تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٤٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

خرج بالحجاز ، يقول : إنه نبي ، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه ، فإن كان نبيا كما يقول ، فإنه لن يخفى علينا إذا لقيناه اتّبعناه ، وإن كان غير ذلك علمنا علمه ، فإنه إن يسبق إليه رجل من قومك سادنا وترأس علينا وكنّا له أذنابا ، فأبى قيس وسفّه رأيه ، فركب عمرو بن معدي كرب في عشرة من قومه حتى قدم المدينة (١) ، فأسلم ثم انصرف إلى بلاده ، فلما بلغ قيس بن مكشوح خروج عمرو أوعد عمرا ، وتحطّم (٢) عليه ، وقال : خالفني وترك رأيي ، فقال عمرو في ذلك شعرا (٣) :

أمرتك يوم ذي (٤) صنعا

ء أمرا باديا رشده

أمرتك باتقاء الله

والمعروف تأتفده (٥)

خرجت من المنى مثل

الحميّر عاره (٦) وتده

وجعل عمرو يقول : لقد خبرتك يا قيس أنك تكون ذنابي تابعا لفروة بن مسيك وجعل فروة يطلب قيس بن مكشوح كلّ الطلب حتى هرب من بلاده ، وأسلم بعد ذلك.

قال : وحدّثنا محمّد بن سعد قال (٧) :

في الطبقة الرابعة من مراد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، واسم مراد يحابر وإنّما سمي مرادا لأنه أوّل من تمرّد باليمن : قيس بن المكشوح ، واسم المكشوح هبيرة بن عبد يغوث بن الغزيل بن سلمة بن بدا بن عامر بن عوثبان (٨) بن زاهر بن مراد ، وإنّما سمي أبوه المكشوح لأنه كشح بالنار أي كوي على كشحه (٩) ، وكان سيّد مراد ، وابنه قيس كان فارس مذحج ، وهو الذي قتل الأسود العنسي الذي تنبأ ، فسمته مضر قيس غدر ، فقال : لست غدر ولكني حتف مضر.

أخبرنا أبو السعود بن المجلي (١٠) ، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي.

__________________

(١) راجع طبقات ابن سعد ١ / ٣٢٨ «وفد زبيد».

(٢) أي اشتد عليه.

(٣) الأبيات في سيرة ابن هشام ٤ / ٢٣٠ وتاريخ الطبري ٣ / ١٣٣.

(٤) ذو صنعاء : موضع.

(٥) في سيرة ابن هشام : تتعده.

(٦) في سيرة ابن هشام : غره.

(٧) الخبر في طبقات ابن سعد ٥ / ٥٢٥.

(٨) في ابن سعد : عوبثان.

(٩) الكشح : ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف ، وهو من لدن السرة إلى المتن.

(١٠) بالأصل وم و «ز» : المحلى ، تصحيف.

٤٨١

ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، أنبأنا أبي أبو يعلى.

قالا : أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي ، أنبأنا محمّد بن مخلد بن حفص قال : قرأت على علي بن عمرو ، حدثكم الهيثم بن عدي قال : قال ابن عيّاش (١) : قيس بن هبيرة بن مكشوح يكنى أبا حسّان.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، حدّثنا أبو الحسن الدارقطني قال : وأمّا الغزيل فقال الطبري : قيس بن المكشوح ، وهو هبيرة بن عبد يغوث بن الغزيّل بن سلمة بن بدا بن عامر بن عوثبان بن زاهر بن مراد ، وعداده في جمل.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا قال (٢) :

أما الغزيل فعن الطبري فذكر نحو قول الدارقطني ، وخفف الغزيل في الموضعين.

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن كامل بن ديسم قال : كتب إليّ أبو جعفر بن المسلمة يذكر أنّ أبا عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى المرزباني (٣) أخبرهم إجازة ، قال :

قيس بن المكشوح بن عبد يغوث المرادي ، والمكشوح اسمه هبيرة ، وكان قيس سيد قومه ، وهو ابن أخت عمرو بن معدي كرب ، ولمّا ظهر أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال عمرو بن معدي لقيس (٤) : أنت سيّد قومك ، وقد ذكر لنا أن رجلا من قريش يقال له محمّد ظهر بالحجاز يقول : إنه نبي ، فانطلق بنا إليه حتى نلقاه ، وبادر فروة بن مسيك لا يغلبك على الأمر ، فأبى قيس ذلك ، وسفّه رأيه وعصاه ، فلما قدم فروة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثه على صدقات من أسلم من قومه ، وقيس هو القائل لعمرو بن معدي كرب وكانا متباغضين (٥) :

كلا أبوي من عمّ وخال

كما أبنيته للمجد نام

ولو لا لاقيتني قرنا

وودّعت الحبائب بالسّلام

لعلّك موعدي ببني زبيد

وما جمعت من نوكى لئام (٦)

__________________

(١) بالأصل وم : ابن عباس ، تصحيف ، والتصويب عن «ز».

(٢) الاكمال لابن ماكولا ٧ / ١٧.

(٣) الخبر في معجم الشعراء للمرزباني ص ٣٢٣.

(٤) في أصل معجم الشعراء : «يا عمرو» وفوقها «كذا» وقد صححها مصححه فكتب مكانها : يا قيس.

(٥) الأبيات في معجم الشعراء ٣٢٣ وبعضها في الاستيعاب ٣ / ٢٤٦ (هامش الإصابة) وأسد الغابة ٤ / ١٤٧ والإصابة ٣ / ٢٧٤.

(٦) في الاستيعاب : وما قامعت من تلك اللئام.

٤٨٢

وهذه الأبيات من قصيدة منها :

جلبت الخيل بالأبطال تردي

بكلّ مذحج كالليث حام

إلى وادي القرى قد ثار كلب

إلى اليرموك بالبلد الشام

وحين القادسية بعد شهر

مسوّمة دوائرها دوامي

يناهضنا هنالك جمع كسرى

وأبناء المرازبة الكرام

فلمّا أن رأيت الخيل جالت

فصدت لموقف الملك الهمام

فأضرب رأسه فهوى صريعا

بسيف لا أفل ولا كهام

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، حدّثنا أحمد بن عبد الله ، حدّثنا (١) السري بن يحيى ، حدّثنا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر (٢) ، حدّثنا المستنير (٣) بن يزيد النّخعي عن عروة بن غزيّة الدّثيني (٤) ، عن الضحاك بن فيروز الدّيلمي ، عن أبيه.

أن أول ردّة كانت في الإسلام ردّة كانت باليمن على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على يدي ذي الخمار عبهلة بن كعب ـ وهو الأسود ـ في عامة مذحج ، خرج بعد حجة الوداع ، وكان الأسود كاهنا شعباذا (٥) وكان يريهم الأعاجيب ، ويسبي قلوب من سمع منطقه ، وكان أول ما خرج أن خرج من كهف خبّان ، وهي كانت داره ، وبها ولد ونشأ ، فكاتبته مذحج ، وواعدوه نجران ، فوثبوا بها وأخرجوا عمرو بن حزم ، وخالد بن سعيد بن العاص ، وأنزلوه منزلهما ، ووثب قيس بن عبد يغوث على فروة بن مسيك وهو على مراد فأجلاه ونزل منزله ، فلم يلبث عبهلة بنجران أن سار إلى صنعاء فأخذها ، وكتب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك من فعله ونزوله صنعاء ، وكان أوّل خبر رفع (٦) به عنه من قبل فروة بن مسيك ، ولحق بفروة من تم على إسلامه من مذحج فكانوا بالأحسية ، ولم يكاتب الأسود النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يرسل إليه ، لأنه لم يكن معه أحد (٧) يشاغله ، وصفا له ملك اليمن.

