تاريخ مدينة دمشق - ج ٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٠
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

١
٢

ذكر من اسم أبيه عبد الرحمن ممن اسمه إسماعيل

٧٤٣ ـ إسماعيل بن عبد الرّحمن بن أحمد

ابن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عابد (١)

أبو عثمان الصّابوني النّيسابوري الحافظ الواعظ المفسّر (٢)

قدم دمشق حاجّا سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة ، وحدّث بها وقعد مجلس التذكير.

وروى عن : أبي طاهر بن خزيمة ، وأبي علي زاهر بن أحمد السّرخسي الفقيه ، وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي ، وأبي العباس أحمد بن محمد بن إسحاق البالوي ، وأبي محمد الحسن بن أحمد المخلدي ، وأبي الحسين أحمد بن محمد الخفّاف ، وأبي سعيد محمد بن الحسين بن موسى السّمسار ، وأبي بكر محمد بن عبد الله الجوزقي ، وأبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرئ ، وأبي معاذ الشاه بن أحمد الهروي ، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري ، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن الرومي ، وأبي الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي ، والسيد أبي الحسن محمد بن الحسين بن داود الحسني ، وأبي الحسن عبد الرّحمن بن إبراهيم المزكّي ، وأبي منصور محمد بن عبد الله بن حمشاد الواعظ ، والحاكم أبي عبد الله الحافظ ، وأبي عبد الرّحمن السّلمي ، وأبي محمد بن أبي شريح ، وخلق سواهم.

وروى عنه من أهل دمشق : أبو الحسن علي بن محمد بن شجاع الرّبعي ،

__________________

(١) بالأصل عائذ والمثبت والضبط عن م وانظر تبصير المنتبه ٣ / ٨٨٧ «عابد» بالباء والدال.

(٢) ترجمته في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٢ والوافي بالوفيات ٩ / ١٤٣.

وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٠ وانظر بالحاشية فيهما أسماء مصادر أخرى ترجمت له.

٣

وعلي بن الخضر السلمي ، وعبد العزيز الكتّاني ، وأبو القاسم بن أبي العلاء ، وأبو العباس بن قبيس ، ومحمد بن علي بن أحمد بن المبارك الفرّاء ، وأبو الحسن علي بن الحسين صصرى ، ونجا بن أحمد العطّار ، وعبد الله بن عبد الرزاق بن فضيل الدمشقيون ، ومن غيرهم : أبو الحسن علي بن عبد الله النيسابوري الواعظ ـ نزيل أصبهان ـ وأبو علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي النّيسابوري ، وأبو علي الحسين بن أحمد بن عبد الواحد الصّوري ، وجماعة كثيرة من أهل نيسابور وغيرهم. وحدثنا عنه (١) أبو عبد الله الفراوي (٢).

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن بن أحمد الصّابوني ، أنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرّازي ، أنا محمد بن أيوب الرّازي ، أنا مسلم بن إبراهيم ، أنا هشام بن أبي عبد الله الدّستوائي ، نا قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنتان حب المال وطول العمر» رواه البخاري عن مسلم بن إبراهيم [٢٢٧٢].

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو عثمان الصابوني النيسابوري الواعظ ، قدم علينا ، فذكر حديثا.

وأخبرنا أبو عبد الله قال : أنشدنا الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن بن أحمد الصّابوني لنفسه (٣) :

ما لي أرى الدّهر لا يسخو بذي كرم

ولا يجود بمعوان ومفضال

ولا أرى أحدا في الناس مشتريا

حسن الثّناء بإنعام وإفضال

ولا أرى أحدا في الناس مكتنزا

ظهور أثنية أو مدح مقوال

صاروا سواسية في لؤمهم شرعا

كأنما نسجوا فيه بمنوال (٤)

__________________

(١) بغية الطلب ٤ / ١٦٨٢ وبالأصل : وحدثنا عبد الله.

(٢) بغية الطلب ٤ / ١٦٨١ ـ ١٦٨٢ نقلا عن ابن عساكر.

(٣) الأبيات في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٤ والوافي ٩ / ١٤٣ ومعجم الأدباء ٧ / ١٨ ـ ١٩.

(٤) المنوال : آلة النسج.

٤

قال أبو عثمان : ورأيت في بعض أجزائي مكتوبا (١) :

طيب الزمان لمن خفّت مئونته

ولن يطيب لذي الأثقال والمؤن

فاستحسنته ، وأضفت إليه من قبلي :

هذا يزجّي بيسر عمره طربا

وذاك ينماث في غمّ وفي حزن

فاجهد لتزهد في الدنيا وزينتها

إن الحريص على الدنيا لفي محن (٢)

قال وكنت قلت في غياب ولدي أبي نصر عبد الله الخطيب رحمة الله ورضوانه عليه :

غاب وذكراه لم يغب (٣) أبدا

وكان مثل السّواد في الحدقة

لو ردّه الله بعد غيبته

جعلت مالي لشكره صدقة

فلم يرد الله سبحانه وتعالى ردّه إليّ وقضى ، قبض روحه في بعض ثغور أذربيجان متوجّها إلى بيت الله الحرام ، وزيارة قبر نبيّه محمد المصطفى عليه أفضل الصّلاة والسّلام ، فصبرا لحكمه ، ورضا بقضائه ، وتسليما لأمره (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)(٤) وإلى الله جلّ جلاله الرغبة في التّفضّل عليه بالمغفرة والرّضوان ، والجمع بيننا وبينه في رياض الجنان بمنّه وكرمه.

