مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١٠

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١٠

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

لأنّه مسافر لغةً وعرفاً وشرعاً لاستجماعه شرائط القصر ، وقصد الإقامة الّذي يجعله بمنزلة الحاضر هو الّذي لم يتحقّق معه رجوع أصلاً أو بعد أن يصلّي فريضة بتمام ، وعلى تقدير تسليم صدق الأخبار عليه ووجوب الصوم عليه لا نسلّم بقاء حكم الإقامة مطلقاً لجواز وجوب الحكم في إتمام هذا الصوم فقط لوقوعه في محلّ الإقامة مع بقائها إلى الزوال ويكفي ذلك للصحّة ولا يحتاج إلى بقاء حكم الإقامة في باقي النهار ، ولهذا لو سافر من منزله بعد الزوال لم يبق له حكم المنزل في باقي الزمان مع وجوب الصوم ، على أنّ فرض السفر ثمّ قياسه عليه عدمه لا داعي له إذ يكفيه أن يقول : يجب عليه إتمام الصوم لوجوب إتمامه إذا صام صحيحاً مطلقاً إلّا ما استثنى.

ويمكن أن يقال (١) : إذا وجب الصوم في هذا اليوم وجب الإتمام في الباقي. وفيه : إنّا نمنع وجوب إتمام الصوم لعدم تمامية دليله ، سلّمنا لكنّا نمنع كلّية الأصل وسند المنع قصر الصلاة مع وجوب إتمام الصوم للخارج بعد الزوال ، سلّمنا العموم لكنّه مخصوص بالخبر الدالّ على وجوب القصر على مَن يرجع عن النيّة قبل الصلاة تماماً ، وأنت بعد التأمّل تجد عدم جريان هذا الدليل فيما إذا حصل الرجوع قبل الزوال ، إذ لا يمكن أن يقال : لا شكّ في صحّة هذا الصوم لو سافر حينئذٍ وهو كان جزء الدليل ومجرّد الصحّة الآن لا تنفع ، لأنّ صحّة أمر في وقت مع ورود مبطل عليه لا يستلزم بقاء حكم ما هو كان في زمان صحّته حين البطلان وأنه لو تمّ لزم وجود حكم الإقامة على مَن شرع في الصوم الصحيح مطلقاً ، فإن قيل هناك : السفر مبطل قلنا هنا : الرجوع قبل الصلاة مبطل. وممّا ذكر يعلم حال ما ذكره بعد ذلك.

فرع

لو نوى الإقامة وصام ولم يصلّ عمداً لفقد طهور أو عصياناً أو صلّى قصراً

__________________

(١) كما في مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٤١٥.

٥٨١

ولو أحرم بنيّة القصر ثمّ عنَّ له المقام أتمّ ،

______________________________________________________

نسياناً أو جهلاً لعدم المبالاة لا من جهة البداء كان صومه صحيحاً وإن صام جميع العشرة أو الشهر ، فإذا بدا له في أثناء العشرة فعلى المختار صحّة صومه الّذي وقع قبل البداء لأنّه كان مأموراً والأمر مع عدم القبول والصحّة محال إلّا أن تقول : إنّه بعد ما بدا له قبل أن يصلّي فريضة بتمام بطل جميع ما كان صحيحاً بمعنى أنّ هذا البداء صار كاشفاً عن بطلانه من أوّل الأمر ، وفيه نظر ، مضافاً إلى أنّه نادر فكيف يتبادر من خبر أبي ولّاد (١) ، فتأمّل جيّداً.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو أحرم بنيّة القصر ثمّ عنّ له المقام أتمّ) إجماعاً كما في «التذكرة (٢) وإرشاد الجعفرية (٣)» وظاهر «الذخيرة (٤)» وبه صرّح في «الخلاف (٥) والمبسوط (٦) والسرائر (٧)» وغيرها (٨). وفي «البيان» أنّه يتمّ ولو كان قبل التسليم أو في أثنائه إن لم يكن خارجاً (٩) ، انتهى.

ولو رجع ناوي الإقامة عن النيّة بعد هذه الصلاة ففي بقائه على التمام أو عوده إلى القصر وجهان كما في «الذخيرة (١٠)». وفي «المدارك» أنّ المسألة محلّ تردّد وأنّ البقاء على التمام لا يخلو من قوّة (١١). قلت : قد قرّب ذلك في

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ١٨ من أبواب صلاة المسافر ح ١ ج ٥ ص ٥٣٢.

(٢) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٤١٠ ٤١١.

(٣) المطالب المظفّرية : في السفر ص ١٤٦ س ١٩ ٢٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٤) ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤١٢ س ٥.

(٥) الخلاف : في السفر ج ١ ص ٥٨٣ مسألة ٣٤١.

(٦) المبسوط : في السفر ج ١ ص ١٣٩.

(٧) السرائر : في السفر ج ١ ص ٣٣٢.

(٨) كشرائع الإسلام : في السفر ج ١ ص ١٣٦.

(٩) البيان : في السفر ص ١٥٦.

(١٠) ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤١٢ س ٣٩.

(١١) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٨٢.

٥٨٢

ولو لم ينو المقام عشرة قصّر إلى ثلاثين يوماً ثمّ يتمّ ولو صلاة واحدة.

______________________________________________________

«الذكرى (١) والروض (٢)» وهو ظاهر «البحار (٣) والحدائق (٤)».

[في من لم ينو المقام عشراً]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو لم ينو المقام عشراً قصّر إلى ثلاثين يوماً ثمّ يتمّ ولو صلاة واحدة) نسبه في «المختلف» إلى الصدوق والسيّد والشيخين والحسن بن عيسى وسلّار والتقي وابن حمزة وابن إدريس (٥). قلت : وعليه سائر المتأخّرين (٦). وعليه الإجماع في «الخلاف (٧) والمدارك (٨)» وظاهر «المنتهى (٩) والذخيرة (١٠) والرياض (١١)» لكن الأكثر عبّروا بالشهر كما في «المقنع (١٢) وجُمل العلم (١٣) والمبسوط (١٤) والخلاف (١٥)

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣٠٨.

(٢) روض الجنان : في السفر ص ٣٩٦ س ٢٣.

(٣) بحار الأنوار : في القصر ج ٨٩ ص ٤٥.

(٤) الحدائق الناضرة : في السفر ج ١١ ص ٤٢٣.

(٥) مختلف الشيعة : في السفر ج ٣ ص ١١٢.

