مستند الشّيعة - ج ١٥

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٥

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
ISBN: 964-319-041-2
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤٩٠

خاصّة ، وبين مرسلة الفقيه المقتضية لحرمة ما لم تكن له قانصة ولا صيصيّة من طير الماء ، فتأمّل.

نعم ، يبقى التعارض ظاهرا بين ما دلّ على كفاية إحدى الثلاث في الحلّية كرواية ابن بكير ، وما دلّ على كفاية الحوصلة أو الصيصيّة فقط كموثّقة سماعة ومرسلة الفقيه ، وبين ما دلّ منطوقا أو مفهوما على حرمة ما لم تكن له القانصة ، ويجب تخصيص عموم الثاني بخصوص الأول ، أو يتعارضان فيرجع إلى الأصل ، وهو الإباحة ، كما عليها فتوى الجماعة.

وأمّا الجمع بين أخبار هذه العلامات الثلاث وبين أخبار الصفّ والدفّ والمخلب والمسخ فإنّما هو بما مرّ من موثّقة سماعة المصرّحة بأنّ الامتحان بهذه العلامات إنّما هو فيما لا يعرف طيرانه وكلّ طير مجهول ، وأمّا ما عرف ـ كذوي المخالب والمسوخ والصافّات ـ فلا يرجع فيه إلى تلك العلامات.

وأمّا بين أخبار الدفّ وأخبار المخلب والمسخ المتعارضين بالعموم من وجه فتخصّص المرجوحة منهما بالراجحة مع وجود المرجّح ، والرجوع إلى الأصل بدونه ، ولكن الإجماع على حرمة ذوي المخالب والمسوخ والصافّات مطلقا يرجّح الثانية.

وحاصل الجميع : حرمة ذوي المخالب والمسوخ والصافّات مطلقا ، سواء كان لها سائر العلامات أولا ، وحلّية الدافّات من غير ما ذكر كذلك ، وحرمة ما انتفت فيه العلامات الثلاث إذا كان مجهولا من حيث الطيران والسبعيّة ، وحلّية ما وجد فيه إحداها كذلك.

هذا مقتضى قاعدة الجمع بين الأخبار على فرض انفكاك العلامات بعضها عن بعض.

٨١

ولكن صرّح بعض المتأخّرين بأنّ الظاهر عدم الانفكاك (١) ، وقال الأردبيلي : بأنّ الانفكاك غير معلوم (٢) ، فلا طير ذا مخلب أو مسوخ أو صافّ تكون له إحدى علامات الحلّية ، ولا طير ذا حوصلة أو قانصة أو صيصيّة تكون له إحدى علامات الحرمة ، وهو المستفاد من كلام الحجج عليهم‌السلام ولا ينبئك مثل خبير.

ثمَّ إنّ جميع ما ذكر إنّما هو القاعدة الكلّية.

وقد وردت بخصوص بعض الطيور أيضا نصوص خاصّة حلاّ أو حرمة ، يجب اتّباعها لو لم يكن منه مانع من إجماع أو غيره ، سواء طابقت القاعدة أو خالفت أو اشتبه الأمر ، لخصوصيّتها.

ومنها ما وقع الإجماع على حلّيته وحرمته ، واختلفت في بعضها الأخبار والأقوال ، وها هي نذكرها في طيّ بعض المسائل الآتية.

المسألة الخامسة : قد عرفت حرمة الطاوس بخصوصه وحرمة الوطواط والزنابير‌ ، لكونها من المسوخات. وكذا يحرم الذباب والبقّ والبرغوث ، للإجماع ، وقيل : لخباثتها (٣). وفيه تأمّل.

المسألة السادسة : اختلفوا في الغراب على أقوال :

الحلّ مطلقا ، وهو للتهذيبين والنهاية والقاضي والنافع والكفاية والمحقّق الأردبيلي (٤).

__________________

(١) كما في الروضة البهية ٧ : ٢٧٩.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ١٧٨.

(٣) كما في الرياض ٢ : ٢٨٦.

(٤) التهذيب ٩ : ١٨ ـ ٧٢ ذ. ح ، الاستبصار ٤ : ٦٦ ـ ٢٣٨ ذ. ح ، النهاية : ٥٧٧ ، القاضي في المهذّب ٢ : ٢٤٩ ، المختصر النافع : ٢٥٢ ، الكفاية : ٢٤٩ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ١٧٢ ، ١٧٣.

٨٢

والحرمة كذلك ، وهو للخلاف والمختلف والإيضاح والروضة (١) ، ونسب إلى ظاهر المبسوط أيضا (٢) ، وعن الأول وظاهر الأخير الإجماع عليه.

والتفصيل بجعل الغربان أربعة : غراب الزرع الذي يأكل الحبّ ، وهو الصغير من الغربان السود ، الذي يسمّى الزاغ ، وفي مصباح المنير : إنّه بقدر الحمامة ، برأسه غبرة (٣).

والكبير من الغربان الذي يأكل الجيف ويفترس ويسكن الخرابات ، ويسمّى بالغداف ، بضمّ الغين المعجمة.

والأغبر الكبير الذي يفرس ويصيد الدرّاج.

والأبقع ، أي الأبلق الذي له سواد وبياض طويل الذنب ، ويسمّى بالعقعق.

فالحكم بالحلّ في الأول ، والحرمة في البواقي ، وهو مذهب الحلّي (٤) ، ونسب ذلك إلى التحرير والإرشاد واللمعة (٥) أيضا.

