موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

نائب جمال الدين : (نائب الوالي)

ولما توجه جمال الدين استخلف على بغداد سعد الدين أسد ابن الأمير علي جكيبان فناب عنه إلى حين عودته (١).

١ ـ شرف الدين الشهرستاني :

أحمد بن علي الموصلي أبو علي الملقب شرف الدين المعروف بالشهرستاني معيد النظامية. قال ابن الفوطي سمع معنا على مجد الدين أبي الفضل عبد الله بن بلدجي جامع الأصول بروايته عن مصنفه مجد الدين ابن الأثير. وكان مواظبا على سماع الأحاديث ومجالس الذكر ، متوددا جميل الاخلاق ا ه .. وكان عالما ، فاضلا توفي في شوال سنة ٦٩١ ه‍ (٢).

حوادث سنة ٦٩٢ ه‍ (١٢٩٣ م)

١ ـ في دار السلطنة :

ولى السلطان كيخاتو صدر الدين أحمد بن عبد الرزاق الخالدي الزنجاني ديوان الممالك وفوض إليه تدبير ملكه (٣) ، ولقب (صدر جهان) كما أن أخاه قطب الدين اختير لمنصب قاضي القضاة ونعت ب (قطب جهان) وفوض إليه أمر النظر في الأوقاف وبيت المال ، وأبواب البر والصدقات وسائر المصالح الدينية والمطالب الشرعية (٤) ...

__________________

(١) وهذا ما يسميه الترك العثمانيون بقائمقام وذلك عند غياب الولاة ومفارقتهم المدينة لأمور مهمة ... وهكذا الوزير ...

(٢) منتخب المختار.

(٣) وهذا ما يعرف عندنا بالصدر الأعظم أو الوزير لعدم تعدد الوزراء.

(٤) تاريخ وصاف ص ٢٦٦ ج ٢.

٤٠١

٢ ـ أحد الباطنية :

في هذه السنة وثب باطني على نقاجو أمير المسلحة بالعراق على رأس الجسر العضدي ببغداد وضربه بخنجر عدة ضربات قتله بها وشد هاربا فمد له رجل اصفهاني رجلا على الجسر فسقط فقبض ، فجعل يقول «فداء الملك الأشرف! فداء الملك الأشرف!» فسلم إلى ابن نقاجو فمثل به وقطع أطرافه وهو حي ...

حوادث سنة ٦٩٣ ه‍ (١٢٩٤ م)

١ ـ ولاية العراق :

أمر السلطان كيخاتوخان شمس الدين محمد التركستاني المعروف بالسكورجي بالمسير إلى العراق واليا عليه مزيلا عن الرعية ما جدد عليهم من الأثقال فلما دخل بغداد أظهر العدل والإحسان وحسن النظر في أحوال الناس واجراهم على أجمل القواعد ونظر في أمر الوقوف وأجرى أربابها على شروط الواقفين وأدر عليهم الأخباز والمشاهرات ووعد الناس بأشياء يخاطب فيها السلطان ويعتمدها معهم فلم تطل أيامه وقتل على ما نذكره.

٢ ـ بايدو وواسط :

اتصل بالسلطان أن في بلاد واسط وسوادها جماعة من الأعراب الباغية المفسدين فأمر بايدو بالمسير إلى هناك وقتلهم ونهبهم فسار من سياه كوه إلى بغداد وانحدر إلى واسط حتى وصل إلى آخر أعمالها ولم يتعرض بأحد ولا ثقل على الرعية فلما عاد شرع في نهب القرايا وأخذ الأموال والجواميس والبقر وأسر الذراري وسبى النساء كل ذلك من الرعية ...

وأما الفئة الباغية فإنها اعتصمت بالبطائح فلم يقدر عليها وصادف عسكره سفن التجار الواصلين من البحر فنهبوا بعض ما فيها من القماش

٤٠٢

وخرجت الأعراب من البطائح فنهبوا الباقي وأحرقوا بعض السفن فأصبح التجار عراة حفاة لا يقدرون على شيء.

ثم انفذ بايدو جماعة من العسكر إلى عين التمر والكبيسات فنهبوا الرعية وسبوا وأسروا وعملوا كل منكر وعادوا إلى بايدو وقد وصل إلى بغداد فتكمل معهم زيادة على ثلاثين ألف أسير. ثم رحل من بغداد راجعا إلى سياه كوه.

توجه والي بغداد إلى السلطان :

ثم توجه شمس الدين محمد السكورجي إلى السلطان وأخبره بما فعل بايدو بالرعية فأنكر عليه ذلك وأمر بحبسه فحبس في خركاه (نوع خيمة) ثلاثة أيام ثم كلم فيه فأطلقه واستخلص من العسكر بعض الأسرى وسلموا إلى شمس الدين محمد السكورجي فكساهم وعاد إلى بغداد وهم صحبته فأطلقهم فتوجهوا إلى أهليهم.

