تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

١
٢

[ذكر من اسمه](١) فيروز

٥٦٤٢ ـ فيروز

أبو عبد الرّحمن ، ويقال : أبو عبد الله

 ويقال : أبو الضحاك الدّيلمي (٢)

وفد على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه.

روى عنه : ابناه عبد الله والضحاك ابنا فيروز ، ومرّ المؤذن (٣).

وفيروز هو الذي قتل أسود الكذاب.

ووفد على معاوية بن أبي سفيان.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد ، حدّثنا محمّد بن هارون الحربي ، حدّثنا أبو المغيرة ، حدّثنا إسماعيل ابن عياش ، حدّثني يحيى بن أبي عمرو الشّيباني (٤) ، عن عبد الله بن الدّيلمي ، عن أبيه فيروز قال :

قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : يا رسول الله إنّا أصحاب كروم وأعناب ، وقد نزل تحريم الخمر ، فما ذا نصنع بها؟ فقال : «تتخذونها زبيبا» ، قال : فنصنع بالزبيب ما ذا يا رسول

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة منا.

(٢) ترجمته في أسد الغابة ٤ / ٧١ وطبقات ابن سعد ٥ / ٥٣٣ والإصابة ٣ / ٢١٠ والاستيعاب ٣ / ٢٠٤ (على هامش الإصابة) والتاريخ الكبير ٧ / ١٣٦.

(٣) ترجمته في التاريخ الكبير ٨ / ٦٩ وضبطت «مرّ» عن الاكمال.

(٤) بدون إعجام بالأصل ، وفي ت : الشيباني.

٣

الله؟ قال : «تنقعونه على غدائكم وتشربونه على عشائكم ، وتنقعونه على عشائكم فتشربونه» [على غدائكم](١) قال : قلت : يا رسول الله ، أفلا نتركه حتى يشتد؟ قال : «فلا تجعلوه في الدنان ، واجعلوه في الشّنان وإنه إن تأخّر عن عصره صار خلا» ، قال : قلت : يا رسول الله ، نحن ممن قد علمت ونحن بين ظهراني من قد علمت ، فمن وليّنا؟ قال : «الله ورسوله» ، قال : قلت : حسبنا يا رسول الله (٢) [١٠٤٧٤].

أنبأنا أبو علي الحداد ، وحدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا أحمد بن مسعود الدمشقي (٣) ، حدّثنا محمّد بن كثير المصّيصي (٤) ، حدّثنا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي عمرو السّيباني (٥) ، عن عبد الله بن فيروز الدّيلمي ، عن أبيه.

أن قوما سألوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إنّا كنّا أصحاب أعناب وكرم وخمر ، وإنّ الله قد حرّم الخمر ، فما نصنع؟ قال : «زبّبوه» ، قال : فما نصنع بالزبيب؟ قال : «انفقعوه في الشّنان ، انقعوه على غدائكم واشربوه على عشائكم» ، قال : أفلا نؤخره حتى يشتدّ؟ قال : «فلا تجعلوه في القلال ، ولا في الدّبّاء ، واجعلوه في الشّنان ، فإذا أتى عليه العصران عاد خلا قبل أن يعود خمرا» [١٠٤٧٥].

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن غانم بن أحمد ، أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق.

ح وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، قالا : أنبأنا محمّد ابن إسحاق بن مندة ، أنبأنا سعيد بن يزيد الحمصي ، حدّثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج ، حدّثنا ضمرة بن ربيعة ، حدّثنا يحيى بن أبي عمرو السّيباني (٦) ، عن عبد الله بن الدّيلمي ، عن أبيه قال :

قدمنا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم برأس الأسود العنسي الكذّاب ، فقلنا : يا رسول الله قد علمت من

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن ت والمختصر.

(٢) المعجم الكبير للطبراني ١٨ / ٣٢٩ رقم ٨٤٦.

(٣) في المعجم الكبير ١٨ / ٣٣١ «المقدسي» راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤٤ وفيها المقدسي.

(٤) في المعجم الكبير : «الصنعاني» راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٨٠ وفيها الصنعاني المصيصي.

(٥) بالأصل وت : الشيباني ، تصحيف.

(٦) بالأصل والإصابة : الشيباني ، تصحيف والتصويب عن ت.

٤

نحن ، فإلى من نحن؟ قال : «إلى الله ورسوله» ، قال : قلنا : يا رسول الله ، إنّ لنا أعنابا ، فما نصنع بها؟ قال : «زبّبوها» ، قالوا : يا رسول الله فما نصنع بالزبيب؟ قال : «انبذوه على غدائكم واشربوه على عشائكم ، وانبذوه على عشائكم واشربوه على غدائكم ، ولا تنبذوا في القلل وانبذوا في الشّنان ، فإنه إن تأخر عن عصره صار خلا» [١٠٤٧٦].

قرأت بخط عبد الوهّاب بن عيسى بن عبد الرّحمن بن عيسى بن ماهان ، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن رشيق المعدّل ، حدّثني أبو القاسم الحسن بن آدم بن عبد الله العسقلاني ، حدّثني أبو محمّد عبيد بن إبراهيم الكشوري (١) ، حدّثنا محمّد بن عمر السمسار ، حدّثنا عبد الملك الذّماري (٢) ، أنبأنا ابن رمانة (٣) ، حدّثنا كثير بن أبي الزفاف قال :

مرّ فيروز بن الدّيلمي يريد الشام إلى معاوية فلم يدخل على عائشة ، فلمّا أقبل من الشام دخل عليها فقالت : يا بن الدّيلمي ، ما منعك أن تمرّ بي ، أرهبة معاوية؟ لو لا أنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا يدخل الكذّاب وقاتله مدخلا واحدا» ما أذنت لك [١٠٤٧٧].

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العزّ ثابت بن منصور ، قالا : أنبأنا أبو طاهر أحمد ابن الحسن ـ زاد الأنماطي ، وأبو الفضل بن خيرون ، قالا : ـ أنبأنا محمّد بن الحسن ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، حدّثنا عمر بن أحمد بن إسحاق ، حدّثنا خليفة بن خياط قال (٤) : والدّيلمي أبو فيروز الدّيلمي ، روى : أسلمت وتحتي أختان.

كذا قال.