(٦) منهم العلّامة في مختلف الشيعة : في السفر ج ٣ ص ١١٣ ، والشهيد الأول في الدروس الشرعية : في السفر ج ١ ص ٢١٠ ، والمحقّق في المعتبر : في السفر ج ٢ ص ٤٨١.

(٧) الخلاف : في السفر ج ١ ص ٥٧٥ مسألة ٣٢٧.

(٨) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٦٣.

(٩) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩٧ س ٢٨.

(١٠) ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤١٢ س ٦.

(١١) رياض المسائل : في السفر ج ٤ ص ٤٦٥.

(١٢) المقنع : في السفر ص ١٢٦.

(١٣) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى : ج ٣) في السفر ص ٤٧.

(١٤) المبسوط : في السفر ج ١ ص ١٤١.

(١٥) الخلاف : في السفر ج ١ ص ٥٧٤ مسألة ٣٢٧.

٥٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والمراسم (١) والوسيلة (٢) والسرائر (٣) والمنتهى (٤) والبيان (٥)» وغيرها (٦). وفي «النهاية (٧)» وأكثر كتب المتأخّرين (٨) التعبير بثلاثين يوماً. واعتبر في «التذكرة» الثلاثين ولم يعتبر الشهر الهلالي ، قال : لأنّ لفظ الشهر كالمجمل ولفظ الثلاثين كالمبيّن (٩). ونفى عنه البأس في «المدارك (١٠)». وفي «الموجز الحاوي (١١) والروض (١٢) والذخيرة (١٣)» أنّه من حمل المطلق على المقيّد.

وتظهر الفائدة بين العبارتين فيما إذا حصل التردّد في أوّله ونقص الشهر. والحاصل : أنّه لا خلاف في أنّ العبرة في الشهر بالثلاثين مع حصول التردّد في غير أوّله ، وإنّما الخلاف في اعتباره مع حصول التردّد في أوّل يوم منه ، والأظهر أنّ الاعتبار فيه أيضاً بالثلاثين ، لأنّ الشهر في الصحيحة (١٤) مطلق أو مجمل فيجب حمله على الثلاثين في الحسنة (١٥) ، والتقاوم حاصل لأنّها قد عمل بها الكلّ في خصوص الثلاثين ، سلّمنا عدم التقاوم وأنّ العمل ليس مستنداً إليها لكنّ المطلق

__________________

(١) المراسم : في المسافر ص ٧٤.

(٢) الوسيلة : في السفر ص ١٠٩.

(٣) السرائر : في السفر ج ١ ص ٣٤٢.

(٤) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩٧ س ٢٧.

(٥) البيان : في السفر ص ١٥٦.

(٦) كبحار الأنوار : في القصر ج ٨٩ ص ٤٣.

(٧) النهاية : في السفر ص ١٢٤.

(٨) منهم العلّامة في نهاية الإحكام : في السفر ج ٢ ص ١٧٥ ، والمحقّق الثاني في الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في السفر ص ١٢٢ ، والكاشاني في مفاتيح الشرائع : في السفر ج ١ ص ٢٣.

(٩) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٨٩.

(١٠) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٦٣.

(١١) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القصر والإتمام ص ١٢٠.

(١٢) روض الجنان : في السفر ص ٣٩٤ س ٨.

(١٣) ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤١٢ س ١١.

(١٤ و ١٥) وسائل الشيعة : ب ١٥ من أبواب صلاة المسافر ح ١٧ و ١٢ ج ٥ ص ٥٢٨ و ٥٢٧.

٥٨٤

ولو عزم العشرة في غير بلده ثمّ خرج إلى ما دون المسافة عازماً على العود والإقامة أتمّ ذاهباً وعائداً وفي البلد ، وإلّا قصّر.

______________________________________________________

يجب حمله على الشائع ، وهذه الصورة نادرة الوقوع بل ربّما كان المتبادر هنا من جهة ندرة هذه الصورة من لفظ الشهر الثلاثين وإن قلنا : إنّ المتبادر من المطلق هو القدر المشترك على أنّه على هذا الفرض يلزم تجويز البناء على كلّ واحد منهما في جميع الصور فتأمّل. وتخصيص الشهر بالهلالي فيما إذا وقع التردّد في أوّله وتخصيص العدد بما إذا وقع في غير أوّله كما في «مجمع البرهان (١)» فيه ما لا يخفى. وقد تقدّم في المستوطن ستّة أشهر (٢) ما له نفع في المقام.

[حكم الناوي عشراً إذا خرج إلى ما دون المسافة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو عزم العشرة في غير بلده ثمّ خرج إلى ما دون المسافة عازماً على العود والإقامة أتمّ ذاهباً وعائداً وفي البلد ، وإلّا قصّر) أمّا المسألة الاولى فقد نصّ عليها الشيخ في «المبسوط (٣)» ومَن تأخّر عنه ممّن تعرّض له كما ستسمع. وقد حكى على الإتمام في الحالات الثلاثة الإجماع في «الروض (٤) والمقاصد العلية (٥)» وعليه عامّة الأصحاب كما في «الغرية». وفي «كشف الالتباس» أنّه لا شكّ ولا خلاف فيه (٦). وفي «مجمع البرهان» أنّ دليله واضح لا إشكال فيه (٧). ولا فرق بين أن ينوي العشرة الثانية في بلد الإقامة وغيرها ممّا هو دون المسافة ولا بين تعليق إقامتها

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٤٠٦.

(٢) تقدّم في ص ٤٨٦ ٥٠٥.

(٣) المبسوط : في السفر ج ١ ص ١٣٨.

(٤) روض الجنان : في السفر ص ٣٩٩ س ٩.

(٥) المقاصد العلية : في القصر ص ٢١٩.

(٦) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٨ س ٧ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٤٤٠.

٥٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

على وصوله إلى محلّ يريد الإقامة فيه أو بعد تردّده إليه أو إلى غيره مرّةً أو مراراً ، لاشتراك الجميع في المقتضي.

