مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١٠

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ١٠

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

إلى الخفاء أو الإدراك ، وأيّاً ما كان فالمعنى والمآل واحد وهو أَنّ إدراك أحدهما نهاية السفر في العود ، وإن كان عوده إلى الخفاء لا يخلو من خفاء كما ننبّه عليه إن شاء الله تعالى.

والاكتفاء بأحدهما حينئذٍ هو المشهور بل كاد يكون إجماعاً كما في «الذكرى (١)» لمن أعطى النظر حقّه. وفي «الرياض» أنّه الأشهر وعليه عامّة من تأخّر (٢) ، وفي «المنتهى (٣) والغرية» أنّه مذهب الأكثر. وفي «النافع» أنّه أشهر (٤). وفي «المعتبر (٥) والمنتهى (٦)» أنّه مذهب الشيخ ومَن تابعه ، وفي الأوّل (٧) أيضاً و «التذكرة (٨)» أنّ روايته مشهورة. وفي «الروض (٩) وتخليص التلخيص ومجمع البرهان (١٠) والمصابيح (١١)» أنّه المشهور. وهو مذهب أهل عصر الصيمري ذكر ذلك في «غاية المرام (١٢)».

وقد ظنّ صاحب «المدارك (١٣)» وغيره (١٤) أنّ المحقّق في الشرائع والمصنّف في التحرير مخالفان حيث اقتصرا فيهما على ذكر سماع الأذان فقالا : حتّى يبلغ

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣٢٠.

(٢) رياض المسائل : في السفر ج ٤ ص ٤٣٦ وفيه «الأظهر» بدل «الأشهر».

(٣) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩١ س ٣٠.

(٤) المختصر النافع : في السفر ص ٥١.

(٥) المعتبر : في السفر ج ٢ ص ٤٧٤.

(٦) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩١ س ٢٥.

(٧) المعتبر : في السفر ج ٢ ص ٤٧٥.

(٨) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٧٩.

(٩) روض الجنان : في السفر ص ٣٩٢ السطر الأخير.

(١٠) مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٣٩٩.

(١١) مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٧٣ س ١٧ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(١٢) غاية المرام : في السفر ج ١ ص ٢٢٨.

(١٣) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٥٨ ، ولكن لم ينقل عن العلّامة في التحرير شيئاً.

(١٤) كالبحراني في الحدائق : في السفر ج ١١ ص ٤١٢.

٤٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

سماع الأذان. وقال في «المدارك» إنّه أظهر الأقوال (١). وأنكر الاستاذ قدس‌سره كونهما مخالفين (٢). ووافقه على ذلك مولانا صاحب الرياض دام ظلّه ، قال في «الرياض» فيعتبر خفاء الجدران هنا كالأذان بلا خلاف إلّا من بعض المتأخّرين ، فقصره هنا على الأذان لاختصاص الصحيح به ، وهو ضعيف لعدم انحصار الدليل فيه ووجود غيره الشامل له وللجدران. ومع ذلك فالظاهر عدم القائل بالفرق كما قيل وإن كان ربّما يتوهّم من الفاضلين في الشرائع والتحرير ولكنّه ضعيف (٣) ، انتهى.

بقي هناك دقيقة وهو أنّه على المشهور بين المتقدّمين من كفاية أحدهما لوجوب القصر أنّه لا بدّ هنا من رفعهما معاً على الظاهر ، لأنّه إذا كان أحدهما كافياً لوجوب القصر فلا يرتفع ذلك إلّا برفع الموجب ولا يتحقّق إلّا برفعهما ، فكيف ينسب في «المعتبر والمنتهى» الاكتفاء بأحدهما إلى الشيخ ومَن تابعه ولم أجد للمتقدّمين في ذلك تصريحاً سوى ما يأتي. نعم على المشهور بين المتأخّرين يكفي لانتهاء القصر ووجوب التمام انتفاء أحد الأمرين كما أطبقوا عليه إلّا مَن شذّ لكنّ المحقّق والمصنّف في «الشرائع (٤) والنافع (٥) والتذكرة (٦) والمنتهى (٧) والتحرير (٨)» اكتفيا في وجوب القصر بأحد الأمرين واكتفيا هنا أيضاً بأحدهما فليتأمّل جيّداً.

وقد يقال : إنّ ذلك منهم دليل على أنّهما متلازمان عندهم فيكون اشتراط أحدهما في الخروج قي قوّة اشتراط خفائهما (٩).

__________________

(١) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٥٨.

(٢) مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٧٣ س ٢٣ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٣) رياض المسائل : في السفر ج ٤ ص ٤٣٩.

(٤) شرائع الإسلام : في السفر ج ١ ص ١٣٤.

(٥) المختصر النافع : في السفر ص ٥١.

(٦) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٧٧.

(٧) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩١ س ١١.

(٨) تحرير الأحكام : في السفر ج ١ ص ٣٣٧ ٣٣٨.

(٩) القائل هو الكركي في فوائد الشرائع : ص ٦٢ س ١٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤) وقد أشار إليه البهبهاني في المصابيح : ج ١ ص ١٣٧ و ١٣٩.

٤٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فإن قيل : ليس في المعتبر والمنتهى سوى أنّ الّذي اختاره الشيخ وأتباعه أنّه لا يزال مقصّراً إلى أن يبلغ الموضع الّذي ابتدأ فيه بالقصر. وليس نصّاً في الاكتفاء بأحدهما.

قلت : هذا مجازفة ، نعم ما في «الذكرى» بعد ذكره لكلام أبي عليّ من قوله : «واعتبار الأوّلين هو المشهور بل كاد يكون إجماعاً (١)» ليس نصّاً إلّا في أنّهما معتبران في الجملة. وفي «المبسوط» عبارة تفيد ما نحن فيه وهي هذه : إذا كان قريباً من بلده بحيث يغيب عنه أذان مصره فصلّى بنيّة التقصير ، فلمّا صلّى ركعة رعف فانصرف إلى أقرب بنيان البلد ليغسله فدخل البنيان أو شاهدها بطلت صلاته ، لأنّ ذلك فعل كثير (٢). وفي «السرائر» ساق هذه العبارة إلى قوله «بنيان البلد» فقال بعده : بحيث يسمع الأذان من مصره ليغسله بطلت (٣). وهذا منه على ما اختاره من اعتبار الأذان خاصّة.

