موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

وفيات :

الطوفي البغدادي : وفي هذه السنة توفي نجم الدين أبو الربيع سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بن سعيد الطوفي الصرصري ثم البغدادي الحنبلي الأصولي المتفنن ولد سنة بضع وسبعين وستمائة بقرية طوفا من أعمال صرصر ثم دخل بغداد سنة ٦٩١ ه‍ وقرأ العلوم وسمع الحديث وسافر إلى دمشق سنة ٧٠٤ ولقي ابن تيمية والمزي والبرزالي. ثم سافر إلى مصر سنة ٧٠٥ ه‍ وأقام بالقاهرة مدة وصنف تصانيف كثيرة منها الاكسير في قواعد التفسير. والرياض النواظر في الأشباه والنظائر ، وبغية الواصل إلى معرفة الفواصل وشرح مقامات الحريري في مجلدات وغير ذلك وكان شيعيا وصنف كتابا سماه الفراط الواصب ، على أرواح النواصب ، وله من قصيدة في الإمام علي (رض) :

كم بين من شك في خلافته

وبين من قيل إنه الله (١)

حوادث سنه ٧١٧ ه‍ (١٣١٧ م)

السلطان أبو سعيد بهادر خان

سلطنة أبي سعيد :

لما مات السلطان الجايتو (محمد خدابنده) ولي بعده ابنه أبو سعيد بهادرخان وهو إن عشرين سنين (٢) واستولى على الإدارة الأمير چوبان ابن الملك تناون وكان السلطان ملكا فاضلا كريما ولما ملك كان شابا أجمل خلق الله صورة لا نبات بعارضيه ... (٣) ومدة صباه لم يحصل له

__________________

(١) الشذرات ج ٦ ص ٤٠ والدرر الكامنة ج ٢ ص ١٥٤.

(٢) وفي تاريخ كزيده أنه كان ابن اثنتي عشرة سنة.

(٣) ابن بطوطة.

٥٠١

من السلطان إلا الاسم والسكة والخطبة ... فكان الآمر الناهي الأمير چوبان وأولاده ونوابه ... وكان حين وفاة والده جاء من خراسان إلى السلطانية هو والأمير سونج وبحكم وصية والده أجلس على سرير الملك في صفر سنة ٧١٧ ه‍.

دعي إلى السلطانية وكان هذا التردد في تأخير إعلان سلطنته ناشئا من الاختلاف على تعهد الوصاية عليه والنزاع في النيابة عنه بين الأمير سونج وبين الأمير چوبان. فتأخر جلوسه لذلك. ثم إنهم اتفقوا وأخرجوا استقطالو عنهم وجهزوه إلى خراسان وكان قد تحرك على خراسان التتر الذين بخوارزم وما وراء النهر وقيل إن ملكهم باشو (١).

وجاء في عقد الجمان نقلا عن بيبرس في تاريخه : «لما توفي خربندا أرسل الأمراء والأكابر إلى ولده الاكبر المسمى بأبي سعيد فأحضروه وأجلسوه على تخت مملكة أبيه في ١٣ ربيع الأول سنة ٧١٧ ه‍ وهو مشتغل بالكتاب والسنة فإن والده عدل عن آراء الكفار وترك اسماء التتار واسمى أولاده بأسماء الصالحين ... ا ه (٢).

وفي الحقيقة لم ينل السلطنة إلا بعد قضائه على الأمير چوبان وأولاده ومن ثم ولي زمام الأمور وصار يدبر شؤون المملكة مباشرة كما سيأتي مفصلا في الوقائع التالية ...

شريف مكة والبصرة :

جاء في عقد الجمان عن هذه الوقعة ما مر بيانه في حوادث سنة ٧١٦ ه‍ وجاء في أبي الفداء عنها وعن ذيولها ما نصه :

__________________

(١) أبو الفداء ج ٤ ص ٨٤ وتاريخ كزيده.

(٢) عقد الجمان ج ٢٢.

٥٠٢

«كان السلطان خدابنده قد جهز حميضة وجهز معه الدرفندي (الدلقندي) نائب السلطنة بالبصرة وجهز معه عسكرا وخزانة ليسير الدرفندي بالعسكر مع حميضة ليملكه مكة المكرمة بدل أخيه رميثة فسار الدرفندي وحميضة ومن معهما من عسكر التتر والعرب حتى جاوزوا البصرة فبلغهم موت السلطان خدابنده فتفرقت تلك الجموع ولم يبق مع الدرفندي غير ثلثمائة من التتر وأربعمائة من عقيل عرب البصرة. وكان استولى على البصرة ابن السوابكي فأرسل استوحى محمد بن عيسى على الدرفندي فجمع محمد بن عيسى عربه من خفاجة وعرب إخوته وأولاد إخوته وسار إلى الدرفندي فأحرز له بالقرب من البصرة واتقع معه في العشر الأخير من ذي الحجة من ستة ٧١٦ ه‍ فانهزم الدرفندي في بضع وثلاثين نفسا من ألزامه وانهزم حميضة برقبته وأخذ حريم حميضة وما كان معه من الأموال وكذلك الخيام والأثقال والجمال وكان ذلك شيئا عظيما وفيها هرب التركمان (التراكمة) والكنجاوية إلى حكومة سورية وفارقوا التتر فسارت التتر في طلبهم فأنجد الكنجاويين عسكر البيرة واتقعوا مع التتر فانهزم التتر هزيمة قبيحة وأسر منهم نحو خمسين من المغول وقتل منهم جماعة ووصل الكنجاوية إلى سورية سالمين بذواتهم وحريمهم (١) ...» ا ه.

