موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

اسمه في العنوان ، وطلب أن يضم إليه وصف الاقاليم وأهليها ، وطبقات الأصناف ، وأن يجعله جامعا لتفاصيل ما في كتب التاريخ ... كتبه بالفارسية وبالعربية ...

وصف نسخة استانبول المخطوطة

ومن حسن الحظ أن رأيت في سفري إلى استانبول في صيف سنة ١٩٣٤ م نسخة من التاريخ باللغة العربية ، وفي نظري أنها أعز شيء عثرت عليه ، كتب عليها (تاريخ جنگيز) وهي الجلد الأول من جامع التواريخ أوله : الحمد الوافر والثناء المتكاثر لله الذي ابدع الأكوان بقوله كن فيكون الخ. كتبت هذه النسخة سنة ٧٨٥ ه‍ في غرة المحرم ، وتنتهي حوادثها بالجايتو وهي في مجلد ضخم ولم يذكر في صلب المتن اسم الكتاب إلا أنه قيل على الغلاف (تاريخ جنگيزخان) ، وأماكن الفراغ التي بقيت بياضا أعدت لاجل التصاوير ، ولكتابة العناوين بحبر أحمر ، وذلك لأن المؤلف ذكر في نسخته الاصلية تصاوير الأسرة المالكة ، وبعض مجالس سلاطينها وأولاد السلاطين والأمراء إلا أن الناقل لم يمض إلى ذلك وإنما أبقاه فراغا أو تركه على حاله وقبل أن يتمه اخترمته المنية ...

والكتاب من الآثار المهمة لعهد المغول ، وكان الواجب أن يهتم به فيطبع ويذاع لمعرفة حروب جنگيز وحياته وآثاره وأنسابه وأولاده وأحفاده وغيرهم مما يتعلق بهم من امراء ... وفي الكثير من هذه الأمور لا يراعي المؤلف سياسة وإنما يقص حكاياتهم كما سمعها ...

وفي مقدمته ذكر أن جنگيزخان كان قد فتح العالم وسخره بكياسته ووفور عقله ، وقضى على الجبابرة والمردة المفسدين الذين كل واحد منهم كان فرعونا في الطبيعة ضحاكا في السيرة ... فكسرهم وجعل العالم على وجه واحد ، ونظف بيضة المملكة من تصرف المتغلبين

٢١

الجائرين وظلم المعتدين المتجبرين ، وأورثها أولاده وأحفاده فكان السعد حليفهم ، والتوفيق قرينهم ... حتى جاءت النوبة إلى السلطان السعيد محمود غازان ، وهذا كان نصير الإسلامية ، ومدمّر الأصنام والداعي إلى الله تعالى ، فهو إبراهيم المسلمين الثاني ... وكان في الأعصر الماضية علماء وحكماء يؤرخون معظمات الوقائع خيرها وشرها في كل زمان حتى يعتبر بها أولادهم وعقبهم ويعالجوا أحوال الأدوار في القرون الماضية ، ويذكروا السلاطين ، ويبقى ذكرهم مخلدا على صفحات الأيام والليالي في بطون الأوراق ... (وذكر العتبي بين هؤلاء وبيّن) أن المؤرخين أكبر الداعين ، وأجود الناصحين لدول السلاطين ... وقال :

وحيث إن الأقوام الموسومين باسم الترك مقامهم وسكنهم في البلاد البعيدة التي طولها وعرضها من ابتداء طرف ماء جيحون وسيحون إلى انتهاء حدود بلاد الشرق وانتهاء صحراء قبجاق إلى غاية نواحي جورجية والختاي ، يسكنون الجبال والوهاد والآجام ، ولم يعتادوا السكنى في القرى والبلاد ... ولم يكن في تواريخ المتقدمين من أحوالهم ذكر مستوفى ... قد ورد في بعض الكتب شيء يسير من ذكرهم ولم يجدوا من أرباب الحقيقة أحدا يتحققوا أحوال أخبارهم ويتفحصوا من آثارهم وحكاياتهم كما ينبغي مشروحا مبسوطا ، مع أن الاتراك والمغول وشعبهم يتشابهون ولغتهم في الأصل واحدة ، وأن المغول صنف من الأتراك ، وبينهم تفاوت كثير واختلاف كما سنشرحه في مواضعه ... وهذا الاختلاف إنما وقع بسبب أن تواريخهم المحققة لم تقع في هذه الديار. ولما انتهت نوبة الخانية إلى سلطان العالم (لم يذكر اسمه وإنما هناك بياض يريد أن يكتبه بمداد أحمر وهو جنگيزخان) وأولاده العظام وأخلافه فانقاد لهم أهل الممالك ...

وقد أورد بعض علماء العصر وأكابر الدهر في سوابق الأيام شيئا من ذكر أحوال تسخير الممالك وفتح البلاد والبقاع ... خلاف

