موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

تصفح أعمال العراق :

وفي رجب من هذه السنة سير السلطان غازان إلى بغداد أميرا اسمه توختاي لتصفح أعمال العراق وسير معه سعد الدين أسد بن علي مشرفا على العراق فقدما بغداد وقبضا على شرف الدين بديع وكان مشرفا به فهرب من الموكلين عليه بعد شهر ولحق بنوروز بخراسان.

وأما توختاي وسعد الدين فإنهما جمعا جباية وافرة من السلاح وبرزا بها إلى الكوشك بظاهر باب الحلبة في شوال منها.

ففي بعض تلك الأيام ركب سعد الدولة عامد توختاي يريد داره ببغداد وذلك وقت العتمة في نفر يسير من أصحابه غير مستظهر بسلاح ولا عدة ، فلما جاز باب الظفرية تواثب عليه رجالة ملثمون من رجالة الحلة وضربوه بالسيوف والخناجر فجرحوه في رأسه ويده اليسرى وكادوا يقتلونه فهرب أصحابه عدا غلام توختاي فجعل يضرب قطاة بغلته ويحثها وجعل سعد الدين يدافع عن نفسه بالمقرعة فنجا ولم يكد ، وكانت نجاته من العجب الذي هو فرج بعد شدة ، وكان ذلك بوضع جمال الدين الدستجرداني وكان المدبر لهذه القضية حسن بن مجهر ، وهو من بطانته.

وفيات :

١ ـ توفي أثير الدين البشيري مشرف العراق وهو ابن عم مجد الدين محمد ابن الأثير.

٢ ـ توفي قاضي القضاة جمال الدين عبد الجبار البصري بالبصرة انحدر إليها فمرض ومات ، وولي بعده ولده عماد الدين قضاء القضاة ببغداد.

٤٢١

حوادث سنة ٦٩٦ ه‍ (١٢٩٧ م)

السلطان غازان والعراق :

في المحرم سار السلطان غازان يريد العراق. فلما وصل همذان بلغه أن نوروز قد تغيرت طاعته في نيته وفسدت سريرته وبالتعبير الأصح أن صدر الدين الخالدي المعروف بصدر جهان قد اتهمه ووشاه لدى السلطان وبين أن جمال الدين الدستجرداني صاحب الديوان عين له يخبره بالأحوال. فأمر بقتل الدستجرداني فقتل توسطا ورتب صدر الدين الخالدي عوضه ، وكانت مدة ولايته ديوانية الممالك لم تتجاوز الشهرين (١).

ثم توجه إلى بغداد بجيوش كثيرة وشمل الناس بالعدل والإحسان ولم يتعرض أحد من العسكر لأهل السواد بما جرت به العادة من رعي الزروع ولا غير ذلك. وكانت الرعية تسير بينهم ومعهم الأشياء المجلوبة للبيع فلا يأخذ أحد منهم شيئا إلا ابتياعا باللطف واللين ، ورأى الناس من العدل ما أوجب زيادة دعائهم لدوام دولته ...

فلما دخل بغداد لم ينزل في دار إلا بالأجرة وما أنزع أحد من منزله.

دخوله المدرسة المستنصرية :

ثم دخل المدرسة المستنصرية من الدار المجاورة لها وكان يسكن بها نظام الدين محمود شيخ المشايخ وكان المدرسون والفقهاء قد جلسوا على عادتهم والربعات الشريفة في أيديهم فلما عاينوه قاموا وخدموه. فأمر رشيد الدين يقول لهم أنتم مشغولون بقراءة كتاب الله عز وجل كيف

__________________

(١) تاريخ كزيده ص ٥٩٣ وابن الفوطي.

٤٢٢

جاز لكم تركه والاشتغال بغيره فقال أحد المدرسين : السلطان ظل الله في أرضه وطاعته وتعظيمه والانقياد له واجب في الشرع. فدخل (خزانة الكتب) ولمحها. ثم عاد إلى الدار المذكورة فبات بها هذا ما ذكره الفوطي.

وفي الدرر الكامنة : ولما دخل غازان بغداد ... حضر المستنصرية واجتمع الناس لتلقيه وحضر الشيخ زين الدين العابر وهو علي بن أحمد ابن يوسف بن الخضر الآمدي الحنبلي فأمر غازان من معه أن يدخلوا المدرسة واحدا واحدا كل منهم يوهم الشيخ زين الدين أنه غازان امتحانا له (وكان أضر) فجعل الناس كلما وصل أمير يزهزهون له ويعظمونه ويأتون به إلى زين الدين ليسلم عليه فيرد عليه السلام ولا يتحرك حتى جاء غازان فلما سلم عليه وصافحه نهض له قائما وقبل يده وأعظم ملتقاه وبالغ في الدعاء له بالمغلي ثم بالتركي ثم بالفارسي ثم بالرومي ثم بالعربي ورفع صوته فأعجب غازان به وخلع عليه في الحال وأمر له بمال ورتب له في كل شهر ثلاثمائة وحظي عنده وعند من يليه ولم يزل على حاله حتى مات ببغداد سنة بضع عشرة وسبعمائة. وكان مقرئا ببغداد وغيرها وصنف التبصير في التعبير وتعاليق في الفقه وتعانى تعبير المنامات وكان هو يرى المنامات الصائبة وكان يتاجر في الكتب وأضر فلم يكن يخفى عليه منها شيء وكان لا يفارق الاشغال والاشتغال وللناس عليه قبول ... أخذ عن عبد الصمد بن أبي الجيش المقري ببغداد وعن غيره ويعرف بزين الدين العابر (١).

