موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

قتلة تمرتاش ابن الامير چوبان :

كان تمرتاش صاحب بلاد الروم في حياة أبيه واستولى على جميع بلادها من قونية إلى قيسارية وغيرهما من البلاد المذكورة فلما انقهر أبوه وهرب ضاقت بتمرتاش الأرض ففارق بلاده وسار إلى الشام ثم منها إلى مصر قاصدا السلطان وكانت نفس المذكور كبيرة جدا بسبب كبر أصله في المغل (المغول) وكبر منصبه ولم يكن له عقل يرشده ... وصل المذكور إلى السلطان بالديار المصرية في العشر الأول من ربيع الأول فأنعم عليه السلطان الانعامات الجليلة وعرض عليه أمرة كبيرة وإقطاعا جليلا فأبى أن يقبل ذلك وأن يسلك ما ينبغي واتفق أن الصلح قد انتظم بين السلطان وبين أبي سعيد. وكان أبو سعيد يكاتب ويطلب تمرتاش المذكور وانضم إلى ذلك ما بلغ السلطان عنه أنه أخذ أموال أهل بلاد الروم وظلمهم الظلم الفاحش فأمسكه السلطان واعتقله في أواخر شعبان من هذه السنة. ثم حضر اباجي رسول ابي سعيد فبالغ في طلب تمرتاش المذكور فاقتضت المصلحة إعدامه فأعدم تمرتاش المذكور في ٤ شوال من هذه السنة بحضرة اباجي رسول أبي سعيد (١). وفي ابن بطوطة ما يوضح الأسباب أكثر ... وقد مر الكلام على ذلك ...

وقد ذكر صاحب الدرر الكامنة عنه أنه كان شجاعا فاتكا إلا أنه خف عقله فزعم أنه المهدي فرده والده عن هذا المعتقد ثم ولاه أبو سعيد الحكم في بلاد الروم وكان جوادا مفرطا ثم وقع له بعد قتل أخيه دمشق خواجة خوف من أبي سعيد ففر إلى الناصر محمد فتلقاه بالإكرام وصيره أميرا ، وكانت المهادنة بين الناصر وأبي سعيد فكتب أبو سعيد يطلب منه إرسال تمرتاش فامتنع من إرساله ثم أمر بقتله وإرسال رأسه وتأسف الناس عليه وأرسل الناصر يقول قد أرسلت لك رأس غريمك

__________________

(١) أبو الفداء ج ٤ ص ١٠٢.

٥٦١

فأرسل إليّ رأس غريمي يعني قراسنقر فلم يصل الكتاب إلا بعد موت قراسنقر فكتب أبو سعيد إلى الناصر أنه مات حتف أنفه ولو كنت أنا قتلته لأرسلت لك برأسه. وكان قتل تمرتاش في شهر رمضان سنة ٧٢٨ ه‍ (١).

وفيات :

١ ـ مدرس المستنصرية العاقولي (جامعه):

وهو الشيخ جمال الدين عبد الله بن محمد بن علي ابن العاقولي الواسطي الشافعي مدرس المستنصرية قال ابن قاضي شهبة في طبقاته مولده في رجب سنة ٦٣٨ وسمع الحديث من جماعة واشتغل وبرع وقال ابن كثير درس بالمستنصرية مدة طويلة نحو ٤٠ سنة وباشر نظر الأوقاف وعين لقضاء القضاة في وقت وأفتى من سنة سبع وخمسين وإلى أن مات وذلك إحدى وسبعون سنة وهذا شيء غريب جدا وكان قوي النفس له وجاهة في الدولة كم كشفت به كربة عن الناس بسعيه وقصده وقال السبكي : ولي قضاء القضاة بالعراق ، وقال الكتبي انتهت إليه رئاسة الشافعية ببغداد ولم يكن يومئذ من يماثله ولا يضاهيه في علومه وعلو مرتبته وعين لقضاء القضاة فلم يقبل توفي في شوال ببغداد وله تسعون سنة وثلاثة أشهر ودفن بداره وكان وقفها على شيخ وعشرة صبيان يقرأون القرآن ووقف عليها أملاكه كلها (٢).

وداره الآن جامع ولا يزال معروفا بهذا الاسم إلى اليوم (جامع العاقولية).

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ١ ص ٥١٨.

(٢) «الشذرات ج ٦» و«الدرر الكامنة ج ٢ ص ٢٩٩ و«تذكرة الحفاظ ج ٤ ص ٣٨١» و«طبقات السبكي».

٥٦٢

٢ ـ ابن الدواليبي :

هو عفيف الدين أبو عبد الله محمد بن عبد المحسن بن أبي الحسن البغدادي ابن الخراط الحنبلي مرت ترجمته منقولة عن عقد الجمان عند ذكر وفيات سنة ٧١٨ ه‍ إلا أن المؤرخين الآخرين عينوا تاريخ وفاته في هذه السنة ويعرف بابن الدواليبي وترجمته مبسوطة في الدرر الكامنة وفي تذكرة الحفاظ وقد نعتوه بمسند العراق شيخ المستنصرية ، ولد في ربيع الأول سنة ٦٣٨ ه‍ سمع من عجيبة وابن أبي الخير وابن قميرة وطائفة (١) ...

