣٠ ـ ٧ ، التهذيب ٩ : ١١٤ ـ ٤٩٦ ، الوسائل ٢٥ : ٣٠٨ أبواب الأشربة المحرّمة ب ١٠ ح ٤.

(٣) المهذّب ٢ : ٤٣٣.

(٤) الكفاية : ٢٥٣.

(٥) الكافي ٦ : ٣٩٧ ـ ٦ ، التهذيب ٩ : ١٠٣ ـ ٤٤٩ ، الوسائل ٢٥ : ٣٠٧ أبواب الأشربة المحرّمة ب ١٠ ح ٢.

٢٣٤

والثانية : « قال الله عزّ وجلّ : من شرب مسكرا أو سقاه صبيّا لا يعقل سقيته من ماء الحميم معذّبا أو مغفورا له » (١).

ورواية أبي الربيع الشامي ، وفيها ـ بعد السؤال عن الخمر ـ : « ولا يسقيها عبد لي صبيّا صغيرا أو مملوكا إلاّ سقيته مثل ما سقاه من الحميم يوم القيامة معذّبا بعد أو مغفورا له » (٢).

وهل يختصّ ذلك بالمسكر ، أو يتعدّى إلى سائر المحرّمات؟

ظاهر المحقّق الأردبيلي : الثاني ، حيث قال هنا : والناس مكلّفون بإجراء أحكام المكلّفين عليهم (٣). انتهى.

وفي ثبوت ذلك التكليف للنّاس مطلقا نظر ، ولا يحضرني الآن دليل على التعميم الموجب لتخصيص الأصل ، والله سبحانه هو العالم.

المسألة الثالثة : ذكر جماعة أنّه يكره أكل ما باشره الجنب أو الحائض وشربه إذا كانا غير مأمونين ، وكذا كلّ ما يعالجه من لا يتوقّى النجاسة ، والمتّهم بعدم الاجتناب عنها ، بل عن المحرّمات أيضا ، كالعاشر (٤) ونحوه (٥).

قال في الكفاية بعد نقل ذلك : ولا أعلم عليه دليلا إلاّ رواية مختصّة بالحائض (٦). انتهى.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٩٧ ـ ٧ ، الوسائل ٢٥ : ٣٠٨ أبواب الأشربة المحرّمة ب ١٠ ح ٣.

(٢) الكافي ٦ : ٣٩٦ ـ ١ ، الوسائل ٢٥ : ٣٠٧ أبواب الأشربة المحرّمة ب ١٠ ح ١.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٢٨٣.

(٤) التعشير : وهو أخذ العشر من أموال الناس بأمر الظالم ، ومنه العاشر ـ مجمع البحرين ٣ : ٤٠٤.

(٥) منهم المحقّق في الشرائع ٣ : ٢٢٨ ، العلامة في التحرير ٢ : ١٦١ ، والشهيد في الدروس ٣ : ١٧.

(٦) الكفاية : ٢٥٣.

٢٣٥

أقول : تكفي فتوى جمع من الفقهاء دليلا على الكراهة ، ولا فرق بين غلبة الظن بالنجاسة وعدمها على الأصحّ.

المسألة الرابعة : من شرب خمرا أو شيئا نجسا أو أكله فبصاقه طاهر ما لم يتغيّر بالنجاسة ، بلا خلاف يوجد ، للأصل ، وعدم دليل على تنجّس ما في الباطن بالملاقاة أصلا ، كما مرّ في كتاب الطهارة.

وقد يستدلّ له برواية أبي الديلم : رجل يشرب الخمر فيبزق ، فأصاب ثوبي من بزاقه ، فقال : « ليس بشي‌ء ولا يضرّ » (١).

وإن تغيّر وهو في الباطن لم يكن نجسا ما دام فيه على الأظهر ، لما مرّ.

فإن خرج وزال تغيّره في الباطن كان طاهرا ، وإن خرج متغيّرا فظاهر كلامهم نجاسته ، ولا دليل عليه ، إلاّ علم بالتغيّر وجود أجزاء من النجس فيه.

وإن اشتبه التغيّر يحكم بالطهارة مطلقا ، وإن اشتبه الزوال بعد التغيّر فيستصحب التغيّر حتى يعلم الزوال.

وحكم سائر ما يخرج من البواطن حكم البصاق ، مثل : الدمعة مع الاكتحال بالكحل النجس ، والنخامة مع التسعّط بالسعوط النجس ، وغير ذلك.

