موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

٤ ـ ابن أبي الدنية (١) :

مسند العراق شهاب الدين أبو سعد محمد بن يعقوب ابن أبي الفرج البغدادي. وفي تذكرة الحفاظ ورد أنه ابن أبي الدثنة. ولد سنة ٥٨٩ ه‍. ولي مشيخة المستنصرية إلى أن توفي في ١٨ رجب (٢).

٥ ـ عبد الدائم بن محمود الموصلي :

كان قد سمع وحدث بالموصل ، وتفقه بدمشق على الحصيري. مات سنة ٦٨٠ ه‍ وهو أخو عبد الله بن محمود المذكور في صحيفة ٣٧٤ باسم عبد الله بن بلدجي (٣).

٦ ـ المجد ابن الجليلي :

عبد العزيز بن الحسين بن الحسن بن إبراهيم بن سنان بن موسى ابن حسن بن بشر بن إبراهيم التميمي الداري ، أبو محمد المنعوت بالمجد المعروف بابن الجليلي. سمع ببغداد سنة ٦٢٠ ه‍ وبعدها من الشيخ شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي كتاب عوارف

__________________

(١) اشتبه اسم المترجم واختلف التلفظ به كما مر وجاء في منتخب المختار ما نصه : «محمد بن يعقوب بن أبي الفرج بن عمر بن خطاب بن أبي الدنى هكذا رأيته بخط الحافظ أبي محمد عبد المؤمن الدمياطي في مسوّده ، وقال : ويدعى أيضا أحمد أخو شيخنا عبد الوهاب.

قلت : ويقال ابن أبي الدنيّة وهو أكثر ، البغدادي الازجي أبو عبد الله وأبو سعيد الحنبلي المنعوت بالشهاب ... سمع منه الحافظ أبو محمد عبد المؤمن الدمياطي والإمام المؤرخ جمال الدين عبد الرزاق بن أحمد الفوطي ... وتفرد بالرواية عن جماعة من شيوخه. عمّر وهو شيخ دار السنة بالمستنصرية. ومولده في ذي الحجة سنة ٥٨٩ ه‍ ببغداد. توفي ابن أبي الدنيا ببغداد في يوم الأحد ١٧ وقيل ١٨ من رجب سنة ٦٨٠ ه‍» ا ه.

(٢) تذكرة الحفاظ والشذرات ج ٥ ص ٣٦٩.

(٣) الفوائد البهية ص ١٠٦.

٣٤١

المعارف ... ومن أبي الحسن علي بن أبي بكر بن روزبه ... ومحمد ابن النفيس بن عبد الوهاب بن سكينة ومحمد بن النفيس بن عطاء وعمر ابن كرم ، والأنجب الحمامي. توفي سنة ٦٨٠ ه‍.

وقائع سنة ٦٨١ ه‍ (١٢٨٢ م)

السلطان أحمد ١٦ المحرم سنة ٦٨١ ه

السلطنة بين ارغون وأحمد :

إن السلطان آباقاخان كان قد توفي بالوجه المذكور آنفا ولم تتفق الآراء على من يخلفه وحينئذ اجتمع الأمراء والصاحب شمس الدين الجويني على رفع ارغون عن التخت وتسليمه إلى أحمد وهذا اسمه في الأصل تكودار (١) ابن السلطان هلاكو خان وقد أسلم فجعل اسمه أحمد وهو أول من اسلم من أولاد هلاكوخان. ومن ثم اطلقوا الصاحب علاء الدين من الاعتقال واعتقلوا مجد الملك اليزدي وبعثوا الرسل (الايلچية) إلى بغداد للقبض على الأمير (علي جكيبان) (٢) ، و(صفي الدولة ابن الجمل كاتب السلة) وغيرهما ، ثم ساروا إلى الطاق ليجلسوا السلطان أحمد على التخت فوصلوا إليه وأجلسوه على تخت الملك في ١٦ المحرم قال في الشذرات : اسلم وهو صبي ويسر له قرين صالح وهو الشيخ (٣) عبد الرحمن الذي قدم الشام رسولا وسعى في الصلح ...

__________________

(١) وقد اضطرب المؤرخون في تلفظ اسمه ففي الفوطي «تكدر» وفي كلشن خلفاء «تكدار اوغل» وفي أبي الفداء بيكدار وفي الكتب التاريخية الأخرى غير ذلك وكلها تصحيف والصحيح أنه كما يلفظه المغول «تكودار» أو كما ينطق به العرب «تكدر» بلا اشباع الحركة وفي شجرة الترك ص ١٨٠ توقودار وجاء بالنون غلطا.

(٢) ورد جكيان وفي فوات الوفيات عند الكلام على ترجمة الصاحب علاء الدين جاء بلفظ «علي بن جكيان» والأول هو المعتبر ولا تزال التسمية ب «شكيب» معروفة وهي الأقرب.

(٣) سيأتي الكلام عنه في موطنه الشذرات ج ٥ ص ٣٨١.