ابن الخراط الدواليبي :

إن ترجمته ذكرت مكررة في هذا الكتاب والصحيح أنه من وفيات هذه السنة قال في منتخب المختار : «ومحمد بن عبد المحسن بن أبي الحسن بن عبد الغفار البغدادي ، أبو عبد الله بن أبي محمد الحنبلي الواعظ ، عفيف الدين المعروف بابن الدواليبي وبابن الخراط. أجاز له جماعة .. كان شيخا صالحا ، معمرا ، مسندا ... وله شعر حسن. ذهبت اثباته واجازاته في واقعة بغداد ...

تولى مشيخة دار الحديث المستنصرية. ولد سنة ٦٣٨ ه‍ ببغداد وتوفي سنة ٧٢٨ ه‍.» ا ه. باختصار.

وفي الدرر الكامنة :

«كان حسن المحاضرة ، طيب الاخلاق ، أخذ عنه جمع منهم ابن الفوطي ، والبرزالي ، وعمر القزويني وآخرون ... وانتهى إليه علو الاسناد ببغداد. وله نظم وكان ينظم (كان وكان) وغير ذلك ...» ا ه.

٣ ـ قراسنقر : مر الكلام على وفاته وعمر جوامع ومساجد وكان ذا

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٢٨ وتذكرة الحفاظ ج ٤ ص ٢٧٩.

٥٦٣

فهم ودهاء وهرب إلى التتر فأقام عندهم محترما وأقطعوه مراغة وجاوز التسعين (١) ...

٤ ـ أحمد بن محمد بن إسماعيل الدبلي (التعجيزي): ويعرف بالتعجيزي لحفظه كتاب التعجيز وكان ينظم الشعر بغير إعراب ولا تصور معنى. وذكر له صاحب الدرر الكامنة بعض النماذج. توفي في شعبان سنة ٧٢٨ ه‍ (٢).

حوادث سنة ٧٢٩ ه‍ (١٣٢٨ م)

رسول أبي سعيد :

في هذه السنة توجه إلى الرطبة رسول أبي سعيد وهو رسول كبير يسمى تمر بغا وحضر إلى السلطان وكان حضوره بسبب أن أبا سعيد سأل الاتصال بالسلطان وأن يشرفه السلطان بأن يزوجه ببعض بناته ووصل مع الرسول المذكور ذهب كبير لعمل مأكول وغيره يوم العقد فأجابه السلطان بجواب حسن وأن اللاتي عنده صغار ومتى كبرن يحصل المقصود وعاد تمر بغا الرسول بذلك (٣).

نائب الملك أبي سعيد :

في يوم الاثنين ١٧ جمادى الأولى سنة ٧٢٩ ه‍ استقر الشيخ حسن ابن عمة أبي سعيد أخت غازان وخربندا في منصب نائب الملك عوضا عن الأمير چوبان وهو منصب أمير الأمراء. والشيخ حسن هذا هو زوج بغداد خاتون ابنة چوبان الذي رسم له بطلاقها (٤) ...

__________________

(١) ابن الوردي ج ٢ ص ٣٨٩.

(٢) الدرر الكامنة ج ١ ص ٢٥٧.

(٣) أبو الفداء ج ٤ ص ١٠٣.

(٤) عقد الجمان ج ٢٣.

٥٦٤

وفيات :

١ ـ الزريراتي البغدادي : وهو الإمام تقي الدين أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن أبي البركات بن أحمد الزريراني (١) ثم البغدادي الحنبلي فقيه العراق ومفتي الآفاق ولد في جمادى الآخرة سنة ٦٦٨ ه‍ وسمع الحديث من إسماعيل ابن الطبال وخلائق وتفقه ببغداد على جماعة منهم الشيخ مفيد الدين الحربي وغيره ثم ارتحل إلى دمشق فقرأ بها المذهب على الشيخ زين الدين بن المنجا والشيخ مجد الدين الحراني ثم عاد إلى بلده وبرع في الفقه وأصوله ومعرفة المذهب والخلاف والفرائض ومتعلقاتها وكان عارفا بأصول الدين وبالحديث وبأسماء الرجال والتواريخ وباللغة والعربية وغير ذلك وانتهت إليه معرفة الفقه بالعراق. قال ابن رجب : انتهت إليه رياسة العلم ببغداد من غير مدافع وأقر له الموافق والمخالف وكان الفقهاء من سائر الطوائف يجتمعون به ويستفيدون منه في مذاهبهم ويتأدبون معه ويرجعون إلى قوله ويردهم عن فتاويهم ويذعنون له ويرجعون إلى ما يقوله حتى ابن مطهر شيخ الشيعة (٢) كان الشيخ يبين له خطأه في نقله لمذهب الشيعة فيذعن له ويوم وفاته قال الشيخ شهاب الدين عبد الرحمن بن عسكر شيخ المالكية : لم يبق ببغداد من يراجع في علوم الدين مثله ، وقرأ عليه جماعة من الفقهاء وتخرج به ائمة وأجاز الجماعة وولي القضاء. توفي ببغداد ليلة الجمعة ثاني عشري جمادى الأولى ودفن بمقابر الإمام أحمد قريبا من القاضي أبي يعلى (٣).

__________________

(١) ورد في الشذرات الدريراني وقد تكرر بلفظ الزريراني وفي الدرر الكامنة جاء بلفظ الزريراتي وقد انتاب هذا اللفظ غلط نساخ فورد زديراتي ، وزريرداني.