وقال في موضع آخر في تسمية موالي بني هاشم (٥) : فيروز (٦) الدّيلمي من الأبناء (٧) ، أتى اليمن ومات بها ، يكنى أبا عبد الله.

__________________

(١) راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٤٩.

والكشوري بكسر الكاف وسكون الشين وفتح الواو نسبة إلى كشور ، من قرى صنعاء اليمن ، ويقال فيها : بفتح الكاف.

(٢) الذّماري بكسر الذال نسبة إلى ذمار قرية باليمن على مرحلتين من صنعاء.

وانظر ترجمته في تهذيب الكمال ١٢ / ٥٣.

(٣) هو محمد بن سعيد بن رمانة.

(٤) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٢٠٦ رق ٧٨٠.

(٥) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٣٤ رقم ٢٥ ، وأعاده في صفحة ٥١٣ رقم ٢٦٣٨.

(٦) في طبقات خليفة : فيروز بن الديلمي.

(٧) الأبناء هم ولد الفرس الذين أتوا إلى اليمن لمساعدة سيف بن ذي يزن على طرد الأحابيش ، وهم من أمهات عربيات.

٥

أخبرني (١) أبو المظفر الصوفي ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا : أنبأنا أبو العباس محمّد بن يعقوب قال : سمعت عبد الله بن أحمد ابن حنبل يقول.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو طاهر الأنباري ، أنبأنا أبو القاسم بن الصواف ، أنبأنا أبو بكر المهندس ، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال (٢) : سمعت عبد الله بن أحمد يقول عن أبيه قال :

فيروز الدّيلمي أبو عبد الرّحمن.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون.

ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا ثابت بن بندار.

قالا : أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن عثمان ، أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب ، أنبأنا العباس بن العباس ، أنبأنا صالح بن أحمد ، حدّثني أبي قال (٣) :

فيروز بن الدّيلمي ، كنيته أبو عبد الرّحمن ، حدّثناه محمّد بن الحسن بن أتش الأبناوي ، حدّثنا سليمان بن وهب الأبناوي من مشيختنا ، حدّثنا النّعمان بن بزرج في حديث طويل ذكره.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنبأنا أبو عمرو بن منده ، أنبأنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر ، حدّثنا ابن أبي الدنيا (٤) ، حدّثنا محمّد بن سعد قال :

وكان باليمن من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيروز الدّيلمي وهو من الأبناء.

قال عبد المنعم بن إدريس فانتسبوا إلى بني ضبّة ، وقالوا : أصابنا سبيّ في الجاهلية ، وهو الذي قتل الأسود بن كعب العنسي ، وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا في «القدر» ، وكان يكنى أبا عبد الله ، ومات في زمن عثمان بن عفّان.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ،

__________________

(١) كتب فوقها بالأصل وت : ملحق.

(٢) الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٨٠.

(٣) لم أجده في كتاب تاريخ الثقات للعجلي.

(٤) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.

٦

أنبأنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا محمّد بن سعد (١)

قال في الطبقة الرابعة : فيروز بن الدّيلمي ، ويكنى أبا عبد الله ، وهو من أبناء أهل فارس الذين بعثهم كسرى إلى اليمن فنفوا الحبشة عنها وغلبوا عليها.

قال : وقال عبد المنعم بن إدريس : ثم انتسبوا إلى بني ضبّة ، وقالوا : أصابنا سباء في الجاهلية ، وفيروز هو الذي قتل الأسود بن كعب العنسي الذي كان تنبّأ باليمن ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قتله الرجل الصّالح فيروز بن الدّيلمي» ، وقد وفد على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه أحاديث منها حديث في القدر ، وبعضهم يروي عنه فيقول : حدّثني الديلمي الحميري ، ويقول بعضهم : عن الدّيلمي ، وهذا كلّه واحد ، إنّما هو فيروز بن الدّيلمي ، والذي يبين ذلك الحديث الذي رواه واختلفوا في اسمه على ما ذكرنا ، والحديث واحد.

قال (٢) : وإنما قيل له الحميري لنزوله في حمير ومخالفته إياهم ، والله أعلم (٣).

ومات فيروز بن الدّيلمي في خلافة عثمان بن عفّان.

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنبأنا أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمّد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا أبو أحمد ـ زاد أحمد : ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا محمّد بن سهل ، أنبأنا محمّد ابن إسماعيل قال (٤) :

فيروز بن الدّيلمي قاتل الأسود العنسي ، قال أبو عاصم : عن عبد الحميد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد بن عبد الله ، عن ابن الدّيلمي أنه سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّا منك بعيد ، ونشرب (٥) شرابا من قمح فقال : «أيسكر؟» قلت : نعم ، قال : «لا تشربوا مسكرا» فأعاد ثلاثا ، قال : «كلّ مسكر حرام» [١٠٤٧٨].

وقال علي : حدّثنا محمّد بن الحسن الصّنعاني ، أخبرني النعمان بن الزبير ، عن أبي صالح الأحمسي ، عن مرّ المؤذن قال : خرجت مع فيروز بن الدّيلمي في ألفين (٦) ، فأتيت عمر ، ثم أتاه عمر فقال : هذا فيروز قاتل الكذّاب.

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٥٣٣ ـ ٥٣٤.

(٢) ما بين الرقمين ليس في الطبقات الكبرى لابن سعد.

(٣) ما بين الرقمين ليس في الطبقات الكبرى لابن سعد.

(٤) رواه البخاري في التاريخ الكبير ٧ / ١٣٦ رقم ٦١٦.

(٥) في التاريخ الكبير : وأشرب.

(٦) بالأصل وت : «الفتن» والمثبت عن التاريخ الكبير.

٧

أخبرنا أبو الحسين القاضي ، وأبو عبد الله الأديب ـ إذنا ـ قالا : أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا علي.

قالا : أنبأنا ابن أبي حاتم قال (١) :

فيروز بن (٢) الدّيلمي اليماني قاتل الأسود العنسي ، له صحبة ، يكنى بعبد الله ، مات زمن عثمان ، يقال : إنه من الأبناء ، وانتسبوا إلى بني ضبّة ، وهو الذي قتل الأسود بن كعب ، روى عنه مرثد بن عبد الله اليزني ، سمعت أبي يقول ذلك.