التعامل بالأوراق النقدية : (الجاو)

وفي هذه السنة وضع صدر الدين صاحب ديوان الممالك بتبريز (الجاو) وهو كاغد بشكل مستطيل عليه تمغة السلطان عوض السكة على الدنانير والدراهم وفي أعلاه كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأمر الناس أن يتعاملوا به ودعوا للتعامل به وبعض الشعراء حبب للناس هذا وجعله فاتحة خير وسعادة ... واتخذوا لصنعه دار ضرب وعينوا لها الموظفين (١) ... وكل ما فعلته الحكومة من الدعاية له لم يجد نفعا ، ولم يروا ما يقوم مقام الذهب الأحمر ولا الفضة البيضاء وكان من عشرة دنانير إلى دون ذلك حتى ينتهي إلى درهم ونصف وربع فتعامل به أهل

__________________

(١) تاريخ وصاف ص ٢٧٢ ج ٣.

٤٠٣

تبريز اضطرارا لا اختيارا بالقسر والقهر فاضطربت أحوالهم اضطرابا اضربهم وبغيرهم حتى تعذرت الأقوات وسائر الأشياء وأنقطعت المواد من كل نوع. فكان الرجل يضع الدرهم في يده تحت (الجاو) ويعطي الخباز والقصاب وغيرهما ويأخذ حاجته خوفا من أعوان السلطان.

وفي لغة الجغتاي جاء بلفظ (چاو) بالچيم الفارسية ويراد به النقود القرطاسية المعروفة عندنا بالأوراق النقدية وتتداول بمقام النقود الذهبية والفضية والفلوس وهي شائعة عند المغول مثل الباليش كما أن تنگة من نقودهم إلا أن تنگة من النقود الفضية أي الدراهم أو ما هو من نوعها وقد مرت في هذا الكتاب بلفظ (دناكش) ولم يألف الناس التداول بالأوراق إذ ذاك لا في العراق ولا في الممالك المجاورة له فكان من الصعب الأمر بالتداول بها وتنفيذ هذا الأمر ولا تزال المصاعب مشهودة في كل تغير من هذا النوع. وقد بين مؤرخون كثيرون مثل وصاف وجامع التواريخ ما أصاب الناس من الضيق والتضييق على التعامل بها ... ونسب إلى الوزير اختراعه وهو مضطر على قبوله وتنفيذ أمر الحكومة ولم يكن من عمله ...

وفي أيام المغول كان يستعمل في الصين (البالش أو الباليش) وقد مرت الإشارة عنه إلا أن قيمته تختلف عن الجاو. والبالش بقيمة عشرة دنانير إذا كان ورقا ؛ وبقيمة خمسمائة مثقال ، أو مئتي بالش ورقي ويساوي ألفي دينار وأما البالش الفضي فإنه يساوي عشرين من البالش الورقي وقيمته مائتا دينار ... وقد تداول الچاو أيام بايدوخان وأيام غازان في أوائل سلطنته ... كذا قيل (١) وفيما يأتي ما يخالف ذلك فقد ألغي الچاو في سلطنة كيخاتو ...

__________________

(١) المسكوكات القديمة الإسلامية : محمد مبارك ص ٤٠.

٤٠٤

الجاو في بغداد :

ثم حمل منه عدة أحمال إلى بغداد صحبة الأمير لكزي ابن ارغون آقا فلما بلغ ذلك أهلها استعدوا بالأقوات وغيرها حيث عرفوا ما جرى في تبريز فلما أنهى ذلك إلى السلطان كيخاتو أمر بإبطاله فأبطل قبل وصول لكزي إلى بغداد وكفى الله العالم شره.

النقود في هذا العهد :

من حين انقراض الخلافة إلى مدة ليست بالقليلة تداولت نقودها ، ولا تزال دفائنها تظهر بين آن وآخر ، وهي موجودة بكثرة في المتاحف والخزائن ... أما المغول فقد مر بنا القول عن بعض نقودهم ، وأن الآبقائية كانت متداولة ومعروفة ، وكذا الباليش المتعامل به أيام جنگيز والسلطان محمد وجلال الدين منكوبرتي (١) من الخوازرمشاهية وقد تكلمنا عن الدناكش ... واليوم لم يعرف إلا بعض النقود الفضية والنحاسية لجنگيزخان وكيوك ، ومونكو (مونككا) ، أو ما هو مشترك بين هذا وبين هلاكو ، أو ما هو باسم هلاكو خاصة مما هو موجود في بعض المتاحف إلا أننا لم نعثر على نقود من ضرب هلاكو في بغداد وإنما هناك ما ضرب في الموصل. وفي أيام آباقاخان ضربت نقود في الموصل سنة ٦٨٣ و ٦٧٨ ه‍ ، وفي البصرة وأما في تبريز فالمضروب كثير وفي أيام السلطان أحمد كان الضرب في تبريز ، وفي أيام كيخاتو كان الضرب في تبريز أيضا.

والنقود في هذا العصر لا تخلو من التأثر بالنقود العباسية وأنها قريبة منها أو مماثلة ... وفي كلها الطابع الإسلامي بارز حتى لغير

__________________

(١) في لغة المغول «منكو» بمعنى الأبدي الدائم وهو الله تعالى «وبرتي» هي ويردي التركية بمعنى اعطى والكلمة بمجموعها تعني عطاء الله أو عطاء الدائم ...

٤٠٥

المسلمين من ملوكهم ، وفيها كلمة الشهادة ، وأيام حكومة المسلمين منهم أضيف إليها اسماء الخلفاء الراشدين (١).