(٢) مرت ترجمته في حوادث سنة ٧٢٦ ه‍.

(٣) الشذرات ج ٦ والدرر الكامنة ج ٢ ص ٢٨٩.

٥٦٥

حوادث سنة ٧٣٠ ه‍ (١٣٢٩ م)

وفيات :

١ ـ وفاة أبي رزين ثابت بن أحمد بن ثابت الموصلي : السلامي. سمع من يوسف ابن المجاور وحدث وكان رجلا عاقلا حج مرات. مات بعد سنة ٧٣٠ ه‍ (١).

٢ ـ عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن نصر الموصلي : الإمام نجم الدين ابن الشحام الشافعي ولد سنة ٦٥٣ وتفقه ببلاده ثم قدم دمشق سنة ٧٢٤ وولي مشيخة خانقاه القصرين ودرس بالجاروخية والظاهرية البرانية وكان يعرف الفقه على مذهب الشافعي والطب. مات في ربيع الآخر سنة ٧٣٠ ه‍ (٢).

٣ ـ محمد بن أسعد التستري : عرف بالعلم والفهم ثم ضعف بقلة الدين والرفض وترك الصلاة ... وكان فقيها فائقا في الأصلين والمنطق والحكمة وله شرح ابن الحاجب والبيضاوي والطوالع والمطالع والغاية القصوى قدم الديار المصرية سنة ٧٢٧ فأقام بها قليلا ثم رجع فكان يصيف بهمذان ويشتي ببغداد مات سنة ٧٣٠ ه‍ ونيف.

٤ ـ المعافى الموصلي : هو جمال الدين المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن الحسن بن أبي السنان الموصلي. وكان فاضلا ، عارفا بمذهب الشافعي وهو من طبقة الرافعي ، وأجاز للتقي ... وله من المصنفات :

١ ـ الكامل في الفقه. جمع فيه بين الطريقين ، ومشى فيه على ترتيب التتمة.

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ١ ص ٥٢٩.

(٢) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٦٥.

٥٦٦

٢ ـ كتاب انس المنقطعين.

٣ ـ «البيان في التفسير».

مات بالموصل سنة ٧٣٠ ه‍ وقد قارب الثمانين (١). وجاء في كشف الظنون في مادة الكامل في الفروع ما يخالف هذا.

٥ ـ مؤرخ مغولي : في هذه السنة توفي فخر الدين أبو سليمان داود البناكتي. وبناكت مدينة من بلاد ما وراء النهر تقع في الجانب الايمن من نهر سيحون بجوار جدول ايلاق المسمى اليوم انكرن (اهنكران). وهذه البلدة خربها جنگيز وأعاد بناءها تيمور باسم (شاهرخية) ، واشتهر بالانتساب إليها هذا المؤرخ وكان شاعرا مفلقا أيام السلطان غازان ولقبه ب (ملك الشعراء). وفي أيام الجايتو لم ينل مكانة ولكنه استعاد منزلته في أيام أبي سعيد وقدم له تاريخه (روضة اولي الألباب) المذكور في حوادث سنة ٧١٧ ه‍ في المستدركات. وتاريخه لا يزال موجودا. وكان عالما ، فاضلا ، أورد له دولتشاه السمرقندي مقطوعة من شعره وأثنى عليه. وترجمه مؤرخون كثيرون (٢) ...

حوادث سنة ٧٣١ ه‍ (١٣٣٠ م)

وفاة علي بن إسحاق بن لؤلؤ :

علي بن إسحاق بن لؤلؤ الموصلي : هو علاء الدين ابن المجاهد بدر الدين صاحب الموصل ولد سنة ٦٥٧ بالجزيرة وقدم القاهرة فسمع

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٤٧٩ في ترجمة رقم ١٢٨٠.

(٢) تذكرة الشعراء ص ١٤٩ ـ ١٥٠ وتاريخ مفصل ايران ص ٥٢٠ وإسلامده تاريخ ومؤرخلر ص ٣١٤.

٥٦٧

بها وقرر في الاجناد في القاهرة. مات في ربيع الآخر سنة ٧٣١ ه‍ (١).

حوادث سنة ٧٣٢ ه‍ (١٣٣١ م)

وفيات :

١ ـ الدجيلي : سراج الدين أبو عبد الله الحسين بن يوسف بن محمد بن أبي السري الدجيلي ثم البغدادي الفقيه الحنبلي المقرىء الفرضي النحوي الأديب ولد سنة ٦٦٤ ه‍ وسمع الحديث ببغداد من إسماعيل بن الطبال ومفيد الدين الحربي الضرير وابن الدواليبي وغيرهم وبدمشق من المزي والحافظ وغيره وله اجازة من الكمال البزاز وجماعة من القدماء وعني بالعربية واللغة وعلوم الأدب وتفقه على الزريراني وكان في مبدأ أمره يسلك طريق الزهد والتقشف البليغ والعبادة الكثيرة ثم فتحت عليه الدنيا وكان له مع ذلك أوراد ونوافل وصنف كتاب الوجيز في الفقه وعرضه على شيخه الزريراني وصنف كتاب نزهة الناظر وكتاب تنبيه الغافلين وغير ذلك. توفي ليلة السبت سادس ربيع الأول ودفن بالشهيد قرية من أعمال دجيل (٢).

