موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

أن يقرّ الناس على مذهب أهل السنة والجماعة ...» ا ه.

وقد جاء في الدرر الكامنة عن هذه الحادثة «كان حسن الإسلام لكن لعبت بعقله الإمامية فترفض وأسقط من الخطبة في بلاده ذكر الائمة إلا عليا ... وكان فيما يقال قد رجع عن الرفض وأظهر شعار أهل السنة فقال بعضهم في ذلك :

رأيت لخربندا اللعين دراهما

يشابهها في خفة الوزن عقله

عليها اسم خير المرسلين وصحبه

لقد رابني هذا التسنن كله (١)

وقد نقل بعض المؤرخين أن السلطان كان اسمه خدابنده فصار يسميه أهل السنة (خربنده) تحقيرا له من حين قبل مذهب التشيع ... وقد نقلنا ما يخالف ذلك في سبب تسميته ولا يعوّل على أمثال هذه الإشاعات استفادة من قرب اللفظ (٢) ...

وفي عقد الجمان أنه أظهر الرفض في بلاده سنة ٧٠٩ ه‍ وأمر الخطباء أن لا يذكروا في خطبهم إلا عليّ بن أبي طالب (رض) وولديه وأهل البيت ...

وفي تاريخ كزيده يعزو سبب عدوله عن مذهب أهل السنة إلى غير ابن المطهر فقد ذكر أنه السيد تاج الدين على ما سيأتي.

وفي تقويم التواريخ في حوادث عام ٧١٦ ه‍ أن خدابنده توفي وولي بعده ابنه أبو سعيد وهذا أبطل شعار الشيعة وهذا هو المعول عليه نظرا للنقود المضروبة في أيامه واستمرارها إلى حين وفاته ... وغاية ما يفسر من النصوص أنه ترك الناس وما يدينون وراعى عقائدهم وخطبهم ولم

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٣٧٨.

(٢) مسكوكات قديمة إسلامية قتالوغي ص ٨٣.

٤٦١

يقسرهم على أمر مما يؤثر على معتادهم المذهبي ... وفي بغداد ما يأتي من الحوادث أنه كان يراعي جانبهم بسبب بعض ما وقع من السياسة الداخلية (١) ...

ومهما كان الأمر فلا نرى مجالا للبحث في النضال بين الشيعة والسنة ولا في تاريخ هذه الناحية أي درجة نطاق هذا المذهب وانتشاره في الاقطار وأثره أو تأثيره ... خصوصا أننا نعلم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وأن السياسة هي التي نفرت بين الإخوان وباعدت ما بينهم واستخدمت علماء كل فريق وتقويته على الآخر حبا في الاستفادة للحصول على نيل مكانة ... فكان اولئك العلماء آلة شحناء وواسطة بغضاء بين الإخوان في الدين ترويجا لمطالب السياسة ومرغوباتها ...

وفيات :

١ ـ توفي رشيد الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمر بن أبي القاسم البغدادي الحنبلي المقري المحدث الصوفي الكاتب. ولد ليلة الثلاثاء ١٣ ذي القعدة سنة ٦٢٣ ه‍ وسمع الكثير من ابن روزبه والسهروردي وابن الخازن وابن اللتي وغيرهم وعني بالحديث وسمع الكتب الكبار والأجزاء كان عالما صالحا من محاسن البغداديين وأعيانهم ذا لطف وسهولة وحسن أخلاق من اجلاء العدول ولبس خرقة التصوف من السهروردي وحدث بالكثير وسمع منه خلق كثير من أهل بغداد والرحالين وانتهى إليه علو الاسناد. وتوفي في جمادى الآخرة ببغداد ودفن بمقبرة الإمام أحمد.

وزاد في الدرر الكامنة أنه باشر مشيخة المستنصرية بعد الكمال ابن القويرة وذكر أنه توفي في رجب (٢).

__________________

(١) تحفة النظار ص ١٢٣.

(٢) «ج ٤ ص ١٥٠».

٤٦٢

٢ ـ يعقوب الشهرزوري : هو بهاء الدين. كان أراد القدوم إلى مصر في أيام الصالح أيوب فلما خرج المظفر قطز إلى قتال التتار شهد معه (وقعة عين جالوت) ومعه جمع كثير من الشهرزورية وأبلوا بلاء حسنا ثم قبض عليه المنصور وحبسه ثم أفرج عنه الاشرف خليل وأمّره وكان من الأكابر ، له مكارم وأتباع. مات في أواخر سنة ٧٠٧ ه‍ (١).

٣ ـ نجم الدين أحمد بن غزال ابن مظفر بن يوسف بن قيس الواسطي المقري المجود. ولد في رمضان سنة ٦٢٧ وتعانى القراءات إلى أن مهر فيها واشتهر بها فصار شيخ الاقراء بواسط وكان قد سمع كثيرا من ابن شقيرة وغيره. مات في شهر رجب سنة ٧٠٧ ه‍ بواسط (٢).

