غاية المأمول من علم الأصول - ج ١

الشيخ محمّد تقي الجواهري

غاية المأمول من علم الأصول - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد تقي الجواهري


المحقق: مجمع الفكر الإسلامي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: الظهور
الطبعة: ١
ISBN: 964-5662-79-6
الصفحات: ٧١٩
الجزء ١ الجزء ٢

أكبوا على التحصيل والليل دامس

فليل السرى في صبحه يحمد المسرى

ولا تهنوا ما استسخر الناس فيكم

فمن قبلكم بالمصطفى سخروا جهرا

وجدوا وان جد الزمان واهله

عليكم فإن الحر من خاصم الدهرا

ولا تهنوا ان حقرتكم بهيمة

على تبنها تجثوا وتحتقر التبرا

فذا الملك الروحي يبسط نفسه

إذا سرتم من تحت أقدامكم فخرا

ولا غرو أن الجنس يألف جنسه

وإن بغاث الطير لا تألف الصقرا

* * *

فيا حاملي وقر الرسالة بلغوا

رسالاتكم في الله واحتسبوا العمرا

ولا تتشكوا اليتم فاليتم ذلة

عليكم وان أنتم فقدتم أبا برا

فباب علوم المصطفى الطهر حيدر

أبوكم لكم من فيضه حكم تترى

فخوضوا بحار العلم بالعزم واطعموا

ولو كسرات الخبز وائتدموا الصبرا

فإن جمال الحر أثواب فضله

ترف نقيات وإن لبس الطمرا

وأحيوا نفوسا غالها الجهل غرة

بماء حياة من بحار بني الزهرا

عسى أن تؤدوا للفضيلة حقها

وان تنتجوا مثل الرضا سيدا حبرا

أرى روحه رفت عليكم بحفلكم

تحوم كطير ممسيا ألف الوكرا

تناجيكم لطفا وعطفا كعهدها

بني اخلعوا ثوب الأسى والبسوا الصبرا

ولا تتشكوا ظلمة الليل حالكا

فإني تركت المرتضى عندكم بدرا

إذا اقفرت بعدي رياض ذوي النهى

وأمحل روض الفضل فاض لكم بحرا

أبا حسن عفوا فلست بشاعر

يغرّد في ألحانه للورى شعرا

وما كان ترك النظم مني ترفّعا

ولكن صرف العمر في غيره أحرى

ولكن جعلت الشّعر فيك وسيلة

لإخماد نار القلب فاضطربت جمرا

وإن هزّ ذا الحفل المهيب استعاده

فمن قدرك السامي استمد له قدرا

ولست أعزّي فيه شخصا وإنما

أعزي الهدى طرّا وآل الهدى طرا

فكل أخي فضل من الوجد واجم

تعبّر عن آلامه مقل عبرا

٤١

وله يرثي ابن عمه الشيخ باقر ابن الشيخ محمد حسن ابن الشيخ جواد الجواهري قوله :