التتار ـ الشام :

في أواخر شعبان هذه السنة قطع جماعة من التتار الفرات إلى جهة الشام وفي ٦ رمضان وصل منهم طاطي ومعه جماعة إلى دمشق ومنها ذهبوا إلى مصر (٢).

__________________

(١) أبو الفداء ج ٤ ص ٨٤.

(٢) عقد الجمان ج ٢٢.

٥٠٣

محمد بن عيسى :

وفي هذه السنة أيضا التجأ محمد أخو مهنا بن عيسى مخبرا باستمرار أخيه على الطاعة ، وأنه لم يقم ببلاد الشرق فرد السلطان (سلطان سورية) عليه أمرته ... (١).

وهذه لا تخلو من علاقة بما مر ... ونرى الأمور مضطربة بين سورية والعراق فلم تستقر ولذا نجد الاشاعات بالغة حدها ...

روضة أولي الالباب في تواريخ الأكابر والأنساب

(تاريخ مغولي)

في هذه السنة (سنة ٧١٧ ـ ١٣١٧ م) في ٢٥ شوال منها قدم فخر الدين أبو سليمان داود بن أبي الفضل محمد التباكتي كتابه هذا للسلطان أبي سعيد. ويعرف ب (تاريخ التباكتي) وهو خلاصة تاريخ الخواجة رشيد الدين إلا أنه يحتوي مطالب مهمة ونافعة عن الخطا (الصين) والهند واليهود والقياصرة ... وهو تسعة أبواب ، ترجمت بعض أقسامه إلى اللاتينية ... وأهم ما فيه يخص عصر المغول وصل به إلى أيام السلطان أبي سعيد. ومن هذا الكتاب نسخة في مكتبة عاثر افندي باستانبول مرقمة ٢٥٤ وأخرى في اياصوفية برقم ٣٠٢٦ وقد رأيتها وتحتوي تسعة أقسام :

(١) في الأنبياء. (٢) في ملوك الفرس ومعاصريهم ، (٣) في نسب الرسول صلّى الله عليه وسلّم والخلفاء الراشدين إلى آخر بني العباس. (٤) في السلاطين أيام بني العباس. (٥) في اليهود وملوك بني اسرائيل. (٦) في تاريخ النصارى والافرنج. (٧) في تاريخ الهنود. (٨) في تاريخ جنگيز ونسبه وخروجه واستيلائه على الممالك الايرانية وشعب أولاده إلى يومه الذي

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٢.

٥٠٤

كتب فيه هذا التاريخ .. وفي خلال سطوره يحكي الاستيلاء على بغداد وهكذا يمضي إلى وقائع العراق وغيره وفي آخره يتكلم على سلطنة أبي سعيد وذهابه إلى السلطانية وفي الخاتمة يذكر مناقبه. والنسخة التي شاهدتها مؤرخة ٢٧ ربيع الآخر سنة ٧٤٦ ه‍ ... وسنذكر ترجمة المؤلف في حوادث سنة ٧٣٠ ه‍ (١) ...

وفيات :

١ ـ ابن قاضي الموصل : في هذه السنة ـ وقال ابن شهبة في التي قبلها ـ توفي يوسف ابن محمد بن موسى بن يونس بن منعة كمال الدين أبو المعالي بن بهاء الدين بن كمال الدين بن رضي الدين بن قاضي الموصل. انتهت إليه رياسة إقليمه وشرح الحاوي وقدم رسولا من غازان على الملك الناصر فأكرمه وظهر له من الحشمة والمهابة ما يليق ببيته وأصالته مات بالسلطانية (٢).

٢ ـ الشيخ مجد الدين موسى الإربلي : هو ابن أحمد بن محمد بن علي المنذري ولد في شعبان سنة ٦٤٥ ه‍ وتفقه وتعانى الأدب والنظم. مات سنة ٧١٧ ه‍ (٣).

٣ ـ عبد الرحمن بن إبراهيم بن قنينو : بدر الدين الإربلي الأديب أبو محمد كان مشهورا بالبلاغة وحسن النظم مدح الملوك وتعانى التجارة مات سنة ٧١٧ وله سبعون سنة وهو القائل :

وغريرة هيفاء باهرة السنا

طوع العناق سقيمة الأجفان

__________________

(١) تاريخ مفصل إيران ص ٥٢ وإسلامده تاريخ ومؤرخلر ص ٣١٤.

(٢) الشذرات ج ٦ ص ٤٤ وـ الدرر الكامنة ج ٤ ص ٤٧٦ ـ.

(٣) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٣٧٣.

٥٠٥

غنت وماس قوامها فكأنها

الورقاء تسجع في غصون البان (١)

وله كتاب خلاصة الذهب المسبوك المختصر من سير الملوك لابن الساعي. طبع هذا الكتاب في بيروت ومر النقل عنه في ترجمة الخليفة المستعصم ... (٢) وفيما مضى كان قد ذكر أنه قنيتو ولكنه في عقد الجمان ورد بلفظ قنينو ...