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر ، قال : ومن ذلك ـ يعني شعر أبي عثمان المذكور ـ قوله :

إذا لم أصب أموالكم ونوالكم

ولم آمل المعروف منكم ولا البرّا

وكنتم عبيدا للّذي أنا عبده

فمن أجل ما ذا أتعب البدن الحرّا (٥)

أخبرني أبو المظفر بن القشيري ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ ، قال : أخبرنا إمام المسلمين حقا وشيخ الإسلام صدقا أبو عثمان إسماعيل بن

__________________

(١) البيت في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٤.

(٢) البيتان في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٥.

(٣) في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٥ : لم تغب.

(٤) سورة الأعراف ، الآية : ٥٤.

(٥) البيتان في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٦.

٥

عبد الرّحمن الصّابوني : بحكاية ذكرها.

حدّثني أبو بكر يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن محمد السّلماسي الواعظ بدمشق ، أنا أبي أبو طاهر بن أبي بكر ، أنا أبو علي الحسن بن نصر بن كاكا المرندي الفقيه ، حدّثني أبو الحسين البغدادي ، قال (١) : كان الشيخ الإمام أبو الطّيّب ـ رضي‌الله‌عنه ـ إذا حضر محفلا من محامل التهنئة أو التعزية أو سائر ما لم يكن يعقد إلّا بحضوره فكان المفتتح به والمختتم ، الرئيس بإجماع المخالف والمؤالف ، المقدّم أمر بإلقاء مسألة وكانت المتفقّهة لا يسألون غيره في مجلس حضره ، فإذا تكلم عليها ووفّى حق الكلام فيها. وانتهى إلى آخرها أمر أبا عثمان فترقل الكرسي ، وتكلم الناس على طريق التفسير والحقائق ، ثم يدعو ويقوم أبو الطّيّب فيتفرق الناس. قال : وهو يومئذ في أوائل سنه.

قال ابن كاكا : وحدّثني أبو سعد يحيى بن الحسن الهروي الفقيه ـ نزيل نيسابور ـ عن الإمام أبي علي الحسن بن العباس قال : اتفق مشايخنا ـ من أئمة الفريقين وسائر من ينتهي إلى علم التفسير والتذكير ـ أن أبا عثمان كامل في آلاته ، مستحق للإمامة بصفاته ، لم يترقّل الكرسي في زمانه على ظرفه وبيانه وثقته وصدق لسانه.

قال ابن كاكا : وحدّثني أبو طالب الحرّاني ـ وكان قد أمضى في خدمة العلم طرفا صالحا من عمره بنيسابور ، وقرأ على أبي منصور البغدادي وأبي محمد الجويني ـ قال : توسّطت مجالس أعيان الوقت أيام السلطان أبي القاسم ـ رحمه‌الله ـ فصادفتهم مجمعين على أن أبا عثمان إذا نطق بالتفسير قرطس في غرض الإجادة والإصابة ، وإذا أخذ في التذكير والرقائق أجابته القلوب القاسية أحسن الإجابة ، وإنه في علم الحديث علم بل عالم وبسائر العلوم متحقّق عالم.

قال : وحدّثني الشيخ أبو منصور المقرئ الأسدآباذي (٢) ـ وقد جمع في أسفاره بين بلاد المشرق والمغرب ـ قال : كانوا يعدّون بخراسان ـ وأفنية العلم رحاب ، ويد العدل مجاب ، والعيش عذب مستطاب ، في علوم التفسير رجلين : أبا جعفر فاخرا بسجستان والصابوني بخراسان لا يثلّثهما فاضل ولا يدخل في حسابهما كامل.

__________________

(١) الخبر في بغية الطلب ٤ / ١٦٧٧ ـ ١٦٧٨.

(٢) هذه النسبة إلى أسدآباذ مدينة بينها وبين همذان مرحلة واحدة نحو العراق (معجم البلدان).

٦

قال أبو منصور : فأما اليوم فلا مثل لأبي عثمان في الموضعين.

قال : حدّثني أبو عبد الله الخوارزمي ـ شيخ تفقه ببغداد ، وقع الينا ـ قال : دخلت نيسابور عند اجتيازي إلى العراق لطلب العلم ، فرأيت أبا عثمان مائسا في حلّة الشباب ، ولمته يومئذ كجناح الغداف (١) أو حنك الغراب ، وشيوخ التفسير إذ ذاك متوافرون ، كأبي سعد وأبي القاسم ، وهو يعدّ على تقارب سنّه صدرا وجيها ، وشيخا نبيها ، له ما شئت من إكرام وإعظام وإجلال وإفضال.

قال : وحدّثني أبو شيبة مولى الهرويين قال : وفد أبو عثمان عن السلطان المعظّم إلى الهند فلما صدر منها دخل هراة (٢) وعقد المجلس أياما وأبو زكريا ـ يعني يحيى بن عمّار ـ في قيد الحياة قد انتهت إليه رئاسة الحنابلة في جميع الإقليم ، فكان إذا فرغ من المجلس جاءه وجلس عنده ، وأبو زكريا يظهر السرور بمكانه ، ويصرّح أنه ابن حسنات قرانه.

قال : وحدّثني أبو الفضل محمد بن سعيد النديم قال : كان مشايخنا الذين ينظم بقولهم عقد الاجماع يسلمون لأبي عثمان مقاليد الإمامة في علم التفسير والحديث وما يتعلق بهما من الفنون أيام السلطان المعظّم والمراتب متنافس فيها.