نفس سمت بك ما بين الورى عظما

ضاقت بها الأرض فاجتازت سما فسما

ضاقت بصدر عظيم ضمّها سعة

فيه وضم إليها الهمّ والهمما

فاضت لتعتاض عن ضيق المدى سعة

وكي تفارق من آلامها السقما

لم تلف بعد حماها منك متسعا

لها سوى رحمة الباري فسيح حمى

أنعاك حزنا لناد كنت بهجته

وكنت عقدا بزاهي صدره انتظما

أضحى وقد غبت عنه موحشا عطلا

وإن تحلى بأهل الفضل وازدحما

ساد الوجوم على أكنافه رهبا

وفاض حزنا وغصّت ساحه ألما

يكاد يفصح بالآلام قاسية

جماده وتفيض العين منه دما

في كلّ بضعة أيّام له علم

طوعا لأمر المنايا يقتفي علما

أنعاك للهمّة الشمّاء والخلق ال

سامي وللعفة البيضاء يدا وفما

وللرّجاحة في نهج نهجت به

وللنزاهة في نفس سمت شمما

أنعاك للصفوة الأمجاد يثكلهم

بك القضاء على رغم بما حكما

وفوا وواسوك حتى لو يتاح لهم

لضاجعوا مثلك الأحجار والرخما

ما غمضت عين فرد منهم سنة

إلّا انتقشت له في عينه حلما

الله أكبر ما وافاك من رجل

ترعى الأخوة بعد الموت والذمما

تزور كل أخي ود برقدته

لترفع الحزن عن أحشاه مبتسما

فتستمران في انس وفي مرح

حتى كأن الردى ما حال بينكما

* * *

أنعاك حزنا لأم كنت سلوتها

عمّا إليها من الأحزان قد رسما

كيف استطاعت نواك اليوم راغمة

ولم تكن قبل تسطيع النوى رغما

وكان جلّ مناها أن تهيل بكف

يك التراب على جثمانها برما

٤٢

وأن تسير وقورا في جنازتها

وأن تقيم عليها مأتما وجما

عوّدتها البر حتى أنها طمعت

بأن تبرّ بها حيا ومخترما

آلت عليك بوجد الأمّ ثاكلة

وبالرضاع الذي غذتكه قسما

بأن تعود ولو يوما لرؤيتها

حتى تودّع منك المجد والكرما

* * *

أبا محمد أستحفيك مسألة

جاشت بقلبي فأورت وجده ضرما

هل أنت في عالم غضّ عرجت له

كعالم رحت عنه تشتكي البرما

شاع النفاق به بين الورى خلقا

والغدر والجور والتدليس فيه نما

هذا يداهن في أعماله وثنا

وذا يراوغ في أقواله صنما

وذاك يرغب في الألقاب فارغة

وذاك يضمر حقدا في حشاه طمى

فلا يغذيه إلّا لحم صاحبه

ولا ترويه إلّا من أخيه دما

ما ضمه الحفل إلّا قام منتقدا

ولا تمكن إلّا قام منتقما

وضع على عكس ما جاء النبي به

من التحابب والتأليف قد وسما

فمن تعاطاه في لذاته نعما

ومن تحاشاه من لذاته حرما

وضع منى كل فذ أن يفارقه

لو احرز العفو عمن كان مجترما

فافخر بأنك قد خالفته خلقا

واهنأ بأنك قد فارقته سئما

* * *

أبا محمد أضحى الموت مكرمة

فافخر بأنك قد عجلته قدما

واهنأ بأنك قد جاورته ملكا

بالعدل والعطف والاحسان متّسما

واهنأ بأنك قد فارقت مجتمعا

برغبة الغرب أضحى جمعه قسما

هذا بقومية يدعو لتفرقة

وذا برأي ستالين قد اعتصما

وذاك يزعم ان الدين آخره

لولاه حط على الجوزا له قدما

وذاك يزعم ان القرد كان له

جدا تطور عنه خلقة وسما

٤٣

والقرد يفضله نفسا وان هو قد

دعاه جدا فحق القرد قد هضما

فالقرد لم يجد الباري وحكمته

ولا تقلب في نعمائه وعمى

يا قادة الدين والاصلاح ان لنا

بكم منار هدى يستأصل الظلما

ما ذا السكوت وكف الغرب نحوكم

مدت لتستأصل الاسلام مغتنما

وله يرثي الإمام السيد أبو الحسن الاصفهاني قوله :

خطب وكل خطير بعده هانا

خطب أسال لعين الدين انسانا

خطب كسا الدين من أهواله بززا

سودا وأقرح للايمان اجفانا

فتلك واعية الاسلام قارعة

في كل آن لنا بالنوح آذانا

تنعى أبا الحسن الهادي وقد وجمت

لفرط فادحه شيبا وشبانا

تنعاه في أعين تهمي وأفئدة

جوفاء ليس ترى إلاه سكانا

وقائل لي اقصر والدموع دم

فشاهد الحال أقوى منك برهانا

يا راحلا بز هذا العيد بهجته

فعاد يوم حداد عم دنيانا

عايدت ربك يوم العيد مبتهجا

وصافحت يدك البيضاء رضوانا

كأن رضوان يوم العيد محتفل

في الخلد حين ذكت روحا وريحانا

وقد دعا اولياء الله كلهم

وحيث إنك منهم سرت عجلانا

يا راحلا بجميل الصبر اصغ لنا

سمعا وإن كان لا يجديك نجوانا

فلت عرى الدين وانهدت جوانبه

غداة لبيت داعي الحق جذلانا

وهيئة بحماها طالما سهرت

عيناك للدين ترعاها وترعانا

عزت عليك بأن تمسي مشتتة

أيدي سبا بعد جهد منك أزمانا

يا راحلا ترك الألباب ذاهلة

وكم برغم جميل الصبر أبكانا

قد شيعت نعشك الأبصار شاخصة

إليك مدهوشة شجوا واحزانا

هذي الأرامل والأيتام قانطة

وكم ترى ابن سبيل ظل حيرانا

بعدت عنهم زمانا ثم عدت لهم

على الرءوس وقد ادرجت اكفانا

٤٤

عدوا إلى النعش يستوفون حاجتهم

إذ كنت عوّدتهم برّا وإحسانا

وكدت تقضي على الأعناق بغيتهم

عطفا وعطفك لا يحتاج تبيانا

لذاك أعوال بالتكبير صارخهم

ومدّ نحوك طرف اليأس خذلانا

عجبت كيف أقلّت نعشه فئة

وفيه أودع «حكم الله» ثهلانا

نعش بمن فيه قد طال السماء على

إذ قد أكنّ رواسي العلم أكنانا

لكن رأيت بعين الحقّ قد هبطت

لهم ملائكة الرحمن أعوانا

وكم ترى فئة والحزن يغمرها

برفع نعشك إسرارا وإعلانا

قد أيقنت أنّ بيت الله مرتفع

برفعه وأوان الحجّ قد حانا

فأحرمت وبه طافت ملبّية

وبادرت لاستلام منه أركانا

حسرى الرءوس سعت قد أشعرت بدم

الآماق أبدانها للنعش قربانا

وكم رمت جمرات من حشاشتها

وهرولت دهشة من عظم ما كانا

تالله ما دار يوما قطّ في خلدي

أبقى فأنعاك بل تبقى فترعانا

ما القبر واراك إذ واراك منفردا

وإنّما جدث واراك وارانا

وإن يغب عن عيون الناس منك سنا

فالبدر يشرق فوق الأرض أحيانا (١)