وأمّا المسألة الثانية وهي ما إذا عزم العشرة وصلّى صلاة تماماً ثمّ خرج إلى ما دون المسافة عازماً على العود إلى موضع الإقامة من دون إقامة جديدة ومن نيّته قطع مسافة فهي من مهمّات المسائل وامّهات المعاضل قد اختلف فيها علماؤنا السابقون ومشايخنا المعاصرون ، ولقد تتبّعت كلام الأصحاب من قديم وحديث فوجدتهم في المسألة على قولين لا ثالث لهما إلّا ما شذّ كما ستعرف ، فلو ادّعى مدّع وقوع الإجماع المركّب كانت دعواه في محلّها. وهو صريح الشهيد الثاني في «نفائح الأفكار» قال في أثناء كلامٍ له ستسمعه : إنّ أقوال الأصحاب منحصرة في هذا القسم في قولين : أحدهما القصر مطلقاً ، والثاني القصر في العود مطلقاً ، فالتفصيل بالتمام في بعض الأقسام إحداث قول ثالث رافع لما وقع عليه الإجماع المركب (١) ، انتهى. وذلك ظاهر «كشف الالتباس (٢) وجامع المقاصد (٣) وفوائد الشرائع (٤) والمسالك (٥) والروض (٦)» حيث قيل فيها : إنّ في المسألة قولين ، فالقول بالإتمام في الذهاب والإياب والمقصد ودار الإقامة كأنّه قول ثالث.

واعلم أنّ عبارات الأصحاب منطبقة على هذا العنوان إمّا صراحةً أو ظهوراً ، وأوّل من تعرّض لهذه المسألة الشيخ في «المبسوط» إذ لم أجده في كلام مَن تقدّمه بعد فضل التتبّع وتوفّر الكتب ، وقد اعترف بذلك الصيمري في «كشف الالتباس (٧)»

__________________

(١) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في السفر ص ١٨٧.

(٢) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٨ س ٢١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٣) جامع المقاصد : في السفر ج ٢ ص ٥١٥.

(٤) فوائد الشرائع : في السفر ص ٦٣ س ١٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٥) مسالك الأفهام : في السفر ج ١ ص ٣٥١.

(٦) روض الجنان : في السفر ص ٣٩٩ س ١١.

(٧) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٨ السطر الأخير (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

٥٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والشهيد الثاني في «نفائح الأفكار (١)» وصاحب «الحدائق (٢)».

قال في «المبسوط» ما نصّه : إذا خرج حاجّاً إلى مكّة وبينه وبينها مسافة تقصّر فيها الصلاة ونوى أن يقيم بها عشرة قصّر في الطريق فإذا وصل إليها أتم ، وإن خرج إلى عرفة يريد قضاء نسكه لا يريد مقام عشرة أيّام إذا رجع إلى مكّة كان له القصر ، لأنّه نقض مقامه بسفر بينه وبين بلده يقصّر في مثله ، وإن كان يريد إذا قضى نسكه مقام عشرة أيّام بمكّة أتمّ بمنى وعرفة ومكّة حتّى يخرج من مكّة مسافراً فيقصّر ، هذا على قولنا بجواز التقصير بمكّة ، فأمّا ما روي من الفضل في التمام فإنّه يتمّ على كلّ حال غير أنّه يقصّر فيما عداها من عرفات ومنى وغير ذلك إلّا أن ينوي المقام عشراً فيتمّ حينئذٍ على ما قدّمناه (٣) ، انتهى. ولا يذهب عليك أنّ إيجابه الإتمام على تقدير قصد الإقامة في الرجوع يدفع ما عساه يقال : إنّ الخروج إلى عرفة لا يدخل في الخروج إلى ما دون المسافة وإن خلا عن قصد الرجوع ليومه لأنّها أربعة فراسخ ، إذ لو كان كذلك لما كان للتفرقة وجه.

وقال في «الذكرى» بعد نقل كلام الشيخ في المبسوط : وقد تبعه عليه المتأخّرون وإن عمّم بعضهم العبارة من غير تخصيص بمكّة زادها الله تعالى شرفاً ، وظاهرهم اعتبار عشرة جديدة في موضعه الّذي نوى فيه الإقامة بعد خروجه إلى ما دون المسافة ، وظاهرهم أنّ نيّة إقامة ما دون العشر في رجوعه كلا نيّة (٤) ، انتهى.

وفي «السرائر» عين عبارة المبسوط قال : إذا خرج حاجّاً إلى قوله : حتّى يخرج مسافراً فيقصّر (٥). ونحو ذلك ما حكي عن القاضي (٦).

__________________

(١) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في السفر ص ١٨٣.

(٢) الحدائق الناضرة : في السفر ج ١١ ص ٤٨٣.

(٣) المبسوط : في السفر ج ١ ص ١٣٨.

(٤) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣٣٠.

(٥) السرائر : في السفر ج ١ ص ٣٤٥.

(٦) نقله عنه العلّامة في مختلف الشيعة : في السفر ج ٣ ص ١٤٧.

٥٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «المختلف» أنّ التحقيق أن يقال : إنّه إذا نوى المقام بمكّة عشرة أيّام فإن خرج لعرفة لقضاء المناسك فإمّا أن يقصد المقام بعد ذلك بمكّة عشرة أيّام أو لا ، فإن بقي قصده أتمّ بمكّة ومنى وعرفة حتّى يخرج من مكّة مسافراً فيقصّر ، وإن قصد السفر عند خروجه من مكّة إلى عرفة بعد عوده من عرفة إلى مكّة وغيّر نيّته عن المقام قصّر عند خروجه من مكّة (١) ، انتهى. ونحوه ما في «المنتهى والقواعد والتذكرة والتحرير ونهاية الإحكام» من غير تخصيص بمكّة زادها الله تعالى شرفاً كالكتاب.

قال في «المنتهى» : لو عزم على المقام في غير بلده عشرة ثمّ خرج إلى ما دون المسافة ، فإن عزم على العود والإقامة أتمّ ذاهباً وعائداً وفي البلد وإن لم يعزم على العود أو عزم ولم يعزم على الإقامة قصّر (٢). وعبارة «التذكرة (٣)» كعبارة الكتاب وكذا «نهاية الإحكام» إلّا أنّ فيه : وإن لم يعزم على الإقامة بعد العود ، فالأقوى التقصير (٤). ونحوه في جميع ذلك ما في «التحرير» إلّا أنّه قال : ولو عزم على العود دون الإقامة قصّر (٥). فالحظ مفاهيمها ومتعلّقات مناطيقها فإنّك تجد بينها فرقاً بيّناً كما ستعرف ذلك عند ذكر ما إذا خرج إلى ما دون المسافة غير عازم على العود ، وقد تضمّنت بصريحها أو إطلاقها أنّه إذا عزم على العود دون الإقامة قصّر ذاهباً وآيباً وفي المقصد والبلد ، واتفقت على التقييد بالخروج إلى ما دون المسافة فلا تنس.

وهو أي التقصير مطلقاً فيما إذا عزم على العود ولم يعزم على الإقامة عشرة خيرة «الغرية والدرّة السنية». وفي «كشف الالتباس» أنه ظاهر

__________________

(١) مختلف الشيعة : في السفر ج ٣ ص ١٤٧.

