تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٤

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٤

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

١
٢

[١٠٠٥٠] هشام بن إسماعيل بن يحيى بن سليم بن عبد الرحمن

أبو عبد الملك الخزاعي العطار

[روى عن إسماعيل بن عبد الله بن سماعة ، وإسماعيل بن عياش ، وسهل بن هاشم البيروتي ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، ومحمد بن شعيب بن شابور ، ومروان بن محمد الطاطري ، ومروان بن معاوية الفزاري ، وهقل بن زياد ، والوليد بن مزيد العذري ، والوليد بن مسلم.

روى عنه : إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، وأحمد بن عبد الواحد بن عبود ، وأحمد ابن الفرات الرازي ، والعباس بن الوليد بن صبح الخلال ، وعبد الرحمن بن عمرو الدمشقي ، وعبد السلام بن عتيق ، وعلي بن عثمان النفيلي ، والقاسم بن سلام ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ، ومحمد بن خزيمة بن راشد ، ومحمد بن عبد الله بن سنجر ، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي ، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد القرشي](١).

[قال أبو عبد الله البخاري](٢) :

[هشام بن إسماعيل أبو عبد الملك العطار الدمشقي](٣).

__________________

[١٠٠٥٠] ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٣٨ وتهذيب التهذيب ٦ / ٢٤ والتاريخ الكبير ٨ / ١٩٣ والجرح والتعديل ٩ / ٥٢.

(١) ما بين معكوفتين زيادة عن تهذيب الكمال ١٩ / ٢٣٨.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) الزيادة عن التاريخ الكبير ٨ / ١٩٣.

٣

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](١) :

[هشام بن إسماعيل العطار الدمشقي أبو عبد الملك روى عن محمد بن شعيب بن شابور ، روى عنه العباس بن الوليد بن صبح الخلال الدمشقي ، ومحمد بن عوف الحمصي ، سمعت أبي يقول ذلك. روى عنه يزيد بن عبد الصمد الدمشقي. سألت أبي عنه ، فقال : قدمت دمشق سنة ست عشرة وهو مريض فمات من مرضه ، وكان شيخا صالحا](٢).

[قال عبد السلام بن عتيق : ما كان في بلدنا مثله كان شيخا ثقة.

قال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي : كان من عباد الخلق ، ما رأيت بدمشق أفضل منه.

قال العجلي : شيخ كيس ، ثقة ، صاحب سنة ، لم يكن بدمشق أفضل منه.

قال النسائي : ثقة](٣).

حدث عن محمد بن شعيب بسنده إلى ابن عمر.

أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلى صلاة فلبّس (٤) عليه. فلما انصر قال لأبيّ : «أصليت معنا؟» قال : نعم ، قال : فما منعك؟» [١٤٣٥٥].

وحدث عنه بسنده إلى حكيم بن حزام قال :

نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يستقاد في المسجد ، أو ينشد فيها الأشعار ، أو تقام فيها الحدود.

وحدث عن سهل بن هاشم بن إبراهيم بن أدهم قال : قال عمر بن الخطاب :

لؤم بالرجل أن يرفع يده قبل القوم.

توفي هشام سنة سبع عشرة ومائتين (٥). وكان ثقة.

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) زيادة بين معكوفتين عن الجرح والتعديل ٩ / ٥٢.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن تهذيب الكمال ١٩ / ٢٣٩.

(٤) كذا بالأصل.

(٥) تاريخ أبي زرعة الدمشقي ٢ / ٧٠٨.

٤

قال ابن عمر :

ما رأيت بدمشق أفضل من هشام بن العطار.

[١٠٠٥١] هشام بن حبيش بن خالد بن الأشعر (١)

ويقال : الأشعر بن لوث ، أبو حزام الخزاعي القديدي

حدث هشام قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبي الهيثم بن التيهان : المستشار مؤتمن.

[قال أبو عبد الله البخاري](٢) :

[هشام بن حبيش بن الأشعر حجازي سمع عمر. روى عنه ابنه حزام. وروى الماجشون عن عمير عن هشام](٣).

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٤) :

[هشام بن حبيش بن خالد بن الأشعر الخزاعي حجازي ، والد حزام بن هشام كان ينزل قديد بأصل ثنية لفت ، روى عن عمر وسراقة بن مالك ، وعائشة. روى عنه ابنه حزام. سمعت أبي يقول ذلك](٥).

[١٠٠٥٢] هشام بن حكيم بن حزام (٦) بن أسد

ابن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي

له صحبة ورواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

[١٠٠٥١] ترجمته في الإكمال ١ / ٨٨ و ٢ / ٤١٦ وجمهرة أنساب العرب ص ٢٣٨ والجرح والتعديل ٩ / ٥٣ والتاريخ الكبير ٨ / ١٩٢.

(١) كذا بالأصل ، وفي الإكمال ١ / ٨٨ خالد الأشعر ، وفي جمهرة ابن حزم ص ٢٣٨ أن الأشعر لقب حبيش.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) زيادة مستدركة عن التاريخ الكبير ٨ / ١٩٢.

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) زيادة مستدركة عن الجرح والتعديل ٩ / ٥٣.

[١٠٠٥٢] ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٤٧ وتهذيب التهذيب ٦ / ٢٧ والإصابة ٣ / ٦٠٣ والاستيعاب ٣ / ٥٩٣ (هامش الإصابة) وأسد الغابة ٤ / ٦٢٢ وسير الأعلام ٣ / ٥١ ونسب قريش ص ٢٣١ والتاريخ الكبير ٨ / ١٩١ والجرح والتعديل ٩ / ٥٣ وطبقات خليفة رقم ٧١.

(٦) حزام بكسر أوله ، (تقريب).