قال أبو محمّد : روى عنه ابناه الضحاك وعبد الله.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس ، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون ، أنبأنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول : أبو عبد الرّحمن فيروز الدّيلمي سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، حدّثنا أبو الفضل جعفر بن يحيى المكي ـ قراءة ـ أنبأنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد ، أنبأنا أبو الحسن الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال : أبو عبد الرّحمن فيروز اليماني.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، حدّثنا أبو محمّد الكناني (٣) ، أنبأنا أبو القاسم تمام بن محمّد ، أنبأنا أبو عبد الله الكندي ، حدّثنا أبو زرعة قال في تسمية من نزل بالشام من الصحابة : فيروز الدّيلمي.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد قال :

فيروز الدّيلمي سكن الشام ، وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحاديث.

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنبأنا أبو طاهر بن أبي الصّقر ، أنبأنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر ، أنبأنا أبو بكر المهندس ، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال (٤) : فيروز الدّيلمي أبو الضحاك.

__________________

(١) رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٧ / ٩٢.

(٢) في الجرح والتعديل : فيروز الديلمي.

(٣) بالأصل : الكناني ، تصحيف ، والتصويب عن ت.

(٤) الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٧٥.

٨

ثم قال في موضع آخر :

أبو عبد الرّحمن فيروز الدّيلمي وهذه كنيته المشهورة ، وقد كان له ابن اسمه الضحاك فلعلّه كني به.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنبأنا أبو القاسم بن عتّاب ، أنبأنا أحمد بن عمير ـ إجازة ـ.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنبأنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنبأنا أبو الحسن الرّبعي ، أنبأنا أحمد بن عمير قال :

سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الأولى في تسمية أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فيروز الدّيلمي بفلسطين.

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، أنبأنا أبو طاهر بن سوّار ، والمبارك بن عبد الجبار ، قالا : أنبأنا أبو الفرج الطّناجيري ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن إبراهيم الدّارمي ، حدّثنا عبد الملك بن بدر ابن الهيثم ، حدّثنا أحمد بن هارون البردعي قال في الطبقة الأولى من الأسماء المنفردة : فيروز وهو ابن الدّيلمي ، روى عنه ابنه عبد الله بالشام.

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنبأنا أبو بكر الصّفّار ، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال :

أبو عبد الله ـ ويقال : أبو عبد الرّحمن ـ فيروز بن الدّيلمي من الأبناء من فرس صنعاء ، قاتل الأسود العنسي ، له سماع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حديثه في أهل اليمن.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، أنبأنا أبو عبد الله (١) بن مندة قال :

فيروز الدّيلمي له صحبة ، ويقال له ابن أخت النجاشي ، يكنى أبا عبد الرّحمن [قاتل الأسود](٢) العنسي ، روى عنه ابناه الضحاك وعبد الله ، وكثير بن مرة ، وعروة بن رويم ، سمعت الحسن بن أحمد بن عمير قال : سمعت أبي يقول : ولد فيروز ثلاثة : عبد الأعلى ، والعريف ، وعبد الله.

__________________

(١) الأصل : عبيد الله ، والمثبت عن ت.

(٢) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل وكتب بعد هما صح وكلمة «الأسود» استدركت على هامش ت.

٩

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، قال : قال لنا أبو نعيم الحافظ :

ديلم بن فيروز الحميري ، وقيل : هو فيروز وديلم لقب ، وهو فيروز بن يسع بن سعد بن ذي حباب بن مسعود بن عز بن سحر بن هوشع بن موهب بن سعد بن حبل بن عون بن الحارث ابن حيران ، وحيران هو جيشان بن وائل من رعين الرّعيني ، وفد مع معاذ بن جبل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشهد فتح مصر فيما ذكره أبو سعيد بن عبد الأعلى ، حديثه عند ابنيه عبد الله ، والضحاك ، ومرثد بن عبد الله اليزني ، قتل الأسود العنسي المتنبئ صاحب صنعاء ، فقدم برأسه على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقيل على أبي بكر.

قال : وقال لنا أبو نعيم في حرف الفاء :

فيروز الدّيلمي ابن أخت النجاشي ، قاتل الأسود العنسي المتنبي ، خدم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسأله عن الأشربة ، يكنى أبا عبد الرّحمن ، روى عنه ابناه : الضحاك ، وعبد الله ، وكثير بن مرة ، وعروة بن رويم ، سكن الشام ، روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم غير حديث.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة (١) ، حدّثنا علي بن محمّد ، عن يعقوب بن داود الثقفي قال : سألت (٢) أشياخنا بصنعاء عن مقتل العنسي فقالوا : كنا نسمع آباءنا يذكرون أن داذويه وقيسا وفيروز دخلوا عليه [بيته](٣) فحطم فيروز عنقه فقتله ، ويقال : قتله قيس بن مكشوح.

وقال علي بن محمّد ، عن عثمان بن عبد الرّحمن ، عن الزهري قال : دخل عليه فيروز وداذويه وقيس.

أخبرنا أبو محمّد السّلمي ، حدّثنا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا محمّد بن هبة الله ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب (٤) ، حدّثنا زيد بن المبارك الصّنعاني ، وعيسى بن محمّد المروزي كان جاور بمكة حتى مات ، وبعضهم يزيد على الآخر.

__________________

(١) رواه خليفة بن خيّاط في تاريخه ص ١١٧ (ت. العمري).

(٢) في تاريخ خليفة : سئل أشياخنا.

(٣) سقطت من الأصل وت ، وأضيفت عن تاريخ خليفة.

(٤) راجع المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان الفسوي ٣ / ٣٦٢ وعن يعقوب رواه البيهقي في دلائل النبوة ٥ / ٣٣٥.

