موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

بوقا من أولاد تولي خان ومن حين جلوسه ثارت الفتن وتوالت على المملكة الإحن والقلاقل ... وذلك أنه لما تحقق ازبك خان موت السلطان أبي سعيد من غير وارث قام للمطالبة بالمملكة وقصد أن يحوزها فسار إليها بجيش لا يحصى ...

وكذا والي بغداد علي باشا (١) أمير الأويرات (٢) حينما سمع بموت السلطان أبي سعيد نهض للمطالبة وسار يدعو له ... وكان بين هذا الوالي وبين الوزير غياث الدين محمد كره شديد وبغضاء فإنه بعد قتل چوبان كان يتوقع أن يكون حاكما في ايران فمشى بعد وقعة الچوبان إلى السلطان أبي سعيد فرأى الوزير ما يظهر من الأويرات من الاطماع والآمال ، وأنهم شديد والمراس على من يريد إصلاحهم ... فسعى لإبعادهم عن حضرة السلطان ودفعهم عما كانوا عليه من المنزلة فصدر أمر السلطان أبي سعيد إلى علي باشا مع جماعة الأمراء أن يتوجهوا إلى خراسان ليصدوا غائلة عسكر كان قد خرج عليهم هناك ... فذهبوا إلى السلطانية ثم ندموا على خروجهم من (الاردو) ، ورأوا ان الوزير أبعدهم فشق عليهم ذلك وبقوا في السلطانية وهموا بالرجوع .. فلم يجبهم إلى

__________________

(١) جاء في كلشن خلفا علي باشا ، أو علي شاه كما أن في غيره جاء علي بادشاه ، كذا في تاريخ كزيده عند ذكر وفاة السلطان أبي سعيد وفي الدرر الكامنة علي باشا ، وفي الشذرات علي باش.

(٢) الأويرات قبيلة من قبائل المغول وجاءت في كلشن بلفظ اورياد والصحيح الأول.

وكانت هذه القبيلة تسكن في شرقي المغول عند فروع آنقارا موران «نهر انقارا» يقيمون في فروعه ولكل فرع منها اسم وهذه القبيلة كان رئيسها قوتوقا بكى عارض جنگيز في بادئ الأمر ثم اطاعه وتزوج كل من الآخر بنتا. وفي أيام منكوقاآن قد عين من امرائهم ارغون آغا من قبيلة اويرات واليا على خراسان وهذا دامت ولايته عشر سنوات فلما مات انعم القاآن على هلاكو بايران وأعطاه خمس جيشه ليقوم بمهمة الفتح ... وهذه القبيلة ظهرت للوجود في عهد ارپاخان وكان اميرها علي باشا والي بغداد فقام بدوره فانقرضت على يده حكومة المغول فكانت يدها آلة فتح في أول الأمر وآلة تخريب في الآخر ... «شجرة الترك ولغة جغتاي».

٥٨١

ذلك وأكد عليهم في السير إلى خراسان فعظم عليهم أن يرجعوا عن قصدهم وعزموا أن يدخلوا الأردو ويوقعوا بالوزير ... فلما وصلوا إلى قرب الأردو باوجان انفذت والدة السلطان إلى علي باشا تخبره أنه إن رجع قتل لا محالة ... فخاف جماعة الوزير وأكثر الخواجكية فهربوا بما عز عليهم من الأموال عن مخيم الوزير إلى الجهات الأخرى ...

أما علي باشا فإنه لما سمع كلام أخته رجع إلى مصيفه خائبا وتفرقت العساكر عنه وإثر هذه الحادثة بقي في نفسه الألم والغيظ حتى توفي السلطان أبو سعيد ثم علم بنصب ارپاخان سلطانا وتيقن أن الجماعة الذين كانوا معه كانوا متفقين معه على الوزير ووجدهم مائلين عن اولئك فأظهر حنقه لما فعله الوزير وخالفه في الرأي وكاتب الجماعة المذكورين وأبدى لهم ما كان منه من عدم الرضا ...

ثم إن علي جعفر الذي كان أمير الجيش وهو ابن وفادار بن ايريختن لم يكن متوسما في الوزير خيرا وإنما اتفق مع بغداد خاتون (عمة دلشاد خاتون) فهرب علي جعفر مع دلشاد خاتون حين أمر السلطان ارپاخان بقتل بغداد خاتون التي دعت إلى فتن كبيرة وإلى ارتباك الأحوال واضطرابها (١) ... والتجأ إلى علي باشا والي بغداد ففرح علي باشا بهما فرحا عظيما وأشاعوا أن دلشاد خاتون زوجة السلطان أبي سعيد وبنت دمشق خواجة حامل من السلطان أبي سعيد وأخذها علي باشا ونزل بها على العراق وأظهر أن الحكومة للولد الذي هو حمل دلشاد خاتون من أبي سعيد سواء كان ذكرا أو أنثى ...