٥

[روى عنه : جبير بن نفير ، وعروة بن الزبير ، وقتادة السلمي](١).

[قال أبو عبد الله البخاري](٢) :

[هشام بن حكيم بن حزام القرشي ، له صحبة ، قال لنا خطاب بن عثمان حدثنا بقية عن محمد بن الوليد عن راشد بن سعد عن عبد الرحمن بن قتادة البصري عن أبيه عن هشام بن حكيم قال : قيل يا رسول الله أتبتدئ الاعمال أو قضى؟ فقال : «أخذ الله تعالى ذرية آدم من ظهره ، ثم أشهدهم على أنفسهم ، ثم أفاض بهم في كفيه ، ثم قال : هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ميسرون لذلك»](٣) [١٤٣٥٦].

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٤) :

[هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى ، القرشي ، شامي ، له صحبة ، روى عنه عروة بن الزبير ، وقتادة البصري حديث الزبيدي في القدر. سمعت أبي يقول ذلك. روى عنه جبير بن نفير](٥).

[قال ابن البرقي : أمه بنت عامر بن ضبيعة من بني محارب بن فهر ، وكان بالشام يأمر بالمعروف ، ولد ثمانية : عمر ، وعبد الملك ، وأمة الملك ، وسعيد ، وخالد ، والمغيرة ، وفليح ، وزينب ، له حديثان.

ذكره محمد بن سعد في الكبير في الطبقة الرابعة فيمن أسلم يوم فتح مكة ، وكان رجلا صليبا مهيبا](٦).

رأى هشام بن حكيم ناسا من أهل الذمة قياما في الشمس ، فقال : ما هؤلاء؟ فقالوا : من أهل الجزية. فدخل على عمير بن سعد ـ وكان على طائفة من الشام ـ فقال هشام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

__________________

(١) زيادة عن تهذيب الكمال ١٩ / ٢٤٨.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) زيادة استدركت عن التاريخ الكبير ٨ / ١٩١.

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) زيادة استدركت عن الجرح والتعديل ٩ / ٥٣.

(٦) الزيادة عن تهذيب الكمال ١٩ / ٢٤٨.

٦

«من عذب الناس في الدنيا عذبه الله» [١٤٣٥٧]. فقال عمير : خلّوا عنهم.

وفي حديث آخر :

أنه مر بناس من أهل الذمة قد أقيموا في الشمس بالشام ، فقال : ما هؤلاء؟ قالوا : بقي عليهم شيء من الخراج ، فقال : إني أشهد أني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«إن الله يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا ... الحديث» [١٤٣٥٨].

وعن عياض بن غنم ـ وهو الذي فتح الجزيرة. فلما فتح دارا دعا عظيمها فضربه بالسوط حتى مات ، فقال له هشام بن حكيم : أما سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم [قال] :

«إن أشد الناس عذابا يوم القيامة أشد الناس عذابا للناس في الدنيا» ، وأنت تضرب هذا الرجل؟!

كان هشام بن حكيم له فضل (١) ، وكان ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، [وليس لأحد عليه إمرة](٢).

وكان عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه إذا أنكر الشيء قال : لا يكون هذا عما عشت أنا وهشام بن حكيم (٣).

ومات هشام قبل أبيه (٤).

وكان (٥) هشام بن حكيم كالسائح ما يتخذ أهلا ولا ولدا. ودخل هشام بن حكيم على العامل بالشام يريد الوالي أن يعمل به ، فيتواجده (٦) ، ويقول له : لأكتبن إلى أمير المؤمنين بهذا ، فيقوم إليه العامل فيتشبث به ، ويلزمه ، ويترضاه (٧).

كان (٨) هشام ومن معه بالشام يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وكانوا يمشون في الأرض بالإصلاح والنصيحة ، يحتسبون.

__________________

(١) انظر نسب قريش للمصعب ص ٢٣١.

(٢) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل.

(٣) سير الأعلام ٣ / ٥٢ وأسد الغابة ٤ / ٦٢٣ وتهذيب الكمال ١٩ / ٢٤٨.

(٤) الاستيعاب ٣ / ٥٩٣ وأسد الغابة ٤ / ٦٢٣.

(٥) رواه المزي في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٤٨ من طريق عبد الله بن وهب عن مالك ، وذكره.

(٦) كذا في مختصر ابن منظور ، وفي تهذيب الكمال : «فيتواعده» وهو أشبه باعتبار السياق.

(٧) لفظتا ويلزمه ، ويترضاه ليستا في تهذيب الكمال.

(٨) الخبر في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٤٨ من طريق عبد الله بن وهب قال : سمعت مالكا يقول ، وذكره.

٧

[قال أبو نعيم الحافظ : استشهد بأجنادين (١) من أرض الشام](٢).

[قال ابن سعد : توفي في أول خلافة معاوية](٣).

[١٠٠٥٣] هشام بن خالد بن يزيد ـ ويقال : زيد ـ

أبو مروان الأزرق السلامي

ويقال : مولى بني أمية ، ودعوته في الأزد.

[روى عن أيوب بن سويد الرملي ، وبقية بن الوليد ، والحسن بن يحيى الخشني ، وخالد بن يزيد بن أبي مالك ، وزيد بن أبي الزرقاء ، وزيد بن يحيى بن عبيد ، وسويد بن عبد العزيز ، وشعيب بن إسحاق ، وضمرة بن ربيعة ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، وعبد الأعلى بن مسهر ، وعتبة بن حماد الحكمي ، وعقبة بن علقمة البيروتي ، ومبشر بن إسماعيل الحلبي ، ومحمد بن شعيب بن شابور ، ومروان بن محمد الطاطري ، ومروان بن معاوية الفزاري ، والوليد بن مسلم.