٢ ـ أبو الفداء : السلطان الملك المؤيد إسماعيل ابن الملك الأفضل علي صاحب حماة مؤلف التاريخ المعروف بتاريخ أبي الفداء وله تصانيف أخرى مثل نظم الحاوي وتقويم البلدان ... وقد مر وصف تاريخه وهو عمدة في أخباره إلا أن الأعلام لم تضبط وقد لعبت بها أيدي النساخ اعتمد على تاريخ المنشىء النسوي المعروف بالمنكبرتي في تاريخ المغول وعلاقاتهم بخوارزم شاه وقد طبع هذا المأخذ فكان خير مكمل لتاريخ أبي الفداء ... وترجمته في كتاب

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٢٣.

(٢) الشذرات ج ٦ والدرر الكامنة ج ٢ ص ٤٨.

٥٦٨

أبي الفداء ص ١٠٨ وفي ابن الوردي وغيرهما ...

٣ ـ مدرس المستنصرية : العلّامة شهاب الدين أبو أحمد عبد الرحمن بن محمد بن عسكر المالكي البغدادي مدرس المستنصرية وله مصنفات في الفقه وكان حسن الأخلاق ولد سنة ٦٤٤ ه‍ بباب الازج وبلغ ٨٨ سنة (١). قال في الدرر وتعانى التصوف ... وصنف عمدة السالك والناسك وغير ذلك مات في شوال سنة ٧٣٢ ه‍ وهو والد الفقيه شرف الدين أحمد بن عبد الرحمن الذي درس بعده (٢) وفي منتخب المختار ايضاح اكثر. قال : «عبد الرحمن بن محمد بن عسكر البغدادي المالكي أبو محمد وأحمد الملقب شهاب الدين مدرس المستنصرية. سمع من عماد الدين بن ذي الفقار محمد بن أشرف العلوي ... سمع منه شيخنا أبو العباس أحمد بن محمد الكازروني. وكان صاحب أخلاق حسنة وتواضع على طريق الصوفية يوافقهم في السماع ، محبوبا إلى الطوائف من لطفه ، وترك الناموس في المركوب والملبوس وسافر كثيرا ودخل اليمن. وله مصنفات في المذهب وغيره ، منها جامع الخيرات والأذكار والدعوات ، والمعتمد في الفقه ، وشرحه ، وعمدة الناسك وإرشاد السالك ، والعدل في شرح العمدة ، والإشارة ، والنور المقتبس .. مولده في المحرم سنة ٦٤٤ ه‍ بمحلة البصلية بباب الازج. وتوفي يوم الخميس ١١ من شوال سنة ٧٣٢ ه‍.» ا ه.

٤ ـ تقي الدين إبراهيم الجعبري : هو إبراهيم بن عمر بن إبراهيم ابن خليل بن أبي العباس الجعبري الخليلي. وكان يقال له شيخ الخليل ، ولقبه ببغداد تقي الدين وبغيرها برهان الدين ويقال له أيضا ابن السراج واشتهر بالجعبري واستمر على ذلك. سمع في صباه سنة نيف وأربعين

__________________

(١) أبو الفداء ج ٤ ص ١١٠ والشذرات ج ٦.

(٢) ج ٢ ص ٣٤٤.

٥٦٩

من كمال الدين محمد بن سالم المنبجي ابن البواري قاضي جعبر ... ورحل إلى بغداد بعد الستين فسمع بها من الكمال ابن وضاح والعماد بن أشرف العلوي وعبد الرحمن ابن الزجاج وغيرهم. تلا بالسبع على الوجوهي علي بن عثمان بن عبد القادر صاحب الفخر الموصلي وسكن دمشق مدة ثم ولي مشيخة الخليل إلى أن مات بها وصنف نزهة البررة في القراءات العشرة وشرح الشاطبية وشرح الرائية والتعجيز من نظمه في النثر وله عروض ومناسك إلى غير ذلك من التصانيف المختصرة التي تقارب المائة. مات في رمضان سنة ٧٣٢ وقد جاوز الثمانين (١).

٥ ـ سوتاي التتري : هو النوين الحاكم على ديار بكر ولد في حدود سنة ٦٤٠ أو قبلها وحضر واقعة بغداد وكان أمير آخور عند ابغا ملك التتار معظما عند جميع ملوكهم ثم تولى أمرة ديار بكر بعد وفاة النوين ابك (ايبك) واستمر بها إلى أن مات قرب الموصل سنة ٧٣٢ ويقال إنه بلغ المائة ورأى أربعة بطون من أولاده وأولادهم حتى انافوا على الأربعين وكان قد أضر قبل موته بسنوات. قال ابن حبيب في ترجمته : كان محببا إلى الرعية له حزم وسياسة وعمر طويلا (٢).

وخلفه ابنه طغاي فحاربه علي باشا خال أبي سعيد فلم يزل يقاومه حتى قتل علي ثم قتله إبراهيم شاه أخو علي سنة ٧٤٣ وكان ردءا للمسلمين في مدافعة التتر (٣).

حوادث سنة ٧٣٣ ه‍ (١٣٣٢ م)

وفيات :

١ ـ الشيخ علي الواسطي : هو الإمام القدوة الولي الشيخ علي بن

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ١ ص ٥١.

(٢) الدرر الكامنة ج ٢ ص ١٧٩.