والمخالفون للمشهور علم الهدى وعليّ بن بابويه وأبو عليّ على ما نقل (٤) فحكموا بأنّه يقصّر حتّى يدخل منزله. وهو خيرة «المفاتيح (٥) والحدائق (٦)» وإليه مال المولى الخراساني فقال في «الكفاية» إنّه أحوط (٧). وقال في «الذخيرة (٨)» : القول بالتخيير بعد الوصول إلى موضع يسمع فيه الأذان بين القصر والإتمام أقرب ، وإلّا فالوقوف على ظواهر هذه الأخبار أولى يعني خبري العيص (٩) وخبر

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣٢٠.

(٢) المبسوط : في السفر ج ١ ص ١٤٠.

(٣) السرائر : في السفر ج ١ ص ٣٤٥.

(٤) الناقل عنهم العاملي في مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٥٨.

(٥) مفاتيح الشرائع : في السفر ج ١ ص ٢٦.

(٦) الحدائق الناضرة : في السفر ج ١١ ص ٤١٢.

(٧) كفاية الأحكام : في السفر ص ٣٣ س ٢٨.

(٨) ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤١١ س ٢٤ ٢٥.

(٩) وسائل الشيعة : ب ٧ من أبواب صلاة المسافر ح ٤ ج ٥ ص ٥٠٨.

٤٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

إسحاق (١). وقال في «المدارك» بعد ما نقلناه عنه آنفاً : ولو قيل بالتخيير كان حسناً (٢). وقد سبقهما إلى ذلك مولانا الأردبيلي ، قال : لو وجد القائل بالجواز والاستحباب فهو حَسن وإلّا فمشكل ، فإنّ القول بغير المشهور مع عدم القائل وخلاف ظواهر بعض الأخبار الصحيحة يحتاج إلى جرأة ، والقول بما قاله السيّد وابن الجنيد وابن بابويه لا يخلو عن إشكال إن كان مرادهم الوجوب. نعم لو كان مذهبهم غير الوجوب لكان القول به جيّداً (٣) ، انتهى.

وفي «الرياض» لو لا الشهرة العظيمة المرجّحة لأدلّة المشهور لكان المصير إلى هذا القول في غاية القوّة لاستفاضة نصوصه وصحّة أكثرها وظهور دلالة جملة منها بل صراحة كثير منها ، لبُعد ما يقال في توجيهها جدّاً وهو أنّ المراد من البيت والمنزل ما بحكمهما وهو ما دون الترخّص ، لأنّ سياقها يأبى هذا ظاهراً وإن أمكن بعيداً سيّما في الموثّق المتضمّن لدخول البلد والحكم فيه مع ذلك بالقصر إلى دخول الأهل ، وحمله على أنّ ذلك إنّما هو لسعة الكوفة ، فلعلّ البيوت الّتي دخلها لم تبلغ محلّ الترخّص المعتبر في مثلها وهو آخر محلّته ، يدفعه عموم الجواب الناشئ عن ترك الاستفصال ، وتأويل جميع ذلك وإن أمكن إلّا أنّه بعيد جدّاً ، مع أنّ مثله جارٍ في أدلّة المشهور بتقييد العمومات بهذه. وأمّا الصحيحة فالتشبيه فيها تشبيه في وجوب القصر عند خفاء الأذان خاصّة لا عدمه عند ظهوره.

ثمّ قال : وبالجملة لو لا الشهرة لكان المصير إلى هذا القول متعيّناً بلا شبهة بل معها أيضاً لا تخلو المسألة عن شبهة ، والاحتياط يقتضي تأخير الصلاة إلى بلوغ الأهل أو الجمع بين الإتمام والقصر ، وإن كان الاكتفاء بالتمام لعلّه أظهر ، لانجبار ما مرَّ من قصور الدلالة بالشهرة العظيمة ، مع إمكان القدح في دلالة ما عدا الموثّق منها بورودها جملةً مورد الغالب من أنّ المسافر إذا بلغ حدّ الترخّص يسارع إلى

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٧ من أبواب صلاة المسافر ح ٣ ج ٥ ص ٥٠٨.

(٢) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٥٩.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٤٠١ ٤٠٢.

٤٦٤

ولو مُنع بعد خروجه قصّر مع خفائهما واستمرار النيّة ، ولو ردّته الريح فأدرك أحدهما أتمّ.

______________________________________________________

أهله من غير مكث للصلاة كما هو المشاهد غالباً من العادة ، فلا يطمئنّ بشمول إطلاق الحكم بالقصر إلى دخول الأهل لمحلّ البحث. وأمّا الموثّق فهو وإن لم يجز فيه ذلك لكنّ الجواب عنه بعد ذلك سهل لقصور السند وعدم المقاومة لأدلّة الأكثر بوجوه لا تخفى على مَن تدبّر. هذا مع احتماله كغيره الحمل على التقية كما صرّح به في الوسائل ، قال لموافقتها لمذهب العامّة (١) ، انتهى.

وقد انتهض في «المصابيح (٢)» لتأويله بالبيعد. ووجّه الخفاء في عود الضمير إلى الخفاء أنّ الخفاء أمرٌ ممتدّ من حين يتجاوز سماع الأذان ورؤية الجدران إلى أن يعود ، بل كلّ ما تمادى في السفر تأكّد تحقّق الخفاء ، وهذا المعنى لا يصلح لكونه مراداً لجعله نهاية القصر ، لأنّ وقت التقصير طرفه فكيف يكون نهايته ، وإنّما النهاية آخر جزء منه ، وهو الجزء الّذي دونه بلا فصل يتحقّق إدراك أحد الأمرين ، وهذا ليس مفهوم الخفاء ولا يصحّ إطلاقه على الجزء خاصّة كما لا يخفى.

ويجاب بأنّ المراد بالمرجع الّذي هو الخفاء أوّله بنوعٍ من الاستخدام أو أوّله على حذف مضاف.

[لو منع من السفر بعد الخروج]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو منع بعد خروجه قصّر مع خفائهما واستمرار النيّة) كما في «الشرائع (٣) والتذكرة (٤) ونهاية الإحكام (٥)

__________________

(١) رياض المسائل : في السفر ج ٤ ص ٤٣٨ ٤٣٩.

(٢) لم نعثر على هذا التأويل والتوجيه في المصابيح. نعم فيه ما يلوح منه ذلك ، فراجع المصابيح : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٥٩ و ١٧٣ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٣) شرائع الإسلام : في السفر ج ١ ص ١٣٥.

(٤) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٨٢.

(٥) نهاية الإحكام : في السفر ج ٢ ص ١٧٤.