وممّا قاله في رثاء المرجع الديني الشيخ محمّد رضا آل ياسين في الفاتحة المقامة على روحه :

على الرغم من عين الشريعة أن ترى

وقد فقدت عين الرضا بعد محجرا

فتبيضّ ثكلى حيث أودى سوادها

وتفترّ ثرّى تذرف الدمع أحمرا

وبالرغم منّي أن أقوم مؤبّنا

بمحفلك الزاكي وتمسي معفّرا

ولكنّما الرحمن خارك وافدا

وكان قضاء الله حتما مقدّرا

__________________

(١) شعراء الغري ٧ : ٣٣٨ ـ ٣٤٥.

٤٥

أبا الحسن الزاكي وهاتيك كنية

يهشّ لها ما كرّرت مسمع الورى

لقد هتف الناعي بفقدك معولا

فذابت حشى الدين الحنيف تزفّرا

هوى عمد الدين الحنيف وأصبحت

علوم بني يس واهية العرى

وأظلم محراب الصلاة ولم يزل

بطلعتك الغرّاء في الليل مزهرا

وأيتمت أهل العلم طرّا لأنّهم

رأوك أبا برّا ، وأوحشت منبرا

فكلّ وقور سار حيران خاشعا

أسى يتمنى قبله السمع موقرا

إذا جرّ من أعماق أحشاه زفرة

عليك ظننّا قلبه قد تفزّرا

يسائل همسا كيف أيتمنا الردى

وكيف يخلّي غابه أسد الشرى

وساد على الناس الوجوم فلا ترى

سوى مدمع عن فادح الخطب عبّرا

كأنّهم قد بعثروا من قبورهم

فكان لهم يوم ارتحالك محشرا

حفاة عراة لا يرون وسيلة

سوى النعش فانثالوا على النعش حسّرا

* * *

فيا شعلة العرفان يا قبس الهدى

وشيخ رعاة الدين قولا ومزبرا

نهضت بعبء الدين حيّا وميّتا

وأسهرت في حفظ الشريعة محجرا

فربيت للدين الحنيف فطاحلا

ليمسوا إذا أغمضت للدين مفخرا

فأنهلتهم من منهل الفضل صافيا

وغذّيتهم من معدن العلم جوهرا

* * *

اليك أتت تسعى على الرأس رغبة

زعامة دين الله خاضعة الذرى

أتت تتوخّى منك شيخا محنّكا

لروّاد دين الله وردا ومصدرا

فألفتك عنها معرض الطرف غير أن

تشيّد معروفا وتنكر منكرا

ولجت بها كرها وسرعان ما لها

تركت نقيّ الذيل طهرا مطهّرا

فلا الدرهم المبيضّ تعرق كفّه

عليه ولا الدينار يغريه أصفرا

٤٦

فأنت زعيم الدين حقا ولم تزل

لقطب رحى فقه الشريعة محورا

فوا أسفا كيف استقلّ بك الثرى

ووا عجبا كيف استطاب لك الكرى

* * *

يصوّرك الإيمان والعلم والنهى

وفي كلّ قلب لا تزال مصوّرا

فما ريشة الفنان تقوى بفنّها

على رسم شيء غير ما كان مظهرا

وليس لها حظّ بتمثيل طبعه

وأخلاقه مهما تجلّى وأسفرا

وكامرة الإيمان إن مثّلت فتى

تجلّى بها ما كان أبدى وأضمرا

* * *

أيتّحد المظروف والظرف مرّة

وقد كان أمرا مستحيلا مقرّرا

فكيف مثال الدين واروه حسرة

فشقّوا بقلب الدين للدين مقبرا

* * *

أبن لي أبا التبيان فالفكر حائر

وكم كنت عن فكري تميط التحيّرا

لمن أتلقى بالعزاء ولا أرى

سوى كبد حرّى وطرف تفجّرا

أنا الثاكل الولهان والكلّ ثاكل

أذو الثكل يرجى أن يكون مصبّرا

ولكنّني أنحو بشعري معزّيا

مؤسس هذا المذهب الحقّ جعفرا

* * *

فيا حسنا في كلّ خلق وخصلة

وما الشبل إن ضاهى العفرنى مقصّرا

يمينا بأن الرزء ما خصّ واحدا

ولكنّه رزء به اشترك الورى

فكلّ أخي فضل توسمه ترى

من الوجد في أحشائه مثل ما ترى

أخيّ أسل من محجر العين عبرة

وخفّف بها من نار وجدك ما ورى

فإنّا أسلنا ذائب القلب عبرة

قريضا فما خفّ المصاب ولا سرى

فإن لم نكن نسطيع صبرا فإنّنا

على الرغم منّا نستطيع التصبّرا

فإن حجبت شمس الهدى عنك بغتة

قليل الدجى بالمرتضى عاد مقمرا