(٣) كذا ج ٢ ص ٧٢١.

٥٧٠

الحسن الواسطي الشافعي كان من أعبد البشر ومات ببدر محرما قاله في العبر. وترجمه في الدرر الكامنة قال : وكان متعبدا متجمعا ، له كرامات وأحوال وكان كبير الشأن منقطع القرين منجمعا عن الناس وله كشف وحال وله محبون يتغالون في تعظيمه وكان على طريقة السلف في العقيدة (١) ...

٢ ـ الدقوقي شيخ المستنصرية : هو تقي الدين أبو الثناء بن علي ابن محمود بن مقبل بن سليمان بن داود الدقوقي ثم البغدادي الحنبلي المحدث الحافظ ولد سنة ٦٦٣ ه‍ وسمع الكثير بإفادة والده من عبد الصمد بن أبي الجيش وعلي بن وضاح وابن الساعي وعبد الله بن بلدجي وعبد الجبار بن عكبر وغيرهم وأجاز له جماعة كثيرة من أهل العراق والشام ثم طلب بنفسه وقرأ ما لا يوصف كثرة وكان يجتمع عنده في قراءة الحديث آلاف وانتهى إليه علم الحديث والوعظ ببغداد ولم يكن بها في وقته أحسن قراءة للحديث منه ولا معرفة بلغاته وضبطه ولي مشيخة المستنصرية وله اليد الطولى في النظم والنثر وإنشاء الخطب وكان لطيفا حلو النادرة مليح الفكاهة ذا حرمة وجلالة وهيبة ومنزلة عند الأكابر وجمع عدة أربعينات في معان مختلفة وله كتاب مطالع الأنوار في الأخبار والآثار الخالية عن السند والتكرار ، وكتاب الكواكب الدرية في المناقب العلوية وتخرج به جماعة في علم الحديث وانتفعوا به وسمع منه خلق وحدث عنه طائفة وتوفي يوم الاثنين بعد العصر في العشرين من المحرم ببغداد رحمه الله تعالى وما خلف درهما (٢).

٣ ـ أثير الدين محمود بن يحيى بن عمر بن أبي الحسن التميمي

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٣٧.

(٢) تاريخ أبي الفداء ج ٤ ص ١١١ والشذرات ج ٦ (وابن الوردي ص ٣٠١ ج ٢) و(الدرر الكامنة ج ٤ ص ٣٣٠).

٥٧١

الموصلي : ثم الدمشقي (ابن المرحل) ولد سنة ٦٦ وسمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وحدث. سمع منه العز ابن جماعة والبدر النابلسي. مات في ١٤ شوال سنة ٧٣٣ ه‍ (١).

حوادث سنة ٧٣٤ ه‍ (١٣٣٣ م)

وقائع بغداد :

ومما جرى ببغداد في هذه السنة أن الزمت النصارى واليهود بالغيار ، ثم نقضت كنائسهم ودياراتهم ، وأسلم منهم ومن أعيانهم خلق كثير ... منهم سديد الدولة وكان ركنا لليهود ، عمر في زمن يهوديته مدفنا له خسر عليه مالا طائلا فخرب مع الكنائس وجعل بعض الكنائس معبدا للمسلمين وشرع في عمارة جامع بدرب دينار وكان بيعة كبيرة جدا ...

وأطلق ببغداد مكس الغزل ، وضمان الخمر ، والفاحشة وأعطيت المواريث لذوي الأرحام دون بيت المال ، وخفف كثير من المكوس (٢) ...

وفيات :

١ ـ وفاة سيف الدين الجيلي : في هذه السنة توفي الشيخ سيف الدين يحيى بن أحمد بن أبي نصر محمد بن عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر الجليي بحماه. وكان شهما سخيا. رحمه الله (أبو الفداء).

٢ ـ أبو الهدى محمد بن مقلد بن النصير التكريتي القرافي : ويعرف بابن الصائغ. سمع من العز الحراني وحدث وكان مقيما في

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٣٤١.

(٢) تاريخ أبي الفداء ج ٤ ص ١١٧.

٥٧٢

القرافة. مات في ذي الحجة سنة ٧٣٤ (١).

٣ ـ سراج الدين ابن الكويك : هو عبد اللطيف بن أحمد بن محمود بن أبي الفتح التكريتي التاجر الاسكندراني الربعي. ولد سنة ٦٥٩ (٦٦٠) وتفقه للشافعي ومهر ورحل إلى الشام فسمع بها وكان من الرؤساء الكبار وبنى مدرسة بالثغر قال صاحب الدرر هو جد شيخنا أبي الطاهر محمد بن محمد بن عبد اللطيف وأنجب هو أبا جعفر وأبا اليمن مات سنة ٧٣٤ ه‍ (٢).

حوادث سنة ٧٣٥ ه‍ (١٣٣٤ م)

وفيات :

١ ـ مدرس البشيرية ابن عكبر البغدادي : هو نصير الدين أحمد بن عبد السلام بن تميم بن أبي نصر بن عبد الباقي بن عكبر البغدادي المعمر الحنبلي سمع الكثير من عبد الصمد بن أبي الجيش وابن وضاح وهذه الطبقة وحدث وسمع منه خلق وتفقه وأعاد بالمدرسة البشيرية للحنابلة وأضر في آخر عمره وانقطع في بيته وكان يذكر أنه من أولاد عكبر الذي تاب هو وأصحابه من قطع الطريق لرؤيته عصفورا ينقل رطبا من نخلة إلى أخرى حائل فصعد فنظر حية عمياء والعصفور يأتيها برزقها فتاب هو وأصحابه ذكره ابن الجوزي في صفوة الصفوة : توفي صاحب الترجمة في جمادى الأولى ببغداد عن خمس وتسعين سنة (٣).