قال : وحدّثني أبو الوفاء ـ وكان حميد الخليقة ، شديد الطريقة ، كثير الإقامة بنيسابور ، قد سمع بها الكثير وعاشر الصدور ـ قال : لقيت المئات من الرواة ومن تبع من الفقهاء العصر من بعدهم فذكر من أولئك : الحيري والطّرازي ، ومن هؤلاء العمري والجويني وغيرهم من الأئمة الذين هم المعتمدون في أصول الفقه وفروعه ، المدرّسون لمتفرق الشرع ومجموعه ، فإذا نطقوا خرست الألسن هيبة وإجلالا ، وإذا أفتوا همّت الكواعب بأن تخرّ لتقبيل فتاويهم سراعا عجالا ، أو نازلوا الخصم في المناظرة وقوة الكلام صاعا بصاع سجالا فانزلوا به آجالا مآلا أو حالا.

قال : وتجاوبهم إلى من يتحقق بعلم التنزيل أو التأويل ويطّلع على خبايا التحقيق والتحصيل ، فكانت آراؤهم مجمعة على أن أبا عثمان فيهم عين الإكليل ، وأنه :

__________________

(١) الغداف : غراب القيظ.

(٢) هراة : مدينة عظيمة من أمهات مدن خراسان (معجم البلدان).

٧

يجلو القلوب بوعظه وكلامه

كالثلج بالعسل المشوب لسانه

قال : وحدّثني الحسين بن إبراهيم مستملي المالكي قال : ما زلنا نسمع بالعراق من الشيوخ ، ثم بديار بكر من القاضي أبي عبد الله المالكي أن الصّابوني في الحفظ والتفسير وغيرهما ممن شهدت له أعيان الرجال بالكمال.

قال : وحدّثني محمد بن عبد الله العامري الإسفرايني الفقيه قال : أدركت آخر أيام الأئمة الذين كانوا أئمة الأرض دون خراسان كأبي إسحاق ، وأبي منصور البغدادي ، وأبي بكر القفّال إمام الشفعوية في المشرق ، وأبي زكريا يحيى بن عمار المفسّر ، وكان الناس يطلقون القول في مجالس (١) النظر المعقودة عندهم أن أبا عثمان لا يدافع في كماله ولا ينازع في شيء من خصاله.

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قال (٢) : إسماعيل بن عبد الرّحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عابد الأستاذ الإمام شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني الخطيب المفسّر المحدّث الواعظ ، أوحد وقته في طريقته ، وعظ المسلمين في مجالس التذكير سبعين سنة ، وخطب وصلّى في الجامع نحوا من عشرين سنة ، وكان أكثر أهل العصر من المشايخ سماعا وحفظا ونشرا لمسموعاته ، وتصنيفا وجمعا وتحريضا على السّماع ، وإقامة لمجالس الحديث.

سمع الحديث بنيسابور ـ وذكر بعض شيوخه ـ وبسرخس (٣) وبهراة (٤) ، وسمع بالشّام والحجاز (٥) وبالجبال وغيرها من البلاد ، وحدّث بخراسان إلى غزنة (٦) وبلاد الهند ، وبجرجان ، وآمل (٧) وطبرستان والثغور ، وبالشام وبيت المقدس والحجاز وأكثر الناس السّماع منه.

__________________

(١) عن م وبغية الطلب ٤ / ١٦٧٩ وبالأصل «مجلس».

(٢) المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور ترجمة ٣٠٧ ص ١٣١.

(٣) سرخس : مدينة قديمة من نواحي خراسان بين نيسابور ومرو (معجم البلدان).

(٤) وذكر في كلّ منهما أيضا من سمع منه فيهما.

(٥) زيد في المنتخب : ودخل معرة النعمان فلقي أبا العلاء أحمد بن سليمان التنوخي المعري.

(٦) غزنة : ولاية واسعة في طرف خراسان ، ومدينة عظيمة ، وهي الحد بين خراسان والهند (معجم البلدان).

(٧) آمل : أكبر مدينة بطبرستان.

٨

ورزق العزّ والجاه في الدين والدنيا ، وكان جمالا للبلد ، زينا للمحافل والمجالس ، مقبولا عند الموافق والمخالف ، مجمعا على أنه عديم النّظير ، وسيف السّنّة ودامغ أهل البدعة.

وكان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنيسابور ، ففتك به لأجل التّعصب والمذهب ، وقتل ، وهذا الإمام صبي بعد حول سبع سنين ، وأقعد بمجلس الوعظ مقام أبيه ، وحضر أئمة الوقت مجالسه ، وأخذ الإمام أبو الطّيّب الصعلوكي (١) في تربيته وتهيئة أسبابه ، وكان يحضر مجالسه ويثني عليه ، وكذلك سائر الأئمة كالأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني ، والأستاذ الإمام أبي بكر بن فورك وسائر الأئمة ، ويتعجبون من كمال ذكائه وعقله ، وحسن إيراده الكلام ، وحفظه للأحاديث ، حتى كبر وبلغ مبلغ الرجال ، ولم يزل يرتفع شأنه حتى صار إلى ما صار إليه (٢) ، وهو في جميع أوقاته مشتغل بكثرة العبادات ووظائف الطاعات ، بالغ في العفاف والسّداد وصيانة النّفس ، معروف بحسن الصّلاة وطول القنوت ، واستشعار الهيبة حتى كان يضرب به المثل ، وكان محترما للحديث.

قرأت من خط الفقيه أبي سعد السّكري أنه حكى عن بعض من يوثق بقوله من الصالحين أنه قال (٣) : ما رويت خبرا ولا أثرا في المجلس إلّا عندي إسناده ، وما دخلت بيت الكتب قط إلّا على طهارة ، وما رويت الحديث ، ولا عقدت المجلس ولا قعدت للتدريس قط إلّا على الطهارة.