٣٤٢

ولما استقر في الحكم أمر بتفريق الأموال المدخرة في الخزائن على أهل بيته وعلى الأمراء وأعاد الصاحبين شمس الدين وعلاء الدين إلى منصبهما وسلم مجد الملك إلى الصاحب علاء الدين فقتله في يوم الاربعاء ٧ جمادى الأولى سنة ٦٨١ ه‍ على ما جاء في جامع التواريخ (١) وقد حكى علاء الدين الجويني ما جرى بالوجة المتقدم فلم تكن امارة مجد الملك إلا مدة يسيرة فناله جزاء غدره ... ومجد الملك هذا هو ابن صفي الدين اليزدي. وكان قد انتسب إلى بهاء الدين بن شمس الدين الجويني في اصفهان ثم توصل إلى ان استخدم لدى شمس الدين الجويني إلا أنه رأى منه ما يكره فاضطر أن يعود إلى يزد ، ثم ذهب إلى اصفهان وعاد إلى بهاء الدين ثم صار إلى شمس الدين فأرسله إلى بلاد الروم. وكان رجلا مفسدا اتخذ الوسائل للقضاء على آل الجويني ، فلم يدخر وسعا في الوقيعة بهم ... وفي آخر مرة توصل إلى ارغون بواسطة أحد المقربين من أمرائه وهو (اباجي) وفعل فعلته ...!

وفي كلشن خلفا أنه أغرى بقتله فقتله قتلة شنيعة فولي ذلك شرف الدين هارون ابن أخيه وحملت أطرافه إلى البلاد وسلخ رأسه وحمله إلى بغداد وشوى الخربندية لحمه وأكلوا منه وشربوا الخمر في قطعة من رأسه ... وانتقم منه.

السلطان أحمد والملك المنصور الألفي :

ثم إن السلطان أحمد ارسل القاضي قطب الدين محمود (٢) الشيرازي إلى الملك المنصور الألفي رسالة خلاصتها : إن الله تعالى حبانا بالايلخانية (٣) وأمرنا بالعدل وحقن الدماء فإن اردت الموادعة فنحن

__________________

(١) وفي وصاف ٤ ذي الحجة من السنة المذكورة.

(٢) وكان إذ ذاك قاضي سيواس «أبو الفداء ص ١٧ ج ٤».

(٣) الايلخانية يقصد منها السلطنة المغولية «لغة الجغتاي».

٣٤٣

٣٤٤

نكف عسكرنا عن قصد بلادك ونفسح للتجار في السفر كيف شاؤوا آمنين فإن فعلت ذلك وإلا فعين للقتال موضعا واعلم أن الله يطالبك بما يسفك بيننا من الدماء فسار قطب الدين فلما وصل البيرة سير إلى مصر ولم يدخل الشام وأدخل إلى الألفي ليلا فوقف بين يديه وأدى الرسالة فقال له الترجمان نحن نجيب إلى ذلك وأمر في الحال بإنشاء الكتب إلى سائر البلاد ليتمكن التجار من السفر ، ثم أذن لقطب الدين في العود وأمر له بمال وأعيد إلى البيرة (١).

توجه علاء الدين نحو العراق :

ثم توجه علاء الدين نحو العراق. فلما وصل اشنى بلغه أن أرغون سار من خراسان لما بلغه وفاة أبيه السلطان آباقاخان يريد العراق.

فأقام في اشنى فأنفذ الكرزدهي والجلال بخشى ونجم الدين الأصغر (٢) ومجد الدين ابن الأثير وجماعة من أصحابه ومعهم راس مجد الملك وكتب معهم كتابا.

صورة الكتاب :

وهذه صورته : «من صاحب الديوان أضعف عباد الله تعالى.

أما بعد حمد الله منقذ العباد من الذين طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب. إن ربك لبالمرصاد.

__________________

(١) الفوطي. والرسالة بنصها منشورة في تاريخ ابن العبري ص ٥٠٦ وجوابها أيضا في الكتاب المذكور ص ٥١٠ من سلطان مصر سيف الدين أبي مظفر قلاوون.

وفي تاريخ وصاف صكوك المراسلة من السلطان أحمد إلى سلطان مصر ومن هذا إليه ص «١١٣» وما يليها. ومن المقارنة يشاهد الفرق وما لحق من غلط نساخ ... والتفاوت بين النصوص ظاهر ...

(٢) ورد في الفوطي وفي جهانكشاي بلفظ اصفر بالفاء وفي جامع التواريخ أصغر.