(٢) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩٨ س ٣٥.

(٣) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٤١٣.

(٤) نهاية الإحكام : في السفر ج ٢ ص ١٨٧.

(٥) تحرير الأحكام : في السفر ج ١ ص ٣٣٩.

٥٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

«الشرائع (١)» ولعلّه فهمه من مفهوم قوله : فإن عزم على العود والإقامة أتمّ ذاهباً وعائداً وفي البلد (٢). وعلى هذا يكون ظاهر «الإرشاد (٣)» وغيره (٤) ممّا عبّر فيه بنحو ذلك. وفي «الذخيرة (٥) والكفاية (٦)» أنّه أي التقصير في ذلك مقتضى النظر إن لم يقم إجماع على خلافه ، ويفوح من «الرياض (٧)» الميل إليه ، وقد سمعت أنّه في «الذكرى» نسبه إلى المتأخّرين ، وكذا في «الروض (٨) ونفائح الأفكار (٩)».

وفي «البيان» إذا عزم على المقام في بلد عشراً ثمّ خرج إلى ما دون المسافة عازماً على العود وإقامة عشرة اخرى أتمّ في ذهابه وإيابه ومقامه ، وإن عزم على مجرّد العود قصّر ، وإن عزم على إقامة دون العشرة فوجهان أقربهما التمام في ذهابه خاصّة (١٠) ، انتهى. وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على (في خ ل) هذه العبارة ونحوها. وهو خيرة مولانا الأردبيلي كما هو الظاهر من تفصيله وستسمعه إن شاء الله تعالى.

وفي «الحواشي (١١)» للشهيد على الكتاب نقلاً عن المصنّف أنّه إذا خرج من الحلّة إلى زيارة الحسين عليه‌السلام يوم النصف من رجب عازماً على الرجوع إلى الحلّة لزيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم السابع والعشرين منه أنّه يقصّر مطلقاً ويتمّ احتياطاً

__________________

(١) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٨ س ٢٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٢) شرائع الإسلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٣٦.

(٣) إرشاد الأذهان : في السفر ج ١ ص ٢٧٦.

(٤) كالمقاصد العلية : في القصر ص ٢١٩.

(٥) ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤١٥ س ٣٩.

(٦) كفاية الأحكام : في السفر ص ٣٤ س ١٩.

(٧) رياض المسائل : في السفر ج ٤ ص ٤٦٧.

(٨) روض الجنان : في السفر ص ٣٩٩ س ٢٤.

(٩) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في السفر ص ١٨٤.

(١٠) البيان : في السفر ص ١٦٠.

(١١) لم نعثر على هذا النقل عن الشهيد في حواشيه الّتي بأيدينا المشهورة بالنجّارية. نعم نقل هذا الكلام البحراني في الحدائق : ج ١١ ص ٤٨٧.

٥٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والتمام أرجح ، انتهى. وهذا هو المنقول عنه في أجوبة مسائل السيّد السعيد مهنا ابن سنان المدني (١).

احتجّوا بأنّه نقض المقام بالمفارقة فيعود إلى حكم السفر كما سمعته (٢) عن «المبسوط والسرائر» وفيه : أنّ النقض والعود ممنوعان بل هما عين الدعوى على ما هو الظاهر ، مضافاً إلى أنّه ينافي ما أجمعوا عليه من أنّ إقامة العشرة من قواطع السفر ، وقضية ذلك أن يستصحب إلى أن يثبت خلافه ولا يثبت إلّا بإنشاء سفر جديد مستجمع لجميع شرائط القصر من قصد ثمانية فراسخ بالنحو الّذي ذكروه ليس فيها ضمّ ذهاب إلى إياب. وقال في «المدارك» في الردّ عليهم : إنّ ذلك مشكل ، إذ المفروض كون الخروج إلى ما دون المسافة والعود لا يضمّ إلى الذهاب إجماعاً نقله الشارح وغيره (٣) ، انتهى.

قلت : قد نقل ذلك جدّه في «نفائح الأفكار (٤)» وصاحب «الغرية» في ظاهرها وهو معلوم كما ستعلم ، ووجه الإشكال أنّه لا بدّ في الضمّ من تحقّق أربعة فراسخ في الذهاب ، فلو نقص منها ذراع فلا مسافة إلّا أن يكون الإياب فقط ثمانية أو ما زاد كأن يؤوب على طريق آخر ، فالإياب حينئذٍ هو سفر القصر ولا مدخلية

__________________

(١) الموجود في المسائل المهنّائية المطبوعة جديداً هو الحكم بوجوب التمام في الذهاب إلى الحائر والإياب منه إلى الحلّة ثمّ الحكم بالقصر عند العزم منه إلى زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فان الذي جاء فيها ما يلي ملخّصاً : ما تقول في المتوجّه إلى زيارة الحسين عليه‌السلام من الحلّة في يوم عرفة ثمّ عاد إلى الحلّة من غير استيطان وهو عازمٌ على التوجّه إلى النجف في ثاني عشر من ذي الحجّة؟ فأجاب : المقيم عشرة في الحلّة يجب عليه الإتمام إذا خرج إلى الحسين عليه‌السلام لأنّه خرج إلى ما دون المسافة فلا يجوز له القصر فناو العود إليه كناوٍ له إلى بلده من دون مسافة ، فإذا عزم مشهد الأمير عليه‌السلام وجب عليه القصر بالشروع فيه ، انتهى ، فهذا منه إفتاءٌ بالتفصيل في المسألة بين ما يجب فيه القصر وما يجب فيه التمام وهو غير ما نسبه إليه الشارح في المسائل المهنّائية من الحكم بالقصر ثمّ الاحتياط بالتمام على نحو الإطلاق.

(٢) تقدّم في ص ٥٨٧.

(٣) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٨١.

(٤) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في السفر ص ١٨٠.

٥٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

للذهاب أصلاً ، فلو سار أربعة فراسخ إلّا ميلاً وآب سبعة في يومه أو غير يومه لم يقصّر من دون خلاف في ذلك كما بيّنا ذلك فيما تقدّم. وهذا من المواضع الّتي يعلم منها أنّ الإجماع المذكور معلوم وستعرف المواضع الاخر ، فالشيخ وموافقوه رضي الله تعالى عنهم جميعاً ملزمون بأحد أمرين إمّا عدم انقطاع السفر بقصد العشرة والصلاة تماماً أو ضمّ الذهاب إلى الإياب في غير الأربعة فراسخ ، وكلاهما خلاف الإجماع.