٢٢

الواقع ... وذلك بسبب عدم الاطلاع على كيفية الأمور والأحوال التي تتعلق بهذه الدولة وقلة معرفته بعظائم الوقائع وجلائل الحوادث التي كانت لهذه الحضرة الشريفة ... لكن وجدت في خزائنهم المعمورة تاريخ عهد قد عهد على وجه صحيح مكتوب بالخط المغولي وعبارتهم ، إلا أنه لم يكن مرتبا بل كان فصولا ... حافظوا عليها وصانوها عن أعين الأغيار والأخيار وكانوا يكتمونها عن العوام والخواص ، ولم يمكنوا كل أحد من الاطلاع عليها إلى هذا الزمان الذي تشرف بوجود سلطان الإسلام ... فالتفت خاطره الشريف ... إلى ترتيب تلك الاجزاء وتدوينها وأشار عبد هذه الدولة الايلخانية والمعتصم بعون الرب مؤلف هذا التركيب وهو (فضل الله أبو الخير الهمداني الملقب بالرشيد الطبيب ...) أن أكتب تواريخ أصل المغول ونسبهم ونسب سائر الأتراك الذين يشبهون إلى المغول فصلا بعد فصل ، وأرتب تلك الروايات والحكايات التي تتعلق بهم مما كان موجودا في خزائنهم ، ومما وجده بعض الأمراء والمقربين مودعة وإلى هذه الغاية لم يجمعها أحد ولم يتيسر له سعادة هذا التصنيف وشرف هذا التركيب والتأليف. وكل واحد من المؤرخين كتب سطرا من ذلك من غير معرفة بحقيقة الحال بل سمعه من أفواه العوام وتصرف فيه على وجه اقتضاه رأيه ولم يتيقن صحة ذلك لا هو ولا غيره. فأنا أورد عرائس هذه الأبكار ونفائس هذه الأفكار وخيار هذه الاخبار التي بقيت محجوبة في استار الكتمان إلى هذا الأوان بعد المبالغة في تصحيحها والاجتهاد في أصل تلك الأجزاء من علماء الختا وحكمائهم ومن علماء الهند والاويغور والاغور في تنقيحها بلفظ مهذب وعبارة منقحة وطريقة مرتبة ، وأجلوها لأعين النظار على منصة الاظهار ؛ والتفحص عن مجملاتها وتفصيلاتها مما لم يكن مذكورا ، والقبجاق وغيرهم من أعيان كل الطوائف ملازمون للحضرة الشريفة العالية خصوصا من خدمة الأمير المعظم والنويان الأعظم ، قائد جيوش

٢٣

ايران وتوران مدبر ممالك الزمان (بياض يراجع عنه الأصل الفارسي) دام معظما الذي لم يوجد مثله في بسيط الربع المسكون في أنواع الفضائل وألوان المفاخر والمناقب وفي علم نسب الأقوام الاتراك وتواريخ أحوالهم خاصة تاريخ قوم المغول ، وأقتبس من كتب التواريخ الالفاظ المصطلحة التي لهم وآتي بها على وجه يفهمه الخواص والعوام ويعلمها جميع الانام من أوله إلى آخره ... انتهى.

وفي هذه الكلمات المقتبسة من مقدمة المؤلف ما ينبىء عن بحث عظيم ، ومزاولة أمر جلل مما استدعى أن يخلد هذا الأثر فقد تكلم في القبائل ، وفي بيان حكايات ظهور الأتراك وتعداد عمائرهم ، ثم ذكر قوم المغول ، ثم عقد فصلا في أحوال آباء جنگيز وظهور دولته ، وأنهم كانوا في الأصل طوائف كالأعراب ... ثم فصل وقائع جنگيز تفصيلا لا مزيد عليه ...

وفي آخر هذا المجلد ذكر أن هذا التاريخ كان كتبه للسلطان غازان خان وفي ١١ شوال سنة ٧٠٤ ه‍ قد توفي ، ثم ذكر محمد خدابنده (جاء في موطن آخر خربنده) وهذا هو المجلد الأول ولا يستغنى عما فيه وذكر أنه بعد أن أتم المجلد الأول توفي السلطان محمود غازان فالحق به ما يتم به حوادثه ...

والنسخة لا تخلو من اغلاط لغوية إلا أنها نظرا لقدمها أقرب إلى الصحة ... وأما الاعلام فسيأتي الكلام عليها في حينها وقد رأيت هذه النسخة في مكتبة أيا صوفية رقم ٣٠٣٤ هذا وقد بسطنا القول عن ترجمة المصنف في تاريخنا هذا.

كان اتخذ المصنف وقفا بظاهر بلدة تبريز سماه (الربع الرشيدي) وأجاز للناس أن يكتبوا من المجموعة الرشيدية التي من جملتها هذا الكتاب وهو (جامع التواريخ) نسخا منها هذا التاريخ.

٢٤

ومن شروط وقفه أن تكتب في كل سنة نسخة من المجموعة وترسل إلى إحدى بلاد الإسلام ، نسخة في العربية وأخرى في الفارسية. وقد فصّل القول على ذلك في مقدمة الجزء الأول من جامع التواريخ طبعة باريس. وهذه الطبعة متقنة جدا وعليها تعاليق بالافرنسية طبعت بمجلد ضخم وقد طبع المجلد الثاني منه بقطع صغير في باريس أيضا وعليه تعاليق ومصوّر كتب باللغة الفارسية ونسخة منه عربية في المكتبة المصرية.

ذيل جامع التواريخ

إن كتاب جامع التواريخ لم يقتصر الاعتناء به على مؤلفه ودرجة اهتمامه به ، فإنه بعد أن سخطت عليه الحكومة المغولية وقتلته ، وأصابته النكبة ضاعت أكثر نسخه حتى ظن الكثيرون أن قد فقد هذا التاريخ وناله ما نال صاحبه .. وفي أيام شاهرخ بن تيمور لنك كان قد ألف ذيل على جامع التواريخ كتبه صاحبه لشاهرخ المشار إليه وقال في مقدمته : إنه كان نديم السلطان في قصص الأخبار ويسمر له في التواريخ ووقائعها ، ويعتمد على جامع التواريخ فالتفت السلطان إلى ذلك فأمره أن يكتب له ذيلا في أحوال السلطان محمد خدابنده وابنه السلطان أبي سعيد ففعل وأتم عصر المغول إلى أواخر أيامهم ...