٣٤٥

السلام عليكم يا أهل بغداد! أهل الوفاء والوداد. أردنا أن نعرفكم حيث نعرف منكم صدق المحبة وحسن الصفاء والاعتقاد ونطلعكم على ما يرد من جانبنا من بلوغ المرام والمراد وما أسفر الحال من جلية الأمور فيدخل بها بعد الترح على القلوب والصدور ايراد الفرح والسرور فألهمنا إلهام الصدق والصواب ما قاله اصدق القائلين في محكم الكتاب : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ. وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) فأغنانا عن الجمل والتفصيل ، وكفانا تعب الاطناب والتطويل ، وستسمعون من العين والرأس ما لا ريب فيه ولا التباس. وتبيان ذلك ما عرضنا بذكره من حال المسكين المنبوز بمجد الملك الذي أورده سوء نيته وفساد سريرته مورد الهلك فرحم الله امرأ عرف قدره ولم يتعد طوره. وفقنا الله تعالى للقيام بشكر الائمة الصمدانية الأحدية ، ودعاء الدولة القاهرة الايلخانية الأحمدية ، التي نشرت ألوية الشريعة المحمدية وبسطت يد العدل في الارضين ، وكفت عن البلاد والعباد أكف أمثاله من الظالمين ، والحمد لله رب العالمين. وقد نفذ ملك الأمراء والنواب جلال الدين والصدر فخر الدين الكرزدهي والنوكرية ليشافهوكم بما شاهدوا من نعم الله تعالى التي تدور علينا من قديم كؤوسها والانعام الصادر عن الحضرة الشريفة الايلخانية التي طلعت من أفق الميامن شموسها. أعز الله سلطانها وأعلى في الخافقين شأنها» ا ه.

وكان وصولهم بغداد في رجب وقرىء هذا الخط في جامع الخليفة قرأه جلال الدين بن عكبر الواعظ وطيف براس مجد الملك في بغداد وشوارعها. ثم دخلوا دار مجد الملك ونهبوا ما كان بها.

وقبضوا على صفي الدولة ابن الجمل كاتب السلة وأصحابه ونهبوا داره وطلبوا الامير علي جكيبان فلم يوجد. وكان قد اتصل به الخبر فانهزم وكان قد وصل مع الجماعة فخر الدين عبد العزيز ابن النيار وفي

٣٤٦

حلقه طوق من حديد فوكلوا به في داره. وكان معهم أيضا صبي مثقل بعتلة من اهل إربل كان يخدم دلالا في العقار يعرف بعلوش كان قد ادخل نفسه في الشنقصة واذى الناس ، وعبد يشوع ويعقوب النصرانيان اللذان تقدم ذكرهما. كانا قد خدما مع مجد الملك وتجردا للقول في صاحب الديوان وأكثرا من ذلك فطيف بهم في بغداد عراة والعوام يصفعونهم ويضربونهم بالآجر. ثم قتلوا بقية اليوم وجر العوام جثتهم وأحرقوهم بباب قلاية النصارى.

ثم وصل الامير منصور ابن الصاحب علاء الدين وأخوه مظفر الدين ونجم الدين الاصغر ومعهم رأس النجم الدلال المعروف بالكيباية. وقد سبق ذكر ما وقع منه ، من القول في الصاحب ففرح أهل بغداد بوصولهم وعلق رأس الكيباية بباب النوبي. وكان قتله في إربل.

ثم إن الامير منصور اخرج فخر الدين النيار من السجن ليلا وقتله في النوفلية ظاهر بغداد فأصبح الناس ووجدوه مقتولا وكان شابا مليح الصورة اتصل بمجد الملك وخدمه ، وقال في صاحب الديوان أشياء كثيرة. وكان قبل ذلك قد اخذه الصاحب وضربه ضربا عظيما. وسبب ذلك ما بلغه عنه من الزيادة في الكلام والغيبة وأنه كان في جماعة منهم رجل من أهل الحلة يعرف بابن الدربي وجرى بينهم حديث نجم الدين بن الدرنوس وحكمه في زمن الخليفة ، وإن نجم الدين الاصغر قد استولى في هذه الدولة كما استولى هو فأنشد ابن الدربي أبياتا لنفسه وهي :

نجمان كل منهما في بلدة

لا ناصح فيها ولا مأمون

وكلاهما ساسا العراق فذاك قد

كان الخراب به وذا سيكون

إن كان تأثير الكواكب هكذا

هذا جنون والجنون فنون

٣٤٧

فأمر الصاحب بتحصيل الجماعة فاختفوا أياما وأمسك الصاحب عنهم واستمر حكم نواب الصاحب علاء الدين في بغداد شهورا من السنة.

الاضطراب في بغداد و(وفاة علاء الدين):

ثم اختلت الأحوال واضطربت الأمور وتوفي نجم الدين الاصغر نائبه في بغداد في شعبان وتوفي بعده الصاحب في ارّان (مغان) في ٤ ذي الحجة وحمل إلى تبريز فدفن بها ، وأن السلطان أحمد نصب ابن أخيه الخواجة هارون ابن شمس الدين مكانه.

وقد اختلفت الأقوال في تاريخ وفاة علاء الدين الجويني سواء في كشف الظنون أو في أبي الفداء وابن الفوطي وجماعة من المؤرخين والمعول عليه ما ذكرناه من تاريخ الوفاة فإنه موافق لما جاء في وصاف وجامع التواريخ وهما من المعاصرين ... ويعزى سبب وفاته إلى ما أصابه من تأثر لما قام به ارغون من القسوة بنوابه ببغداد حتى أنه امر أن ينبش نجم الدين الاصغر من قبره ويرمى في قارعة الطريق ... بقصد الإهانة ...