وقد أورد ابن الطقطقي هذه الوقعة وبين أنها كانت سنة ٦٩٨ ه‍ قال :

لما ورد السلطان إلى بغداد في هذه السنة دخل المستنصرية لمشاهدتها والتفرج فيها وكان قبل وروده إليها قد زينت ، وجلس

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٢١.

٤٢٣

المدرسون على سددهم ، والفقهاء بين أيديهم أجزاء القرآن وهم يقرأون فيها فاتفق أن الركاب السلطاني بدأ بالاجتياز على طائفة الشافعية ومدرسها الشيخ جمال الدين عبد الله ابن العاقولي وهو رئيس الشافعية ببغداد ، فلما نظروا إليه قاموا قياما فقال للمدرس المذكور كيف جاز أن تقوموا وتتركوا كلام الله فأجاب المدرس بجواب لم يقع بموقع الاستصواب في الحضرة السلطانية ...» ا ه (١).

ثم إنه قال يمكن أن يقال في الجواب إننا أمرنا فيه بتعظيم سلاطيننا ولم يختلف عما أورده الفوطي وهذا شأن صاحب الفخري دائما في الاعجاب بنفسه والدعوى والنقل المغلوط والتحامل من طرف خفي فقد غلط في التاريخ ولم يؤد النقل ...

الخراج :

ثم نزل من الغد في شبارة وقصد المحول وأقام بدار الخليفة أياما فتألم الناس من إلزامهم بالخراج ذهبا أحمر .. وكان جمال الدين الدستجرداني قد استوفاه في السنة الماضية كذلك. وقال قد كانوا في زمن الخلفاء يؤدونه ذهبا فأضر ذلك بالناس فأمر السلطان بإجرائهم على عادتهم منذ فتحت بغداد فتوفر عليهم شيء كثير من التفاوت فزادت أدعيتهم.

السلطان في الحلة : (وزيارة المشاهد)

ثم توجه إلى الحلة وقصد مشهد علي عليه السّلام فزار ضريحه الشريف وأمر للعلويين بشيء كثير. ثم قصد مشهد الحسين عليه السّلام وفعل مثل ذلك وعاد إلى أعمال الحلة وقوسان متصيدا وزار قبر سلمان الفارسي (رض)

__________________

(١) الفخري ص ٢٩ وفيه تفصيل.

٤٢٤

وأمر للفقراء المقيمين هناك بمال وتوجه إلى بغداد وأقام إلى أيام الربيع.

خروجه من بغداد وما جرى ـ (قتلة نوروز):

ثم سار إلى بلاد الجبل وقد تأكد عنده ما بلغه من حال نوروز. وقد جاء في الدرر الكامنة : أول ما وقع له القتال كان مع نوروز بن أرغون الذي كان حسن له الإسلام فإن نوروز خرج عليه فحاربه ثم لجأ نوروز إلى قلعة خراسان فأخذ منها وقتل ثم عاد غازان إلى الأكراد الذين اعانوا نوروز فأوقع بهم فقتل في المعركة خمسون ألف نفس وبيعت البقرة السمينة في هذه الوقعة بخمسة دراهم والرأس من الغنم بدرهم والصبي الحسن الصورة المراهق والبالغ باثني عشر درهما ... وذلك أنه لما وصل خانقين أمر بقتل إخوة نوروز وأهله وأصحابه وكل ما يتعلق به من نائب وغيره فقتلوا وكان من جملتهم كمال الدين كوجك وكان ببغداد فأحضر وقتل وأمر بإلزام أهل الذمة (الغيار) فألزموا بذلك في بغداد مدة شهرين ثم أزيل. ثم أمر الأمير قتلغ شاه بالمسير إلى خراسان والقبض على نوروز وقتله فسار وأوقع ببيوته وقتل كثيرا من أهله حتى أدركه بنواحي هراة فاعتصم بها وقاتل أهل البلد عنه أياما فأرسل الأمير قتلغ شاه إليهم يتهددهم ويخوفهم عاقبة الأمر فتخاذلوا عنه فقبض عليه وأخرج راجلا وسلم إلى قتلغ شاه فقتله في ذي الحجة بترتيب من صدر جهان وحيلة منه ... وذلك أنه اختلق كتابا يشعر بمخابرة مع سلطان مصر ... وكل هذا كان لنيل الإمارة ... مما يدل على أخلاق القوم آنئذ ودرجة تفسخهم حبا في الرياسة ونيل الكراسي ... وأنفذ رأسه إلى السلطان فطيف به في تلك البلاد ونفذ إلى بغداد وكان هذا بمنزلة الاعلان في أمثال هذه ترهيبا للناس وتخويفا لهم. وكانت الوشايات على أمراء المغول ورجالهم تترى إلى أن قضوا على أكثرهم وعدمت المملكة حسن الإدارة (١) ...