تبدلات في الولاية والإدارة :

وفي هذه السنة وصل بغداد الملك إمام الدين يحيى القزويني البكري وفخر الدين الرازي العلوي. وقد فوض إليهما (أمر العراق) فأقاما إلى آخر السنة ثم توجها إلى السلطان واستخلفا جمال الدين الدستجرداني على بغداد.

قاضي القضاة :

وفيها وصل إلى بغداد زين الدين محمد الخالدي على أنه قاضي القضاة متولي الوقوف والوكالة والتركة والمقاطعات والجوالي. فلم يمض شمس الدين محمد السكورجي له من ذلك غير القضاء والحسبة فحكم إلى آخر السنة وعاد إلى الأردو واستخلف أحد أصحابه على منصبه. وهو أخو صدر جهان قطب جهان ...

الملك الأشرف :

في هذه السنة قتل الملك الأشرف ابن الألفي فخلفه الشجاعي وتلقب بالملك القاهر وبعد قليل قتل وسلطن أخو الملك الأشرف وكان صبيا ثم أعلن كتبغا سلطنته ...

وفيات :

١ ـ توفي شرف الدين علي بن أميران كاتب الإنشاء ببغداد. وكان عالما فاضلا يكتب خطا حسنا.

٢ ـ توفي النقيب غياث الدين عبد الكريم ابن طاوس في مشهد

__________________

(١) مسكوكات إسلامية تقويمي : أحمد ضيا ص ٨٢ ـ ٨٦ ومسكوكات ايلخانية ص ١٢ ـ ٤١.

٤٠٦

موسى بن جعفر وحمل إلى جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام.

هو غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن موسى المعروف بابن طاوس الفقيه النسابة النحوي العروضي. كان قد ولد في شعبان سنة ٦٤٨ ه‍ وتوفي بالكاظمية في شوال سنة ٦٩٣ ه‍. قال في كنز الأديب : «كان جليلا ورعا». وقال ابن داود : «الفقيه ، النسابة ، النحوي ، العروضي ، الزاهد ، العابد ، أبو المظفر .. وكان أوحد زمانه ، حائري المولد ، حلي المنشأة ، بغدادي التحصيل ، كاظمي الخاتمة. ولد سنة ٦٤٨ ه‍ وتوفي سنة ٦٩٣ ه‍ في شوال.

وله ولد اسمه أبو الفضل محمد ولد في سلخ المحرم سنة ٦٧٠ ه‍ وله ولد آخر يدعى رضي الدين أبا القاسم.

وقد أطنب صاحب روضات الجنات في ترجمته. وله كتاب الشمل المنظوم وكتاب فرحة الغري وغير ذلك.

٣ ـ توفي بهاء الدين علي بن أبي الفتح بن الفخر عيسى الإربلي ببغداد. وكان كاتبا بارعا ، له شعر وترسل ، وكان رئيسا كتب لمتولي إربل ابن الصلايا ، ثم خدم ببغداد في ديوان الإنشاء أيام علاء الدين صاحب الديوان ثم إنه فتر سوقه في دولة اليهود ، ثم تراجع بعدهم ولم ينكب إلى أن مات ، وكان صاحب تجمل وحشمة ومكارم أخلاق وفيه تشيع وكان ابوه واليا بإربل ، ومن مصنفاته الأدبية المقامات الأربعة ورسالة الطيف المشهورة وغير ذلك. كذا في فوات الوفيات وجاء فيه أنه مات سنة ٦٩٢ ه‍ وذكر جملة صالحة من شعره (١) ...

صحيح اسمه أبو الحسن بهاء الدين علي بن فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الإربلي وقد ذكره صاحب تاريخ مفصل ايران وصاحب

__________________

(١) فوات الوفيات ج ٢ ص ٨٣.

٤٠٧

روضات الجنات. ومن اشهر كتبه كتاب كشف الغمة في معرفة الائمة وهو معتبر في تاريخ الائمة الاثني عشر. وفيه صرح بفكره ولم يداج في عقيدته وجاهر بذلك. والكتاب يعتمد على كتب كثيرة ينقل منها نصوصها عينا ولا يخلو من فوائد تاريخية. وفي آخر المجلد الأول ذكر أنه اتمه في ٣ شعبان سنة ٦٧٨ ه‍ ببغداد وفيه اجازة من مؤلفه سنة ٦٩١ ه‍ لمجد الدين الفضل بن يحيى بن علي بن المظفر الطيبي الكاتب بواسط وهذا ذكر من أجازهم به وهم جماعة من مشاهير العصر. ولا محل الآن للتفصيل عنهم وفي آخر المجلد الثاني قال : كمل الكتاب وتم بحمد الله وعونه في ١١ رمضان سنة ٦٨٧ ه‍ وأن الطيبي المذكور قرأه على مصنفه. طبع في ايران على الحجر في رجب سنة ١٢٩٤ ه‍.

وفي تاريخ ابن أبي عذيبة ترجمة مفصلة له. قال وخلف تركة عظيمة محقها ابنه أبو الفتح ومات صعلوكا بإربل (١).

