تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

لقاسم : يا معلّم هذا أحمد بن أبي الحواري ، أخذ دراهم ولبس قلنسوته فالتفت قاسم فنظر إليه فقال : أخذ دراهم اللصوص ولبس قلانس اللصوص.

وكان قاسم إذا راح إلى المسجد في وقت الزوال يدخل من باب الفراديس ، ويأخذ في الاسطوان الغربي حتى يصير إلى المصعد ، ثم يأخذ قبلة حتى يدخل من أقصى الأبواب إلى مجلسه ، فلما كان من الغد ، من يوم نظره إلى أحمد ، دخل من باب الفراديس حتى قام (١) باب القبة ، ثم مرّ حتى مرّ بأحمد وهو جالس يشهد في ركوعه ، والقلنسوة على رأسه فلما حاذى به رفع يده فلطم القلنسوة ، فالتفت أحمد بن أبي الحواري ، فنظر إليه ، فسلّم ثم التفت إلى ابنه إبراهيم فقال : يا إبراهيم خذ القلنسوة ، وامض بها إلى البيت ، فقال له من رآه : يا أبا الحسن ، ما رأيت ما فعل بك هذا الرجل؟ فقال : رحمه‌الله.

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا علي بن محمّد الحنائي ، أنبأنا أبو الحسين عبد الوهّاب بن الحسن ، حدّثنا سعيد بن عبد العزيز الحلبي قال :

سمعت قاسم الجوعي وقال له رجل : ادع لي ، فإنّ السلطان يطلبني وأنا مظلوم ، قال : ما أخدعك ، أنا ما أدعو لنفسي ، أنا أعرف أيش تحت ثيابي.

أخبرنا أبو محمّد بن صابر ، وأبو الحسين أحمد بن سلامة بن يحيى ـ إذنا ـ قالا : أنبأنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن الحسين بن محمّد بن إبراهيم ـ قراءة ـ أنبأنا أبي ، حدّثنا أبو الفرج محمّد بن عبد الله بن المعلم قال : سمعت عمرو بن المري (٢) يقول : سمعت أستاذي المعلم ـ يعني ـ ابن سيد حمدوية يقول :

كان أستاذي قاسم الجوعي عند باب الساعات في الجامع قال : يا من يحضر عندنا : من يمضي بكتابي إلى بعض إخواني إلى صور؟ فقلت : أنا يا أستاذ ، فأخذت الكتاب ، ودعا لي ثم سرت إلى صور ، فدفعت الكتاب إلى الشيخ ثم قدّم لي شيئا فأكلت ، وكانت ليلة مقمرة ، وكنت أشرف على البحر ، فإذا برجل (٣) قد دخل على الشيخ فسلّم عليه وقال له : هذا كتاب قاسم الجوعي يقرأ عليك فيه السلام ، فلمّا صلّيت الغداة ناولني الشيخ الكتاب ، فقلت له : يا

__________________

(١) كذا بالأصل وم و «ز» ، وصححها محقق المختصر : «وافى» وهو الوجه الصواب.

(٢) كذا بالأصل : «عمرو بن المري» وفي م و «ز» : عمر بن البري.

(٣) الأصل : رجل ، والمثبت عن م و «ز».

١٢١

سيدي ، من كان ذلك الرجل الذي دخل عليك البارحة ، وسلّم عليك ، وسلّمت أنت عليه ، فقال : الخضر عليه‌السلام ، فأخذ الكتاب فزاد فيه شيئا.

ثم قدمت على أستاذي قاسم الجوعي ، فقال لي : أيش الذي منعك أن تمضي بكتابي ، فقلت له : قد مضيت وهذا جواب الكتاب ، فقرأه ، ثم قال لي : أبشر ، فإن الشيخ قد كتب إليّ يوصيني بك ، ويقول : إنّ هذا الغلام قد رأى أخانا الخضر عليه‌السلام ، فقلت : هذا ببركتك. ودعا لي.

أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس ، حدّثنا علي بن عمر بن محمّد بن الحسن بن القزويني الزاهد ـ إملاء ـ حدّثنا علي بن عمرو بن سهل الحريري ، حدّثنا سعيد بن عبد العزيز الحلبي ـ بدمشق ـ قال :

سمعت القاسم بن عثمان الجوعي يقول : التوبة ردّ المظالم ، وترك المعاصي ، وطلب الحلال ، وأداء الفرائض.

كتب إليّ أبو بكر عبد الغفّار بن محمّد ، وأخبرني أبو بكر محمّد بن عبد الله بن أحمد ابن حبيب ، وأبو محمّد عبد الواحد بن عبد الماجد بن عبد الواحد القشيري عنه ، أنبأنا شيخ الشيوخ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن باكوية الشيرازي ، أنبأنا أحمد بن علي بن حسان قال : سمعت القاسم بن عثمان يقول (١) :

رأس الأعمال كلها الرّضا عن الله ، والورع عماد الدين ، والجوع مخّ العبادة ، والحصن الحصين ضبط اللسان (٢) ، ومن شكر الله حشر من ميدان الزيادة (٣) ، ومن تمّ عمله عرف المصائب ، وقال القشيري : عدّ (٤) المصائب ـ نعما وشكر الله على ما زوى عنه من الدنيا (٥).

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن حسنون ، أنبأنا عبد الوهّاب.

ح وأخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو محمّد هبة الله بن أحمد الأكفاني ، وعبد

__________________

(١) من طريق آخر رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٩ / ٣٢٣ وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٧٩.

(٢) في الحلية : «والحصن ضبط اللسان» وفي سير أعلام النبلاء : والحصن الحصين الصمت.

(٣) في الحلية : ومن شكر الله جلس في ميدان الزيادة.

(٤) الأصل : «عند» تصحيف ، والمثبت عن م ، و «ز».

(٥) الذي في الحلية : ومن حمده عد المصائب نعما ، وشكر الله على ذلك ولو زويت عنه الدنيا.

١٢٢

الكريم بن حمزة ، وأبو المعالي ثعلب بن جعفر (١) قالوا : أنبأنا أبو القاسم حسين بن محمّد الحنّائي ، حدّثنا عبد الوهّاب بن الحسن الكلابي.