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٢١٣ وتاريخ كزيده ص ٥٩٣ وابن الفوطي.

٤٢٥

حوادث بغداد

قتل علي بن علاء الدين الجويني :

ثم أمر بقتل مظفر الدين علي بن علاء الجويني صاحب الديوان فنفذ إلى بغداد من قبض عليه واعتقله أياما ثم قتل ودفن في دار المسناة التي بأعلى بغداد وعملت الدار رباطا. ثم نقل منها ودفن عند والدته في الرباط المجاور للعصمتية.

قتل عز الدين محمد بن شمام :

وقبض على عز الدين محمد بن شمام نائب جمال الدين الدستجرداني ببغداد وطولب بأموال صارت إليه من الديوان ثم قتل.

ضمان العراق :

وفي هذه السنة عقد (ضمان العراق) على الشيخ جمال الدين إبراهيم ابن السواملي. والملك إمام الدين يحيى البكري القزويني.

قضاء القضاء :

رتب قاضي القضاة ببغداد زين الدين محمد الخالدي على القاعدة التي تقدم ذكرها في سنة ٦٩٣ فوصل إلى بغداد وجرى بينه وبين قاضي القضاة عماد الدين البصري من المنافسة على المنصب والحكم أشياء لا يليق ذكرها. فاستظهر زين الدين عليه بمساعدة أخيه صدر الدين (صدر جهان) صاحب ديوان الممالك.

وطولب عماد الدين بحقوق ديوانية كان قد سومح بها أبوه في البصرة وغيرها وسلم إلى من يستوفي ذلك منه فأدى بعضه ببغداد ثم أحدر إلى البصرة لاستيفاء الباقي فهرب واعتصم بالبطائح. فلما قتل صدر الدين (صدر جهان) سنة ٩٧ ظهر من البطيحة وتوجه إلى الاردو فأعيد إلى القضاء على ما نذكره.

٤٢٦

أبو محمد عفيف الدين الحنبلي :

عبد السلام بن محمد بن مزروع بن أحمد بن عزّان المقري البصري المدني ، أبو محمد بن أبي عبد الله المحدث عفيف الدين الحنبلي نزيل المدينة. سمع من أبي الحسن المبارك بن محمد بن مزيد بن هلال الخواص بالمستنصرية ، ومن أبي العباس أحمد بن عمر بن عبد الكريم الباذبيني ، ومن أبي الحسن علي بن عبد اللطيف ابن يحيى ...

ومن فضل الله بن عبد الرزاق الجيلي ، ومن المؤتمن يحيى بن أبي السعود ابن قميره ، وحدث. كان إماما فاضلا ، فقيها ، زاهدا ، عابدا ، عارفا بفنون العلم والأدب ، توفي في ٢٣ صفر سنة ٦٩٦ ه‍.

حوادث سنة ٦٩٧ ه‍ (١٢٩٧ م)

ذيول (الجاو) ـ (حوادث العراق):

في هذه السنة أمر السلطان غازان بقتل صدر الدين (صدر جهان) أحمد بن عبد الرزاق الخالدي (صاحب ديوان الممالك) لما ظهر من سوء حركاته وكان غير محمود السيرة ظالما أظهر (الچاو) وقسر الناس على المعاملة به فأضر بهم وبطلت معايشهم وتعطلت أمورهم إلى أن لطف الله تعالى وألهم السلطان إبطاله ثم ضاعف الخراج كما فعل جمال الدين الدستجرداني وألزم الناس بالقيجور (١) وزاد في قرارات التمغات وبالغ في المصادرات والتثقيلات فلما قتل أمر بقتل أخيه قطب

__________________

(١) ورد في الفوطي بالياء قيجور وفي لغة جغتاي «قغجور» ويعني الضريبة والباج أو الخراج أو المقرر السنوي وجاء في كاترمير وغيره من الغربيين أن اللفظة مغولية وأصلها مرعى المواشي ، والضريبة التي تؤخذ عليها إما عينا على رؤوس الدواب أو بدلا بدراهم وهي المعروفة عندنا ب «شاة مرتع» وضبطها الغربيون «قبجور» بضم القاف وبالباء الموحدة ، والذي ضبطه الفوطي أقرب للمغولية ... «كاترمير ج ١ ص ٢٥٦».