٤ ـ خطلو شاه (قتلغ شاه) أو قطلو شاه المغلي : كان مقدم العسكر في أيام غازان وفعل بدمشق الافاعيل ثم كان مقدمهم في وقعة شقحب فعاد مكسورا ثم جهزه غازان إلى كيلان ففتكوا به وقتلوه في أول سنة ٧٠٧ ه‍. وقد مرّ الكلام عليه (٣).

٥ ـ داود بن أبي نصر بن أبي الحسن البغدادي : سمع من محمد ابن الحصري وابن شاتيل وحدث. مات في ١٦ شعبان سنة ٧٠٧ ه‍ (٤).

٦ ـ صالح بن عبد الله البطائحي : هو شيخ المنيع بالشام. كان لبيدرا حال نيابته عن الديار المصرية فيه اعتقاد. وكان أصله من بلاد العراق. ولما دخل التتار دمشق في وقعة غازان عرفه جماعة منهم فأكرموه ونزل عنده قطلو وأحد أكابر أمرائهم وكانت له شهرة بين طائفته

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٤٣٦.

(٢) ر : الدرر الكامنة ج ١ ص ٢٣٤».

(٣) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٨٥ وج ٢ ص ٢٥٤.

(٤) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٩٩.

٤٦٣

ومات ٢ جمادى الآخرة سنة ٧٠٧ ه‍ (١).

٧ ـ أبو سعد عبد الله بن محمد بن نصر بن عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر الجيلي. ولد سنة ٦٥٠ تقريبا وسمع الحديث من عم والده فضل الله بن عبد الرزاق ومات في ٧ شوال سنة ٧٠٧ ه‍ (٢).

حوادث سنة ٧٠٨ ه‍ (١٣٠٨ م)

في هذه السنة التجأ إلى السلطان الجايتو (محمد خدابنده) كل من شمس الدين آق سنقر صاحب حماة وجمال الدين الأفرم صاحب حلب وبعض أمراء الشام وأظهروا له الطاعة فرحب بهم الجايتو وأكرمهم وأعزّهم ومنح لكل واحد منهم مدينة في ايران ليحكم فيها (٣) ...

ولم نجد أثرا لهذا الخبر في أبي الفداء أو غيره في حين أننا نرى بعد هذا التاريخ وقائع وأوضاع لجمال الدين اقوش الأفرم في أبي الفداء ولم يتعرض لهذه الناحية بل نراه نائبا في الكرك في هذه السنة سنة (٧٠٨ ه‍) (٤). إلا أن الوقعة التالية تعين حقيقة الأوضاع آنئذ ...

وقعة أحمد بن عميرة : (أمير الموصل)

إن أحمد بن عميرة هو من آل فضل وكان بينه وبين ابن عمه مهنا ابن عيسى نزاع. وقد زوج هذا اخته من ثابت بعد أن كان اعطاها لعميرة ... فكانت نتيجة الخلاف بينهما أن التجأ أحمد بعد وفاة والده في الحبس إلى التتار وكان أمير الموصل آنئذ ايليا حميش : وهذا الأمير بعد وقعة أحمد وانكساره عزل وكان نازلا على الموصل ويحكم في تلك

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٢٠٢.

(٢) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٢٠٣.

(٣) تاريخ كزيده.

(٤) ج ٤ ص ٥٦ أبا الفداء.

٤٦٤

البلاد نيابة عن خربندا. ولما عزله ولى اميرا آخر يقال له (سوتاي) وكان من أمكر المغل وأخبثهم وأفرسهم. وهذا واقع سورية والحروب في هذا الحين متوالية بين الطرفين وكان أحمد مجروحا فشفي وصار معه ... جرت حروب دموية قد غلب في آخرتها ...

هذا ما ورد في عقد الجمان وقد فصل القول فيه عن أحمد والتجائه إلى خربنده والوقائع الجارية هناك ... والملحوظ أن السياسة العشائرية لعبت دورها في هذا الوقت ، وهذه وإن كانت في الحقيقة لا تعد الحروب فيها مع العراق مباشرة ولكنه لا يخلو من علاقة ، والتفاهم غالبا إنما يكون مع أمراء العراق ... وفي هذه الأيام نرى الاهتمام بالعشائر بالغا حده ومن مراجعة وقائعهم نعلم دخائل السياسة مع المجاورين ودرجة مجاريها ...

وفيات :

١ ـ توفي شيخ المستنصرية : المعمر عماد الدين أبو البركات اسماعيل ابن الشيخ الزاهد أبي الحسن علي بن البطال (الطبال) الازجي شيخ المستنصرية سمع من عمر بن كرم وابن القطيعي ، وابن روزبة وجماعة وحدث بالكثير ولم يخلف بالعراق مثله وتفرد ومات ببغداد (١).