١٠

قالا : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أتش الأبناوي الصّنعاني (١) ، حدّثنا سليمان بن وهب ، عن النعمان بن برزج (٢) قال :

خرج أسود الكذاب وكان رجلا من بني شقيق ، ثم من بني صعب (٣) ، وكان معه شيطانان يقال لأحدهما سحيق والآخر شقيق (٤) ، وكانا يخبرانه كل شيء يحدث من أمر الناس ، فسار الأسود حتى أخذ ذمار ، وكان باذان إذ ذاك مريضا بصنعاء ، فجاءه الرسول فقال له بالفارسية : خدايكان ، قال : وثن قال : باريان وماركرس فقال باذان وهو في السوق : اسف نن وأسر مالان مدريك. فكان ذلك آخر كلام تكلّمه حتى مات ، فجاء الأسود شيطانه في عصار من الريح وهو على قصر ذمار ، فأخبره بموت باذان ، فنادى الأسود في قومه ، فقال : يال يحابر ـ ويحامر : فخذ من مراد ـ إنّ سحيقا قد أجار ذمار ، وأباح لكم صنعاء ، فاركبوا واعجلوا ، فسار الأسود ومن معه من عنس وبني عامر ومراد وحمير حتى نزلوا بهم المقرانة (٥) فخرج عليهم الأساور عليهم داذويه وكان قد استخلفه باذان ، وكان دادويه ابن أخت باذان يكره إمارة دادويه الذين كانوا مع وهرز ومع المرزبان ؛ فلما سمع ذلك منهم داذويه صرف فرسه فرجع إلى صنعاء قبل أن يلقاهم ، وانصرف جميع قومه واتّبعهم الأسود ومن معه ، والقرية يومئذ بأبوابها فأوثقوا بينهم وبينه الأبواب.

ونزل الأسود ومن معه على باب قصر النوبة فقال الأسود : إنّ الأرض أرضي ، وأرض آبائي فاخرجوا منها والحقوا بأرضكم وأنتم آمنون شهرا على أن تعطوني السلاح ، فصالحوه على ذلك ، فخرج منهم إلى المضمار (٦) من خرج ، وارتحل منهم من ارتحل ، كلّ أهل رستاق وحدهم وبقيّتهم يتجهزون ، ودخل الأسود ومن معه إلى القرية فاستنكح المرزبانة امرأة باذان ، فأرسلت إلى داذويه وفيروز وخرزاد بن برزج واسمه عبد الحميد ، وإلى جرجست (٧)

__________________

(١) في المعرفة والتاريخ : «محمد بن الحسن الصنعاني» وفي دلائل النبوة للبيهقي : محمد بن إسحاق الصنعاني.

(٢) كذا بالأصل وت : برزج بتقديم الراء ، وفي المعرفة والتاريخ ودلائل النبوة : بزرج ، بتقديم الزاي ، ومثلهما في تاريخ الطبري ٣ / ١٥٨.

(٣) الذي في دلائل النبوة : وكان رجلا من بني عبس.

(٤) إعجامها ناقص بالأصل ، والمثبت عن ت ودلائل النبوة.

(٥) المقرانة : حصن باليمن (معجم البلدان).

(٦) حصن من حصون اليمن لحمير ، على ميل ونصف من صنعاء (معجم البلدان).

(٧) بدون إعجام بالأصل وت ، والمثبت عن المعرفة والتاريخ ودلائل النبوة.

١١

بن الدّيلمي فقالت : فرشتموني هذا الشيطان ، فائتمروا به وأنا أكفيكموه ، وكان قيس بن عبد يغوث قال للأسود : قد عرفت الذي بيني وبين أهل هذه القربة ، وأنا أتخوّفهم ، فاستأذنه أن ينزل خارجا من القرية ، فأذن له ، فنزل هو وقومه تحت نقم (١) وكان يتخوّف قتل الأسود وداذويه وأصحابه ، وكان لا يستطيع رجل منهم أن يكلّم صاحبه لأن سحيقا كان يبلّغ ذاك الأسود ، فيخبرهم الأسود بذلك ، وكان الأسود يخرج كلّ يوم إلى الجبّانة فيجلس فيها ويخطّ عليها خطّا فيأتيه رجل فيقول : السلام عليك يا رسول الله ، وكان الأسود يقول لقيس إنّ سحيقا يقول : لتنزعنّ قبّة قيس العليا ، أو ليفعلنّ بك أمرا يرى ، فيقول قيس : أيها الملك ما كنت لأفعل. فجاء قيس إلى داذويه وأصحابه ثلاث مرات يقول لهم : ألا تقتلون هذا الشيطان! فلا يردون عليه شيئا تخوفا أن يبلغ ذلك الأسود ، وكانوا يظنونه غدرا من قيس ، وكان الأسود إذا غضب على رجل حرقه بالنار.

فجاء قيس إلى فيروز ـ وهو أصغر القوم ـ فذكر ذلك له ، فقال له فيروز : إن كنت صادقا فأتنا الليلة ، فجاءهم من الليل ، فاجتمع داذويه وفيروز وجرجست (٢) ومعهم قيس ، وكان على باب الأسود ألف رجل يحرسونه وهو في بيوت باذان ، وكان بيوت باذان في مؤخر المسجد اليوم ، وكان موضع المسجد حائطا لباذان ، فأرسلت إليهم المرزبانة : أني أكفيكموه. فجعلت تسقيه خمر صلع (٣) ، فكلما قال : شوبوه صبت عليه من خمر ثات (٤) حتى سكر ، فدخل في فراش باذان ـ وكان من ريش ـ فانقلب عليه الفراش ، وجعل داذويه وأصحابه ينضخون الجدر بالخل ويحفرونه من نحو بيوت أهل برزج ويحفرونه بحديدة حتى فتحوا الجدر قريبا منه. فلما فتحوا قالوا لقيس : أنت خامسنا ونحن نتخوف غدرك ، فو الله لا ترثنا الحياة إن قدر علينا ولكنه يدخل منا رجلان ورجلان عندك.

فدخل داذويه وجرجست ووقف فيروز وخرزاذ مع قيس ، فجعلت المرأة تشير إليه أنه في الفراش فلم يرزقا قلته فخرجا إلى أصحابهما ، فقال لهما فيروز : ما فعلتما؟ قالا : لم يوافقنا الأمر. قال : امكثا عند قيس. ودخل فيروز الديلمي وابن برزج ، فأشارت إليهما المرأة

__________________

(١) نقم يروى بضمتين ويروى بفتحتين ، جبل مطل على صنعاء اليمن (راجع معجم البلدان).

(٢) إعجامها مضطرب بالأصل وت.