ترجمة الصاحب علاء الدين الجويني :

هو علاء الدين عطا ملك بن محمد بن محمد الجويني صاحب ديوان خراسان أخو الصاحب شمس الدين كان قد ولد في ١٠ ربيع الأول سنة ٦٢٣ ولي العراق ٢١ سنة وشهورا. وكان عادلا حسن السيرة اديبا فاضلا. جمع تاريخا للمغول سماه (جهانگشاي) ويعرف بجهانگشاي جويني وله رسائل جيدة منها (تسلية الإخوان) وذيلها وأشعار حسنة.

كان له الحل والعقد ـ كما لأخيه ـ في دولة آباقا ، ونال من الجاه

٣٤٨

والحشمة ما يجاوز الوصف. وقد مرّ من وقائع بغداد ما يتعلق به أيام ولايته عليها. وفي سنة ٦٨٠ ه‍ قدم بغداد مجد الملك اليزدي فأخذ علاء الدين وغله وعاقبه وأخذ امواله واملاكه وعاقب سائر خواصه بتهمة نهب أموال الدولة واخفائها فصادروا كل ما ملك وتحروا عن جميع ما عنده ورموه بالممايلة إلى حكومة سورية والاتفاق معها ، وأن المغلوبيات والوقائع على المغول جرت بسببه ... واختلقوا عليه أمورا كثيرة ... ولعل العلاقة الصهرية بالبيت العباسي مما قوى التهمة وأيد القول ... ثم إن السلطان أحمد اطلقه وأعاد له سلطته فتمكن من الوقيعة بمجد الملك اليزدي ومن معه ... واختفى البعض من مناوئيهم وهرب ... فلما ملك ارغون اختفى الاخوان وتوفي علاء الدين بعد الاختفاء بشهر سنة ٦٨١ ه‍ وقد ذكر الذهبي أن علاء الدين في ولايته على بغداد قد عمر ما خربه المغول ، وأزال عنهم ما نالهم ، وأعاد إلى بغداد ... عمارتها ، وراحتها ... وسعى سعيا بليغا لذلك وكذلك في تاريخ وصاف وعد من عماراته أنه أجرى نهرا من قصبة الانبار إلى النجف الأشرف وصرف له مبالغ وافرة قدرها بمائة الف دينار ذهبا فتأسست عمارات وقرى في جانبيه وعددها مائة وخمسون قرية فانقلبت تلك الأراضي القاحلة إلى مزارع متصلة ... هذا عدا ما مر بيانه. والظاهر أن النهر المذكور هو المعروف اليوم ب (كري سعده). كما أنه أسس رباطا في النجف وقد مر القول عنه ... وقال صاحب فوات الوفيات :

«كان علاء الدين وأخوه فيهما كرم وسؤدد وخبرة بالأمور وعدل ورفق بالرعية وعمارة للبلاد. وبالغ بعض الناس فقال كانت بغداد أيام الصاحب علاء الدين أجود مما كانت أيام الخليفة. وكان الفاضل إذا عمل كتابا ونسبه إليهما تكون جائزته ألف دينار. وكان لهما إحسان إلى العلماء والفضلاء. لهما نظرة في العلوم الادبية والعقلية.

وقد مرّ البيان عن بعض شعره وما رثاه به أخوه شمس الدين

٣٤٩

الجويني عند الكلام على المراجع التاريخية (١) ...

وأكبر اثر له التاريخ المعروف ب (جهانگشاي جويني) وهذا التاريخ قد اخذ عنه مؤرخون عديدون وبين هؤلاء ابن الطقطقي وإن لم يصرح بالنقل عنه .. وهو خير صفحة كاشفة عن المغول بقلم أحد ولاة بغداد ومؤرخيها وقد مر بنا أن وصفنا الكتاب في المراجع التاريخية وكنا نأمل أن يدون عن قطرنا أيام حكومته فيكون اساسا لغيره خصوصا جرت وقائع مهمة تدعو للبحث والتدقيق عن صفحة خفية وإن كان تاريخه عاما يتعلق بالحكومة الاصلية ... والمؤرخون مثل وصاف وإن كان يعد بمثابة ذيل لهذا التاريخ إلا أنه لم يكن صادرا من أهله ، وذو صلاحية في التدوين ...

وعلى كل فقد جمع المؤلف بين السياسة والعلم وتدوين الوقائع والدوبيت المذكور سابقا يعين علاقته بهذا المحيط وحبه له رغم تظاهره بأنه كلف بحاضرة الأتراك وما فيها من جمال ويكفي للدلالة على ذلك أنه لم يشأ ان يبرح العراق ويفارق بغداد ... والأهلون محبون له وراغبون فيه على خلاف ما رأوه من سائر أمراء العجم ممن سيجيء القول عنهم ... وقد قال صاحب الشذرات عنه أن امر العراق كان راجعا إليه فساسه أحسن سياسة. طلب في هذه السنة (سنة ٦٨٣ ه‍) فاختفى ومات في الاختفاء (٢). والصحيح عن وفاته ما أسفلنا.