قد انتهلا من بحر آل محمّد

إلى أن أفاضا للشريعة أبحرا

* * *

٤٧

أخيّ جمال الدين (١) غرّدت بلبلا

وسامرت في نظم الدراريّ عبقرا

ولكن أهجت الليث من عقر غابه

فعفوا إذا ما الليث بالنقد أصحرا

عهدتك ذا لبّ دقيق وفطنة

وأنّك لا ترعى من الشيء مظهرا

فما الأزهر المغري الفتى غير أنّه

بزبرجة الألفاظ قد صار أزهرا

فكم طالب منّا وقد حلّ مصرهم

تسنّم في تلك المعاهد منبرا

فأصبح استاذ المعاهد عندهم

يرون له ما ليس في حلم يرى

وإنّ (أتى زيد) إذا كنت منصفا

أعفّ وأغلى من (تذوّقت مزهرا)

فإنّ ينابيع المعارف عندنا

ومنّا لهم بعض الينابيع قد جرى

إذا أمحلوا استسقوا بطه وهيكل

وإنّا لنستسقى أبا الغيث حيدرا

* * *

وممّا قاله في رثاء الإمام الحسين عليه‌السلام ، وقد تلقفها الخطباء لقراءتها على المنابر الحسينيّة :

دعاني فوجدي لا يسليه لائمه

ولكن عسى يشفيه بالدمع ساجمه

ولا تكثرا لومي فربّ مولّه

(أعقّ خليليه الصفيين لائمه)

فما كلّ خطب يحمد الصبر عنده

ولا كلّ وجد يكسب الأجر كاتمه

فإن ترعيا حقّ الإخاء فأعولا

معي في مصاب أفجعتنا عظائمه

غداة أبو السجاد قام مشمّرا

لتشييد دين الله إذ جدّ هادمه

ورام ابن ميسون على الدين إمرة

فعاثت بدين الله جهرا جرائمه

__________________

(١) اشارة إلى الشاعر الكبير السيّد مصطفى جمال الدين الذي ألقى قصيدة في الفاتحة المقامة على روح المرجع الديني الشيخ محمّد رضا آل ياسين حيث فضّل الأزهر الشريف بدراسته ونظمه على دراسة حوزة النجف الأشرف ونظمها ودعا إلى التأسي فمما قاله :

هلا تکونون من مصر وازهرها

کما یکون من السلسال منبعه

أم لا فنحن اناس عمرنا سفه

ان لم نکن بـ (أتی زيد) نضيّعه

٤٨

فقام مغيثا شرعة الدين شبل من

بصمصامه بدءا أقيمت دعائمه

وحفّ به (إذ محص الناس) معشر

نمته إلى أوج المعالي مكارمه

فمن أشوس ينميه للطعن حيدر

وينميه جدا في قرى الطير هاشمه

ورهط تفانى في حمى الدين لم تهن

لقلته بين الجموع عزائمه

إلى ان قضوا دون الشريعة صرّعا

كما صرّعت دون العرين ضراغمه

أراد ابن هند خاب مسعاه ان يرى

حسينا بأيدي الضيم تلوى شكائمه

ولكن أبى المجد المؤثل والإبا

له الذل ثوبا والحسام ينادمه

أبوه عليّ وابنة الطهر أمّه

وطه له جدّ وجبريل خادمه

إلى ابن سمّي وابن ميسون ينثني

يمد يدا والسيف في اليد قائمة

فصال عليهم صولة الليث مغضبا

وعسّاله خصم النفوس وصارمه

فحكّم في أعناقهم نافذ القضاء

صقيلا فلا يستأنف الحكم حاكمه

إلى أن أعاد الدين غضا ولم يكن

بغير دماء السبط تسقى معالمه

فإن يك إسماعيل أسلم نفسه

إلى الذبح في حجر الذي هو راحمه

فعاد ذبيح الله حقا ولم يكن

تصافحه بيض الضبا وتسالمه

فإن ـ حسينا ـ أسلم النفس صابرا

على الذبح في سيف الذي هو ظالمه

ومن دون دين الله جاد بنفسه

وكلّ نفيس كي تشاد دعائمه

ورضّت قراه العاديات وصدره

وسيقت على عجف المطايا كرائمه

فإن يمس فوق الترب عريان لم تقم

له مأتما تبكيه فيه محارمه

فأي حشى لم يمس قبرا لجسمه

وفي أي قلب ما اقيمت مآتمه

وهب دم يحيى قد غلا قبل في الثرى

فإن حسينا في القلوب غلا دمه

وإن تر قدما مذ دعا بخت نصر

بثارات يحيى واستردّت مظالمه

فليس دماء السبط تهدأ قبل ان

يقوم بإذن الله للثار (قائمة)