أنبأنا سعيد بن عبد العزيز قال : سمعت قاسما الجوعي يقول :

أصل الدين الورع ، وأفضل ـ وقال الأكفاني وعبد الكريم : وأصل ـ العبادة مكابدة الليل ، وأقصر طرق الجنة سلامة الصدر.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين قال : سمعت أبا عبد الرّحمن السّلمي يقول : سمعت عبيد الله بن محمّد بن إسحاق يقول : سمعت أحمد بن محمّد ابن عيسى الرازي يقول : سمعت يوسف بن الحسين يقول :

سمعت قاسما الجوعي وعنده طاهر المقدسي يقول : السلامة كلها في اعتزال الناس ، والفرح كله في الخلوة بالله عزوجل.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنبأنا المعلّى العرفجي ـ بمكة حرسها الله ـ أنبأنا عبد العزيز بن بندار ، حدّثنا أبو الحسن بن جهضم ، حدّثنا أبو القاسم عبد السلام بن محمّد ، حدّثنا سعيد بن عبد العزيز قال :

سمعت قاسم بن عثمان الجوعي يقول : من أصلح فيما بقي من عمره ، غفر له ما مضى وما بقي ، ومن أفسد فيما بقي من عمره أخذ بما مضى ، وما بقي.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ ، عن أبي بكر محمّد بن عبد الله بن صالح العطار ، أنبأنا أبو منصور المظفّر بن أحمد بن محمّد ، حدّثنا أبو الفرج عبد الواحد بن بكر بن محمّد الورثاني ، حدّثني محمّد بن أحمد الورّاق ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن أبي الحواري قال : قاسم الجوعي يقول :

إنّ لله عبادا قصدوا الله بهممهم (٢) ، وأفردوه بطاعتهم ، واكتفوا به في توكّلهم ، ورضوا به عوضا من كلّ ما خطر على قلوبهم من أمر الدنيا ، فليس لهم حبيب غيره ، ولا قرّة عين إلّا فيما قرّب إليه.

كتب إليّ أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن الطّيّوري يخبرني عن عبد العزيز بن علي

__________________

(١) في «ز» : ثعلب بن حصن.

(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المختصر : بهمهم ، تصحيف.

١٢٣

الأزجي ، حدّثنا أبو الحسن بن جهضم ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد المفيد ، حدّثنا عبد الله بن الفرج قال : سمعت قاسم بن عثمان يقول :

إنّ لله عبادا قصدوا الله بهممهم ، وأفردوه بطاعتهم ، واكتفوا به في توكّلهم ، ورضوا به عوضا من كلّ ما خطر على قلوبهم من أمر الدنيا ، فليس لهم حبيب غيره ، ولا قرّة عين إلّا فيما قرّب إليه.

قال : وحدّثنا ابن جهضم ، حدّثنا عبد السّلام بن محمّد ، حدّثنا سعيد بن عبد العزيز قال : سمعت القاسم بن عثمان يقول :

علامة الرجل القلب من الله أداء الأمانة والذكر له ، والصدق في العمل.

وقال قاسم : الاعتبار بالنطق والذكر باللسان ، والفكر بالقلوب ، والمراقبة أصل الحذر ، والحياء جامع لكلّ خير.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن الخليل الماليني (١) ، أنبأنا أبو القاسم بكير بن محمّد بن بكير ، حدّثنا علي بن يعقوب بن محمّد ـ قال : وقال مرة : ابن إبراهيم ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن سيد حمدوية التميمي قال : سمعت قاسم بن عثمان الجوعي يقول :

رأيت في الطّواف حول البيت رجلا فتقرّبت منه ، فإذا هو لا يزيد على قوله : اللهمّ قضيت حاجة المحتاجين وحاجتي لم تقض ، فقلت : ما لك لا تزيد على هذا الكلام ، فقال : أحدّثك : كنا سبعة رفقاء في بلدان شتى ، غزونا أرض العدو فاستؤسرنا كلنا ، فاعتزل بنا لتضرب أعناقنا ، فنظرت إلى السماء ، فإذا سبعة أبواب مفتّحة عليها سبع جوار من الحور العين ، على كلّ باب جارية ، فقدّم رجل منا فضربت عنقه ، فرأيت جارية في يدها منديل قد هبطت إلى الأرض حتى ضرب أعناق ستة وبقيت أنا وبقي باب وجارية ، فلما قدّمت لتضرب عنقي استوهبني بعض رجاله فوهبني له ، فسمعتها تقول : أي شيء فاتك يا محروم؟ وأغلقت الباب ، وأنا يا أخي متحسر على ما فاتني.

قال قاسم بن عثمان : أراه أفضلهم ، لأنه رأى ما لم يروا ، وترك يعمل على الشوق.

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنبأنا محمّد بن يحيى بن إبراهيم ، أنبأنا

__________________

(١) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٣٠١.

١٢٤

محمّد بن الحسين قال : سمعت عبد الله بن محمّد بن عبد الوهّاب يقول : سمعت العباس بن سمرة يقول : سمعت قاسم الجوعي يقول :

كنت في مسجد دمشق وأنا مستند إلى سارية ، فأخذني النوم ، فرأيت كأنّي أقول شيئا وأدق صدري ، فصعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من باب الدّرج مع أبي بكر وعمر ، فلما رأى كذلك قال : الخطأ في هذا أكثر من الصواب.

وجدت بخط بعضهم لقاسم الجوعي :

اصبر على كسرة وملح

فالصّبر مفتاح كلّ زين

واقنع ، فإنّ القنوع عزّ

لا خير في شهوة بدين

أخبرنا أبو القاسم العلوي ـ إذنا ـ أنبأنا طرفة بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي (١) ، أنبأنا أحمد بن الحسين المشغرائي ، حدّثنا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا سليمان يقول لابن (٢) ليحيى بن حمزة وعليه (٣) جبة صوف وعباءة : الق هذه الجبة عنك ، وعليك بثوبين أبيضين يخلطانك بالناس ، واتخذ مؤدبا غير قاسم ـ يعني : الجوعي ـ أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، وابن السّمرقندي ، قالا : حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو نصر عبد الوهّاب بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن سليمان الرّبعي ، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن الفيض قال :

قام أبو بكر بن عتاب بن القطة في مجلس قاسم بن عثمان الجوعي وكان غلاما جميلا حسن الوجه ، وكان صفوان بن صالح جالسا ، وسليمان بن عبد الرّحمن جالس عند باب المئذنة وغيرهم ، فقال : يا قوم هذا قاسم ، يا أبا عبد الملك ، ويا أبا أيوب ، دخلت إليه البيت ، فجذبني (٤) [وقبلني](٥) وأراد أن يفعل بي كذا وكذا حتى انفلت منه.