روى عنه أبو داود ، وابن ماجة ، وأحمد بن أنس بن مالك ، وأحمد بن الحسين بن طلاب ، وأحمد بن المعلى بن يزيد ، وأحمد بن نصر بن شاكر ، وإسحاق بن إبراهيم البستي ، وإسحاق بن أبي عمران الأسفراييني ، وبقي بن مخلد ، وجعفر بن أحمد الوزان ، وزكريا بن يحيى السجزي ، وأبو زرعة الرازي ، وعثمان بن خرزاذ ، والفضل بن محمد الأنطاكي ، ومحمد بن إبراهيم الطرسوسي ، ومحمد بن أحمد بن فياض ، وأبو حاتم الرازي ، ومحمد بن الحسن بن قتيبة ، ومحمد بن العباس بن الدرفس ، ومحمد بن الفيض الغساني ، ومعاوية بن صالح الأشعري ، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد ، ويعقوب بن سفيان الفارسي](٤).

__________________

(١) قال ابن حجر : وهذا غلط من أبي نعيم ، فإن الذي قتل بأجنادين هشام بن العاص أخو عمرو ، فأما هشام بن حكيم فقد صح أنه كان بحمص وعياض بن غنم واليا عليها وذلك بعد أجنادين بمدة طويلة ، وأيضا فسماع عروة منه وإنما عروة ولد بعد أجنادين تهذيب التهذيب ٦ / ٢٧ وانظر أسد الغابة ٤ / ٦٢٤.

(٢) زيادة عن تهذيب الكمال ١٩ / ٢٤٨.

(٣) زيادة عن سير الأعلام ٣ / ٥٢.

[١٠٠٥٣] ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٤٩ وتهذيب التهذيب ٦ / ٢٨. والجرح والتعديل ٩ / ٥٧.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن تهذيب الكمال ١٩ / ٢٥٠.

٨

حدث عن الوليد بسنده إلى أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها. قال الله عزوجل : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) [سورة طه ، الآية : ١٤].

ولد هشام بن خالد سنة ثلاث وخمسين ومائة. وكان صدوقا. وكان يحرك الزبل في حمام ابن قنان بأربعة دوانيق كل يوم ، ويمرّ ويشتري به ورقا ، ويكتب الحديث.

وتوفي هشام سنة تسع وأربعين ومائتين (١).

[١٠٠٥٤] هشام بن الدرفس الغساني

قال أبو مسهر : حدثني هشام بن الدرفس قال :

كان على خاتم جدك أبي ذرامة : أبرمت ، فقم ، فكان إذا استثقل إنسانا ناوله الخاتم.

[١٠٠٥٥] هشام بن سليمان الداراني

قال هشام (٢) :

قرئ (٣) على أبي سليمان الداراني : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) [سورة الدهر ، الآية : ١] فلما بلغ عليه : (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) [سورة الدهر ، الآية : ١٢] قال : بما صبروا على ترك الشهوات في دار الدنيا ، وأنشد الشيخ (٤) :

كم قتيل لشهوة وأسير

أفّ من مشته (٥) خلاف الجميل

شهوات الإنسان تورثه الذّ

لّ وتلقيه في البلاء الطويل

__________________

(١) تهذيب الكمال ١٩ / ٢٥٠ وزيد فيه عن عمرو بن دحيم قوله : يوم الأربعاء لسبع ليال بقين من جمادى الأولى ، ومولده سنة أربع وخمسين ومائة. وقال غيره : مولده سنة ثلاث وخمسين ومائة.

(٢) الخبر في تاريخ داريا ص ١١١ ـ ١١٢ من طريق الحسن بن حبيب قال سمعت حميد بن هشام الداراني ، وذكره.

(٣) في تاريخ داريا : قرأ رجل.

(٤) البيتان في تاريخ داريا ص ١١٢ لبعضهم.

(٥) تاريخ داريا : «للمشتهي» بدلا من «من مشته».

٩

[١٠٠٥٦] هشام بن زياد وهو هشام

ابن أبي هشام ـ أبو المقدام البصري أخو الوليد

ابن أبي هشام ، مولى لآل عثمان بن عفان

[روى عن الحسن البصري ، وذكوان أبي صالح السمان ، وزياد أبيه ، وأبي الزناد ، وعمار بن سعد القرظ ، وعمر بن عبد العزيز ، وعمرو بن دينار ، ومحمد بن كعب القرظي ، وموسى بن أنس بن مالك ، وهشام بن عروة.

روى عنه إبراهيم بن محمد الثقفي ، وآدم بن أبي إياس ، وإسماعيل بن صبيح ، وبشر بن إبراهيم الأنصاري ، وحاتم أبو عبيدة البصري ، والحسن بن الربيع البجلي ، وحوثرة بن أشرس ، وداود بن إبراهيم العقيلي ، وعباد بن عباد المهلبي ، وداود بن المحبر ، وزيد بن الحباب ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الكريم بن روح البصري. وعثمان بن الهيثم المؤذن ، ومسلم بن إبراهيم ، والنضر بن شميل](١).

[قال أبو عبد الله البخاري](٢) :

[هشام بن زياد وهو هشام بن أبي هشام مولى آل عثمان بن عفان القرشي ، وهو أبو المقدام ، ضعيف ، عن أبيه ، وأمه ، روى عنه إبراهيم بن محمد الثقفي ، ووكيع ، والوليد](٣).