٢ ـ ابن شامة السواري : الحافظ مفيد مصر شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن شامة بن كوكب الطائي السواري الحكمي ـ وحكم بالفتح قرية من قرى السوار ـ الحنبلي الحافظ الزاهد. ولد في رجب سنة ٦٦٢ ه‍ وسمع من احمد بن أبي الخير وابن أبي عمر وغيرهم ورحل سنة ٨٣ إلى مصر وسمع بها من العز الحراني وابن خطيب المزة وغيرهما ، وبالإسكندرية من ابن طرخان وجماعة وببغداد من ابن الطبال وخلق

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢١ والشذرات.

٤٦٥

وبأصبهان والبصرة وحلب وواسط عني بهذا الفن وحصل الأصول وكتب العالي والنازل.

قال الحافظ عبد الكريم الحلبي : كان إماما عالما فاضلا حسن القراءة فصيحا ، ضابطا ، متقنا قرأ الكثير وسمع من صغره إلى حين وفاته.

قال البرزالي : خالط الفقراء وصارت له أوراد كثيرة وتلاوة واستوطن ديار مصر وتزوج وصارت له بها حظوة وشهرة بالحديث والقراءة وكان معمور الأوقات بالطاعات.

قال الذهبي في معجمه : أحد الرحالين والحفاظ والمكثرين ودخل اصبهان طمعا أن يجد بها رواة فلم يلق شيوخا ولا طلبة فرجع وكان ثقة صحيح النقل عارفا بالأسماء من أهل الدين والعبادة.

قال ابن رجب : سمع منه البرزالي والذهبي وعبد الكريم الحلبي وذكروه في معاجمهم.

توفي يوم الثلاثاء ١٤ ذي القعدة ودفن بالقرافة بالقرب من الشافعي (١).

٣ ـ توفيت ييلدوزش خاتون زوجة الجايتو في جمادى الأولى. وجاء في تاريخ گزيده أنها ايلدوزش خاتون (٢).

٤ ـ عبد الغفار البندنيجي البغدادي :

هو ابن عبد الله بن محمد بن أبي الغنائم بن فضل البندنيجي البغدادي سمع من ابن أبي النجا اللتي. وسمع منه أبو العلاء النجاري

__________________

(١) شذرات الذهب ج ٦ ص ١٨.

(٢) تاريخ كزيده ص ٥٩٦.

٤٦٦

وحدث. مات في جمادى الأولى سنة ٧٠٨ (١).

٥ ـ علي بن أبي عفان بن الحسين الخطيبي البغدادي :

هو محيي الدين أبو عثمان المعروف بابن شيخ النجل ولد سنة ٦٢٨ (٦٢٧) وسمع من الكاشغري وغيره. ومات في جمادى الآخرة سنة ٧٠٨ ه‍ (٢).

٦ ـ محمد بن أبي بكر بن محمد بن عبد الرزاق القزويني ثم البغدادي. حدث ببغداد ومات في شعبان سنة ٧٠٨ (٣).

حوادث سنة ٧٠٩ ه‍ (١٣٠٩ م)

بناء مدينة سلطانية :

١ ـ في هذه السنة أمر السلطان خدابنده ببناء مدينة سلطانية (٤).

تزوج السلطان :

٢ ـ وفيها تزوج السلطان خدابنده ملك التتار ببنت الملك المنصور نجم الدين غازي ابن المظفر قره ارسلان الارتقي صاحب ماردين المتوفى سنة ٧١٢ ه‍ وهو ابن قره ارسلان الارتقي.

عودة احمد بن علي بن عميرة الأمير من آل فضل :

كان ممن سار إلى بلاد الططر (التتار) وآذى الناس ثم رجع عن

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٨٦ وجاء في عقد الجمان أنه الشيخ ظهير الدين بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي الفضل. سمع الحديث وأقام ببغداد مدة طويلة. «ج ١٩».

(٢) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٨٤.

(٣) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٤٠٩.

(٤) الدر المكنون.

٤٦٧

ذلك وتاب ودخل الشام بالأمان في صفر سنة ٧٠٩ ه‍ (١).

وفيات :

١ ـ توفي أبو العباس أحمد بن طالب الحمامي البغدادي الزانكي المجاور من زمان بمكة بحيث صار مسندها أخذ عنه ابن مسلم القاضي وشمس الدين بن الصلاح مدرس القيمرية وأجاز لأبي عبد الله الذهبي وتوفي بمكة في جمادى الآخرة عن بضع وثمانين سنة.

٢ ـ إبراهيم بن أبي الحسن بن صدقة بن إبراهيم البغدادي المخرمي ولد سنة ٢٤ وسمع أبا نصر بن عساكر وابن اللتي وابن المقير وغيرهم. أجاز له أبو الوفاء ابن مندة والناصح ابن الحنبلي وجعفر وآخرون وتفرد وروى الكثير وكان حسن الأخلاق يؤم بمسجد ويقرىء الصغار وأخذ عنه المزي والبرزالي وابن المحب والسبكي وآخرون. مات في شهر رمضان (٢).