٤ ـ توفي صفي الدين عبد المؤمن بن يوسف بن فاخر الأرموي وعمره نحو ٨٠ سنة كان كثير الفضائل ويعرف علما كثيرا منه العربية ونظم الشعر وعلم الإنشاء كان فيه أمة وعلم التاريخ وعلم الخلاف وعلم الموسيقى ولم يكن في زمانه من يكتب المنسوب مثله وفاق فيه الأوائل والأواخر وبه تقدم عند الخليفة وكانت آدابه كثيرة وحرمته وافرة وأخلاقه حسنة وقد حكى ترجمة نفسه للعز الإربلي الطبيب بصورة مفصلة نقلها عنه في فوات الوفيات (٢). ومهارته في الموسيقى مشهورة كتب الرسالة الشرفية فيه وهذه الرسالة «الشرفية» أولهما : أحمد الله على آلائه ... الخ منها نسخة في دار الكتب المصرية قسم الفنون الجميلة ، وأخرى برقم ٥٩٨ منقولة بالتصوير الشمسي من كتبة طوپقپو رقم ٢١٣٠ في ١١٢

__________________

(١) تاريخ ابن أبي عذيبة ج ٥ ص ٤٠٩ وتاريخ مفصل إيران ص ٥٠٥.

(٢) ج ٢ ص ٢٣.

٤٠٨

لوحة ، ونسخة برقم ٣٤٨ بالتصوير الشمسي أيضا (راجع نشرة الموسيقى والغناء لدار الكتب المصرية ص ١١.

وقال صاحب كشف الظنون إن صاحبها من رجال هذا الفن ومن له اليد الطولى ، وكذا الخواجة عبد القادر بن غيبي الحافظ المراغي ، فيه كتب عديدة كشف الظنون ج ٢ ص ٥٩. وللصفي من المصنفات «الاوار» ذكره في الضوء اللامع (الضوء اللامع ج ٤ ص ٦). والأدوار في الموسيقى منه نسخة في مكتبة نور عثمانية رقم ٣٦٥٣ وأخرى في دار الكتب المصرية قسم الفنون الجميلة ٣٤٩ بخط عبد الكريمابن السهروردي كتبت سنة ٧٢٧ ه‍ بآخرها رسالة في الموسيقى. وكذا (شرح دائرة الأصل الأول ـ الراست) نقلا عن صفي الدين عبد المؤمن ..

وفيها أنه توفي في صفر سنة ٦٩٣ ه‍ (راجع نشرة الموسيقى والغناء لدار الكتب المصرية ص ١١.

وقال ابن الطقطقي عنه : «كان قد صار في آخر أيام المستعصم مقربا عنده ، ومن خواصه ، وكان قد استجد (الخليفة) في آخر أيامه خزانة كتب ؛ ونقل إليها من نفائس الكتب وسلم مفاتيحها إلى عبد المؤمن فصار عبد المؤمن يجلس بباب الخزانة ينسخ له ما يريد ، وإذا خطر للخليفة الجلوس في خزانة الكتب جاء إليها وعدل عن الخزانة الأولى التي كانت مسلمة إلى الشيخ صدر الدين علي ابن النيار ... الخ» ا ه (١).

٥ ـ توفي شمس الدولة بن مجلد النصراني كاتب السلة.

٦ ـ توفي أبو منصور الطبيب النصراني المعروف بكتيفا وكان حاذقا في علم الطب محمود العلاج ...

__________________

(١) الفخري ص ٢٩٨.

٤٠٩

حوادث سنة ٦٩٤ ه‍ (١٢٩٥ م)

قتل السلطان كيخاتو

قتل كيخاتوخان :

في هذه السنة تغيرت نيات الأمراء في طاعة السلطان كيخاتو وراسلوا بايدو وكان في (دقوق) يعرفونه أنهم اتفقوا على طاعته وتمليكه فأعاد الجواب بقبول ذلك ووعدهم بالإجابة إلى ملتمساتهم فقبضوا على السلطان كيخاتو وقتلوه.

ترجمة السلطان كيخاتو :

قتل السلطان كيخاتو بن آباقاخان في ربيع الآخر وفي رواية في ٦ جمادى الاولى من هذه السنة وكان عمره آنئذ نحو ثلاثين سنة وقد لفظ أبو الفداء اسمه (كيختو) مرارا وفي الفوطي (كيغاتو) وشائعها (كيخاتو) وهو الصحيح. ولي السلطنة بعد أخيه وجعل وزيره الخواجة صدر الدين أحمد الخالدي الزنجاني في ذي الحجة سنة ٦٩١ ه‍ ووصف صاحب تاريخ كزيده السلطان بأنه صاحب أهواء نفسية ، لا يبالي بالمحرمات ويتعاطى الفجور بأنواعه من زنا ولواطة ... قال أبو الفداء وسبب قتله أنه أفحش في الفسق في ابناء المغول فشكوا ذلك إلى ابن عمه بايدو فاتفق معهم على قتله فعلم وهرب فتبعوه وعقبوه بسلاسلار من أعمال موغان وقتلوه بها.

والظاهر أن السبب الذي أورده أبو الفداء ـ كما في تاريخ كزيده ـ من تعاطي المحرمات كان أحد دواعي قتله ولم يكن الغرض التشنيع عليه ليظهروه متهتكا. فالأمراء أرادوا القضاء عليه لما مرّ من الأعمال ... فخرجوا عن طاعته وأساسا اتخذ ذلك وسيلة إذ من أمد خرج الحكم من أيدي ملوك المغول وصار لأمرائهم بحيث تحكموا فيهم فلا يقطعون أمرا دونهم ...