(٣) كذا بالأصل وت ، وفي المختصر : «ضلع» وضلع بفتح أوله وثانيه ، موضع باليمن ، ويقال فيه : «صيلع» (راجع معجم ما استعجم).

(٤) ثات : كورة باليمن (معجم البلدان).

١٢

أنه في الفراش ، فتناول فيروز برأسه ولحيته فقصر عنقه فدقّها ، وطعنه ابن برزج بالخنجر فشقه من ترقوته إلى عانته ، ثم احتز رأسه وخرجوه ، وأخرجوا المرأة معهم وما أحبوا من متاع البيت» إلى غمدان (١).

[قال النعمان : وحملت أمي على عنقي حتى أدخلتها معهم ، وما أحبوا قصر غمدان](٢) واستحرزوا فأصبحوا قد سدوه عليهم.

فتناول قيس رأس الأسود فرمى به من رأس القصر إلى الحرس الذين كانوا على بابه ؛ وصرخ القوم : المضمار [المضمار](٣) فظنوا أن الرأس جاء من المضمار ، فلما رمى قيس بالرأس أخذ فيروز برجله ليرمي به من رأس القصر ، فاحتضنه داذويه من ورائه فمنعه وقال : خون خون ، وأغار صحابة الأسود إلى المضمار ، فقاتلهم الذي كانوا بالمضمار بالحجارة حتى أدخلوهم القرية ، فلم أدخلوهم القرية عقدوا اللواء ، وكان الذي عقده سعيد بن بالويه ، وقتل هو وأصحابه صحابة الأسود حتى خاضت الخيل إلى ثنيتها ، وخرج (٤) فيروز وأصحابه فلقى منهم أربعين رجلا من رءوسهم فأدخلوا القلمّس (٥) ، فاستوثقوا منهم وقالوا : لا تبرحوا أبدا حتى يرد كل شيء أخذ من صنعاء من صغير أو كبير أو متاع ، وإلا ضربنا أعناقكم. فجعلوا لهم أن يفعلوا. وجزوا نواصيهم. قال : فارتهنوها كل ناصية رجل بما كان في قومه. وكانوا يردون القدر يجدونها بعد السنة.

ولم يكن الأسود مكث بصنعاء إلا خمس ليال ، فقتل في الليلة الخامسة ، فلما فرغ من الاسود وأصحابه ، وتفرق من كان معه قال قيس لداذويه وفيروز وهو يريد أن يغدر بهما ، اذهبا بنا نتحرف بثات حتى يأتينا بيان أمر هذا الرجل ـ يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وكان لقيس امرأة بثات ، وهي بنت حمزة بن كاربن (٦) ، فخرجا معه حتى دخلوا ثات ، فنزل داذويه وفيروز في بيت باذان الذي بثات ، وهو في مسجد أهل ثات اليوم ، وكان قيس يرسل إليهما بالطعام والشراب وهو ينظر كيف يغدر بهما ، وكان فيروز في حجر داذويه ، وكان قيس قد حذق بكلام

__________________

(١) راجع معجم البلدان.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن المختصر.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن المختصر.

(٤) بالأصل : «وخرج إلى فيروز» والمثبت عن ت.

(٥) القلمس : البئر الكثيرة الماء من الركايا (اللسان).

(٦) بدون إعجام بالأصل وت.

١٣

الفارسية ، فأشرف قيس إلى داذويه وفيروز من بيته ، ولم يكن بين منزلهما وبيت قيس إلا المسكة ، فقال لداذويه بالفارسية : يا أبا سعيد ، هل لك في غداء حميري؟ فقال داذويه : وما هو؟ قال : نان كرمه وسنبدام كندره وماهيه تازه. قال : نعم. قال : فإن كان ذلك من حاجتك فارتفع إليّ. فلما قام إليه داذويه منعه فيروز ، فقال داذويه : إنك صبي أحمق ، وما يهمني منهم ، وكان داذويه إذا أخذ سيفه لم يبال لو لقي ألف رجل ، وكان قيس قد خبأ له في مؤخر البيت اثني عشر رجلا ، وقال لهم : لا تخرجوا إليه أبدا حتى تعلموا أنه قد وضع سيفه ، فجاء داذويه وأبي فيروز أن يأتيه ، فجعل يحمل عليه الخمر حتى صرعه الخمر ، فقال : يا أبا سعيد ، ضع هذا السيف لا يعيثك (١) ، وضع رأسك حتى تفيق ، مغلق سيفه فوق رأسه واضطجع ، فخرج عليه القوم الذي خبأ قيس بأسيافهم ، فكلما أراد أن يأخذ سيفه صرع حتى قتلوه ، وأشرف على فيروز فقال : أترهبني يا بن الديلمي؟ فقال : أما وهذا السيف معي فلا ، وخرج بفرسه يقوده ، وأرسل بسرجه مع وليدته تلقاه به إلى الماء في مشغلها (٢). فقال : أين تريد بفرسك؟ قال : أريد أن أسقيه ، فأسرج فرسه ثم جعل يخب إلى جنبه ، قال : وأرسل إلى قيس إلى بني صعب : أن عندي قاتل أخيكم إن أردتموه ، فجاء منهم ستون فارسا وقد خرج فيروز يخب خبب فرسه.

وأخبر ذو رعين بن عبد كلال أن فيروز محصور بثات ، فأرسل مائة فارس لينصروه وأخذ فيروز نحو جنان (٣) يريد إلى أخته ، فأبصر خيل ذي رعين مقبلة من نحو مقيل ماور (٤) ، والعنسيون خلفه ، فلما أبصر هؤلاء هؤلاء وقد كانتا (٥) رجلاه تقطعتا ، فلما أبصرهم ركب فرسه فرمى به إلى الذين بين يديه وهو يظن أنهم يقاتلونه ، فقالوا : إنما أرسلنا ذو رعين لننصرك ، فوقف معهم ، فلما أبصرهم العنسيون رجعوا ، وسار فيروز حتى تزل عند أخته.

فلما توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث أبو بكر (٦) أبان بن سعيد القرشي إلى اليمن فكلمه فيروز في دم داذويه ، فقال : إن قيسا قتل عمي غدرا على غدائه ، وقد كان دخل في الإسلام وشارك في قتل الكذاب فأرسل أبان إلى قيس يعلى بن أمية إلى ثات ـ وكان يعلى بن صحابة أبان ـ

__________________

(١) بدون إعجام بالأصل ، ومضطرب في ت ، والمثبت عن المختصر.