٣ ـ أحمد بن أبي طالب بن محمد البغدادي :

هو أبو العباس أحمد البغدادي الحمامي نزيل مكة سمع من قرابته الأنجب الحمامي وحدث عنه وكان الدباهي يثني على دينه ومروءته مات بمكة وقد قارب التسعين.

٤ ـ آذينه التتري (شحنة بغداد) : (اذينا).

كان شحنة بغداد من قبل التتار ، عادلا ، صارما. ولي بغداد فمهدها من المفسدين وقمع من بها من المعتدين وخفف ظلما كثيرا ، وحمدت سيرته إلى أن مات في اوائل سنة ٧٠٩ ه‍ بناحية الكوفة وكان دينا حسن الإسلام ، يمشي إلى صلاة الجمعة (٣).

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ١ ص ٢١٨.

(٢) الدرر الكامنة ج ١ ص ٢٤.

(٣) الدرر الكامنة ج ١ ص ٣٤٧.

٤٦٨

٥ ـ ايرنجن التتري : النوين خال أبي سعيد كان اتفق مع أبي سعيد على إمساك چوبان وقتله فتحيل عليه هو وقرمش ودقماق وجماعة ففطن لهم فهرب فطلبوه وحرجوه فلجأ إلى قلعة مرند ثم توجه إلى أبي سعيد فدخل عليه ومعه كفنه فقال قتلت رجالي ونهبت أموالي فإن كنت تريد قتلي فها أنا بين يديك فتبرأ أبو سعيد من ذلك فاستخدم رجالا وأوقع بايرنجن ومن معه فانكسر ثم أسر هو وقرمشي ودقماق فعقد لهم مجلس فقالوا ما فعلنا شيئا إلا بإذن القاآن فأنكر أبو سعيد فقال ايرنجن هذا خطك معي فضربه بسيخ (سهم) في فمه فقتله وطيف برأسه وتمكن جوبان وأباد أضداده وذلك سنة ٧٠٩ ه‍ وقتل دقماق وقرمشي (١).

حوادث سنة ٧١٠ ه‍ (١٣١٠ م)

الكيلانيون :

في هذه السنة ذكر الغياثي أن جماعة في أرض كيلان تمردوا وقال ابن خلدون هم الأكراد فجهز عليهم نائبه قتلغ شاه فحاربهم في جبال كيلان فهزموه وقتلوه وولي مكانه الأمير چوبان وقد مرّ ذلك في الحوادث الماضية والظاهر أنه بعد قتله قتلغ شاه انتصر عليهم في هذه السنة تأليفا بين النصوص المختلفة في تواريخها ...

بين الوزيرين :

في هذه السنة حدث بين الوزيرين الخواجة رشيد الدين والخواجة سعد الدين مخالفة فانقلبت الصداقة إلى بغضاء فكان الخواجة رشيد الدين يستفيد من كل فرصة ليبغض السلطان على الخواجة سعد الدين إلى أن غير طبع السلطان عليه وجعله ينفر منه وبلغ تشنيعه عليه امرا كبيرا حتى أنه لم يقف عند هذا الحد وإنما لقن السلطان أن جماعته وأعوانه أيضا على

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ١ ص ٤٣١.

٤٦٩

شاكلته وعلى وفاق معه واتفاق ... وساعده على ذلك علي شاه ...

وفي عاشر شوال (١) قتل هو ومن معه في بغداد من نوابه أمثال الأمير ناصر الدين يحيى بن جلال الدين الطبري والخواجة زين الدين الماستري والخواجة شهاب الدين مباركشاه السباوي وداود شاه فاستشهدوا في المحول من بغداد جميعا وذلك بفرمان من السلطان بعد أن أجريت محاكمتهم. وصارت الوزارة بعده للخواجة تاج الدين علي شاه التبريزي وهو الوزير الذي انضم إلى الوزيرين واتفق مع الخواجة رشيد الدين على خصمه ... وفوضت إليه الوزارة على أن لا يخرج عن أمر الخواجة رشيد الدين ولا يتجاوز مرسومه ...

وأن علي شاه كان قد عرف مواطن الضعف في الخواجة سعد الدين وذلك أن أعوانه كان قد أعماهم الطمع فساقوا الوزير في الهاوية ولم يقف الأمر عند هؤلاء من رجال السوء فإن الخواجة سعد الدين كانت له زوجة يقال إنها في الأصل يهودية وقد ملكت لبه فلم يستطع مخالفتها ، وكانت تطلب منه أمورا هي من جملة أسباب نكبته ... وقد أثنى على سلوكه وحسن سيرته أبو القاسم عبد الله بن محمد القاشاني في تاريخه المعروف ب (تاريخ الجايتو) وبين مواطن ضعفه في الناحيتين المذكورتين وقد نعتت زوجته بأنها شيطان في صورة إنسان وأنها رمته في ورطة ... أما الموظفون عنده فقد عرف حالتهم علي شاه وكشف مخبآت ... فأوجب سقوط الخواجة سعد الدين سقوطا هائلا (٢) ...