٤٢٧

الدين (قطب جهان) فقتل وطلب أخوه زين الدين الذي كان (قاضي القضاة) ببغداد فهرب ولحق بصاحب جيلان فسأل من السلطان العفو عنه فأجاب سؤاله فسأل أن يعاد إلى (القضاء بالعراق) فأخذ وحبس بتبريز فهرب من الحبس فأدرك وأعيد إليه ثم قتل. كذا في ابن الفوطي. وجاء في تاريخ كزيده أن السلطان غازان اطلع على تزويرات صدر الدين (صدر جهان) فحاذر منه وقتله في ٢١ رجب سنة ٦٩٧ وفوض الوزارة للخواجة رشيد الدين ولمحمد ساوجي الملقب (وزيرنكو) ابن الخواجه سعد الدين (١).

شحنة بغداد :

وفيها عزل الأمير (ناولدار) شحنة بغداد وسبب ذلك أن نائبه رستم أساء السيرة وتعدى الحد في الشنقصة وأنواع التأويلات على الناس واعتمل ما أوجب قتله وعزل ناولدار ورتب عوضه (الأمير اذينا) فمهد العراق بحسن سيرته وعظم سطوته وشدة وزعته لا تأخذه في المفسدين لومة لائم فالناس في أيامه آمنون على نفوسهم وأموالهم في البلاد والنواحي والطرق ...

وفيات :

١ ـ في يوم عرفة حضر الشيخ الصالح شمس الدين محمد بن الزياتين في الجامع وصلى العصر وقد اجتمع الناس للتعريف فمات فجأة فحمله أصحابه إلى زاويته. وكان على قاعدة جميلة من الزهد والانقطاع والانعكاف على عبادة الله تعالى.

٢ ـ مؤرخ عراقي (الكازروني): توفي الشيخ ظهير الدين علي بن محمد الكازروني ببغداد. وكان عالما فاضلا خدم الديوان في الاشغال

__________________

(١) تاريخ كزيده ص ٥٩٣.

٤٢٨

الجليلة. وجمع تاريخا. وعمل كتابا في الاختيارات سلك فيه طريقة ابن حراز في الاختيارات التي عملها لشرف الدين اقبال الشرابي وكتب خطا جيدا وتجاوز في العمر ٨٠ سنة وكثيرا ما ينقل عنه صاحب التاريخ المنسوب للفوطي. وكذا الذهبي في مواطن كثيرة ... وأكثر المتأخرين عالة عليه ... ومن المؤسف أن لم نقف له على أثر ، ولا عثرنا على ترجمة ضافية له في الكتب المتداولة والمعروفة ... وفي طبقات السبكي قال عنه :

«مولده سنة ٦١١ ه‍ وسمع الحديث من الأمير أبي محمد الحسن بن علي بن المرتضى وأبي عبد الله بن سعد الواسطي وغيرهما ، وكان حيسوبا ، فرضيا ، مؤرخا شاعرا ، وله كتاب النبراس المضيء في الفقه ، وكتاب المنظومة الأسدية في اللغة ، وكتاب روضة الأديب في التاريخ ، وله شعر حسن. توفي في حدود السبعمائة.» ا ه (١) ، وأمثال هذا المؤرخ ممن له أصبع في الادارة ، أو علاقة بالحكومة ... يستفاد منه صحة النقل فيما يتعلق بالحكومة من جهة ، والبصيرة بسير الشؤون والإدارة من أخرى ...

وقال في الدرر الكامنة عنه هو ظهير الدين البغدادي الشافعي ولد سنة ٦١١ وسمع من الحسن ابن السيد والدبيثي وغيرهما وتمهر في الفنون وصنف التصانيف منها روضة الأديب في سبعة عشر سفرا في التاريخ والنبراس المضيء في الفقه و(كنز الحساب) في الحساب مجلدا ، والسيرة النبوية ، والملاحة في الفلاحة (٢).

٣ ـ شيخ المستنصرية : توفي الكمال القويرة مسند العراق أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن محمد البغدادي الحنبلي المقري

__________________

(١) الطبقات ج ٦ ص ٢٤٢.

(٢) الدرر الكامنة ج ٣ ص ١١٩.

٤٢٩

البزار المكثر شيخ المستنصرية. قرأ القراءات على الفخر الموصلي وسمع من أحمد بن صرما وجماعة وأجاز له ابن طبرزد وعبد الوهاب بن سكينة وانتهي إليه علو الاسناد في القراءات والحديث وتوفي في ذي الحجة وله ثمان وتسعون سنة ووقع في الهرم رحمه الله تعالى (١).

٤ ـ الشيخ مجد الدين محمد بن أحمد بن عمر وهو أبو عبد الله ابن الظهير الإربلي الحنفي الأديب ولد بإربل في ٢ صفر لسنة ٦٠٢ ه‍ وسمع ببغداد في الكهولة من أبي بكر بن الخازن والكاشغري وغيرهما ... وكان من كبار الحنفية ، وهو من أعيان شيوخ الأدب وفحول المتأخرين في الشعر. وله ديوان شعر في مجلدين. وكانت وفاته سنة ٦٩٧ ه‍ (٢).