وكان قد تزوج بنته الإمام الجليل والصوفي الزاهد الشيخ صدر الدين أبو المجامع ابراهيم ابن الشيخ سعد الدين محمد ابن المؤيد بن أبي بكر بن محمد ابن حمويه الجويني الشافعي. وهو الذي اسلم على يده السلطان غازان بمساعدة من امير نوروز فتابعه المغول في اسلامه

__________________

(١) ص ١١ وكلشن خلفا ورقة ٣٥ وفوات الوفيات ج ٢ ص ٣٥ ووصاف.

(٢) «ج ٥ ص ٣٨٣».

٣٥٠

فدخلوا افواجا في الدين الإسلامي ونال أيام هذا السلطان حرمة عظمى وتوفي سنة ٧٢٢ ه‍ (١).

والحاصل ، نرى أكثر المؤرخين يلهجون بالثناء على علاء الدين وما جاء في وقائع العراق من التنديد به من بعض المغرضين فإنه ناشىء عن عداء وحزبية وإلا فإن الأهلين حينما سمعوا برجوعه إلى بغداد أيام السلطان أحمد سمع لهم دوي فرح وسرور بل عيد وابتهاج (٢) ... وكان يرعى العلماء ويلحظ المدارس ... وقد مدحه شعراء كثيرون بينهم سعدي الشيرازي ، ومما مدح به من عز الدين عبد العزيز بن جعفر النيسابوري :

عطا ملك عطاؤك ملك مصر

وبعض عبيد دولتك العزيز

تجازي كل ذي ذنب بعفو

ومثلك من يجازي أو يجيز

ونسبها الفخري إلى ابن الكبوش البصري توصلا لذم قائلها ولذم علاء الدين للغضاضة القديمة بينهما (٣) ...

وقائع ارغون :

أما ارغون فإنه لما بلغه وفاة أبيه السلطان آباقاخان أقبل من خراسان فاتصل به جلوس السلطان أحمدخان على التخت فتمم المسير إليه وحضر عنده.

ثم رحل إلى بغداد فدخلها في شعبان والأمير علي جگيبان بين

__________________

(١) جامع التواريخ.

(٢) كلشن خلفا ..

(٣) تاريخ الفخري ص ١٦.

٣٥١

يديه واستنقذ صفي الدولة ابن الجمل كاتب السلة من اصحاب علاء الدين صاحب الديوان وخلصهما مما كانا فيه ...

ثم أمر بعمل حساب العراق فعمل وتخلف على الضمناء شيء كثير فطولبوا به وضويقوا عليه. وألزم أهل بغداد بالمساعدة. وأحضر قاضي القضاة عز الدين الزنجاني وقرر عليه وعلى العدول عشرة آلاف دينار واستوفى ذلك بالعسف وكان كل من اختفى من الناس نهبت داره وبيع ما فيها وألزم نواب الأعمال الحلية والواسطية والبصرية وغيرهم بمثل ذلك.

ثم طولب اهل بغداد بأجرة املاكهم عن ثلاثة أشهر فاستوفى من اكثرهم ثم تقدم باعفاء الناس كافة. ثم عاد إلى خراسان في الربيع.

ملحوظة :

الغزو على بغداد ونهب ما يتيسر نهبه والقسوة بالناس صار معتادا فكأن المدن العراقية خلقت لإعاشة الأشخاص الملقبين بالسلاطين وبالأمراء فلم يلتفت إلى حالهم ولم ينظر إلى ضرورة عمارة المملكة وتفقد أحوال اهلها وضعفائها والنظر في مصالح القوم وراحتهم ...

وفيات :

١ ـ فقد الشيخ ظهير أحمد ابن عبد القادر الجيلي الحنبلي من مدرسة جده. ولم يعلم حقيقة حاله وأتهم به أولاد كديدا فوجد سنة ٦٨٦ في بئر داره التي في مدرسة جده. وعرف بخاتم كان في يده.

حكى بعض اصحابه أنه رآه في المنام بعد فقده بثلاثة أيام فسأله عن حاله فقال له يضرب المثل بمن يده تحت الرحا فكيف بمن حصل كله تحت الرحا.

٢ ـ توفي الشيخ جلال الدين عبد الجبار بن عكبر الواعظ مدرس

٣٥٢

الحنابلة بالمستنصرية وكان عالما ، فاضلا ، ورعا ، زاهدا ... جلس للوعظ بباب بدر في زمن الخليفة وبقي على ذلك إلى واقعة بغداد ، ثم جلس في جامع الخليفة واستمر إلى أن مات وكان له قبول عند العالم.