__________________

(١) سقطت من «ز».

(٢) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ١٨٥.

(٣) كذا بالأصل وم وتاريخ الطبري ، وفي «ز» : المسيب.

(٤) بدون إعجام بالأصل وم و «ز» ، والمثبت عن الطبري.

(٥) الشعباذ : المشعبذ ، والشعبذة والشعوذة أخذ كالسحر يرى الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين.

(٦) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي تاريخ الطبري : وقع به.

(٧) كذا بالأصل ، وفي م ، و «ز» ، والطبري : بشاغبه.

٤٨٣

قال : وحدّثنا سيف (١) ، عن سهل بن يوسف ، عن أبيه عن عبيد بن مصخر قال : بينما نحن بالجند (٢) قد أقمناهم على ما ينبغي ، وكتبنا بيننا وبينهم الكتب ، إذ جاءنا كتاب من الأسود : أيها المتوردون علينا ، أمسكوا علينا ما أخذتم من أرضنا ، ووفروا ما جمعتم ، فنحن أولى به ، وأنتم على ما أنتم عليه ، فقلنا للرسول : من أين جئت؟ قال : من كهف خبّان ، ثم كان وجهه إلى نجران ، حتى أخذها في عشر لمخرجه ، وطابقه عوامّ مذحج ، فبينما نحن ننظر في أمرنا ، ونجمع جمعنا ، إذ أتينا فقيل : هذا الأسود بشعوب (٣) ، وقد خرج إليه شهر بن باذام ، وذلك لعشرين ليلة من منجمه ، فبينا نحن ننظر الخير على من تكون الدبرة ، إذ أتانا أنه قتل شهرا ، وهزم الأبناء ، وغلب على صنعاء لخمس وعشرين ليلة من منجمه. وخرج معاذ هاربا ، حتى مرّ بأبي موسى وهو بمأرب ، فاقتحما حضرموت ، فأما معاذ فإنه نزل في السكون ، وأما أبو موسى فإنه نزل في السكاسك مما يلي المفوّر والمفازة بينهم وبين مأرب ، وانحار سائر أمراء اليمن إلى الطاهر إلّا عمرا وخالدا ، فإنهما رجعا إلى المدينة ، والطاهر يومئذ في وسط بلاد عكّ بحيال (٤) صنعاء. وغلب الأسود على ما بين صهيد ـ مفازة حضرموت ـ إلى عمل الطائف إلى البحرين قبل عدن ـ وطابقت عليه اليمن ـ وعكّ بتهامة معترضون عليه ، وجعل يستطير استطارة الحريق ، وكان معه سبعمائة فارس يوم لقي شهرا سوى الركبان ـ وكان (٥) قواده قيس بن عبد يغوث المرادي ومعاوية بن فلان (٦) الجنبي ويزيد بن مخرم (٧) ويزيد بن حصين الحارثي ويزيد بن الأفكل الأزدي ، وابنا مليكة (٨) واستغلظ أمره ، ودانت له سواحل من السواحل ، حاز عثر (٩) والشّرجة (١٠) والحردة (١١) وغلافقة (١٢)

__________________

(١) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٢٩٩ ـ ٢٣٠.

(٢) الجند : بالتحريك ، من مدن اليمن ـ بينها وبين صنعاء ٥٨ فرسخا (معجم البلدان).

(٣) شعوب : قصر باليمن ، أو بساتين بظاهر صنعاء (راجع معجم البلدان).

(٤) بالأصل : «من جبال صنعاء» والمثبت عن «ز» ، وم ، والطبري.

(٥) بالأصل وم : وجعل ، والمثبت عن «ز» ، والطبري.

(٦) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : معاوية بن قيس الجنبي.

(٧) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : محرم.

(٨) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : وثبت ملكه واستغلظ أمره.

(٩) عثر بالفتح ثم السكون ، بلد باليمن (معجم البلدان).

(١٠) من أول أرض اليمن ، وهو أول كدرة عثر (معجم البلدان).

(١١) الحردة : بالفتح ، بلد باليمن (معجم البلدان).

(١٢) غلافقة بالفتح : بلد على ساحل بحر اليمن مقابل زبيد (معجم البلدان).

٤٨٤

عدن ، والجند ، ثم صنعاء إلى عمل الطائف ، إلى الأحسية وعليب ، وعامله المسلمون بالبقية ، وعامله أهل الردة بالكفر والرجوع عن الإسلام ، وكان خليفته في مذحج عمرو بن معدي كرب ، وأسند أمور (١) الناس إلى نفر ، فأما أمر جنده فإلى قيس بن عبد يغوث ـ وأسند أمور الأبناء إلى فيروز وداذويه.

فلما أثخن في الأرض استخف بقيس وبفيروز وداذويه ، فتزوج امرأة شهر ، وهي ابنة عم فيروز ، فبينا نحن كذلك بحضرموت ، ولا نأمن أن يسير إلينا الأسود أو يبعث إلينا جيشا ، أو يخرج بحضرموت خارج يدّعي بمثل ما ادّعى به الأسود ، فنحن على ظهر ، تزوج معاذ إلى بني نكر (٢) حي من السكون ، امرأة أخوالها بنو (٣) زنكبيل ، يقال لها رملة فحدبوا علينا لصهره ، وكان معاذ بها معجبا ، فإن كان ليقول فيما يدعو الله به اللهم ابعثني يوم القيامة مع السكون ، ويقول أحيانا اللهم اغفر للسكون إذ جاءتنا كتب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأمرنا فيها أن نبعث الرجال لمجاولته (٤) ومصاولته (٥) ، وأن نبلغ كل من رجا عنده شيئا من ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقام معاذ في ذلك بالذي أمر به ، فعرفنا القوة ، ووثقنا بالنصر (٦).

قال : ونا سيف (٧) ، نا المستنير (٨) بن يزيد ، عن عروة بن غزية الدّثيني ، عن الضحاك ابن فيروز ، عن جشيش (٩) بن الديلمي قال :

قدم علينا وبر بن يحنّس بكتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأمرنا فيه بالقيام على ديننا ، النهوض في الحرب ، والعمل في الأسود : إما غيلة وإما مصادمة ، وأن نبلغ عنه من رأينا عنده نجدة أو دينا ، فعلمنا في ذلك ، فرأينا أمرا كثيفا ، ورأيناه قد تغيّر لقيس بن عبد يغوث ـ وكان على جنده ـ فقلنا : نخاف على دمه ، فهو لأول دعوة ، فدعوناه وأثبتناه الشأن ، وأبلغناه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكأنما وقعنا عليه من السماء ، وكان في غمّ وضيق بأمره ، فأجابنا إلى ما أحببنا من ذلك ،

__________________

(١) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : وأسند أمره إلى نفر.