__________________

(١) في تاريخ الجايتو أن ذلك وقع يوم السبت ١٠ شوال سنة ٧١١ ه‍ والصحيح ما ذكرناه نقلا عن تاريخ كزيده فإنه عين التاريخ في بيت شعر فارسي «اسلامدة تاريخ ومؤرخلر».

(٢) وفي تاريخ الجايتو ما يشم منه رائحة التحامل والحزبية إلا أن وضوحه ودقة نظره وحسن التفاته للحقائق من أقرب طريق مما يفيد كثيرا. اتمه في أيام أبي سعيد ومنه نسخة كتبت بالفارسية في مكتبة أيا صوفيا وهو خير وثيقة لهذا العصر.

٤٧٠

ولكن الأمور لم تجر وفق المطلوب وإنما اضطربت الحالة وساءت بسبب التقيد الزائد ، والاحتياط الكبير فكانت داعية التخوف البليغ أدت إلى الخلل العظيم وصار الوزير الجديد يعارض في كل أمر ولا يلتفت إلى أوامر الخواجة رشيد الدين هذا وأن زوجة الخواجة سعد الدين كانت قد اتفقت مع نجيب الدولة من أطباء البلاط وهذا أيضا كان ممن اعتنق الإسلامية وهو في الأصل من اليهود فلعب في أيام الجايتو وأبي سعيد هو وأمثاله من اليهود الذين قبلوا الإسلامية لمصلحة ادوارا هائلة وكانت تقع على أيديهم وقائع فجيعة كادوا بها يقضون على جميع الوزراء بل قضوا ودمروا الحكومة ...

وعلى كل حال أوضح هذه النواحي القاشاني وفصل ما جرى ...

غلاة الشيعة ـ مشهد ذي الكفل (١) :

وفي ثالث ذي الحجة من هذه السنة قتل السيد تاج الدين اللوحي (٢) وهو من متقدمي رجال الشيعة ورؤسائهم وكان من أهل الغلو العظيم في الرفض فهذا كان قد حرض السلطان الجايتو على هذا المذهب. وقتل ابن السيد تاج الدين وجماعة آخرين بسبب اتفاقهم مع الخواجة سعد الدين فقضى عليهم جميعا ... وأن السيد عماد الدين علاء الملك السمناني قد سمل بسبب ميله إلى جانبهم ...

وفي هذه الوقعة والخلاف بين الوزراء ما يؤيد وجهة نظر كلّ فضاع التدبير في تدارك الخلل وجاء في ابن بطوطة كما في النص

__________________

(١) جاء في كتاب جامع الأنوار : تربته فيما بين الحلة والكوفة يزورها المسلمون وأهل الكتاب وهي مشهورة معروفة ... وفي كتب التفسير مباحث عديدة عن سبب تسميته وعن عبادته والقصص المحفوظة عنه وهكذا نجد الكثير مسطورا في تاريخ الأنبياء ... وفي تاريخ حمد الله المستوفي المسمى «بنزهة القلوب».

(٢) في تاريخ كزيده جاء بلفظ «آوجي» ، وفي عقد الجمان الآوي.

٤٧١

المنقول ما يؤيد الحالة والوضع وأساسا إن الأوضاع السياسية والحالة الراهنة مضطربة فلا أمل في إصلاحها والتنافس بين الوزراء قائم (١) ...

وفي عمدة الطالب ما نصه :

«من بني زيد ابن الداعي السيد الجليل الشهيد تاج الدين أبو الفضل محمد بن مجد الدين الحسين بن علي بن زيد المذكور. كان أول أمره واعظا واعتقده السلطان الجايتو محمد وولاه نقابة نقباء الممالك بأسرها العراق والري وخراسان وفارس وسائر ممالكه وعانده الوزير رشيد الدين الطبيب. وأصل ذلك أن مشهد ذي الكفل (ع) بقرية بئر ملاحة على الشط بين الحلة والكوفة واليهود يزورونه ويترددون إليه ويحملون إليه النذور فمنع السيد تاج الدين اليهود من قربه ونصب من صبيحته منبرا وأقام فيه جمعة وجماعة فحقد ذلك الرشيد مع ما كان في خاطره منه بجاهه العظيم واختصاصه بالسلطان ، وكان السيد تاج الدين (ابنه) هو المتولي لنقابة العراق وكان فيه ظلم وتغلب فأحقد سادات العراق بأفعاله فتوصل الرشيد ... واستمال جماعة ... وأوقعوا في خاطر السلطان .. فقتلوهم عتوا وتمردا موافقة لأمر الرشيد ...

وكان ذلك في ذي القعدة سنة ٧١١ ه‍ وأظهر عوام بغداد والحنابلة التشفي ...» ا ه (٢).

وفيات :

خطيب جامع المنصور وشيخ المستنصرية :

١ ـ توفي نجم الدين أبو بكر عبد الله بن أبي السعادات بن منصور ابن أبي السعادات بن محمد الأنباري ثم البابصري المقرىء خطيب

__________________

(١) تاريخ كزيده وتاريخ الجايتو.