وربّما استدلّ لهم بأنّ صلاة المسافر مقصورة إلّا فيما ثبت فيه الإتمام ، والمتبادر من الأخبار أنّ ناوي الإقامة يتمّ في موضع إقامته خاصّة (١). وفيه : أنّه لا شكّ في بطلانه لأنّ الشيخ وأتباعه صرّحوا بأنّه يتمّ في غير موضع إقامته حيث جوّزوا له الإتمام بعرفات إذا كان ناوياً للعود والإقامة عشراً ، وما ذاك إلّا للنيّة الاولى لا الثانية ، وإلّا فلو عري عن الاولى لم يتمّ إجماعاً ولا كذلك لو عري عن الثانية. والاستناد إليهما معاً لا يجديه نفعاً وإن أرادوا التبادر لا بشرط فغير مضرّ.

فإن قلت : لا نسلّم انعقاد الإجماع على عدم الضمّ ، وهذا الشيخ وموافقوه قد بنوا ذلك عليه كما هو الظاهر من تعليلهم ، وهو الّذي فيه جماعة (٢) منه ، أو نقول : إنّ الضمّ الممنوع إنّما هو إذا كان لأحدهما تأثير في تكميل الآخر باعتبار حصول المسافة منهما ، ولو لم يكن كذلك لزم أن يكون المسافر الّذي يقطع المسافة البعيدة ويكرّر قطع بعض الأمكنة لأجل مصلحة متمّاً حال ذهابه إلى هذا الشقص مع أنّه يصدق عليه حال الذهاب أنّه مسافر وليس من المواضع الّتي يجب فيها الإتمام بالنصّ أو بتصريح الأصحاب فيجب عليه القصر لقوله تعالى (إِذا ضَرَبْتُمْ) (٣) وقولهم عليهم‌السلام «الصلاة في السفر ركعتان (٤)» أو نقول : لا نسلّم أنّ مذهب الأصحاب

__________________

(١) كما في مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٥٩ س ٢ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢) منهم الشهيد الثاني في نتائج الأفكار : في السفر ص ١٧٧.

(٣) النساء : ١٠١.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٢١ من أبواب أعداد الفرائض ح ٢ و ٧ ج ٣ ص ٦٠ و ٦١.

٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

على اشتراط الخروج إلى مسافة ، لأنّ الشيخ وموافقيه قد حكموا فيما نحن فيه بالقصر في الذهاب فليكن ذلك مبنياً على عدم الاشتراط لا على الضمّ وإن ادّعى ظهوره وقد طفحت عبارات القوم بتعليق العود إلى القصر على الخروج من دون تقييد بذلك كعبارة «التحرير (١)» ومواضع من «نهاية الإحكام (٢)» وعبارة «الذكرى (٣)» وغيرها (٤) ، ولا حاجة بنا إلى نقلها فإنّ المراجع يظفر بها في أوّل وهلة. وعلى كلّ حال (وجه خ ل) من هذه الثلاثة يتجه كلام الشيخ وموافقيه.

قلت : يرد على الأوّل أنّه يلزم أن يكون المتردّد في ثلاث فراسخ ثلاث مرّات بحيث لا يبلغ حدود البلد في حال عوده ممّن يلزمه القصر ، وهو قولٌ شاذّ ضعيف للمصنّف في «التحرير (٥)» وهو خلاف ما نصّ عليه في الكتاب و «المنتهى (٦) والتذكرة (٧)» من وجوب الإتمام في الفرض المذكور. وبه صرّح المحقّق (٨) والشهيد (٩) وأبو العبّاس (١٠) والكركي (١١) والصيمري (١٢) والشهيد الثاني (١٣) وهو قضية فتوى الباقين (١٤).

__________________

(١) تحرير الأحكام : في صلاة السفر ج ١ ص ٣٣٩.

(٢) نهاية الإحكام : في صلاة السفر ج ٢ ص ١٧٩ وص ١٨٥.

(٣) ذكرى الشيعة : في صلاة السفر ج ٤ ص ٣٣٠.

(٤) كشرائع الإسلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٣٦.

(٥) تحرير الأحكام : في السفر ج ١ ص ٥٥ س ٣٤.

(٦) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩٠ س ٢٤.

(٧) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٧٣.

(٨) شرائع الإسلام : في السفر ج ١ ص ١٣٢.

(٩) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣١٢.

(١٠) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في السفر ص ١١٩.

(١١) فوائد الشرائع : في السفر ص ٦٠ س ١٧ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١٢) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٣ س ١٧ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٣) مسالك الأفهام : في السفر ج ١ ص ٣٣٩ ٣٤٠.

(١٤) منهم العاملي في مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٣٨ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٣٦٦ ، والمجلسي في بحار الأنوار : في القصر ج ٨٩ ص ١٧.

٥٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «فوائد الشرائع (١)» نفي الخلاف في ذلك ظاهراً. ويلزم أن يكون طالب الآبق يلزمه القصر بعد عزم العود من المنزل الّذي يريد قطعه إذا بلغ مع عوده إلى بلده ثمانية فراسخ ، وكلّ من تعرّض (٢) له حكم بأنّه لا يقصّر بل قد ادّعي الإجماع على ذلك ، وقد نصّوا على مثل ذلك في العاصي بسفره كالصائد وغيره ، وقد قال الشيخ في «المبسوط (٣)» ومن تأخّر عنه ممّن تعرّض (٤) : أنّه لو نوى في ابتداء السفر إقامة عشرة في أثنائه اعتبر من موضع خروجه إلى موضع نوى فيه الإقامة ، فإن كان يبلغ المسافة قصّر في خروجه وإلّا فلا ، ثمّ يعتبر ما بعد موضع الإقامة وغاية السفر فإن كان يبلغ المسافة قصّر وإلّا فلا ، وهذا نافع في ردّ الوجه الثاني أيضاً. ويلزم أيضاً أن لا يكون للتقييد بقصد العود ليومه أو ليلته فيمن قصد أربعة فراسخ معنىً أصلاً ، إذ لو اعتبر تكميل الذهاب بالعود صدق عزم المسافة فيمن عزم الرجوع من غده ، فتأمّل. ويلزم أيضاً أنّه لو ذهب ثلاثة فراسخ وآب سبعة ليومه أو خمسة كذلك يلزمه التقصير مع أنّ أحداً لا يقول بذلك ، علمناه من مواضع من كلامهم منها تقييدهم ذلك بكون الذهاب أربعة ، وظاهر «المصابيح» الإجماع على ذلك (٥). وهو كما قال من غير شبهة ولا احتمال. ويقال لهم أيضاً : أنّكم قد تسالمتم على أنّه إذا خرج إلى ما دون المسافة ناوياً العود والإقامة عشراً أنّه يتمّ مطلقاً وحكمكم فيما نحن فيه بأنّه يقصّر يوجب عليكم أن تقولوا فيمن خرج إلى نصف المسافة فما زاد وعاد لا ليومه ناوياً المقام عشراً أنّه يتعيّن عليه التقصير ، لأنّه حينئذٍ يجتمع من

__________________

(١) فوائد الشرائع : في السفر ص ٦٠ س ١٨ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٢) منهم المحقّق في المعتبر : في السفر ج ٢ ص ٤٧٠ ، والعلّامة في تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٩٥ ، والعاملي في مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٤٥.