ومن المؤسف أنني تحريت كثيرا عن معرفة اسم المؤلف لهذا الذيل بقصد الاطلاع عليه فلم أنل مطلبي وقد شاهدت نسخة منه في مكتبة ويانة تحت رقم ٣٢٧ وليس فيها اسم المؤلف ، وكذا رأيت منه نسخة في الاستانة في مكتبة نور عثمانية تحت رقم ٣٢٧١ قال ما معناه رأيت أن أتم الحوادث ليكون ذيلا للتاريخ المذكور ، وجمعت الحوادث من كتب متفرقة ، وأنا وإن كنت ليس من رجال هذا الميدان إلا أن ما شجع به الإخوان كان أكبر باعث وأرجو إصلاح الخطأ والغلط مما لا

٢٥

يخلو منه امرؤ ... بدأ به من حيث انتهى الخواجة رشيد الدين وتكلم عن الجايتو محمد خدابنده فعدد وقائعه وفصّلها تفصيلا زائدا وذكر الملوك المعاصرين له ثم مضى إلى أبي سعيد بهادرخان وفصل أيضا أحواله وختم أخباره وبه تم الكتاب ، والنسخة الموجودة في نور عثمانية عدد أوراقها ٧٧ والخط واضح والبحث فيه مستوفى جدا وهو من الكتب المعتبرة في بابه ... والملحوظ أنه سمي في المكتبة المذكورة (جامع التواريخ) في حين أنه ذيله ...

والاحتمال مصروف إلى أن المؤلف المذكور لأحد نديمي الملك شاهرخ وهما حافظ ابرو أو شرف الدين علي اليزدي إلا أن كثرة النسخ من هذا الأثر والتحري عن اسم مؤلفه لا بد أن يطلعنا يوما على صاحب هذا الأثر ومنه نسخة في باريس وأخرى في آيا صوفية تحت رقم ٣٢٧١.

مختصر الدول

لابن العبري المعروف بأبي الفرج (غريغوريوس) بن (اهرون) وهذا التاريخ من خير المصادر التي يعول عليها في تاريخ المغول عاش معهم مدة ، كان قد جاء إلى الموصل ومنها سافر إلى مراغة فمات فيها في ٣٠ تموز سنة ١٢٨٦ م وكان قد ولد سنة ١٢٢٦ م كتب تاريخه الأصلي في السريانية ثم نقله إلى العربية باختصار من جهة وإضافات من جهة أخرى. والمؤلف من رجال الدين المعروفين عند النصارى ، نال مكانة سامية ...

وإنما نقل تاريخه إلى العربية بإلحاح من اصحابه ، وكان نقله في أواخر حياته وقد ضمنه أمورا كثيرة لا توجد في المطول السرياني لا سيما فيما يتعلق بدولتي الإسلام والمغول ... ذكر فيه رجال حكومة المغول وسياستهم وطريق حكمهم والقائمين بالأمر والمدبرين للمملكة ... ومما يمدح عليه أنه لا يتحامل على الأمم الأخرى وذكر

٢٦

أن قسوسهم يترددون إلى هؤلاء المغول وبين أنهم يراعونهم ، ويبدي أن جنگيزخان كان يميل إليهم ولم يقل اعتنق دينهم وإنما روى بلفظ «قيل إن اونك خان وأقوامه كانوا نصارى ...» ولم يقطع.

انتهى تاريخه إلى حوادث ١٥ شعبان سنة ٦٨٣ ه‍ ١٢٨٤ م ومن تاريخه هذا نسخة خطية تحتوي على النصف الأول في مكتبة أوقاف بغداد وهي قديمة وقد طبع الكتاب في بيروت سنة ١٨٩٠ م ومن مزايا هذا الكتاب أنه يوضح بعض الألفاظ التي دخلت حديثا في التاريخ لسبب الاتصال بالمغول ... وكان قد طبع لأول مرة سنة ١٦٦٣ م في اكسفورد بالعربية واللاتينية ... (١).

الحوادث الجامعة

هو تاريخ عراقي كتب باللغة العربية وسمي بهذا الاسم ونسب إلى المؤرخ المشهور كمال الدين عبد الرزاق بن أحمد الشيباني المروزي الأصل البغدادي الأخباري الكاتب المؤرخ ابن الصابوني ويعرف بابن الفوطي الذي كان ولد في ١٧ المحرم سنة ٦٤٢ ه‍ بدار الخلافة وتوفي في بغداد في المحرم سنة ٧٢٣ ه‍ وترجمته مبسوطة في الشذرات وتذكرة الحفاظ وابن خلكان وغيرها ... وهو حنبلي.

وهذا الكتاب لا نعوّل على صحة اسمه. ولا على نسبته إلى هذا المؤرخ فلم نجد ما يحملنا إلى القول بما رآه بعضهم ... فكاتبه لا يزال غير معروف ، ومن الملحوظ أن مؤلفه اعتمد على مؤلفات مؤرخنا ...

أما الحوادث الجامعة فقد ذكر في الوفيات وفي كشف الظنون وغيره كفوات الوفيات ، وفي الأصل المنقول منه لم يذكر عنوان الكتاب ، ولا أوله ، ولا منتهاه ، ولا تاريخ كتابته مما يساعد على معرفة

__________________

(١) يراجع الكتاب المطبوع في بيروت.

٢٧

مؤلفه ابتداء ... والظاهر أنه أجزاء من مجموع لا يعرف مقداره ، وقد كتب مؤرخون ذيولا على مؤلفات عراقية في التاريخ ، أو دوّنوا رأسا ...