٢ ـ مهنا بن عيسى أمير العرب : هو حسام الدين مهنا. وقد مر الكلام عرضا عن تاريخ وفاته : وقد قال عنه صاحب الدرر الكامنة بما نصه :

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٢٦٢.

(٢) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٤٠٥.

(٣) الدرر الكامنة ج ١ ص ١٧١ وجاء فيه أنه العمر أو العامري لا المعمر.

٥٧٣

«مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة بن عصية بن فضل بن ربيعة التدمري أمير آل فضل من بني طيىء. ولد بعد سنة ٦٥٠ وكانت أولية هذا البيت من أيام اتابك زنكي. وكان مري بن ربيعة أخو فضل أمير عرب الشام أيام طغتكين وكان مهنا يلقب حسام الدين وكان ابن عمه أبو بكر بن علي بن حديثة أميرا على العرب فاتفق أن الظاهر بيبرس قبل السلطنة رمته الليالي في بيوتهم فطلب من ابن علي فرسا فلم يعطه فرآه عيسى بن مهنا فتوسم فيه فضمه إليه وأعطاه فرسا وبالغ في إكرامه. فلما تسلطن انتزع الامرة من أبي بكر وأعطاها لعيسى ثم تأمر ولده مهنا هذا في أيام المنصور قلاوون وكان معظما خليقا بالأمرة ... (ثم ذكر علاقته مع آل مري وكان رئيسهم أحمد بن حجى أمير آل مري وأوضاعه مع حكومة سورية ومصر ... وصار لم يطمئن هو وقومه فقال) : وتجهزوا إلى خربندا وكتب مهنا (هذا) إلى خربندا فقابلهم بالإكرام ، وخلع على سليمان بن مهنا وجهز لمهنا معهم أموالا جمة وخلعا واعطاه البلاد الفراتية وبلغ الناصر فغضب وأعطى الامرة لأخيه فضل فتوجه مهنا إلى خربندا فأكرمه وقرر معه أمر الركب العراقي فأعطاه مهنا عصاه خفارة لهم وجهد الناصر أن يحضر إليه مهنا فصار يسوق به من وقت إلى وقت آخر وفي طول المدة يرسل إخوته وأولاده والناصر ينعم عليهم بالأموال والاقطاعات ... إلى أن كان في سنة ٧٣٣ فتوجه مهنا من قبل نفسه إلى الناصر فأكرمه إكراما زائدا ورده على أمرته إلى أن مات في ذي القعدة سنة ٧٣٥ ه‍. قال الذهبي :

كان مهنا وقورا متواضعا لا يحفل بملبس ، دينا ، حليما ذا مروءة وسؤدد. وله من الأولاد موسى تأمر بعده وسليمان وأحمد وفياض وجبار وقارا وسعنة (كذا) وغيرهم.» ا ه (١).

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٣٧٠.

٥٧٤

٣ ـ البرزالي البغدادي : (مدرس المستنصرية): هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمود بن قاسم ابن البرزالي البغدادي الفقيه الحنبلي الأصولي الأديب النحوي قرأ الفقه على الشيخ تقي الدين الزريراني وكان إماما متقنا بارعا في الفقه والأصلين والعربية والأدب والتفسير وغير ذلك وله نظم حسن وخط مليح درس بالمستنصرية بعد شيخه الزريراني وكان من فضلاء أهل بغداد وكذلك كان والده أبو الفضل إماما مفتيا صالحا توفي أبو عبد الله ببغداد في هذه السنة.

٤ ـ همام (هلال) بن صالح : بن همام بن صالح البغدادي ثم الصالحي أبو الحارث المؤدب سمع من الفخر مشيخته تخريج ابن الظاهري وحدث. سمع منه الذهبي مات في ١٩ ربيع الآخر سنة ٧٣٥ ه‍ (١).

وقائع سنة ٧٣٦ ه‍ (١٣٣٥ م)

وفاة السلطان أبي سعيد

وفاة السلطان : في هذه السنة بتاريخ ١٣ (٢) ربيع الآخر توفي السلطان أبو سعيد فخلفه السلطان ارباخان ... مات بلا عقب ...

ترجمته :

وصفه مؤرخون كثيرون وأطنبوا وقد مر من أعمال في العراق وغيره ما يبين عن حكمة وقدرة ... وقال عنه في تاريخ أبي الفداء :

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٤٠٥.

(٢) تقويم التواريخ لكاتب جلبي.

٥٧٥

«مات القاآن أبو سعيد بن خربنده ... صاحب الشرق ودفن بالمدينة السلطانية وله بضع وثلاثون سنة وكانت دولته عشرين سنة وكان فيه دين وعقل وعدل وكتب خطا منسوبا وأجاد ضرب العود ...» ا ه (١). ومثله في تاريخ ابن الوردي. وجاء في الشذرات أن فيه رأفة وديانة وقلة شر ، وأنه هادن سلطان الإسلام (ملك مصر). وألقى مقاليد الأمور إلى وزيره ابن الرشيد ، وقدم بغداد مرات ، وأحبه الرعية. توفي بالازد (صحيحها بالأردو كما يأتي) ونقل إلى السلطانية فدفن بتربته وله بضع وثلاثون سنة (٢) ...