٤٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

والتحرير (١) والموجز الحاوي (٢) وكشف الالتباس (٣) والمسالك (٤) والمدارك (٥)». وقال المصنّف (٦) والصيمري (٧) : ما لم يمض عليه ثلاثون يوماً. وعن المحقّق الثاني أنّه قال : الظاهر أنّه يقصّر على هذا التقدير وإن مضى عليه ثلاثون يوماً ما لم يقصد الإقامة (٨). وفي «التذكرة (٩) ونهاية الإحكام (١٠)» إن تردّد أو غيّر النيّة أتمّ ، والحكم في الجميع واضح.

وقد صرّح في هذه الكتب جميعها (١١) و «المنتهى (١٢)» أنّه لو ردّته الريح فأدرك أحدهما أتمّ ، لكن في بعضها التصريح بإدراك الأذان. وقال جماعة منهم (١٣) : وإن لم يدرك قصّر إلى ثلاثين إذا لم يتيسّر الذهاب ما دام قصده باقياً. وعن المحقّق الثاني أنّه قال : وهل يقصّر إلى ثلاثين إذا لم يتيسّر الذهاب ما دام قصده باقياً (١٤)؟

__________________

(١) تحرير الأحكام : في السفر ج ١ ص ٣٣٩.

(٢) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القصر والاتمام ص ١٢٠.

(٣) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٥ س ٨ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٤) مسالك الأفهام : في السفر ج ١ ص ٣٥٠.

(٥) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٨٠.

(٦ و ١٠) نهاية الإحكام : في السفر ج ٢ ص ١٧٤.

(٧) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٥ س ٩ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٨) لم نعثر على ناقل هذا الكلام الّذي نقله الشارح عن المحقّق الثاني ولا وجدناه في كتبه فراجع.

(٩) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٨٢.

(١١) شرائع الإسلام : في السفر ج ١ ص ١٣٦ ، وتذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٨٢ ، ونهاية الإحكام : في السفر ج ٢ ص ١٧٤ ، وتحرير الأحكام : في السفر ج ١ ص ٥٧ س ٤ ، والموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القصر والإتمام ص ١٢٠ ، وكشف الالتباس : في السفر ص ١٩٥ س ١٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣) ، ومسالك الأفهام : في السفر ج ١ ص ٣٥٠ ، ومدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٨١.

(١٢) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩٢ س ٢.

(١٣) منهم السيّد في المدارك : في صلاة المسافر ج ٤ ص ٤٨٠ ، والعلّامة في النهاية : في السفر ج ٢ ص ١٧٥ ، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام : في السفر ج ١ ص ٣٥٠.

(١٤) تقدّم ما يتعلّق به آنفاً.

٤٦٦

الثالث : استمرار القصد ، فلو نوى الإقامة في الأثناء عشرة أيّام أتم وإن بقي العزم

______________________________________________________

وقال المصنّف (١) وأبو العبّاس (٢) والصيمري (٣) وصاحب «المدارك (٤)» في معنى ردّ الريح : رجوعه لقضاء حاجة.

وفي «الموجز الحاوي (٥) وكشف الالتباس (٦) والمسالك (٧) والمدارك (٨)» أنه لا يلحق في هذا الحكم موضع إقامة العشرة بل قال في «المدارك» : يجب التقصير وإن عاد إليه ما لم يعدل وإذا عدل يجب الإتمام في الموضعين (٩).

[في قطع السفر بنيّة الإقامة عشرة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (الثالث : استمرار القصد ، فلو نوى الإقامة في الأثناء عشرة أيّام أتمّ وإن بقي العزم) اشتراط هذا الشرط هو المستفاد من «المقنع (١٠) والمبسوط (١١) والوسيلة (١٢)» وكذا «السرائر (١٣)» وخيرة «الشرائع (١٤)

__________________

(١) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩٢ س ٢.

(٢ و ٥) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القصر والإتمام ص ١٢٠.

(٣) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٥ س ١٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٤) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٨١.

(٦) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٥ س ١٥ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) مسالك الأفهام : في السفر ج ١ ص ٣٥٠.

(٨) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٨١.

(٩) مدارك الأحكام : ج ٤ ص ٤٨١.

(١٠) المقنع : في السفر ص ١٢٦.

(١١) المبسوط : في السفر ج ١ ص ١٣٧.

(١٢) الوسيلة : في السفر ص ١٠٩.

(١٣) السرائر : في السفر ج ١ ص ٣٤٥.

(١٤) شرائع الإسلام : في السفر ج ١ ص ١٣٤.

٤٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والنافع (١) والمعتبر (٢) والمنتهى (٣) والتذكرة (٤) ونهاية الإحكام (٥) والإرشاد (٦) والتحرير (٧) والذكرى (٨) والدروس (٩) والبيان (١٠) والموجز الحاوي (١١) وكشف الالتباس (١٢) والهلالية والجعفرية (١٣) وشرحيها (١٤) والمقاصد (١٥) والروض (١٦) ومجمع البرهان (١٧) والمدارك (١٨) والاثني عشرية (١٩) والنجيبية والمفاتيح (٢٠) والمصابيح (٢١) والحدائق (٢٢)» وفي كثير منها (٢٣)

__________________

(١) المختصر النافع : في السفر ص ٥١.

(٢) المعتبر : في السفر ج ٢ ص ٤٦٩.

(٣) منتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩٣ س ١٩.

(٤) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٨٣.

(٥) نهاية الإحكام : في السفر ج ٢ ص ١٧٥.

(٦) إرشاد الأذهان : في السفر ج ١ ص ٢٧٤.

(٧) تحرير الأحكام : في السفر ج ١ ص ٣٣٥.

(٨) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣٠٢.

(٩) الدروس الشرعية : في السفر ج ١ ص ٢١٠.

(١٠) البيان : في السفر ص ١٥٥.

(١١) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القصر والإتمام ص ١٢٠.

(١٢) كشف الالتباس : في السفر ص ١٩٥ س ٢٤ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٣) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في السفر ص ١٢٣.

(١٤) المطالب المظفّرية : في السفر ص ١٤٦ س ٣ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦) والشرح الآخر لا يوجد لدينا.

(١٥) المقاصد العلية : في القصر ص ٢١٥.

(١٦) روض الجنان : في السفر ص ٣٨٦ س ٦.

(١٧) مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٣٧١.

(١٨) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٣٩.

(١٩) الاثنا عشرية : في القصر ص ٩ س ٤ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٥١١٢).

(٢٠) مفاتيح الشرائع : في السفر ج ١ ص ٢٣.

(٢١) مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٢٩ س ٢٢ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢٢) الحدائق الناضرة : في السفر ج ١١ ص ٣٣٣.