(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : «بكرة» وبهامشه عن نسخة : «نكره».

(٣) بالأصل وم و «ز» : بني ، والمثبت عن الطبري.

(٤) الأصل وم و «ز» : لمحاولته ، والمثبت عن الطبري.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : «ومصادمته» وفي الطبري : أو لمصاولته.

(٦) في «ز» : ووفقنا بالبصر.

(٧) رواه الطبري في تاريخه ٣ / ٢٣١ ـ ٢٣٢.

(٨) في «ز» : المسيب ، تصحيف.

(٩) الأصل : حشيش ، والمثبت عن «ز» ، والطبري ، وم.

٤٨٥

وجاءنا وبر بن يحنّس ، وكاتبنا الناس ودعوناه وأخبره الشيطان بشيء فأرسل إلى قيس فقال : يا قيس ، ما يقول هذا؟ قال : وما يقول؟ قال : يقول : عمدت إلى قيس فأكرمته ، حتى إذا دخل منك كل مدخل ، وصار في العز مثلك ، مال ميل عدوك ، وحاول ملكك وأضمر على الغدر! إنه يقول : يا أسود يا أسود ، ويا سوأة ويا سوأة ، أقطف قنته ، وخذ من قيس أعلاه ، وإلا سلبك أو قطف قنتك ، فقال قيس : وحلف به ـ كذب وذي الخمار ، لأنت أعظم في نفسي وأرجى عندي من أن أحدث بك نفسي ، فقال : ما أجفاك ،  أتكذب الملك ، فقد صدق الملك ، وعرفت الآن أنك تائب مما اطلع عليه منك.

ثم خرج فأتانا ، فقال : يا جشيش (١) ويا فيروز ويا داوذيه إنه قد قال وقلت ، فما الرأي؟ فقلنا : كن على حذر ، فإنا في ذلك ، وأرسل إلينا : ألم أشرفكم على قومكم؟ ألم يبلغني عنكم؟ فقلنا : أقلنا مرتنا هذه ، فقال : فلا يبلغني عنكم فأقلتكم (٢) ، فنجونا ولم نكد ، وهو في ارتياب (٣) من أمرنا وأمر قيس ، ونحن في ارتياب (٤) وعلى خطر عظيم ؛ إذ جاءنا اعتراض عامر بن شهر وذي زود ، وذي مران ، وذي كلاع ، وذي ظليم عليه. وكاتبونا وبذلوا لنا النصر ، وكاتبناهم وأمرناهم أن لا يحركوا شيئا حتى نبرم الأمر ، وإنما هاجوا لذلك حين جاء كتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليهم ، وكتب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أهل نجران إلى عربهم وساكني الأرض من غير العرب ، فثبتوا فتنحوا وانضموا إلى مكان [واحد] ، وبلغه ذلك ، وأحسّ بالهلاك ، وفرق لنا الرأي ، فدخلت على آذاذ ، وهي امرأته ، فقلت : يا ابنة عم ، قد عرفت بلاء هذا الرجل عند قومك ، قتل زوجك ، وطأطأ في قومك القتل ، وسفك بمن بقي منهم ، وفضح النساء ، فهل عندك ممالأة عليه!؟ فقالت : على أيّ أمره؟ فقلت : على إخراجه ، فقالت : أو قتله؟ فقلت : أو قتله ، قالت : نعم ، والله ما خلق الله شخصا أبغض إليّ منه ، ما يقوم لله على حق ، ولا ينتهي له عن حرمة ، فإذا عزمتم فأعلموني أخبركم بمأتى هذا الأمر ، فأخرج فإذا فيروز وداذويه ينتظراني ، وجاء قيس ونحن نريد أن نناهضه فقال له رجل [قبل](٥) أن يجلس إلينا : الملك يدعوك ، فدخل في عشرة من مذحج وهمدان ، فلم يقدر على قتله معهم ، قال السري في حديثه : فقال : يا عبهلة بن كعب بن غوث ، أمني تحصّن بالرجال ، ألم أخبرك الحق

__________________

(١) بالأصل و «ز» : حشيش ، والمثبت عن م والطبري.

(٢) في الطبري : فأقتلكم.

(٣) الأصل : ارتياد ، والمثبت عن م ، و «ز» ، والطبري.

(٤) الأصل : ارتياد ، والمثبت عن م ، و «ز» ، والطبري.

(٥) الزيادة عن م ، و «ز» ، والطبري.

٤٨٦

وتخبرني الكذابة!؟ إنه يقول يا سوأة يا سوأة ، إلا تقطع من قيس يداه يقطع قنتك العليا ، حتى ظن أنه قاتله ، فقال : إنه ليس من الحق أن أقتلك وأنت رسول الله. فمر بي (١) بما أحببت ، فأما الخوف والفزع فإنا فيهما فاقتلني ، فموتة واحدة أهون عليّ من موتات أموتها كل يوم ، فرق له وأخرجه فخرج علينا فأخبرنا وواطأنا (٢) ، وقال : اعملوا عملكم ، وخرج علينا الأسود في جمع ، فقمنا مثولا به ، وبالباب مائة من بين بقرة وبعير ، فقام وخط خطّا فأقيمت من ورائه ، وقام من دونه ، فنحرها غير محبسة ولا معلقة ، ثم خلاها ما يقتحم الخط منها شيء ، وخلاها فجالت إلى أن زهقت ، فما رأيت أمرا كان أفظع منه ، ولا يوما أوحش منه ، ثم قال : أحق ما بلغني عنك يا فيروز؟ وبوّأ له الحربة ، لقد هممت أن أنحرك وأتبعك هذه البهيمة ، فقال : اخترتنا لصهرم وفضلتنا على الأبناء ، فلو لم تكن نبيّا ما بعنا نصيبنا منك بشيء ، فكيف وقد اجتمع لنا بك أمر آخرة ودنيا ، لا تقبلن علينا أمثال ما يبلغك ، فإنا بحيث تحب. فقال : اقسم هذه ، فأنت أعلم بمن هاهنا ، وقد اجتمع أهل صنعاء ، فجعلت آمر للرهط بالجزور ولأهل البيت بالبقرة ، ولأهل الحلة بعدة ، حتى أخذ أهل كل ناهية بقسطهم. فلحق به قبل أن يصل إلى داره ـ وهو واقف عليّ ـ رجل يسعى إليه بفيروز ، فاستمع له ، واستمع له فيروز وهو يقول : أنا قاتله غدا وأصحابه ، فاغد عليّ ، ثم التفت فإذا هو بفيروز ، فقال : مه ، فأخبره بالذي صنع ، قال : أحسنت ، ضرب دابته داخلا. فرجع إلينا فأخبرنا الخبر فأرسلنا إلى قيس فجاءنا ، فأجمع ملؤهم أن أعود إلى المرأة فأخبرها بعزيمتنا لتخبرنا بمأتى أمره (٣) ، فأتيت المرأة فقلت : ما عندك؟ قال : هو متحرز متحرس ، وليس من القصر شيء ألّا والحرس محيطون به غير هذا البيت ، فإن ظهره إلى مكان كذا وكذا من الطريق ، فإذا أمسيتم فانقبوا عليه ، فإنكم من دون الحرس ، وليس دون قتله شيء ، وقالت : إنكم تجدون في البيت سراجا وسلاحا ، فخرجت فتلقاني الأسود خارجا من بعض منازله ، فقال : ما أدخلك عليّ؟ ووجأ رأسي حتى سقطت ـ وكان شديدا ـ وصاحت المرأة فأدهشته عني ، ولو لا ذلك لقتلني وقالت : ابن عمي جاءني زائرا ، فقصرت بي! فقال : اسكتي لا أبا لك ، فقد وهبته لك! فتزايلت عني ، فأتيت أصحابي فقلت : النجاء! الهرب! وأخبرتهم الخبر ، فإنا على ذلك حيارى إذ جاءني

__________________

(١) الأصل : فمرني ، والمثبت عن م و «ز» ، والطبري.