٣ ـ توفي الشيخ الصالح أسد الدين محمد بن برس شيخ رباط القصر. ولد هو والشيخ جلال الدين في يوم واحد وماتا في يوم واحد.

٤ ـ توفي القاضي الفاضل المحقق شمس الدين أحمد بن محمد ابن أبي بكر ابن خلكان (١). وكان فاضلا عالما تولى القضاء بمصر والشام وله مؤلفات جليلة منها وفيات الاعيان من اشهر الآثار ولد في ١١ ربيع الآخر سنة ٦٠٨ بإربل.

٥ ـ توفي جمال الدين أبو إسحاق يوسف بن جامع بن أبي البركات البغدادي القصصي الضرير النحوي المقرىء الحنبلي الفرضي كان شيخ القراء ببغداد ولد ٧ رجب ٦٠٦ ه‍ بالقصص من أعمال بغداد ، انتفع به الناس في العربية والقراءات والفرائض واللغة وفي الذهبي أنه توفي سنة ٦٨٢ ه‍ (٢).

٦ ـ كمال الدين أبو البدر محمد الواسطي : محمد بن محمد بن محمود بن النجيب الواسطي الشرقي أبو البدر بن أبي طالب الشافعي المعدل كمال الدين نزيل بغداد. سمع من أبي بكر محمد بن مسعود ابن بهروز ، ومن أبي بكر محمد بن سعيد بن الموفق الخازن. حدث ، سمع منه أبو العلاء الفرضي. وقال : كان شيخا فقيها عالما فاضلا عدلا. سمع بواسط جماعة وقدم بغداد في سنة ٦٢٥ ه‍ وتفقه بالمدرسة النظامية. ا ه.

__________________

(١) «فوات الوفيات وأبو الفداء ج ٤ ص ١٧ والشذرات.

(٢) الشذرات ج ٥ ص ٣٧٥ وتذكرة الحفاظ ج ٤ ص ٢٧٤.

٣٥٣

وقال ابن الفوطي لم أسمع منه شيئا وأجازني جميع مسموعاته مولده سنة ٦٠٣ ه‍ وتوفي في ٣ ذي الحجة سنة ٦٨١ ه‍ وصلي عليه من الغد بجامع القصر الشريف ودفن بمشهد باب التبن بمقابر قريش غربي بغداد (١).

٧ ـ أبو الحسن البغدادي : علي بن أبي بكر بن الكردي الشهرزوري ، أبو الحسن البغدادي ... شيخ صالح عمل على طريقة السلف الصالح. قليل الكلام ، كثير التلاوة ، دائم الفكر .. قدم بغداد في صباه ... مولده في شهرزور سنة ٦١٢ ه‍ وتوفي سنة ٦٨٢ ه‍ (٢).

حوادث سنة ٦٨٢ ه‍ (١٢٨٣ م)

ولاية شرف الدين الجويني على بغداد

صاحب ديوان بغداد الجديد :

في رجب من هذه السنة وصل شرف الدين هارون ابن الصاحب شمس الدين محمد ابن الجويني صاحب ديوان الممالك إلى بغداد. وقد فوض إليه تدبيرها وجعل (صاحب ديوانها) على قاعدة عمه علاء الدين فاستبشر الناس بقدومه وحضر الشعراء بين يديه وأنشدوه المديح. فمما قاله جمال الدين ياقوت المستعصمي الكاتب :

الحمد لله قد مضى الترح

وقد أتانا السرور والفرح

وجاء صرف الزمان معتذرا

فكل ذنب جناه مطرح

__________________

(١) المنتخب المختار.

(٢) المنتخب المختار.

٣٥٤

لا تعيبوا الدهر بعدها فبنو

الدهر وأحداثه قد اصطلحوا

لئن عراهم من صرفه محن

لقد تلتها الهبات والمنح

وقد أتاهم بكل ما طلبوا

منهم ووافاهم بما اقترحوا

فهمهم بعد ضعف همته

يبدو عليه النشاط والمرح

* * *

وكل حزب يسر حزبكم

يربح في سعيه الذي ربحوا

إن ينج من بطشكم بجثته

جان فلم ينج قلبه القرح

أو يتخلف من العدى شبح

فسوف ينزاح ذلك الشبح

يا شرف الدين والذي شرفت

بمدحه المادحون والمدح

ما خلق الله من عطا ملك

بابا لملك عليك ينفتح

آنست بغداد بعد وحشتها

فصدرها باللقاء منشرح

قد جليت بعد طول عطلتها

وزينتها القباب والملح

فدم لأهل العراق ملتجأ

تأسو بجدوى يديك ما جرحوا

٣٥٥

وابق مدى الدهر ما بدا قمر

وما دنا بالإياب منتزح

وعين شمس الدين زرديان نائبا عنه.

قضاء وحسبة :

خلع على القاضي بدر الدين علي بن محمد بن ملاق الرقي وفوض إليه أمر القضاء بالجانب الغربي إضافة إلى ما كان يتولاه (من الحسبة) بجانبي بغداد والتدريس بمدرسة سعادة ، وعين الشيخ نصير الدين عبد الله ابن عمر الفاروثي مدرس الشافعية بالمدرسة المستنصرية وسلك طريقة عمه في تدبير العراق.