واستولى على العراق وحكم على الخواجة عز الدين معروف (٢) وشيخ زاده ابن السهروردي الذي كان هو ختن الوزير (زوج اخته).

__________________

(١) كلشن خلفا.

(٢) مر أنه كان والي بغداد كما نقل عن ابن بطوطة.

٥٨٢

وكان الوزير ختنه (زوج أخته) وضيق على جميع أكابر بغداد وطلب منهم مالا كثيرا بحيث إن الرجل منهم إذا ظن فيه أنه يملك ألف دينار طلب منه ألف دينار. ثم بعد مصادرة هؤلاء الأكابر والأعيان وأخذ أموال جميع البلاد انضم إلى هؤلاء لفيف من المفسدين والمعتدين وكل المتمردين وانقطعت بذلك الدروب وخيفت السبل وسدت الطرقات وصار كل واحد يتوقع المهالك ويترقب المصائب ...

وفي هذه الآونة صال السلطان ازبك على المملكة بجيشه طامعا في السيطرة كما أن علي باشا قصد العاصمة لعين الغرض وبأمل الاستيلاء. فرأى الوزير أن دفع السلطان ازبك اولى بالاهتمام فلا جرم أن ارپاخان توجه بعساكره الجمة وتقدم نحو جيش ازبك فأنفذ هذا شيخ زاده بن پروانه إلى الوزير للمفاوضة معه في الأمر. وقال له :

إننا من نسل جنگيزخان ونحن من عصبة أبي سعيد وقد توفي وليس له وارث غيرنا فميراثه يعود لنا فكيف تمنعوننا إرثه وتسلمون مملكته إلى غيرنا وتجلسونه على سرير الملك ظلما وأنتم تعلمون؟!

فقال الوزير :

أما قولكم عن ازبك فأظهر من الشمس. وأما صلاح نفسه وسلامة نيته فأبين ما يكون واتصال نسبه بجنگيزخان معلوم لا شك فيه ولا شبهة ولكن جنگيزخان في حال حياته قسم مملكته على أولاده فصارت تلك الممالك بأسرها إلى السلطان ازبك وأصوله فانحصرت فيهم وهي لا تزال بأيديكم لا ينازعكم فيها أحد إلا ظلما وعدوانا. وأما هذه المملكة فإنها لأولاد تولي خان وصلت الآن من السلطان بعهد منه ووصية فلا يجوز للسلطان ازبك أن ينازعهم فيها وعلى كلّ الخصم حاضر مطاع في ملكه مقبول القول في عسكره ، له شوكة وقوة فلا يمكنني أن أواجهه بذلك وإنما اتكلم بما جرى فضولا ...

٥٨٣

فلما سمع شيخ زاده البروانه هذا الكلام ورأى لهم الاستعداد والأهبة رجع خائفا وعرض على السلطان ازبك مقالة الوزير وحينئذ تحقق له ما حكاه شيخ زاده بن بروانه ولاحت له الآراء الصائبة فعلم أن لا مصلحة له في التعرض بهذه الممالك فقفل راجعا ...

وكان أرسل السلطان ارپاخان حملة من عساكره عليهم فلم يجدوا لهم أثرا ورجع السلطان والوزير والأمراء والعساكر بنشوة حسن السمعة والسلامة ... تحقق ذلك كله لعلي باشا وعلمت دلشاد خاتون أن طائفة الأويرات صاحبة اطماع وشرور وأنها إذا ظفرت بالملك أخربت العالم فكرهت أن تجعل نفسها سببا لهلاك الناس فأبدت أنها لم تكن حاملا من السلطان أبي سعيد وتنحت عن الدخول في هذا الأمر وركوب معمعته ...

فلما رأى علي باشا أن هذه الخاتون قد تنصلت منه وخافت العاقبة دعا إليه شخصا نساجا من المغول المقيمين شتاء حول دقوقا وأعلن أنه من نسل بايدوخان وسماه (موسى خان) وتابعه هو ومن معه من الأمراء وأجلسه على تخت السلطنة وحينئذ سمع الوزير بفعله فأنكره وأنفذ إليه رسائل يعظه بها ويحذره ويرغبه في الدخول في طاعة السلطان ووعده بمواعيد حسنة فما بالى وأصر على النزاع ثم توجه نحو اردو السلطان ارپاخان والوزير بعساكره وجهوا للقائه فتقاربوا في حدود حقو قريبا من بلدة مراغة.