٤١٠

ومن وقائعه غير ما مر من حوادث العراق أنه إثر وفاة السلطان ارغون قد خرج عن الطاعة الاتابك افراسياب الفضلوي اتابك اللر واستولى على أصفهان فبعث كيخاتوخان عليه جيشا فنكل به وبقي افراسياب حيا إلى أيام السلطان غازان. وهذا قتله ونصب أخاه الأتابك نصرة الدين أحمد على مملكة اللر. وقضى على غوائل أخرى إلا أنه اشتهر بالإسراف والبذل في سبيل الأهواء لدرجة لا تطاق ، ومن آثار ذلك أن أصدر الجاو وشدد في لزوم التعامل به إلى أن حصلت نفرة عامة واضطربت الحالة الاقتصادية والسياسية معا ... فاتفق الأمراء على قتله فقتلوه بالوجه المشروح ...

وقد ذكر أبو الفداء والفوطي وجامع التواريخ وتاريخ كزيده حياته في السلطنة والحكم مما لا مجال للإطالة فيه فهو خارج عن حدود نطاق تاريخنا ...

سلطنة بايدوخان

سلطنة بايدو : بعد أن قتل كيخاتوخان أرسل الأمراء وراء بايدوخان (١) ابن طرغاي خان (٢) بن هلاكوخان يعرفونه ذلك فوافاهم وولي السلطنة في جمادى الأولى (٣) من هذه السنة. ولم يستقر في الملك حتى ظهر (غازان) لحربه ومقارعته كما سيجيء :

__________________

(١) جاء في ابن خلدون وأبي الفداء بلفظ بيدو والصحيح بايدو وهو الذي ينطق به الترك.

(٢) ورد في شجرة الترك أن بايدو بن قاراغاي «ص ١٧٠» وفي موطن آخر منه أنه ابن طاراغاي «ص ١٧١» وفي تاريخ كزيده أنه طرغاي كما أنه جاء في كلشن طرقاي والشائع المذكور في متن الكتاب.

(٣) تاريخ وصاف ج ٣ ص ٢٨٣.

٤١١

ولاية الدستجرداني العراق

تولية العراق : (أحوال بغداد)

ثم إن السلطان بايدوخان أرسل الأمير چارغتاي إلى بغداد وأمره بالقبض على محمد السكورجي وحمله إليه وولى جمال الدين الدستجرداني (١) العراق فوصل بغداد يوم السبت ١٨ ربيع الأول وقبض على محمد السكورجي وأبيه وأخيه وعمه وجميع أهل بيته وأصحابه ونهب أموالهم وكل ما في دورهم وحمل محمدا إلى بايدو وهو في نواحي (البت) (٢) فأمر بقتله فقتل وقطعت اعضاؤه وحمل رأسه إلى بغداد ويداه وعلق الجميع على الجسر.

وكان جمال الدين الدستجرداني معتقلا لإيضاح بقايا العراق مع أصحاب محمد السكورجي فأحضره الأمير جارغتاي إليه وولاه أمر العراق فركب وسكن الناس وكانوا قد اضطربوا وانزعجوا لما قبض على محمد السكورجي ثم جلس في الديوان وطلب فخر الدين مظفر بن الطراح صدر الحلة وكان موكلا به مع أصحاب محمد السكورجي على بقايا الحلة فولاه قوسان وواسط والبصرة عوضا عن نور الدين عبد الرحمن بن تاشان.

وولى الأمير دولة شاه بن سنجر الصاحبي الحلة ، ورتب شمس الدين محمد زرديان مشرفا بواسط ، ورتب عز الدين محمد بن شمام ناظرا لنهري عيسى وملك ، وعين النواب في سائر الأعمال ...

ثم أخذ في جمع الأموال الديوانية وكلف أرباب الأموال من أهل

__________________

(١) ورد في تاريخ كزيده دستكرداني بالكاف الفارسية وفي غيره دشت جرداني وقد ذكرها صاحب مراصد الاطلاع بالسين وبين أنها قرى عديدة مسماة بهذا الاسم.

(٢) البت والروذان فرعان من نهر العظيم ولا يزالان معروفين واسمهما قبل أن يندثر السد العظيم وإلى الآن مشهور إلا أن الروذان منهما يلفظ عند السكان هناك «الروضان» بالضاد. وقد مر ذكرهما في الفوطي مرارا.

٤١٢

بغداد والتجار والتتار وغيرهم شيئا على وجه المساعدة وحمل ذلك إلى بايدو أولا فأولا ثم توجه إلى بايدو وعين في العراق نور الدين عبد الرحمن بن تاشان ، وشرف الدين بديع. فلما وصل إلى بايدو والأموال صحبته ولاه (ديوان الممالك) وفوض إليه تدبير الملك.