المسألة الخامسة : يكره الاستشفاء بالمياه الحارّة التي تشمّ منها رائحة الكبريت ويكون في الجبال ، بلا خلاف يوجد ، لرواية مسعدة بن صدقة : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الاستشفاء بالحميّات ، وهي العيون‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ١١٥ ـ ٤٩٨ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٧ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣٥ ح ١.

٢٣٦

الحارّة التي تكون في الجبال التي توجد فيها رائحة الكبريت ، فإنّها تخرج من فوح جهنم » (١).

والاستشفاء يعمّ الشرب والجلوس واستعمال آخر لأجل الشفاء.

وقال المحقّق الأردبيلي (٢) وصاحب الكفاية (٣) باحتمال كراهة مطلق الجلوس ، نظرا إلى العلّة المذكورة ، بل تعدّى بعضهم (٤) إلى مطلق الاستعمال ، لذلك.

ويمكن أن يقال : إنّ الخروج من فيح جهنم يمكن أن يمنع عن حصول الشفاء ولا يقدح في أمر آخر ، فلا يدلّ التعليل على التعميم ، ولذا قال في الفقيه : وأمّا ماء الحمات فإنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما نهى أن يستشفى بها ولم ينه عن التوضّؤ بها (٥).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٨٩ ـ ١ ، المحاسن : ٥٧٩ ـ ٤٧ ، الوسائل ١ : ٢٢١ أبواب الماء المضاف ب ١٢ ح ٣.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٢٨٩.

(٣) الكفاية : ٢٥٣.

(٤) كصاحب الرياض ٢ : ٣٠٠.

(٥) الفقيه ١ : ١٣ ـ ٢٤ ذ. ح.

٢٣٧

الفصل الثاني

في بعض الآداب المتعلّقة بالأكل والشرب

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : يستحبّ في الأكل أمور :

منها : غسل اليدين قبل الطعام وبعده ، للمستفيضة من الصحاح وغيرها ، المعلّلة لهما في بعضها : بأنّهما يوجبان السعة في الرزق والعافية في الجسد (١).

وفي آخر : بأنّهما ينفيان الفقر ويذهبان به (٢).

وفي ثالث : بأنّهما زيادة في العمر وإماطة للغمر عن الثياب ويجلو البصر (٣).

وفي رابع : بأنّهما يزيدان في الرزق (٤).

وفي خامس : بأنّ أوله ينفي الفقر وآخره ينفي الهمّ (٥).

وفي سادس : بأنّ الأول يكثر خير البيت (٦).

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٦٠١ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٨ أبواب آداب المائدة ب ٤٩ ح ١٥.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٢٦ ـ ١٠٦٠ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٧ أبواب آداب المائدة ب ٤٩ ح ١١.

(٣) الكافي ٦ : ٢٩٠ ـ ٣ ، المحاسن : ٤٢٤ ـ ٢٢٠ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٦ أبواب آداب المائدة ب ٤٩ ح ٦. والغمر : الدسم والزهومة من اللحم كالوضر من السمن ـ مجمع البحرين ٣ : ٤٢٨.

(٤) الكافي ٦ : ٢٩٠ ـ ٥ ، المحاسن : ٤٢٤ ـ ٢٢١ ، الخصال ١ : ٢٣ ـ ٨٢ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٥ أبواب آداب المائدة ب ٤٩ ح ٢.

(٥) الكافي ٦ : ٢٩٠ ـ ٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٥ أبواب آداب المائدة ب ٤٩ ح ٤.

(٦) الكافي ٦ : ٢٩٠ ـ ٤ ، المحاسن : ٤٢٤ ـ ٢١٧ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٥ أبواب آداب

٢٣٨

وفي سابع : بأنّهما يثبتان النعمة (١).

وفي ثامن : بأنّهما شفاء في الجسد ويمن في الرزق (٢).

وفي تاسع : بأنّهما ينفيان الفقر ويزيدان في العمر (٣).

وإطلاق النصوص والفتاوى يقتضي عدم الفرق بين كون الطعام مائعا أو جامدا ، وبين كونه ممّا يباشر باليد أو بآلة كالملعقة.

ويستحبّ أن يبدأ في الغسل الأول صاحب البيت يغسل يده ، ثمَّ يبدأ بعده بمن على يمينه ، ثمَّ على من يمينه ، إلى أن يتمّ الدور بمن على يساره ، وفي الغسل الثاني يبدأ بمن على يسار صاحب البيت ، ثمَّ بمن على يساره ، وهكذا إلى أن يختم به.