فلما شاهد موسى خان تلك العساكر العظيمة والرايات السلطانية خاف خوفا شديدا. أما علي باشا فقد كاتبه جماعة من الأمراء الذين مع السلطان مثل أميرزاده محمود والأمير اكرنج وسلطان شاه وهؤلاء فكروا أن أرباخان رجل حاد وفيه صلابة وأن الوزير لا يدع لأحد منهم مجالا يرفع فيه رأسا وأنهم إذا عدلوا إلى علي باشا يكونون حكاما والأمر لهم

٥٨٤

ولا يمكن أن يخالفهم أحد فتباعد علي باشا وموسى خان من محاذاة عسكر ارپاخان فظنوا أنهم قد هربوا ... ولما تحقق الوزير ومن معه قصدهم ارادوا أن يتداركوا الأمر فعسر عليهم ورأوا أن أكثر عساكرهم قد التحق بعسكر علي باشا وموسى خان فانكسر باقي العسكر وقبض القوم على ارپاخان وعلى الوزير فقتلا وصفا الملك للسلطان موسى خان وآلت الوزارة لعلي باشا وكان مدة حكم ارپاخان ستة أشهر (١).

وجاء في الشذرات :

«وفيها ـ سنة ٧٣٦ ـ توفي القاآن ارپاخان الذي تسلطن بعد أبي سعيد ضربت عنقه صبرا يوم الفطر وكانت دولته نصف سنة خرج عليه علي باشا (كذا) والقاآن موسى فالتقوا فأسر المذكور ووزيره الذي سلطنه محمد بن الرشيد الهمذاني وقتلا صبرا وكان المصاف في وسط رمضان (٢) ...

وجاء في الدرر الكامنة عنه ما نصه :

«اربكوون (اربكووت) أو (ارپاخان) المغلي من ذرية جنگيزخان.

كان أبوه قتل فنشأ هذا جنديا في غمار الناس. فلما مات أبو سعيد نهض الوزير محمد بن رشيد الدولة. فقال هذا الرجل من عظماء القاآن فبايعه العسكر وولي السلطنة بعد القاآن أبي سعيد فظلم وعسف وقتل الخاتون بغداد بنت چوبان زوج أبي سعيد وكان علي باشاه بالجزيرة فلم يدخل في الطاعة وأخذ بغداد وأحضر موسى بن علي بن بايدو بن ابغا ابن هلاكو وسلطنه وعمل بين الفريقين مصاف فاستظهر ابن علي بابه (علي بابه أو باشاه) وقتل الوزير صبرا في ٨ رمضان وقتل ارپكون في

__________________

(١) الغياثي وكلشن خلفا.

(٢) الشذرات ج ٦.

٥٨٥

شوال من سنة ٧٣٦ وكانت مدة سلطنته خمسة أشهر أو ستة واستقر موسى الذي سلطنوه نحو ثلاثة أشهر.» ا ه (١).

وأكثر المؤرخين سماه أرپا خان على خلاف ما جاء في الدرر الكامنة ... وفي تاريخ مفصل ايران كسائر الكتب الايرانية الأخرى أن اسمه (ارپاگاون) وأنه حدث المصاف في ساحل نهر چغاتو في ١٧ رمضان سنة ٧٣٦ ه‍ فانهزم جيش السلطان فقتل هو ووزيره بالوجه المشروح (٢) ...

وليس لهذا السلطان من الحكم ما يستدعي الإطالة بترجمة حاله وحكمه فمن حين صار ملكا إلى أن قتل هو في نزاع داخلي وخارجي وقد تغلب على المملكة كثيرون وتقسمت الأهواء فيها شيعا على ما سنتعرض له ... سوى أننا نقول قد انقرضت به في الحقيقة حكومة المغول وتقلص ظلها من بغداد خاصة وبعد أمد قليل امحت من سائر الأطراف بهلاك موسى خان ...

ترجمة غياث الدين محمد الوزير :

مر أنه قتل صبرا مع السلطان ارپاخان في ٨ رمضان أو يوم الفطر سنة ٧٣٦ ه‍ (٣) وهذا الوزير من خير وزراء المغول قام مقام أبيه (٤) وقد وفى الوزارة حقها ... وذلك أنه لما توفي تاج الدين علي شاه حتف أنفه

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ١ ص ٣٤٨ وج ٤ ص ١٣٥.

(٢) تاريخ مفصل ايران ص ٣٤٩.

(٣) في الدرر الكامنة عن ترجمته «ج ٤ ص ١٣٥».

(٤) كانت الوزارة مضطربة من أيام سعد الدين والخواجة رشيد الدين وكذا أيام من وليهم وقد استراحت الحكومة في عهد المترجم مد. ثم عادت الاختلالات وتولد بين الأمراء اختلاف كبير كان أساس هذا التناطح ... فلا يستطيع واحد منهم ان يرضي الكل والنزعات متباينة والأحزاب السياسية في تذبذب ...

٥٨٦

٥٨٧

ولم يمت في عهد المغول وزير كذلك وكان قد توفي في اوجان في اواخر جمادى الآخرة عام ٧٢٤ ه‍ اضطربت أمور الوزارة وتشوشت الإدارة ... فجعلت لنصرة الملك الملقب بصائن وزير وهذا ساءت إدارته في نظر الچوبان ... وهكذا استفاد من هذه الفرصة الأمير چوبان سنة ٧٢٥ فغير قلب السلطان عليه لما شعر منه ما لا يرضاه ومن ثم عين ابنه دمشق خواجة وزيرا في كافة الأمور ودام فيها إلى أن قتل ليلة ٥ شوال سنة ٧٢٧ ثم قتل ابنه الآخر تمر تاش بمصر وقتل الأمير حسن في مملكة أوزبك والشيخ محمود في كرجستان بيد الجيش ...