(٢) بدون إعجام بالأصل ، وصورتها : «سعلها» والتصويب عن ت والمختصر.

(٣) جنان : واد بنجد (انظر معجم البلدان).

(٤) كذا بالأصل : «يقيل ماور».

(٥) كذا بالأصل وت : كانتا.

(٦) بالأصل : «أبو بكر بن أبان» والمثبت عن ت.

١٤

فقال أبان ليعلى : اذهب إلى قيس فقل : أجب أبان بن سعيد ، فإن تردد عليك فاضربه بسيفك ، فقدم عليه يعلى على بغلة ، والبغال لا ترى باليمن يومئذ ، وعند قيس الدنيا مما أخذ من الأموال التي للناس ، فقال له يعلى : أجب الأمير أبان بن سعيد ، وانظر إلى هذا السيف ، فقال : ومن أتت؟ قال : أنا يعلى بن أمية ، ثم من بني حنظلة من بني تميم ، فقال له قيس : أنت ابن عمي ، فأخبرني لم أرسل لي؟ وأرغبه ، فقال : إن ابن الديلمي كلم فيك أنك قتلت عمه رجلا مسلما غدرا على غدائك. فقال قيس : ما كان مسلما لا هو ولا أنا ، وكنت طالب ذحل قد قتل أمي وقتل عمي عبيدة ، وقتل أخي الأسود ، ولكن أدخلني على حين غفلة من أهل صنعاء واجعلني على بغلتك فأتنقّب عليها ، واركب أنت على راحلتي واكشف عن وجهك حتى تدخلني على الأمير فتمكّنّي منه أربع كلمات وقد خلاك ذم. فدخل به حين اشتد حر النهار وغفل الناس ، والناس يومئذ قليل ، فدخل على أبان فقال : أجئت بالرجل؟ فقال يعلى : نعم ، جئتك بسيّد أهل اليمن ، فقال أبان لقيس : أقتلت رجلا قد دخل في الإسلام وشارك في دم الكذاب؟ فقال : قد قدرت أيها الأمير فاسمع مني : أما الإسلام فلم يسلم لا هو ولا أنا. وكنت رجلا طالب ذحل ، وأما فرس باذان الأعصم وسيف ابن الصباح الوجيه فأهديه لك ، وأما الإسلام فتقبل مني أبايعك عليه ، وأما أختي كبشة فأزوجك معشوقة من المعشوقات ؛ وأما يميني هذه فهي لك بكل حدث بحدته إنسان من مذحج. قال : قد قبلنا منك ، فأمر أبان المؤذن أن يؤذن بالصلاة وذلك قبل نصف النهار ، ففزع الناس وقالوا : إن هذا لحدث فبلغ فيروز أنه قد نادى فعجب فقال : ما بال هذا؟ فقالوا : إنه قد أتى بقيس ، فخرج فيروز فلبس سلاحه وتوشح بسيفه ، فخرج أبان يقاود قيسا ، فقال قيس لفيروز : كيف أنت يا أبا عبد الرحمن ، ألك حاجة إلى الأمير؟ فقال فيروز : نعمم ، حاجتي أن أضرب عنقك ، فصلى أبان بالناس صلاة خفيفة ، ثم خطب فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد وضع كل دم كان في الجاهلية ، فمن أحدث في الإسلام حدثا أخذناه به ، ثم جلس ، فقال : يا بن الديلمي ، تعال ، خاصم صاحبك ، فاختصما ، فقال أبان : هذا دم قد وضعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلا تتكلم فيه ، فقال أبان لقيس : الحق بأمير المؤمنين ـ يعني عمر بن الخطاب ـ وأنا أكتب لك أني قد قضيت بينكما ، فإني أرى قوما ليسوا بتاركيك ، فكتب إلى عمر أن فيروزا (١) وقيسا اختصما عندي في دم داذويه. فأقام قيس البينة ، أنه كان في الجاهلية ، فقضيت بينهما.

__________________

(١) كذا بالأصل : «فيروزا» منونة ، واللفظة غير واضحة في ت لسوء التصوير.

١٥

وخرج قيس فاتبعه فيروز حتى خاصمه عند عمر في دم داذويه فأخرج قيس كتاب أبان إلى عمر ، فقال عمر : قد تولى أبان برّ هذا وإثمه ، والله أعلم بما قضى ، ولو يردّ مثل هذا يا ابن الديلمي لم يجز بين الناس قضاء. فقال فيروز : فإني قد بعت نفسي وهاجرت ، فقال عمر : أعزم عليك إلا رجعت إلى المين ، فإنها لا تصلح إلّا بك ، فإنك في هجرة. قال فسمع عمر قيسا يحدث رجلا من قريش أنه هو الذي قتل الكذاب ، فدخل فيروز وقيس يكلم القرشي ، فقال : بلى قتله هذا الليث ، ثم قال عمر لفيروز : كيف قتلت الكذاب؟ قال : الله قتله يا أمير المؤمنين. قال : نعم ، ولكن أخبرني.

فقص عليه القصة ، ورجع فيروز إلى اليمن.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن غانم بن أحمد ، أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق ، أنبأنا أبي.

ح وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، أنبأنا أبو عبد الله ابن مندة ، أنبأنا محمّد بن محمّد بن الأزهر ، حدّثنا عبيد بن محمّد (١) الكشوري ، حدّثنا محمّد بن عمر الصّنعاني (٢) ، حدّثنا عبد الملك الذّماري ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة.

أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكر الأسود العنسي فقال : «قتله الرجل الصالح فيروز بن الدّيلمي ، رجل من فارس» [١٠٤٧٩].

أنبأنا أبو علي الحداد ، ثم حدّثني أبو مسعود المعدل عنه ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد (٣) ، حدّثنا محمّد بن عبيد ـ يعني ـ بن آدم العسقلاني (٤) ، حدّثنا أبو عمير بن النحاس ، حدّثنا ضمرة ، عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني (٥) ، عن عبد الله بن الدّيلمي ، عن أبيه قال : أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم برأس الأسود العنسي (٦).