قال أبو الحسن بن الفيض : وكنت حينئذ صغيرا في المجلس ، فوثب إليه رجال فضربوه وعنّفوه في ذلك ، وضربه أبوه وعنّفه في ذلك ، وجاء إلى قاسم مرة أخرى أيضا غلام حسن

__________________

(١) في «ز» : الكلاباذي.

(٢) في «ز» : لابن الحسين بن حمزة.

(٣) بالأصل : عليه ، والمثبت عن م و «ز».

(٤) بالأصل : فحدّثني ، تصحيف ، والمثبت عن م و «ز».

(٥) مطموسة بالأصل ولم يظهر منها إلا حرف م ، والمثبت عن م و «ز».

١٢٥

الوجه يقال له ابن عبد الغفّار بن نجيح مولى الثقفي فقال : هذا الشيخ السوء أراد أن يفعل بي كذا وكذا بالفحش ، فلم يصدق ، وضرب وعنّف في ذلك.

قال أبو الحسن بن الفيض : وأعوذ بالله والدار الآخرة أن يكون قاسم قال لهما قط شيئا من ذلك ، كان أورع من ذلك ، وإنّما أراد أن يوقعا (١) بذلك عليه أمرا.

ذكر أبو الفضل المقدسي فيما أخبره به أبو عمرو بن مندة عن أبيه ، أنبأنا محمّد بن إبراهيم بن مروان قال : قال عمرو بن دحيم : توفي قاسم يوم الخميس لثمان ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان وأربعين ومائتين.

٥٦٧٢ ـ القاسم بن علي بن أبان بن (٢) يزيد

ابن الصباح بن عبد الرّحمن

روى عن عبد السلام بن عبد الحميد الحرّاني (٣).

روى عنه : أبو الميمون.

أخبرنا أبو محمّد (٤) عبد الكريم (٥) بن حمزة ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا تمام ابن محمّد ، أنبأنا أبو الميمون بن راشد ، حدّثنا القاسم بن علي بن أبان بن يزيد بن الصباح بن عبد الرّحمن العلّاف ، حدّثنا عبد السّلام بن عبد الحميد (٦) ـ إمام مسجد حرّان ـ قال : قال وكيع بن الجرّاح : لو لا الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما حدّثت.

٥٦٧٣ ـ القاسم بن علي

حكى عن أحمد بن السّري الأنطاكي.

حكى عنه محمّد بن أحمد بن رفدوية.

[أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسن البروجردي ، أنبأنا سعد علي بن عبد الله ابن أبي صادق الحيري ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن باكويه ، نا عمر بن يحيى

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» ، والمختصر : يوقع.

(٢) كتبت «بن» فوق الكلام بين السطرين بالأصل.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي م : الحزامي.

(٤) أقحم بعدها بالأصل : «بن».

(٥) في م : عبد الرحمن.

(٦) بالأصل هنا : «عبد المجيد» تصحيف ، والمثبت عن م و «ز».

١٢٦

الأردبيلي ، نا محمّد بن أحمد بن رفدوية](١) حدّثنا قاسم بن علي الدمشقي ، حدّثنا أحمد بن السّري أخو عبيد الله بن السّري قال :

كان بالبصرة شاب متعبد ، وكانت عمة له تقوم بأمره ، فأبطأت عليه مرة ، فمكث ثلاثة أيام يصوم ولا يفطر على شيء ، فلمّا كان بعد ثلاث قال : يا ربّ ، رفعت رزقي ، فألقي إليه من زاوية المسجد مزود مليء (٢) سويقا (٣) ، فقيل له : هاك يا قليل الصبر.

٥٦٧٤ ـ القاسم بن عمر بن معاوية الرّبعي

حدّث عن عقبة بن علقمة.

روى عنه أحمد بن أبي الحواري ، وأحمد بن المعلّى بن يزيد.

أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني حدثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو بكر محمد بن أبي عمرو المقرئ ـ بمنين (٤) ـ أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن مروان القرشي ، حدّثنا أحمد بن المعلّى بن يزيد الأسدي ، حدّثنا القاسم بن عمر الرّبعي ، حدّثنا عقبة ، حدّثنا الأوزاعي ، أخبرني ابن شهاب عن أبي إدريس عائذ الله عن أبي ذرّ.

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى على رجل خاتما من ذهب ، فقرع يده بالعصا ، فأخذ الرجل الخاتم فألقاه ، ثم أقبل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أين خاتمك؟» فقال : ألقيته يا رسول الله ، قال : «أظننا قد أوجعناك وأغرمناك» [١٠٥١٢].

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، حدّثني عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا عبد الوهّاب الميداني ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الوهّاب بن محمّد بن الحسن اللهبي ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن العباس بن الدّرفس ، حدّثنا أحمد بن أبي الحواري ، حدّثنا قاسم بن عمر ابن معاوية الرّبعي ، حدّثنا عقبة ، عن الأوزاعي قال :

من عمل بما يعلم كان حقا على الله أن يعلّمه ما لا يعلم ، ويوفّقه فيما يعمل حتى يستوجب بذلك الجنّة ، ومن لم يعمل بما يعلم تاه فيما لا يعلم حتى يستوجب بذلك النار.

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن هامشه وم و «ز» لتقويم السند.

(٢) بالأصل وم : «ملأ» وفي «ز» : ملأن.

(٣) بالأصل وم : «سويق» والمثبت عن «ز».

(٤) منين : بالفتح ثم الكسر ، قرية في جبل سنير من أعمال الشام ، وقيل من أعمال دمشق.

١٢٧

٥٦٧٥ ـ القاسم بن عيسى بن إبراهيم بن عيسى بن يحيى

 أبو بكر العصّار (١)(٢)

روى عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، وأبي عامر موسى بن عامر ، وعبد السّلام بن عتيق ، والسّلم بن يحيى الحجزاي (٣) ، وأبي أمية الطّرسوسي ، والعباس بن الوليد بن مزيد ، والحسن بن عبد الله بن منصور ، وأبي عبيد محمّد بن حسان البسري (٤) ، وعبد الرّحمن بن الحسن (٥) بن عبد الله بن يزيد بن تميم ، وهاشم بن خالد بن أبي جميل ، ومحمّد بن الوزير ، ومحمّد بن أحمد بن مطر بن العلاء ، وأحمد بن عبد الرّحمن (٦) بن عبود (٧) ، ومؤمّل بن إهاب ، وزكريا بن يحيى السّجزي ، ومحمّد بن هاشم البعلبكي ، وأبي بكر محمّد بن عبد الرّحمن الجعفي ، وأبي عمرو محمّد بن داود بن سالم مولى عثمان بن عفّان ، وعبد الله (٨) بن صالح بن كريز (٩).