ومن ثم وبعد قتلة دمشق خواجة (١) أحيلت الوزارة للخواجة غياث الدين محمد وأشرك معه الخواجة علاء الدين ابن الخواجة عماد الدين ولقب هذا ب (وزير نيكو) إلا أنه لم تطل أيامه فجعل في ايران بلقب (مستوفى الممالك) فصارت الوزارة خالصة للوزير غياث الدين محمد ...

وهذا دامت وزارته من تاريخ القضاء على دمشق خواجة كل أيام السلطان أبي سعيد الباقية وإلى آخر أيام ارپاخان.

وكانت إدارته من أحسن الإدارات وخير عهد للمغول فكانت خالصة بيد السلطان وفي ادارة وزيره وجرت الأمور على أتم نظام ... نعم انتظم الملك واتسعت الأحوال في زمن هذا الوزير ولم يبق لأحد دخل من الأمراء أو الخواتين ... ولا تحكم على الرعايا أو الجيش وبسطت يد الوزير في الإدارة وضبط الممالك ونفذ حكمه في جميع المملكة ... فقضى الوزير نحو تسع سنوات وهو يحسن إلى جميع الناس وخاصة العلماء والأكابر الفضلاء ويكرم الصلحاء والمنقطعين

__________________

(١) لم تتفق كلمة المؤرخين على تاريخ الوفاة وسبب ذلك أن خبر قتله جاء متأخرا وقد نقلنا فيما مر بعض النصوص.

٥٨٨

والعباد المتزهدين ... ولم ير ممن تقدمه ما كان يقوم به ، وأظهر حمايته للدين أكثر من غيره ، وأمن الرعايا تأمينا لم يروا مثله أبدا ... ومكن العدل بين الكافة فرخصت في عهده الأسعار ، وزاد الرخاء ...

وأراد الوزير أن لا يقع تذبذب واضطراب في المملكة حينما أحس بما نال السلطان من الضعف والمرض ما أنهك قواه ... فلاحظ أنه من الضروري انتخاب ولي عهد إذ لم يكن للسلطان ولد ولا أخ ... فوقع الاختيار على ارپاخان من احفاد تولي خان بن جنگيزخان ...

فولي السلطنة بعد أبي سعيد وجرى عليه وعلى الوزير ما جرى (١).

وفي هذه المدة حتى وفاة السلطان أبي سعيد كان الوالي ببغداد علي باشا الأويرات.

ملحوظة :

إن القاشاني في تاريخ الجايتو يتحامل على الخواجة رشيد الدين والد هذا الوزير وعلى العكس من ذلك صاحب تاريخ كريده فإنه ينتصر للوزير غياث الدين وأبيه ويتحامل على الآخرين ولكلّ وجهة ، والظاهر أن القاشاني كتب ما كتب إرضاء للسياسة وتبريرا للقضاء على الخواجة رشيد الدين ... وفي هذا العصر بلغت الحزبية غايتها ...

وفاة : علي بن محمد بن ممدود بن جامع بن عيسى البندنيجي :

هو أبو الحسن ابن المحدث محب الدين ولد سنة ٤٣ وسمع على العز أحمد بن يوسف الاكاف وعلى أحمد بن عمر الباذبيني ، وأجاز له النشتري ومحمد

__________________

(١) كلشن خلفا والغياثي وتاريخ كزيده وترجمته المفصلة في تاريخ حبيب السير ج ٣ ص ١٢٧ : ١٢٨.

٥٨٩

ابن علي السباك وابن الحصري وعلي ابن عبد اللطيف الالخمي وآخرون من الموصل وبغداد. وكان له أثبات عدمت في كائنة بغداد وكان على ذهنه أشياء كثيرة من أخبار الوقعة ببغداد وغيرها وأقام مدة بوابا بدار الوكالة ببغداد وسمع على علي بن محمد بن محمد بن وضاح في مدح العلماء وذم الاباحية ... وسئل كيف نجوت من التتار فقال كنت صغيرا فتركت. قدم دمشق فحدث بالكثير. مات في المحرم سنة ٧٣٦ (٧٣٧) (١).