(٢٣) منها المعتبر : في السفر ج ٢ ص ٤٦٩ ، ومنتهى المطلب : في السفر ج ١ ص ٣٩٣ س ١٩ ،

٤٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

التصريح بما ذكره المصنّف من التفريع من أنّه لو نوى الإقامة عشرة أيّام في أثناء المسافة أتمّ وإن بقي العزم. وفي «التذكرة (١) والروض (٢)» الإجماع على أنّه إن نوى الإقامة في أثناء المسافة عشرة أيّام وجب الإتمام. وهذا الإجماع ظاهر «المدارك (٣) والمصابيح (٤)» وقد يستفاد ذلك من إطلاق إجماعهم ، على أنّ المسافر لو نوى الإقامة في غير بلده عشرة أتمّ.

وفي «الذخيرة» اشترط الأصحاب استمرار القصد إلى انتهاء المسافة ، وحجّتهم عندي غير واضحة ، وعلى ما ذكروه لو قصد المسافة ثمّ رجع عن عزمه أو تردّد قبل بلوغ المسافة أتمّ (٥) ، انتهى. قلت : وبهذين الفرعين صرّح الجمّ الغفير ، ويأتي ما هو واضح الدلالة على ذلك.

واعلم أنّه قد اضطرب كلامه في «الذخيرة» فقال في موضع منها ما سمعته ، وقال في موضع آخر منها عند شرح قوله في الإرشاد «الثالث عدم قطع السفر بنيّة الإقامة عشرة أيّام فما زاد في الأثناء» قال في شرحه : وقع ذلك قبل بلوغ المسافة أو بعده ، والعبارة تحتمل وجهين ، أحدهما : أن يكون المراد مَن سافر فقطع سفره بأن وصل إلى موضع قد نوى فيه الإقامة عشر أتمّ في ذلك الموضع ، فيكون الشرط المذكور شرطاً لاستمرار التقصير لا لأصل وجوب التقصير ، وهذا الحكم إجماعي بين الأصحاب. وثانيهما : وهو الظاهر من العبارة بقرائن متعدّدة إنّ من شرط وجوب القصر أن ينوي مسافة لا يعزم على إقامة العشر في أثنائها ، فلو نوى مثلاً قطع ثمانية فراسخ لكنّه يعزم على أن يقيم عشرة في أثنائها لم يجب التقصير لا في

__________________

وذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣٠٣.

(١) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٨٣.

(٢) روض الجنان : في السفر ص ٣٨٦ س ٧.

(٣) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٤١.

(٤) مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٣٠ السطر ما قبل الأخير (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٥) ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤٠٧ س ٢٧ وس ٤٢.

٤٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

موضع الإقامة ولا في طريقه. وقد صرّح الأصحاب كالمصنّف وغيره بهذا الحكم ولا أعرف فيه خلافاً ، لكنّ إقامة حجّة واضحة عليه لا تخلو عن إشكال فإنّ النصوص مختصّة بالحكم الأوّل (١) ، انتهى. وذكر عين هذا الأخير بتمامه في «الكفاية (٢)».

قلت : الوجه الأوّل الّذي ذكره في توجّه العبارة ذو وجهين أحدهما : أن يكون المراد أنّ مَن سافر وقصد مسافة فقطع سفره في أثنائها أو في رأسها بأن نوى الإقامة عشرة أتمّ ، وهذا فهمه منها في «الروض (٣)» وأوّل كلامه في «الذخيرة» ظاهر فيه. وعلى هذا فيقع التدافع بينه وبين ما نقلناه عنه آنفاً. الثاني : أن يكون المراد أنّ مَن سافر قاصداً مسافة ناوياً الإقامة في رأسها ، فإنّه إذا وصل إليها أتمّ وانقطع سفره. وقد يدرج في هذا الوجه ما إذا تجدّد له نيّة الإقامة بعد الوصول إليها فأمعن النظر وأجدّ التأمّل.

والوجه الثاني الّذي ذكره في توجيه العبارة قد ذكره قبله المولى الأردبيلي (٤) واقتفى هو أثره ، وقد اعترف هو بعدم الخلاف فيه. ومثله صاحب «المدارك (٥)» بل لا أجد أحداً تأمّل فيه ، والحجّة عليه واضحة ستسمعها.

والمسافة الّتي يشترط استمرار قصدها هي ثمانية فراسخ أعمّ من أن تكون ذهاباً فقط أو أربعة ذهاباً وأربعة إياباً ، ولا يشترط قصد الخصوص والتعيين وإن كان صحيحاً ، ولا يضرّ تبدّل الأشخاص قصداً وفعلاً في الأثناء كمن كان قصده الثمانية ذهاباً فتبدّل الأربعة ذهاباً وبالأربعة إياباً في أيّ وقت تبدّل من ابتداء

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤٠٧ س ٢٧ وس ٤٢.

(٢) كفاية الأحكام : في السفر ج ٣٣ ص ٢٩.

(٣) روض الجنان : في السفر ص ٣٨٦ س ٦.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : في السفر ج ٣ ص ٣٧١ و ٣٧٢.

(٥) مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٤١.

٤٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الأربعة الذهابية إلى انتهائها. وكذا لو كان الأمر بالعكس كما تقدّم (١) بيان ذلك كلّه.

ومعنى استمرار النيّة أن لا يرجع عن نيّته لا أنّه لا بدّ أن يكون ناوياً إلى آخر المسافة ، إذ لا يضرّ النوم ولا عدم الخطور ، بل قال جماعة (٢) : لا يقدح عروض الجنون في الأثناء وكذا الإغماء ، وذلك لأنّ القدر الّذي ثبت من الأخبار وكلام الأصحاب هو أن لا يرجع عن قصده.

واعلم أنّ الصبي لو قصد مسافة فبلغ في أثنائها فالظاهر وجوب القصر عليه إن لم يكن الباقي مسافة لعموم الأدلّة مع عدم وجود المانع وثبوت المخرج ويشهد له حكم جماعة بعدم قدح عروض الجنون والسكر في أثناء المسافة ، فليتأمّل.

والعبد والولد والزوجة والخادم والأسير تابعون يقصّرون إن علموا جزم المتبوع ، وعن جماعة أنّهم يقصّرون وإن قصدوا الرجوع بعد زوال اليد عنهم ، بل عن «المنتهى» أنّ كلامه يفيد الإشعار بكون ذلك اتفاقياً (٣).