روى عنه : بكر بن شعيب القرشي ، وأبو هاشم عبد الجبّار بن عبد الصّمد المؤدب ، وأبو زرعة ، وأبو بكر ابنا أبي دجانة ، وأبو بكر محمّد بن حميد بن معيوف بن بكر الهمداني ، وأبو بكر بن المقرئ ، والحاكم أبو أحمد النّيسابوري ، ومحمّد بن سليمان الرّبعي ، وأبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الدمشقي ، ومحمّد بن مظفّر الحافظ ، وأبو القاسم بن أبي العقب ، وأبو علي بن شعيب ، وأبو الحسن علي بن الحسين بن بندار الأذني (١٠) ، وأبو عبد الله محمّد بن عبد الرّحمن بن مخلد الغزّال الأصبهاني.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنبأنا الحاكم أبو أحمد ، أخبرني أبو بكر القاسم بن عيسى العصّار بدمشق ، حدّثنا محمّد ـ يعني ـ ابن هاشم البعلبكي ، حدّثنا محمّد ـ يعني ـ ابن شعيب بن شابور ، عن النعمان ـ يعني ـ ابن المنذر

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي م : القصار ، وفوقها ضبة.

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ١٥ / ١٧٣ وتهذيب التهذيب ٤ / ٥٢٥ وتقريب التهذيب وفيه : العطار بدل العصار. والأنساب (العصار) والاكمال ٦ / ٣٨٨ (العصار) ، والأسامي والكنى للحاكم ٢ / ٢٢٥ رقم ٧١٠.

(٣) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الحجراتي.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : التستري.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الحسين.

(٦) في م و «ز» : عبد الواحد.

(٧) كذا بالأصل و «ز» ، وفي م : «عبد» وفوقها ضبة.

(٨) ما بين الرقمين سقط من «ز».

(٩) ما بين الرقمين سقط من «ز».

(١٠) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الأذفي.

١٢٨

الغسّاني ، عن سليمان بن موسى ، أخبرني عطاء أنه سأل عائشة : هل رخّص للنساء أن يصلّين على الدوابّ؟ قالت : لم يرخّص لهن في ذلك في شدّة ولا رخاء.

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنبأنا أبو بكر الصفّار ، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال : سمعت أبا بكر القاسم بن عيسى العصّار بدمشق وكان فهما ، فذكر حكاية.

قال : وأنبأنا أبو أحمد قال (١) :

أبو بكر القاسم بن عيسى بن إبراهيم بن عيسى العصّار الدّمشقي سمع محمد (٢) بن هاشم ، والسّلم بن يحيى (٣).

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي زكريا البخاري.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنبأنا إبراهيم بن يونس الخطيب ، أنبأنا أبو زكريا البخاري.

ح وأخبرنا أبو الحسين أحمد بن سلامة بن يحيى ، أنبأنا سهل بن بشر ، أنبأنا رشأ بن نظيف.

قالا : حدّثنا عبد الغني بن سعيد قال : فالعصّار بالعين : القاسم بن عيسى العصّار الدمشقي عن عبد الرّحمن بن الحسين بن عبد الله بن يزيد بن تميم وطبقته.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا (٤) قال :

أما العصّار بالعين المهملة فهو : القاسم بن عيسى العصّار ، دمشقي ، عن عبد الرّحمن ابن الحسن بن عبد الله بن يزيد بن تميم ونظرائه (٥).

__________________

(١) رواه الحاكم النيسابوري في الأسامي والكنى ٢ / ٢٢٥ رقم ٧١٠.

(٢) بالأصل : عيسى تصحيف ، والتصويب عن م و «ز» ، والأسامي والكنى وفيه : محمد بن هاشم بن سعيد القرشي.

(٣) في الأسامي والكنى : السلم بن يحيى بن عبد الحميد الطائي.

(٤) الاكمال لابن ماكولا ٦ / ٣٨٨.

(٥) كتب بعدها في م : سمعته منهما.

١٢٩

٥٦٧٦ ـ القاسم بن عيسى بن إدريس

 ابن معقل بن سيّار (١) بن شمخ (٢) بن سيّار بن عبد العزّى

 ابن دلف بن جشم بن قيس بن سعد بن عجل بن لجيم

ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب

 أبو دلف العجلي (٣)

ولي دمشق في أيام المعتصم ، وكان من الأجواد الممدوحين.

وحدّث عن هشيم بن بشير.

روى عنه : محمّد بن المغيرة بن زياد.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، وحدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال :

القاسم بن عيسى أبو دلف الشاعر ، يروي عن هشيم بن بشير ، توفي سنة خمس وعشرين ومائتين ، روى عنه محمّد بن المغيرة بن زياد ، تولى محاربة الخرّميّة (٤) فأفناهم. ذكره ابن مندة.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٥) :

القاسم بن عيسى بن إدريس بن معقل بن عمرو بن شيخ (٦) بن معاوية بن خزاعي بن عبد العزّى أبو دلف العجلي أمير الكرج ، وعبد العزّى هو ابن دلف بن جشم بن قيس بن سعد

__________________

(١) في «ز» : يسار.

(٢) الأصل : سمح ، والمثبت عن م و «ز» ، وفي جمهرة ابن حزم : شيخ.

(٣) ترجمته في الأغاني ٨ / ٢٤٨ ووفيات الأعيان ٤ / ٧٣ ومعجم الشعراء للمرزباني ص ٣٣٤ وتاريخ بغداد ١٢ / ٤١٦ والأعلام للزركلي ٥ / ١٧٩ واللباب (العجلي) ، وجمهرة أنساب العرب ص ٣١٣ والعبر للذهبي ١ / ٣٩٤ وشذرات الذهب ٢ / ٥٧ ومروج الذهب (الفهارس) ، والبداية والنهاية (الترجمة (٥٣٩٣) ط دار الفكر وتهذيب التهذيب وتقريبه (٦ / ٤٥٦ الترجمة ٥٦٦٥) ط دار الفكر ١٩٩٥ م) وتهذيب الكمال ١٥ / ١٧١ وتهذيب التهذيب وتقريبه.