قتلة السلطان بايدو :

لما بلغ غازان بن ارغون خان ما جرى على السلطان كيخاتو وكان في خراسان عظم ذلك عليه وأقبل بعساكره ومعه الأمير نوروز وقصد بايدو وهو بأذربيجان. فلما قرب منه أرسل إليه نوروز ينكر عليه قتل عمه. فاعتذر بالأمراء وركب عليهم الحجة في ذلك وطلب من نوروز أن يصلح الحال بينهما فعاد إلى غازان وعرفه ذلك فترددت الرسل بينهما حتى تم الصلح إلا أن نوروز لما أقام عند بايدو أخذ باستمالة المغول فمال أكثر الأمراء إلى غازان. ولما استوثق نوروز من المغول في الباطن كتب إلى غازان بخراسان وأمره بالحركة فتحرك غازان وبلغ بايدو ذلك فتحدث مع نوروز في الأمر فقال نوروز لبايدو أرسلني إلى غازان وبلغ بايدو ذلك فتحدث مع نوروز في الأمر فقال نوروز لبايدو أرسلني إلى غازان لأفرق جمعه وأرسله إليك مربوطا فاستحلف بايدو نوروز على ذلك وأرسله فسار نوروز إلى غازان وأعلمه بمن معه من المغول وعمد نوروز إلى قدر فوضعها في جولق وربطه وأرسل بذلك إلى بايدو وقال وفيت بيميني حيث ربطت غازان وبعثته إليك وقازان اسم القدر بالتتري فلما بلغ بايدو ذلك جمع عساكره وسار إلى جهة غازان والتقى الجمعان بنواحي همدان فخامر اصحاب بايدو عليه وصاروا مع غازان فولى بايدو هاربا بنفر من أصحابه فأدركوه وحملوه إلى غازان فأمر بتسليمه إلى اصحاب كيخاتو فسلم إليهم فقتلوه. وكان ذلك في شوال. وكان عمره نحو أربعين سنة وملكه سبعة أشهر. وعلى رواية تاريخ كزيده ثمانية أشهر

٤١٣

وقتل في أواخر ذي القعدة ، وفي تاريخ مفصل ايران أنه قتل في ٢٣ ذي القعدة وفي أبي الفداء أنه قتل في ذي الحجة. والتواريخ متقاربة ولعل مبناها وصول الخبر وتاريخه ... وسبب القيام عليه امراؤه فإنه لم يتمكن منهم بسبب خرقه وعدم تمكنه من القبض على زمام الإدارة وقضائه على أصحاب النزعات ...

جلوس السلطان غازان :

ثم جلس السلطان غازان بن ارغون على التخت في سلخ ذي الحجة (١) ودخل تبريز وصلى في جامعها ... وولى أخاه خدابنده خراسان على قاعدته لما كان هناك ، وجعل نائبه الأمير نوروز بن ارغون آغا وولى الأمير طغاجار الروم فسار إليها (٢).

قال في الدرر الكامنة : وحسن له نائبه نوروز فأسلم سنة ٦٩٤ ه‍ ونثر الذهب والفضة واللؤلؤ على رؤوس الناس وفشا بذلك الإسلام في التتار (٣) ... وكان إسلامه على يد صدر الدين إبراهيم بن سعد الله (٤) بن حمويه الجويني وعمره يومئذ بضع وعشرون سنة وكان يوم إسلامه يوما عظيما ، دخل الحمام فاغتسل وجمع مجلسا وشهد شهادة الحق في الملأ العام فكان لمن حضر ضجة عظيمة وذلك في شعبان سنة ٦٩٤ ه‍ ولقنه

__________________

(١) كذا في تاريخ كزيده.

(٢) الفوطي وتاريخ كزيده ص ٥٩١ وأبو الفداء ج ٤ ص ٢٣.

(٣) تعليق عن الملحق : جاء التفصيل عن ذلك في تاريخ (تلفيق الأخبار) في مواطن منه ، وفي كتاب (السيادة العربية ص ٨ ـ هامش) عن السرتوماس ارنولد. وذكرنا :

أن غازان اسلم في شعبان سنة ٦٩٤ ه‍. وفي روضات الجنات عن تاريخ إسلامه في ٤ شعبان هذه السنة ولم نجد من طبعها غيره (روضات الجنات ص ٥٠).

(٤) في الشذرات هو صدر الدين إبراهيم ابن الشيخ سعد الدين روى عن اصحاب المؤيد الطوسي وأخبر أن ملك التتار غازان اسلم على يده بواسطة نائبه نوروز وكان يوما مشهودا ج ٥ ص ٤٢٨.

٤١٤

نوروز شيئا من القرآن وعلمه الصلاة وصام رمضان تلك السنة ... ولما أسلم قيل له إن دين الإسلام يحرم نكاح نساء الآباء وكان قد استضاف نساء أبيه إلى نسائه وكان احبهن إليه بلغان خاتون وهي أكبر نساء أبيه فهم أن يرتد عن الإسلام فقال له بعض خواصه إن أباك كان كافرا ولم تكن بلغان معه في عقد صحيح إنما كان مسافحا بها فاعقد أنت عليها فإنها تحل لك ففعل ولو لا ذلك لارتد عن الإسلام واستحسن ذلك من الذي افتاه به لهذه المصلحة ... (١).

وقد ذكر ابن بطوطة في رحلته (تحفة النظار) : أن التتر يسمون المولود باسم أول داخل على البيت عند ولادته ... وقازان وقازغان هو القدر قيل سمي بذلك لأنه لما ولد دخلت الجارية ومعها القدر ويلفظ في الغالب (غازان) وهو المعروف عند الترك في مؤلفاتهم ونطقهم ... وإلى التسمية أو اللفظ أبهم نوروز في حلفه وأوهم أنه يريد السلطان كما تقدم ...