(٣) المبسوط : في السفر ج ١ ص ١٣٧.

(٤) منهم الشهيد الثاني في روض الجنان : في السفر ص ٣٨٧ س ١١ ١٦ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٣٧٧ ، والسبزواري في ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤٠٨ س ٤٢.

(٥) مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٥٩ س ٤ و ٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

٥٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الذهاب والعود إلى موضع الإقامة مسافة أو أزيد وأنتم لا تقولون به ، لكن حكمكم فيما نحن فيه بالقصر يستلزمه ، لأنّه مبنيّ على فرض ضمّ الذهاب إلى العود.

أفبعد هذا كلّه يتأمّل في هذا الإجماع. ومن هنا يعلم ما في «الرياض (١) والحدائق (٢)» من تضعيف هذا الإجماع بمصير الشيخ وأتباعه إلى خلافه ، إذ قد عرفت أنّ الشيخ وأتباعه وغيرهم مطبقون عليه في ما أسمعناكه ومثل ذلك يقع غفلة ، وإلّا لو كان كلّ ذاهب إلى مذهب غير صحيح ذاكراً لدليله لما وقع خطأً أصلاً.

ويرد على الوجه الثاني أنّهم قالوا في ذي المنازل أنّه يعتبر ما بين كلّ منزلين ويعتبر ما بين آخر المنازل وغاية السفر ولا يضمّ إلى العود مع أنّ مفروضهم كون العود أزيد من المسافة ، ومثله ناوي المقام كما سمعت آنفاً ، وقد نقل الإجماع في «المنتهى (٣) والمعتبر (٤) والتذكرة (٥) ونفائح الأفكار (٦)» أنّ من لم يربط قصده بالمسافة كالهائم وطالب الآبق ومستقبل الزائر والعبد والزوجة مع السيّد والزوج لا يقصّر في الذهاب وإن تمادى في السفر. ومن أفراده ما إذا بلغ المسافة في ذهابه ثمّ عزم بعد ذلك على الوصول إلى ما دون المسافة ثمّ العود ، فاللازم من كلامهم أنّه لا يقصّر إلّا في الرجوع ، وقد قالوا في مسألة ذي الطريقين : إنّه لو رجع بالأبعد قصّر في رجوعه لا غير ، صرّح بذلك في «نهاية الإحكام (٧) والتذكرة (٨) والذكرى (٩) والبيان (١٠)

__________________

(١) رياض المسائل : في السفر ج ٤ ص ٤٦٨.

(٢) الحدائق الناضرة : في السفر ج ١١ ص ٤٨٦.

(٣) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩٠ و ٣٩٢ س ٢٧.

(٤) المعتبر : في السفر ج ٢ ص ٤٦٨.

(٥) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٩٥ و ٣٧٤.

(٦) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في السفر ص ١٧٧.

(٧) نهاية الإحكام : في السفر ج ٢ ص ١٧٠.

(٨) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٧٤.

(٩) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣١٣.

(١٠) البيان : في السفر ص ١٥٥.

٥٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والموجز الحاوي (١) وكشف الالتباس (٢) وإرشاد الجعفرية (٣) ونفائح الأفكار (٤) والمدارك (٥) والذخيرة (٦) والحدائق (٧)» ولم يضمّوا أحدهما إلى الآخر ، ويعرف من مطاوي كلامهم في مسألة القاصد لأربعة فراسخ أنّه لو ذهب ثلاثة وآب ثمانية أو عشرة أنّه إنّما يقصّر في عوده خاصّةً وظاهر «المصابيح (٨)» الإجماع عليه.

وقال في «نفائح الأفكار» في ردّ هذا الوجه أعني الثاني وهو لصاحب «الغرية في شرح الجعفرية» إنّه لو كان كما ذكره هذا الفاضل ما افتقر إلى اعتبار ما بين آخر المنازل ومَن خالفنا في مسألتنا وافقنا على حكم مسألة ذي المنازل ونحوه.

ثمّ قال : ثمّ نقول كون كلّ واحد من الذهاب والإياب له حكم برأسه مجمع عليه في الجملة ثابت اعتباره في القصر وعدمه قطعاً ، فتخصيص الأمر المجمع ببعض موارده لا وجه له مع ما قد حكيناه عنهم ممّا يقتضي المساواة بين الفرضين في مخالفة حكم الذهاب للعود. وأمّا الاستدلال على ذلك بالآية والخبر فنقول : إنّ الحكم وإن كان معلّقاً على مطلق الضرب لكنّه بقصد المسافة إلى غاية المقصد إجماعاً ولا أثر لضمّ الرجوع في تحقّق المسافة فيما عدا المنصوص ، فالكلام في قوّة الاشتراط. ولمّا كان الإتمام بعد نيّة الإقامة يقطع السفر السابق ويوجب عدم العود إلى القصر إلّا بقصد المسافة وجب الحكم بذلك هنا وكانت الفتوى والدلالة متطابقين على ذلك في صورة النزاع ، فيجب المصير إليهما فيه أيضاً ، لأنّه بعض أفراد المسألة.

__________________

(١) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في السفر ص ١١٨.

(٢) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٢ س ١٨ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٣) المطالب المظفّرية : في السفر ص ١٤٤ س ٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٤) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في السفر ص ١٨١.

(٥) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٣٨.

(٦) ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤٠٧ س ١٢.

(٧) الحدائق الناضرة : في السفر ج ١١ ص ٣٠٩.