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٤) :

[هشام بن زياد أبو المقدام وهو هشام بن أبي هشام مولى آل عثمان بن عفان رضي‌الله‌عنه. نا العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول : هشام أبو المقدام ليس بثقة. قال أحمد بن حنبل ضعيف الحديث. سألت أبي عن أبي المقدام هشام بن زياد ، فقال : ليس بالقوي ، ضعيف الحديث. عنده عن الحسن أحاديث منكرة وهو منكر الحديث.

__________________

[١٠٠٥٦] ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٥١ وتهذيب التهذيب ٦ / ٢٨ والجرح والتعديل ٩ / ٥٨ والتاريخ الكبير ٨ / ١٩٩.

(١) ما بين معكوفتين زيادة عن تهذيب الكمال ١٩ / ٢٥١.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) زيادة استدركت عن التاريخ الكبير ٨ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.

(٤) زيادة للإيضاح.

١٠

سئل أبو زرعة عن هشام بن زياد أبي المقدام ، فقال : ضعيف الحديث](١).

حدث عن أبيه بسنده إلى عبد الله بن سلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«اللهم بارك لأمتي في بكورها» [١٤٣٥٩].

قال محمد بن كعب القرظي (٢) :

شهدت عمر بن عبد العزيز وهو علينا عامل بالمدينة ، وهو غليظ ممتلئ الجسم. فلما استخلف وقاسى من الهم والعناء ما قاسى تغيرت حاله ، فجعلت أنظر إليه ، لا أكاد أصرف بصري عنه ، فقال لي : يا بن كعب ، إنك تنظر إلي نظرا ما كنت تنظر إلي قبل؟! قال : لما حال من لونك ، ونفى (٣) من شعرك ، ونحل من جسمك ، فقال : كيف لو رأيتني بعد ثالثة في قبري حين تسيل حدقتاي على وجنتي ، ويسيل منخراي صديدا ودودا؟ كنت أشدّ لي نكرة ، أعد علي حديثا حدثتنيه عن ابن عباس ، قال : حدثني ابن عباس ورفع ذلك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«إن لكل شيء شرفا ، وإن أشرف المجالس ما استقبل القبلة ، وإنما تجالسون بالأمانة ، ولا تصلّوا خلف النائم ، ولا المحدث (٤) ، واقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في صلاتكم ، ولا تستروا الجدر بالثياب ، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذن فكأنه ينظر في النار. ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله ، ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق مما في يده. ألا أنبئكم بشراركم؟» قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «من نزل وحده ، ومنع رفده ، وجلد عبده». قال : «أفلا أنبئكم بأشرّ من هذا؟» قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «من يبغض الناس ويبغضونه ، أفلا أنبئكم بأشرّ من هذا؟» قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «من لا يقيل العثرة ، ولا يقبل المعذرة ، ولا يغفر ذنبا. إن عيسى عليه‌السلام قام في قومه فقال : يا بني إسرائيل ، لا تكلّموا بالحكمة عند الجهال ، فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ، ولا تظلموا (٥) ظالما ، ولا تكافئوا ظالما بظلمه

__________________

(١) الزيادة بين معكوفتين استدركت عن الجرح والتعديل ٩ / ٥٨.

(٢) انظر الخبر باختلاف الرواية في الطبقات الكبرى لابن سعد ٥ / ٣٧٠ وسيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ص ٥٢.

(٣) نفى شعره ، قال في اللسان : معنى نفى هاهنا : أي ثار وذهب وشعث وتساقط.

(٤) في طبقات ابن سعد : ولا تيمموا بالنيام ، ولا بالمتحدثين.

(٥) في سيرة ابن عبد الحكم : ولا تجاوروا.

١١

فيبطل فضلكم عند ربكم. يا بني إسرائيل ، الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده فاتبعوه ، وأمر بيّن غيّه فاجتنبوه ، وأمر اختلف فيه فكلوه (١) إلى عالمه» [١٤٣٦٠].

قال هشام بن زياد :

رأيت عمر بن عبد العزيز يستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ بفاتحة الكتاب ، ثم يستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم.

وحدث هشام قال (٢) :

رأيت سعيد بن المسيب يصلي في نعليه.

ضعف هشاما قوم.

[١٠٠٥٧] هشام بن العاص بن وائل بن هاشم (٣)

ابن سعيد (٤) بن سهم بن عمرو بن هصيص

أبو مطيع

كان يكنى أبا العاص فكناه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا مطيع (٥). أخو عمرو بن العاص ، وهو أصغر من عمرو. صحب سيدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشهد له بالإيمان ، وخرج إلى الشام مجاهدا ، فقتل يوم أجنادين. وقيل : يوم اليرموك (٦). وقد كان دخل دمشق رسولا من أبي بكر الصديق إلى ملك الروم.

__________________

(١) في سيرة ابن عبد الحكم : فردوه إلى الله.

(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ١٤٠ من طريق يوسف بن الغرق ، وذكره.

[١٠٠٥٧] ترجمته في الإصابة ٣ / ٦٠٤ وسير الأعلام ٣ / ٧٧ وأسد الغابة ٤ / ٦٢٥ والجرح والتعديل ٩ / ٦٣ والمحبر ص ٤٣٣ وطبقات خليفة رقم ١٤٨ وطبقات ابن سعد ٤ / ١٩١ ونسب قريش ص ٤٠٩ وجمهرة ابن حزم ص ١٦٣ والإكمال ٤ / ٣٠٤ والاستيعاب ٣ / ٥٩٣ (هامش الإصابة).

(٣) كذا بالأصل ونسب قريش للمصعب ، وفي الجرح والتعديل : هشام.

