من هدى القرآن - ج ١٣

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١٣

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-16-5
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٧

وفي هذه السورة يدعو الله نبيه ومن خلال ذلك المؤمنين عبر الزمن والأجيال إلى الاتصال به بالصلاة وفي مرات عديدة كل يوم.

(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ)

يعني بين الطلوعين ، طلوع الفجر وطلوع الشمس ، وتسبيح الله يكون بالذكر وبالصلاة وبالقرآن ، وهنا تأكيدات عديدة في النصوص الاسلامية على ضرورة استثمار هذه الفترة بالاتصال بالله ، قال تعالى : «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً» وقال النبي الأعظم (ص): «ما عجّت الأرض إلى ربّها كعجها من ثلاثة (إلى أن قال) والنوم عليها (يعني الصلاة) قبل طلوع الشمس» (١) وقال أمير المؤمنين (ع): «واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فانه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض ، وهي الساعة التي يقسم الله فيها الرزق بين عباده» (٢) وسئل الصادق (ع) عن الآية فقال : «تقول حين تصبح وحين تمسي عشر مرات ، لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير» (٣).

وهكذا ينبغي أن يفتتح الإنسان المؤمن يومه الجديد بالذكر والصلاة والقرآن ، يستمد من كل ذلك زخما روحيا يزيده نشاطا في عمله ، وإرادة يتحدى بها شبهات الكفار وأضاليلهم ، وكل الضغوط التي يواجهها في حياته اليومية ، ولأن الإنسان قد يتعرض لتحدي الضغوط ، وربما ضعف أمامها أكثر من مرة في اليوم الواحد ، لذلك تأتي الدعوة اليه في طرفي النهار وطرفي الليل.

__________________

(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ١١٨

(٢) المصدر

(٣) المصدر

٥٠١

(وَقَبْلَ الْغُرُوبِ)

الظهر والعصر.

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ)

يعني أوله حيث صلاة المغرب والعشاء.

(وَأَدْبارَ السُّجُودِ)

يعني النافلة التي تعقب صلاة المغرب (الأربع أو الغفيلة) قال الامام الرضا (ع): «أربع ركعات بعد المغرب» (١) وقال الامام الصادق (ع): «ركعتين اللتين بعد المغرب هما أدبار السجود» (٢).

[٤١ ـ ٤٢] وبالاضافة إلى الصبر والتسبيح ينبغي للمؤمن لكي يقاوم تحديات الأعداء أن يفكر في الآخرة وفي المصير الذي ينتهون اليه في الدنيا حينما يظهر المؤمنون بدولة الحق.

(وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ* يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ)

قال علي ابن إبراهيم (رض) : «ينادي المنادي باسم القائم واسم أبيه» وعن الصيحة قال : «صيحة القائم من السماء» (٣) ان العاقبة السوء التي تنتظر أعداء الرسالة تكون في الآخرة متجسدة في ألوان العذاب الالهي ، ولكنها تتجلى دنيويا في

__________________

(١) المصدر

(٢) المصدر

(٣) المصدر

٥٠٢

دولة الحق التي يظهر بها قائم أهل البيت عليهم السلام.

وكما ان دولة القائم (عج) هي تجل أصغر لعذاب الآخرة على الظلمة ، فان دول الحق الاخرى التي تظهر على أيدي المؤمنين هي تجل محدود لهذه الدولة ، والى هذه الفكرة نجد إشارة في قوله تعالى : «فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ* يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ* وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» (١) ولعل كلمة الخروج في الآية التي نحن بصدد تفسيرها تعني ـ بالاضافة إلى الخروج إلى البعث ـ خروج دولة الحق.

[٤٣] ثم يعود السياق الى تأكيد الحقيقة التي يكذب بها الكافرون فكانت سببا لانحرافات بعيدة اخرى في حياتهم ، وهي البعث بعد الموت ، وقد تقدمت الاشارة إليها في قوله تعالى ، حاكيا عن الكفّار : «أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ» (٢).

(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ)

بلى. قد تكون هناك أسبابا طبيعية ظاهرية للحياة والموت ، ولكن الواقع الذي يغيب عن أذهاننا إنهما والبعث بيد الله ، وهذه الحقائق الثلاث (الحياة+ الموت+ البعث) تثبت بعضها بعضا. ولو أن الكافرين تفكروا في وجودهم وحياتهم لاهتدوا إلى أن الله هو الذي أوجدهم وأنه الذي يميتهم وأنهم يبعثون ، وليس كما زعموا : «وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ» (٣).