ودليل ذلك : روايتان في الكافي ، إحداهما مرسلة (٤) ، والأخرى رواية محمّد بن عجلان (٥) ، ولكنّهما لا تفيان بتمام المطلوب ، لأنّ الاولى وإن تضمّنت حكم البدأتين ـ كما مرّ ـ وحكم من بعدهما ، إلاّ أنّها لا تتضمّن حكم من بعد البعد ، ولكنّ الظاهر منها أنّ المراد ما ذكر ، والثانية وإن تضمّنت حكم البدأة الاولى ولكنّها لا تتضمن غيرها ، وقال في الغسل الثاني : « يبدأ بمن على يمين الباب » ، ومقتضى الجمع التخيير في البدأة الثانية بين من على يسار صاحب المنزل ومن عن يمين الباب.

والظاهر أنّ المراد بيمين الباب : يمين الداخل ، والمراد بالباب : باب‌

__________________

المائدة ب ٤٩ ح ٣ ، وانظر الحديثين ١٢ ، ١٣.

(١) المحاسن : ٤٢٤ ـ ٢١٨ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٦ أبواب آداب المائدة ب ٤٩ ح ٧.

(٢) المحاسن ٤٢٤ ـ ٢٢٢ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٧ أبواب آداب المائدة ب ٤٩ ح ٨.

(٣) المحاسن : ٤٢٥ ـ ٢٢٥ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٧ أبواب آداب المائدة ب ٤٩ ح ١٠.

(٤) الكافي ٦ : ٢٩٠ ـ ذيل الحديث ١ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤٠ أبواب آداب المائدة ب ٥٠ ح ٣.

(٥) الكافي ٦ : ٢٩٠ ـ ١ ، الوسائل ٢٤ : ٣٣٩ أبواب آداب المائدة ب ٥٠ ح ١.

٢٣٩

المجلس الذي جلسوا فيه ـ أي طريقه ـ وإن لم يكن له باب ، أو كانت له أبواب متعدّدة.

وهل المراد بصاحب البيت والمنزل هو صاحب الطعام كما فهمه الأصحاب ، أو خصوص صاحب المنزل وإن كان الطعام من غيره؟

مقتضى وضع اللفظ : الثاني ، إلاّ أنّ ظاهر التعليل في الرواية الثانية بقول : « لئلاّ يحتشم أحد » هو ما فهمه الأصحاب ، فعليه العمل.

وأمّا رواية الفضل : لمّا تغدّى عندي أبو الحسن عليه‌السلام وجي‌ء بالطست بدئ به عليه‌السلام وكان في صدر المجلس ، فقال عليه‌السلام : « ابدأ بمن على يمينك » فلمّا أن توضّأ واحد وأراد الغلام أن يرفع الطست فقال له أبو الحسن عليه‌السلام : « دعها واغسلوا أيديكم فيها » (١) فلا تنافي ما مرّ ، لأنّ الظاهر أنّه الغسل الثاني ، ومعنى قوله : بدئ به : أراد أن يبدأ به ، فأمر الغلام بالبدأة بمن على يمينه وهو يمين الباب.

وأمّا حملها على أنّ أبا الحسن عليه‌السلام كان صاحب الطعام فبدأ به ثمَّ بمن على يساره الذي هو يمين الغلام فينافي ما مرّ ـ كما وقع للمحقّق الأردبيلي (٢) ـ فلا وجه له ، لأنّ الظاهر من قوله : تغدّى عندي ، أنّه كان ضيفا للفضل ، مع أنّه على فرض ذلك يمكن أن يكون المراد : أنّه أراد أن يبدأ به فأمر بالبدأة بمن على يساره ، وهو يمين الغلام ، فيوافق الفرد الآخر من فردي التخيير الذي ذكرناه.

وهل المستحبّ غسل اليدين معا في الغسلين ، أو يكفي إحداهما المباشرة للطعام؟

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٩١ ـ ٣ ، التهذيب ٩ : ٩٨ ـ ٤٢٥ ، المحاسن : ٤٢٥ ـ ٢٢٨ ، الوسائل ٢٤ : ٣٤١ أبواب آداب المائدة ب ٥١ ح ٢.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٣٤١.

٢٤٠