(٤) هم أصحاب بابك الخرّمي ، كان يرى رأي المزدكية من المجوس الذين خرجوا أيام قباذ وأباحوا النساء والمحرمات ، وقتلهم أنو شروان ، وقد ظهر بابك أيام المعتصم فاستولى على الممالك وعاث في البلاد فسادا.

(٥) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٢ / ٤١٦.

(٦) بالأصل : «شيخ» وفي «ز» : شيح ، والمثبت عن تاريخ بغداد ، وفي م : «شيخ» وفوقها ضبة ، وقد مرّ : شمخ.

١٣٠

بن عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي ابن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان ، كان أبو دلف شاعرا أديبا ، وسمحا جوادا ، وبطلا شجاعا ، وورد بغداد عدة دفعات ، وبها مات.

قرأت بخط أبي الحسين الرازي قال : ذكر محمّد بن داود بن الجرّاح البغدادي.

أنّ المعتصم بالله كان قد غضب على أبي دلف واعتزم على قبض ماله ، فاحتال له عبد الله بن طاهر حتى ولي دمشق ونحّاه عن الجبل حتى سكن أمره ، فهجا أبو السّري أحمد بن يزيد الشاعر ابنه عجل بن أبي دلف فقال :

يا عجل أنت غراب البين والصّرد

في الشؤم منك لحاك الواحد الصّمد

أنت البسوس التي أفنت بناقتها

بكرا وتغلب حتى أقفر البلد

قد كان شؤمك نحّى قاسما فمضى

إلى دمشق ودمع العين يطّرد

لو لا المهذب عبد الله ما رفعت

يوما إلى قاسم كأس المدام يد

يريد عبد الله بن طاهر.

أنبأنا أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمّد بن الخضر ، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي الصّقر ، أنبأنا الشريف حمزة بن أحمد بن الحسين ، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن رشيق العسكري ، حدّثنا أبو بكر يموت بن المزرّع ، حدّثنا محمّد بن حميد اليشكري ، وجعفر بن محمّد الأبزاري ، قالا : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن أبيه قال :

كنت في مجلس الرشيد إذ دخل عليه غلام أمرد له ذؤابة ، فسلّم بالخلافة ، فقال الرشيد : لا سلم [الله](١) على الآخر ، أفسدت علينا الجبل ، يا غلام ، قال : فأنا أصلحه يا أمير المؤمنين ، قال : وكيف تصلحه؟ قال : أفسدته يا أمير المؤمنين وأنت عليّ ، وأعجز عن إصلاحه وأنت معي؟ فأمر الرشيد ، فخلع عليه ، وقعد له على الجبل ، فلمّا خرج الغلام قلت : من هذا؟ فقيل لي : هذا أبو دلف العجلي.

قال إبراهيم : فسمعت الرشيد وقد ولّى الغلام خارجا من عنده يقول : إنّي أرى غلاما يرمي من وراء همة بعيدة.

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت عن م و «ز».

١٣١

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](١) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٢) ، أنبأنا أحمد بن عمر بن روح ، حدّثنا المعافى بن زكريا ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا أبو الفضل الربعي ، عن أبيه قال : قال المأمون يوما وهو مقطّب لأبي دلف : أنت الذي يقول فيك الشاعر (٣) :

إنّما الدنيا أبو دلف

عند مغزاه (٤) ومحتضره

فإذا ولّى أبو دلف

ولّت الدّنيا على أثره

فقال : يا أمير المؤمنين شهادة زور ، وقول غرور ، وملق معتف ، وطالب عرف وأصدق منه ابن أخت لي حيث يقول :

دعيني (٥) أجوب الأرض التمس الغنا

فلا الكرج الدّنيا ولا الناس قاسم

فضحك المأمون وسكن غضبه.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنبأنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا ثعلب ، حدّثنا ابن الأعرابي ، عن الأصمعي قال : كنت واقفا بين يدي المأمون ، إذ دخل عليه أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي ، فنظر إليه المأمون شزرا وقال : أنت الذي يقول فيك علي بن جبلة الشاعر :

له راحة لو أنّ معشار عشرها

على البرّ كان البرّ أندى من البحر

له همم لا منتهى لكبارها

وهمّته الصغرى أجلّ من الدهر

ولو أن خلق الله في مسك فارس

وبارزه كان الحلي من العمر

أبا دلف بوركت في كل وجهة

كما بوركت في شهرها ليلة القدر

فقال : يا أمير المؤمنين مكذوب عليّ ، لا والذي في السماء بيته ما أعرف من هذا حرفا ، فقال : قد قال فيك ابن جبلة علي :

ما قال : لا ، من جود أبو دلف

إلا التشهد لكن قوله نعم

__________________

(١) زيادة منا لتقويم السند ، وكلمة «حدثنا» قبلها سقطت من م و «ز».

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٤٢١.

(٣) البيتان في الأغاني ٨ / ٢٥٤ وفيهما إلى علي بن جبلة و ٢٠ / ١٥ في ترجمة علي بن جبلة.

(٤) في تاريخ بغداد عند معدله ومختصره.

(٥) في تاريخ بغداد : دعني.

١٣٢

والذي يقول فيك أيضا :

ما خطّ لا كاتباه في صحيفته

كما تخطط لا في سائر الصّحف

أعطي أبو دلف والريح جارية

حتى إذا وقفت أعطى ولم يقف

قال : لا أعرف هذا يا أمير المؤمنين ، لكني أعرف قول ابن دابق (١) حيث يقول :

أبا دلف ما الفقر عندي بعينه

سواك ومن يرجو غناك ويأمله

وأصلح شيء فيك تسليم أمره

عليك على ظهر وما أنت قائله

وله أيضا :

ذريني أجوب الأرض في طلب الغنى

فلا الكرج الدّنيا ولا الناس قاسم

قال : فضحك المأمون وتهلّل وجهه ، وانبسط إليه بعد انقباض واستعمله ، وقال له : ارفع حوائجك.