__________________

(١) الطور / ٤٥ ـ ٤٧

(٢) ق / ٣

(٣) الجاثية / ٢٤

٥٠٣

[٤٤] إن مشكلة الإنسان العميقة التي تجعله يكفر بالبعث أو يشك في الآخرة ، هي شكه في قدرة الله ، بسبب نظرته المحدودة إلى الحياة ، فاذا به يستبعد كما في هذه السورة أن يرجع الإنسان سويا بعد تحوله إلى تراب أو رميم من العظام لذلك يؤكد الله يسر الأمر عليه فيقول :

(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ)

كما تشقق عن الفطر والنبات ، ولكن العملية تتم في فترة زمنية ووجيزة جدا ، فاذا بالناس جميعا وقوف ينظرون ، وهذه من أصعب الساعات على البشر ، قال الامام علي (ع): «أشد ساعات ابن آدم ثلاث (منها) الساعة التي يقوم فيها من القبر» (١) وقال : «لا تنشق الأرض عن أحد يوم القيامة إلّا وملكان آخذان بضبعه (عضده) يقولان : أجب رب العزة» (٢).

[٤٥] ويختم الله السورة بالتأكيد للنبيّ ـ ولكل داعية إلى الحق ـ بأنه ليس مسئولا عن الناس وليس عليه أن يجبر الناس على قبول الحق ، وإنما مسئوليته تتلخص في تبليغ رسالته إليهم ، أما الحساب الفصل فهو عند الله ، الذي هو أحرص على رسالته ، وأعلم بمواقف الناس تجاهها.

(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ)

وما هي قيمة الايمان الذي لا يأتي عن قناعة راسخة بضرورته؟ إنه لا ينفع صاحبه ، ولا يخدم الرسالة ، وفي هذه الآية بيان لجانب من الحرية في دين الله.

__________________

(١) نور الثقلين / ج ٥ / ص ١١٩

(٢) المصدر / ص ١٢٠

٥٠٤

الفهرست

سورة الدخان

فضل السورة............................................................ ٥

الإطار العام............................................................ ٧

يوم تأتي السماء بدخان مبين............................................ ١٣

وألا تعلوا على الله..................................................... ٢٤

فانما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون...................................... ٤٠

سورة الجاثية

فضل السورة.......................................................... ٦١

الإطار العام........................................................... ٦٣

ويل لكل أفاك أثيم.................................................... ٦٩

ثم جعلناك على شريعة من الأمر......................................... ٨٣

أرايت من اتخذ الهه هواه................................................ ٩٥

فلله الحمد وله الكبرياء............................................... ١٠٦

٥٠٥

سورة الأحقاف

فضل السورة........................................................ ١١٥

الإطار العام......................................................... ١١٧

والذين كفروا عما أنذروا معرضون...................................... ١٢٣

قل ما كنت بدعا من الرسل........................................... ١٣٦

ووصينا الانسان بوالديه إحسانا........................................ ١٤٨

فاصبر كما صبر أولو العزم............................................ ١٧١

سورة محمد

فضل السورة........................................................ ١٩٣

الإطار العام......................................................... ١٩٥

إن تنصروا الله ينصركم................................................ ٢٠٣

مثل الجنة التي وعد المتقون............................................. ٢٢٤

افلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أٌقفالها................................ ٢٥١

فلا تهنوا وتدعوا الى السلم وأنتم الأعلون................................ ٢٦٨

سورة الفتح

فضل السورة........................................................ ٢٨١

الإطار العام......................................................... ٢٨٣

إنا فتحنا لك فتحا مبينا.............................................. ٢٨١

إنا أرسلناك شاهدا................................................... ٣٠٩

وأثابهم فتحا قريبا.................................................... ٣٢٠

لقد صدق الله رسوله الرؤيا............................................ ٣٣٤

٥٠٦

سورة الحجرات

فضل السورة........................................................ ٣٥٥

الإطار العام......................................................... ٣٥٧

لا تقدموا بين يدي الله ورسوله......................................... ٣٦٢

إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا........................................... ٣٧٤

فأصلحوا بين أخويكم................................................ ٣٨٥

ولا يغتب بعضكم بعضاً.............................................. ٤٠٨

بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان................................... ٤٣١

سورة ق

فضل السورة........................................................ ٤٤٧

الإطار العام......................................................... ٤٤٩

وما أنا بظلام للعبيد.................................................. ٤٥٧

فذكر بالقرآن من يخاف وعيد......................................... ٤٨٧

٥٠٧