وبتقسيمها إلى الكبير الأسود الذي يسكن الجبال ويأكل الجيف ، والأبقع المذكور ، والزاغ المتقدّم ، ونوع آخر أصغر من الزاغ أغبر اللون كالرماد ، قيل : ويقال له : الغداف (٦). فالحكم بالتحريم في الأولين والحلّ‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٥٤١ ، المختلف : ٦٧٨ ، الإيضاح ٤ : ١٤٧ ، الروضة ٧ : ٢٧٧.

(٢) المبسوط ٦ : ٢٨١.

(٣) المصباح المنير : ٢٦٠.

(٤) السرائر ٣ : ١٠٣.

(٥) تحرير الأحكام ٢ : ١٦٠ ، اللمعة ( الروضة ٧ ) : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، الإرشاد ٢ : ١١٠‌

(٦) كما في المفاتيح ٢ : ١٨٦.

٨٣

في الأخيرين ، نسب إلى المبسوط وبعض كتب الفاضل (١).

وبتقسيمها إلى ثلاثة : غراب الزرع ، والأبقع ، والأسود الكبير الذي يسكن الجبال. والحكم بالحلّ في الأول ، والحرمة في الثاني.

دليل الأول : الأصل ، والعمومات (٢) ، وخصوص موثّقة زرارة الصحيحة ، عن أبان المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه : « إنّ أكل الغراب ليس بحرام إنّما الحرام ما حرّم الله في كتابه ، ولكنّ الأنفس تتنزّه عن كثير من ذلك تقزّزا » (٣).

وجعل هذه الموثقة شاذّة ، لتضمّنها الحكم بحلّ كل ما لم يحرّمه القرآن وهو فاسد إجماعا.

فاسد جدّا ، إذ كلّ ما يحكم بحرمته في غير القرآن لا بدّ وأن يكون في القرآن أيضا وإن لم نعرفه ، لأنّ فيه تبيان كلّ شي‌ء ، وما فرّطنا فيه من شي‌ء ، ولكن علمه عند الراسخين فيه ، فإذا حكم الإمام بحلّية شي‌ء يعلم أنّه ليس في القرآن [ تحريمه ] (٤) سلّمنا غايته أن يكون عامّا مخصوصا بالسنّة ، ومثله ليس بعزيز ، ولا يلزم خروج الأكثر ، لتصريح الكتاب بحرمة الخبائث (٥) الغير المحصورة أو المعلومة أنواعها ، والرجس الشامل لجميع النجاسات المأمور باجتنابه الشامل للأكل (٦) ، ومال الغير بدون التراضي (٧) ،

__________________

(١) المبسوط ٦ : ٢٨١ ، الفاضل في قواعد الأحكام ٢ : ١٥٦.

(٢) انظر الوسائل ٢٤ : ١٢٥ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٧.

(٣) التهذيب ٩ : ١٨ ـ ٧٢ ، الاستبصار ٤ : ٦٦ ـ ٢٣٧ ، الوسائل ٢٤ : ١٢٥ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٧ ح ١.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٥) الأعراف : ١٥٧.

(٦) المائدة : ٩٠.

(٧) النساء : ٢٩.

٨٤

ومال اليتيم (١) ، والميتة والدم ولحم الخنزير (٢) ، والخمر (٣) ، وما أهلّ لغير الله وما لم يذكر اسم الله عليه والمنخنقة وما تعقّبها (٤) ، ولم يعلم كون ما عدا ذلك من المحرّمات أكثر نوعا من هذه المذكورات ، سلّمنا ولكن خروج جزء من الحديث عن الحجّية لا يوجب خروج غيره عنها.

ودليل الثاني : المستفيضة من الروايات :

كصحيحة علي : عن الغراب الأبقع والأسود أيحلّ أكلهما؟ قال : « لا يحلّ أكل شي‌ء من الغربان زاغ ولا غيره » (٥).

والنبويّ : إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اتي بغراب فسمّاه فاسقا فقال : « والله ما هو من الطيّبات » (٦).

ومرسلة الفقيه : « لا يؤكل من الغربان زاغ ولا غيره » (٧).

ورواية أبي يحيى الواسطي : عن الغراب الأبقع ، فقال : « إنّه لا يؤكل » وقال : « من أحلّ لك الأسود؟! » (٨).

ورواية أبي إسماعيل : عن بيض الغراب فقال : « لا تأكله » (٩).

__________________

(١) الإسراء : ٣٤.

(٢) المائدة : ٣.

(٣) المائدة : ٩٠.

(٤) المائدة : ٣.

(٥) الكافي ٦ : ٢٤٥ ـ ٨ ، مسائل علي بن جعفر : ١٧٤ ـ ٣١٠ ، الوسائل ٢٤ : ١٢٦ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٧ ح ٣.

(٦) غوالي اللئالي ٣ : ٤٦٨ ـ ٢٧.

(٧) الفقيه ٣ : ٢٢١ ـ ١٠٢٧.

(٨) الكافي ٦ : ٢٤٦ ـ ١٥ ، التهذيب ٩ : ١٨ ـ ٧١ ، الاستبصار ٤ : ٦٥ ـ ٢٣٥ ، الوسائل ٢٤ : ١٢٦ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٧ ح ٤.

(٩) الكافي ٦ : ٢٥٢ ـ ١٠ ، التهذيب ٩ : ١٦ ـ ٦٢ ، الوسائل ٢٤ : ١٢٦ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٧ ح ٥.

٨٥

مع ما يدلّ على تبعيّة بيض الحيوان للحمه في الحلّ والحرمة (١).