(٢) بالأصل وم و «ز» : «وطوانا» والمثبت عن الطبري.

(٣) اللفظتان غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن م ، وفي «ز» : «بما في أمره» وفي الطبري : بما تأمر.

٤٨٧

رسولها : لا تدعن ما فارقتك عليه ، فإني لم أزل به حتى اطمأن ، فقلنا لفيروز : ائتها فتثبّت ، فأما أنا فلا سبيل إلى الدخول بعد النهي ، ففعل ، وإذا هو كان أفطن مني ، فلما أخبرته ، فقال : وكيف ننقب على بيوت مبطنة ، ينبغي لنا أن نقلع بطانة البيت ، فدخلا فاقتلعا البطانة ثم أغلقاه ، وجلس عندها كالزائر ، فدخل عليها فاستخفته الغيرة ، فأخبرته برضاع وقرابة مثلها عنده محرم ، فصاح به وأخرجه ، وجاءنا بالخبر ، فلما أمسينا عملنا في أمرنا وقد واطأنا أشياعنا ، وعجلنا عن مراسلة الهمدانيين والحميريين ، فنقبنا البيت من خارج ، ثم دخلناه فإذا فيه سراج تحت جفنة ، فاتقينا بفيروز ، وكان أنجدنا وأشدنا ، فقلنا : انظر ما ترى ، فخرج ونحن بينه وبين الحرس معه في مقصورة ، فلما دنا من باب البيت سمع غطيطا شديدا ، وإذا المرأة جالسة ، فلما قام على الباب أجلسه الشيطان فكلمه على لسانه ، وإنه ليغط جالسا ، فقال : وأيضا : ما لي ولك يا فيروز ، فخشي إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة ، فعاجله فخالطه وهو مثل الجمل ، فأخذ برأسه فقتله ، فدقّ عنقه ، ووضع ركبته في ظهره فدقه ثم قام ليخرج فأخذ بثوبه وهي ترى أنه لم يقتله ، فقالت : أين تدعني قال : أخبر أصحابي بمقتله ، فأتانا فقمنا معه ، فأردنا حز رأسه ، فحركه الشيطان واضطرب فيه فلم نضبطه ، فقلت اجلسوا على صدره ، فجلس اثنان على صدره ، وأخذت المرأة بشعره ، وسمعنا بربرة ، فألجمته بمئلاة (١) ، وأمرّ الشفرة على حلقه فخار كأشد خوار ثور سمعته قط ، فابتدر الحرس الباب وهم حول المقصورة ، [فقالوا :] ما هذا ما هذا. فقالت المرأة : النبي يوحى إليه ، فإليكم ، وخمد ، ثم سمرنا ليلتنا ونحن نأتمر كيف نخبر أشياعنا ، ليس غيرنا ثلاثتنا : فيروز ، وداذويه وقيس. فاجتمعنا على النداء بشعارنا الذي بيننا وبين أشياعنا ، ثم ينادي بالأذان ، فلما طلع الفجر نادى داذويه بالشعار ، ففزع المسلمون والكافرون ، وتجمع الحرس فأحاطوا بنا ثم ناديت بالأذان ، وتوافت خيولهم إلى الحرس ، فناديتهم : أشهد أن محمدا رسول الله ، وأن عبهلة كذاب ، وألقينا إليهم رأسه ، فأقام وبر الصلاة ، وشنها القوم غارة ، ونادينا : يا أهل صنعاء ، من دخل عليه داخل فتعلقوا به ، ومن كان عنده منهم أحد لم يخرج فتعلقوا به ، ونادينا بمن في الطريق : تعلقوا بمن استطعتم فاختطفوا صبيانا كثيرين (٢) ، وانتهبوا ما انتهبوا ، ثم مضوا خارجين ، فلما برزوا فقدوا منهم سبعين فارسا ركبانا ، وإذا أهل الدور والطرق قد وافونا بهم ،

__________________

(١) المئلاة : خرقة تمسكها المرأة تشير بها عند النوح.

(٢) الأصل : «كثيرا» وفي «ز» : «كبيرا» وفي م : «فاختلطوا صبيا كبيرا» والمثبت عن الطبري.

٤٨٨

وفقدنا سبعمائة عيّل وراسلونا وراسلناهم أن يتركوا لنا من في أيديهم ، فنترك لهم من في أيدينا ، ففعلنا فخرجوا لم يظفروا منا بشيء ، وترددوا فيما بين صنعاء ونجران وخلصت صنعاء والجند ، وأعز الله الإسلام وأهله ، وتقاسمنا الإمارة ، وتراجع أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أعمالهم ، فاصطلحنا على معاذ [بن جبل] فكان يصلي بنا ، وكتبنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالخبر ، وذلك في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأتاه الخبر من ليلته ، وقدمت رسلنا ، وقد قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صبيحة تلك الليلة. فأجابنا أبو بكر.

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنبأنا أبو الحسين (١) ، أنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا رضوان بن أحمد ابن جالينوس ، حدّثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدّثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال :

وكان الأسود بن كعب العنسي قد ظهر باليمن ، وتنبّأ بصنعاء ، وتكلّم بالكذب ، فكان سبب قتل الأسود بن كعب أنه كان عنده امرأة من بني غطيف سباها ، وهي عمرة ابنة عبد يغوث المكشوح وامرأة من الأبناء ممن استبى يقال لها : بهرانة ابنة الديلم أخت فيروز بن الديلم ، وكان فيروز يدخل عليه إذا شاء لمكان أخته ، وكان قيس يدخل عليه إذا شاء لمكان أخته ، وكانا نديمين له فلمّا قدم قيس على الأسود لقي فيروز ، فأخبره الخبر ، وأطمعه في قتله ، وذلك أن قيسا سمع المهاجر يخبرهم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال للمسلمين : «إنكم ستقتلون الأسود» [١٧٦٠] ، فطمع قيس في قتله ، وقد قتل أخاه عمر بن عبد يغوث ، فائتمروا فيما بينهما ودخل معهما رجل من الأبناء في ذلك يقال له : داذويه ، فاجتمعوا على ذلك من قتله ، وأفضى قيس بذلك إلى أخته ، فقال لها : قد عرفت عداوته لقومك وما قد ركبهم به ، والرجل مقتول لا شك فيه ، فإن استطعت أن يكون بنا فافعلي ، ندرك ثأرنا ، ويكون مأثرة لنا ، فتحيّني لنا غرّته إذا سكر ، فطاوعته على ذلك وقال فيروز لصاحبته مثل [ذلك](٢) فقال : قد علمت ما ركب هذا الرجل من قومك ، وما يريد بهم ، وقد كان يريد أن يجليهم من اليمن ، فتحيّني لنا غرته إذا سكر عندك ، فإنه مقتول ، فليكن ذلك بنا ، فندرك ثأرنا ، ويكون مأثرة لنا ، فطاوعته على ذلك ، وكان مقتله في بيت الفارسية ، وذلك أنها أمرت ، فجعل في شراب له البنج ، فلمّا غلب عليه عقله بعثت إلى أخيها أن شأنك وما تريد ، فإنّ الرجل مغلوب ، وأقبلوا ثلاثتهم : قيس ، وفيروز ، وداذويه ، حتى انتهوا إلى الباب ، فقالوا : أيّنا يكفي الباب لا يدخل علينا أحد؟ فقال داذويه : أنا أكفيكم الباب ، فكان أشدّ ثغورهم ، فلمّا دخلا على الرجل قال فيروز