وجاء في الدرر الكامنة عنه ما نصه :

«أبو سعيد بن خربندا بن ارغون بن ابغا بن هلاوون (هذا يوافق كتابة اسمه في التواريخ الصينية والمغلية كما قال كرنكو عند تعليقه على هذا اللفظ في الدرر) المغلي صاحب العراق والجزيرة وخراسان والروم. قال الصفدي : الناس يقولون أبو سعيد بلفظ الكنية لكن الذي ظهر لي أنه علم ليس في أوله ألف فإني رأيته كذلك في المكاتبات التي ترد منه إلى الناصر هكذا (بو سعيد). وكان أبو سعيد مسلما حسن الإسلام جيد الخط جوادا عارفا بالموسيقى مبغضا في الخمر اراق منها خزانة كبيرة وكان يرغب في الدخول في الإسلام وهو آخر بيت هلاوون انقضوا بهلاكه. وأقام في الملك عشرين سنة. وكان قبل موته بسنة قد أرسل الركب العراقي إلى مكة فسلم الركب فلما كان في السنة المقبلة جهزهم أيضا فنهبهم العرب فسأل عن السبب في ذلك فقيل له إن هؤلاء أقوام يقيمون في البراري ليس لهم رزق إلا ما يتخطفونه فقال نحن نجعل لهم من بيت المال مقدارا يكفيهم ويكفون عن الحاج ورتب ذلك وأمر به

__________________

(١) ج ٤ ص ١٢٢.

(٢) الشذرات ج ٦ ص ١١٣.

٥٧٦

فمات في تلك السنة وكانت وفاته بالأردو في ربيع الآخر سنة ٧٣٧ وتأسف الناصر عليه لما بلغه موته» ا ه وذكره لتاريخ الوفاة غير صحيح فإن المؤلف نفسه ذكر وفاة بغداد خاتون بعد السلطان سنة ٧٣٦ كما سيجيء النقل عنه قريبا. وزاد في حرف السين :

«كان يكتب خطا منسوبا ، ويجيد ضرب العود وأبطل مكوسا كثيرة وقد اختتن وهدم الكنائس ببغداد (١). وأكرم من يسلم من أهل الذمة وهادى الناصر وهادنه وعمرت البلاد وقتل الذي أقيم بعده ، بعد شهور وقتل وزيره محمد بن الرشيد وكان الذي يحمله على عمل الخير. وكان موته بأذربيجان في شهر ربيع الآخر سنة ٧٣٦ ه‍ ونقل إلى تربته بالسلطانية ودفن بها.» ا ه (٢).

وفي عقد الجمان ما نصه : فيها ـ سنة ٧٣٦ ـ السلطان أبو سعيد ملك البلاد الشرقية مات في الباب الجديد وكان متوجها لملتقى ازبك خان لأنه وقع بينهما بسبب الشيخ حسن بن چوبان لأنه كان قد هرب ولحق بأزبك خان وذلك حين وقع بين چوبان وبين أبي سعيد كما ذكرنا ثم نقل أبو سعيد إلى تربته التي انشأ بالقرب من المدينة السلطانية ، وحين توفي كان عمره ٣٠ سنة ، وكان شابا ، حسن الصورة عديم النظير مقربا لذوي العلم والدين ، وكان يكتب خطا منسوبا ، ويعرف علم الموسيقى جيدا ، أحكم أمر دولته وأبطل كثيرا من المكوس ، وعدم عدة من الكنائس وكان يلعب بالعود غاية ما يكون ، وتولى عوضه بالبلاد الشرقية أرباكاوون وهو دهون ذرية جنگيزخان فلم تطل أيامه ...» ا ه.

وتلخص حياته في السلطنة أنه كان في بادىء الأمر مغلوبا على يده بسبب تسلط الأمير چوبان عليه وعلى الأمراء الخارجين عليه وقضائه

__________________

(١) أبو الفداء ج ٤ ص ١١٧.

(٢) الدرر الكامنة ج ٢ ص ١٣٧.

٥٧٧

على المناوئين وقسم المملكة بين أولاده وجعل الأمير چوبان وزيره الملازم له ابنه الخواجة دمشق ... فكان لهذا وقع كبير في نفسه إذ شعر بالوطأة الشديدة فلم يطق الصبر عليها ، ولا بالى بالمخاطر ... ومهما كان السبب الظاهري فالغرض القضاء على سيطرة چوبان وأولاده فكان ما كان مما مر بيانه واستورز الخواجة محمد غياث الدين ابن الوزير الخواجة رشيد الدين فكان لإدارته خير وقع في النفوس فانتظم أمر المملكة واتسعت الأحوال ولم يبق لأحد ما تدخل في الحكم من الرعايا والعسكر والبلاد سوى حكم السلطان والوزير ... فأمن الرعايا أيام وزارته أمنا لم يروا مثله ابدا ، ولا شاهدوا نظيره من كثرة الخيرات ، ورخص الاسعار ، وانتظام أمور المملكة في جميع أيام المغول ... والأوضاع الخارجية مع المصريين خاصة على أحسن ما يرام وقد أوسعنا القول عنها فيما مضى (١) ...