وأبو دلف القائل :

طلب المعاش مفرّق

بين الأحبة والوطن

ومصيّر جلد الرجال

إلى الضراعة والوهن

أخبرنا أبو الحسن (٢) بن قبيس ، حدّثنا ـ [و](٣) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، حدّثنا أحمد بن عمر بن روح (٥) النهرواني ، حدّثنا المعافى بن زكريا الجريري ، حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا أبو العيناء محمّد بن القاسم بن خلّاد ، حدّثنا إبراهيم ابن الحسن بن سهل قال :

كنا في موكب المأمون فترجّل له أبو دلف فقال له المأمون : ما أخّرك عنا؟ فقال : علة عرضت لي ، فقال : شفاك الله وعافاك ، اركب ، فوثب من الأرض على الفرس ، فقال له المأمون : ما هذه وثبة عليل؟ فقال : بدعاء أمير المؤمنين شفيت.

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي ، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي ، أنبأنا

__________________

(١) غير واضحة بالأصل وصورتها : «داسى» وغير واضحة في م ، والمثبت عن «ز».

(٢) في «ز» : الحسين ، تصحيف.

(٣) الزيادة منا لتقويم السند ، سقطت من الأصل وم و «ز».

(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٤٢٠.

(٥) بالأصل : «نوح» والمثبت عن م ، و «ز» ، وتاريخ بغداد.

١٣٣

الشريف أبو الفضل محمّد بن الحسن بن محمّد بن الفضل بن المأمون ، حدّثنا أبو بكر محمّد ابن القاسم بن بشار الأنباري ، حدّثنا أبي ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن الحسن الكاتب ، حدّثنا عيسى بن عبد العزيز بن سهل الحارثي (١) من بني الحارث بن كعب قال :

خرجت رفقة إلى مكة فيها القاسم بن عيسى ، فلمّا تجاوزت الكوفة حضرت الأعراب وكثرت تريد اغتيال الرفقة ، فتسرّع قوم إليهم فزجرهم أبو دلف وقال : ما لكم ولهذا ، ثم انفصل بأصحابه فعبأ عسكره ميمنة وميسرة وقلبا ، فلما سمع الأعراب [أن](٢) أبا دلف حاضر انهزموا من غير حرب ، ثم مضى بالناس حتى حجّ فلمّا رجعوا أخبرت القافلة بأنّ الأعراب قد احتشدوا احتشادا عظيما وهم قاصدو (٣) القافلة.

وكان في القافلة رجل أديب شاعر في ناحية طاهر بن الحسين وآله ، فكتب إلى أبي دلف بهذا الشعر (٤) :

جرت بدموعها العين الذّروف

وظلّ من البكاء له حليف

بلاد تنوفة (٥) ومحل قفر

وبعد أحبة ونوى قذوف

نبادر أوّل القطرات نرجو

بذلك أن تخطانا الحتوف

أبا دلف وأنت عميد بكر

وحيث العزّ والشرف المنيف

تلاق عصابة هلكت فما أن

بها ـ إلا تداركها ـ خفوف

كفعلك في البديّ (٦) وقد تداعت

من الأعراب مقبلة زحوف

فلمّا أن رأوك لهم حليفا

وخيلك حولهم عصبا عكوف

ثنوا عنقا وقد سخنت (٧) عيون

لما لاقوا وقد رغمت أنوف

قال : فلمّا قرأ أبو دلف الأبيات أجاب عنها بغير إطالة ذكر ولا تروية فقال :

رجال لا تهولهم المنايا

ولا يشجيهم الأمر المخوف

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الحازقي.

(٢) سقطت من الأصل واستدركت عن م و «ز».

(٣) في «ز» : «قاصدون للقافلة» وفي تاريخ بغداد والمختصر : قاصدون القافلة.

(٤) الخبر باختلاف الرواية ، والشعر ، في تاريخ بغداد ١٢ / ٤١٦ ـ ٤١٧.

(٥) التنوفة : القفر من الأرض.

(٦) في الأصل : «الندي» وفي م : «البدء» وفي «ز» : «اليدين» والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٧) كذا بالأصل ، وفي م و «ز» : شجيت.

١٣٤

وطعن بالقنا الخطي حتى

تحلّ بمن أخافكم الحتوف

ونصر الله عصمتنا جميعا

وبالرحمان ينتصر اللهيف (١)

رواها الخطيب في التاريخ عن حمزة بن محمّد بن طاهر عن محمّد بن الحسن الهاشمي.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](٢) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، أنبأنا الجوهري.

ح قرأت على أبي منصور بن خيرون ، عن أبي محمّد الجوهري.

أنبأنا محمّد بن عمران بن موسى ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى المكي ، أنشدنا محمّد بن القاسم بن خلاد لابن النّطّاح في أبي دلف :

وإذ بدا لك قاسم يوم الوغى

يختال خلت أمامه قنديلا

وإذا تلذذ بالعمود وليته

خلت العمود بكفّه منديلا

وإذا تناول صخرة ليرضها

عادت كثيبا في يديه مهيلا

قالوا : وينظم فارسين بطعنة

يوم اللقاء ولا يرام (٤) جليلا

لا تعجبوا لو كان مدّ قناته

ميلا إذا نظم الفوارس ميلا

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافى بن زكريا ، حدّثنا عبد الله بن منصور الحارثي ، حدّثنا محمّد بن يزيد النحوي ، أنشدني ابن أبي دلف قول ابن أبي فنن في أبيه أبي دلف :

ما لي وما لك قد كلفتني شططا

حمل السلاح وقول الدارعين قفي

أمن رجال الحنايا خلتني رجلا

أمسي وأصبح مشتاقا إلى التلف

تسعى المنايا إلى غيري فيكرهها

فكيف أسعى إليها عاري الكتف

يا هل حسبت سواد الليل غيّرني

وأنّ روحي في جنبي أبي دلف

قال : فبعث إليه أبو دلف بخمسمائة دينار.

__________________

(١) اللهيف : المضطر.

(٢) الزيادة لتقويم السند عن «ز» ، سقطت من الأصل وم.

(٣) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٤١٧.

(٤) كذا بالأصل وم و «ز» : «يرام» وفي تاريخ بغداد : يراه.