__________________

(١) بالأصل : الحسن ، والمثبت عن م و «ز».

(٢) زيادة عن «ز» ، وم.

٤٨٩

لقيس : إن شئت أن تجثّم على صدره ، وأضربه وإن شئت أن أجثم على صدره وتضربه ، قال قيس : اجثم أنت على صدره ، وأضبطه أكفك قتله ، فجثم فيروز على صدره ، وضبطه ، وضربه قيس بسيفه ، فقتله ، واحتزّ رأسه ، فبعث به إلى المهاجر بن أبي أمية ، فلمّا أتاه مقتل الأسود أقبل حتى دخل صنعاء فقال قيس بن عبد يغوث المرادي حين قتل الأسود العنسي :

ضربته بالسيف ضرب الأسفان

ضرب امرئ لم يخش عقبى العدوان

من زبر شيطان ولا سلطان

فمات لا يبكيه منّا إنسان

نشوان لا يعقل وهو يقظان

ضل نبي مات وهو سكران

والناس (١) تلقاهم كلهم كالذبّان

فالنور والنار لديهم سيّان

ثم تنازع هؤلاء النفر الثلاثة في قتله ، فقال قيس : أنا قتلت الرجل واحترزت رأسه ، وقال فيروز : أنا ضبطته لك ولو لا ذلك لم تصل إلى قتله ، وقال داذويه : أنا كفيتكم ألا يدخل عليكم أحد ، وكان أشدّ ثغوركم ، ولو لا ذلك لم تقدروا على قتله.

والتمس قيس أن يغتالهما ، فصنع لهما طعاما ثم دعاهما واحدا واحدا ، فقتل داذويه ، ونذر (٢) فيروز فخرج وكان في ذلك بينهما أمر تفاقم فيه الشرّ حتى أصلح بينهما المهاجر بحمالة له ، فقال قيس في ذلك :

زعم ابن حمراء القصاص بأنه

قتل ابن كعب نائما نشوانا

كلا وذي البيت الذي حجت له

شعث المفارق تمسح الأركانا

لأنا الذي نهبته فقتلته

ولقد تكبّد قائما يقظانا

فعلوته بالسيف لا متهيّبا

مما يكون غدا ، ولا ما كانا

فانصاع شيطان لكعب هاربا

عنه ، وأدبر ممعنا شيطانا

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد ، أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار ، أنبأنا أبو الحسن العتيقي ، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني ـ إجازة ـ أنبأنا عمر بن الحسن بن مالك الشيباني ، حدّثنا الحارث بن محمّد بن أبي أسامة ، حدّثنا محمّد بن سعد ، أنبأنا محمّد بن عمر ، حدّثنا قيس ، عن مجالد ، عن الشعبي قال :

بعث أبو بكر قيس بن مكشوح إلى اليمن فقتل العنسي هو وفيروز بن الديلمي ، ثم بعث

__________________

(١) في «ز» : والناس إن تلقاهم كلهم كالذبان.

(٢) نذر بالشيء : علمه ، فحذره.

٤٩٠

بعده عوف بن مالك الأشجعي ، قال محمّد بن عمر : وهذا ليس يعرف منه بالمدينة ولا باليمن حرف واحد ، فأمّا من قتل العنسي ففيروز بن الديلمي قتله ، وقيس بن مكشوح حزّ رأسه ، وقيس يومئذ باليمن لم يلق أبا بكر ، ولم يقدم عليه ، وقيس بن مكشوح قتل داذوي (١) بن الأبناوي فكتب أبو بكر إلى واليه يبعث إليه بقيس بن مكشوح في وثاق ، فبعث به إليه في وثاق ، وكان رأي عمر قتله بداذوي (٢) فأحلفه أبو (٣) بكر خمسين يمينا بالله على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قسامة أنه بريء من قتله ، وتركه.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو الحسن البزّار ، أنبأنا أبو طاهر الذّهبي ، أنبأنا أبو بكر بن سيف ، حدّثنا السري بن يحيى ، حدّثنا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر ، عن جابر بن يزيد ، عن عروة بن غزيّة ، عن الضحاك بن فيروز قال :

كان ما بين خروجه بكنف خبّان إلى مقتله نحو من أربعة أشهر ، وقد كان قبل ذلك مستسرا بأمره حتى بادا بعد وقال فيروز في ذلك :

لما قتلنا بالدبادى العرجلة

أبرمت أمري وقتلت عبهلة

تمت حملنا إليه العبهلة

ننتظر الرسول والقبيل أوسله

قال السري : أو سلة رهط من همدان.

وقال قيس بن عبد يغوث بن المكشوح :

لم تر عيني مثل يوم رأيته

أحاطت بعنس والكلاب عجائبه

نعينا لها الكذاب فارمد جمعها

وقد حويت أفراسه وركائبه

فمن مبلغ عني الرسول بأنني

رأيت نهارا طالعتني كواكبه

وكان الأسود قد وجه إلى عامر بن شهر خيلا واستعمل عليها الجعيد الحكمي فقتل الجعيد وجنده ، وجاء عامر فيمن معه حتى ينزل بشعوب وقد قتل الأسود فقال في ذلك غزل الهمداني :

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وكانت في «ز» : «داذوين» ثم صححت «داذويه» وقد مرّ : داذويه.

(٢) كذا بالأصل ، وفي م : «بداذ» وقد صوبت في «ز» : بداذويه.

(٣) بالأصل : «أبا» والتصويب عن م و «ز».

٤٩١

ونحن حبسنا بالجعيد ركابه

فقطرة منا أحوذي الرّغائب

فإن يعجب العنسي منا ومنهم

فسوف نريه باقيات العجائب

وقال غزال حين انتهى إليهم قتله وهو بشعوب :

يا لهف نفسي والتهلف حسرة

ألا أكون وليته برجال

لله در عصابة جاريتهم

أخنوا عليك بخنجر ومال (١)

قال : وكتبوا جميعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّ رجل بما ولي.