(٤) كذا بالأصل بضم السين ، وضبطت بالقلم في سير الأعلام بضمة فوقها ، وفي الإصابة ٣ / ٢ في ترجمة عمرو بن العاص : سعيد بالتصغير. وجاء في الإكمال ٤ / ٣٠٤ سعيد بن سهم أخو سعد بن سهم ـ اسمه سعيد ـ بفتح السين وكسر العين ـ وقريش تصغره ، فتسميه سعيدا تصغير سعد ، من ولده عمرو بن العاص وأخوه هشام بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد.

(٥) الإصابة ٣ / ٦٠٤.

(٦) أسد الغابة ٤ / ٦٢٦.

١٢

قال هشام بن العاص (١) :

بعثت أنا ورجل من قريش (٢) إلى هرقل صاحب الروم ، ندعوه إلى الإسلام ، فقدمنا الغوطة ـ يعني : دمشق ـ ونزلنا على جبلة بن الأيهم الغساني ، فإذا هو على سرير له ، فأرسل إلينا برسول نكلمه ، فقلنا : لا نكلم رسولا ، إنما بعثنا إلى الملك ، فإن أذن لنا كلمناه ، وإلا لم نكلم الرسول ، فأخبره الرسول بذلك ، فأذن لنا ، فكلمه هشام ودعاه إلى الإسلام ، وعليه ثياب سواد (٣) ، فقال له هشام : وما هذه التي عليك؟ قال : لبستها ، وحلفت ألا أنزعها حتى أخرجكم من الشام ، قلنا : ومجلسك هذا ، فو الله لنأخذنه منك ، ولنأخذن ملك الملك الأعظم إن شاء الله. أخبرنا بذلك نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال : لستم بهم ، بل هم قوم يصومون بالنهار ، ويفطرون بالليل ، فكيف صومكم؟ فأخبرناه ، فملأ وجهه سوادا ، فقال : قوموا ، وبعث معنا رسولا إلى الملك.

[فخرجنا](٤). فلما كنا قريبا من المدينة قال لنا الذي معنا : إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك ، فإن شئتم حملناكم على براذين (٥) وبغال ، قلنا : لا والله لا ندخل إلا عليها ، فأرسلوا إلى الملك : إنهم يأبون (٦) ، فدخلنا على رواحلنا (٧) متقلدين سيوفنا حتى انتهينا إلى غرفة له ، فأنخنا في أصلها ، وهو ينظر إلينا ، فقلنا : لا إله إلا الله والله أكبر ، والله يعلم لقد تنقّضت (٨) الغرفة حتى صارت كأنها عذق تصفّقه الرياح ، وهو على فراش ، وعنده بطارقته من الروم ، وكل شيء في مجلسه أحمر ، وما حوله حمرة ، وعليه ثياب من الحمرة ، فدنوا

__________________

(١) رواه البيهقي في دلائل النبوة ١ / ٣٨٥ وما بعدها من طريق أبي عبد الله الحافظ أن عبد الله بن إسحاق البغوي أخبرهم قال حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي قال : حدثنا عبد العزيز بن مسلم بن إدريس قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة الباهلي عن هشام بن العاص الأموي قال ، وذكره. ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة ١ / ٥٠ رقم ١٣.

(٢) في دلائل أبي نعيم أن هشام بن العاص ونعيم بن عبد الله ورجلا آخر قد سماه ، بعثوا.

(٣) في دلائل أبي نعيم : سود.

(٤) استدركت عن هامش الأصل.

(٥) البراذين واحدها برذون ، وهي الخيل التركية.

(٦) تحرفت بالأصل إلى : يأتون ، والمثبت عن دلائل النبوة للبيهقي.

(٧) تحرفت في مختصر ابن منظور إلى : رواحنا ، والصواب عن دلائل النبوة للبيهقي.

(٨) تنقضت الغرفة أي تشققت وجاء صوتها ، وفي دلائل البيهقي : «تنفضت» وقد جاءت بالأصل في كل المواضع بالقاف ، وفي دلائل النبوة بالفاء.

١٣

منه (١) ، فضحك ، وقال : ما كان عليكم لو حييتموني بتحيتكم فيما بينكم ، وعنده رجل فصيح بالعربية كثير الكلام ، فقلنا له : إن تحيتنا فيما بيننا لا تحل لك ، وتحيتك التي تحيا بها لا يحل لنا أن نحيّيك بها. قال : كيف تحيتكم فيما بينكم؟ فقلنا : السلام عليك ، قال : فكيف تحيون ملككم؟ قلنا : بها ، قال : وكيف يرد عليكم؟ قلنا : بها ، قال : فما أعظم كلامكم؟ قلنا : لا إله إلا الله والله أكبر. فلما تكلمنا بها قال : والله يعلم لقد تنقّضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها. قال : فهذه الكلمة التي قلتموها ، حيث تنقّضت الغرفة كلما قلتموها في بيوتكم تنقض بيوتكم عليكم؟ قلنا : لا ، ما رأيناها فعلت هذا قط إلا عندك ، قال : لوددت أنكم كلما قلتم ينقض كل شيء عليكم ، وأني خرجت من نصف ملكي ، قلنا : لم؟ قال : لأنه كان أيسر لشأنها ، و [أجدر](٢) ألا يكون من أمر النبوة ، وأن يكون من خبل (٣) الناس. ثم سألنا عما أراد ، فأخبرناه ، ثم قال : كيف صلاتكم وصومكم؟ فأخبرناه ، فقال : قوموا ، فقمنا ، فأنزلنا بمنزل حسن ، ونزل كبير ، فأقمنا ثلاثا.