ودليل المفصّلين : إمّا الجمع بين الأخبار ، أو عدّ قسميه اللذين يأكلان الجيف من الخبائث ، أو جعل ما حكموا بحرمته من السباع.

أقول : أمّا الجمع بين الأخبار بذلك فهو كما صرّح به في المسالك (٢) غير متّجه ، لأنّه جمع بلا وجه ولا شاهد.

وأمّا العدّ من الخبائث فهو في حيّز المنع ، وأكل الجيفة لا يوجبه ، ومطلق تنفّر النفس لا يستلزمه ، كما يستفاد من موثّقة زرارة المذكورة.

وأمّا جعل بعضها من السباع دون بعض والتفصيل لأجله فإنّما يتمّ لو لا تماميّة دليل أحد القولين الأولين ، وإلاّ فيكون دليله أخصّ مطلقا ، فيجب الحكم إمّا بحلّية الجميع أو حرمته ، مضافا إلى أنّه لو كان كذلك لما حسن الاقتصار على السبعيّة وعدمها ، بل يجب الرجوع إلى جميع العلامات المتقدّمة.

ومنه يظهر سقوط الأقوال المفصّلة وبقي الأولان ، أمّا الثاني فغير الصحيحة من أدلّته والنبوي غير دالّة على الحرمة ، لاحتمال الكلّ للجملة الخبريّة ، والنبويّ ـ لكونه ضعيفا ـ ليس بحجّة ، مع أنّه لا عموم فيه البتّة ، لكونه قضية في واقعة ، فلم تبق إلاّ الصحيحة ، وهي تعارض الموثّقة التي هي للأولين حجّة ، فالمحرّمون رجّحوا الاولى بالأصحّية والاعتضاد بالروايات المتأخّرة والإجماعات المحكيّة واحتمال الثانية للحمل على التقيّة ، والمحلّلون رجّحوا الثانية بالأصرحيّة ، لأنّ عدم الحلّية في الأولى‌

__________________

(١) الوسائل ٢٥ : ٨١ أبواب الأطعمة المباحة ب ٤٠ ، وج ٢٤ : ١٥٤ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٠.

(٢) المسالك ٢ : ٢٤٠.

٨٦

أعمّ من الحرمة ، لصدقه أيضا مع الكراهة ، ولو سلّم الاختصاص فالموثّقة قرينة لها على إرادة الكراهة ، سيّما مع اشتمالها على تنزّه الأنفس ، والقرينة الأخرى موثّقة غياث : إنّه كره أكل الغراب لأنّه فاسق (١).

أقول : مرجّحات الأولين ضعيفة ، لأنّ الأصحّية والمطابقة لحكاية الإجماع لم يثبت كونهما من المرجّحات ، سيّما مع كون المعارض أيضا ممّا صحّ عمّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، والروايات الأخر ـ بعد عدم دلالتها على الحرمة ـ لا تصلح للمعاضدة ، والحمل على التقيّة فرع ثبوت مذهب العامّة في المسألة ، وهي بعد عندنا غير معلومة ، بل ولا مظنونة ، مع أنّ في المسالك نسب التفصيل إلى بعض العامّة (٢).

وكذا المرجّح الأخير للطائفة الثانية ، لأنّ الكراهة في الصدر الأول تصدق أيضا على الحرمة.

نعم ، ما ذكروه ـ من صلاحيّة [ الموثقة ] (٣) للقرينة على إرادة الكراهة لو قلنا بكون عدم الحلّية مساوقة للحرمة ـ في غاية الجودة.

فإذن الأجود : عموم الحلّية ، ولكنّ الاحتياط رفع اليد عن تلك الأدلّة ومتابعة العلامات المتقدّمة من المخلب والطيران والحوصلة والقانصة والصيصيّة.

المسألة السابعة : اختلف الأصحاب في الخطّاف ـ كرمّان ـ وهو الذي يقال له في الفارسية : پرستوك ، فعن النهاية والقاضي والحلّي القول‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ١٩ ـ ٧٤ ، الاستبصار ٤ : ٦٦ ـ ٢٣٨ ، علل الشرائع : ٤٨٥ ـ ١ ، الوسائل ٢٤ : ١٢٥ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٧ ح ٢.

(٢) المسالك ٢ : ٢٤٠.

(٣) في النسخ « الصحيحة » والصحيح ما أثبتناه.

٨٧

بالحرمة (١) ، بل عن الأخير عليه دعوى الإجماع.

لرواية الرقّي : بينا نحن قعود عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ مرّ رجل بيده خطّاف مذبوح ، فوثب إليه أبو عبد الله عليه‌السلام حتى أخذه من يده ، ثمَّ دحا به الأرض ، ثمَّ قال عليه‌السلام : « أعالمكم أمركم بهذا أم فقيهكم؟ لقد أخبرني أبي عن جدّي : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن قتل الستّة ، منها : الخطّاف » الحديث (٢).

ونحوها الأخرى ، إلاّ أنّ فيها مكان قوله : « منها الخطّاف » : « النحلة والنملة والضفدع والصرد والهدهد والخطّاف » (٣).

وصحيحة جميل الواردة في الخطّاف : « يا بنيّ لا تقتلهنّ ولا تؤذهنّ ، فإنّهنّ لا يؤذين شيئا » (٤).

والمرويّ في الخصال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : نهي عن أكل الصرد والخطّاف » (٥).