فالنسبة فرض وتخمين ولا نجد دليلا يدعمها ... وصاحب الشذرات يقول باستمراره بتدوين الحوادث إلى أن مات وفي هذا المبدأ والمنتهى غير معلومين.

وعلى كل إن الكتاب يشير إلى أن مؤلفه من رجال عصر تال لهذا العصر. ولذا نراه لا يتأثر بالحوادث وإنما لخص ما وجد ، ونقل ما سمع ، وكتب ما عرف ... أما وجود مقاربة في اللفظ فإنه يدل على أن المؤلف اعتمد على كتب ابن الفوطي ولا يبعد أن يكون أخذ العبارة بعينها ، وعول على النص الحرفي ولم يشأ أن يتصرف ... هذا في حين أننا نعلم أن ابن الفوطي ذو علاقة بحوادث بغداد ، وبالطوسي وبابن الساعي ... فلم يصرح بشيء عن أمثال ذلك ، ولا بما ذكر عن آل الفوطي ممن له معهم قرابة ، أو صلة نسبية مما لا يصح تجرده عنه ... أو إغفال علاقته ... فهو أشبه بمخابر جريدة أو سائح جاءنا من بلاد نائية يقص ما رأى ، ويصور ما شاهد بكل ما أوتي من بيان وسعة علم وقدرة ... ذلك مما يبرهن على أن المترجم لم يكن من أهل هذا العصر وإنما هو من أهل العصور التالية وقد راجع الكثير من المؤلفات التاريخية وأن لم يصرح بالنقل ... هذا ولم نعدم مؤرخين كثيرين كتبوا بعده فاغتالت يد الزمان اشلاء من بعض تآليفهم فأبقته أثرا مهشما من أطرافه ، ينبىء عن مقدرة ، وإتقان صناعة ، وينم عن مواهب عالية ، وحسن اختيار ...

أماط اللثام عن محيا حوادث نحن في حاجة لبسط القول عنها خصوصا القسم التالي لحوادث هلاكو ومن وليه ... فهو متمم لحوادث ابن الأثير ويبتدىء تقريبا من حيث انتهى ويقف عند السبعمائة فهو خير أثر ...

٢٨

والفضل في نشر نسخه للمغفور له أحمد باشا تيمور فإنه أذاعه ، وكتب عنه ونشر بضع نسخ فتوغرافية منه ... ولو لا أنه تناوبته أيدي النساخ فشوهت بعض الاعلام وأهمّها الأعلام المغولية ، أو شيوع التلفظ بها آنئذ بهذا الوجه دون اعتناء في النطق ... لكان خاليا من كل قيل ... وهذه طفيفة بالنظر لما احتوى عليه من الفوائد ...

وكنا نأمل أن يطبع طبعة متقنة ويذاع في الأطراف للانتفاع به في معرفة هذا العصر لأن أهميته لا تقتصر على بغداد وحدها وإنما تعرض لوقائع أخرى لها صلة بالمجاورين من ناحية ، وفيها تعريف صحيح بحكومة هلاكو ومن خلفه من ملوك المغول ... مما يهم أمر التاريخ الإسلامي وعلاقة هذه الحكومة به ... طبع عام ١٣٥١ ه‍ ١٩٣٣ م طبعا مغلوطا لا يمثل الأصل ، ولا ينبه على صحة الاعلام ، ولا تعيين المواقع ، ولا أشار إلى المهملات من الحوادث ... فقد مسخت الأصل ومع هذا نرى هذه الطبعة خالية من قائمة في الخطأ والصواب ومن الفهارس ... وقد اعتمدنا في النقل عنه على النسخة الخطية المقابلة مع الأصل الفتوغرافي لنسخة المرحوم أحمد باشا تيمور ...

تاريخ المغول

تأليف موراجا دوهسون ترجمه إلى التركية مصطفى رحمي نشرته وكالة المعارف للجمهورية التركية في استانبول سنة ١٣٤٠ ه‍ ١٩٢٢ م من مطبوعات المطبعة العامرة ، وفيه بيان عن ماضيهم وعنعناتهم المحفوظة والمنقولة على أيدي العرب والعجم وظهور جنگيز وقبائل المغول معه وأولاده وأحفاده وما أوجدوه من حكومات وفيه ايضاح عن حروبهم مع الخوارزمشاهية والعرب المسلمين ... وتأسيسهم الإدارات المتفرقة ... ومباحثه لا يخص الكثير منها موضوعنا فإننا لم نتكلم إلّا عن ماضيهم وتأسيس حكومة الايلخانية على يد هلاكو ثم من وليه حتى

٢٩

٣٠

انقراضهم ... والكتاب يعتمد على مراجع عربية وفارسية مهمة وغالبها مما عوّلنا عليه وهو في مجلد واحد ... والملحوظ هنا معرفة طراز الناحية التي عقبها الأوروبيون في توجيه المجرى التاريخي والتعديل فيه بالنظر لآمالهم ونفسياتهم مع الاعتماد على الوثائق الشرقية ...