فأرسل إلينا ليلا ، فدخلنا عليه ، فاستعاد قولنا ، فأعدناه ، ثم دعا بشيء كهيئة الربعة (٤) العظيمة مذهّبة ، فيها بيوت صغار ، عليها أبواب ، ففتح بيتا وقفلا ، فاستخرج حريرة (٥) سوداء ، فنشرها ، وإذا فيها صورة حمراء (٦) ، وإذا فيها رجل ضخم العينين ، عظيم الأليتين ، لم أر مثل طول عنقه ، وليست له لحية ، وله ضفيرتان أحسن ما خلق الله ، قال : تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا آدم عليه‌السلام وإذا هو أكثر الناس شعرا.

ثم فتح لنا بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة حمراء (٧) ، وفيها (٨) صورة بيضاء ، وإذا له شعر كشعر القطط ، أحمر العينين ، ضخم الهامة ، حسن اللحية ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا نوح.

__________________

(١) كذا بالأصل ودلائل البيهقي : فدنوا منه.

(٢) مكانها بياض في أصل مختصر ابن منظور ، والزيادة عن دلائل البيهقي.

(٣) كذا بالأصل ، وفي دلائل البيهقي : حيل الناس.

(٤) الربعة : صندوق مربع.

(٥) في دلائل النبوة لأبي نعيم : خرقة حرير سوداء.

(٦) دلائل أبي نعيم : صورة بيضاء.

(٧) دلائل البيهقي : حريرة سوداء.

(٨) بالأصل : «فيه» والمثبت عن دلائل البيهقي وأبي نعيم.

١٤

ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، فيها رجل شديد البياض ، حسن العينين ، صلب الجبين (١) ، طويل الخد ، أبيض اللحية ، كأنه يبتسم ، قال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا إبراهيم.

ثم فتح بابا آخر ، فإذا صورة بيضاء ، وإذا والله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أتعرفون هذا؟ قلنا : نعم ، هذا محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبكينا ، قال ـ والله يعلم إنه قام قائما ثم جلس ، ثم قال ـ : والله إنه لهو ، قلنا : نعم لهو ، كما ننظر إليه ، فأمسك ساعة ينظر إليها ثم قال : أما إنه آخر البيوت ، ولكني عجلته لكم ، لأنظر ما عندكم.

ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء ، وإذا فيها صورة أدماء سحماء (٢) ، وإذا رجل جعد ، قطط ، غائر العينين ، حديد النظر ، عابس ، متراكب الأسنان ، مقلص الشفة ، كأنه غضبان ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا موسى ، وإلى جنبه صورة تشبهه ، إلا أنه مدهان (٣) الرأس ، عريض الجبين ، في عينيه (٤) قبل (٥) ، فقال : هل تعرفون هذا ، قلنا : لا ، قال : هذا هارون بن عمران.

ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة بيضاء (٦) ، فإذا فيها صورة رجل آدم ، نشيط (٧) ، ربعة ، كأنه غضبان ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا لوط.

ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة بيضاء فيها صورة رجل أبيض ، مشرب حمرة ، أقنى (٨) ، خفيف العارضين ، حسن الوجه ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا إسحاق.

ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء ، فيها صورة تشبه إسحاق إلا أنه على شفته

__________________

(١) دلائل البيهقي : صلت الجبين.

(٢) سحماء أي سوداء.

(٣) أي دهين الشعر.

(٤) في دلائل البيهقي : عينه.

(٥) القبل : الحول.

(٦) في دلائل أبي نعيم : فاستخرج منه خرقة سوداء فيها صورة حمراء أو بيضاء.

(٧) كذا بالأصل ، وفي دلائل البيهقي : «سبط» والشعر السبط : المسترسل غير الجعد.

(٨) في دلائل أبي نعيم : أحنى.

١٥

السفلى خال ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا يعقوب.

ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، فيها صورة رجل أبيض ، حسن الوجه ، أقنى الأنف (١) ، حسن الهامة ، يعلو وجهه نور ، يعرف في وجهه الخشوع ، يضرب إلى الحمرة ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : هذا إسماعيل جد نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء ، فيها صورة كأنها صورة آدم ، كأن الشمس وجهه ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا يوسف.

ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج حريرة بيضاء ، فيها صورة رجل أحمر ، أخفش (٢) العينين ، حمش (٣) الساقين ، ضخم البطن ، ربعة (٤) ، متلقد سيفا ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا داود.

ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء ، فيها صورة رجل ضخم الأليتين ، طويل الرجلين ، راكب فرسا ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا سليمان بن داود.

ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء ، فإذا رجل شاب ، شديد سواد اللحية ، كثير الشعر ، حسن العينين ، حسن الوجه ، فقال : هل تعرفون هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذا [عيسى](٥) ابن مريم.

قلنا : من أين لك (٦) هذه الصور ، لأنا نعلم أنها على ما صوّرت عليه الأنبياء ، لأنا رأينا صورة نبيّنا مثله؟ فقال : إن آدم سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده ، فأنزل عليه صورهم. وكانت (٧) في خزانة آدم عند مغرب الشمس ، فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس ،

__________________

(١) أقنى الأنف : الأنف إذا ارتفع وسط قصبته وضاق منخراه.

(٢) بالأصل : «أخنس» وهو خطأ ، فالخنس لا يكون في العينين ، بل يكون في الأنف ، وهو انحطاط القصبة وارتداد الأرنبة إليها ، والصواب عن دلائل البيهقي.

(٣) أي دقيق الساقين.

(٤) الربعة وسبط القامة.

(٥) سقطت من الأصل ، وزيدت عن دلائل البيهقي.

(٦) دلائل البيهقي : لكم.

(٧) بالأصل ودلائل البيهقي : وكان.

١٦

فدفعها إلى دانيال ، ثم قال لنا : والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي ، وأني (١) كنت عبدا ـ لا يسرّهم ملكه ـ حتى أموت.