قال السّكري : ورأيت كتاب الأستاذ الإمام أبي إسحاق الإسفرايني إليه ، كتبه بخطه وخاطبه بالأستاذ الجليل سيف السّنّة ، وفي كتاب آخر : غيظ أهل الزيغ.

وحكى الأستاذ أبو القاسم الصّيرفي المتكلم أن الإمام أبا بكر بن فورك رجع عن مجلسه يوما فقال : تعجبت اليوم من كلام هذا الشاب ، تكلم بكلام عذب بالعربية والفارسية.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ـ بقراءتي ـ حدّثني الحسن بن سعيد العطّار ، قال :

__________________

(١) سهل بن محمد الصعلوكي ، عن منتخب السياق.

(٢) زيد في المنتخب : من الحشمة التامة والجاه العريض.

(٣) القائل هو أبو عثمان بن الصابوني ، صاحب الترجمة.

٩

سمعت من أبي عثمان الصابوني جميع كتاب الموطأ ـ رواية أبي مصعب عن مالك ـ ثم ورد كتابه إلى دمشق يذكر فيه أن بعضه ليس بسماع (١) له من شيخه فذكرت ذلك للشيخ الحافظ أبي محمد عبد العزيز بن أحمد ، فقال : إلي ورد كتابه من نيسابور يذكر فيه أن كتاب القراض والفرائض من الموطّأ غير مسموعين له ، ووعدني بإخراج الكتاب ، وذكر لي بعد ذلك أنه لا يعلم أين تركه ، ولم يزل يرجئ الأمر ـ رحمه‌الله ـ إلى أن توفي (٢).

وحدثني الشيخ الفقيه الثقة أبو العباس أحمد بن منصور بن محمد الغسّاني قال : أراني أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الصّوفي في نصف جمادى الأول من سنة تسع وثلاثين وأربعمائة كتاب الإمام أبي عثمان الصّابوني إليه يذكر فيه أن كتاب القراض والفرائض من الموطّأ رواية أبي مصعب الزّهري غير مسموعين له ولا لشيخه زاهر بن أحمد وبقية الموطّأ سماعه من زاهر فليعلم الجماعة بذلك ليعلموه ولا يرووا عنه من الموطّأ هذين الكتابين ، فإنهما غير مسموعين له ولا لشيخه زاهر.

أنشدنا (٣) أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبي القاسم بن الحسين ، ومحمد بن الخليل بن أبي بكر بن أبي جعفر السّلّال الطبريان ـ بمرو قالا ـ : أنشدنا أبو علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي ـ إملاء ـ قال : أنشدني والدي لنفسه من قصيدة أنشأها في مدح شيخ الإسلام ويهنئه بالقدوم من الحج :

من أبر شهر (٤) الآن إذ هبّت بها

ريح السعادة بكرة وأصيلا

بقدوم من أضحى فريد زمانه

أعني أبا عثمان إسماعيلا

فضلا وعقلا واشتهار صيانة

وعلوّ شأن في الورى وقبولا

من شاء أن يلقى الكمال بأسره

خدم احتسابا ربّه (٥) المأمولا

لا زال ركنا للمفاخر والعلى

ما لاح نجم للسراة دليلا

أنبأنا أبو نصر إبراهيم بن الفضل بن إبراهيم الباز ، أنا أبو عبد الله الحسين بن

__________________

(١) رسمها ناقص بالأصل ، والمثبت عن م وانظر بغية الطلب ٤ / ١٦٨٢.

(٢) الخبر في بغية الطلب ٤ / ١٦٨١ ـ ١٦٨٢.

(٣) الخبر والأبيات في بغية الطلب ٤ / ١٦٨٣ نقلا عن ابن عساكر.

(٤) هي نيسابور (ياقوت).

(٥) في بغية الطلب : ربعه المأهولا.

١٠

محمد الكتبي الحاكم ـ بهراة ـ قال : سنة تسع وأربعين وأربعمائة ورد الخبر بوفاة الإمام شيخ الإسلام إسماعيل الصّابوني بنيسابور في المحرّم ، وكان مولده في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ، وكان أول مجلس عقده بنيسابور بعد قتل والده أبي نصر في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة ، وسمعته يقول هراة وسجستان مجمع الأسرة ، وبوشنج مقطع المسرّة ، ونيسابور موضع النّصرة

وذكر غير الكتبي : أن مولده ببوشنج (١) ليلة الاثنين للنصف من جمادى الآخرة (٢).

أنبأنا أبو الحسن الفارسي ، قال (٣) : حكى الأثبات والثّقات أنه كان يعقد المجلس ، وكان يعظ الناس ويبالغ فيه إذ دفع إليه كتاب ورد من بخارا مشتمل على ذكر وباء عظيم وقع بها ، واستدعى فيه أغنياء (٤) المسلمين بالدعاء على رءوس الملأ في كشف ذلك البلاء عنهم ، ووصف فيه أن واحدا تقدّم إلى خبّاز يشتري الخبز ، فدفع الدّراهم إلى صاحب الحانوت ، فكان يزنها والخبّاز يخبز والمشتري واقف ، فمات الثلاثة في الحال ؛ واشتد الأمر على عامة الناس. فلما قرأ الكتاب هاله ذلك واستقرأ من القارئ قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ)(٥) ونظائرها ، وبالغ في التخويف والتحذير.