حوادث سنة ٧١٨ ه‍ (١٣١٨ م)

فضل بن عيسى أمير العرب ـ البصرة :

في أوائل هذه السنة سار فضل بن عيسى إلى السلطان أبي سعيد وإلى الأمير چوبان إلى بغداد واجتمع بهما وأحضر لهما تقدمة من الخيول العربية فأقبل الأمير چوبان عليه وأعطى فضلا المذكور البصرة واستمرت له اقطاعاته التي كانت له بالشام بيده مع البصرة وأقام فضل عندهما مدة واجتمع بقراسنقر هناك ثم عاد إلى بيوته وبعد مسير فضل عنهما سار السلطان أبو سعيد والأمير چوبان عن بغداد إلى السلطانية (قنغرلان). وهكذا يفعل السلطان يجيء في الغالب إلى العراق شتاء ليقضي أيام البرد في بغداد ويذهب إلى السلطانية صيفا ...

قتلة الوزير الخواجة رشيد الدين وابنه عز الدين :

هذا الوزير كان عضد الحكومة الأيمن وتدابيره صائبة وآراؤه سديدة إلا أن المزاحمات والمنازعات على الوزارة والحرص الزائد عليها مما أودى بالوزير الخواجة سعد الدين وجعل موقفه حرجا لمن

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٢١.

(٢) مر سابقا في هذا الكتاب وراجع ترجمة ابن الساعي.

٥٠٦

ولي بعده وهو تاج الدين علي شاه وصار يتوسل بالوسائل اللازمة للقضاء على مناوئيه لحد أنه بعد أن قضى على الخواجة سعد الدين رأى أن تاج الدين علي شاه من أكبر المعارضين له فنصب نفسه لمقاومته واتخذ كل ما يجب من تدابير للقضاء عليه ... فعزل تاج الدين علي شاه عام ٧١٥ ه‍ إلا أنه لم يلبث كثيرا وإنما أعيد إلى موقعه بعد مدة وجيزة وذلك أنه نال مقاما رفيعا وصار بيده الحل والعقد ومن حسن الصدف المساعدة له أن توفي الجايتو خان الذي كاد يقضي على الخواجة رشيد الدين بل إنه أصدر فرمان القتل إلا أنه برجاء والتماس من نفس تاج الدين علي شاه عفا عنه السلطان ... وقد سنحت للخواجة رشيد الدين الفرصة للتنكيل بعدوه استفادة من اتصاله بالأمير چوبان ومع هذا لم يشأ الوقيعة رغم أن أكابر الرجال ركنوا إليه مثل ضياء الملك والخواجة عز الدين القوهدي والخواجة علاء الدين الهندي واستعانوا به وحضوه على ذلك فقابلهم ببرودة وتؤدة ولعل طعنه في السن هو السبب في عدوله عن القضاء عليه فمال المذكورون إلى تاج الدين علي شاه وصاروا على الخواجة رشيد الدين وأساسا استمال القوم الأمير چوبان ...

ذلك ما دعا أن يغيروا السلطان عليه وأغروه للوقيعة به فخسرت الحكومة أكبر مدبر ورجل قدير من رجالها فقتل وابنه الخواجة عز الدين في ١٧ جمادى الأولى سنة ٧١٨ ه‍ فصفا الجو لتاج الدين علي شاه واستقل بالأمر خصوصا بعد وقعة الأمير چوبان. اختلقوا عليه أنه سم السلطان الجايتو بمناسبة أنه طبيب ... لحد أن السلطان أبا سعيد والأمير چوبان اعتقدوا صحة ذلك ومن ثم كثرت التقولات والإشاعات عليه من جانب خصومه وإذاعاتهم وحينئذ جلبوا طبيب السلطان في ذلك الوقت وهو جلال الدين (١) ابن الحزان الطبيب اليهودي طبيب خربندا

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٢٣٢.

٥٠٧

فاستجوبه واستطلع رأيه فقال إن السلطان كان فيه قيء وإسهال وكان من رأي الأطباء وهو منهم ان يعطى له دواء قابض أما الخواجة رشيد الدين فكان من رأيه أن هذا نتيجة امتلاء المعدة ، والمسهل يفيدها أكثر وعلى هذا وبسبب الانطلاق توفي السلطان.

وعلى هذا حكم بقتل الخواجة رشيد الدين وأرسل رأسه إلى تبريز وصاروا يطوفون به ويلعنونه ويقولون إن هذا رأس يهودي بدل كلام الله لعنه الله ...

والحاصل قد اختلفت عليه هذه القضية وكان أصل مبدئها تاج الدين علي شاه ... وكذا يقال عن دعوى أنه من أصل يهودي فهذا إنما كان من الخواجة سعد الدين ثم تاج الدين بسبب تشنيعاتهم عليه ... وعن هؤلاء نقلها القاشاني في تاريخ الجايتو ومثله في الدرر الكامنة.

وعلى كل حال كان من أشهر الوزراء والأطباء والعلماء وخلد ذكرى عظيمة في تاريخه الذي لا تزال بقاياه موجودة وقد وصفناه أثناء الكلام على المراجع التاريخية ... ومؤلفاته في الطب والعلوم الأخرى كثيرة أودع اسماءها في مقدمة كتابه جامع التواريخ ... وله الخانقاه المعروف بالربع الرشيدي.