ويبقى الكلام فيما إذا نوى المتبوع الإقامة عشراً ولم يعلموا حتّى ينووا أو جوّزوا زوال اليد عنهم في أثناء عشرته ، وفيما إذا أقام متردّداً أو مرَّ على منزل قد استوطنه ستّة أشهر وأعرض عنه أو مرَّ بهم على منزله وقد قصدوا جميعاً مفارقته إلى مسافة ، فلم أجد للأصحاب فيه نصّاً بعد إسباغ التتبّع. والّذي يقتضيه قواعد الباب وظواهر كلمات الأصحاب أنّهم إذا علموا جزم المتبوع بقصد المسافة وعلموا بعدم رفع اليد عنهم أنّه لا ينقطع سفرهم إلّا بنيّة الإقامة عشراً جازمين بها. وقد نقول بالتبعية في العبد على احتمال ضعيف جدّاً. وأمّا التبعية في المنزلين فلا ريب في عدمها ، لأنّ كلّ مكلّف له حكم نفسه ، وقد حكم الشارع عليهم بأنّهم

__________________

(١) تقدّم في ص ٣١٨ ٣٢٨.

(٢) منهم الشهيد الأوّل في الدروس الشرعية : في السفر ج ١ ص ٢٠٩ ، والعاملي في مدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٣٩ ، والاستاذ في مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٦١ س ٩ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٣) الناقل عنهم السبزواري في ذخيرة المعاد : في السفر ص ٤٠٧ س ٣١.

٤٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

مسافرون بنصٍّ أو إجماع فيستصحب. ثمّ إنّا لا نجد في ذلك نصّاً ، والإجماع لم نتحقّقه ، لأنّ المعظم تركوا ذكر التبعية له في قصد المسافة وإنّما تعرّض له جماعة.

وأمّا التبعية في القواطع فلم نجد لأحد في ذلك نصّاً أصلاً. وممّا يقطع على ذلك وأنّ حكمهم غير حكمه ذكر الولد معهم كما في «الذكرى (١)».

وممّا يدلّ على اشتراط استمرار القصد إلى انتهاء المسافة صحيحة أبي ولّاد عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت : إنّي خرجت من الكوفة في سفينة .. الحديث (٢) ، فإنّ موردها الرجوع عن النيّة السابقة ، وتضمّنها الأمر بقضاء الصلاة الواقعة قبل البدأ الواقع قبل سير البريد مع أنّ هذا القضاء غير واجب فلا يكون هذا الأمر باقياً على حقيقته غير مضرّ ، لأنّ بعض الخبر إن كان محمولاً على خلاف ظاهره لا يصير منشأً للوهن في الباقي كما حقّق في محلّه ورواية سليمان بن حفص الّذي قال فيها : وإن رجع عمّا نوى عند ما بلغ فرسخين وأراد المقام فعليه التمام (٣). والضعف منجبر بالشهرة مع أنّ سليمان فاضل شيعي (٤). وأمّا تضمّنها الأمر بإعادة الصلاة فغير مضرّ أيضاً كما عرفت في الصحيحة ، وتضمّنها كون البريد ستّة أميال والبريد فرسخين فمحمول على الفراسخ الخراسانية كما تقدّمت الإشارة إليه في صدر الفصل (٥). وما في «الكافي (٦) والعلل (٧)» بسندهما عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قوم خرجوا في سفر فلما انتهوا إلى الموضع .. الحديث ، فهذه الأخبار واضحة الدلالة غاية الوضوح.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣٠١.

(٢) وسائل الشيعة : ب ٥ من أبواب صلاة المسافر ح ١ ج ٥ ص ٥٠٤.

(٣) وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب صلاة المسافر ح ٤ ج ٥ ص ٤٩٥.

(٤) تنقيح المقال : ج ٢ ص ٥٦.

(٥) تقدّمت في ص ٣١٨ ٣٢٨ لا سيّما في ص ٣٥٩.

(٦) الكافي : ح ٥ ج ٣ ص ٤٣٣.

(٧) علل الشرائع : ب ٨٩ ح ١ ص ٣٦٧.

٤٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والحجّة على الوجه الثاني الّذي ذكره صاحب «الذخيرة (١)» في توجيه عبارة الإرشاد ، عدم تحقّق قصد المسافة ، مع ما سمعت من نفي الخلاف فيه مع صحّة دعوى الإجماع عليه. وفي «المصابيح» أنّه المعروف من مذهب الأصحاب (٢).

والمراد بالعشرة العشرة التامّة بلياليها كما صرّح به في «نهاية الإحكام (٣) والروضة (٤)» وغيرهما (٥). وفي «التذكرة (٦) والروض (٧)» وغيرهما (٨) عشرة أيّام تامّات فتأمّل. وفي «الذكرى (٩) والبيان (١٠) والكفاية (١١) والمصابيح (١٢)» أنّ بعض اليوم لا يحسب بيوم كامل. وفي «الحدائق» لا خلاف ولا إشكال في أنّ بعض اليوم‌لا يحسب بيوم كامل وإن كان النقصان يسيراً (١٣).

واستدلّ عليه في «المصابيح (١٤)» بالاستصحاب والعمومات ، ثمّ احتمل كفاية الناقص بمثل نصف ساعة أو دقيقة ، لإطلاق لفظ عشرة أيّام عليه جزماً لكنّه استضعفه ، لأنّ المعتبر هو التبادر لا ما يطلق عليه اللفظ وإن كان الإطلاق في غاية الكثرة كإطلاق العامّ على الخاصّ وأمثاله.

ونقل في «الحدائق» عن بعض مشايخه أنّه قال إنّ المرجع في ذلك إلى العرف

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في السفرص ٤٠٧ س ٢٥.

(٢) مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٣١ س ٨ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٣) نهاية الإحكام : في السفر ج ٢ ص ١٨٧.

(٤) الروضة البهية : في السفر ج ١ ص ٧٨٣.

(٥) كمصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٥٧ س ١ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٦) تذكرة الفقهاء : في السفر ج ٤ ص ٣٩٠.

(٧) روض الجنان : في السفر ص ٣٨٦ س ١٤.

(٨) كمدارك الأحكام : في السفر ج ٤ ص ٤٦٠.

(٩) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣٠٤.

(١٠) البيان : في السفر ص ١٥٦.

(١١) كفاية الأحكام : في السفر ص ٣٣ س ٣١.

(١٢ و ١٤) مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٥٧ س ٢ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(١٣) الحدائق الناضرة : في السفر ج ١١ ص ٣٤٧.