وأثّر ذلك فيه ، وتغيّر في الحال ، وغلبه وجع البطن من ساعته ، وأنزل من المنبر ، وكان يصيح من الوجع ، وحمل إلى الحمّام إلى قريب من الغروب للشمس ، فكان يتقلب ظهرا لبطن ، ويصيح ويئنّ فلم يسكن ما به ، فحمل إلى بيته وبقي فيه سبعة أيام لم ينفعه علاج ؛ فلما كان يوم الخميس سابع مرضه ظهرت آثار سكرة الموت ، فودّع أولاده وأوصاهم بالخير ونهاهم عن لطم الخدود وشقّ الجيوب والنّياحة ورفع الصوت بالبكاء ؛ ثم دعا بالمقرئ أبي عبد الله خاصّته حتى قرأ سورة «يس» وتغيّر حاله وطاب وقته ، وكان يعالج سكرات الموت إلى أن قرأ إسناد ما روي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من كان

__________________

(١) بوشنج بليدة نزهة خصبة في واد مشجر من نواحي هراة.

(٢) الخبر في بغية الطلب ٤ / ١٦٨٣ نقلا عن ابن عساكر.

(٣) المنتخب من السياق ص ١٣٥.

(٤) المنتخب : اعتناء.

(٥) سورة النحل ، الآية : ٤٥.

١١

آخر كلامه ، لا إله إلّا الله دخل الجنة» [٢٢٧٣].

ثم توفي رحمه‌الله من ساعته عصر يوم الخميس ، وحملت جنازته من الغد عصر يوم الجمعة إلى ميدان الحسين ، الرابع من المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة ، واجتمع من الخلائق ما الله أعلم بعددهم ، وصلّى عليه ابنه أبو بكر ، ثم أخوه أبو يعلى ، ثم نقل إلى مشهد أبيه في سكة حرب ، وكان مولده في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ، وكان وقت وفاته طاعنا في سبع وسبعين (١).

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا القاضي أبو علي الحسن بن أبي طاهر الختّلي ، قال : توفي الأستاذ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن الصّابوني رحمه‌الله في سنة خمسين وأربعمائة.

قال عبد العزيز : وكان شيخا ما رأيت في معناه زهدا ، وعلما كان يحفظ من كل فن لا يقعد به شيء ، وكان يحفظ القرآن وتفسيره من كتب كثيرة ، وكان من حفاظ الحديث ، وكان مقدّما في الوعظ والأدب وغير ذلك من العلوم (٢).

قال ابن الأكفاني : ثم حدّثني أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الدّهستاني (٣) ـ قدم علينا ـ قال حضرت وفاة أبي عثمان بنيسابور لأربع ليال مضت من المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة وصلّى عليه ابنه أبو بكر.

قلت : وهذا هو الصحيح في وفاته.

سمعت أبا أحمد معمر بن عبد الواحد بن رجاء بن الفاخر ـ بجرباذقان (٤) ـ قال : سمعت أبا محمد عبد الرشيد بن ناصر الواعظ ـ ببطحاء مكة ، من لفظه ـ قال : سمعت إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي بنيسابور قال : سمعت الإمام أبو المعالي الجويني قال : كنت بمكة أتردد في المذاهب فرأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام فقال : عليك باعتقاد ابن الصّابوني.

__________________

(١) نقل الخبر ابن العديم في بغية الطلب ٤ / ١٦٨٣ ـ ١٦٨٤.

(٢) بغية الطلب ٤ / ١٦٨٤ ـ ١٦٨٥ نقلا عن ابن عساكر.

(٣) ضبطت عن الأنساب وهذه النسبة إلى دهستان وهي بلدة مشهورة عند مازندران وجرجان.

(٤) بلدة قريبة من همذان بينها وبين الكرج وأصبهان ، كبيرة مشهورة (معجم البلدان).

١٢

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل قال : ومن أحسن ما قيل فيه ما كتبته بهراة للإمام أبي الحسن عبد الرّحمن بن محمد الدّاودي البوشنجي (١) :

اودى الإمام الحبر إسماعيل

لهفي عليه فليس (٢) منه بديل

بكت السماء والأرض يوم وفاته

وبكى عليه الوحي والتنزيل

والشمس والقمر المنير تناوحا

حزنا عليه وللنجوم عويل

والأرض خاشعة تبكّي شجوها

ويلي تولول : أين إسماعيل؟

أين الامام الفرد في آدابه؟

ما إن له في العالمين عديل

لا تخدعنك منى الحياة فإنّها

تلهي وتنسي والمنى تضليل

وتأهّبن للموت قبل نزوله

فالموت حتم والبقاء قليل

قال عبد الغافر : وحكى بعض الصالحين أنه رأى أبا بكر بن أبي نصر المفسّر المقرئ الحنيفي جالسا على كرسي وبيده جزء يقرأه فسأله عما فيه فقال : إذا احتاج الملائكة إلى الحجّ وزيارة بيت الله العتيق جاءوا إلى زيارة قبر إسماعيل الصّابوني.

قال : وقرأت من خط الفقيه أبي سعد السّكري أنه حكى عن السيد أبي إبراهيم بن أبي الحسن بن ظفر الحسيني أنه قال : رأيت في النوم السيد النقيب أبا القاسم زيد بن الحسن بن محمد بن الحسين ـ رحمه‌الله ـ وبين يديه طبق من الجواهر ـ ما شاء الله ـ فسألته فقال : أتحفت بهذا مما نثر على روح إسماعيل الصّابوني.