ودون أن نمضي وجب أن نقول أنه قد ذكر وفاته جماعة من المؤرخين قال في الشذرات :

«وفيها ـ سنة ٧١٧ ه‍ ـ توفي الرشيد فضل الله بن أبي الخير الهمداني الطبيب كان ابوه يهوديا عطارا فاشتغل هذا في المنطق والفلسفة وأسلم واتصل بغازان وعظم في دولة خربندا بحيث إنه صار في رتبة الملوك قام عليه الوزير علي شاه بأنه هو الذي قتل القاآن خربندا لكونه اعطاه على هيضته مسهلا فتقيأ فخارت قواه فاعترف وبرطل چوبان بألف ألف دينار فما نفع بل قتل هو وابنه. وكان يوصف بلين ولطف وسخاء

٥٠٨

ودهاء ، فسر القرآن العظيم فشحنه بآراء الأوائل ، عاش نيفا وسبعين سنة وقيل بل كان جيّد الإسلام وهو والد الوزير المعظم محمد بن الرشيد وكان وزير التتار ومدبر دولتهم.» ا ه (١).

وجاء في الدرر الكامنة (٢) :

«فضل الله بن أبي الخير بن غالي الهمذاني الوزير رشيد الدولة ، أبو الفضل ، كان أبوه عطارا يهوديا فأسلم هو واتصل بغازان فخدمه وتقدم عنده بالطب إلى أن استوزره. وكان يناصح المسلمين ويذب عنهم ويسعى في حقن دمائهم ، وله في تبريز آثار عظيمة من البر وكان شديدا على من يعاديه أو ينتقصه ، وكان متواضعا ، سخيا ، كثير البذل للعلماء والصلحاء ، وله تفسير على القرآن فسره على طريقة الفلاسفة فنسب إلى الالحاد ، وقد احترقت تواليفه بعد قتله ، وكان نسب إلى أنه تسبب في قتل خربندا ملك التتار فطلبه چوبان إلى السلطان على البريد فقال له أنت قتلت القاآن فقال معاذ الله أنا كنت رجلا عطارا ، ضعيفا بين الناس فصرت في أيامه وأيام أخيه متصرفا في الممالك ثم احضر الجلال الطبيب ابن الحزان اليهودي طبيب خربندا فسألوه عن موت خربندا فقال اصابته هيضة قوية انسهل بسببها ثلثمائة مجلس وتقيأ قيئا كثيرا فطلبني بحضور الرشيد والأطباء فاتفقنا على أن نعطيه أدوية قابضة مخشنة فقال الرشيد هو إلى الآن يحتاج إلى الاستفراغ فسقيناه برأيه مسهلا فانسهل به سبعين مجلسا فسقطت قوته فمات. وصدقه الرشيد على ذلك فقال الچوبان للرشيد فأنت قتلته وأمر بقتله فقتل وفصلوا أعضاءه وبعثوا إلى كل بلد بعضو وأحرقوا بقية جسده وحمل رأسه إلى تبريز ونودي عليه هذا رأس اليهودي الملحد. ويقال إنه وجد له ألف ألف مثقال وكان

__________________

(١) ج ٦٦ ص ٤٥.

(٢) ج ٣ ص ٢٣٣.

٥٠٩

موته بعد موت خربندا ... وقال البرزالي في ترجمته كان حسن البراعة ، وطبيبا صادقا ، واستوزره خربندا وغازان وتعسف بعلمه وحكمه في الممالك وبنى عدة من الخوانك والمدارس وكان له من الأموال من كل جنس ونوع الكثير سوى مآكله فبصفات معروفة عاش نحوا ٨٠ سنة. قال الذهبي كان له رأي ودهاء ومروءة. وكان الشيخ تاج الدين الأفضلي يذمه ويرميه بدين الأوائل وقدر عليه فصفح عنه وبالجملة كانت له مكارم وشفقة وبذل وتودد لأهل الخير ...

وفي ابن الوردي : قتل رشيد الدولة طبيب خربندا اتهمه چوبان بأنه غش خربندا في المداواة وقطع رأسه وسيره إلى تبريز وأحرقت جثته واستأصلوا أملاكه وأمواله وجواهره واختلف في طويته فقال الشيخ تاج الدين الأفضل التبريزي قتل الرشيد أعظم من قتل مائة ألف من النصارى وقال قاضي الرطبة رأيت منه شفقة على أهل الرطبة وسعيا في حقن دمائهم يعني أيام حصارها وإنما كان يتبع أعداءه صالحين كانوا أو فسقة» (١) ا ه.

وفي عقد الجمان جاء عنه :

«أبو الفضل رشيد الدولة ، فضل الله بن أبي الخير بن غالي الهمذاني الطبيب ، كان أصله يهوديا من يهود همذان ، ثم أسلم وهو شاب ابن ثلاثين سنة ، وخدم بالطب ابغا ملك التتار ، فلما صار الملك إلى ارغون بن ابغا لازمه رشيد الدولة ، وما زال يخدم ملكا من ملوك التتار حتى جاء خربندا فكان عنده في أعلى المنازل ، وخيره أن يكون وزيرا فأبى واختار أن تكون وظيفته تخيير الوزراء فاستخدم سعد الدين الساوجي عنده ثم سعى به حتى قتله ، ورتب له على تعيين الوزراء كل

__________________

(١) من حوادث سنة ٧١٨ ه‍ ج ٢ ص ٢٩٨.