وعن المفيد والنافع (٦) وعامّة المتأخّرين (٧) بل أكثر الأصحاب مطلقا :

__________________

(١) النهاية : ٥٧٧ ، القاضي في المهذب ٢ : ٤٢٩ ، الحلّي في السرائر ٣ : ١٠٤.

(٢) الكافي ٦ : ٢٢٣ ـ ١ ، الوسائل ٢٣ : ٣٩٢ أبواب الصيد ب ٣٩ ح ٢.

(٣) التهذيب ٩ : ٢٠ ـ ٧٨ ، الاستبصار ٤ : ٦٦ ـ ٢٣٩ ، الوسائل ٢٤ : ١٤٧ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ١٧ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ٢٢٤ ـ ٣ ، الوسائل ٢٣ : ٣٩١ أبواب الصيد ب ٣٩ ح ١.

(٥) الرواية طويلة ، وهي في الخصال : ٢٠٨ ـ ٣٠ مقطوعة ، ونقلها الصدوق كاملة في عيون أخبار الرضا « ع » ١ : ١٨٨ ـ ١ ، الوسائل ٢٤ : ١٤٨ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ١٧ ح ٣.

(٦) حكاه عن المفيد في المختلف ٢ : ٦٧٨ ، المختصر النافع : ٢٥٢.

(٧) منهم المحقق في الشرائع ٣ : ٢٢١ ، العلاّمة في المختلف ٢ : ٦٧٨ ، الشهيد الأول في اللمعة ٧ : ٢٨٢ ، الشهيد الثاني في الروضة البهية ٧ : ٢٨٣ ، صاحب الرياض ٢ : ٢٨٥.

٨٨

الحلّية.

للأصل ، والعمومات (١) ، وكونه من الدافّات غير ذي مخلب ، كما يدلّ عليه قوله في صحيحة جميل : « فإنّهنّ لا يؤذين شيئا » ، وكون ذرقه طاهرا (٢) ، وإلاّ لحصل الإيذاء ، لعموم البلوى بهنّ ، وهو يستلزم الحلّية عند جماعة.

وموثّقة الساباطي : عن الخطّاف قال : « لا بأس به ، وهو ممّا يحلّ أكله ، لكن كره لأنّه استجار بك ووافى منزلك ، وكلّ طير يستجير بك فأجره » (٣).

والأخرى : عن الرجل يصيب خطّافا في الصحراء أو يصيده أيأكله؟

فقال : « هو ممّا يؤكل » ، وعن الوبر يؤكل؟ قال : « لا ، هو حرام » (٤).

والمرويّ في المختلف عن كتاب عمّار : « خرء الخطّاف لا بأس به ، وهو ممّا يحلّ أكله ، ولكن كره لأنّه استجار بك » (٥).

وهو الأقوى ، لما ذكر ، وضعف أدلّة الحرمة ، لأنّ النهي عن القتل في الصحيحة إنّما هو في الحرم كما هو صريح صدرها ، فيمكن أن يكون ذلك لأجل الحرم. وفي الرواية للمرجوحيّة قطعا ، لوروده على أشياء لا يحرم قتلها إجماعا ، فالحمل على الحرمة يستلزم استعمال اللفظ الواحد في‌

__________________

(١) الوسائل ٢٥ : ٩ أبواب الأطعمة المباحة ب ١.

(٢) كذا في النسخ ، والظاهر لزوم تقديم قوله : « وكون ذرقه طاهرا » على قوله : كما يدلّ عليه ..

(٣) التهذيب ٩ : ٨٠ ـ ٣٤٥ ، الوسائل ٢٣ : ٣٩٣ أبواب الصيد ب ٣٩ ذ. ح ٥.

(٤) التهذيب ٩ : ٢١ ـ ٨٤ ، الاستبصار ٤ : ٦٦ ـ ٢٤٠ ، الوسائل ٢٣ : ٣٩٤ أبواب الصيد ب ٣٩ ح ٦ ، وج ٢٤ : ١٤٨ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ١٧ ح ٢.

(٥) المختلف : ٦٧٩.

٨٩

الحقيقة والمجاز. وكذا في رواية الخصال ، مع أنّ حرمة القتل لا تستلزم حرمة الأكل إلاّ إذا قلنا بأنّ النهي في مطلق المعاملات يدلّ على الفساد.

نعم ، قد تستفاد حرمة الأكل من صدر الرواية ، حيث إنّه لولاها لما جاز أخذها من يد مالكها وإلقاؤها على الأرض ، لأنّه إتلاف لمال محترم.

ولكن يمكن أن يقال : مطلق الأخذ والإلقاء ليس إتلافا ومنعا عن الأكل ، ولعلّه فعل ذلك ابتداء حتى ينبّهه على مرجوحيّة القتل والأكل وإن أخذها مالكها بعد من الأرض وأكلها ، فهذا القدر هو لأجل الكراهة.

وعلى هذا ، فلا معارض لأخبار الحلّية ، وعلى فرض التعارض يرجع إلى أصل الإباحة.

نعم ، يكره وفاقا للجماعة ، للتصريح بها في بعض الأخبار المتقدّمة.

المسألة الثامنة : قال جماعة من الأصحاب بكراهة الهدهد (١) ، بضمّ الهاءين وسكون الدال الاولى ، ويقال له بالفارسيّة : شانه سر.

والقبّرة ، بالباء الموحّدة المشدّدة المفتوحة بعد القاف المضمومة وقبل الراء المهملة المفتوحة ، وورد في رواية الجعفري (٢) : قنبرة ، بالنون الساكنة بعد القاف المضمومة وقبل الباء الموحّدة المفتوحة ، فجعلها من لحن العامّة ـ كما في المسالك والروضة (٣) ـ غير جيّد ، وهي بالفارسيّة : چلو ، وعلى رأسها خصلة شعر ، كما في رواية الجعفري أيضا.