ووصل بعده نظام الدين عبد الله ابن قاضي البندنيجين وقد رتب كاتب السلة بالديوان.

مجد الدين محمد ابن الاثير :

أحضر مجد الدين محمد ابن الأثير وطالبه الوزير بما وصل إليه من أموال الديوان ودوشخ ووكل به أياما كثيرة واستوفي منه مقدار خمسين ألف دينار. ثم وصل في المحرم سنة ٨٣ من طلبه إلى الاردو وأعيد عليه كل ما اخذ منه ثم ندب للنيابة عن الخواجة شرف الدين هارون فأجاب إلى ذلك وعاد إلى الحكم في الديوان على ما كان عليه فبقي على ذلك مدة شهرين. ثم اخذ وطوق بالحديد وضويق وطولب بمال كثير واستوفي منه مبلغ مائة ألف دينار وحمل إلى الاردو.

ضرائب وتضييقات :

وفي هذه السنة ألزم التجار ببغداد بالقرض والمساعدة وضويقوا على

٣٥٦

ذلك وألزم الناس بأجرة مساكنهم عن ثلاثة شهور وطولب ارباب الأموال بإقامة عسكر وقرر عليهم على قدر أحوالهم واستوفي ذلك بالقهر والعسف.

النقود : (دناكش)

في هذه السنة ابطلت الفلوس النحاس وضرب عوضها فلوس فضة وجعلت كل اثني عشر فلسا بدرهم وسميت دناكش (١). ثم ابطلت في سنة ٨٣ وأعيدت الفلوس المس (النحاسية) وتعامل الناس بها كل ثلاثين فلسا بدرهم.

شحنكية بغداد : (شرطتها)

في هذه السنة أعيد تتارقيا إلى شحنكية بغداد.

المارستان العضدي :

وعزل سعد الدولة ابن صفي الدين عن نظر وقف المارستان العضدي وسلم إلى العميد زين الدين ضامن تمغات بغداد فقام فيه أحسن قيام وأجرى أموره على أحسن القواعد.

بين المدرسة النظامية والبشيرية :

وفيها نقل مجد الدين علي بن جعفر من التدريس بالمدرسة النظامية إلى المدرسة البشيرية ورتب في المدرسة النظامية نور الدين أبو البيان الحلبي.

__________________

(١) اصل دناكش تنكه بالكاف الفارسية وهي المعروفة عند المغول ويقابلها عندنا الدراهم الفضية ، سكة متداولة ومعروفة وقد جاءت في لغة جغتاي وضبطها قوللرس بفتح الأول وسكون الثاني أو حركته بالفتح. وأما تنكجه فهو نقد صغير فضي ثم اطلق على كل نقد كما فيه. وهو تصغير اللفظة وجمعها على دناكش هو جمع تنكجه .. وتلفظ تنكشه بتبديل الجيم الفارسية إلى شين ... والتاء والدال يتناوبان في اللغة التركية ... «لغة جغتاي».

٣٥٧

رسول إلى الشام : (وفاته)

في هذه السنة ارسل السلطان أحمد الشيخ عبد الرحمن إلى الشام لتقرير ما كان التمسه من الملك المنصور قلاوون لما ارسل إليه قطب الدين الشيرازي في السنة الماضية فلما وصل إلى دمشق حبس بها ، ولم يعلم عنه شيء بعد.

وكان ابوه مملوكا روميا للخليفة المستعصم ، فلما نشأ عبد الرحمن جعل من جملة فراشي السدة ، وأسر في واقعة ببغداد ، وقد ظفر بأشياء نفيسة من الجواهر وغيرها فجعل من فراشي الاردو ، فأظهر الزهد والناموس حتى صار يعرف بالشيخ فدفن ما كان معه في قلعة (تلا) ، ثم تنقلت به الأحوال حتى صار إلى الموصل ، واتصل بعز الدين ايبك دزدار العمادية ، وكان مولعا بصناعة الكيمياء مهوسا بها فمخرق عبد الرحمن عليه بشيء من ذلك فحظي عنده وقربه ، ثم سار عز الدين إلى السلطان وعبد الرحمن صحبته. فقال للسلطان إني رأيت في المنام في موضع من قلعة (تلا) دفينا فيه جواهر ومال كثير فسيره إلى هناك فأظهره وعاد به إلى السلطان. ومن ثم قربه وعمل له بعض المخاريق فزاد اعتقاد السلطان فيه ، ثم اتصل بالسلطان أحمد وحسن له الإسلام فأسلم وتسمى بأحمد ووعده بانتقال الملك إليه فلما ملك خدمه الأمراء والوزراء وعظمت منزلته عندهم. فلما ارسل الآن إلى سلطان الشام عرف حاله فأمر بحبسه من غير ان يجتمع به (١) ... وجاء في الشذرات أنه مات في الاعتقال بقلعة دمشق سنة ٦٨٣ ه‍ بعد السلطان أحمد.