(٢) عمدة الطالب ص ٨٠ وما يليها وهناك تفصيلات.

٤٧٢

جامع المنصور وشيخ المستنصرية بعد ابن الطبال (وفي عقد الجمان ابن البطال) سمع ابن بهروز والأنجب الحمامي وأحمد بن المارستاني.

ومات ببغداد في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة (١).

٢ ـ ست الملوك فاطمة بنت علي بن أبي البدر روت كتابي الدارمي وعبد بن حميد عن ابن بهروز الطبيب وتوفيت ببغداد في ربيع الأول قاله في العبر (٢).

٣ ـ محمد بن عمر الحراني ثم البغدادي :

هو الملقن بالجامع الأموي كان عارفا بالتجويد حسن الأداء مات في شهر رجب سنة ٧١٠ ه‍ (٣).

٤ ـ أحمد بن موسى الموصلي :

حنبلي مقرىء نزل دمشق وكان عارفا بالقراءات أخذ عن عبد الصمد ابن أبي الجيش وغيره. وكان فصيحا عارفا توفي سنة ٧١٠ ه‍ وقد قارب الستين (٤).

٥ ـ محمد بن دانيال بن يوسف المراغي الموصلي :

هو الحكيم شمس الدين الكحال الفاضل الأديب تعانى الآداب ففاق في النظم وسلك طريق ابن حجاج ومزجها بطريقة متأخري المصريين يأتي بأشياء مخترعة وصنف طيف الخيال الشاهد له بالمهارة في الفن وله أرجوزة سماها عقود النظام في من ولي مصر من الحكام وكان كثير النوادر والرواية ... (أورد له جملة من الشعر). مات في ١٢ جمادى الآخرة سنة ٧١٠ ه‍ (٥).

__________________

(١) الشذرات ج ٦ ص ٢٣.

(٢) الدرر الكامنة ج ٦ ص ٢٦٠.

(٣) الدرر الكامنة ج ٤ ص ١٠٦.

(٤) الدرر الكامنة ج ١ ص ٣٢٤.

(٥) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٤٣٦.

٤٧٣

ونعته في عقد الجمان بالحكيم الأديب الخليع ، صاحب النكت الغريبة والنوادر العجيبة ... كان كثير المجون والخلاعة ، وكان أعجوبة في النوادر والأجوبة ... ولد بالموصل سنة ٦٤٧ ه‍ ومن شعره :

قد عقلنا والعقل أي وثاق

وصبرنا والصبر مرّ المذاق

كل من كان فاضلا كان مثلي

فاضلا عند قسمة الأرزاق

حوادث سنة ٧١١ ه‍ (١٣١١ م)

مدينة سلطانية :

في هذه السنة كملت عمارة مدينة سلطانية (١) وهي بين قزوين وهمذان فنزلها السلطان خدابنده واتخذ بها بيتا لطيفا بني بلبن الذهب والفضة وأنشىء بإزائها بستان فيه أشجار الذهب بثمر اللؤلؤ والفصوص وأجري فيه اللبن والعسل انهارا وأسكن فيه الغلمان والجواري تشبيها له بالجنة وأفحش السلطان في التعرض لحرمات قومه (٢).

وجاء في عقد الجمان أن السلطان كان قد طلب من تبريز وبغداد صناعا ومهندسين لعمارتها. والسلطانية هذه هي (قنغرلان) وجعلها عاصمة ملكه ...

قراسنقر والأفرم :

جاء في عقد الجمان أن في هذه السنة توجه الأمير قراسنقر المنصوري إلى خربندا ملك التتار وكان نائب حلب ، توجه إلى الحجاز

__________________

(١) الدر المكنون.

(٢) تاريخ الغياثي وتقويم التواريخ.

٤٧٤

٤٧٥

ومن هناك مال إلى العراق ... فتمكنت حكومة المغول من استهوائه واستهواء غيره مثل الأفرم ، والعشائر بجلب رؤسائهم ... وقد اطنب في ذلك مما لا نرى الآن محلا للإطالة فيه وإنما نلاحظ الأوضاع العشائرية في مبحث خاص ... وعلى كل كانت الحالة تدعو للارتياب وكل واحد من المتجاورين لم يقصر في تدبير ويحاول ربح قضيته (١) ...

تاريخ وصاف : (تجزية الامصار وتزجية الاعصار)

في هذه السنة في شعبان أتم عبد الله بن فضل الله الشيرازي كتابه المعروف بتاريخ (وصاف) وقد مرّ القول عنه (٢).

وفيات :

١ ـ وفاة محمد بن علي الساوجي العجمي وجماعة :

إن محمد العجمي كان من الكبار بالعراق وأنشأ ببغداد جامعا غرم عليه ألف ألف ، غضب عليه خربندا فأمر بقتله وقتل الوزير مبارك شاه ويحيى بن إبراهيم ابن صاحب سنجار فقتلوا جميعا في شوال سنة ٧١١ ه‍ بسبب أن الشريف تاج الدين رفع عليهم عند خربندا أنهم توطؤوا على قتله (٣) ... وقد مرّ خبر ذلك.