١٣٥

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس الفقيه ، حدّثنا [ـ و](١) أبو منصور محمّد بن عبد الملك بن خيرون ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت (٢) ، أنبأنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أنبأنا محمّد بن جعفر التميمي الكوفي ، أنبأنا أبو نكر الصّولي قال :

تذاكرنا يوما عند المبرّد الحظوظ وأرزاق الناس من حيث لا يحتسبون قال : هذا يقع كثيرا ، فمنه قول ابن أبي فنن (٣) في أبيات عملها لمعنى أراده :

ما لي وما لك قد كلفتني شططا

حمل السلاح وقول الدارعين قف

أمن رجال المناظر خلتني رجلا

أمسي وأصبح مشتاقا إلى التّلف

تمشي المنون إلى غيري فأكرهها

فكيف أسعى إليها بارز الكتف

أم هل حسبت سواد الليل شجعني

أو أنّ قلبي في جنبي أبي دلف

فبلغ هذا الشعر أبا دلف ، فوجّه إليه بأربعة آلاف درهم (٤) جاءته على غفلة.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي ، أنبأنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنبأنا الحسن بن إسماعيل ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن مروان ، حدّثنا أبو الحسن الرّبعي قال : قال العتّابي :

كنا على باب أبي دلف خلق كثير من الشعراء يعدنا بأمواله (٥) من الكرج وأعمالها ، فلمّا اتته الأموال أمر بنصبها على الأنطاع ، وأجلسنا حوله ثم تقلد سيفه وخرج علينا ، فسلّم علينا فقمنا إليه فأقسم علينا بالجلوس ، فجلسنا ثم اتّكأ على قائم سيفه ثم أنشأ يقول :

ألا أيّها الزّوّار لا يد عندكم (٦)

أياديكم عندي أجلّ وأكبر

وإن كنتم أفردتموني للرجاء

فشكري لكم من شكركم لي أكثر

وإنّي للمعروف أهل وموضع

ينال الرضا عندي وعرضي موفر

فما حكم الزّوّار فيه تحكموا

وكلّهم عندي أمير موقّر

__________________

(١) زيادة «الواو» عن «ز» ، سقطت من الأصل وم.

(٢) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٢ / ٤١٩ ووفيات الأعيان ٤ / ٧٥.

(٣) هو أبو عبد الله أحمد بن أبي قنن ، صالح مولى بني هاشم ، وكان أسود شوه الخلق ، وكان فقيرا.

(٤) الذي في وفيات الأعيان : وجه إليه ألف دينار.

(٥) بالأصل : «باموله» تصحيف ، والتصويب عن م و «ز».

(٦) بالأصل : «لا يد عنكم» والمثبت «لا يد عندكم» عن م و «ز».

١٣٦

كفاني من مالي دلاص (١) وسابح (٢)

وأبيض من صافي (٣) الحديد ومغفر

ثم أمر بنهب تلك الأموال ، وأخذ كلّ واحد منا على قدر طاقته.

كذا قال ، ورواها غيره عن المالكي فقال : عن الرّبعي عن أبيه.

أخبرنا بها أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](٤) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أنبأنا الحسن بن محمّد الخلّال ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم البزار ، أنبأنا أحمد بن مروان المالكي بمصر ، حدّثنا الحسن بن علي الربعي ، حدّثنا أبي قال : سمعت العتابي يقول :

اجتمعنا على باب أبي دلف جماعة من الشعراء فكان يعدنا بأمواله من الكرج وغيرها ، فأتته الأموال ، فبسطها على الأنطاع وأجلسنا حولها ، ودخل إلينا فقمنا إليه ، فأومأ إلينا أن لا نقوم إليه ، ثم اتّكأ على قائم سيفه ثم أنشأ يقول :

ألا أيّها الزّوّار لا يد عندكم (٦)

أياديكم عندي أجلّ وأكبر

فإن كنتم أفردتموني للرجاء

فشكري لكم من شكركم لي أكثر

كفاني من مالي دلاص وسابح

وأبيض من صافي الحديد ومغفر

ثم أمر بنهب تلك الأموال ، فأخذ كلّ أحد على قدر قوته.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنبأنا جدي أبو محمّد ، حدّثنا أبو علي الأهوازي ، حدّثنا أبو القاسم علي بن بشرى (٧) العطار ، حدّثنا أبو علي الأنصاري.

ح وقرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو القاسم علي (٨) بن بشرى بن عبد الله العطار ، حدّثنا أبو علي محمّد بن هارون بن شعيب الأنصاري ، حدّثني محمّد بن سعيد (٩) الطائي ، حدّثني أحمد بن محمّد البغدادي كاتب ميمون بن وصيف ، حدّثني أبي قال :

زرنا أبا دلف العجلي أربعمائة رجل بين كاتب وشاعر وعامل وسائل ومتوصل ، فأقمنا

__________________

(١) الدلاص درع دلاص : لينة.

(٢) يقال فرس سابح : الذي يسبح بيديه في جريه.

(٣) في «ز» : «من صدا».

(٤) زيادة «الواو» لتقويم السند عن م و «ز».

(٥) الخبر والشعر رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٤١٨ ـ ٤١٩.

(٦) بالأصل : «يدعنكم» والمثبت عن م ، و «ز» ، وتاريخ بغداد.

(٧) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» ، بشر بن العطار.

(٨) ما بين الرقمين سقط من «ز».

(٩) ما بين الرقمين سقط من «ز».

١٣٧

بابه شهرا لا نصل إليه ، ثم أذن لنا بالدخول عليه ، فدخلنا فإذا بكراسي قد حفت من داخل القصر ، فإذا بكرسي أكبر منها على باب ، فما جلسنا إلّا قليلا إذا بأبي دلف قد خرج إلينا فأومأنا (١) بالقيام إليه ، فأومأ بيده أن لا يقوم أحد ، ثم جلس [على](٢) كرسيه وأطرق مليا ورفع رأسه وأنشأ يقول :

ألا أيّها الزّوار لا يد عندكم

أياديكم عندي أجلّ وأكبر

فإن كنتم أفردتموني للغنى

فشكري لكم من شكركم لي أكثر

لأنّي للمعروف أهل وموضع

ينال الفتى مني وعرضي موفر

كفاني من مالي جواد وثروة

وأبيض من ضافي الحديد ومغفر

قال : ثم أمر بالأنطاع فبسطت ، وبالأموال فصبّت ، وقال : أيها الزوار إنّي أجلّ أقداركم ، وأعظم أخطاركم عن القسمة بينكم ، فيأخذ كلّ رجل منكم حسب ما أطاق وقدر ما أحب ، قال : فحملنا في الحجور والأكمام والقلانس والخفاف ، وخرجنا نملأ السماء دعاء والأرض ثناء.