أبا صالح يا مدرك الثار كم ترى

وغيضك وار غير أنك كاظمه

وهل يملك الموتور صبرا وحوله

يروح ويغدو آمن السرب غارمه

٤٩

أتنسى أبيّ الضيم في الطف مفردا

تحوم عليه للوداع (فواطمه)

أتنساه فوق الترب منفطر الحشا

تناهبه سمر الردى وصوارمه

وربّ رضيع أرضعته قسيّهم

من النبل ثديا درّه الثر فاطمه

فلهفي له مذ طوّق السهم جيده

كما زيّنته قبل ذاك تمائمه

ولهفي له لمّا أحس بحرّه

وناغاه من طير المنية حائمه

هفا لعناق السبط مبتسم اللمى

وداعا وهل غير العناق يلائمه

ولهفي على أم الرضيع وقد دجى

عليها الدجى والدوح ناحت حمائمه

تسلل في الظلماء ترتاد طفلها

وقد نجمت بين الضحايا علائمه

فمذ لاح سهم النحر ودّت لو انها

تشاطره سهم الردى وتساهمه

أقلته بالكفين ترشف ثغره

وتلثم نحرا قبلها السهم لاثمه

وأدنته للنهدين ولهى فتارة

تناغيه ألطافا واخرى تكالمه

بني أفق من سكرة الموت وارتضع

بثديك علّ القلب يهدأ هائمه

بني فقد درّا وقد كضك الظما

فعلّك يطفى من غليلك ضارمه

بني لقد كنت الانيس لوحشتي

وسلواي إذ يسطو من الهم غاشمه (١)

وقد كان رحمه‌الله معروفا بالتواريخ الشعرية ، فمما قاله :

١ ـ تاريخ مدرسة السيّد البروجردي في كربلاء فقال :

زعامة الحسين (٢) لم تنصرم

عنّا برغم الموت أيّامها

شيّدها مدرسة غضة

بعلم أهل البيت أحكامها

قد أعلن التاريخ في أنها

رفّت بنصر الله (٣) أعلامها (١٣٨٣ ه‍)

__________________

(١) نشرها السيّد عبد الرزاق المقرم في كتابه مقتل الحسين عليه‌السلام : ٥١٧.

(٢) إشارة إلى المرجع الكبير السيد البروجردي حيث كان اسمه السيّد حسين.

(٣) إشارة إلى سماحة الوجيه الكبير الحاج الشيخ نصر الله الخلخالي الذي كان وكيلا للسيد البروجردي رحمه‌الله.

٥٠

وفي سفرة إلى كربلاء كنت مع الشيخ الوالد رحمه‌الله ، فاحتجنا إلى تجديد الوضوء من أجل زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام وأخيه أبي الفضل العباس عليه‌السلام فدخلنا مدرسة السيّد البروجردي رحمه‌الله وقد حانت من الشيخ الوالد التفاتة فرأى البيت الأول والثالث قد كتبا على أحد جدران المدرسة بالكاشي ، فقال لي : لقد وقعوا في خطأ كبير فإن البيت الأول كان في الزعامة الدينية للسيد البروجردي ، واما البيت الثاني فكان راجعا إلى مدرسته التي أنشأ التاريخ لها والبيت الثالث تاريخ بناء المدرسة ، ولكن بحذفهم البيت الثاني فقد أرجعوا التاريخ إلى الزعامة الدينية ، وهو خطأ واضح.

٢ ـ تاريخ الشيخ «محمد جواد» ابن الشيخ حسن «كاتب هذه السطور» الذي ولد سنة (١٣٩٨ ه‍) فقال في تاريخه :

بزغ الجواد محمد ربّ الهدى

غيظ العدى فيض الهدى وأخو الندى

من معشر فاقوا الورى بعلومهم

طابت ولادتهم وطابوا محتدا

هذي جواهرهم وبحر علومهم (١)

لا تنتهي أبدا وليس لها مدى

مذ أشرقت أنواره أرّخته

«بزغ الجواد محمد ربّ الهدى»

(١٣٩٨ ه‍)

٣ ـ تاريخ جامعة النجف الدينية «في النجف الأشرف» :

قم وهنّي سبط النبي محمد

من بعين الإله دام مؤيد

شكر الله سعيه فاياديه

على الدين لا تزال تجدّد

قد بنى في الغري جامعة للعلم

تهوي بها الملائك سجّد

فبها فقه جعفر شعّ نورا

عن نبي الهدى عن الله يسند

__________________

(١) إشارة إلى أنه متولد من أب جواهري وأم من آل بحر العلوم وهي كريمة الحجة السيد موسى بحر العلوم رحمه‌الله تعالى.