نظام التواريخ

للقاضي أبي الخير عبد الله بن عمر البيضاوي المفسر المشهور وكان قد اشتهر بتفسيره (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) أما تاريخه (نظام التواريخ) فقد كتبه باللغة الفارسية على خلاف مؤلفاته الأخرى واحتوى على الوقائع من الخلقة إلى سنة ٦٧٤ ه‍ ١٢٧٦ م وقد تكلم عن الأنبياء والخلفاء الراشدين ، والدولة الأموية ، والعباسية ، والصفارية ، والسامانية ، والغزنوية ، والديلمية ، والسلجوقية ، والسلغرية ، والخوارزمية ، وعن دولة المغول ... وكان قد شاهد أيام تفوق الدولة السلغوية وانقراضها ، واستيلاء المغول فكتبها بقلم معتدل. والكتاب منتشر ومبذول في مكتبات عديدة وقد رأيت منه بضع نسخ في مكتبات الاستانة ، إحداها في مكتبة بايزيد العامة كما أني شاهدت هناك ترجمته إلى اللغة التركية. وعندي نسخة من التركية المترجمة ولم يذكر اسم مؤلفها سواء هناك أو في مخطوطتي. وقد حكى لي اسماعيل صائب بك مدير المكتبة العامة في الاستانة أن فرجا الكردي قد ترجم الأصل الفارسي إلى اللغة العربية لينشره فلم يظهر لحد الآن ، وعلى كل هذا التاريخ مختصر لا يسمن ولا يغني من جوع وقد ترجمه الغياثي إلى العربية وأدرجه في تاريخه المعروف (بالغياثي) وزاد عليه من بعد انتهاء حوادثه إلا أن لغته عامية ولا يخلو من غلط ...

٣١

طبقات الشافعية

لتاج الدين أبي نصر عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي المتوفى سنة ٧٧١ ه‍ ١٣٧٠ م وقد تعرض فيها لوقائع جنگيزخان ووقائع التتر ، وأوضح جهات هجوم هلاكو على العراق وغيره وفيها من البيانات ما اغفله كثيرون فتصلح أن تكون مصدرا تاريخيا لهذا العصر ... وإننا لم نشأ أن نذكر كل ما عرض لنا من نتف المباحث ... ولو لا أن هذا التاريخ من الكتب المعتبرة لما نوهنا في النقل عنه كمصدر ، أو مرجع نرجع إليه ... إلا أنه في ذكر النقول سيطلع القارىء على حوادث بغداد والمغول في كتب مختلفة هي بمنزلة جرائد هذه الأيام فنكتفي هنا بالإشارة إلى بيان حوادث صاحب الطبقات مما كتب في الأيام القريبة من أيام المغول ...

إن المؤلف ـ في مقدمته ـ شرح حال التتار وبين وقائع جنگيزخان في (صحيفة ١٧٥ ج ١ من طبقات السبكي) وفيها يوضح وقائع جنگيزخان ومقارعاته مع خوارزمشاه ووقيعته ببلاد المسلمين ... ثم تكلم عن حوادث حفيده هلاكو خان في (صحيفة ١١٣ ج ٥ منه) وقد ذكر عن ابن الأثير ـ تأييدا لما حكاه ـ «والله لا أشك أن من يجيء بعدنا إذا بعد العهد ورأى هذه الحادثة مسطورة ينكرها ويستبعدها والحق في يده قال فمن استبعدها فلينظر أننا سطرناها في وقت يعلم كل من فيه هذه الحادثة ، وقد استوى في معرفتها العالم والجاهل لشهرتها ...» اه (ص ١٨٤ ج ١ طبقات السبكي). طبع بمصر سنة ١٣٢٤ ه‍.

تقويم الوقائع التاريخية

هو لكاتب چلبي صاحب كشف الظنون كتبه بالفارسية ويعدّ من المصادر المعتبرة سوى أنه مختصر بل تقويم للوقائع كاسمه. ولا يخلو من فائدة لا يستهان بها ؛ والمؤلف ثقة في نقله ويلام الطابع في اختصاره

٣٢

لبعض جداوله وعدم مراعاته الترتيب بالنظر للسنين ... وإن كانت مذيلة بوقائع تالية إلى حين الطبع فلا تغني عن الأصل ...

وعلى كل ، شهرة مؤلفه لا تحتاج إلى بيان ... كما أن اطلاعاته على التواريخ الفارسية والتركية واسعة فهو ممن يوثق بقوله ...

شجرة الترك

في تاريخ الترك والمغول لأمير خيوه أبي الغازي بهادرخان ويتعلق بنشأة الترك وأنسابهم كتب بلغة الجغتاي فنقله إلى التركية الدكتور رضا نور الكاتب التركي المشهور من كتاب العثمانيين والجمهورية التركية طبع سنة ١٩٢٥ م و ١٣٤٣ ه‍ ولأصله نسخ في المتحف الأسيوي ببطرس برج ، وبقازان ، وبرلين وگوتنغن ...

لم يجد مؤلفه في أمته من يقوم بما عزم عليه من تاريخ قومه ، وخشي أن يفقد تاريخهم أو تعدم آثارهم فدوّن كتابه هذا ... وقال في مقدمته :

«إنني لم اكتب هذا الكتاب لإعلاء شأن نسلي ، أو أن أتبجح به فأكتم الحقيقة وأدون خلاف الواقع ... وحيث إن الله تعالى خلقني ممتازا بمزايا ... لم أحتج إلى ذلك بل سجلت الحقيقة كما هي. وقد مكنني الله تعالى من ثلاثة أمور خصّني بها ، إحداها الجندية وقوانينها ونظاماتها فإني ماهر بصنعة إدارة الجيوش وسوقها (تعبية الجيش) ، والاطلاع على نظام الحرب ، وأصول المداولة مع الأعداء والأصدقاء ، وثانيا الشعر بأنواعه من تركي وعربي وفارسي. فلو قلت لا شاعر مثلي في هذه اللغات لما تجاوزت الحدّ ولكنني لم أشاهد من يقاربني في صناعة الجندية لا في الكفار ولا في المسلمين ، وثالثا معرفة تاريخ ملوك المغول ، والتوران (الطوران) ؛ والعجم ، والعرب ...» ا ه.