ثم أجازنا ، فأحسن جائزتنا ، وسرّحنا ، فلما أتينا أبا بكر الصديق ، حدثناه بما رأينا ، وما قال لنا ، وما أجازنا ، فبكى أبو بكر وقال : مسكين ، لو أراد الله به خيرا لفعل. ثم قال : أخبرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنهم واليهود يجدون نعت محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم عندهم.

وأم هشام بن العاص أم حرملة (٢) بنت هشام بن المغيرة ، وكان قديم الإسلام بمكة.

وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية وقدم مكة حين بلغه مهاجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة يريد اللحاق به ، فحبسه أبوه وقومه بمكة حتى قدم بعد الخندق على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة (٣) ، فشهد ما بعد ذلك من المشاهد. وقتل في اليرموك سنة خمس عشرة. وقيل : سنة ثلاث عشرة (٤).

وسعيد بضم السين ، وفتح العين : سعيد بن سهم (٥) ، وسهم بن عمرو بن هصيص هو جد السهميين ، من ولده عمرو بن العاص ، وأخوه هشام.

قال عمر بن الخطاب (٦) :

لما اجتمعنا للهجرة اتعدت وأنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص ، وقلنا : الميعاد بيننا التناضب (٧) من أضاءة بني غفار (٨) ، فمن أصبح منكم لم يأتها فقد حبس ، فليمض صاحباه ، فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة ، وحبس هشام ، وفتن فافتتن. وقدمنا المدينة ، فكنا نقول : ما الله بقابل من هؤلاء توبة ، قوم قد عرفوا الله وآمنوا به [وصدقوا](٩)

__________________

(١) في دلائل البيهقي : وإن كنت عبدا لا يترك ملكه حتى أموت.

(٢) كذا بالأصل وابن سعد وسير الأعلام وأسد الغابة ، وفي جمهرة ابن حزم : وأمه حرملة.

(٣) أسد الغابة ٤ / ٦٢٥ وسير الأعلام ٣ / ٧٨ والاستيعاب ٣ / ٥٩٤.

(٤) أسد الغابة ٤ / ٦٢٦ والاستيعاب ٣ / ٥٩٤ و ٥٩٥.

(٥) تحرفت بالأصل إلى : «سعد» والصواب عن مصادر ترجمته.

(٦) الخبر في سيرة ابن هشام ٢ / ١١٨ ـ ١١٩ وأسد الغابة ٤ / ٦٢٥ ـ ٦٢٦ ومختصرا في الإصابة ٣ / ٦٠٤.

(٧) التناضب : قال أبو ذر : اسم موضع. وبفتح التاء موضع بمكة وسميت التناضب : لأنها تنبت التنضب ، (معجم ما استعجم).

(٨) أضاءة بني غفار : موضع قريب من مكة قرب التناضب (معجم البلدان).

(٩) استدركت عن هامش الأصل.

١٧

برسوله ، ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا ، وكانوا يقولونه لأنفسهم ، فأنزل الله عزوجل فيهم : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) إلى قوله (مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [سورة الزمر ، الآية : ٥٣ إلى ٦٠].

قال عمر : فكتبتها بيدي كتابا ثم بعثت بها إلى هشام. قال هشام بن العاص : فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى (١) ، فجعلت أصعد فيها وأصوب لأفهمها (٢) ، فقلت : اللهم ، فهّمنيها ، فعرفت أنما أنزلت فينا لما كنا نقول في أنفسنا ، ويقال فينا ، فرجعت فجلست على بعيري ، فلحقت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [وهو بالمدينة](٣).

وقتل هشام بأجنادين في ولاية أبي بكر رضي‌الله‌عنه.

كان العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة (٤) ، وإن هشام بن العاص نحر حصته خمسين بدنة. وإن عمروا سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك فقال : أما أبوك ـ وكان أقر بالتوحيد ـ فقمت وتصدقت عنه. نفعه ذلك.

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«ابنا العاص مؤمنان : هشام وعمرو» (٥) [١٤٣٦١].

قال سعيد بن عمرو الهذلي :

قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان ، فبث السرايا في كل وجه ، وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام ، فخرج هشام بن العاص في مائتين قبل يلملم (٦).

وعن علي بن رباح قال :

__________________

(١) ذو طوى : موضع بأسفل مكة.

(٢) كذا بالأصل ، وأسد الغابة ، والذي في سيرة ابن هشام : ولا أفهمها.

(٣) زيادة للإيضاح عن سيرة ابن هشام.

(٤) البدنة : الناقة أو البقرة تنحر بمكة ، سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها (اللسان).

(٥) الإصابة ٣ / ٦٠٤ والاستيعاب ٣ / ٥٩٥.

(٦) يلملم ـ وقيل ألملم ـ موضع على ليلتين من مكة ، وقيل : هو جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث ، وقيل : هو واد هناك (معجم البلدان).

١٨

أقبلت الروم يوم دالي في جمع كبير من الروم ونصارى العرب ، عليهم نياق البطريق ، فقال بعض القوم لبعض : إنه قد حضركم جمع عظيم ، فإن رأيتم أن تناجزوا إلى نواظر الشام ، إلى بيرين (١) وقدس (٢) ، وتكتبوا إلى أبي بكر فيمدكم ، فقال هشام بن العاص إن كنتم تعلمون أنما النصر من عند العزيز الحكيم ، فقاتلوا ، وإن كنتم تنتظرون نصرا من عند أبي بكر ركبت راحلتي حتى ألحق به ، فقال بعض القوم : ما ترك لكم هشام بن العاص مقالا ، فقاتلوا ، فقتل من المسلمين بشر كثير ، وقتل هشام بن العاص ، وهزم الله الروم ، وقتل نياق البطريق ، فمرّ رجل بهشام بن العاص وهو قتيل ، فقال : رحمك الله ، هذا الذي كنت تبتغي.