سلطنة موسى خان في غرة شوال سنة ٧٣٦ ه

سلطنته (علي باشا ـ قتله):

لما قتل ارپاخان والوزير غياث الدين محمد صفا الأمر لعلي باشا وهو خال السلطان أبي سعيد فأجلس موسى خان على التخت وهو موسى خان بن علي بن بايدو ابن طاراغاي بن هلاكوخان فاستشعر من لم يكن محبا لعلي باشا من أمراء الاويرات الظلم والتعدي فنفروا من الحكومة وهم الأمير طغاي وهو من مشاهير أمراء المغول والحاج طوغا بك لما كان بينهم وبينه من البغضاء وتوجهوا نحو الأمير الشيخ حسن الكبير الايلخاني وهو أمير الروم آنئذ وعلى هذا ولما سمع ذلك غضب من وقوع هذه الحوادث فاتفق الشيخ حسن مع الأمير طغاي لدفع شر هذا الوزير علي باشا وقطع ضره فأنفذ الأمير الشيخ حسن رسولا إلى صورغان شير بن الأمير چوبان وكان في كرجستان وطلبه وأمره أن يستصحب معه عساكره فأتى إليه بعسكر عظيم ...

فلما تقارب الجيشان في تبريز كر موسى خان وعلي باشا على

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ١٢١.

٥٩٠

مقدمة عساكر الشيخ حسن فانكسرت هذه المقدمة فظن موسى خان وعلي باشا أن هذا العسكر الذي انكسر هو الذي جمعه الشيخ حسن فبات موسى خان وأمراؤه آمنين وتركوا الاحتياط وجعل بعضهم يهنىء البعض الآخر بالنصر والفتح وحينئذ ظهرت رايات الشيخ حسن الكبير فضربوا عساكر السلطان موسى خان وعلي باشا الاويرات وتقابل العسكران فلم يبد أحد في هذه المعركة من الشجاعة ما أبدى علي باشا فقد ثبت ثباتا ليس له نظير.

وآخر الأمر خرج علي باشا ثم توحل فرسه فسقط به وحينئذ مر به من عرفه وأحضره إلى أمير الأمراء الشيخ حسن فأراد استبقاءه فلم يوافقه جماعة الأمراء فقتله وولى الشيخ حسن (مظفر الدين محمدا). وأما موسى خان فإنه هرب بين قبيلة الأويرات ... ثم قتل (١).

حوادث سنة ٧٣٧ ه‍ (١٣٣٧ م)

وفيات :

١ ـ وفاة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي : ثم الدمشقي أبي عوانة وأبي محمد وأبي يوسف ولد سنة ٥٧ وسمع من الجمال عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن حيون الجزائري ومن أحمد ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وابن النشبي وغيرهم وحدث. مات في ٨ جمادى الأولى سنة ٧٣٧ ه‍ (٢).

٢ ـ وفاة عبد الرحمن السهروردي : هو عبد الرحمن بن عبد المحمود بن عبد الرحمن بن أبي جعفر محمد ابن الشيخ شهاب الدين

__________________

(١) الغياثي وشجرة الترك.

(٢) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٤٣٣.

٥٩١

عمر بن محمد السهروردي نزيل بغداد يلقب جمال الدين. كان ناظر اوقاف العراق وتزوج بنت رشيد الدولة الوزير فعظم شأنه وكان شابا محتشما ، تياها ، قليل التقوى ، متظاهرا بالمعاصي والجبروت والعتو ، كان يهتك الحرمات ثار عليه ابن البلدي وأعوانه فقتلوه في ذي الحجة سنة ٧٣٧ ه‍ (١).

السلطان مظفر الدين محمد المتوفى سنة ٧٣٨ ه

سلطنة مظفر الدين محمد والمتغلبة : وهو ابن پول قوتلوق (يال قوتلوق) بن تيمور بن آيناجي بن منگو تيمور ابن هلاكوخان وكان صغيرا فتولى تدبير الأمور كلها الشيخ حسن الكبير الجلايري وذلك أن الشيخ حسن حينما سمع بسلطنة موسى خان جاء بجيش عظيم من انحاء الكرج والروم وسار على ايران وبقرب تبريز تقارع مع السلطان موسى خان فانتصر الشيخ حسن عليه ... وفي هذه المعركة قتل علي باشا أمير الاويرات. وأن موسى خان هرب بين قبيلة الاويرات ...

وبعد قتلة علي باشا الاويرات صار موسى خان إلى بغداد وحكم مع هذه الطائفة العراق ولكن دولة الشيخ حسن نالت اقبالا وسعدا وتمكن الشيخ حسن من الانتقام وعقد نكاحه على دلشاد خاتون زوجة السلطان أبي سعيد الذي كان أكرهه أن يطلق زوجته بغداد خاتون ...

ولما جاءت النوبة في السلطنة إلى محمدخان فر من موسى خان امراؤه المغول والتحقوا بالسلطان محمد ... وهذا الخبر نزل كالصاعقة على الشيخ حسن بن تيمور طاش ابن الأمير چوبان فجاء بمن معه وساق

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٤٤.

٥٩٢

جيوش الروم لتدارك الأمر على عجل ... فلما ورد خاف السلطان محمد منه.