٥١

عمّرتها كفّ اتفاق ببذل

والتقى إن يضف له المال يرشد

خلّدته الدنيا بآثاره الغرّا

وأخراه في الجنان مخلّد

ورجال الإله من جاد با

لمال بدنياه كي بأخراه يسعد

فهي باب إلى علوم عليّ

وهو باب الهدى إلى علم أحمد

فازه وافخر بها وأرّخ (بلطف

أسسها كفّ التقي محمد)

(١٣٨٢ ه‍)

٤ ـ تاريخ وفاة آية الله العظمى الشيخ عبد الرسول الجواهري قدس‌سره والد المترجم له :

بوركت من بقعة قدس زهت

فخرا بأنوار الهدى والندى

ومن ضريح بثرى طيبه

عبد الرسول الطهر قد وسدا

ضم رواسي العلم في طيّه

والزهد والتقوى به الحدا

جواهر العلم به نظّمت

وجوهر الكون به نضّدا

ضم فتى أثكل في فقده

المنبر والمحراب والمسجدا

وأثكل الأسحار في نغمة

عنها سماء الغفران لن توصدا

ضريح قدس جاء تاريخه

(غاب به رسول آل الهدى)

(١٣٨٧ ه‍)

٥ ـ تاريخ وفاة آية الله العظمى الشيخ ميرزا باقر الزنجاني قدس‌سره :

مصاب باقر مصاب فادح

أثكلت العلم به يد القضاء

مضى نقيّ التوب ملء برده

عفافه فاسودّ للزرء الفضا

قد شغر المنبر من تدريسه

وايتمت ذووا العلوم مذ مضا

بمنتهى الأسى عليه أعولوا

وأرخوه «باقر العلم قضى»

(١٣٩٤ ه‍)

٥٢

ومما وجدناه بخطه الشريف يخاطب شخصا قد أرسل له رسالة فيجيبه عليها وقد آثرنا نشرها لما فيها من النصح والموعظة لمن أركن إلى الدنيا يقول فيها :

وافت رقيمتك الشهية دارنا

وبمنظر منها اخوك ومسمع

فرأيت فيها الذكريات سوانحا

من صاحب جمّ المكارم أروع

أبدى بها شوقا واني عاجز

عن أن أبثّ إليه أشواقا معي

* * *

وافت وقد غصّت بوسع رحابها

داري باضيافي الكرام ومربعي

فمن الرجال ثلاثة في خمسة

ومن النساء ثلاثة في أربع (١)

عذرا إذا أخرت عنك جوابها

والاعتذار متى اعتذرت مشيفعي

* * *

يا أحمدا بحميد سيرته العلى

هتفت وفرط ذكاه غاظ الأصمعي

اسمع مقالة ناصح واعمل بها

فالنصح نصح أخ كريم طيّع

إن الزمان تغيّرت ابناؤه

وتمزلقت بسرابه المتوقع

زعموا بأن الدين أكسد سوقه

فيئوب رائده بكفّ بلقع

ولووا إلى الدنيا أعنة خيلهم

مستهزءين بسجّد وبركّع

لمحت لهم ميساء أدلت برقعا

وسرت بافئدة صباة ولّع

حتى إذا سكنوا لها محجوبة

كشفت لهم ما تحت ذاك البرقع

فتطلّعت شوهاء نكرى كشّرت

أنيابها عن وخز سمّ منقع

ومذ انجلت ظلم القتامة أعربت

عنهم وهم صرعى باشنع مصرع

لا ألفينك خائضا في جمعهم

فالداء يسري من مراحل أربع

__________________

(١) يبدو أن الرسالة كانت مع جماعة وردوا على دار المترجم له (١٥) رجلا و (١٢) امرأة.

٥٣

حاشاك إن الدين آل محمد

أملا بمثلك موطدا لم يقطع

شمّر له عن ساعديك وكن له

الحصن الحصين وكن باشرف موقع

إني وإن خصصت شخصك قائل

إياك أعني ويا جويرتي اسمعي

ووجدنا بخطه الشريف هذه الأبيات في مدح الإمامين العسكريين في سامراء فقال :

لكم في محكم الذكر الثناء

مدح تقصر عنها الشعراء

آية التطهير فيكم نزلت

تثبت العصمة ما فيها مراء

ولكم في آية القربى على

مسلح الكون وداد وولاء

جدكم طه أبوكم حيدر

أمّكم فاطم إن عدّ النساء

خيرة الله من الخلق هم

ولهم انتم نتاج ونماء

* * *

ارض سامراء يا أرض الحمى

طبت من أرض تفدّيها السماء

ضمنت قبر علي وابنه

الحسن الزاكي فنالت ما تشاء

أين من مصرك في ملكه

وله فيك ازدهار وازدهاء

أين من اجرى بك انهاره

وسرى من جنده فيه انتشاء

أين قصر الفاسق الفضّ الذي

عكف الفن عليه والبناء

أين منك الوزرا والأمراء

وبيوت الخلفا والخلفاء

فإذا الكل تراب هامد

وإذا من عمّر الدنيا هباء

وإذا قبر عليّ شامخ

قصرت عن شأوه حتى السماء

يسجد التبر على أعتابه

خاشعا يعلوه ذلّ وازدراء

يلثم الترب لكي يقبله

من حمى الهادي ويرضاه فناء

* * *

٥٤

وكان مما عثرنا عليه بخطّه الشريف مهنئا نجله الشيخ حسن «كاتب هذه السطور» عند زواجه :