٥١٠

سنة مائة تومان (والتومان عشرة آلاف دينار ، كل دينار ستة دراهم) ، ثم إن خربندا ضعف فأسهله رشيد الدولة اسهالا مفرطا فمات ، وتولى بعده ابنه أبو سعيد فضرب عنق رشيد الدولة بعد مدة سنة وثمانية أشهر من موت أبيه وذلك في شهر جمادى الأولى وهو في عشر الثمانين ، وضبطت ضياعه فكانت أربعة آلاف ضيعة مفرقة في ملك التتار ، وأما أملاكه فكان عددها في ستة عشر ألف موضع ما بين دكان ودار وبستان ، وخلف ما يزيد على خمسين ألف كتاب.

قال الشيخ شمس الدين الاصفهاني : وله من التصانيف (كتاب شرح فصول ابقراط) ، و(كتاب شرح مقامة العارفين) ، و(كتاب في الفلاحة) ، و(كتاب تاريخ جمع فيه أخبار الدولة التتارية) وذكر فيه فروع انسابهم وأجناس قبائلهم ، وجعله مشجرا ، ومن ولي الملك منهم من أيام نوح (ع) إلى أيام خربندا ، و(كتاب تاريخ آخر) ذكر فيه اخبار الأمم من الصين والخطا والترك والفرنج والقبط واليونان والروم والفرس والعرب إلى غير ذلك وسماه (كتاب الرسائل الرشيدية) ، و(كتاب التعليقات الطبية) ، و(كتاب مفتاح التفاسير) ، و(كتاب المباحث السلطانية) ، و(كتاب شرح المحصل في ثلاث مجلدات) ، و(كتاب سماه التوضيحات) يتضمن رسائل متفرقة ، كل رسالة في معنى من المعاني ، وأخذ عليه خطوط العلماء بأنه لم يصنف كتاب أجود منه وقدمه إلى خربندا ، وقرر بين يديه أن ارسطاطاليس لم يكن في زمانه أعلم منه ، وكان مشيرا ووزيرا عند الاسكندر وصنف باسمه كتابا فأعطاه جائزته ألف ألف دينار وجعل له في كل سنة مائة ألف دينار واتفق الناس كلهم بأنك أعظم من الاسكندر ، وأن كتابي أجود من كتاب ارسطاطاليس فقال الملك خربندا : ـ أنا أعمل معك بأكثر من الذي عمل الاسكندر مع ارسطاطاليس.

فرسم أن يعطى من المال النقد ألف ألف دينار وخمسمائة ألف

٥١١

دينار وقال له إن شئت أن تأخذ هذا المال أو تأخذ بقيمته أملاكا نفيسة من املاكي فقال آخذ أملاكا فعينوا له أملاكا تغل في كل سنة مائة وخمسين ألف دينار. وله كتاب تفسير يشتمل على تفاسير (قل يا أيها الكافرون).

وقال الشيخ شمس الدين الاصفهاني : بلغني أن له سبعين مصنفا ما بين صغير وكبير وسعادته مفرطة لكن اختصرنا.

وذكر صاحب عيون التواريخ أن ولده إبراهيم قتل قبله وعمره ١٦ سنة وحمل رأس رشيد الدولة إلى تبريز ونودي عليه هذا رأس اليهودي الذي بدل كلام الله تعالى ... وقطعت اعضاؤه وحمل كل عضو إلى بلد وأحرقت جثته. وخلف عدة أولاد ، وكانت رتبته فوق رتبة الوزارة قال : وكان عدوّ الإسلام وهو ملحد.

وقال ابن كثير : قد بلغ في أيام قازان في علو المرتبة ونفاذ الكلمة مبلغا عظيما وكذلك في أيام خربندا أخيه. ولما مات خربندا عزل عن مناصبه ووظائفه ودرأ عن نفسه بجملة كبيرة من المال ، ثم اتهم بقتل خربندا فطلب على البريد وشهد عليه الأطباء أنه سقى الملك دواء مسهلا عقيب هيضة مثلغة فزاده إسهالا فقتله وصدقهم الرشيد على ذلك فقتل» ا ه (١).

والظاهر أن النقل المتضمن التحامل عليه من أهل الحزب المعارض له ... مبناه الإذاعة والتشويش في السمعة ...

وجاء في تقويم التواريخ لكاتب چلبي أنه قتل عام ٧١٧ ه‍. والفتن في هذه الأيام وما يليها مشتعلة بين أمراء المغول والنزاع على الوزارة قوي ولكلّ مناصرون ومناوئون ...

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٢.

٥١٢

وهكذا ترجمة كثيرون امثال صاحب دستور الوزراء وغيره. وممن ذكره دولتشاه السمرقندي في تذكرة الشعراء وأثنى عليه وبيّن أنه توفي سنة ٧١٩ عن عمر ٣٦ عاما فدفن في قبة السلطانية وقال : إن مدينة السلطانية من بنائه (١).