٢ ـ سعد الدين مسعود الحارثي :

هو ابن أحمد بن مسعود بن زيد الحارثي العراقي. ولد سنة ٦٥٢ ه‍ وعني بالحديث فسمع من الرضى ابن البرهان والنجيب وعبد الله بن علاق وطبقتهم ، وبدمشق من أحمد بن أبي الخير والجمال ابن الصيرفي

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢١.

(٢) وصفه صاحب كلشن خلفا ورقة ٤٧.

(٣) الدرر الكامنة ج ٤ ص ١٠١.

٤٧٦

وابن أبي عمرو ، سمع الكثير واتسعت معارفه في الفن وكان ولي مشيخة الحديث النورية بدمشق ثم تركها ورجع إلى مصر. وكان أبوه تاجرا فنشأ هو في رياسة وبزة فاخرة وحرمة وافرة. قال الذهبي وكان رئيسا فصيح الايراد ، عذب العبارة ، قوي المعرفة بالمتون والأسانيد ، صيّنا ودرس بالصالحية وجامع ابن طولون ثم ولي القضاء في ربيع الآخر سنة ٧٠٩ ه‍ بعد موت عبد الغني بن يحيى الحراني من قبل المظفر بيبرس فاستمر إلى أن مات وكان متيقظا ، محتاطا وقدم الفضلاء من كل طائفة. وكان ابن دقيق ينفر منه لقوله بالجهة ، ويقال إنه الذي تعمد إعدام مسودة كتاب الإمام لابن دقيق العيد بعد أن كان أكمله فلم يبق منه إلا ما كان يبيض في حياة مصنفه ... مات في ١٤ ذي الحجة سنة ٧١١ ه‍ (١).

٣ ـ شيخ الخرامية أحمد بن إبراهيم الواسطي ثم الدمشقي الصوفي : ولد سنة ٦٥٧ وتفقه على مذهب الشافعي وتعبد وانقطع وكان يرتزق من النسخ وخطه حسن جدا. وله اختصار دلائل النبوة وتسلك به جماعة وكان يحط على الاتحادية. قال الذهبي تفقه وكتب المنسوب وتزهد وتجرد وتعبد وصنف في السلوك وشرح منازل السائرين. وكان منقبضا عن الناس حافظا لوقته لا يحب الخوانك تسلك به جماعة وكان ذا ورع وإخلاص.

وله نظم حسن. مات في شهر ربيع الآخر سنة ٧١١ ه‍ (٢).

٤ ـ مبارك شاه الوزير :

هو وزير خربندا قتل في شوال سنة ٧١١ هو قد مر الكلام عنه في ترجمة محمد بن علي الساوجي (٣).

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٣٤٨.

(٢) الدرر الكامنة ج ١ ص ٩١.

(٣) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٢٧٦».

٤٧٧

٥ ـ ابن الدباهي البغدادي :

هو محمد بن أحمد بن أبي نصر الدباهي البغدادي الحنبلي كان تاجرا ثم ترك وتزهد ولقي المشايخ وتكلم على الناس وقدم دمشق فلازم ابن تيمية قال الذهبي كان ذا صدق وتأله وديانة جاور مدة ولقي المشايخ وله مواعظ نافعة وكان ممن يقول الحق وإن كان مرا وفيه صفات حميدة مات في شهر ربيع الأول سنة ٧١١ ه‍ (١).

حوادث سنة ٧١٢ ه‍ (١٣١٢ م)

السلطان الجايتو وسورية :

في شوال سنة ٧١٢ ه‍ عزم السلطان على الذهاب إلى الشام (٢) وإفتتح قلعة الرطبة بعد معركة حصلت هناك ورأف بالصلح معهم وفي هذه الأثناء صال على خراسان كپك وميسور من أمراء الجغتاي وبعد أن أحدثوا أضرارا كبرى عادوا ... وأن السلطان الجايتو لما سمع بذلك سير الأمير علي القوشجي بجيش عظيم عليهم لينتقم ومن ثم عبر الفيلق نهر جيحون وخرب انحاء ترمذ وما وراء النهر فأخذ الحيف وعاد إلى السلطان وحينئذ نصب السلطان ابنه أميرا على خراسان وجعل الأمير سونج معه كأتابك له كما أنه أنفذ بصحبته أمير أمراء خراسان ... أما أهل ما وراء النهر فإنهم قد أحدثوا اختلافا بين ميسور وكپك فمال الأمير ميسور إلى السلطان وأبدى له الطاعة ومن ثم لطفه السلطان وكتب له كتابا يناصره فيه أما الأمير كپك فقد تأهب لحرب الأمير ميسور وقد

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٣٧٦.