حوادث سنة ٦٩٨ ه‍ (١٢٩٨ م)

مسير السلطان غازان إلى العراق :

في هذه السنة سار السلطان غازان إلى العراق وجعل طريقه على

__________________

(١) الشذرات حوادث هذه السنة. وعن الملحق : وجدنا في هذه الترجمة تصحيفات. فآثرنا نقلها من منتخب المختار ، وهذا نص ما جاء هناك :

«عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد الله البغدادي الحنبلي أبو الفرج المقري البزار المنعوت بالكمال المكبر بجامع القصر هو ووالده والداعي بالجامع المذكور المعروف بابن ورّيدة والمعروف بابن الفورهية. سمع من أبي العباس أحمد بن يوسف بن صرما ... وأجاز له أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد وأبو محمد عبد العزيز بن سكينة ، وأبو العباس أحمد بن أبي بكر أحمد أبي السعادات البندنيجي. وسليمان وعلي ابنا محمد بن الموصلي ... وسمع منه عبد الله محمد ابن عبد الرحمن بن سلامة ، وأبو العباس أحمد بن محمد الكازروني وغيرهما ، وقرأ القراءات ... على فخر الدين محمد بن أبي الفرج بن معالي بن بركة الموصلي .. مولده ببغداد في حدود سنة ٩٩ ، أو ٥٩٨ ه‍ وتوفي ببغداد يوم الأربعاء ٢٥ من ذي القعدة أو ذي الحجة سنة ٦٩٧ ه‍» ا ه.

(٢) فوات الوفيات ج ٢ ص ٢١٩.

٤٣٠

(جوخى) وسير بعض العسكر إلى بطائح واسط فحصروا الأعراب وأكثروا القتل فيهم والنهب والسبي وغنموا أموالهم وعين جماعة لملازمة أعمال واسط ومنع من تخلف من العرب عن الفساد.

ثم توجه إلى الحلة وقصد زيارة المشاهد الشريفة وأمر للعلويين والمقيمين بها بمال كثير. ثم أمر بحفر نهر بأعلى الحلة فحفر وسمي (النهر الغازاني) تولى ذلك شمس الدين صواب الخادم السكورجي وغرس الدولة ...

غازان مجيئه إلى بغداد ـ ضرب النقود :

ثم سار إلى بغداد وأمر بالإحسان إلى الرعية وزاد في العدل والرأفة بهم وأمر أن يصفى الذهب والفضة من الغش ويبالغ في ذلك وتضرب الدراهم متساوية الوزن ليتعامل بها الناس عددا يكون وزن الدرهم نصف مثقال وعملت دراهم وزن الدرهم ثلاثة مثاقيل ومثقال يخرج بنسبة ذلك ويكون كل مثقال من الذهب بأربعة وعشرين درهما.

وضرب من الذهب أشياء مختلفة الوزن خمسة مثاقيل وثلاثة مثاقيل ومثقالان ومثقال ونصف مثقال وربع مثقال وأمر أن يعمل ذلك في جميع الممالك فعمل وانتفع الناس به ...

ومما ضرب في بغداد والبصرة موجود في المتاحف وبعضها قبل هذا التاريخ أي سنة ٦٩٦ و ٦٩٧ ه‍ وما يلي من السنين وعلى النقود المذكورة كلمة الشهادة واسم السلطان محمود غازان ومحل الضرب (١) ...

ملحوظة :

التبس على صاحب الفخري الأمر فظن أن دخول السلطان المستنصرية في هذه السنة مع أنها كانت سنة ٦٩٦ ه‍. فخلط في السنين

__________________

(١) مسكوكات إسلامية تقويمي ص ٨٧ و ٨٨ ومسكوكات قديمة إسلامية قتالوغي ص ٤٣ وما بعدها.

٤٣١

وشوش في النقل وأبدى رأيه بالرجوع إلى صحة ما شوشه ...

عودته :

ثم عاد في زمن الربيع إلى بلاد الجبل ...

ولاية العراق ـ تبدلات إدارية

١ ـ ضمان العراق :

في هذه السنة عقد (ضمان العراق) على الملك إمام الدين يحيى القزويني البكري واستقل بالحكم فيه وكفت يد الشيخ جمال الدين إبراهيم السواملي.

٢ ـ قضاء القضاة :

وفيها أعيد جمال الدين البصري إلى قضاء القضاة ببغداد. وقد تقدم ذكر ما جرى له واعتصامه ببطائح واسط فلما قتل صاحب الديوان صدر الدين (صدر جهان) ظهر وقصد الأردو وعرض حاله على الوزراء فأعادوه على القضاء فوصل بغداد في صفر.

وفيات :

١ ـ توفي في بغداد جمال الدين ياقوت المستعصمي الكاتب كان أديبا عالما فاضلا شاعرا بلغ من الخط غاية كما بلغها (ابن البواب) (١) كان قد اشتراه الخليفة المستعصم صغيرا وربي بدار الخلافة واعتنى بتعليمه الخط صفي الدين (٢) عبد المؤمن ثم كتب على الشيخ (ابن حبيب) وكتب عليه ابناء الأكابر ببغداد. وحظي عند (علاء الدين الجويني) صاحب الديوان وكتب عليه أولاده وابن أخيه شرف الدين هارون.