٤٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

كما أنّه كذلك في سائر الامور الغير المحدودة في الشرع ، قال : ومن المعلوم أنّ أهل العرف لا ينظرون إلى نقص بعض شي‌ء من الليل والنهار كساعة أو ساعتين مثلاً في احتسابه من التمام ، فلا يلزم القول بالتلفيق ولا إخراج يومي الدخول والخروج من العداد كلّية. نعم لو فرض دخوله عند الزوال مثلاً وخروجه بعده بقليل فظاهر العرف عدم عدّه تامّاً. ويؤيّد جميع ما ذكرناه قوله عليه‌السلام (١) : مَن قدم قبل يوم التروية بعشرة أيّام وجب عليه إتمام الصلاة ، لظهور أنّ الحاجّ يخرج من ذلك اليوم من الزوال (٢) ، انتهى فتأمّل جيّداً.

والظاهر أنّه يجتزئ باليوم الملفّق ، فلو نوى المقام عند الزوال كان منتهاه زوال اليوم الحادي عشر. والتلفيق كذلك خيرة «الذكرى (٣) والبيان (٤) والغرية والروض (٥) والمسالك (٦) والبحار (٧) والكفاية (٨) والذخيرة (٩) والمصابيح (١٠) والرياض (١١)» وظاهر «المدارك (١٢)» عدم الاجتزاء وتأتي عبارته فإنّها كادت تكون مشتبهة.

وهل يشترط عشرة غير يومي الدخول والخروج فلا يكفي التلفيق؟ فالشهيدان (١٣)

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب صلاة المسافر ح ٣ ج ٥ ص ٤٩٩.

(٢) الحدائق الناضرة : في السفر ج ١١ ص ٣٤٧.

(٣) ذكرى الشيعة : في السفر ج ٤ ص ٣٠٤.

(٤) البيان : في السفر ص ١٥٦.

(٥) روض الجنان : في السفر ص ٣٨٦ س ١٥.

(٦) مسالك الأفهام : في السفر ج ١ ص ٣٤٧.

(٧) بحار الأنوار : في القصر ج ٨٩ ص ٤٢.

(٨) كفاية الأحكام : في السفر ص ٣٣ س ٣٣.

(٩) ذخيرة المعاد : في شرائط القصر ص ٤٠٨ س ٢.

(١٠) مصابيح الظلام : في السفر ج ١ ص ١٥٧ س ٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(١١) رياض المسائل : في أحكام القصر ج ٤ ص ٤٦٠.

(١٢) مدارك الأحكام : في صلاة المسافر ج ٤ ص ٤٦٠.

(١٣) ذكرى الشيعة : في شروط القصر ج ٤ ص ٣٠٤ ، وروض الجنان : في صلاة السفر ص ٣٨٦ س ١٧ ١٨.

٤٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والمجلسي (١) وجماعة (٢) على عدم الاشتراط. وفي «الذخيرة (٣) والكفاية (٤)» فيه وجهان. وفي «المدارك» وفي الاجتزاء باليوم الملفّق من يومي الدخول والخروج وجهان أظهرهما العدم ، لأنّ نصف اليوم لا يسمّى يوماً ، فلا تتحقّق إقامة العشرة التامّة ، وقد اعترف الأصحاب بعدم الاكتفاء بالتلفيق في أيّام الاعتكاف وأيّام العدّة والحكم في الجميع واحد (٥) ، انتهى. قلت : وكذلك اعترفوا (٦) بعدم الاكتفاء به في أيّام الخيار واليوم والليلة في الرضاع. وعبارة «المدارك» هذه أوّلها يعطي تخصيصه بيومي الدخول والخروج وآخرها يعطي الإطلاق فليتأمّل.

وفي «المصابيح» أنّ الأقرب في اليوم الملفّق منهما الاجتزاء به لأنّه من الأفراد المتبادرة عرفاً ، وعدم الاجتزاء في الاعتكاف والعدّة لو كان فمن مانع خارج من إجماع أو غيره (٧) ، انتهى.

واستشكل المصنّف في «النهاية (٨) والتذكرة (٩)» احتسابهما من العدد من حيث إنّهما من نهاية السفر وبدايته ، لاشتغاله في الأوّل بأسباب الإقامة وفي الأخير بالسفر ومن صدق الإقامة في اليومين ثمّ احتمل التلفيق. وتوقّف صاحب «الحدائق (١٠)»

__________________

(١) بحار الأنوار : في وجوب قصر الصلاة في السفر ج ٨٩ ص ٤٢.

(٢) منهم البهبهاني في مصابيح الظلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٥٧ س ٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني) ونقله البحراني أيضاً عن بعض مشايخه المتأخّرين فراجع الحدائق : ج ١١ ص ٣٤٧.

(٣) ذخيرة المعاد : في شرائط القصر ص ٤٠٨ س ٣.

(٤) كفاية الأحكام : في صلاة القصر ص ٣٣ س ٣٣.

(٥) مدارك الأحكام : في صلاة المسافر ج ٤ ص ٤٦٠.

(٦) كما في الرياض : في الرضاع ج ١٠ ص ١٣٦ ، والروضة البهية : ج ٥ ص ١٥٧ ، والحدائق الناضرة : ج ٢٣ ص ٣٣٥.

(٧) مصابيح الظلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٥٧ س ٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٨) نهاية الإحكام : في صلاة السفر ج ٢ ص ١٨٧.

(٩) تذكرة الفقهاء : في صلاة السفر ج ٤ ص ٣٩٠ وليس فيها ذكر احتمال التلفيق.

(١٠) الحدائق الناضرة : في صلاة المسافر ج ١١ ص ٣٤٧.

٤٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لعدم النصّ. وفي «نهاية الإحكام» لو دخل ليلاً لم يحتسب بقية الليل (١).

وفي «المنتهى (٢) ونهاية الإحكام (٣) وكشف الالتباس (٤) والتذكرة (٥) والذكرى (٦) والغرية والروض (٧) والمدارك (٨) والرياض (٩) والمصابيح (١٠)» أنّه لا فرق في موضع الإقامة بين كونه بلداً أو قريةً أو بادية. وفي السبعة الأخيرة : أنّه لا فرق أيضاً بين العازم على السفر بعد المقام وغيره. وفي «الرياض (١١)» صرّح بذلك كلّه جماعة من غير خلاف بينهم ، لإطلاق النصّ والفتوى.