قال : وحكى المقرئ محمد بن عبد الحميد الأبيوردي الرجل الصالح عن الإمام فخر الإسلام أبي المعالي الجويني (٣) أنه رأى في المنام كأنه قيل له عد عقائد أهل الحقّ قال : فكنت أذكرها إذ سمعت نداء كان مفهومي منه أني أسمعه من الحقّ تبارك وتعالى يقول : ألم تقل أن ابن الصّابوني رجل مسلم.

وقرأت أيضا من خط السكري حكاية رؤيا رآها الشيخ أبو العباس الشّقّاني رأى

__________________

(١) بالأصل «البوسنجي» والمثبت عن بغية الطلب.

والأبيات في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٤ ومختصر ابن منظور ٤ / ٣٦٤ وبغية الطلب ٤ / ١٦٨٥.

(٢) سير الأعلام : ليس.

(٣) عبد الملك بن عبد الله بن يوسف إمام الحرمين ، ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ٤٦٨.

١٣

الحقّ سبحانه وتعالى أنه قال : وأما ابن ذلك المظلوم فإنّ له عندي قربى ونعمى وزلفى. في منام طويل (١).

٧٤٤ ـ إسماعيل بن عبد الرّحمن بن عبيد بن نفيع العنسيّ

روى عن أبيه.

روى عنه حماد بن مالك الحرستاني (٢).

أخبرني أبو القاسم الواسطي ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا عبد الله بن جعفر ، نا إسماعيل بن عبد الله العبدي ، حدّثني حمّاد بن مالك الدّمشقي ، حدّثني إسماعيل بن عبد الرّحمن العنسي ، عن أبيه عبد الله بن عبيد بن نفيع أنه كان في مسجد الكوفة ينتظر ركوع الضحى ، ويمتع (٣) النهار ، إذ أجفل الناس من ناحية المسجد ، فأجفلت فيمن أجفل ، فإذا برجل عليه إزار له وملاءة ، وهو يقول : أنا عامر بن سعد بن أبي وقاص ، سمعت أبي يأثر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «أربع من كنّ فيه فهو مؤمن ، ومن جاء بثلاث وكتم واحدة فقد كفر. شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأني رسول الله ، وأنه مبعوث من بعد الموت ، وإيمان بالقدر خيره وشرّه ، فمن جاء بثلاث وكتم واحدة فقد كفر» [٢٢٧٤].

كذا قال إسماعيل سمّويه ، ورواه يزيد بن محمد بن عبد الصمد ، وأبو عمران موسى بن محمد بن أبي عوف وأبو زرعة الدمشقي ، ويزيد بن أحمد السّلمي وأبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم البسري ، عن حمّاد بن مالك فقالوا : عن مصعب بن سعد بدل عامر ، وهو الصواب.

أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري وأبو الغنائم محمد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد الغندجاني ـ زاد ابن خيرون : وأبو الحسن الأصبهاني ، قالا : ـ أنا

__________________

(١) بغية الطلب ٤ / ١٦٨٦.

(٢) بالأصل وم الخرستاني بالخاء المعجمة ، والمثبت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى حرستا.

(٣) أي يرتفع.

١٤

أحمد بن عبدان ، أنا محمد بن سهل ، أنا محمد بن إسماعيل ، قال (١) : إسماعيل بن عبد الرّحمن بن عبيد العبسي أو العنسي الشّامي من أهل حرستا (٢).

أخبرنا أبو عبد الله (٣) الخلّال ، أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمد الفأفاء قال : وأنا ابن مندة ، أنا حمد بن عبد الله ـ إجازة ـ قالا : أنا أبو محمد بن أبي حاتم ، قال (٤) : إسماعيل بن عبد الرّحمن بن عبيد بن نفيع العنسي روى عن أبيه عن مصعب بن سعد ، روى عنه أبو مالك حمّاد بن مالك بن بسطام الحرستاني سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك ، زاد أبي أنه من أهل الشام من أهل حرستا ، وزاد أبو زرعة : يعدّ في الدمشقيين.

وقال محمد بن حبان البستي : العبسي أو العنسي الشّامي من أهل حرستا ، أورده في الثقات.

٧٤٥ ـ إسماعيل بن عبد الرّحمن بن عبد الله

أبو هشام الخولاني ، الدّمشقي ، الكتّاني

روى عن الوليد بن الوليد القلانسي ، وعلي بن عياش ، وإبراهيم بن عبد الله بن العلاء بن زبر.

روى عنه : أبو سعيد عبد الرّحمن بن عمرو بن عبد الرّحمن دحيم ، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد العبسي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الوليد المرّي ، وأبو علي أحمد بن محمد بن فضالة الحمصي ، وأبو الفضل العباس بن أحمد بن محمد السّلمي.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني (٥) ، أنا أبو محمد الحسن بن علي اللّبّاد ح.

وأخبرنا أبو الحسن الفقيه ، وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة ، قالا : نا

__________________

(١) التاريخ الكبير ١ / قسم ١ / ٣٦٢.

(٢) بالأصل «حرستان» والمثبت عن البخاري ، وانظر معجم البلدان وفيه : حرستا قرية كبيرة عامرة وسط بساتين دمشق على طريق حمص ، بينها وبين دمشق أكثر من فرسخ.

(٣) بالأصل «أبو عبد» والمثبت عن م.

(٤) الجرح والتعديل ١ / قسم ١ / ١٨٥ ـ ١٨٦.

(٥) بالأصل «الحسني» والصواب عن م.