__________________

(١) مر ذكر ابن البواب في تعليقة سابقة.

(٢) ترجمة صفي الدين عبد المؤمن في وفيات سنة ٦٩٣ ه‍.

٤٣٢

وقال عنه صاحب الشذرات : «الكاتب الأديب ، البغدادي ، آخر من انتهت إليه رياسة الخط المنسوب ، كان يكتب على طريقة ابن البواب ...» ا ه (١) وقد عثرت على قرآن بخطه فحصلت على نماذج مصورة منه وألواح خطية ولم يعدم خطه ... وإليه ينتهي خطاطون مشاهير في اجاراتهم ممن جاء بعده وغالب الخطاطين من الترك العثمانيين يصلون إليه في اجازاتهم خصوصا ابن الشيخ ومن أخذ عنه ...

وله الأشعار المستحسنة الرائقة التي جمعت من الأوصاف ما تفرق في جميع الأشعار وذلك قوله :

بدا بوجه مخجل

شمس النهار المشرقة

في أذنه لؤلؤة

كأنها والحلقة

قد أخذا من وردة

بالياسمين ملحقة

وله تهنئة بعيد :

همك إسعاف وإسعاد

فدمت تزدان وتزداد

ما العيد في عصرك مستظرفا

جميع أيامك أعياد

وله :

اتعتقدون أن الملك يبقى

وأن العيش في الدنيا يدوم

__________________

(١) ج ٥ ص ٤٤٣.

٤٣٣

ولا يجري الزوال لكم ببال

كأن الموت ليس له هجوم

فهبكم نلتم ما نال كسرى

وقيصر والتبابعة القروم

ومتعتم بذلك عمر نوح

وحفتكم بأسعدها النجوم

أليس مصير ذلك إلى زوال

لعمر أبي لقد هفت الحلوم

وله :

أراك فأغضي الطرف عنك مخافة

عليك وعندي منك داء مخامر

يزيد على مر الجديدين جدة

وليس ببال يوم تبلى السرائر

وقد أورد له صاحب الشذرات بعض الأبيات غير ما ذكر.

وترجمه في المنتخب من المختار بما نصه :

«ياقوت بن عبد الله الرومي المستعصمي أبو الدر الملقب كمال الدين الكاتب كان بارعا في علم وأدب وملح الشعر والخط كتب عليه خلق من أولاد الأكابر ..

ومن شعره :

صدقتم فيّ الوشاة وقد مضى

في حبكم عمري وفي تكذيبها

وزعمتم أني مللت حديثكم

من ذا يملّ من الحياة وطيبها

٤٣٤

ومن شعره :

وعدت أن تزور ليلا فألوت

وأتت في النهار تسحب ذيلا

قلت هلا صدقت في الوعد قالت

كيف صدقت أن ترى الشمس ليلا» ا ه.

وفي غيره :

رعى الله أياما تقضت بقربكم

قصارا وحياها الحيا وسقاها

فما قلت إيه بعدها لمسامر

من الناس إلا قال قلبي آها

٢ ـ توفي صدر الدين أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الأنجب ابن الكسار الواسطي الأصل البغدادي المحدث الحافظ الحنبلي ولد سنة ٦٢٦ ه‍ وسمع ببغداد من ابن قميرة وغيره وبواسط من الشريف الداعي الرشيدي وعني بالحديث وكانت له معرفة حسنة به (١) ...

حوادث سنة ٦٩٩ ه‍ (١٢٩٩ م)

السلطان غازان والشام :

في هذه السنة سار السلطان غازان إلى بلاد الشام حيث بلغه ما فعلوا بأهل ماردين في السنة الماضية من النهر وكان قنجاق أحد أمراء الشام ، اتصل بالسلطان فحسن له ذلك وعرفه ضعفهم عن لقائه فلما قرب من حلب راسل واليها ودعاه إلى طاعته فأجاب وسأل أن يمهل إلى أن يملك الشام فتركه وسار إلى حمص. فلما قاربها لقيته الجيوش المصرية

__________________

(١) الشذرات ج ٥ ص ٤٤١.

٤٣٥

فاقتتلوا ساعة فلم يلبث المصريون أن انهزموا راجعين فغنم عسكر السلطان سوادهم وسار السلطان إلى دمشق فنزل بظاهرها وتصدق بحقن دماء أهلها وأمنهم على أموالهم فلم يعرض أحد من العسكر للرعية بنهب ولا غيره واحتوى على ما في القلعة من الأموال والذخائر ...