٣٣

وأبو الغازي هذا من أسرة جنگيزخان وهو ابن عرب محمد خان الخوارزمي كتبه عام ١٠٧٤ ه‍ ١٦٦٣ م وكان مريضا والكتّاب حوله ومنهم من يملي عليه فيكتب ، ومنهم من يراجع له المصادر وآخر يقرأ له وهكذا ومن جملة ما اعتمد عليه (جامع التواريخ) فقد كان اقتنى منه نحو عشرين أو ثلاثين نسخة ليقابل عنها الاعلام ومع هذا لم يعول على واحدة منها في ضبط الألفاظ خصوصا ما يتعلق بأسماء الجبال ، أو الأودية ، أو الأرضين ، أو اسماء الناس المغولية أو التركية فقد استنسخها عجم أو مستعجمون ممن لم يعرفوا المغولية والتركية فلو علّمنا هؤلاء لمدة عشرة أيام لا يستقيم لسانهم في التلفظ بها ، فالصعوبة كل الصعوبة عليهم في نقلها واستنساخها ... قال : إن بعض الأعلام لو لفظناها أمام أعجمي مرات لما تيسر له النطق بها ... وكان قد ذهب إلى مملكة المغول إلى قالموق ليدرس لغتهم هناك ويتلقاها من أهلها قضى سنة لتعلمها ومعرفة عادات هؤلاء ... فكان قد عانى في سبيل تاريخه المشاق حتى ظهر في أتقن شكل ...

وفي سنة ١٨٧١ م طبعه البارون دمزن مدير مدرسة اللغات الشرقية بعد مقابلته بنسخ كثيرة ، طبعه عينا وبلهجته الأصلية ، وفي سنة ١٨٧٤ م نقلت هذه إلى اللغة الافرنسية وطبع معها اصلها ... ونقله إلى التركية الدكتور رضا نور الموما إليه ونقد الترجمة والطبعة ، وأبدى أنها لم تكن بالوجه الأتم ، وإنما وقعت فيها أغلاط فاحشة جدا ، وما أضافه المترجم التركي جعله بين قوسين كما أنه طوى منه ما يتعلق بآدم ونسله لاعتقاده أنه خرافي فلخص القول وابتدأ من تاريخ القوم.

وكان قد سبقه إلى ترجمته إلى التركية أحمد وفيق باشا العالم التركي المشهور صاحب لهجة عثماني في اللغة وأتالرسوزي ، ومؤلفات عديدة منها هذا الكتاب وسماه (أوشال شجرة تركي) إلا أنه لم يتم. والملحوظ هنا أن الدكتور رضا نور كان قد طوى الانساب من آدم إلى

٣٤

نوح عليه السّلام ولم يتعرض لها فجاء مكملا لتمام الترجمة ، وأن الباشا المؤلف مشهور بسعة علمه ، ومعروف في الإحاطة باللغات الشرقية وأكثر اللغات الغربية ... (١) والكتاب لم يكن شجرة انساب كما هو المتعارف من التسمية ـ وإن كان يسلسل الأفراد ويعين الاتصال ـ فهو تلخيص عن حالة المغول ، وعن أوائل الترك ، وينبىء عن اطلاع وخبرة واسعة ... وهو خير مأخذ ، وعليه اعتمدنا في مواطن كثيرة ... ولم نتوغل في تفصيل أحوال الترك والمغول الاما كان تمهيدا لمعرفة أولاد جنگيز ومكانتهم ، وأقوامهم ... وخصوصا ما يتعلق بالعراق وله صلة به واتصال ... ومن مقابلة النصوص وجدناه كتابا قيّما ... ولا يضر ذلك أو يقلل من قيمته التاريخية أن لا نشاركه في كل مباحثه ...

تاريخ ابن خلدون

وهذا التاريخ فيه مباحث مهمة عن المغول ووقائعهم مع المسلمين إلا أنه لا يوثق بصحة الأعلام التي ذكرها وهي أعلام المغول فإن أغلاطه فيها كبرى. ولعل ذلك ناشىء من غلط النساخ وتصحيفاتهم أو شيوعها كذلك. والكتاب أشهر من أن يذكر وإنما نكتفي هنا بالإشارة إلى اغلاطه ، وأنها لم يلتفت إليها حين الطبع ولا قوبلت المطبوعة بنسخ كثيرة للتصحيح ... ولا سد الفراغ في بعض المواطن التي بقيت بحالة بياض ... وغالب آرائه يتحامل بها على العرب وأهل البادية منهم ...

كلشن خلفا

هذا التاريخ لمرتضى أفندي آل نظمي المتوفى عام ١١٣٦ ه‍ ١٧٢٤ م تقريبا. وفيه سلسلة مباحث حكومة هلاكو ومن وليه من ملوك المغول

__________________

(١) عثمانلي مؤلفلري ج ٣ ص ١٦٠.

٣٥

وأطنب في وقعة بغداد ، ونقل عن تواريخ متعددة منها تاريخ مصلح الدين (١) اللاري ، وتاريخ وصاف ، وتواريخ أخرى ... فهو مهم من ناحية نقوله ووقائعه المطردة ، وقد سد ثلمة في ايضاح الوقائع بسبب تكاثر المصادر وتعددها كما أننا أخذنا عنه القسم المترجم من التواريخ المذكورة ... وسيأتي الكلام عن هذا التاريخ والنقل منه عن الأيام المعاصر لها ، والأيام التي قبل هذا التاريخ من مشاهداته ونقوله عن مشاهدي الوقائع من الحوادث المباشرة ... وهنا ننقل عنه بعض ما يتعلق بموضوعنا ...