وفي هذا الأوان نهض الشيخ علي ابن الأمير علي القوشجي وجمع كافة المغول في خراسان فضمهم إليه ومشى على بسطام وأعلن الخانية باسم طغاي تيمور (طغا تيمور) فجعله ملكا ومن هناك سار على محمدخان الذي أقامه الشيخ حسن الجلايري وفي طريقه في آذربيجان صادق قبيلة الاويرات ومعهم موسى خان فانضم إلى طغاي تيمور والشيخ علي فسمع الشيخ حسن الجلايري بالخبر فوافى لمقارعه طغاي تيمور فاشتبك القتال بينهما في موقع يقال له (كرم بود) فانتصر الشيخ حسن عليهم وقتل في المعمعة موسى خان ومن ثم فر طوغاي تيمور والشيخ علي ابن الأمير علي وذهبوا إلى خراسان ...

ولما علم الشيخ حسن الصغير وهو ابن تيمورطاش ابن الأمير چوبان السلدوزي وكان واليا من قبل السلطان أبي سعيد في بعض بلاد الروم ... سار إلى الشيخ حسن الجلايري بجيشه العظيم فكانت المعركة بينهما في نخچوان وفي هذه المرة انتصر الچوباني على الجلايري وقتل السلطان محمد في الحرب ففر الشيخ حسن الجلايري إلى السلطانية ... وذلك سنة ٧٣٨ ه‍.

وجاء في الدرر الكامنة أنه محمد بن عنبرجي البان المغلي بن نوبن. أقيم في المملكة بعد قتل أبي سعيد. وكان أبو سعيد لما مات زعمت سرية له أنها حبلى فوضعت وكان محمدا هذا. فلما هزم الشيخ حسن جموع موسى بن علي سنة ٣٨ وقتل موسى عمد الشيخ حسن إلى هذا الصبي فأقامه في السلطنة وله عشر سنين وناب له واضطربت المملكة في زمانه فأقبل من الروم ولدا تمرتاش ومعهما محفّة أوهما أن أباهما فيها وأنه لم يقتل وأن الناصر لما أمر بقتله عمد بكتمر وبكلش

٥٩٣

إلى تركي يشبهه فقطعا رأسه فأحضراه للناصر واختفى تمرتاش ثم بعثاه سرا في البحر إلى بلاد الروم فلما وقع ذلك هرب الشيخ حسن الكبير إلى خراسان وهاج الناس واشتد البلاء وكثر الظلم والنهب وانقطعت السبل ثم هلك محمد هذا وماجت البلاد وذلك في آخر سنة ٧٣٨ ه‍ وأرسلوا إلى طغاي تمر ملك خراسان وهو ابن عم ارپكون (ارپاخان) المقتول فتوقف ووثب جماعة على الذي زعم أنه تمرتاش فطردوه فقدم العراق في زي الصوفية ثم خمل ذكره وقتل واستولت صاتي بك بنت خربندا أخت أبي سعيد على الممالك وتسلطنت وخطب لها سنة ٧٣٩ ه‍.

وذلك أن الشيخ حسن الجوباني بعد أن أجلسها على سرير الملك سار الچوباني على الجلايري ثم استقر الصلح بينهما وصار الجلايري تابعا للچوباني.

وبعد سنة عزل الشيخ حسن الصغير صاتي بك وأجلس مكانها سليمان خان ابن محمد بن سنگه بن يشموت بن هلاكو وزوج منه صاتي بك ...

ثم إنه بعد أمد ثار الشيخ حسن الكبير على الشيخ حسن الچوباني وجاء بغداد فأعلن السلطنة إلى جهان تيمور بن الافرنك بن كيخاتو بن أقانا خان سنة ٧٤٣ ه‍ وجمع جيشا فتحارب مع السلدوزي (الچوباني) فانتصر عليه الچوباني فهرب الشيخ حسن الكبير وعاد إلى بغداد فعزل الخان المذكور وأعلن سلطنته ...

وأما الشيخ حسن الصغير فإنه قتلته زوجته فخلفه أخوه الصغير الملك الأشرف وأقيم انوشروان من ذرية هلاكو (١) خانا وبعد مدة عزل

__________________

(١) وفي كتاب مسكوكات إسلامية تقويمي أن انوشروان خان من ذرية ملوك ايران القدماء الكيانية : ص ٩٦ ، ومنهم من عده من القبجاق ودام حكمه من «٧٤٤ : ٧٥٦».

٥٩٤

هذا وأعلن نفسه خانا وهذا أساء السيرة ثم إنه جهز عليه جاني بك خان جيشا عظيما فتقاتلوا في خوي فتغلب على الملك الأشرف وقتله وذلك سنة ٧٥٩ ه‍.

والحاصل قد كثر التغلب وتمزقت المملكة بين أمراء المغول فلم تعد لها حياة ... وممن هرب من بغداد بسبب الفتن القائمة :

١ ـ حسام الدين حسن بن محمد بن محمد بن علي البغدادي الغوري الأصل الحنفي. ولد ببغداد وتولى الحسبة بها ثم القضاء. قدم القاهرة صحبة وزير بغداد نجم الدين محمود بن علي بن سروين في صفر سنة ٧٣٨ ه‍ لما وقعت الفتنة ببغداد فاستقر في قضاء الحنفية هناك في ١٨ جمادى الآخرة من السنة قال في الدرر الكامنة سار سيرة غير مرضية ... إلى أن أخرج من الديار المصرية فسكن دمشق مدة ثم توجه إلى بغداد وولي التدريس في مشهد أبي حنيفة.