والصرد ـ بالمهملات ، كرطب ـ طائر ضخم الرأس والمنقار يصيد‌

__________________

(١) منهم المحقق في الشرائع ٣ : ٢٢١ ، العلاّمة في القواعد ٢ : ١٥٦ ، الشهيد الأول في اللمعة ( الروضة ٧ ) : ٢٨١.

(٢) الكافي ٦ : ٢٢٥ ـ ٤ ، الوسائل ٢٣ : ٣٩٦ أبواب الصيد ب ٤١ ح ٤.

(٣) المسالك ٢ : ٢٤١ ، الروضة ٧ : ٢٨٣.

٩٠

العصافير ، ويقال : إنّه نقّار للأشجار.

والصوّام ـ بالمهملة ، كرمّان ـ طائر أغبر اللون ، طويل الرقبة ، أكثر ما يبيت في النخل.

والشقراق ، بفتح الشين المعجمة وكسر القاف وتشديد الراء ، وكقرطاس ، ما يقال له بالفارسيّة : سبزمرغ.

والفاختة ، وهو ما يقال له في بعض بلاد الفرس : قوقو.

والحبارى كسكارى ، يقال له بالفارسيّة : هبرة.

أمّا إباحة الجميع فللإجماع ، والعلامات ، والأصل ، والعمومات.

مضافة في الفاختة إلى الاندراج تحت حدّ الحمام المنصوص على حلّيته.

وفي الحبارى إلى رواية مسمع : عن الحبارى ، قال : « وددت أن يكون عندي منه فآكل حتى أتملّأ » (١).

ورواية نشيط : « لا أرى بأكل الحبارى بأسا » (٢).

وأمّا الكراهة فلفتوى الجماعة والشهرة.

مضافة في القبّرة إلى رواية الجعفري : « لا تأكلوا القبّرة ولا تسبّوها ولا تعطوها الصبيان يلعبون بها ، فإنّها كثيرة التسبيح لله سبحانه ، وتسبيحها : لعن الله مبغضي آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٣).

وفي رواية أخرى : « لا تقتلوا القنبرة ولا تأكلوا لحمها » (٤).

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٠٦ ـ ٩٤٠ ، التهذيب ٩ : ١٧ ـ ٦٩ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٨ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢١ ح ٢.

(٢) الكافي ٦ : ٣١٣ ـ ٦ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٧ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢١ ح ١.

(٣) الكافي ٦ : ٢٢٥ ـ ١ ، التهذيب ٩ : ١٩ ـ ٧٧ ، الوسائل ٢٣ : ٣٩٥ أبواب الصيد ب ٤١ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ٢٢٥ ـ ٣ ، الوسائل ٢٣ : ٣٩٦ أبواب الصيد ب ٤١ ح ٣.

٩١

وفي الصرد إلى رواية الخصال المتقدّمة ، وفي غير الأخيرين إلى النهي عن القتل (١).

وفي ثبوت كراهة الأكل بعد القتل نظر ، كما في إثبات كراهة أكل الفاختة بروايتي حفص (٢) وأبي بصير (٣) الدالّتين على شؤمها ودعائها على أرباب البيت.

المسألة التاسعة : يحلّ الحمام من غير كراهة إجماعا‌ ، له ، ولرواية الرقّي : « لا بأس بأكل الحمام المسرول » (٤).

وفي رواية أخرى : « أطيب اللحمان لحم فرخ حمام » (٥).

ثمَّ الحمام جنس لكلّ مطوّق من الطيور ، أو ما عبّ الماء ، أي يشربه من غير مصّ كما تمصّ الدواب ، بل يأخذه بمنقاره قطرة قطرة.

فيدخل فيه القمري ـ بضم القاف وسكون الميم وكسر الراء ـ وهو الحمام الأزرق ، ولعلّه ما يقال له بالفارسيّة : كبوتر چاهي.

والدبسي ـ بضمّ الدال ـ وهو الحمام الأحمر.

والورشان ـ بالتحريك ـ وهو الحمام الأبيض.

وتدخل فيه الفواخت أيضا ، والحبارى ، والحجل ـ بفتح الحاء المهملة ثمَّ الجيم ـ وفي القاموس : إنّه الذكر من القبح ، بسكون الباء‌

__________________

(١) الوسائل ٢٣ : ٣٩٤ ، ٣٩٧ أبواب الصيد ب ٤٠ و ٤٣.

(٢) الكافي ٦ : ٥٥١ ـ ١ ، الوسائل ١١ : ٥٢٨ أبواب أحكام الدواب ب ٤١ ح ١.

(٣) الكافي ٦ : ٥٥١ ـ ٣ ، الوسائل ١١ : ٥٢٨ أبواب أحكام الدواب ب ٤١ ح ٢.

(٤) الكافي ٦ : ٣١٢ ـ ٢ ، المحاسن : ٤٧٥ ـ ٤٧٧ ، الوسائل ٢٥ : ٤٦ أبواب الأطعمة المباحة ب ١٦ ح ٢.

(٥) الكافي ٦ : ٣١١ ـ ٢ ، الفقيه ٣ : ٢١٣ ـ ٩٩٠ ، التهذيب ٩ : ٤٩ ـ ٢٠٤ ، الاستبصار ٤ : ٧٩ ـ ٢٩١ ، الوسائل ٢٤ : ١٨٩ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٣٨ ح ١.