قال (٣) هشام بن العاص يوم أجنادين : يا معشر المسلمين ، إنّ هؤلاء القلعاء (٤) لا صبر لهم على السيف ، فاصنعوا كما أصنع ، فجعل يدخل وسطهم فيقتل النفر منهم حتى قتل.

ورأى (٥) من المسلمين بعض النكوص عن العدو ، فألقى المغفر عن وجهه وجعل يتقدم في نحر العدو وهو يصيح : يا معشر المسلمين ، إلي إلي ، أنا هشام بن العاص ، أمن الجنة تفرّون؟ حتى قتل.

ولما (٦) انهزمت الروم يوم أجنادين انتهوا إلى موضع لا يعبره إلا إنسان إنسان ، فجعلت الروم تقاتل عليه ، وقد تقدموه ، وعبروه ، فتقدم هشام بن العاص ، فقاتلهم عليه حتى قتل ، ووقع على تلك الثلمة فسدّها. فلما انتهى المسلمون إليها هابوا أن يوطئوه الخيل ، فقال عمرو ابن العاص : أيها الناس ، إن الله قد استشهده ، ورفع روحه ، وإنما هو جثة ، فأوطئوه الخيل ، ثم أوطأه هو تبعه الناس حتى قطعوه ، فلما انتهت الهزيمة ، ورجع المسلمون إلى

__________________

(١) بيرين : من قرى حمص (معجم البلدان).

(٢) قدس : بالتحريك ، والسين المهملة بلد بالشام قرب حمص ، من فتوح شرحبيل بن حسنة (معجم البلدان).

(٣) الخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ١٩٣ من طريق محمد بن عمر ، حدثني ثور بن يزيد عن زيد عن زياد ، وذكره.

(٤) كذا بالأصل ، وفي ابن سعد : القلفان. والقلعة الرجل الضعيف الذي لا يثبت في البطش ولا على السرج (اللسان : قلع).

(٥) طبقات ابن سعد ٤ / ١٩٣ من طريق محمد بن عمر بسنده إلى أم بكر بنت المسور بن مخرمة. والإصابة ٣ / ٦٠٤.

(٦) رواه ابن سعد في طبقات الكبرى ٤ / ١٩٣ ـ ١٩٤ من طريق محمد بن عمر حدثني ثور بن يزيد عن خلف بن معدان ، وذكره. وأسد الغابة ٤ / ٦٢٦ عن خالد بن معدان ، والإصابة ٣ / ٦٠٤ عن خالد بن معدان ، والاستيعاب أيضا ٣ / ٥٩٤ ـ ٥٩٥ عن خالد بن معدان.

١٩

العسكر كر عمرو بن العاص ، فجمع لحمه وأعضاءه وعظامه ، وحمله في نطع (١) فواراه.

ولما بلغ عمر بن الخطاب قتله قال : رحمه‌الله ، فنعم العون كان للإسلام.

قال أبو الجهم بن حذيفة العدوي :

انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمي ومعي شنّة (٢) من ماء ، فقلت : إن كان به رماق (٣) سقيته من الماء ومسحت به وجهه ، فإذا أنا به ينشغ (٤) ، فقلت : أسقيك؟ فأشار أن نعم ، فإذا رجل يقول : آه ، فأشار ابن عمي أن انطلق إليه ، فإذا هو هشام بن العاص ، فأتيته فقلت : أسقيك؟ قال : نعم ، فسمع آخر يقول : آه ، فأشار هشام أن انطلق إليه ، فجئته فإذا هو قد مات ، ثم رجعت إلى هشام فإذا هو قد مات ، ثم أتيت ابن عمي فإذا هو قد مات.

قال عمرو بن شعيب :

علق عمرو يوم اليرموك سبعين سيفا بعمود فسطاطه قتلوا من بني سهم.

دخل (٥) عمرو إلى الطواف ، فتكلم فيه نفر من قريش ، فقال لهم : ما قلتم؟ قالوا : تكلمنا فيك وفي أخيك هشام : أيكما أفضل ، فقال : أفرغ من طوافي وأخبركم. فلما انصرف من طوافه قال : أخبركم عني وعنه : بيننا خصال ثلاث : أمه بنت هشام (٦) بن المغيرة ، وأمي أمي (٧) ، وكان أحبّ إلى أبيه مني ، وفراسة الوالد في ولده فراسته ، واستبقنا إلى الله فسبقني.

وفي رواية :

فبات وبت يسأل الله ، وأسأله إياها ، فلما أصبحنا رزقها وحرمتها ، ففي ذلك يبين لكم فضله علي.

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٨) :

__________________

(١) النطع : بالكسر فسكون : قطعة من الجلد.

(٢) الشنة : سقاء خلق ، وهو أشد تبريدا للماء من الجديد (النهاية لا بن الأثير : شنن).

(٣) رماق ورماق أي بلغة ، أو قليل يمسك الرمق. قال يعقوب : ومن كلامهم : موت لا يجر إلى عار خير من عيش في رماق (تاج العروس : رمق).

(٤) ينشغ أي يمص بفيه (اللسان : نشغ).

(٥) الخبر باختلاف الرواية في الاستيعاب ٣ / ٥٩٤ (هامش الإصابة) والإصابة ٣ / ٦٠٤.

(٦) في الاستيعاب : هاشم.

(٧) كذا ، وأم عمرو بن العاص النابغة من بني عنزة ، كما في الإصابة ٣ / ٢. والذي في الاستيعاب هنا : وأمي سبية.

(٨) زيادة للإيضاح.

٢٠