ذيول هذه الوقعة : (ابن الخوام)

إثر قتلة الوزير كان قد شهد على ابن الخوام وهو عبد الله بن محمد ابن عبد الرزاق الحريوي عماد الدين بن الخوام العراقي الحيسوب الطبيب بالكفر بسبب أنه قرظ تفسير الوزير رشيد الدولة فقال في تقريظه فهو انسان رباني بل رب انساني تكاد تخال عبادته بعد الله فثاروا عليه بعد قتل رشيد الدولة فبادر هو إلى الحاكم فأعطاه ذهبا فعقد له مجلسا واستسلمه وحكم بحقن دمه ...

وكان ولد سنة ٤٣ وتمهر في المعقولات والحساب والطب ولازم النصير الطوسي وصنف في الطب والحساب وقرأ عليه جماعة وصنف تصانيف وله انشاء وبلاغة ودرس في مذهب الشافعي بدار الذهب وولي رياسة الطب ومشيخة الرباط ببغداد وأدب هارون ابن الوزير وأولاد عمه علاء الدين صاحب الديوان وكثرت أمواله وكان يصلح مزاجه بالمفرحات والمعاجين ... (٢).

ولم تصل إلينا مؤلفاته الدينية لنقف على حقيقة ما قيل فيه ... ولا تزال المجاهيل عنه كثيرة وليس من الإنصاف متابعة أهل الأغراض دون تروّ في الموضوع وتقدير لأهميته ...

__________________

(١) تاريخ مفصل إيران ص ٥٢ وإسلامده تاريخ ومؤرخلر ص ٣١٤.

(٢) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٢٩٥.

٥١٣

عشائر الإحساء والبصرة ـ أمير العرب :

في أواخر هذه السنة حالفت عقيل عرب الإحساء والقطيف على مهنا بن عيسى وطردوا أخاه فضلا عن البصرة فجمع مهنا العرب وقصد عقيلا والتقى الجمعان وافترقا على غير قتال ولا طيبة بعد أن أخذت عقيل أباعر كثيرة تزيد على عشرة آلاف من عرب مهنا المذكور وعاد كل من الجمعين إلى أماكنهما وكانت هذه البرية وغالب بلاد الإسلام مجدبة لقلة الأمطار وهلك العرب وضرب دواب تفوت الحصر (١).

غلاء وجلاء :

وفي هذه السنة كان بديار بكر والموصل وإربل وماردين والجزيرة وميافارقين وبغداد غلاء وجلاء حتى بيعت الأولاد وأكلت الميتة (٢) ...

وفيات :

١ ـ الشهاب المقري الجنايزي : في هذه السنة توفي الشهاب المقري الجنايزي أحمد بن أبي بكر بن حطة البغدادي صاحب الألحان والصوت الطيب وله نظم ونثر وفضائل وظرف ومنادمة ووعظ. توفي في ذي القعدة عن ٨٥ سنة (٣).

٢ ـ يونس بن حمزة بن عباس الإربلي : هو أبو محمد القطان كان يقال إنه ولد سنة ٦٠٦ بإربل وطال عمره جدا ولم يوجد له سماع ولا إجازة على قدر سنة فقرؤوا عليه بالإجازة العامة عن دواوين محمد بن الفاخر. وكانت وفاته في نصف ذي القعدة سنة ٧١٨ ه‍ (٤).

__________________

(١) أبو الفداء ج ٤ ص ٨٧.

(٢) ابن الوردي ج ٢ ص ٣٦٦ والدر المكنون والشذرات.

(٣) الشذرات ج ٦ ص ٤٧.

(٤) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٤٨٦.

٥١٤

٣ ـ عبد الرحمن بن محمد بن أبي حامد التبريزي : تاج الدين الواعظ وكان يعرف بالأفضلي ولد سنة ٦٦١ وتعانى الوعظ. وكان ممن بالغ في الطعن على الرشيد وزير المغل وطعن في نحلته فما قدر الرشيد منه على شيء لجلالته في نفوس أهل تبريز. وكان التاج حسن الاعتقاد ، وقورا ، مهيبا ، قوالا بالحق ، ذا سكينة وإخلاص. مات راجعا من الحج ببغداد في صفر سنة ٧١٩ وقال في الشذرات : مات في رمضان سنة ٧١٨ ه‍. وقد مر القول عن الخواجة رشيد الدين والطاعنين (١).

٤ ـ الحكيم العلّامة علاء الدين علي بن تبان بن مختار البغدادي : يعرف بالخطاي مات بحماة ، وكان فاضلا في العلوم العقلية وطبيبا ، سكن حماة ، وقرأ عليه ملكها المؤيد إسماعيل بن علي كتاب التذكرة في الهيئة للطوسي ، وخلف كتبا كثيرة وأثاثا وغير ذلك أخذ بيت المال جميعها (٢).

٥ ـ ابن الخراط : هو الشيخ عفيف الدين أبو عبد الله محمد بن عبد المحسن بن عبد الغفار الواعظ الشهير بابن الخراط البغدادي الحنبلي كان فاضلا متكلما ، فقيها كثير التعفف ، يقنع باليسير ، جمع بين الديانة والفضيلة وباشر مشيخة المستنصرية ، ومات ببغداد عن ثمانين سنة (٣).

٦ ـ الدلقندي : قد مر ذكره قال عنه في عقد الجمان «الخارجي قتله چوبان نائب السلطان أبي سعيد في رمضان من هذه السنة لما بلغه أنه اتفق مع جماعة من الأمراء على قتله وقتل معه الوزير علي شاه وهو منسوب إلى مدينة سمنان من مدن خراسان (٤).