ومباحثه عن هذه الحكومة تبلغ ٢٤ صفحة ... كتب باللغة التركية.

التاريخ العام للهون والترك والمغول وسائر التتر

تأليف دوكيني ترجمه إلى التركية حسين جاهد بك الكاتب التركي الشهير في ثمان مجلدات عن الفرنسية والكتاب مبسوط ومفصل إلا أن النسخة الأصلية فيها غلط أعلام ناشئة عن اللغة وصححها بقدر الإمكان مكرمين (٢) أفندي. ولم نعتمد نحن على الأجانب في تثبيت الأعلام إلا بعد تحقق أصلها من الكتب المعتبرة. والنسخة مطبوعة فلا محل للاطناب في وصفها كثيرا ...

ترك تاريخي

للدكتور رضا نور في مجلدات كثيرة وصلنا منها من المجلد الأول إلى المجلد الثاني عشر ، وهو تاريخ واسع عن الترك العثمانيين في

__________________

(١) رأيت منه نسخة أصلية مكتوبة باللغة الفارسية وهو مترجم إلى التركية أيضا وفي الاستانة عدة نسخ منه فارسية وتركية ...

(٢) مؤرخ تركي معاصر ومشهور رأيته في الاستانة وله اطلاع واسع في التاريخ الإسلامي.

٣٦

الغالب وسائر الترك والمغول ولا يخلو من فائدة. ومؤلفه استند إلى مؤلفات كثيرة إلا أنه متعصب لقوميته تعصبا يكاد ينسيه أنه مؤرخ. وهو مترجم (شجرة الترك).

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة

لشيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد الشهير بابن حجر العسقلاني المتوفى سنة ٧٥٢ ه‍ ١٤٤٩ م والكتاب من أجل الكتب التاريخية وأنفسها في موضوعه وهو من خير المراجع التي عوّلنا عليها ويعد من أوثق المصادر. طبع في دائرة المعارف الكائنة في الهند ببلدة حيدر آباد دكن سنة ١٣٤٩ ه‍ وقد بذلت الجهود في تصحيحه إلا أنه لم تراجع المصادر التاريخية للتعليق عليه وتدوين ما فاته من وفيات أو تصحيح ما أوخذ عليه ... ومهما يكن فالمؤلف خير كتاب في ناحيته ولا أدري معنى ما جاء أثناء التعليق من بيان النسخ دون ابداء أي رأي أو مطالعة حولها ... فلم يقم المصحح بأكثر من حادثة مقابلة بين النسخ وما جاء من التعليقات القليلة فلا تسمن ولا تغني من جوع ... وهو في أربع مجلدات ، وكأن المطالع يشاهد اربع نسخ معا. وللطابع الفضل في هذا ... وإن لم ينبه على الصحيح.

وتمتد حوادثه إلى ما بعد هذا العصر أي أنه يكاد يستغرق حكومة الجلايرية أيضا مما يتعلق بموضوعنا ...

ويعاب على المؤلف أنه لم يذكر مواطن بعض الاشخاص ولا عرّف بطريقتهم الفقهية أو نحلتهم العقائدية ... وأكبر ما يراعي المحدثين ولم يتعرض كثيرا لغيرهم ... وفيه معلومات قيّمة عن المغول والعلاقات معهم ... فالكتاب يفيد بإعداد المادة للمتتبع ليراعي تصليح الغلط من غيره ... وكان الأولى أن لا تهمل هذه الناحية إذا عرف المراجع التاريخية وتمكن من التنبيه على ما فيها من الاخطاء ... وقد أتعبنا هذا

٣٧

الموضوع كثيرا لا من ناحية الترجيح المجرّد بل عن خبرة وتحليل للفظ وما لحقه من تحريف أو تصحيف أو غلط نساخ ...

عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان

تأليف العلّامة الشيخ بدر الدين أبي محمد محمود بن أحمد العيني الحنفي المتوفى سنة ٨٥١ ه‍ ١٤٤٨ م أوله : الحمد لله الذي دلت على الوهيته الكائنات الخ. قال في مقدمته «كنت جمعت في حداثة سني وعنفوان شبابي تاريخا من مبدأ الدنيا إلى سنة ٨٠٥ حاويا قصص الأنبياء عليهم السّلام وما جرى أيامهم وسيرة نبينا صلّى الله عليه وسلّم وما جرى بعد بين الخلفاء والملوك في كل زمان مع الاشارة إلى وفيات الأعيان ... ثم بدا لي أن أنقحه بأحسن منه ترتيبا وأوضح تركيبا مع زيادات لطيفة ، ونوادر شريفة ، وضبط ما يقع فيه من المهمات من اسامي الرجال والأمكنة المذكورات وترجمته (بعقد الجمان في تاريخ أهل الزمان) وفصلته على فصول تسهيلا للحصول متوّجة بمقدمة تغني عن أصل التاريخ ومعناها ، وتخبر عن سبب وضعها ومبناها ... الخ وهو في ٢٤ مجلدا وتنتهي حوادثه عام ٨٥٠ ه‍ ١٤٤٧ م. ومنه نسخة في مكتبة ولي افندي في الاستانة كاملة إلا أن الجلد العشرين منها فيه بطش المداد بحيث لا يقرأ إلا بصعوبة والنسخة منقولة من نسخة المؤلف الموجودة في مدرسة البدرية العينية القريبة من الجامع الازهر بالقاهرة وفيها أنه توفي أي المؤلف سنة ٨٥١ ه‍ ١٨٤٨ م مع أن التواريخ الأخرى تقول سنة ٨٥٥ ه‍ ١٨٥٢ م وتاريخ المنقولة يوم الخميس ١٩ جمادى الأولى سنة ٨٩٣ ه‍ وقد اعتمدت عليها في الحوادث الخاصة بسني تاريخنا هذا وما يليه من التواريخ الأخرى ويتكلم بسعة عن علاقة سورية بحكومة هلاكو ومن بعده وينمّ عن اطلاع واسع وتوثق من الاخبار ويعتمد على ابن كثير وعيون التواريخ للكتبي وغيرهما مما سيأتي النقل عنه في حينه .. وحوادثه على السنين وقد أطنب في تاريخ