والمراد بقصد الإقامة هو العزم عليها مع الوثوق بتحقّقها ، وربّما لا يكون للمكلّف قصد وإرادة في الإقامة إلّا أنّه يعلم أنّه يقيم عشراً فيدخل أيضاً في قصد الإقامة الشرعي. وقد حكم في «التذكرة (١٢) ونهاية الإحكام (١٣) والذكرى (١٤) والبيان (١٥) والروض (١٦) والمصابيح (١٧) والرياض (١٨)» بأنّ مَن أوقفها على قضاء

__________________

(١) نهاية الإحكام : في صلاة السفر ج ٢ ص ١٨٧.

(٢) منتهى المطلب : في صلاة المسافر ج ١ ص ٣٩٨ س ٢١.

(٣) نهاية الإحكام : في صلاة السفر ج ٢ ص ١٧٥.

(٤) كشف الالتباس : في صلاة المسافر ص ١٩٥ س ٣ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) تذكرة الفقهاء : في صلاة السفر ج ٤ ص ٣٩٠.

(٦) ذكرى الشيعة : في صلاة السفر ج ٤ ص ٣٠٤.

(٧) روض الجنان : في صلاة السفر ص ٣٨٦ س ١١.

(٨) مدارك الأحكام : في صلاة المسافر ج ٤ ص ٤٦١.

(٩ و ١١ و ١٨) رياض المسائل : في أحكام القصر ج ٤ ص ٤٦١.

(١٠) مصابيح الظلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٥٧ س ٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(١٢) تذكرة الفقهاء : في صلاة السفر ج ٤ ص ٣٨٩.

(١٣) نهاية الإحكام : في صلاة السفر ج ٢ ص ١٧٦.

(١٤) ذكرى الشيعة : في صلاة السفر ج ٤ ص ٣٠٣.

(١٥) البيان : في شرائط تحقق السفر ص ١٥٥.

(١٦) روض الجنان : في صلاة السفر ص ٣٨٦ س ١٣.

(١٧) مصابيح الظلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٦٣ س ٢١ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

٤٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

حاجة يتوقّف انقضائها على إقامة عشرة فإنّه يتمّ ، وإنّ مثله ما لو علّق النيّة على لقاء رجل فلاقاه. وفي جملةٍ منها التقييد بما إذا لم يغيّر النيّة. وبهذا الفرع الأخير صرّح أيضاً في «المبسوط (١) والوسيلة (٢)».

وفي «المصابيح» أنّه إذا ظنّ أنّه يقيم عشراً من دون عزم على ذلك فلا قصد للإقامة (٣). قلت : وكذا لا عزم على الإقامة فيما إذا قدم مكّة ليلة السابع والعشرين من ذي القعدة مريداً للحجّ فإنّه لا بدّ وأن يخرج يوم الثامن من ذي الحجّة لأنّه لا وثوق له بأنّ ذا القعدة يكون تامّاً فلا وثوق بالعشرة. والتمسّك بالاستصحاب غير نافع لأنّ استصحاب الموضوع حجّة في النفي الأصلي لا في إثبات الحكم الشرعي مطلقاً وهذا معنى ما يقولون ، إنّه حجّة في الرفع لا في الإثبات حتّى أن حياة المفقود بالاستصحاب حجّة لبقاء ملكه لا لإثبات الملك له في مال مورّثه ، فأقصى ما يثبت بالاستصحاب هنا أنّا نحكم عليه بأنّه غير ناقص ولا يثبت به أنّه تامّ في الواقع ، وكذلك الحال في الاعتكاف لثلاثة بقين من شهر رمضان فليلحظ فإنّه دقيق وليس الأصل في الشهر أن يكون تامّاً قطعاً كما هو معلوم عندهم.

وليعلم : أنّه لو نوى العشر لا يحتسب الماضي بالنسبة إلى السفر الجديد كما صرّح به جماعة (٤) من دون تردّد. نعم لو تردّد المسافر في القصد فقد تردّد جماعة (٥) في احتساب ما مضى من المسافة ، واستقرب في «البيان (٦)» الاحتساب. وفي

__________________

(١) المبسوط : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٣٧.

(٢) الوسيلة : في أحكام صلاة السفر ص ١٠٩.

(٣) مصابيح الظلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٦٣ س ٢٣ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٤) منهم الشهيد الأوّل في البيان : في شرائط تحقّق السفر ص ١٥٥ ، والشهيد الثاني في الروض : في صلاة السفر ص ٣٩٤ س ١١ ، والعلّامة في تحرير الأحكام : في صلاة المسافر ج ١ ص ٣٣٦.

(٥) منهم السبزواري في ذخيرة المعاد : في شرائط القصر ص ٤٠٧ س ٣٠ ، والشهيد في البيان : في شرائط تحقق السفر ص ١٥٥.

(٦) البيان : في شرائط تحقق السفر ص ١٥٥.

٤٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

«الذكرى (١)» لو نوى المقام في أثناء المسافة عشراً ولما يقمها ثمّ سافر فالظاهر أنّها سفرة ثانية.

وهل يشترط التوالي في العشرة بمعنى أنّه لا يخرج من محلّ الإقامة إلى محلّ الترخّص مطلقاً أو يشترط عدم صدق الإقامة عرفاً وإلّا فلا كما لو خرج إلى البساتين أو لا يشترط شي‌ء من ذلك حتّى لو خرج إلى ما دون المسافة مع رجوعه ليومه أو ليلته لم يؤثّر في نيّة إقامته؟ أقوال لكنّها غير محرّرة في كلامهم ، لأنّه يظهر منهم تارةً اشتراط التوالي في النيّة لا في الفعل وتارةً العكس.

الأوّل منها : خيرة الشهيدين في «البيان (٢) والمقاصد العلية (٣) ونفائح الأفكار (٤)» واستجوده في «المدارك (٥)» وقد يظهر ذلك من «المنتهى» (٦) حيث قال : لو عزم على إقامة طويلة في رستاق ينتقل منه من قرية إلى قرية ولم يعزم على الإقامة في واحدة منها لم يبطل حكم سفره ، انتهى. وقد يقال (٧) : إنّ حكمه بعدم بطلان حكم سفره لأنّه لم ينو الإقامة في بلدٍ بعينه. وفي «الحدائق» أنّه المشهور ، قال : المشهور في كلام الأصحاب اشتراط التوالي بمعنى أن لا يخرج من ذلك المحلّ إلى محلّ الترخّص ، وأمّا الخروج إلى ما دون ذلك فالظاهر أنّه لا خلاف ولا إشكال في جوازه. وما اشتهر في هذه الأوقات المتأخّرة والأزمنة المتغيّرة مَن أنّ من أقام في بلد أو قرية مثلاً فلا يجوز له الخروج من سورها المحيط أو عن حدود بنيانها

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في صلاة السفر ج ٤ ص ٣١٠.