أخبرنا أبوا (٣) الحسن الفقيهان ، وأبو المعالي بن الشّعيري ، قالوا : أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا أبو بكر الخرائطي ، حدّثنا يموت بن المزرّع ، حدّثنا محمّد بن حميد اليشكري قال :

كنت ذات يوم واقفا بباب أبي دلف العجلي (٤) في الكرج [في ناس](٥) من الشعراء والمسترفدين قد اتّخذنا ظهور دوابّنا مساطب ، نطالب بالإذن لنا عليه ، إذ خرج خادم له ، فسلّم علينا ثم قال : الأمير يقرأ عليكم السلام ويقول : إنّه لا شيء لكم عندنا فانصرفوا (٦) ، فورد علينا جواب لا نجيز معه جوابا فإنّا كذلك إذ خرج غلام آخر فقال : ادخلوا ، فدخلنا فألفيناه جالسا (٧) على كرسي ينكث (٨) بخيزرانة بيده الأرض فسلّمنا فردّ وأشار إلينا فجلسنا

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل وم ، وفي «ز» : «فأومأ».

(٢) زيادة عن م و «ز» ، للإيضاح.

(٣) بالأصل و «ز» وم : «أبو» وفوقها في م : ضبة.

(٤) بالأصل : «أبي عجل الدلفي» وفوقهما ضبتان ، والتصويب عن م و «ز».

(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م و «ز».

(٦) في «ز» : فانصرفنا.

(٧) بالأصل : جالس ، تصحيف ، والتصويب عن م و «ز».

(٨) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : ينكت.

١٣٨

فقال : والله ما أجبتكم الجواب على لسان الخادم إلّا من وراء ضيقة قد علمها الله وبعد أن خرج الخادم بالجواب إليكم ذكرت بيتا وهو قول الشاعر :

وقد نبّئت أنّ عليك دينا

فزد في رقم دينك واقض ديني

والله لأزدين في رقم ديني ، ولأقضينّ ديونكم ، وقال : يا غلام أحضرني تجار الكرج ، فحضروا فعاملهم على مال أرضانا به عن آخرنا.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](١) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٢) ، أنبأنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد ، حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدل ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني أبو الفضل جعفر بن محمّد الأصبهاني ، حدّثني محمّد ابن إدريس بن معقل ، عن أبيه قال :

اجتمع على باب أبي دلف جماعة من الشعراء ، فمدحوه وتعذّر عليهم الوصول إليه وحجبهم حياء لضيقة نزلت به. فأرسل إليهم خادما له يعتذر إليهم ويقول : انصرفوا في هذه السنة وعودوا في القابلة ، فإني أضعف لكم العطية وأبلغكم الأمنية فكتبوا إليه :

أي هذا العزيز قد مسنا الده

ر بضرّ وأهلنا أشتات

وأبونا شيخ كبير فقير

ولدينا بضاعة مزجات (٣)

قلّ طلابها فبارت علينا

وبضاعاتنا بها التّرّهات

فاغتنم شكرنا وأوف لنا الكي

ل وصدّق (٤) فإننا أموات

فلمّا وصل إليه الشعر ضحك وقال : علي بهم ، فلمّا دخلوا قال : أبيتم إلّا [أن](٥) تضربوا وجهي بسورة يوسف (٦) ، والله إنّي لمضيق ولكني أقول كما قال الشاعر :

لقد خبّرت أنّ عليك دينا

فزد في رقم دينك واقض ديني

يا غلام اقترض لي عشرين ألفا بأربعين ألفا ، وفرّقها فيهم.

__________________

(١) زيادة «الواو» عن م و «ز» ، للإيضاح.

(٢) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٢ / ٤٢١.

(٣) كذا بالأصل وم و «ز» وتاريخ بغداد مزجات بالتاء الطويلة ، والمزجاة : يقال بضاعة مزجاة أي خسيسة.

(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي تاريخ بغداد : وتصدق علينا.

(٥) سقطت من الأصل وم و «ز» ، والزيادة عن تاريخ بغداد.

(٦) يشير إلى قوله تعالى في الآية ٨٨ من سورة يوسف : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ، وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ).

١٣٩

قال الخطيب (١) : وحدّثني الأزهري قال في كتابي عن سهل الديباجي حدّثنا أحمد بن محمّد بن الفضل الأهوازي ، قال : أنشد بكر بن النّطّاح أبا دلف :

مثال أبي دلف أمة

وخلق أبي دلف عسكر

وإنّ المنايا إلى الدار

عين بعين أبا دلف تنظر

فأمر له بعشرة آلاف درهم فاشترى بها بستانا بنهر الأبلّة (٢) ثم عاد من قابل فأنشده :

بك ابتعت في نهر الأبلّة جنّة

عليها قصير بالرّخام مشيّد

إلى لزقها أخت لها يعرضونها

وعندك مال للهبات عتيد

فقال له أبو دلف ـ بكم الأخرى؟ قال : بعشرة آلاف ، قال : ادفعوها إليه ، ثم قال له : لا تجئني قابل فتقول بلزقها (٣) أخرى ، فإنّك تعلم أن لزق كلّ أخرى أخرى متصلة إلى ما لا نهاية له.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف ، أنبأنا أبو الفتح بن علي بن سيبخت ، حدّثنا أبو بكر بن الأنباري ، حدّثني أبي ، حدّثنا بعض أصحابنا قال : دخل بعض الشعراء على أبي دلف القاسم بن عيسى فأنشده :

أبا دلف إنّ المكارم لم تزل

مغلغلة تشكو إلى الله غلّها

فبشرها منه بميلاد قاسم

فأرسل جبريلا إليها فحلّها

فأمر له بمال ، فقال الخازن : ما هذا في بيت المال ، فأمر له بضعفه ، فقال الخازن : ما يحضر ، فأمر له بضعفيه ، فلمّا حمل المال مع الشاعر أنشأ أبو دلف يقول :

أتعجب إن رأيت عليّ دينا

وأن ذهب الطريف مع التّلاد

ملأت يدي من الدّنيا مرارا

فما طمع العواذل في اقتصادي

وما وجبت عليّ زكاة مال

وهل تجب الزكاة على جوّاد؟

أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي ، أنبأنا أبو منصور بن شكرويه ، ومحمّد ابن أحمد بن علي السمسار ، قالا : أنبأنا إبراهيم بن عبد الله بن [محمد ، نا أبو عبد الله

__________________

(١) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٢ / ٤١٧.

(٢) الأبلة : بضم الهمزة والباء الموحدة واللام المشددة المفتوحة وهي بلدة قديمة على أربعة فراسخ من البصرة ، وهي اليوم من البصرة (وفيات الأعيان ٤ / ٧٩).

(٣) في «ز» : بكرتها.

١٤٠