وفيات :

١ ـ توفي عماد الدين زكريا بن محمود القزويني قاضي واسط بها.

__________________

(١) ابن الفوطي ص ٤٣١.

٣٥٨

وهو صاحب كتاب عجائب المخلوقات حمل إلى بغداد ودفن بها في الشونيزية وكان عالما فاضلا ، ويكتب خطا جيدا ، تولى قضاء الحلة سنة ٦٥٠ ه‍ ثم نقل إلى قضاء واسط سنة ٦٥٢ ه‍ وأضيف إليه التدرس بمدرسة الشرابي ... وترجمته معروفة فلا نطيل القول بها.

٢ ـ توفي الحكيم أبو منصور ابن الصباغ الطبيب وكان طبيبا حاذقا عمره زيادة عن مائة سنة ، يكتب خطا حسنا ...

٣ ـ توفي الشيخ أحمد بن القش شيخ رباط جهبر ورباط الشيخ علي بن ادريس ببعقوبا ودفن تحت أقدام الشيخ علي بن ادريس. وكان زاهدا ورعا.

حوادث سنة ٦٨٣ ه‍ (١٢٨٤ م)

حكومة ارغون

قتل السلطان أحمد وحكومة أرغون :

في هذه السنة قبض أرغون على وجيه الدين زنكي بن عز الدين طاهر والي خراسان واستصفى أمواله. ثم اخذ من أعيان خراسان أموالا كثيرة. فلما بلغ ذلك السلطان أحمد جهز إليه جماعة مع (علي ناق) (١) فالتقوا بظاهر قزوين واقتتلوا اقتتالا شديدا حتى كثرت القتلى بين الفريقين وحجز الليل بينهما فانهزم علي ناق وأصحابه وعاد أرغون إلى خراسان. فلما وصل علي ناق إلى السلطان أحمد عظم ذلك عليه وسار بعساكره إلى خراسان فمال أكثر من كان مع أرغون إليه والتحقوا به فعند ذلك راسله السلطان أحمد يدعوه إلى طاعته وترددت الرسل بينهما فجمع

__________________

(١) علي ناق ورد في الكتب الايرانية بلفظ «اليناق» كما في تاريخ مفصل ايران ص ٢٣٠ وفي غيره «ال يناق» وفي ابن العبري «اليناخ» والتقارب ظاهر والمعول عليه ما جاء في ابن الفوطي من أنه «علي ناق».

٣٥٩

أرغون أهله وخواصه وسار إلى بلد (كلات) في جبل فسيح قريب من طوس ليس له طريق إلا من جهة واحدة ولا سور عليه فسار في أثره الأمير بوقا وأحاط به فاستسلم حينئذ ونزل فحمله بوقا إلى السلطان أحمد فسلمه إلى علي ناق فجعل معه جماعة يحفظونه وقتل اصحابه وكل من كان معه من الأمراء ...

ثم رحل السلطان يريد آذربيجان. وتخلف بعده الأمير بوقا وعلي ناق أياما. فخلا الأمير بوقا بجماعة من الأمراء وأجمعوا رأيهم على تسليم الملك إلى أرغون. فلما اتفقوا على ذلك مضى بوقا إلى ارغون ليلا وركب معه جماعة من الأمراء وقبضوا على أصحاب علي ناق واستخلصوا ارغون منهم وعرفوه ما اتفقوا عليه فركب أرغون في جماعة من العسكر وقصد علي ناق وكبس عليه وقتله وقتل جماعة من اصحابه فاضطربت العساكر.

ولما اسفر الصبح صعد الأمير بوقا تلّا وأمر فنودي في الجيش هذا ارغون هو السلطان. وأما علي ناق فقد قتل وهذا رأسه. فلما رأوا الرأس سكنوا ...

ثم أجلسوا أرغون على التخت وأرسلوا من يقبض على السلطان أحمد فانتهت حكومة السلطان أحمد يوم الاربعاء ١١ جمادى الأولى سنة ٦٨٣ ه‍ (١) فلما بلغه ذلك ركب قاصدا (بركةخان) فلم يتمكن من ذلك وعاجلوه وأحاطوا به وقبضوا عليه وأرسلوا إلى السلطان أرغون يعرفونه ذلك فأمر بتسليمه إلى أولاد قنقورتاي (٢) فسلم إليهم فقصفوا ظهره فمات ليلة الخميس ٢٦ جمادى الأولى سنة ٦٨٣ ه‍ وفي ابن

__________________

(١) ابن العبري ص ٥٢٠.

(٢) ورد في ابن العبري وفي تاريخ مفصل ايران «قونغرتاي» ، و«قوتغرناي» وفي وصاف قنغراتاي وفي «كتاب اسلامده تاريخ ومؤرخلر» جاء بلفظ «قونقوراتاي» وهو أخو ابقاخان.

٣٦٠