١٥

عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الرّازي ، أنا أبو سعيد عبد الرّحمن بن عمرو بن عبد الرّحمن بن إبراهيم بن دحيم ـ قراءة عليه ـ نا أبو هاشم إسماعيل بن عبد الرّحمن الكتّاني الدّمشقي ، نا الوليد بن الوليد القلانسي ، نا عبد الرّحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عمر أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ الجنّة لتزخرف لشهر رمضان من رأس الحول إلى الحول ، فإذا كان أول يوم من شهر رمضان هبّت ريح من تحت العرش فشققت ـ وقال عبد العزيز فتفيقت ـ عن ورق الجنّة عن الحور العين ، فقلن : اللهمّ اجعل لنا من أولئك أزواجا تقرّ أعيننا بهم وتقرّ أعينهم بنا» [٢٢٧٥].

ذكر أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي فيما أخبره أبو عمرو بن مندة ، عن أبيه قال : أنا محمد بن إبراهيم بن مروان قال : قال عمرو بن دحيم : إنه مات بدمشق مستهل شعبان سنة ست وسبعين ومائتين.

٧٤٦ ـ إسماعيل بن عبد الرّحمن

البصري الثمالي ، المعروف بالمهدي

قدم دمشق في أيّام هشام بن عمّار وسمع بها الحديث ، وحدّث بها : عن عبيد الله بن موسى.

روى عنه : إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسّان الأنماطي.

كتب إليّ أبو علي الحداد ، يخبرني عن أبي نعيم الحافظ عن أبي [علي](١) محمد بن أحمد بن الحسن بن الصّوّاف ، نا إسحاق بن أبي حسّان ، نا إسماعيل بن عبد الرّحمن الثّمال البصري المعروف بالمهدي وكان يكتب معنا الحديث بدمشق قال :

سمعت عبيد الله بن موسى ، نا فطر بن خليفة ، عن أبي عمر ، حدثني مولاي أنه كان في الركب الذين كانوا مع أبي عبد الله الحدلي إلى محمد بن علي قال : فإنا لنسير ذات ليلة إذ عرض لنا عارض وهو يرتجز ويقول :

يا أيها الركب إلى المهدي

على عناجيج (٢) من المطي

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ١٨٤.

(٢) العناجيج : جياد الخيل والإبل (القاموس).

١٦

أعناقها كخشب الخطي

لتنصروا عاقبة النبي

محمدا رأس بني علي

سمي كهل أيّما سمي

حتى أصبح فنظر القوم فلم يروا أحدا.

٧٤٧ ـ إسماعيل بن عبد الصّمد بن عليّ

ابن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم الهاشمي

من أهل دمشق.

حدّث عن أبيه : عبد الصمد بن عليّ.

روى عنه ابن ابنه أبو العباس محمد بن الحسن بن إسماعيل.

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمد ، أنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم ، نا أبو العباس محمد بن الحسن بن إسماعيل بن عبد الصّمد الهاشمي قال : سمعت جدّي إسماعيل بن عبد الصمد ، قال : حدّثني أبي عبد الصّمد بن علي ، حدّثني أبي علي بن عبد الله ، عن أبيه عبد الله بن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «للمملوك على مولاه ثلاث ، لا يعجله عن صلاته ، ولا يقيمه عن طعامه ويبيعه إذا استباعه» [٢٢٧٦].

قال أبو يعقوب : لم يكن عنده إلّا هذا الحديث الواحد ـ يعني أبا العباس ـ وهو حديث غريب.

٧٤٨ ـ إسماعيل بن عبد العزيز بن سعادة بن حبّان

أبو طاهر الأمير

سمع بدمشق صحيح البخاريّ من أبي الحسن بن السّمسار ، له ذكر ، ولا أراه حدّث.

قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي : توفي الأمير أبو طاهر إسماعيل بن عبد العزيز بن سعادة بن حبّان يوم الأحد مستهلّ جمادى الآخرة سنة ستين ، سمع صحيح البخاري بدمشق من ابن السّمسار ولم يحدّث به ، ووقفه على دار العلم بالقدس.

١٧

٧٤٩ ـ إسماعيل بن عبد الملك

أبو القاسم الطّوسي المعروف بالحاكميّ ، الفقيه الشافعي (١)

قدم دمشق سنة تسع وثمانين وأربعمائة ، عديل الإمام أبي حامد الغزالي.

سمع من الفقيه أبي الفتح نصر بن إبراهيم بعض مصنفاته.

سمعت جدّي أبا المفضّل يحيى بن علي القاضي يثني عليه ، ويذكر أنه كان أعلم بالأصول من الغزالي إلّا أنه كان في لسانه ما يمنعه من الكلام (٢).

٧٥٠ ـ إسماعيل بن عبدة

رأى أبا مسهر.

روى عنه ابن فطيس.

أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصّيرفي ، أنا منصور بن الحسين وأحمد بن محمود ، قالا : أنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثني أبو بكر أحمد بن فطيس ورّاق أحمد بن عمير بن جوصا ، قال : سمعت إسماعيل بن عبدة يقول : رأيت أبا مسهر عبد الأعلى بن مسهر وعليه قلنسوة سوداء.

٧٥١ ـ إسماعيل بن عليّ بن الحسين بن بندار بن المثنّى

أبو سعد الأستراباذي الواعظ (٣)

قدم دمشق وحدّث بها ، وأملى ببيت المقدس وحدّث بها : عن أبيه ، وأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ البيّع ، وأبي عبد الرّحمن السّلمي ، وعلي بن الحسن بن حموية الدّامغاني ، وأبي عبد الله أحمد بن الحسن بن سهل بن الصّبّاح البلدي وأبي الحسن علي بن محمد الطّيبي الأستراباذي ، وأبي بكر محمد بن إبراهيم السّمّاك ،

__________________

(١) ترجمته في الوافي بالوفيات ٩ / ١٥٤ وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٦ وانظر بالحاشية فيهما أسماء مصادر أخرى ترجمت له.