حسن الخلق يا ربيب العباقر

وحليف النهى وجمّ المآثر

خذ تهانيّ من ولاء صميم

يتهادى إليك من كلّ خاطر

وافتخر أن تكون من بيت علم

أتحف الناس كلّها بالجواهر

أنت رمز البيت العظيم فجدّد

بمعاليك كل رسم داثر

أحي ذكرى الأجداد بالجد وانهل

علم آل الهدى وجدّ وثابر

* * *

فعليك الآمال تعقد فارفق

برجاها وحز رضاها وجاهر

وتجمّل بالعلم والحلم والدين

فحسن الفتى بحسن المشاعر

شخصت نحوك العيون فاحسن

ظنّها واعطها مناها الباهر

طبت جدا ووالدا فحريّ

أن ترى طيّبا لطيب العناصر

* * *

أي يوم قد أنجز الله فيه

وعده الحق مفعما بالبشائر

واستدامت به المسرات تختال

علينا مشي العذارى البواكر

أزهرت دوحة الكمال ففاحت

بشذاها لكل باد وحاضر

يوم قام التقى يخطب خدنا

لابنه خير من نمته الحرائر

فانتقى من لئالي البحر غوصا

خير الماسة لخير الخناصر

ثم زفّت ربيبة العزّ والمجد

وأم الكمال بنت المفاخر

لكريم مهذب المعيّ

بارع في العلوم للدين ناصر

* * *

٥٥

يا ربيب العلى ويا حسن الخلق

ونورا يجلى به كل ناظر

لك فضل تقلّ فيه النظائر

وكمال يرقيك أعلى المنائر

وضمير أنقى من المزن طهرا

حيث طيب الرجال طيب الضمائر

وخصال ورثتها عن جدود

طهروا والمديح عن ذاك قاصر

لهم الأرض زيّنت فاستطالت

بافتخار على النجوم الزواهر

فاشكر الله أن حباك بطهر

هي فرع عن الأصول الطواهر

بنت بحر العلوم زفّت عروسا

لك يا خير من نمته الجواهر

وافتخر أن تصير صهرا لموسى (١)

من به جمّعت جميع المفاخر

يد موسى عليك بيضاء رفّت

وهي إحدى آيات طيب السرائر

قم وقبّل يديه شكرا وإلّا

فعصاه يصلى بها كل كافر

بارك الله في زواجك فاهنأ

وزواج الأخ المهنئ باقر (٢)

وزفاف لهاشم (٣) دوحة المجد

وعروس الهادي سليل الأكابر (٤)

ومما وجدناه من شعره في مدح علي أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال :

تسابقا وجباه السّجد الذهب

أعتاب قدسك إذ للسابق الرتب

فغودر التبر مغلوبا لأنك قد

أقصيته وغدا للسجّد الغلب

لكنه بعد لأي عاد ملتمسا

دعني ليفقأ عين الناصب الغضب

__________________

(١) إشارة إلى آية الله السيد موسى بحر العلوم والد الزوجة الكريمة.

(٢) باقر إشارة إلى سماحة الشيخ باقر الإيرواني نجل آية الله الشيخ محمد تقي الإيرواني.

(٣) هاشم إشارة إلى سماحة السيد هاشم الهاشمي نجل آية الله السيد محمد جمال الهاشمي.

(٤) الهادي إشارة إلى سماحة الشيخ محمد هادي الشيخ راضي نجل سماحة آية الله الشيخ محمد جواد الشيخ راضي. وقد كانت مناسبات قرانهم متقاربة نشئوا في وسط علمي وديني واحد.

٥٦

يا أول الناس ايمانا بخالقه

ومن تصدّق في النجوى بما يجب

ونفس طه ونصّ الوحي يثبته

ويا أخا لرسول الله ينتخب

ومعرضا عن هوى الدنيا وبهجتها

فالملح قوتك اما كضك السغب

ورافعا راية الاسلام خافقة

بذي الفقار إذا ما دارت النوب

وواقيا لرسول الله مهجته

في مضجع من طغاة الكفر يرتقب

ويا وليدا ببطن البيت طهّره

بطنا وظهرا من الأصنام تنتصب

ومشبعا سغب المسكين في سغب

تناقلته شفاه الوحي والكتب

ومبلغا عن فم الهادي براءته

من كل باغ وطاغ سيفه العطب

وصهر طه من الرحمن زوجه

بفاطم دون من حاطت به الريب

ويا أميرا على الاسلام توجّه

الهادي بخم وربّ العرش منتخب

نادى وكفك في يمناه يرفعها

من كنت مولاه ذا مولى له وأب

فبايعوك ونار الغيض وارية

وبخبخوا لك والاحقاد تلتهب

ويا صبورا على البلوى وقد قبض

الهادي وأصحابه من بعده انقلبوا

أكبرت شخصك أن يمسي ثناي له

مدحا ومدحك في القرآن مكتتب

لكن ولاك على قلبي طمى فغدت

أمواجه من فم الإخلاص تنسكب

* * *

ومما وجدناه بخطّه الشريف في الأوراق المبعثرة قصيدة في مدح إمام المتقين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام إذ قال :