والمسرولة : أي في رجليها ريش ـ مجمع البحرين ٥ : ٣٩٦.

٩٢

الموحّدة بعد القاف المفتوحة وقبل الجيم ، معرّب : كبك (١) ، وفي المهذّب : إنّ الحجل نوع من القبح.

ويدخل فيه أيضا الدرّاج كرمّان.

والقطاة ، وهي بالفارسيّة : صفر ، وفسّره في كنز اللغة بـ :سنگخواره.

والطيهوج ، طائر من طيور الماء طويل الرجلين والعنق ، كذا قاله الشهيد الثاني (٢) ، وفي الكنز : إنّه تيهو.

والدجاج ـ بتثليث الدال ، والفتح أشهر ـ وهو معروف.

والكروان ـ بفتح الكاف والراء ـ ما يقال له بالفارسيّة : ما هي خواره.

والكركي ـ بضمّ الكاف ـ وهو بالفارسيّة : كلنگ.

والصعوة ـ بفتح الصاد وسكون العين ـ واشتهرت بالفارسيّة بـ :برف‌چين.

ويدلّ على حلّ بعض هذه بعض الأخبار أيضا ، ففي رواية محمّد بن حكيم : « أطعموا المحموم لحم القباج ، فإنّه يقوّي الساقين ويطرد الحمّى طردا » (٣).

وفي مرفوعة السيّاري : « من سرّ أن يقلّ غيظه فليأكل لحم الدرّاج » (٤).

وفي رواية عليّ بن مهزيار : تغدّيت مع أبي جعفر عليه‌السلام فأتي بقطاة ، فقال : إنّه مبارك وكان أبي يعجبه ، وكان يقول : أطعموه صاحب اليرقان‌

__________________

(١) القاموس المحيط ٣ : ٣٦٦.

(٢) كما في الروضة البهية ٧ : ٢٨٨.

(٣) الكافي ٦ : ٣١٢ ـ ٤ ، الوسائل ٢٥ : ٤٩ أبواب الأطعمة المباحة ب ١٨ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ٣١٢ ـ ٣ ، المحاسن : ٤٧٥ ـ ٤٧٨ ، الوسائل ٢٥ : ٥٠ أبواب الأطعمة المباحة ب ١٨ ح ٣.

٩٣

يشوى له ، فإنّه ينفعه » (١).

وروى الطبرسي في المجمع : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأكل الدجاج (٢).

وورد : أنّ الدجاج الجلاّلة تربط ثلاثة أيّام ثمَّ تؤكل ، والبطّة تربط خمسة أيّام ثمَّ تؤكل (٣).

وصرّح الشهيد الثاني بورود النصّ على الحجل والطيهوج والكروان والكركي والصعوة أيضا (٤) ، إلاّ أنّا لم نقف على نصّ فيها بعد.

المسألة العاشرة : لا خلاف بين أصحابنا في أنّ طير البحر ـ كالبطّ والإوزّة وغيرهما ـ كطير البر في اندراجه تحت القواعد الكلّية المتقدّمة ، المثبتة للحلّ والحرمة ، ومساواته له فيما ينصّ عليه ، لإطلاق أخبار العلامات ، بل تنصيص بعضها بأنّ طير الماء مثل ذلك كما مرّ (٥) ، ولمرسلة الفقيه المتقدّمة في المسألة الاولى من الفصل الأول (٦).

وفي رواية زكريّا بن آدم : عن دجاج الماء ، قال : « إذا كان يلتقط غير العذرة فلا بأس » (٧).

وفي حسنة [ نجيّة ] (٨) بن الحارث : عن طير الماء وما يأكل السمك منه يحلّ؟ قال : « لا بأس به كلّه » (٩).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣١٢ ـ ٥ ، الوسائل ٢٥ : ٤٩ أبواب الأطعمة المباحة ب ١٨ ح ٢.

(٢) مجمع البيان ٢ : ٢٣٦.

(٣) الكافي ٦ : ٢٥١ ـ ٣ ، التهذيب ٩ : ٤٦ ـ ١٩٢ ، الاستبصار ٤ : ٧٧ ـ ٢٨٥ ، الوسائل ٢٤ : ١٦٦ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٨ ح ١.

(٤) المسالك ٢ : ٢٤١.

(٥) في ص : ٧٩ و ٨٠.

(٦) راجع ص : ٦١.

(٧) الفقيه ٣ : ٢٠٦ ـ ٩٤١ ، الوسائل ٢٤ : ١٦٥ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٧ ح ٥.

(٨) في النسخ : جنّة ، والصحيح ما أثبتناه ، كما في التهذيب والوسائل.

(٩) الفقيه ٣ : ٢٠٦ ـ ٩٣٩ ، التهذيب ٩ : ١٧ ـ ٦٨ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٨ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٢ ح ١.

٩٤

ومقتضاها : حلّية مطلق طير الماء وإن كان مثله حراما في البرّ ، إلاّ أنّه يقيّد بما مرّ ، وكذا مقتضاها حلّية ما يأكل منه السمك.

قيل : الظاهر أنّها محمولة على التقيّة ، إذ لا قائل بمضمونها من الأصحاب (١).

فإن أراد به حكمها بحلّية مطلق الطير فلا بأس به.

وإن أراد حكمها بحلّية ما يأكل السمك ، فإن كان نظره إلى أنّ ما يأكل اللحم من طيور البرّ حرام عند الأصحاب ففيه نظر ، لما عرفت في الصرد وأنّه يصيد العصافير.