ورتب في دمشق (الأمير قنجاق) المذكور وجعل عنده الأمير مولاي في عشرين ألفا من الفرسان وعاد السلطان إلى الموصل يريد مقر ملكه. فلما عرف قنجاق أنه بعد عن الشام أرسل إلى مولاي يقول له : إني أكلت من نعمة القاآن وشملني إحسانه وإنعامه ورحمته ولا يجوز لي الغدر بأصحابه. وقد وصلت عساكر سلطان مصر وأعرف أن لا طاقة لك بهم. والرأي أن ترحل إلى العراق فرحل ولم يلبث فخلت البلاد لقنجاق فكاتب الأمراء بمصر يعرفهم ذلك فسيروا إليه جيشا خوفا من عود مولاي أو غيره.

فلما بلغ السلطان غازان ما اعتمده قنجاق تجهز للمسير إلى الشام في سنة ٧٠٠ ه‍.

وفيات :

١ ـ توفي عز الدين دولة شاه الصاحبي العلائي بلرستان وكان مستترا هناك بسبب بقايا تخلفت عليه من ضمان الحلة. فلما توفي حمل إلى تربة أخيه الملك ناصر الدين قتلغ شاه بمشهد سلمان الفارسي (رض).

٢ ـ شرف الدين أبو أحمد داود بن عبد الله بن كوشيار الحنبلي ، الفقيه المناظر ، كان بغداديا ، فقيها ، مناظرا بارعا ، عارفا بالفقه ، صنف في أصول الفقه كتابا سماه (الحاوي) ، وفي أصول الدين كتابا سماه (تحرير الدلائل) (١).

__________________

(١) الشذرات ج ٥ ص ٤٤٧.

٤٣٦

حوادث سنة ٧٠٠ ه‍ (١٣٠٠ م)

حرب السلطان مع أهل الشام :

في المحرم سار السلطان غازان إلى بلاد الشام في جيوش تملأ الفضاء لا تحصى كثرة فرقهم في طرق شتى وسار هو إلى الموصل وعبر الفرات. فلقيت مقدمته طائفة من عسكر الشام فقاتلوهم فانهزم الشاميون وغنم المغول سوادهم وقتلوا منهم خلقا كثيرا وأسروا ...

فاتفق تواتر الغيوث وشدة البرد ودام ذلك حتى امتنعوا من الحركة وتلفت خيولهم وقلت الميرة عليهم فجعل السلطان على الجيش الأمير قتلغ شاه وتوجه إلى سنجار فأقام قتلغ شاه إلى رجب فلم يخرج إليه أحد من عسكر الشام ومصر فانتهى ذلك إلى السلطان فأذن له في العودة ورحل السلطان من سنجار عائدا إلى بلاده.

التاريخ المبارك الغازاني :

في هذه السنة أمر السلطان غازان الخواجة رشيد الدين بكتابة التاريخ المسمى أخيرا ب (التاريخ المبارك الغازاني) والذي صار مؤخرا المجلد الأول من جامع التواريخ (١). وكان قد استعان المؤلف الخواجة رشيد الدين بالعالم الصيني المدعو «بولاد ـ چينگسنك» وبعالمين آخرين متبحرين في الطب والفلك والتاريخ وهما (ليتاجي) ، و(يكسون) من علماء الخطا فاستفاد منهما كثيرا للوقوف على المنابع الصينية وكانا في عاصمة الايلخانيين ... وكانت قد تمكنت العلاقة بين ايران والصين منذ حلول هلاكو هذه الديار كما مر في التعليق على ترجمة النصير الطوسي (٢) ...

__________________

(١) مر وصفه في المراجع بعنوان نسخة استانبول ص ١٦ ج ١.

(٢) اسلامده تاريخ ومؤرخلر.

٤٣٧

ولاية بغداد

وفاة والي بغداد :

توفي الملك امام الدين يحيى البكري القزويني صاحب ديوان بغداد في الحلة وحمل إلى بغداد ودفن في تربة عملها في مدرسة بدرب فراشا وأقيم ابنه افتخار الدين في العراق مقامه.

تاريخ الفوطي :

وقفت حوادث التاريخ المنسوب للفوطي هنا. وعليه اعتمدنا في الغالب عن هذا العصر مع مراعاة النصوص الأخرى للمؤرخين الآخرين مما مر النقل عنه بقدر الحاجة وما سمحت به الوقائع وفي الغالب لا حظنا نص عبارته نظرا لعلاقته الخاصة بقطرنا ...

وفيات :

١ ـ توفي مفيد الدين أبو محمد عبد الرحمن بن سلمان الحربي الضرير ، الفقيه الحنبلي ، معيد الحنابلة بالمستنصرية ، سمع من الشيخ مجد الدين ابن تيمية وغيره وكان من أكابر الشيوخ وأعيانها عالما بالفقه ، والعربية ، والحديث ، قرأ عليه الفقه جماعة ، وسمع منه الدقوقي وغيره (١).