قال : وحدّثنا سيف (٢) ، عن سهل ، عن القاسم ، وموسى بن الغصن ، عن ابن محيريز قالا :

فخرج عكرمة من مهرة سائرا نحو اليمن ، حتى ورد أبين ومعه بشر كثير من مهرة ، وسعد بن زيد ، والأزد ، وناجية ، وعبد القيس ، وحدبان من بني مالك بن كنانة ، وعمرو بن جندب من العنبر ، فجمع النّخع بعد من أصاب من مدبريهم فقال لهم : كيف كنتم من هذا الأمر؟ فقالوا له : كنا في الجاهلية أهل دين لا نتعاطى ما يتعاطى العرب بعضها من بعض ، فكيف بنا إذ صرنا إلى دين عرفنا فضله ودخلنا حبّه ، قال : فسأل عنهم فإذا الأمر كما قالوا ، ثبت على الإسلام عوّامهم وهرب من كان فارق من خاصّتهم ، واستبرأ النّخع وحمير ، وأقام لاجتماعهم وأرز قيس بن عبد يغوث لهبوط عكرمة إلى اليمن إلى عمرو بن معدي كرب فلما ضامه (٣) ، وقع تباغي (٤) فتعايرا فقال عمرو بن معدي كرب يعيّر قيسا غدره بالأبناء ، وقتله داذويه ، ويذكر فراره من فيروز :

غدرت ولم تحسن (٥) وفاء ولم يكن

ليحتمل الأسباب إلّا المعوّد

فكيف لقيس أن ينوط بنفسه

إذا ما جرى والمضرحي المسوّد

وقال قيس :

وفيت لقومي واحتشدت لمعشر

أصابوا على الأحياء عمرا ومرثدا

وكنت لدى الأبناء لما التقيتهم (٦)

كأصيد يسمو بالغرارة (٧) أصيدا

__________________

(١) في «ز» : بحنجر وبمال.

(٢) الخبر والشعر في تاريخ الطبري ٣ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨.

(٣) في «ز» : «صامه» وفوقها ضبة ، والمثبت يوافق الطبري ، وضامه بمعنى ضمه.

(٤) في الطبري : تنازع.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : تخشى.

(٦) في «ز» : التهمتهم ، وفي الطبري : لقيتهم.

(٧) في الطبري : العزازة.

٤٩٢

وقال عمرو بن معدي كرب :

ما أن داذويّ لكم بفخر

ولكن داذويّ فضح الذمارا

وفيروز غداة أصاب فيكم

وأصوب في جموعكم اشتجارا

قال : وحدّثنا سيف (١) قال :

وارتد ثانية قيس بن عبد يغوث بن المكشوح ، وكان من حديث قيس في ردته الثانية.

أنه حين وقع إليهم الخبر بموت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انتكث ، وعمل في قتل فيروز وداذويه وجشيش ، وكتب أبو بكر إلى عمير ذي مرّان ، وإلى سعيد ذي زود (٢) ، وإلى أسميفع (٣) ذي الكلاع ، وإلى حوشب ذي ظليم ، وإلى شهر ذي يناف يأمرهم بالتمسك بالذي هم عليه ، والقيام بأمر الله والناس ، ويعدهم بجنود.

من أبي بكر خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى عمير بن أفلح ذي مرّان ، وسعيد بن العاقب ذي زود ، وأسميفع بن باكور (٤) ذي الكلاع ، وحوشب بن طحمة ذي ظليم ، وشهر ذي يناف ، أما بعد ، فأعينوا الأنباء على من ناوأهم وحوطوهم ، واسمعوا من فيروز ، وخذوا (٥) منه ، فإنّي قد ولّيته.

أنبأنا أبو نصر بن البنّا ، وأبو طالب بن يوسف ، قالا : أنبأنا أبو محمّد الجوهري ـ قراءة عليه ـ عن أبي عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثنا ابن سعد قال :

كتب أبو بكر إلى المهاجر بن أبي أمية أن يبعث إليه بقيس بن مكشوح في وثاق ، فقال : قتلت الرجل الصالح داذويه وهمّ بقتله ، فكلمه قيس وحلف أنه لم يفعل ، وقال : يا خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، استبقني لحربك ، فإنّ عندي بصرا بالحرب (٦) ، ومكيدة للعدو ، فاستبقاه أبو بكر وبعثه إلى العراق ، وأمر أن لا يولّى شيئا ، وأن يستشار في الحرب.

__________________

(١) الخبر رواه الطبري في تاريخه ٣ / ٣٢٣.

(٢) الأصل : رود ، والمثبت عن م و «ز» ، والطبري.

(٣) في الطبري : سميفع ، وفي «ز» : السميفع.

(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : ناكور.

(٥) كذا بالأصل وم و «ز» : «وخذوا منه» وفي تاريخ الطبري : وجدوا معه.

(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : بالحروب.

٤٩٣

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أبو بكر بن سيف (١) ، أنبأنا السري بن يحيى ، أنبأنا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر ، عن المستنير بن يزيد ، عن عروة بن غزية ، وموسى ، عن أبي زرعة الشيباني (٢) قالا :

وفارق عمرو بن معدي كرب قيسا فأقبل مستخفيا (٣) حتى دخل على المهاجر ـ يعني ابن أبي أمية على غير أمان ، فأوثقه المهاجر وأوثق عمرا (٤) وكتب بحالهما إلى أبي بكر وبعث بهما إليه ، وقال :

رأيت أبا ثور وعمرا كلاهما

يعالج ذلا ضارعا وحجولا

فقدم بهما على أبي بكر فقال : يا قيس أعدوت على عباد الله فقتلتهم ، وتتخذ المرتدين المشركين وليجة من دون المؤمنين ، وهم بقتله لو وجد أمرا جليا ، وانتقى قيس من أن يكون قارفا من أمر داذويه شيئا ، وكان ذلك عملا عمل في سرّ لم يكن به بيّنة ، فتجافى له عن دمه ، وقال لعمرو بن معدي كرب : أما تخزى أنك كل يوم مهزوم أو مأسور ، لو نصرت هذا الدين لرفعك الله جلّ وعزّ ، ثم خلّى سبيله وردهما إلى عشائرهما وقال عمرو : لا جرم ، لأقبلنّ ثم لا أعود.

وقد كان عمرو بن معدي كرب دعا قيسا قبل جلاء الأبناء إلى أبي بكر فأبى ، فقال له وهما في الأسار (٥) :

أمرتك يوم ذي صنعا

ء أمرا باديا رشده

أمرتك باتقاء الله

والمعروف تتعده (٦)

تمناني على فرس

عليه جالسا أسده

عليّ مفاضة كالنهى

أخلص ماءه جدده (٧)

__________________

(١) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٣٢٩.

(٢) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : «السيار» وفي الطبري : السيباني.

(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : مستجيبا.

(٤) في الطبري : وأوثق قيسا.

(٥) الأبيات في تاريخ الطبري ٣ / ١٣٣ وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٣٠.

(٦) في الطبري : تاتعده.

(٧) الدرع المفاضة : الواسعة. والنهي : الغدير من الماء ، والجدد : الأرض الصلبة.