٣٨

هلاكو وسماه هلاوون وفيه حوادث عامة لا تختص بقطر إلا أنها قليلة جدا ... ومضى في أول الأمر من حين ابتداء أيام هلاكو في العراق عن وفيات عراقيين ثم طوى البحث إلا نادرا أو ممن توفي من العراقيين في سورية أو في مصر وليس في عبارته تعقد أو تشوش وإنما هي بسيطة وسهلة ... وكان الاولى أن يرجح طبعه على غيره من سائر التواريخ لهذا السبب ، ولامتداد حوادثه إلى السنة المذكورة اعلاه ... ولسعة مواضيعه وبسطها ... والمؤسف أنه بقي غير مطبوع لحد الآن ، وقد أخبرني محافظ المكتبة أن المصريين أخذوا نسخة فتوغرافية منه وأهم ما يجلب الأنظار أنه يعين بوضوح علاقات العشائر بسورية والعراق ببسط زائد وسعة وافية ونافعة جدا ... عدا ما يتعلق بالحكومات ومفاوضاتها ، والرسل وبعثاتهم ، والمخابرات الجارية مع الملوك ...

كتب أخرى

وهناك كتب أخرى قيّمة ومفيدة جدا لمباحثنا من معاصرين للوقت الذي نكتب عنه وغيرهم أمثال (تاريخ گزيده) ، (التاريخ الغياثي) ، و(روضة الصفا) ، و(رحلة ابن بطوطة) ، و(نزهة القلوب) مما سنتعرض للنقل عنه ... والمصادر من هذا النوع من تركية وفارسية كثيرة كتبت عن هذا العصر ونقولها مهمة ، ولولا خوف السأم لأوردنا عنها التفصيلات الوافية ...

ملحوظة :

وفي هذا وما سبق الكلام عنه ما ينبىء عن سير التواريخ ولم نلتفت إلى ما رأيناه في بعض التواريخ من النقص واعتمدنا على المفصلات بقدر الإمكان فلا نزيد القارىء ضجرا في بيان المعايب ، وإظهار المثالب ... مما نحن في غنى عن ذكره ... وذلك بعد أن توضحت لدينا المراجع أعذرنا من كتب في أزمنة محاطة بظروف

٣٩

خاصة ، أو أوضاع شاذة ... دعت إلى الاطراء الزائد أو التكتم ... ومن حيث العموم لا نجد أصدق لهجة في بيان حقيقة الوقائع من مؤرخينا وإنما نوجه اللائمة في المحاكمة والاستنتاج أو المدح أو الاخفاء ... ولا تلبث أمثال هذه أن تزول بعد عصر أو عصرين فتظهر الحقيقة ناصعة مجردة ... فأنا مقتنع من مصادرنا وقاطع بصحتها إلا ما رأيته خلاف الوثائق المعروفة والثابتة ... فكانت طريقتي أن استمع القول وأتبع أحسنه بمراعاة الواقع بقدر ما يمكن الحصول عليه والتوصل لمعرفته ... وكل أحد يؤخذ من قوله ويرد ... في أمثال القضايا الموضوعة البحث.

ولا يفوتنا أن نقول كلمتنا عن بعض المؤرخين الذين لا يعتمدون على أنفسهم وإنما يذكرون النص بعينه وحرفيا دون مراعاة المجرى للوقائع والتثبت منها ويتقيدون به تقيدا لا يأتلف والتاريخ الحقيقي ... فهؤلاء لا تكون نظرتهم صائبة إلا في الاختيار أحيانا وغالب نقولهم مغلوطة ... ذلك أن النظرات العامة سواء منها مما يتعلق بالاجتماع ، أو بالادارة ، أو بالعقائد أو باللغة ... إنما تستنتج من خلال الوقائع ، ومجموعها ... استفادة من الأوضاع ، أو السير التاريخي وتياره الجارف ... لذا لا يصح الاعتماد على قول شخص قد يكون رأى صفحة ، أو لاحظ ناحية ، أو عثر على نص تاريخي يتعلق بوقعة جزئية ... أو تصوير للحادثة ناشىء عن توهم ... والعمدة على المجرى ، وعلى تشميل الوقائع وإجمالها بصورة عامة ... فما خالف ذلك لا يركن إليه ... فالنص الذي يجب نقله هو الذي لا يعدو هذه الناحية ... فالتاريخ ـ في نظري ـ يدقق تيارات الأمم ، ومجاري سيلها الجارف ، وأثرها في الحقوق والإدارة والاجتماع ، وعمارة الأرض وخرابها ... ولا نجد شيئا من ذلك في الوقائع الجزئية بعينها ... مما مبناه قصر البصر ... فهو ملخص جميع الوقائع ، وزبدتها والنظرة

٤٠