(٨) مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٥٩ س ١٨ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

٥٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ثمّ قال : قوله «إنّه مسافر وليس هذا من المواضع الّتي يجب فيها الإتمام بالنصّ والفتوى» في موضع النظر ، بل يقال : هذا من المواضع الّتي يجب فيها الإتمام بالنصّ والفتوى ، لعدم تحقّق موجب القصر الّذي هو قصد المسافة في الذهاب كما هو المعروف في كلّ سفر ، فيجب الإتمام إن لم يتحقّق قصد المسافة ولو بالرجوع لزوال حكم السفر ، فيدخل في عموم النصوص الكثيرة الدالّة على اشتراط قصد المسافة في الذهاب خاصة (١) ، انتهى كلامه برمّته.

وأمّا الجواب عن الوجه الثالث فقد أسمعناك أنّ الشيخ وغيره اشترطوا الخروج إلى مسافة كما في «المبسوط» وغيره كما مرَّ (٢) ، وهذا الفاضل الصيمري يدّعي إجماع المسلمين على اشتراط الخروج إلى مسافة وستسمع كلامه برمّته ، بل قضية قول الشيخ ومَن وافقه من المتقدّمين اشتراط ذلك حيث قالوا : لأنّه نقض مقامه بسفرٍ بينه وبين بلده يقصّر في مثله ، فتأمّل فيه تجد صحّة ما ندّعيه وإلّا ففيما سبق مغناة. وبه صرّح في «التذكرة (٣) والتحرير (٤) ونهاية الإحكام (٥) والدروس (٦) والبيان (٧) والروض (٨) والمسالك (٩) ونفائح الأفكار (١٠)» وغيرها (١١) صرّح بذلك في مواضع ، وستسمع جملة منها عند نقل الصيمري لها. وظاهر «مجمع البرهان» الإجماع عليه (١٢) ،

__________________

(١) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في السفر ص ١٧٩ ١٨١.

(٢) تقدّم في ص ٥٩٣ ٥٩٤.

(٣) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٤١٢.

(٤) تحرير الأحكام : في السفر ج ١ ص ٣٣٦.

(٥) نهاية الإحكام : في السفر ج ٢ ص ١٨٧.

(٦) الدروس الشرعية : في السفر ج ١ ص ٢١٠.

(٧) البيان : في السفر ص ١٦٠.

(٨) روض الجنان : في السفر ص ٣٩٤ س ٢١.

(٩) مسالك الأفهام : في السفر ج ١ ص ٣٥١.

(١٠) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في السفر ص ١٧٤.

(١١) كمدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٨١.

(١٢) مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٤٤٢.

٥٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

على أنّه توجيه لا يرضى به الشيخ وأتباعه ، لأنّهم صرّحوا بخلافه ، وستسمع الأدلّة من الأخبار والإجماع على وجوب الإتمام في الذهاب والمقصد ، فاشتراط الخروج إلى مسافة ممّا لا ريب فيه أصلاً. نعم وقع للعلّامة والشهيد في بعض عباراتهم الّتي أسمعناكها تعليق الحكم بالقصر على الخروج من غير تفصيل ، فيجب حمله على ما قيّدوه به في مواضع متعدّدة ، والأمر واضح. وقد تقدّم في مبحث توالي العشرة ما له نفع تامّ في المقام (١). فليس للشيخ وموافقيه مستند يعوّل عليه.

وقال مولانا المقدّس الأردبيلي في «مجمع البرهان» : وإن لم يقصد مسافة بل أقلّ فمع نيّة الإقامة هناك أيضاً فلا شكّ في وجوب الإتمام ، وأمّا مع عدمها فيكون قاصداً للرجوع مع عدم الإقامة المستأنفة أو متردّداً أو ذاهلاً. فالظاهر وجوب الإتمام مطلقاً إلّا أن يكون في نفسه السفر إلى بلدٍ يكون مسافة بعد العود وقبل الإقامة ويكون بالخروج عن بلد الإقامة قاصداً ذلك البلد بحيث يقال إنّه مسافر إلى ذلك البلد إلّا أن يكون له شغلاً في موضع فيقضي شغله ثمّ يرجع إلى بلد الإقامة ، فحينئذٍ يكون مقصّراً بمجرّد الخروج إلى محلّ الترخّص مع نيّة العود. ثمّ قال : وبالجملة الحكم تابع لقصده ، فإن صدق عليه عرفاً أنّه مسافر وتحقّقت شرائط القصر قصّر وإلّا أتمّ. ثمّ قال : وليس هذا بخارج عن القوانين ولا عن إجماعهم الّذي نقل على وجوب القصر حين العود لاحتمال كلامهم ذلك فإنّه مجمل غير مفصّل (٢) ، انتهى.

وفيه : أنّ فيه الخروج عن القوانين أنّه لم يتحقّق فيه شرائط القصر كما اعترف به هو بعد ذلك حيث قال : إنّهم قالوا لا بدّ للقصر بعد الإقامة من قصد مسافة اخرى ومن الخروج إلى محلّ الترخّص بقصد تلك المسافة بحيث يكون هذا الخروج جزءاً من ذلك السفر ، ومعلوم عدم تحقّق ذلك فيمن نحن فيه هذا كلامه (٣) ، فتأمّل

__________________

(١) تقدّم في ص ٤٧٨ ٤٨٤.

(٢ و ٣) مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٤٤١.

٥٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فيه فإنّه حجّة عليه ، وضمّ الذهاب إلى الإياب قد عرفت أنّه خلاف فتوى الأصحاب فقد خرج عن القوانين ولم يأت بدليل مبيّن. وأمّا قوله : أوّلاً أنّ الظاهر التمام ، فيأتي فيه تمام الكلام.

وقال الفاضل الصيمري في «كشف الالتباس» : إنّ كثيراً من الناس جهلوا مراد المصنّفين بقولهم : فإن عاد لا بنيّة الإقامة قصّر ، وضلّوا عن الطريق الواضح المستبين ، فزعموا أنّ مرادهم أنّه إذا خرج بعد الإقامة عشراً إلى ما فوق الخفاء ودون المسافة بنيّة العود إلى موضع الإقامة لا يجوز له الإتمام إلّا مع نيّة الإقامة عشرة اخرى مستأنفة ، ولو عاد بغير نيّة إقامة عشرة مستأنفة وعزمه الخروج ثانياً إلى فوق الخفاء ودون المسافة لا يجوز له الإتمام ويجب عليه التقصير ، وهو جهل وضلالة بمراد المصنّفين ، لأنّ مرادهم بذلك القول هو ما إذا كان قصده بعد الرجوع الخروج إلى مسافة ، ولو كان قصده الخروج ولو كلّ يوم إلى ما دون المسافة لم يجز له التقصير بإجماع المسلمين ، لما عرفت من أنّ نيّة الإقامة عشراً مع الصلاة تماماً ولو فريضة واحدة تقطع السفر وتوجب الإتمام حتّى يقصد مسافة اخرى ، وقد صرّح به الأصحاب في مصنّفاتهم. قال الشهيد في «دروسه» : لو خرج بعد عزم الإقامة وقد صلّى تماماً اشترط مسافة اخرى. وقال في «بيانه» : ولو خرج بعدها اعتبرت المسافة. وقال العلّامة في «تذكرته ونهايته» : ولو نوى مقام عشرة أيّام في بعض المسافة انقطع سفره ، فإن خرج إلى نهاية السفر فإن كان بين موضع الإقامة ونهاية السفر مسافة قصّر وإلّا فلا. ثمّ قال : فعلى هذا لو خرج كلّ يوم إلى ما فوق الخفاء ودون المسافة فهو باقٍ على الإتمام حتّى يخرج بقصد مسافة فإنّه يقصّر عند الخفاء ، ولو عاد بقصد الخروج قبل العشرة إلى مسافة قصّر عند الشهيد والمصنّف وعند الخروج على مذهب العلّامة والمحقّق ، فقد تحقّق الصواب وزال الارتياب (١) ، انتهى كلامه.