__________________

(١) الشذرات ج ٥ ص ٤٥٧. ترجمه المؤلف ثانية في حوادث سنة ٧٠١ فقال : عبد الرحمن بن سلمان بن عبد العزيز الحراني البغدادي. مفيد الدين الضرير ، أبو محمد سمع من المجد ابن تيمية وفضل بن الجيلي وغيرهما وتفقه وتقدم إلى ان صار عين الحنابلة ببغداد في زمانه ومهر في الفقه والعربية والحديث. قرأ عليه ابن الدقوقي وجماعة. مات في أول القرن (الدرر الكامنة ج ١ ص ٣٢٩) وقد عقب المؤلف على هذه الترجمة : هذه الترجمة جاءت مكررة في صحيفة ٤٠٦ ومكانها هناك فيجب ان توحد مع تلك وكان ذكرها بسبب اختلاف تاريخ الوفاة الناجم من تعدد النصوص ، فاخترنا أن تكون هنا نظرا للقطع في تاريخ وفاته في منتخب المختار.

٤٣٨

٢ ـ شمس الدين الفرضي : محمود بن أبي بكر بن أبي العلاء بن علي بن أبي العلاء البخاري الكلاباذي أبو العلاء الحنفي الصوفي الملقب شمس الدين المحدث المعروف بالفرضي. تفقه ببخارا وسمع بها الحديث في سنة بضع وسبعين ... ثم قدم العراق في سنة بضع وسبعين فسمع بها من أبي الفضل محمد بن محمد بن الدباب ، ومحمد ابن يعقوب ابن أبي الدنية ومحمد بن عمر بن المريخ ، وأبي الفضل عبد الله بن محمود بن يلدجي وغيرهم ، وبالموصل من الشيخ موفق الدين احمد بن يوسف بن الحسن الكواشي المفسر ثم صار إلى ماردين فدخل مصر .. وكتب بخطه الحسن كثيرا ... وكان إماما ، فقيها ، وأديبا ورعا ، متبحرا ، كثير المعارف ، حسن المعاشرة ، كثير الإفادة وبلغ في الفرائض الغاية ... وله ضوء السراج (شرح السراجية في الفرائض).

توفي في أوائل شهر ربيع الأول سنة ٧٠٠ ه‍ عن ٥٦ سنة.

حوادث سنة ٧٠١ ه‍ (١٣٠١ م)

التاريخ الايلخاني :

في هذه السنة وضع التاريخ الايلخاني وصار يعمل في الممالك التي تحت حكم السلطان غازان محمود ... وهو مؤسس هذا التاريخ وكان قد وضعه في ١٢ رجب لسنة ٧٠١ ه‍. وبه طبق التاريخ الهجري القمري على الشمسي وحاول أن يجمع بينهما إلا أنه لم يدم العمل به طويلا وإنما أهمل بعد أمد قليل ... وكان قبل هذا قد حاول العباسيون اعتبار السنة الشمسية أيام الخليفة المطيع لله ... وقد اطنب وصاف في ذكر تطور هذه القضية (١) ...

__________________

(١) تقويم التواريخ وتاريخ كزيده ص ٥٩٦ وتاريخ وصاف ج ٤ ص ٤٠٤.

٤٣٩

توحيد الموازين والمكاييل :

في هذه السنة صدر الأمر إلى كافة الممالك المغولية بلزوم توحيد الموازين والمكاييل وذلك لما دعته الحالة من التذبذب والاختلاف وما جرت إليه من الاضرار بالأهلين والتعديات عليهم ... وقد اتخذ ما يجب مراعاته لتنفيذ الأمر المذكور (١) ...

تاريخ الفخري ـ والي الموصل :

في هذه السنة كتب صفي الدين محمد بن علي ابن طباطبا المعروف بابن الطقطقي تاريخه المسمى ب (تاريخ الفخري) وجاء في آخره : «فرغ من تأليفه واستنساخه مؤلفه في مدة أولها جمادى الآخرة من سنة ٧٠١ وآخرها خامس شوال من السنة المذكورة بالموصل الحدباء ...» ا ه (٢).

أتم حوادثه باحتلال بغداد على يد هلاكو حتى وفاة الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي إلا أنه خلال سطوره تعرض للوقائع بعد هذا التاريخ بكثير تكلم فيه عن حكومة الخلفاء والأمويين والعباسيين إلى آخر أيامهم ... وفي أثنائها ، وفي مقدمته قارن بين الوقائع ، وفضل حكومة المغول على سائر الحكومات غير حكومة الخلفاء الراشدين خشية القيام عليه ، وكان قد كتبه بشكل ليقدمه لملك المغول ، أو لوزيره ثم عدل عن ذلك فحور في شكله ، وأبرزه بوضعه الحاضر ... والدعوى بأنه ألفه في هذه المدة الوجيزة ظاهرة البطلان ... وقال في مطاوي مقدمته :

«التزمت فيه أمرين (٣) : أن لا أميل فيه إلا مع الحق ، وأن لا انطق

__________________

(١) تاريخ وصاف ج ٣ ص ٣٨٨.

(٢) تاريخ الفخري ص ٣٠٣.

(٣) تاريخ الفخري ص ٣٠٣.

٤٤٠