٤٩٤

يرد الرمح مثني

السنان عوائرا قصده (١)

فلو لاقيتني لاقيت

ليثا فوقه لبده (٢)

تلاقي شنبثا (٣) شثن

البراثن ناشزا كتده

تسامي القرن إن قرن (٤)

تيمّمة فيعتضده

فيأخذه فيرفعه

فيخفضه فيقتصده (٥)

فيدفعه فيحطمه

فيخضمه فيزدرده

ظلوم الشرك فيما

أحرزت أنيابه ويده

متى ما يغد أو يغدى

به فقبوله برده

ويخطر مثل خطر الفحل

فوق جرانه زبدة

فقد أمسى بمعتبة

البعوض ممنع بلده (٦)(٧)

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن الفهم ، حدّثنا محمّد بن سعد قال :

وكان عمر يقول : لو لا ما كان من عفو أبي بكر عنك ـ يعني ـ عن قتله داذويّ لقتلتك بداذوي ، فيقول قيس : يا أمير المؤمنين قد والله أشعرتني (٨) ما سمع هذا منك أحد إلّا اجترأ علي ، وأنا بريء من قتله ، فكان عمر بعد يكف عن ذكره ، ويأمر إذا بعثه في الجيوش أن يشاور ولا يجعل إليه عقد أمر ، ويقول : إنّ له علما بالحرب ، وهو غير مأمون ، فهذا حديثه.

أخبرنا (٩) أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو علي محمّد بن محمّد ، أنبأنا علي ابن أحمد بن عمر بن حفص المقرئ ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن الحسن بن الصوّاف ، أنبأنا

__________________

(١) عوائر : متطايرة. والقصد جمع قصدة وهي ما يكسر من الرمح.

(٢) الأصل وم و «ز» : «اخده» والمثبت عن المصدرين.

(٣) الشبث : الذي يتعلق بقرنه ولا يزايله.

(٤) الأصل وم و «ز» : «قرنا» والمثبت عن المصدرين.

(٥) يقتصده : يقتله.

(٦) روايته في الطبري : فأمسى يعتريه من البعوض ممنّعا بلده.

(٧) الأبيات الثلاثة الأخيرة ليست في سيرة ابن هشام.

(٨) بالأصل وم : اسعرتني ، والمثبت عن «ز» ، ومعنى قوله أشعر مني : أي جعلت لي علامة أعرف بها في الناس ، حيث يؤذونني.

(٩) كتب فوقها في الأصل : ملحق.

٤٩٥

الحسن بن علي القطان ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى العطار ، أنبأنا إسحاق بن بشر قال : قالوا هؤلاء بإسنادهم.

إن أبا بكر أوصى أبا عبيدة بقيس بن هبيرة بن مكشوح المرادي وقال : إنه قد صحبك رجل عظيم الشرف ، فارس من فرسان العرب ، لا أظن له حسنة ، ولا عظيم نية في الجهاد ، وليس بالمسلمين غناء عن رأيه ومشورته وبأسه في الحرب ، فادنه وألطفه وأره أنك عنه غير مستغن ، فإنك مستخرج بذلك نصيحته وجهده ، وجدّه على عدوك ودعا أبو بكر قيس بن هبيرة بعد ما مضى أبو عبيدة فقال له : إنّي قد بعثتك مع أبي عبيدة الأمين الذي إذا ظلم لم يظلم ، وإذا أسيء إليه غفر ، وإذا قطع وصل ، رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين ، فلا تعصه ، فإنه لن يأمرك إلّا بخير ، وقد أمرته أن يسمع منك فلا تأمره إلّا بتقوى الله ، وقد كنا نسمع أنك سائس حرب ، وذلك في زمان الشرك (١) والجاهلية الجهلاء ، ليس فيها إلّا الإثم والكفر ، فاجعل بأسك اليوم في الإسلام على من كفر بالله وعبد غيره ، فقد جعل الله لك فيه الأجر العظيم ، والعزّ للمؤمنين ، قال : فقال له قيس : إن بقيت وبقيت لك فسيبلغك من حيطتي على المسلم ، وجهادي المشرك ما يسرّك ويرضيك ، فقال أبو بكر : مثلك فعل هذا ، قال : فلما بلغه مبارزة البطريقين بالجابية وقتله إياهما قال : صدق قيس ووفى (٢)(٣).

أخبرنا (٤) أبو القاسم إسماعيل بن أبي بكر ، أنبأنا أبو علي بن أبي جعفر ، أنبأنا أبو الحسن (٥) الحمامي ، أنبأنا أبو علي بن الصّواف ، حدّثنا أبو محمّد الحسن بن علي القطان ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى العطار ، حدّثنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر قال :

وأمدّهم ـ يعني أبا عبيدة بن الجرّاح لأهل القادسية بتسعة عشر رجلا ممن شهد اليرموك ، منهم : عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، وطليحة بن خويلد الأسدي ، وهاشم بن عتبة بن أبي وقّاص الزهري ، والأشعث بن قيس الكندي ، وقيس بن مكشوح المرادي.

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد ، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي.

ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، أنبأنا أبي أبو يعلى.

__________________

(١) بالأصل : الشرط ، والمثبت عن م.

(٢) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن م.

(٣) كتب فوقها بالأصل : إلى.

(٤) الخبر السابق ، سقط من «ز».

(٥) في «ز» : الحسين ، تصحيف.

٤٩٦

قالا : أنبأنا أبو عبيد الله بن أحمد بن علي ، أنبأنا محمّد (١) بن مخلد قال : قرأت على علي بن عمرو : حدثكم الهيثم بن عدي قال في تسمية العور من الأشراف : قيس بن هبيرة بن مكشوح ، ذهبت عينه يوم اليرموك.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن ، أنبأنا أبو بكر بن سيف ، أنبأنا السري (٢) بن يحيى ، أنا شعيب بن إبراهيم (٣) ، حدّثنا سيف بن عمر ، عن أبي كمران الحسن (٤) بن عقبة.

أن قيس بن المكشوح قال مقدمه من الشام مع هاشم ، وقام فيمن يليه فقال : يا معشر العرب ، إنّ الله تعالى قد منّ عليكم بالإسلام ، وأكرمكم بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأصبحتم بنعمة الله إخوانا ، دعوتكم واحدة ، وأمركم واحد بعد إذ أنتم يعدو بعضكم على بعض عدو الأسد ، ويخطف بعضكم بعضا اختطاف الذئاب ، فانصروا الله ينصركم ، وتنجّزوا من الله فتح فارس ، فإنّ إخوانكم من أهل الشام قد أنجز الله لهم فتح الشام وانتثال (٥) القصور الحمر والحصون الحمر.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن (٦) ، أنبأنا محمّد بن علي بن إبراهيم ، أنبأنا أحمد ابن إسحاق بن خربان ، حدّثنا أحمد بن عمران بن موسى ، حدّثنا موسى التّستري ، حدّثنا خليفة العصفري قال :

في تسمية من قتل مع علي بصفّين : قيس بن مكشوح المرادي ، وكانت صفين سنة سبع وثلاثين (٧).

٥٧٦٨ ـ قيس بن يزيد

 أبو عمرو

خال همّام ، والد عبد الرزّاق الصّنعاني.