أهل الذمة :

ومن حين جلس السلطان غازان أصدر يرليغا في دعوة المغول إلى قبول الإسلامية ، وأن يحكموا بالعدل بين الناس ، وأن تقوض دور الأصنام والكنائس ومعابد المجوس وتحول البيع إلى مساجد ... وأمر بإلزام أهل الذمة الغيار فكانت علامة النصارى شد الزنار في أوساطهم واليهود خرقة صفراء في عمائمهم فداموا على ذلك شهورا ثم أزيل بمجرد تسلط العوام عليهم وطمع الجهال فيهم.

ادارة العراق : (قاضي القضاة)

وتقدم السلطان بأخذ دار علاء الدين الطبرسي الدويدار الكبير من

__________________

(١) ج ٣ ص ٢١٣.

٤١٥

النصارى فإنها كانت بأيديهم من حيث ملكت بغداد وأزيل ما بها من التماثيل والخطوط السريانية واستعيد الرباط الذي تجاه هذه الدار المعروف بدار الفلك وكان قد جعله النصارى مدفنا لأكابرهم فأزيلت القبور منه وصار مجلسا للوعظ. جلس فيه الشيخ شرف الدين محمد بن عكبر وكان يجتمع عنده خلق كثير.

ثم ولي الأمير بوغولدار (شحنة بغداد) ورتب شرف الدين السمناني صاحب الديوان بها ورتب جمال الدين عبد الجبار البصري قاضي قضاة بغداد نقلا من قضاء البصرة وعزل عز الدين أحمد ابن الزنجاني عن قضاء القضاة حيث كف بصره ...

قتلة فخر الدين مظفر ابن الطراح :

ثم إن جمال الدين الدستجرداني تقدم إلى نور الدين عبد الرحمن نائبه ببغداد فأخذ فخر الدين مظفر ابن الطراح صدر واسط والبصرة وقتله فانحدر إلى واسط وقبض عليه وعلى اصحابه ثم دوشخ وطوق وأسمع كل قبيح وأخذ خطه بأنه وصل إليه شيء كثير من الأموال وأشهد عليه بذلك القاضي والعدول ثم حمله إلى بغداد ووكل به أياما. ثم ضرب وعوقب وقتل وحمل رأسه إلى واسط وعلق على الجسر بعد أن طيف به في شوارعها وسوقها.

وكان جوادا سخيا كريما ذا ناموس عظيم وسياسة يخافه الأعراب وسائر الرعايا. خدم في أعمال العراق ، ناب في صباه عن نجم الدين ابن المعين في الحلة. ثم ولي ناظر طريق خراسان وناب عن الملك فخر الدين منوجهر ابن ملك همذان في واسط. فلما سافر إلى بلاده استقل بالحكم فيها وأضيف إليه قوسان والبصرة. ثم عزل ورتب صدرا في الحلة والكوفة والسيب. ثم نقل إلى صدرية واسط وبقي مدة ثم عزل ورتب صدرا بالحلة والكوفة والسيب ثم نقل إلى صدرية واسط وبقي مدة

٤١٦

ثم عزل ورتب صدرا بالحلة والسيب ثم عزل وأعيد إلى واسط مرة أخرى ثم عزل وأعيد إلى الحلة والسيب. ثم نقل في هذه السنة إلى صدرية واسط وقوسان والبصرة وآلت حاله إلى القتل. ودفنت جثته في مشهد موسى بن جعفر عليه السّلام وكان قد تجاوز في العمر ستين سنة. وكان يقول الشعر الجيد. وله أشعار كثيرة مدح بها الصاحب علاء الدين ابن الجويني وأخاه شمس الدين. وآخر ما قاله وهو في السجن بدار النيابة ببغداد قبل أن يقتل بأيام وجدت بخطه :

القول فيما مضى من عمرنا هذر

فدعه واصبر لما يأتي به القدر

واستشعر الصبر إن تأتيك نائبة

فالصبر أجمل ما حلي به البشر

إلى أن يقول :

وكل حادثة في الدهر هينة

إذا غدا سالما في طيها العمر

قل للعتاة من الغايات ويحكم

طيبوا فقد فقد الرهبالة الذمر

وقل لبيض السيوف المرهفات لدى

الاغماد قري فقد أودى به القدر

مضى المظفر ليث الغاب عن كثب

فليهن اعداءه من بعده الظفر

وفيات :

١ ـ توفي نور الدين عبد الرحمن بعد قتل مظفر ابن الطراح بمدة شهرين وكان يسلك نور الدين في أيام حكمه قاعدة بهاء الدين بن شمس الدين الجويني صاحب ديوان الممالك في التمثيل وشناعة القتل وأحدث

٤١٧

القنارة بواسط كما أحدثها بهاء الدين في اصفهان وكانت قد نسيت من عهد البساسيري.

٢ ـ توفي سعدي الشيرازي الشاعر المشهور بالفارسية. وكلستانه وبوستانه وكلياته معروفة. وله قصيدة في واقعة بغداد على يد هلاكو قالها باللغة العربية يتألم بها للمصاب ومطلع قصيدته في واقعة بغداد :

حبست بجفني المدامع أن تجري

فلما طغى الماء استطال على السكر

نسيم صبا بغداد بعد خرابها

تمنيت لو كانت تمر على قبري

وله المكانة الأدبية في أنحاء العراق بآثاره المذكورة فالاهتمام بها كبير جدا وقد ترجم الكلستان للتركية مرارا ، وللعربية أيضا ... ولا تزال بقية في العراق تدرس كلستانه وكلياته ...