ببابك الذهب الابريز يفتخر

والجوهر الفرد من معناك يعتصر

وروضة القدس من مثواك جللها

لطف الإله فمنها اللطف ينتشر

طافت بارجائها لله خاشعة

شوقا ملائكة الرحمن والبشر

وتبسط الكف للرحمن سائلة

فليس ترجع إلّا ملئها الظفر

تهوى باعتابها لله ساجدة

من آمنوا بك تصديقا من كفروا

وكلّ رائد حق مصلح يقض

في منتهى الشوط رغم الجور ينتصر

٥٧

التبر يرجو قبولا من علاك له

سعيا على الرأس وافى منك يعتذر

يا باب علم رسول الله أنت لنا

نعم الإمام فمنك الورد والصدر

وأنت بعد رسول الله خير فتى

تمخضته رحى التدبير والعصر

آمنت بالله لم تسجد إلى صنم

واهي العرى ما له نفع ولا ضرر

قد اصطفاك رسول الله خير اخ

وخير صهر به الاكوان تفتخر

ولدت بالكعبة الغراء فكنت لها

شبلا بيمناك عنها الشرك يندحر

نهجت للناس نهجا كله حكم

وعشت في الناس دهرا كله عبر

ويوم خم وقد أعلاك في يده

ليسمع الجمع قولا فيك يبتدر

من كنت مولى له حقا فانت له

مولى ولكنهم عن رشدهم قصروا

فبايعوك ونار الغيض ملهبة

وبخبخوا لك والاحقاد تستعر

وربّ معترض مستمطرا حجرا

لم يخط هامته من كفره الحجر

ومعشر كتموا نياتهم فرقا

حتى إذا أمنوا وحي السماء جهروا

* * *

ومما عثرنا عليه مبعثرا بخطّه ما نظم عند المدّ الشيوعي وما عمله المجرمون من مجازر بشعة في ذلك الزمان وهم يدعون للسلم فمما قاله مخاطبا هذه الفئة المجرمة :

أيها الداعون للسلم اخسئوا

والبسوا الخزي فقد زال الطلاء

اقتفوا منهاج طه انه

بلسم من كلّ داء ودواء

أفتدعون لما لم يرعه

شرع طه حين أوحته السماء

ديننا السلم فامنا به

كل سلم غيره فهو هراء

كل سلم غيره تبغونه

فهو كذب وخداع ورياء

أفيدعو السلم أن تسفح في

أرض كركوك دماء ودماء

أفيدعو أن تجزّى قطعا

فيه أطفال وتستحيى نساء

أم يسنّ السلم أن يدفن

في أرضه أحياء أضناها العياء

أو يجرّون على وجه الثرى

بحبال أبرمتها العملاء

٥٨

لو عقلتم لسكتّم زمنا

خجلا لكنّما أين الحياء؟

أنتم الأحرار حقّا إنكم

عن قيود الدين أحرار برآء

أنتم الأحرار؟ كلّا انكم

لخروشيف عبيد وإماء

كلكم عن أمره مؤتمر

ولكم عن كل ما ينهى انتهاء

أفهل جاء نبيّا لكم

بعد طه أم تجلّ الأنبياء

* * *

يا شباب الدين أنتم طعمة

تتوخاها سغاب وظماء

لبني الشرق على أوطانكم (١)

كبني الغرب صراع وعواء

فغرت فاها عليكم طمعا

كافاع كل ما فيها بلاء

غاظهم أن لكم دينا به

تدفع البلوى ويستوفى الرجاء

وصمودا هائلا زعزعهم

في وغى شبّ لظاها العلماء

يوم بالكوت أضعنا رشدهم

وعلى الفاو صنعنا ما نشاء

فغزوا أفكاركم في منطق

كلّه لو أنصف الفكر هراء

فهو (٢) للروح ملاك نافع

أبد الدهر وللعقل غذاء

طبّقوا احكامه كي تنعموا

بحياة جللتها النعماء

بلغوا أحكامه كي تفحموا

كلّ داع دحرجته العملاء

بيّنوا أحكامه كي ترشدوا

كلّ من حادوا وبالخيبة باءوا

* * *

إجازاته :

رأينا أن نذكر فقط إجازة الشيخ الكبير آقا بزرك الطهراني رحمه‌الله : وها هي بخط يده الشريفة المرتعشة.

__________________

(١) أجسادكم.

(٢) الضمير راجع إلى الدين.

٥٩

٦٠