__________________

(١) كذا بالأصل وت هنا ، ومرّ قريبا : عبيد بن إبراهيم الكشوري.

راجع ما جاء فيه سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٤٩ والأنساب (الكشوري).

(٢) كذا بالأصل وت وفي سير أعلام النبلاء : «السمسار» انظر الحاشية السابقة.

(٣) أخرجه أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير ٨ / ٣٣٠ رقم ٨٤٨.

(٤) في المعجم الكبير : حدثنا يحيى بن عبد الباقي.

(٥) بالأصل : الشيباني ، تصحيف ، والتصويب عن ت والمعجم الكبير.

(٦) كذا بالأصل وت ، وفي المعجم الكبير : أتينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم برأس العبسي الكذاب.

١٦

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا أحمد بن الحسن بن محمّد ، أنبأنا أبو محمّد المخلدي ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن حمدون ، حدّثنا يزيد بن عبد الصمد ، حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن ، حدّثنا الوليد بن مسلم ، حدّثنا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني (١) ، حدّثنا عبد الله بن الدّيلمي ، عن أبيه قال :

كنت في وفد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من اليمن ، فقلنا : إنّا قد أسلمنا ، فمن ولّينا؟ قال : «الله ورسوله» (٢) [١٠٤٨٠].

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، وأبو المظفّر القشيري ، قالا : أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن ، أنبأنا [أبو] عمرو بن حمدان.

ح وأخبرتنا أم المجتبى العلوية قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ.

قالا : أنبأنا أبو يعلى ، حدّثنا الحاكم بن موسى ، حدّثنا هقل ، حدّثنا الأوزاعي ، حدّثني يحيى بن أبي عمرو السيباني (٣) ، حدّثني ابن الدّيلمي ، حدّثني أبي فيروز أنه أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله إنا من قد علمت ، وجئنا من بين ظهراني من قد علمت ـ زاد ابن المقرئ : ونحن [حيث](٤) قد علمت فمن ولّينا؟ قال : «الله ورسوله» (٥) [١٠٤٨١].

قال : وقال ابن المقرئ : قالوا : حسبنا ، وليس في حديث ابن حمدان ، قوله : أبي ؛ قال : حدّثني : فيروز.

أنبأنا (٦) أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا أبو طاهر

__________________

(١) بالأصل : «الشيباني» والكلمة غير واضحة في ت لسوء التصوير.

(٢) الإصابة ٣ / ٢١٠.

(٣) سقطت من الأصل ، واستدركت عن ت.

(٤) استدركت على هامش الأصل ، وبعدها صح.

(٥) أسد الغابة ٤ / ٧١.

(٦) كتب قبلها في ت :

آخر الجزء الأربعمائة من الأصل وهو آخر المجلد الأربعون وفي ت أيضا هنا خبر سقط من الأصل ، نستدرك منه هنا ما استطعنا قراءته :

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر أنا أبو علي محمد بن محمد بن أحمد .. علي بن أحمد بن عمر ، أنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، نا الحسن بن علي القطان .... عيسى ، أنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر ، نا إسحاق بن يحيى عن المسيب بن رافع أو غيره .. كعب الأحبار قال إسحاق وابن بشر وأنا ابن أبي ذئب فيه

١٧

المخلّص ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سعيد ، حدّثنا السّري بن يحيى (١) ، حدّثنا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر ، عن المستنير بن يزيد ، عن عروة بن غزيّة الدّثيني قال :

لما ولي أبو بكر أمر فيروز ، وهم قبل ذلك متساندين (٢) ، هو وداذويه وحشيش (٣) وقيس ، وكتب إلى وجوه من وجوه أهل اليمن ، ولما سمع بذلك قيس أرسل إلى ذي الكلاع وأصحابه : إنّ الأبناء نزّاع (٤) في بلادكم ونقلاء (٥) فيكم ، وإن تتركوهم لن يزالوا عليكم ، وقد أرى أمرا من الرأي أن أقتل رءوسهم ، وأخرجهم من بلادنا ، فتبرءوا فلم يمالئوه ولم ينصروا الأبناء واعتزلوا ، وقالوا : لسنا مما هاهنا في شيء ، أنت صاحبهم وهم أصحابك.

فربض (٦) لهم قيس ، واستعدّ لقتل رؤسائهم وتسيير عامتهم ، فكاتب (٧) قيس تلك الفالّة السيارة اللحجية وهم يصعّدون في البلاد ويصوّبون ، محاربين لجميع من خالفهم ، فكاتبهم

__________________

عن المقبري عن أبي هريرة وغيرهما أن كعب الأحبار ذكر بدء ما رزقه الله إلا صلاح ... أسلم مقدم عمر فذكر صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال كان ... من أعلم الناس بأقوال الله ... (كذا ، ولم نتدخل في الخبر ، نقلناه كما ورد).

من هنا نعود إلى الأخذ عن مخطوط الأزهرية (ز).

وكتب في بداية هذا الجزء منها هنا :

الجزء الحادي بعد الأربعمائة من كتاب تاريخ مدينة دمشق حماها الله وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأمائل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها تصنيف الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي رحمه‌الله سماع ولده القاسم بن علي بن الحسن وأجازه له من بعض شيوخ أبيه رحمهم‌الله.

وفي مطلع الصفحة التالي كتب في «ز» :

بسم الله الرحمن الرحيم.

أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه‌الله ونعود أيضا من هنا إلى الأخذ عن المخطوط المغربية (م) وهو الجزء ٢٦ منها ، وتبدأ :

بسم الله الرحمن الرحيم ، رب يسّر ، يا كريم.

أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسين (كذا) رحمه‌الله تعالى قال.

(١) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٣٢٣ وما بعدها.

(٢) كذا بالأصل وت وم ، وفي الطبري : «متساندون» وفي «ز» : بمساندين.

(٣) كذا بالأصل وت وم ، وز ، وفي الطبري : جشيش.

(٤) النزاع جمع نازع وهو الغريب.

(٥) النقلاء جمع نقيل وهو الغريب.

(٦) كذا تقرأ بالأصل : «فريض» والكلمة غير مقروءة في ت لسوء التصوير ، وفي تاريخ الطبري : فتربص.