__________________

(١) الشذرات والدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٤٢.

(٢) عقد الجمان ج ٢٢.

(٣) عقد الجمان ج ٢٢.

(٤) عقد الجمان ج ٢٢.

٥١٥

حوادث سنة ٧١٩ ه‍ (١٣١٩ م)

اختلاف أمراء التتر وفتن :

في رجب هذه السنة اختلف التتر وقتل منهم نحو ثلاثين الفا وأكثر حتى كاد يزول ملكهم واستحالوا على مقدم جيوشهم الأمير چوبان نائب السلطنة وأبي سعيد وكرهوا نيابته (١). وهكذا دامت الفتن واشتعلت نيرانها وكانت نتيجة انتصاره أن جعل الچوبان أولاده أمراء كل واحد في قطر ... وكانت حروبه مع ايرتخين (ايرنجي أو يرنجي) وقورمش فقتل خلق كثير وألقي القبض على ايرتخين وقورمش ، وسمرا وقتلا شر قتلة ...

ومن ذلك اليوم لقب السلطان أبو سعيد ببهادرخان وكتب اسمه بذلك في الأحكام ومن ثم أخذ أمر الأمير چوبان في الترقي والازدياد اعتبار من هذا التاريخ وما بعده (٢) ...

تفصيل الخبر :

إن الأمير چوبان كان قد عاد من مقاتلة يسوك بعد أن جرت بينهما مراسلات ومفاوضات وقرر له بلادا من اقليم خراسان ، وفي عودته أرسل يستدعي يرنجي (٣) من الموصل وكان هو مرتبا في الموصل وماردين وأعمالها ، وكان في خاطر چوبان منه شيء فعلم يرنجي أنه إنما طلب ليوقع به فعلا ويهلكه قتلا فأظهر عناده ، جمع جموعا وسار إليه على غرة منه فكبسه بغتة فبادر چوبان بالهرب إلى أبي سعيد فأعلمه بما فعله يرنجي من العصيان والمحاربة فاتفقا على قتله فقتل هو وجماعة من

__________________

(١) ابن الوردي ج ٢ ص ٢٩٨.

(٢) تاريخ الغياثي ص ١٦٦.

(٣) ورد بلفظ ايرتخين في غير عقد الجمان.

٥١٦

الذين كانوا مشاركين له في الآراء من الأمراء ، ورتب سوتاي على عادته بديار بكر ...

ثم إنه لم يقف الأمر عند هذا الحد وإنما وقع الخلف بين چوبان وبين الأمراء ، ولم يبق لأبي سعيد إلا الاسم فانحصر أبو سعيد من ذلك واستشار الأمراء في أمره واتفقوا على قتله فعمل قورمشي (قورمش) دعوة عظيمة ودعاه إليها ليقبض عليه إذا حضر فأجاب چوبان وتوجه فأخبر في أثناء توجهه أنها مكيدة ، وأنهم يريدون القبض عليه ففارق مخيمه وركب وولده حسن إلى مدينة مرند وحضر قرمشي في عشرة آلاف من المغل فكبس المخيم فلم يجد چوبان فيه فنهبه وساق خلف چوبان فلم يدركه. ولما وصل چوبان إلى مدينة مرند وحضر قرمشي تلقاه الأمير ناصر الدين صاحبها وأمده بالخيل والسلاح والمال ووصل خبره إلى تبريز فخرج إليه الوزير علي شاه التبريزي وزير أبي سعيد والتقاه وأكرمه وفرح به أهل المدينة وأمدوه بالخيل والسلاح وتوجه إلى المدينة السلطانية وصحبته علي شاه فتقدم الوزير فاجتمع بأبي سعيد وتلطف في أمر چوبان وأحسن الثناء عليه وأغراه بقرمشي ومن اتفق معه فرضي عن چوبان وأذن له في حرب الأمراء وقتلهم إن ظفر بهم وأمده بعشرة آلاف من المغل وانضم إليه قراسنقر المنصوري في كثير ، وكذلك وصل إليه ولده تمرتاش بجيش كثير فتوجه إلى قرمشي واقتتل معه فانهزم اصحاب قرمشي وعدة أمراء ممن كانوا معه وحضروا إلى المدينة السلطانية فقال لهم أبو سعيد لم فعلتم كذلك؟ فقال إن ما فعلناه بأمرك وكذبهم فأمر بقتلهم عن آخرهم. وأما قرمشي فإنه ألبس طرطورا أحمر وحلقت لحيته وسمر وطيف به. ثم قتل بعد ذلك» ا ه (١).

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٢ ص ٧٧.

٥١٧

الحج في هذه السنة

في هذه السنة وصل الركب العراقي إلى الحجاز للحج وفيه جماعة من التتار فأخفوا أنفسهم خوفا من القبض عليهم فأمر السلطان (سلطان مصر وكان قد حج في هذه السنة) بإحضارهم فأحضروا فأحسن إليهم وخلع عليهم الخلع السنية وأطلقهم وهو سبب الصلح بين الملك الناصر وبين الملك أبي سعيد» ا ه (١).