٣ ـ توفي شمس آل الكبشي بشيراز.

٤ ـ توفي الفاروثي : الإمام عز الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم ابن عمر الواسطي الشافعي المقري الصوفي شيخ العراق ولد بواسط في ذي القعدة سنة ٦١٤ ه‍ ومات بواسط في أول ذي الحجة سنة ٦٩٤ وتفصيل ترجمته في الشذرات (١). وفاروث قرية على دجلة.

٥ ـ الشيخ الإمام مظفر الدين أحمد بن نور الدين علي بن تغلب ابن أبي الضياء البغدادي البعلبكي الأصل المعروف بابن الساعاتي ، سكن بغداد ونشأ بها ، وأبوه هو الذي عمل الساعات المشهورة على باب المستنصرية ببغداد (٢). وكان مظفر الدين إماما عظيما ، فاضلا ، وله

__________________

(١) ج ٥ ص ٤٢٥.

(٢) مرت ترجمة أبيه.

٤١٨

تصانيف منها (مجمع البحرين) في الفقه ، أسسه على قواعد لم يسبق إليها ، وشرحه في مجلدين كبيرين ، اختصر وقد اختصر العيني هذا الشرح وسماه المستجمع في شرح المجمع وزاد فيه مذهب الإمام أحمد ، وفي كشف الظنون إيضاح عن تاريخ تأليف المجمع وأنه فرغ منه في ٨ رجب لسنة ٦٩٠ ه‍. والنسخة التي بخط مؤلفه رآها كاتب چلبي في مكتبة فاتح في استانبول. والكتاب من معتبرات كتب الحنفية ... وله ابن أخت هو تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب المعروف بالساعاتي أيضا المتوفى سنة ٦٦٤ ه‍ وهو من شيوخ الإجازة ، وللمترجم المظفر بنت فقيهة اسمها فاطمة (١) ... وعلى كل نال المترجم شهرة عظيمة في الفقه الحنفي ولا يزال كتابه يعد من الكتب المعتبرة والمعول عليها عند الحنفية ...

ومن مؤلفاته كتاب البديع في الأصول. جمع فيه بين أصول البزدوي وأحكام الآمدي قائلا في خطبته إنه لخصه من كتاب الأحكام ، وخصه بالجواهر النفيسة من أصول فخر الإسلام ، وجعله حاويا للقواعد الكلية والأصولية ، مشحونا بالشواهد الجزئية الفروعية (٢) ..

وله (كتاب الدر المنضود في الرد على فيلسوف اليهود) ويعني بفيلسوف اليهود ابن كمونة اليهودي صاحب كتاب (تنقيح الابحاث عن الملل الثلاث). والنسبة إلى بعلبك بعلي. قال ابن رافع : وكتب المنسوب. أجاز لشيخنا أبي حيان النحوي قاله ابن رافع في تاريخه ... (منتخب المختار).

هذا وقد ورد في صحيفة ٣٦٩ أنه كتاب الأبحاث عن الملل الثلاث (لا تنقيح الابحاث) .. فاقتضى التنبيه.

__________________

(١) عقد الجمان ج ١٩ والجواهر المضيئة ج ١ ص ٨٠ والفوائد البهية وتاج التراجم.

(٢) روضات الجنات ص ٩ ٨ والفوائد البهية ص ٢٦ ـ ٢٧.

٤١٩

٦ ـ ابن البزوري :

أبو بكر محفوظ بن معتوق البغدادي التاجر ، روى عن ابن القسطي ، ووقف كتبه على تربته بسفح قاسيون وكان نبيلا ، سريا جمع تاريخا ذيل به على المنتظم وتوفي في صفر عن ٦٣ سنة وهو أبو الواعظ نجم الدين (١).

فظاعة في عقوبة :

وقعت حادثة رجل أعجمي يعرف بتاج الدين الدامغاني قد قتل في درب حبيب أنه اتهم به جماعة وحبسوا فحصل الحماة بقية النهار على قاتله فاعترف بالقتل. ولذا ضرب في يديه مسامير إلى لوح وراء ظهره وطيف به بجانبي بغداد. ثم سمر بباب السور وعمل عليه بقية الشمس ليطول عذابه فبقي أياما ثم قتل بعد ذلك على خشبته وهو قوي الجنان فترى الفظاعة في العقوبة والشدة في المغالاة في تنفيذها.

حوادث سنة ٦٩٥ ه‍ (١٢٩٦ م)

نائب بغداد :

في هذه السنة رتب جمال الدين الدستجرداني أخاه عماد الدين نائبا عنه ببغداد حيث توفي نور الدين عبد الرحمن ابن تاشان. وكان قليل المعرفة بأحوال العراق فأعتمد على عز الدين محمد بن شمام في ذلك فكان هو الحاكم وعماد الدين صورة.

صاحب ديوان الممالك :

وعزل شرف الدين السمناني صاحب ديوان الممالك ورتب عوضه جمال الدين الدستجرداني فلم تطل أيامه وقتل في سنة ٦٩٦ ه‍.

__________________

(١) الشذرات ج ٥ ص ٤٢٥.

٤٢٠