(٧) الأصل وت : «وكانت» والمثبت عن الطبري.

١٨

قيس في السر ، وأمرهم أن يتعجلوا إليه ، وليكون أمره وأمرهم ، واحدا (١) ، وليجتمعوا على نفي الأبناء من بلاد اليمن ، فكتبوا إليه بالاستجابة له ، وأخبروه بأنهم إليه سراع ، فلم يفجأ أهل صنعاء إلّا الخبر بدنوهم منها ، فأتى قيس فيروز في ذلك كالفرق من هذا الخبر وأتى داذويه ، فاستشارهما ليلبس عليهما ، ولئلا يتهماه ، فنظروا في ذلك واطمأنوا إليه.

ثم إن قيسا دعاهم من الغد إلى طعام ، فبدأ بداذويه ، وثنّى بفيروز وثلث بجشيش ، فخرج داذويه حتى دخل عليه ، فلما دخل عليه عاجله فقتله ، وخرج فيروز يسير حتى إذا دنا سمع امرأتين على سطحين تتحدثان ، فقالت إحداهما : هذا مقتول كما قتل داذويه ، فلقيهما ، فعاج حتى يرى أويّ القوم الذي أربئوا (٢) فأخبر برجوع فيروز ، فخرجوا يركضون ، وركض فيروز ، وتلقّاه جشيش ، فخرج معه متوجها نحو جبل خولان ـ وهم أخوال فيروز ـ فسبقا الخيول إلى الجبل ، ثم نزلا ، فتوقّلا وعليهما خفاف ساذجة ، فما وصلا حتى تقطعت أقدامها ـ وانتهيا إلى خولان وامتنع فيروز بأخواله ، وآلى ألّا ينتعل ساذجا ، ورجعت الخيول إلى قيس ، فثار بصنعاء فأخذها ، وجبى ما حولها ، مقدما رجلا ومؤخرا أخرى ، وأتته خيول الأسود ، ولما أوى فيروز إلى أخواله خولان ومنعوه وتأشب إليه الناس ، وكتب إلى أبي بكر بالخبر. فقال قيس : وما خولان! وما فيروز! وما قرار أووا إليه! وطابق على قيس عوامّ قبائل من كتب أبو بكر إلى رؤسائهم ، وبقي الرؤساء معتزلين قد اشتد عليهم ، وعمد قيس إلى الأبناء ففرقهم ثلاث فرق : أقرّ من أقام ، وأقرّ عياله ، وفرق عيال الذين هربوا إلى فيروز فرقتين ، فوجّه إحداهما إلى عدن ، ليحملوا في البحر ، وحمل الأخرى في البر ، وقال لهم جميعا : الحقوا بأرضكم ، وبعض معهم من يسيرهم ، فكان عيال الديلمي ممن سير في البر ، وعيال داذويه ممن سير في البحر ، فلما رأى فيروز أن قد اجتمع عوام أهل اليمن على قيس ، وأن العيال قد سيروا وعرّضوا للنهب ، ولم يجدوا إلى فراق عسكره في تنقذهم سبيلا ، وبلغه ما قال قيس في استصغاره للأخوال والأبناء ، فقال فيروز منتميا ومفاخرا وذكر الظعن (٣) :

ألا ناديا ظعنا إلى الرمل ذي النخل

وقولا لها أن لا يقال ولا عذلي

وما ضرهم قوال العداة لو أنّه (٤)

أتى قومه عن غير فحش ولا بخل

__________________

(١) تقرأ بالأصل وت : «راحة» ، والمثبت عن الطبري.

(٢) أربئوا : أشرفوا وعلوا.

(٣) الشعر في تاريخ الطبري ٣ / ٣٢٥.

(٤) رسمها بالأصل وت : «اتر» والمثبت عن الطبري.

١٩

فدع عنك طعنا بالطريق التي هوت بها

لطيتها صمد الرمال إلى الرمال

وإنا وإن كانت بصنعاء دارنا

لنا نسل قوم من عرانينهم نسلي

وللديلم الرزام من بعد باسل

أبى الخفض واختار الحرور على الظل

وكانت منابيت العراق جسامها

لرهطي إذا كسرى مراجله تغلي

وباسل (١) أصلي إن نميت ومنصبي

كما كل عود منتهاه إلى الأصل

هم تركوا مجراي سهلا وحصنوا

فجاجي بحسن القول الحسب الجزل

فما عزنا في الجهل من ذي عداوة

أبى الله إلّا أن يعزّ على الجهل

ولا عاقنا في السلم عن آل أحمد

ولا خس في الإسلام إذ أسلموا قبلي

وإن كان سجل من قبيلي أرشني

فإني لراج أن يغرّقهم سجلي

وقام فيروز في حربه ، وتجرد لها ، وأرسل إلى بني عقيل بني ربيعة بن عامر بن صعصعة رسولا بأنه متحفز بهم ، يستمدهم ويستنصرهم في ثقله على الذين يزعجون أثقال الأبناء ، وأرسل إلى عك رسولا يستمدهم ويستنصرهم على الذين يزعجون أثقال الأبناء ، وقال في ذلك لبني عقيل :

ألا أبلغ لديك بني عقيل

بأن من نصرى ائتياب

أياديكم وكان خطا سكوتي

أظعني قد تمزقها الكلاب

فإن أمنا حربا ضروسا

تعض الشيخ إن شرب الشراب

فركبت عقيل وعليهم رجل من الحلفاء ، يقال له معاوية ، فاعترضوا خيل قيس ، فتنقذوا أولئك العيال ، وقتلوا أولئك الذين يسيرونهم فأووهم وقصروا عليهم القرى ، إلى أن رجع فيروز إلى صنعاء ، فقال فيروز في الذين صنعوا :

جزى الله عن قومي عقيلا وزادها

على البر خيرا حين تعشى النوائب

فالحقها إذ فرت الحرب نابها

ولكن بفيض كان من لا يعاتب

فكانوا كمن أبقى أخاه بنفسه

ولم يتناس (٢) حق من هو غائب

وقال في مثل ذلك :

لا أبلغا عك بن عدنا مالكا

بأن معدّا جارها قد تمرّعا

__________________

(١) الأصل : «وباثل» والمثبت عن ت والطبري.

(٢) الأصل وت وم وز يتناسا.

٢٠