وفيات :

١ ـ الساعاتي : هو عبد الرحيم بن علي بن عبد الرحيم البغدادي الأستاذ في شد البياكيم ويعرف بالساعاتي. ولد سنة ٦٤١ تقريبا وقدم الشام بعد الخمسين وتفقه بمصر ثم قدم الشام وكان مليح الشكل حسن البشر خيرا عالما يدري القراءات وينسخ القرآن على الرسم وكان يعتمد على شد البياكيم لتحريرها وأم بالرباط الناصري مدة ومات بالحمام فجأة في جمادى الأولى سنة ٧١٩ (٢).

وفي عقد الجمان : «الشيخ الصالح المقري زين الدين عبد الرحيم ... سمع الحديث ولبس الخرقة ، وكان شيخا صالحا ، نسخ بخطه كثيرا ، وكان يكتب المصاحف على المرسوم ، ويعمل البياكيم والساعات في غاية الجودة والصحة ، وكان الناس يقصدونه ويرغبون في عمله» ا ه (٣).

٢ ـ البلدي : هو عبد العزيز بن عدي البلدي كان في بدايته صيرفيا في سوق الغزل ثم اشتغل وبرع وأتقن الطب والفرائض والجبر والمقابلة وحفظ الحاوي الصغير وتميز في المذهب وولي القضاء في ارزن

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٢ نقلا عن ابن كثير ص ١٧٣.

(٢) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٩٥.

(٣) عقد الجمان ج ٢٢.

٥١٨

الروم ... ثم قدم الموصل ودرس وناب في القضاء ونسب إليه رأي النصيرية فهرب مات سنة ٧١٩ (١).

٣ ـ تاج الدين الافضلي : عبد الرحمن بن محمد بن أبي حامد التبريزي الشافعي الملقب تاج الدين المعروف بالأفضلي. كان فاضلا مولده في سنة ٦٦١ ه‍ بتبريز. وتوفي في العشر الأول من صفر سنة ٧١٩ ببغداد (٢).

حوادث سنة ٧٢٠ ه‍ (١٣٢٠ م)

آل عيسى وطردهم من سورية :

وفي هذه السنة قطعت اخبار آل عيسى (مرتباتهم) وطردوا من الشام بسبب سوء صنيعهم ورحلوا عن بلاد سلمية يوم الاثنين ٢ جمادى الأولى وصاروا إلى جهات عانه وحديثة على شاطىء الفرات. وعند رحيل المذكورين وصل الأمير سيف الدين (من امراء سورية) وسار بجمع عظيم من العساكر الشامية والعرب في أثر المذكورين حتى وصل إلى الرطبة ثم سار منها حتى وصل إلى عانه. ولما وصل المذكور إلى هناك هرب آل عيسى إلى وراء الكبيسات وعيسى المذكور هو عيسى بن مهنا بن مانع بن حذيفة (٣) بن عصية بن فضل بن ربيعة. وأقام السلطان (ملك سورية) موضع مهنا محمد بن أبي بكر بن علي بن حذيفة بن عصية المذكور ولما جرى ذلك عاد الأمير سيف الدين المذكور وأقام بالرطبة حتى نجزت مغلاتها وحمل إلى القلعة ثم سار منها ونزل على سلمية يوم الخميس منتصف رجب من السنة المذكورة واستمر مقيما على سلمية حتى وصل إليه الأمر بالعودة فسار منها إلى الديار المصرية يوم الاثنين ٩

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٧٨.

(٢) منتخب المختار.

(٣) ورد كما مر بلفظ حديثة أو جديلة.

٥١٩

شهر رمضان من السنة المذكورة (١).

رسول السلطان أبي سعيد إلى سورية :

وفي هذه السنة ذهب إلى سورية المجد اسماعيل السلامي رسولا من جهة السلطان أبي سعيد ملك التتر ومن جهة چوبان وعلي شاه بهدايا جليلة وتحف ومماليك وجواري مما يقارب قيمته خمسين تومانا (٢) (والتومان البدرة وهي عشرة آلاف درهم) فوصلها يوم الاثنين ٩ ذي الحجة ومنها سار إلى سلطان مصر (٣).

وجاء في عقد الجمان : «قدم رسول الملك أبي سعيد وچوبان نائبه قد ورد مع مملوك مجد الدين السلامي ومضمون رسالته أنه يطلب سنجق السلطان أن يكون صحبة ركبهم إذا خرج من العراق إلى الحجاز ومرسوم السلطان أن لا يتقدم على محملهم أحد غير محمل السلطان فأقبل السلطان عليه وأنعم بما سأله وسير سنجقا أصفر بطلعة ذهب وكتب مرسوما بما سأله وكتب أيضا إلى أمير مكة شرفها الله بإكرامهم واحترامهم وعرف الرسول بأن رسول السلطان يأتي إلى الملك أبي سعيد عن قريب» ا ه.

أوضاع العشائر ـ إيضاح :

«ولما سافر رسول أبي سعيد حضر عقيبه كتاب من نائب حلب أن الفياض وسليمان وجماعة من أولاد مهنا قد كثر فسادهم وبغوا على المسافرين والتجار وأخافوهم وانقطعت الطرق وأن الأمير فضل أو عربه لم يمكن منعهم وربما بلغ مهنا أن أبا سعيد قد جهز ركبا عظيما ونادى

__________________

(١) أبو الفداء ج ٤ ص ٩١.

(٢) ورد في أبي الفداء بلفظ «تمانا».

(٣) أبو الفداء ج ٤ ص ٣.

٥٢٠