وإن كان أنّ الأصحاب صرّحوا بحرمة ما يأكل السمك فلم نقف على تصريح من الأصحاب به.

المسألة الحادية عشرة : البيض تابع للمبيض ، فيحلّ بيض ما يؤكل لحمه ويحرم ممّا لا يؤكل ، بلا خلاف فيه يعرف ، بل مطلقا كما قيل (٢). وظاهر الكفاية وعن صريح الغنية الإجماع عليه (٣) ، ولعلّه محقّق أيضا ، فهو الحجّة فيه ، مضافا إلى الخبرين المتقدّمين في بيض السمك (٤).

وأمّا ما في المستفيضة المعتبرة من حلّية ما اختلف طرفاه مطلقا وحرمة ما تساويا كذلك ، كصحيحة محمّد : « إذا دخلت أجمة فوجدت بيضا فلا تأكل منه إلاّ ما اختلف طرفاه » (٥).

__________________

(١) قال في المسالك ٢ : ٢٤١ .. ونبّه المصنّف بتخصيصه على خلاف بعض العامة حيث ذهب إلى حلّه كلّه كحيوانه.

(٢) انظر الرياض ٢ : ٢٨٦.

(٣) الكفاية : ٢٤٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٨.

(٤) في ص : ٧٠.

(٥) الكافي ٦ : ٢٤٨ ـ ١ ، التهذيب ٩ : ١٥ ـ ٥٧ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٤ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٠ ح ١.

٩٥

وزرارة : البيض في الآجام ، فقال : « ما استوى طرفاه فلا تأكل ، وما اختلف طرفاه فكل » (١).

ورواية مسعدة : « كل من البيض ما لم يستو رأساه » وقال : « ما كان من بيض طير الماء مثل بيض الدجاج وعلى خلقته أحد رأسيه مفرطح ، وإلاّ فلا تأكل منه » (٢).

أقول : المفرطح ماله عرض في استدارة.

وصحيحة ابن سنان : عن بيض طير الماء ، فقال : « ما كان منه مثل بيض الدجاج » يعني على خلقته « فكل » (٣).

فهي وإن كانت بإطلاقها أو عمومها شاملة لبيض كلّ طير ، إلاّ أنّ الأصحاب حملوها على صورة اشتباه البيض أنّه من أيّ طير لا مطلقا ، كما هو ظاهر مورد الصحيحين الأولين.

وصريح رواية أبي الخطّاب : عن رجل يدخل الأجمة فيجد فيها بيضا مختلفا لا يدري بيض ما هو ، أبيض ما يكره من الطير أو يستحب؟ فقال : « إنّ فيه علما لا يخفى ، انظر إلى كلّ بيضة تعرف رأسها من أسفلها فكل ، وما سوى ذلك فدعه » (٤).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٤٩ ـ ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٠٥ ـ ٩٣٦ ، التهذيب ٩ : ١٦ ـ ٦٠ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٥ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٠ ح ٤.

(٢) الكافي ٦ : ٢٤٩ ـ ٤ ، التهذيب ٩ : ١٦ ـ ٦١ ، قرب الإسناد : ٤٩ ـ ١٦٠ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٥ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٠ ح ٥.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٠٦ ـ ٩٤٢ ، التهذيب ٩ : ١٥ ـ ٥٩ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٤ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٠ ح ٢.

(٤) الكافي ٦ : ٢٤٩ ـ ٣ ، التهذيب ٩ : ١٥ ـ ٥٨ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٥ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٠ ح ٣.

٩٦

وابن أبي يعفور : إنّي أكون في الآجام فيختلف عليّ البيض فما آكل منه؟ فقال : « كل منه ما اختلف طرفاه » (١).

وظاهر الروايتين اعتقاد السائل الكلّية الأولى انتفاء وثبوتا ، وأنّ المشتبه له حكم البيض المشتبه ، فهاتان الروايتان ـ مضافتين إلى ظاهر الإجماع المحقّق والمحكيّ ـ شواهد على الحمل المذكور ، مضافا إلى كون الروايتين المثبتتين للكلّية الأولى أخصّ مطلقا من تلك الإطلاقات أو العمومات ، لاختصاصهما بالبيض المعلوم حال مبيضة وعموم غيرهما له وللمشتبه ، فمقتضى القاعدة التخصيص.

هذا على تقدير انفكاك الضابطين وإمكان تعارضهما ، وأمّا على تقدير ثبوت التلازم بينهما ـ كما يستفاد من رواية أبي الخطّاب ـ فيرتفع الإشكال رأسا.

وممّا ذكر ظهر حكم المشتبه من البيض أيضا ، فيرجع إلى الكلّية الثانية من ملاحظة الطرفين ، والظاهر أنّه لا خلاف فيه أيضا كما صرّح به بعضهم (٢) ، وعليه الإجماع عن الغنية (٣) ، وتدلّ عليه الروايات المذكورة.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٢٤٩ ـ ٥ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٦ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٠ ح ٦.

(٢) كصاحب الرياض ٢ : ٢٨٦.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٨.

٩٧

الفصل الثالث

في غير الطير من الحيوانات البرّيّة من الأهليّة والوحشيّة

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : السباع حرام مطلقا ، سواء كانت قويّة أو ضعيفة ، بلا خلاف فيه يعرف ، أو مطلقا كما في الكفاية (١) وشرح المفاتيح وغيرهما (٢) ، بل مجمع عليه كما في شرح الإرشاد للأردبيلي (٣) ، وعن الخلاف والغنية (٤) وغيرهما من كتب الجماعة (٥) ، بل بالإجماع المحقّق ، فهو فيه الحجّة ، مضافا إلى المستفيضة المعتبرة المتقدّمة في مسألة سباع الطير (٦).