وكان السلطان من نوادر الشعراء. توفي بمرض الصرع ، وعلى ما قص آخرون أنه سمته زوجته بغداد خاتون بمنديل مسموم تمسح به بعد الجماع لأنه تزوج عليها دلشاد خاتون ... وقد ذكره ابن خلدون وابن الوردي وصاحب تاريخ كريده وصاحب كلشن خلفاء وغير هؤلاء من معاصرين وغير معاصرين ... وأخص بالذكر صاحب ذيل جامع التواريخ فإنه أتم به باقي سلاطين المغول وأوسع القول عن السلطان أبي سعيد ووالده واعتمد في الغالب على أبي القاسم عبد الله القاشاني وكان كتبه بأسلوب سهل الأخذ ، وفيه تفصيل إلا أن حظ العراق منه قليل ... والغريب أني لم أجد له للأصل ترجمة تركية بخلاف التواريخ الأخرى فقد رأيت غالبها مترجما.

وقد مر في حوادث ٧٢٧ من التفصيلات عن قضية تزوج السلطان

__________________

(١) كلشن خلفا.

٥٧٨

ببغداد خاتون وأنها سمته فقتلت وهنا نقول جاء في الدرر الكامنة أن بغداد خاتون بنت النوين چوبان زوج أبي سعيد كانت أولا زوج الشيخ حسن وكان أبو سعيد يعشقها وكان أبوها يفهم ذلك فلا يمكنها من دخول الأردو فلما هرب چوبان وقتل أخوها وهرب الآخر إلى مصر اغتصبها أبو سعيد من زوجها وصارت عنده في أعلى مكانة ويقال إنه لم يكن في تلك البلاد أحسن منها وصار لها في جميع الممالك الكلمة النافذة وكانت تركب في مركب حفل من الخواتين وتشد في وسطها السيف فلم تزل على علو منزلتها إلى أن مات أبو سعيد فقتلت بعده وذلك سنة ٧٣٦ ه‍ (١).

ملحوظة :

سيأتي الكلام عن الوزير في عهد ارپاخان الذي ولي السلطنة بعد السلطان أبي سعيد وفي ذلك إيضاح لأيام وزارته جميعها ...

وفيات :

١ ـ توفي المسند الرحلة أبو الحسن علي بن محمد بن ممدود بن جامع البندنيجي البغدادي الصوفي سمع صحيح مسلم من الباذيني البغدادي وجامع الترمذي من العفيف بن الهيتي وأجاز له جماعات وتفرد وأكثروا عنه وتوفي بالسميساطية في المحرم عن ٩٢ سنة (٢).

٢ ـ قطب الدين الأخوين واسمه محمد بن عمر التبريزي الشافعي قاضي بغداد سمع شرح السنة من قاضي تبريز محيي الدين وكان ذا فنون ومروءة وذكاء وكان يرتشي وعاش ٦٨ سنة قاله في العبر. وفي الدرر الكامنة تفصيل عنه (٣).

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ١ ص ٤٨٠.

(٢) الشذرات ج ٦.

(٣) ج ٤ ص ١١٠.

٥٧٩

٣ ـ معتقل بن فضل بن عيسى أمير العرب : ساق في الدرر الكامنة نسبه معتقل بن فضل بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة (١) أمير العرب من آل فضل ولي الامرة شريكا لابن عمه زامل وكان محبوبا إلى الناس حسن السيرة. مات بأرض يرقع من بلاد الشام سنة ٧٣٦ ه‍ وقد قارب السبعين (٢).

٤ ـ أحمد بن محمد بن أحمد السمناني : ويلقب بعلاء الدين (علاء الدولة) وركن الدين ولد في ذي الحجة سنة ٥٩ وتفقه وطلب الحديث وسمع من الرشيد بن أبي القاسم وغيره وشارك في الفضائل وبرع في العلم واتصل بارغون بن ابغا ... صحب ببغداد الشيخ عبد الرحمن وخرج عن ماله وحج مرارا وله مدارج المعارج ... كان يحط على ابن العربي ويكفره (٣) وكان مليح الشكل ، حسن الخلق غزير الفتوة كثير البر ... أخذ عنه صدر الدين بن حمويه وسراج الدين القزويني وإمام الدين علي بن مبارك البكري وذكر أن مؤلفاته تزيد على ثلثمائة وكان أولا قد داخل التتار ثم رجع وسكن تبريز وبغداد : مات في رجب ليلة الجمعة سنة ٧٣٦ ه‍ (٤).

السلطان ارباخان

من ١٣ ربيع الآخر سنة ٧٣٦ إلى غرة شوال سنة ٧٣٦ هـ

سلطنته :

ولي السلطنة بعد وفاة السلطان أبي سعيد وهو ارپاخان ابن آريق

__________________

(١) مر النقل عنه.

(٢) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٣٥٢.

(٣) غالب كتب ابن تيمية ورسالة ناصحة الموحدين وفاضحة الملحدين وكتب كثيرة تحمل عليه حملات قوية. وتندد به من جراء مطالب معروفة.

(٤) الدرر الكامنة ج ١ ص ٢٥١.

٥٨٠