(٢) وكان سبب ذلك أن قره سنقر المنصوري وعز الدين الزردكاش وبلبان الدمشقي والأفرم أقاموا بالبرية في ذمام مهنا بن عيسى ملك العرب ... ثم عبروا الفرات إلى خربنده ملك التتر فاحترمهم وأقبل عليهم .. «ص ٢٦١ ابن الوردي ج ٢».

٤٧٨

أمدّ الايرانيون الموما إليه فكانت النتيجة أن انهزم كپك (١) ...

وذكر أبو الفداء عن وقعة الرطبة ما يلي :

«وكان خربندا نازل الرطبة بجموع المغل (المغول) في آخر شعبان من هذه السنة (سنة ٧١٢ ه‍) ... واستمر خربندا محاصرا للرطبة وأقام عليها المجانيق وأخذ فيها النقوب ومعه قراسنقر والأفرم ومن معهما وكانا قد اطمعا خربندا أنه ربما يسلم إليه النائب بالرطبة وهو بدر الدين بن اركش الكردي لأن الأفرم هو الذي كان قد سعى للمذكور في النيابة بالرطبة فطمع الأفرم بسبب تقدم إحسانه إلى المذكور أن يسلم إليه الرطبة وحفظ المذكور دينه وما في عنقه من الأيمان للسلطان وقام بحفظ القلعة أحسن قيام وصبر على الحصار وقاتل أشد قتال.

ولما طال مقام خربندا على الرطبة بجموعه وقع في عسكره الغلاء والفناء وتعذرت عليه الأقوات وكثر منه المقفزون إلى الطاعة الشريفة وضجروا من الحصار ولم ينالوا شيئا ولا وجد خربندا لما أطمعه به قراسنقر والأفرم صحة فرحل خربندا عن الرطبة راجعا على عقبه في ٢٦ رمضان من هذه السنة ... وتركوا المجانيق وآلات الحصار على حالها ...» ا ه (٢).

وفي ابن الوردي : «... حاصروها ثلاثة وعشرين يوما ورموها بالمجانيق وأخذوا في النقوب ثم أشار رشيد الدولة على خربنده بالعفو عن أهلها وأشار عليهم بالنزول إلى خدمة الملك فنزل قاضيها وجماعة وأهدوا لخربندا خمسة أفراس وعشرة اباليج سكر فحلفهم على الطاعة له ورحل عنهم ...» ا ه (٣).

__________________

(١) تاريخ كزيده.

(٢) تاريخ أبي الفداء.

(٣) تاريخ ابن الوردي ج ٢ ص ٢٦١.

٤٧٩

وفي عقد الجمان تفصيل عن هذه الوقعة وعن وصول خربندا إليها ورحيله ثم نزوله الموصل ... وعند ذلك جاءته التقدمات والوفود من كل صوب ثم رحل إلى تبريز. وهناك جاءه رسول من ملك الترك (ولدي) وطلب منه الحمل لانقطاعه لمدة ثلاث سنوات فجمع خربندا المجلس ثم انتظر چوبان فأجابه ليس سوى الحرب وضرب الرسول ضربا مبرحا ...

ومن ملخص الأسباب الصحيحة أن القوم تركوا الحصار لأن المغول في ما وراء النهر عانوا في خراسان وما والاها فلا معنى لبقائهم على حصار الرطبة. وأن الصلح وقع لهذا السبب وانسحب الجيش للأمر الأهم ... كما أنه التجأ الأفرم وقراسنقر إلى خدابنده بعد التاريخ الذي بيناه وقد حكى ابن بطوطة ذلك بصورة مفصلة قال :

«كان قراسنقر من كبار الأمراء وممن حضر قتل الملك الأشرف أخي الملك الناصر وشارك فيه. ولما تمهد الملك للملك الناصر وقرّ به القرار واشتدت أواخي سلطانه جعل يتتبع قتلة أخيه فيقتلهم واحدا واحدا إظهارا للأخذ بثأر أخيه وخوفا أن يتجاسروا عليه بما تجاسروا على أخيه وكان قراسنقر أمير الأمراء بحلب فكتب الملك الناصر إلى جميع الأمراء أن ينفروا بعساكرهم وجعل لهم ميعادا يكون فيه اجتماعهم بحلب ونزولهم عليها حتى يقبضوا عليه. فلما فعلوا ذلك خاف قراسنقر على نفسه. وكان له ثمانمائة مملوك فركب فيهم وخرج على العسكر صباحا فاخترقهم وأعجزهم سبقا وكانوا في عشرين ألفا وقصد منزل (أمير العرب) مهنا بن عيسى وهو على مسيرة يومين من حلب وكان مهنا في قنص له فقصد بيته ونزل عن فرسه وألقى العمامة في عنق نفسه ونادى الجوار يا أمير العرب وكانت هناك أم الفضل زوج مهنا وبنت عمه فقالت له قد أجرناك وأجرنا من معك فقال إنما اطلب أولادي ومالي فقالت له لك ما تحب فانزل في جوارنا ففعل ذلك وأتى مهنا فأحسن

٤٨٠