(٢) زيد في سير الأعلام : سمع أبا صالح المؤذن وأحمد بن الحسن الأزهري ، توفي سنة ٥٢٩ عن سن عالية.

(٣) ترجمته في تاريخ بغداد ٦ / ٣١٥ وبالأصل «الحسن» والمثبت عن تاريخ بغداد ومختصر ابن منظور ٤ / ٣٦٧ وفي م : «الحسن» أيضا.

١٨

والعلاء بن محمد الرّوياني ، وأبي سعد أحمد بن محمد بن أحمد الماليني ، وأبي عبد الله أحمد بن محمد المطرّفي (١).

روى عنه أبو بكر الخطيب ، وأبو القاسم مكّي بن عبد السلام بن الحسين بن الرّميل المقدسي وأبو القاسم سعد بن أحمد بن محمد النّسوي ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الهكّاري.

أخبرنا أبو الحسن بن أحمد بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٢) ، نا أبو سعد ـ من حفظه ـ نا أبي ، نا أبو عبد الله محمد بن إسحاق الرّملي ـ ببيت المقدس ـ نا أبو الوليد هشام بن عمّار ، نا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد (٣) عن خالد بن معدان ، عن شدّاد بن أوس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«بكى شعيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من حبّ الله عزوجل حتى عمي فردّ الله إليه بصره وأوحى إليه : يا شعيب ما هذا البكاء؟ أشوقا إلى الجنّة أم خوفا من النار؟ قال : إلهي وسيدي أنت تعلم ما أبكي شوقا إلى جنتك ، ولا خوفا من النار ولكني اعتقدت (٤) حبك بقلبي ، فإذا أنا نظرت إليك فما أبالي ما الذي صنع بي. فأوحى الله إليه عزوجل : يا شعيب إن يك ذلك حقّا فهنيئا لك لقائي ، يا شعيب ولذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي» [٢٢٧٧].

رواه الواحدي عن أبي الفتح محمد بن علي الكوفي عن علي بن الحسن بن بندار ، كما رواه ابنه إسماعيل عنه فقد برئ من عهدته ، والخطيب إنما ذكره لأنه حمل فيه على إسماعيل قالا : وأنشدنا الخطيب قال : أنشدنا أبو سعد قال : أنشدني طاهر الخثعمي قال : أنشدني الشبلي لنفسه (٥) :

مضت الشبيبة والحبيبة فانبرى

دمعان في الأجفان يزدحمان

ما أنصفتني الحادثات رمينني

بمودّعين وليس لي قلبان

__________________

(١) ضبطت عن الأنساب ، هذه النسبة إلى مطرّف ، اسم جد ، ذكره السمعاني وترجم له.

(٢) تاريخ بغداد ٦ / ٣١٥.

(٣) تاريخ بغداد : سعيد.

(٤) تاريخ بغداد اعتدت.

(٥) تاريخ بغداد ٦ / ٣١٥ ـ ٣١٦.

١٩

قال الخطيب : هذا جميع ما سمعت من أبي سعد ببغداد ، ولم يكن موثوقا به في الرواية.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله الواسطي ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين (١) بن بندار بن المثنّى الأستراباذي ـ ببيت المقدس ـ أنا علي بن الحسن بن حموية الدّامغاني ، أنا زبير بن عبد الواحد ، أنا محمد بن محمد بن الأشعث ، نا الربيع ـ هو ابن سليمان ـ أنشدنا الشافعي (٢) :

يا راكبا قف بالمحصّب (٣) من منّى

واهتف بقاطن (٤) خيفها والنّاهض

سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضا كملتطم الفرات الفائض

إن كان رفضا حبّ آل محمد

فليشهد الثقلان أنّي رافضي

قرأت بخط أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ ـ بهمذان ـ سمعت حمد الرّهاويّ يقول : لمّا ظهر لأصحابنا كذب إسماعيل بن المثنّى أحضروا جميع ما كتبوا عنه وشقّقوه ورموا به بين يديه : وكان يملي ويتكلّم على الناس عند باب مهد عيسى عليه الصلاة والسلام ـ يعني ببيت المقدس ـ وكان حمد هذا إمام قبّة الصّخرة.

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب ، حدّثني أبو الفرج الإسفرايني ـ بلفظه غير مرة ـ قال : كان ابن المثنّى يعظ بدمشق فقام إليه رجل فقال : أيها الشيخ ما تقول في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها».

قال : فأطرق لحظة ثم رفع رأسه وقال : نعم لا يعرف هذا الحديث على التمام إلّا من كان صدرا في الإسلام ، إنما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها ، وعمر حيطانها ، وعثمان سقفها وعليّ بابها» قال : فاستحسن الحاضرون ذلك وهو يردّده ثم سألوه أن يخرج لهم إسناده ، فأنعم ولم يخرجه لهم ثم قال : شيخي أبو الفرج الإسفرايني ، ثم وجدت هذا الحديث بعد مدة في جزء على ما ذكره ابن المثنى ، فالله أعلم أو كما قال [٢٢٧٨].

__________________

(١) بالأصل وم «الحسن».

(٢) الأبيات في ديوان الإمام الشافعي ص ٧١ وانظر تخريجها فيه.

(٣) المحصب : موضع رمي الحجار من منى.

(٤) الديوان : بقاعد.

٢٠