__________________

(١) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٨ س ١٧ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

٥٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فليقض العجب منه إذ هذا التفصيل لم يعرف لأحد قبله وهو قريب من قول الأردبيلي ، وأعظم شي‌ء نقله إجماع المسلمين على مذهب شاذّ نادر لم نعرف قائلاً به سواه كما ستعرف ، ولا ريب أنّه لم ينعم النظر في كلام الأصحاب أو لم يطّلع إلّا على ما ظفر به ممّا يمكن تنزيله على ما صرّحوا به ، فإنّ إطلاق عبارات المصنّف الّتي سمعتها (١) في أوّل المسألة شاملة لما إذا خرج كلّ يوم وحاكمة بإطلاقها بوجوب القصر عليه ، وستسمع كلام الشهيد عن قريب ، مضافاً إلى اضطراب كلامه في آخره ، إلّا أن يقيّد قوله : ولو عاد بقصد الخروج .. إلى آخره ، بما إذا لم يكن من قصده الخروج كلّ يوم حتّى يوافق قوله : فعلى هذا .. إلى آخره ، أو يحمل قوله : فعلى هذا ، على ما إذا كان ذاهلاً عن قصد الإقامة فتأمّل جيّداً.

والحاصل : أنّ هذا الكلام منه ساقط عن مطارح الأنظار منحطّ عن درجة الاعتبار ، فكأنّه لم يسمع كلام الشيخ وموافقيه ، لأنّه من المعلوم أنّ مَن خرج إلى عرفات يرجع إلى مكّة ثمّ إلى منى وهما دون المسافة ، وقد حكموا بأنّه يقصّر فيهما وفي مكّة إذا لم ينو عشرة ثانية ولا تتبّع كلام الشهيد ولا تأمّل في معانيه. نعم لا عليه إن ذهب إلى ذلك القول ، أمّا دعوى إجماع المسلمين وجهل كثير من الناس بمراد المصنّفين من دون تتبّع ولا نظر فمحلّ العجب ومظنّة الخطر ، وستسمع الكلام في عبارات القوم وإطلاقاتها ومتعلّقاتها عند الفراغ من القول الثاني.

ومن العجيب أيضاً ما وقع لبعض (٢) مَن تقدّم على الشهيد الثاني حيث قال لمّا وقف على كلام الشيخ وموافقيه : إنّ هذا ينافي قولهم إنّ ناوي الإقامة عشراً إذا صلّى تماماً لا يعود إلى القصر إلّا بالخروج إلى مسافة ، ثمّ أجاب عن التناقض بحمل كلامهم الّذي نحن فيه على الخروج من موضع الإقامة قبل الصلاة تماماً ليتمّ القولان.

__________________

(١) تقدّمت في ص ٥٨٥ وعبارة المختلف والمنتهى والتحرير في ص ٥٨٨.

(٢) نقله الشهيد الثاني عن بضع المتأخّرين مع جوابه ، راجع نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني : في السفر ص ١٨١.

٥٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذا الحمل فاسد ، لأنّ ظاهر الشيخ في «المبسوط» كما تقدّم آنفاً (١) في مسألة من نوى الإقامة عشراً ثمّ رجع أنّه يصير مقيماً بمجرّد النيّة ولا يتوقّف على الصلاة تماماً. وقد تقدّم الكلام فيه وفي بيان الدور. ثمّ إنّ الخارج قبل الصلاة تماماً على المشهور لا يتوقّف رجوعه على الخروج حتّى يجري فيه الخلاف ، فإنّ الرجوع عن نيّة الإقامة قبل الصلاة تماماً يوجب العود إلى القصر وإن لم يخرج بل وإن بقي شهر ، وهذا تجهيل للأصحاب أيضاً في فهم كلام الشيخ ونزاعهم معه.

ومن هنا يعلم حال مؤاخذة الشهيد الثاني (٢) للشيخ ومَن وافقه من أنّ كلامهم مطلق ومشكل وكان الواجب أن يقيّدوه بما إذا خرج بعد الصلاة تماماً ، فإنّه يجاب عن ذلك بوجوه :

الأوّل : أنّ فرض المسألة في كلامهم فيمن أتى مكّة شرّفها الله تعالى حاجّاً ، ومن المعلوم أنّه لا ينوي الإقامة فيها عشراً إلّا إذا علم إتمامها قبل زوال يوم التروية ، لأنّه لا بدّ وأن يخرج فيه إلى عرفة.

الثاني : أنّه يحتمل أن يكون ذلك من الشيخ بناءً على ما يظهر منه من عدم اشتراط الصلاة تماماً كما عرفت.

الثالث : أن يكون ترك ذلك لوضوحه وظهوره كما ترك ذكر كون العشرة تامّة بلياليها ونحو ذلك.

هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بالقول الأوّل وهو وجوب التقصير ذاهباً وآيباً وفي المقصد ودار الإقامة.

وأمّا القول الثاني وهو التقصير في العود فقط مع قصد المسافة غير ذاهل ولا متردّد فهو خيرة «الدروس» كما ستعرف و «البيان (٣) والموجز الحاوي (٤)

__________________

(١) تقدّم كلامه في ص ٥٨٧.

(٢) نتائج الأفكار : في صلاة المسافر ص ١٦٩ ١٧٠.

(٣) البيان : في صلاة السفر ص ١٦٠.

(٤) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في صلاة السفر ص ١٢١.

٦٠٠