(٢) البيان : في شرائط تحقّق السفر ص ١٦٠.

(٣) المقاصد العلية : في أحكام القصر ص ٢٢٠ ٢٢١.

(٤) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في صلاة المسافر ص ١٩٠.

(٥) مدارك الأحكام : في صلاة المسافر ج ٤ ص ٤٦٠.

(٦) منتهى المطلب : في صلاة المسافر ج ١ ص ٣٩٨ س ٦.

(٧) ظاهر العبارة أنّ قوله «وقد يقال» أنّ هذا المقال إنّما قيل من غير المنتهى توضيحاً لعلّة الحكم الوارد في المنتهى ، ولكن ليس كذلك بل مجموع العبارتين أعني (العبارة المحكيّة عن المنتهى وقوله : وقد يقال) كلاهما من عبارة المنتهى ، فراجع.

٤٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ودورها فهو ناشئ عن الغفلة وعدم التأمّل (١). قلت : هذا تعريض بمولانا الشيخ الفاضل الفتوني.

وقال في «نفائح الأفكار» بعد أن صرّح باعتبار ذلك : وما يوجد في بعض القيود من أنّ الخروج إلى خارج الحدود مع العود إلى موضع الإقامة ليومه أو لليلته لا يؤثّر في نيّة الإقامة وإن لم ينو إقامة عشرة مستأنفة ، لا حقيقة له ولم نقف عليه مسنداً إلى أحد من المعتبرين الّذين تعتبر فتواهم ، فيجب الحكم بإطراحه حتّى لو كان ذلك في نيّته من أوّل الإقامة بحيث صاحبت هذه النيّة نيّة إقامة العشرة لم يعتدّ بنيّة الإقامة وكان باقياً على القصر ، لعدم الجزم بإقامة العشرة المتوالية ، فإنّ الخروج إلى ما يوجب الخفاء يقطعها ونيّته في ابتدائها يبطلها (٢) ، انتهى كلامه.

قلت : يرشد إلى هذا القول اتفاقهم على أنّ مَن أقام في بلد عشرة ثمّ خرج إلى محلّ الترخّص ورجع إلى بلد الإقامة غير ناوِ الإقامة عشراً أنّه يرجع مقصّراً. وقد تقدّم (٣) الكلام في ذلك وكذلك ما تقدّم (٤) من أنّ محلّ الخفاء علامة على صدق السفر والضرب في الأرض كما نقلناه عن جماعة.

وأمّا القول الثاني وهو الإحالة إلى العرف فهو خيرة «مجمع البرهان (٥) والمدارك (٦)» في آخر كلامه و «البحار (٧) والذخيرة (٨) والكفاية (٩) والحدائق (١٠)

__________________

(١) الحدائق الناضرة : في صلاة المسافر ج ١١ ص ٣٤٣ ٣٤٤.

(٢) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في صلاة المسافر ص ١٩٠.

(٣) تقدّم في ص ٤٣٥ ٤٤٠.

(٤) تقدّم في ص ٤٥٠.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة المسافر ج ٣ ص ٤٠٩.

(٦) مدارك الأحكام : في صلاة المسافر ج ٤ ص ٤٦٠.

(٧) بحار الأنوار : في وجوب قصر الصلاة ج ٨٩ ص ٤٢.

(٨) ذخيرة المعاد : في شرائط القصر ص ٤١١ س ٤٣.

(٩) كفاية الأحكام : في صلاة السفر ص ٣٣ س ٣٥.

(١٠) الحدائق الناضرة : في صلاة المسافر ج ١١ ص ٣٤٦.

٤٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والرياض (١)» ونقله في الأخير عن جملة من محقّقي متأخّري المتأخّرين ، ولعلّه أراد مَن ذكرنا. قال في «مجمع البرهان» بعد أن نقل القول الأوّل عن الشهيدين وأيّده بمؤيّدات ثلاثة : الظاهر من الأخبار هو الإطلاق من غير قيد ، ولو كان مثل ذلك شرطاً لكان الأولى بيانه وإلّا لزم التأخير والإغراء بالجهل ، فيمكن تنزيله على العرف بمعنى أنّه جعل نفسه في هذه العشرة من المقيمين في البلد بأنّ هذا موضعه ومحلّه ومكانه مثل أهله فلا يضرّه السير في الجملة في البساتين والتردّد في البلد وحواليه ما لم يصل إلى موضع بعيد بحيث يقال. إنّه ليس من المقيمين في البلد. وكذا لو تردّد كثيراً أو دائماً في المواضع البعيدة في الجملة. ولا يبعد عدم ضرر الخروج إلى محلّ الترخّص أحياناً لغرضٍ من الأغراض مع كون المسكن والمنزل في موضع معيّن ، لصدق إقامة العشرة عرفاً المذكورة في الروايات.

وأمّا المولى المجلسي والمولى الخراساني فقد قالا : إنّ عدم التوالي في أكثر الأحيان يقدح في صدق المعنى المذكور عرفاً ، ولا يقدح فيه أحياناً كما إذا خرج يوماً أو بعض يوم إلى بعض البساتين وإن كان في الخفاء فينبغي الرجوع إلى الاحتياط. وقال المجلسي أيضاً : إنّ المسألة مشكلة فلم يجزم واحد من أصحاب هذا القول به ، وقد علمت أنّ صاحب «المدارك» استجود الأوّل أوّلاً وصاحب «الحدائق» جعل الثاني أقرب.

وأمّا قوله في «مجمع البرهان» لو كان ذلك شرطاً لكان الأولى بيانه وإلّا لزم التأخير والإغراء بالجهل ففيه أنّه بعد جعل محلّ الخفاء علامة على صدق السفر والضرب في الأرض وعدمه على عدمه كما اعترف (٢) به هو في محلٍّ آخر وفهمه جماعة (٣) من أساطين الأصحاب لا تأخير ولا إغراء أو نقول كما قال في «المصابيح»

__________________

(١) رياض المسائل : في أحكام القصر ج ٤ ص ٤٦٢.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة المسافر ج ٣ ص ٢٩٧.

(٣) منهم الشهيد الأوّل في الذكرى : في صلاة السفر ج ٤ ص ٣١٩ ، والشهيد الثاني في الروضة : ج ١ ص ٧٨٦ ، والعلّامة في النهاية : ج ٢ ص ١٧٢.

٤٨٠