وأمّا بعض الأخبار الدالّة على انحصار الحرام فيما حرّمه الله في القرآن (٧) فهي عامّة بالنسبة إلى الأخبار المتقدّمة ، فبها مخصّصة ، وعلى فرض التساوي فإمّا مؤوّلة ، أو محمولة على التقيّة لموافقتها في المورد للعامّة (٨) ، أو مطروحة لمخالفتها الجماعة.

__________________

(١) الكفاية : ٢٤٨.

(٢) انظر الرياض ٢ : ٢٨٣.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ١٦٦.

(٤) الخلاف ٢ : ٥٣٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٨.

(٥) كما في كشف اللثام ٢ : ٨٣.

(٦) في ص : ٧٣.

(٧) انظر الوسائل ٢٥ : ٩ أبواب الأطعمة المباحة ب ١.

(٨) انظر المغني والشرح الكبير ١١ : ٦٧ ، صحيح مسلم بشرح النووي ١٣ : ٨٢.

٩٨

ثمَّ السبع هو المفترس من الحيوانات بطبعه أو للأكل كما في القاموس (١) ، أو هي التي لها أنياب أو أظفار يعدو بها على الحيوان ويفترسه ، وقد يوجدان معا في السبع ، كما في الأسد والسنّور.

والناب من الحيوان : السنّ الذي يفترس به ، ومن الإنسان ما يلي الرباعيّات.

وقد يقال : إنّ السبع هو الذي يأكل اللحم (٢). والكلّ متلازمة على الظاهر.

ثمَّ من السباع من غير الطيور : الأسد والنمر والفهد والذئب والكلب والدبّ ، وهي من أقويائها ، والثعلب والضبع والسنّور وابن آوى ، وهي من ضعفائها ، ويصرّح بكون السنّور سبعا بعض الروايات : « إنّ في كتاب علي عليه‌السلام أنّ الهرّ سبع » (٣).

ومنهم من عدّ منها الأرنب ، وتدلّ عليه رواية العلل : « وحرّم الأرنب لأنّها بمنزلة السنّور ، ولها مخالب كمخالب السنّور وسباع الوحش فجرت مجراها » إلى أن قال : « لأنّها مسخ أيضا » (٤).

المسألة الثانية : يحرم من الحيوانات المسوخات أيضا ، بلا خلاف فيها يعرف كما في الكفاية (٥). وفي شرح المفاتيح : إنّ عليه عمل الأصحاب. بل بالإجماع ، فهو الدليل عليه ، مضافا إلى المستفيضة بل‌

__________________

(١) القاموس المحيط ٣ : ٣٧.

(٢) كما في بداية المجتهد ١ : ٤٦٨.

(٣) الكافي ٣ : ٩ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٢٢٧ ـ ٦٥٥ ، الوسائل ١ : ٢٢٧ أبواب الأسآر ب ٢ ح ٢.

(٤) علل الشرائع : ٤٨٢ ـ ١ ، الوسائل ٢٤ : ١٠٩ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢ ح ١١.

(٥) الكفاية : ٢٤٨.

٩٩

المتواترة معنى المتقدّمة كثيرة منها في مسألة مسوخ الطير (١).

ثمَّ من المسوخات : الفيل والذئب والأرنب والوطواط والقردة والخنازير والجرّيث والضبّ والفأرة والعقرب والدبّ والوزغ والزنبور والدبى ـ وهو شي‌ء يشبه الجراد ـ ذكرها كلاّ سوى الأخير في رواية محمّد بن الحسن الأشعري (٢).

وتدلّ عليه في الفيل رواية الحسين بن خالد ، وفي القردة والخنزير والدبّ رواية المفضّل ، وفي القرد رواية العيون المتقدّمة جميعا في مسألة مسخ الطير (٣) ، وفي الأرنب رواية العلل المذكورة في المسألة السابقة ، وفي الضبّ والفأرة والقردة والخنازير حسنة الحلبي (٤) ، وفي القردة والخنازير والوبر والورل رواية الكلبي النسّابة (٥).

والوبر ـ بسكون الباء ـ دويبة على قدر السنّور ، غبراء أو بيضاء ، حسنة العينين ، لا ذنب لها ، شديدة الحياء ، حجازيّة.

والورل ـ محرّكة ـ دابّة كالضبّ أو العظيم من أشكال الوزغ ، طويل الذنب ، صغير الرأس.

وفي الأخير : موثّقة الساباطي : في الذي يشبه الجراد وهو الذي يسمّى الدبى ، ليس له جناح يطير به إلاّ أنّه يقفز قفزا أيحلّ أكله؟ قال : « لا يؤكل ذلك ، لأنّه مسخ » (٦).

__________________

(١) راجع ص : ٧٤.

(٢) المتقدمة في ص : ٧٦.

(٣) في ص : ٧٥.

(٤) الكافي ٦ : ٢٤٥ ـ ٥ ، التهذيب ٩ : ٣٩ ـ ١٦٣ ، الوسائل ٢٤ : ١٠٤ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢ ح ١.

(٥) المتقدمة في ص : ٦٧.

(٦) التهذيب ٩ : ٨٢ ـ ٣٥٠ ، الوسائل ٢٤ : ٨٩ أبواب الذبائح ب ٣٧ ح ٧.

١٠٠