٢ ـ الوزير نجم الدين محمود بن علي المذكور من وزراء بغداد ... ولا نعلم عنه شيئا يذكر.

٣ ـ خليفة بن علي شاه ناصر الدين كان أبوه وزير بلاد التتار وقدم هو الشام فأعطى طبلخاناة وكان شكلا حسنا وكان وصوله صحبة نجم الدين محمود وزير بغداد توفى في دمشق في جمادى الأولى سنة ٧٣٧ ه‍ (١).

المتغلبة على حكومة المغول :

قد مر القول عن بعض الثائرين ومدعي السلطنة في انحاء المملكة المغولية وبينهم من ضربت السكة باسمه وقرئت الخطبة له على رؤوس

__________________

(١) شجرة الترك والغياثي والدرر ج ٢ ص ٤٣ و ٤٥ وكلشن خلفا.

٥٩٥

المنابر ولم يكن لواحد منهم مكنة وثبوت في السلطنة ولا يد في الإدارة وإنما كانت لمن دعاهم ونهض باسمهم ...

وهؤلاء ...

١ ـ ارپاخان (١٣ ربيع الأول : ٤ شوال ٧٣٦ ه‍) مر الكلام عليه ويلقب معز الدين وهذا لم تعرف له نقود مضروبة في العراق وإنما له بعض النقود مضروبة في الممالك الأخرى ... في حين أن النقود الكثيرة أيام السلطان أبي سعيد ضربت في بغداد والموصل وواسط والحلة وإربل (١).

٢ ـ موسى خان. (شوال : ذي الحجة سنة ٧٣٦ ه‍). وهذا أيضا لم يعثر له على نقود مضروبة في بغداد ... وهو ابن علي بن بايدو.

٣ ـ السلطان محمد (ذي الحجة سنة ٧٣٦ : ذي الحجة سنة ٧٣٨ ه‍). وهذا وإن كانت له بعض النقود إلا أنه لا يعرف ما ضرب في بغداد أو الأنحاء العراقية ...

٤ ـ طغا تيمور (طوغاي تيمور) (٧٣٧ : ٧٥٣) وله نقود مضروبة في الحلة وفي بغداد وفي أماكن أخرى ...

٥ ـ صاتي بيك خاتون (ساتي بك) (٧٣٩ : ٧٤١). وهذه بنت السلطان محمد خدابنده. ولها نقود مضروبة خارج العراق ...

٦ ـ سليمان خان (٧٤١ : ٧٤٥). وهذا كسره ارتنا صاحب الروم عام ٧٤٤ ه‍ (٢). وله نقود مضروبة خارج العراق.

__________________

(١) مسكوكات قديمة إسلامية قتالوغى.

(٢) إن ارتنا هذا صاحب الروم واستمر في ملكه وأعلن استقلاله سنة ٧٣٨ ثم صار يوالي الناصر محمد بن قلاوون وكتب له السلطان تقليدا. وكان حسن الإسلام مات سنة ٧٥٣ ه‍ واستقر مكانه ولده محمد پاك «الدرر الكامنة ج ١ ص ٣٤٩».

٥٩٦

٥٩٧

٧ ـ جهان تيمور (عز الدين جهان تيمور) (ذي الحجة ٧٣٩ : ذي الحجة ٧٤١) لم يعثر له على نقود مضروبة في العراق.

وكل هؤلاء كانوا ألعوبة في أيدي أمراء المغول ومتغلبة سائر الأمراء أو الدعاة لأولئك السلاطين وهم :

١ ـ أبو إسحاق بن محمد شاه ينجو قال ابن بطوطة عنه :

«فلما مات أبو سعيد وانقرض عقبه وتغلب كل أمير على ما بيده خافهم (خاف الأهلين في شيراز) الأمير حسين (١) وخرج عنهم وتغلب السلطان أبو إسحاق المذكور عليها وعلى اصفهان وبلاد فارس ...

واشتدت شوكته وطمحت همته إلى تملك ما يليه من البلاد فبدأ بالأقرب منها وهي مدينة يزد ... فحاصرها وتغلب عليها ... وقد اطنب ابن بطوطة في الكلام عليه راجع بقية البحث هناك (٢) وكان داعيا لنفسه ...

٢ ـ الأمير مظفر شاه :

وهو ابن الأمير محمد شاه ابن المظفر تغلب هو وأبوه على يزد وكرمان وورقو وكانت يزد بيده فانتزعها منه أبو إسحاق المار الذكر (٣). وآل مظفر تكونت منهم حكومة صارت تعد في عداد من حكم ايران (٤).