__________________

(١) بالأصل : علي ، تصحيف ، والمثبت عن م و «ز».

(٢) بالأصل : المصري ، تصحيف ، والتصويب عن م ، و «ز» ، والسند معروف.

(٣) رواه الطبري في تاريخه ٣ / ٥٥٤.

(٤) تقرأ بالأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن م ، و «ز» ، والطبري.

(٥) بالأصل : «وانشان» وبدون إعجام في م ، «وأتيناك» في «ز» والمثبت عن الطبري.

(٦) بالأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن م و «ز».

(٧) لم أعثر على الخبر في تاريخ خليفة بن خيّاط المطبوع الذي بيدي (ت. العمري).

٤٩٧

قدم على هشام.

وحكى عن عمر بن عبد العزيز.

حكى عنه ابن أخته همّام بن نافع الصّنعاني.

٥٧٦٩ ـ قيس الكلابي (١)

والد عطية بن قيس.

روى عن عمر بن الخطّاب قوله.

روى عنه ابنه عطية.

٥٧٧٠ ـ قيس مولى بني أسد

سمع عمر بن الخطّاب ، له ذكر [تقدم ذكره](٢) في ترجمة عبد الله بن تميم السلمي (٣).

٥٧٧١ ـ قيس

أبو طليق الحنفي من أنفسهم

وهو والد طليق بن قيس ، وأبي صالح عبد الرّحمن بن قيس.

قدم على أبي الدّرداء وروى عنه.

روى عنه : ابنه أبو صالح الحنفي.

أنبأنا أبو غالب محمّد بن محمّد بن أسد العكبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيوري ، أنبأنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي ، أنبأنا عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة الخلّال ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، حدّثني جدي يعقوب ، حدّثنا الحسن بن موسى الأشيب ، حدّثنا زهير أبو خيثمة حدّثنا أبو سنان الأكبر (٤) ، عن أبي صالح الحنفي.

__________________

(١) ترجمته في تهذيب الكمال ١٥ / ٣٤٣ وتهذيب التهذيب ٤ / ٥٧٣.

(٢) زيادة عن «ز» ، للإيضاح.

(٣) ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ٢٧ / ١٧٥ رقم ٣٢١٠ ط الدار.

(٤) هو ضرار بن مرة أبو سنان الشيباني ، ترجمته في تهذيب الكمال ٩ / ١٨٢ وفي «ز» : ز أبو شيبان ، تصحيف.

٤٩٨

أنّ أباه أبا طليق كان يصوم الحرم وثلاثة أيام من كلّ شهر ، وأنه سافر إلى الشام فلقي أبا الدّرداء فقال : يا أبا طليق كيف تصوم؟ قال : أصوم الحرم وثلاثة أيام من كلّ شهر ، قال : أفلا أدلك على أهون من ذلك وخير؟ قال : وددت ، قال : تصوم ثلاثة أيام من كلّ شهر ، وكان إذا صام صعد غرفة له ، فلم ينزل منها حتى يفطر.

قال [أبو](١) سنان : أراه كان يأتي الصلاة.

٥٧٧٢ ـ قيس الهلالي

له شعر في حرب أبي الهيذام.

قرأت بخط أبي الحسين الرازي مما أفاده بعض أهل دمشق عن أبيه عن جده وأهل بيته من المريين قال : وقال قيس الهلالي في يوم داريّا :

كأنّا يوم داريّا أسود

تدافع عن مساكنها أسودا

تركنا أهل داريا رميما

حطاما في منازلهم همودا

قتلنا فيهم حتى رثينا

لهم ورأيت جمعهم شريدا

إذا غضب الإله على أناس

دعا قيسا ، فصيّرهم خمودا

وذلك أنّ قيسا غير شكّ

من الصّوّان بل خلقت حديدا

فأجابه عثمان بن مرة الخولاني فقال :

كذبت لقد تنيت لكلّ أمر

يسوؤك فاستمع مني الوعيدا

سأجلب نحوكم خيلا جيادا

وفتيانا تخالهم الأسودا

فننسيكم فخاركم وشيكا

وألحق قتلكم جمعا ثمودا (٢)

متى طمعت بنو غيلان فينا

فنطمع أو نرجي أن نسودا

ولكن دولة دارت علينا

ودهر السوء قد رفع العبيدا

ألسنا المنجبين ذوي المعالي

وأهلا أن نسوس وأن نقودا

لبسنا التاج قد علمت معد

زمان تحوك شارتها البرودا

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت عن م و «ز».

(٢) عجزه في «ز» : وألحق جمعكم قتلى ثمودا.

٤٩٩

٥٧٧٣ ـ قيصر ، وقيل قصير

تقدم ذكره فيما تقدّم.

٥٧٧٤ ـ قيظي بن قيس بن لوذان بن ثعلبة بن عدي

 ابن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو (١)

 ـ وهو النبيت ـ بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي

أدرك عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستشهد يوم أجنادين ، ذكره ابن القداح.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وغيره عن أبي بكر الخطيب ، أنبأنا الحسين بن محمّد الرافقي ـ إجازة ـ أنبأنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي ، أنبأنا أحمد بن سعيد بن شاهين ، أنبأنا مصعب بن عبد الله الزّبيري ، عن عبد الله بن محمّد بن عمارة بن القدّاح قال :

وولد حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو ـ وهو النبيت ـ بن مالك بن الأوس : جشما ومجدعة ، وجويرية (٢) وولد مجدعة بن حارثة : جشما وعديا ، وولد عدي بن مجدعة ابن حارثة : خالدا وحريبا ، وعامرا ، وثعلبة ، وموهبة ، وعمرا ، وقذاذا ، ولوذانا ، وولد ثعلبة ابن عدي بن مجدعة [بن حارثة](٣) لوذان ، فولد لوذان : قيسا ، ونفيعا ، فمن ولد قيس : قيظي ، وسليم ، وقيس ، ـ وهو أبو أحمد ـ بنو (٤) قيس بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن مجدعة ، استشهد قيظي بأجنادين ، وكان سليم وأبو أحمد من العشرة الذين بعثهم عمر بن الخطّاب مع عمّار بن ياسر إلى الكوفة ولسليم عقب ، ولا عقب لقيظي ، ولا لأبي أحمد ، ومن ولد قيظي بن قيس : عقبة ، قتل يوم الجسر (٥) شهيدا ، وعبد الرّحمن قتل يوم اليمامة شهيدا ، وعبّاد قتل يوم الجسر (٦) شهيدا ، وعبد الله قتل يوم الجسر (٧).

__________________

(١) ترجمته في الإصابة ٣ / ٢٦٥ وأسد الغابة ٤ / ١٥٢.

(٢) بالأصل : «وجويره» تصحيف ، والمثبت عن م و «ز».

(٣) زيادة عن م.

(٤) كذا بالأصل وم : «وهو أبو أحمد بنو قيس» وفي «ز» : وهو أحمد بني قيس.

(٥) في «ز» : الحسين. تصحيف.

(٦) في «ز» : الحسن تصحيف.

(٧) في «ز» : الحسن تصحيف.

٥٠٠