٣ ـ الشيخ حسن الكبير وهو المعروف بالجلايري وقد استقل بحكومته في العراق وقد قام باسم أحد سلاطين المغول وهو جهان تيمور المذكور آنفا.

٤ ـ إبراهيم شاه ابن الأمير سنيته (الموصل وما والاها) : تغلب

__________________

(١) هو ابن الأمير چوبان أمير أمراء المغول وكان واليا على شيراز.

(٢) ص ١٢٣ ـ ١٢٥ ج ١ وص ١٣٩.

(٣) ص ١٢٥ ج ١ ابن بطوطة.

(٤) تاريخ كزيده والغياثي وغيرهما وكذا ص ١٣٩ من الرحلة.

٥٩٨

على الموصل وديار بكر (١).

٥ ـ ارتنا : تغلب على بلاد التركمان المعروفة أيضا ببلاد الروم.

٦ ـ حسن خواجة (الشيخ حسن الصغير) : وهو ابن تيمورطاش بن الأمير چوبان السلدوزي وهذا تغلب على تبريز والسلطانية وهمذان وقم وقاشان والري وورامين وفرغان والكرج (٢).

وجرت له حروب مع الشيخ حسن الجلايري فكان المنتصر ...

وزاد نفوذ هذا بكثرة وعظمت مملكته وكاد يخلف التتر في حكومتهم ...

وكانت زوجته عزة الملك قد عشقت يعقوب شاه ، وهذا فعل بعض ما يستوجب حبسه فحبسه حسن خواجة فظنت امرأته أنه اطلع على الأمر.

وفي ليلة جاءها وهو في حالة السكر فاتخذت هذه الفرصة فمردت خصيتيه فلم تدعه حتى قتلته فخلفه أخوه الصغير الملك الأشرف. وهذا نصب انوشروان من نسل هلاكو (على قول) فجعله ملكا ويعرف بأنوشروان العادل ولهذا نقود مضروبة باسمه ... ثم بعد مدة يسيرة عزله الملك الأشرف وأعلن نفسه خانا وصارت تقرأ الخطبة وتضرب النقود باسمه ...

وكان هذا سيىء السيرة ، قاتله ملك القفجاق جاني بيك خان فقتله سنة ٧٥٩ ه‍.

٧ ـ طغا تيمور : وجاء في ابن بطوطة بلفظ طغيتمور. تغلب على بعض بلاد خراسان.

٨ ـ الأمير حسين ابن الأمير غياث الدين : تغلب على هراة ومعظم بلاد خراسان.

__________________

(١) ص ١٣٨ رحلة ابن بطوطة ج ١.

(٢) رحلة ابن بطوطة ج ١ ص ١٣٩ وشجرة الترك ص ١٧٣ وغيرهما.

٥٩٩

٩ ـ ملك دينار : تغلب على بلاد مكران وبلاد كيج.

١٠ ـ الملك قطب الدين : وهو ابن تمهتن طمهتن تغلب على هرمز وكيش والقطيف والبحرين وقلهات.

١١ ـ السلطان افراسياب اتابك : تغلب على ايذج وغيرها من بلاد اللور ... كان تابعا لحكومة المغول ويؤدي لها الخراج السنوي (١) ...

ومن مراجعة هذه القائمة يظهر التغلب وتمزيق اشلاء المملكة واضطرابها والناس آنئذ بسبب هذا الخلاف والنزاع في ارتباك من أمرهم لا يدرون مصيرهم ولا ما سيحدق بهم ... وقد شاهد هذه الحالة ابن بطوطة وقصها كما رآها ... ولم يستقم للناس أمر حتى سنة ٧٤٤ ه‍ وقد ابتلي الأهلون في كافة انحاء المملكة بأنواع الظلم والجور وعدم الأمن.

وعلى كل حال لما دخلت سنة ٧٣٨ ه‍ انتهى حكم المغول من بغداد بدخول الشيخ حسن الجلايري فيها بعد انكساره في معركة جرت بينه وبين الچوباني قتل فيها جهان تيمور ... وفي سنة ٧٤٤ ه‍ زالت حكومة المغول من ايران وأذربيجان فانقرضت تماما وتكونت حكومات صغرى على أطلالها ولا يهمنا تفصيل القول عن هؤلاء المتغلبة فإنهم خارجون عن نطاق البحث عن العراق وحكوماته وسيأتي الكلام عن (حكومة الجلايرية في العراق) (٢).

عشائر العراق ـ في عهد المغول ـ

غالب عشائر العراق سكناهم قديمة فيه ... ومن ذلك الحين إلى اليوم اختلفت أوضاعهم وتبدلت سلطاتهم بين قوة وضعف وقد ورد لهم

__________________

(١) رحلة ابن بطوطة ج ١ ص ١٣٩.

(٢) الغياثي وشجرة الترك وكلشن خلفا وغيرها.

٦٠٠