موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

في سائر بلاده من أراد الحج إلى بيت الله الحرام فليبادر واجتمع خلق عظيم من ديار بكر وسائر الأقاليم قاصدين الحج وأن مهنا لما بلغه ذلك ركب وأقام لهم على الطريق فوجد السلطان من ذلك أمرا عظيما وتحقق أن مهنا متى وقع على ركب العراق أخذه فتقع العداوة بينه وبين الملك أبي سعيد ويفسد الحال المنتظم بينهما ويؤول الأمر إلى تعب عظيم ثم أرسل وراء سيف بن فضل بن عيسى وأمره ان يحضر سريعا وكان يعلم أن مهنا يحب سيفا بن أخيه محبة عظيمة وخشي أن يطلب من أولاد مهنا فياض أو سليمان ولا يجيبه فطلب سيفا فلما حضر إليه قال له يا سيف قل لوالدك فضل أن يتحيل على مهنا بكل حيلة وتكون أنت تمشي بينهما إلى أن يرجع مهنا عن التعرض لركب العراق فإني قد أعطيت لهم عهودا فوثقوا مني وأخشى أن يفسد عليّ مهنا جميع ما فعلته وأنا ما عملت أباك أميرا على العرب إلا أن يمنع مهنا وأولاده من التعرض إلى بلادي فلو عرفت أن أباك يتفق مع مهنا لما كنت أبعدت مهنا مني فاركب إليه وعرفه أنه متى لم يرجع مهنا عن ركب العراق فلا حاجة لي بأحد منكم وأكد عليه الوصية وفارقه إلى أن وصل إلى أبيه وعرفه ما قال له السلطان فقال له أبوه والله يا سيف هذه قضية صعبة وما يصلحها أحد غيرك أنت وأخوك قال وكيف قال تركب إلى مهنا وتسأله أن لا يفعل شيئا مما قصده ولا تقل إنك سمعت شيئا من السلطان فإذا رأيته وقد قوي عزمه على ما قصده من التعرض إلى الركب العراقي أقم عنده وأمسك ذيله وقل له إن أبي قد أمرني بالدخول عليك في هذه النوبة ...

فلما وصل إليه رحب به وضمه إلى صدره وقال له ما جاء بك إلى هذا المكان يا ابن أخي فقال اشتقت إليك وعرفت أبي فقال اغد إلى عمك أنت وأخوك قال فتبسم وقال والله يا وغيد ما جئت إلا في أمر ارسلك أبوك إليه قال فقلت لا بد من ذلك ثم أقمت عنده ذلك اليوم والثاني والثالث ثم عرفته بجميع ما اتفق من السلطان ومن أبي وكيف ارسلني إليه

٥٢١

وقال ما لأبيك فإنه يأكل خبز مهنا وأنت تأكل خبز أولاده ولم لا تحفظون البلاد وتراعون حق السلطان في كل ما يقصده؟ فأنتم تأكلون الأخباز ومهنا يأكل كسب سيفه وكيف أرجع عن هذا الركب العراقي وفيه مكسب يقوت لمهنا سنة كاملة؟ وإذا أخذت بحقي فإني رجل ما أنا تحت طاعة سلطان مصر ولا سلطان العراق وإنما آكل من سيفي!.

قال فسكت عنه أياما قليلة وقد حضر عنده من عرفه أن ركب العراق قد خرج ووصل إلى المكان الفلاني واهتم للركوب إليه. قال سيف : فقمت إليه ودخلت عليه ولم أزل اترفق له وأتذلل حتى أنعم عليّ بتركهم وبعد أيام وصل الركب وهم خلق كثير من أهل العراق وغيرهم ومعهم أموال جمة وسير مهنا إليهم وقال لهم : لنا خفر عليكم خمسة آلاف دينار وبذلك جرت العادة من العرب. فقالوا نحن ما نعلم شيئا من هذا ولا رأينا ركبا من العراق سافر إلى مكة من غير هذه الأيام ، ولو لا أن علمنا أن البلاد بلاد واحدة ، والاسلام واحد ، وأن الصلح قد انتظم بين ملك مصر وملك بغداد والموصل ما خرجنا. وهذا سنجق الناصر معنا بهذا السبب فلم يشوش مهنا عليهم بل أكرمهم وسهل أمرهم وقال يا سيف قد قبلت دخولك علي لأجلك لا لاجل أبيك ، ولا لأجل الملك الناصر فارجع إلى أهلك. قال وأعطاه فرسا ولأخيه فرسا ورجع إلى أبيه وعرفه بما جرى فقال له أبوه اركب واذهب إلى السلطان وعرفه بما وقع وأقم في مصر إلى أن يدخل موسى وإخوته أولاد مهنا إلى مصر فأنا أعلم أن السلطان ما يفسد ما بينه وبين مهنا ولا بد أن يعيد إليهم اخبازهم فذهب سيف إلى السلطان فرأى أولاد مهنا موسى وإخوته وهم أربعة قد سبقوه بيوم وهم عند السلطان مكرمون وقد عرفوه خبر ركب العراق وأن مهنا لم يتعرض بهم.

ثم لما اجتمع سيف بالسلطان وحكى له بما اتفق شكره على فعله ثم اجتمع كلهم يوما عند السلطان وجرت بينهم مفاوضة فقال السلطان

٥٢٢

لموسى بن مهنا يا موسى كيف يكون أبوك عاصيا عليّ ولا يدخل تحت طاعتي. فقال له موسى : والله يا مولانا السلطان لو اطاعك مهنا ما كنا عندك بهذه المنزلة والله إن عصيانه عليك جيد لنا ، والله لو أطعنا ما اطقناك فاحمر وجه السلطان خجلا منه. ثم قال لسيف : أبوك عاجز أن يخرج مهنا عن البلاد وأنا أضيف إليه عرب بني كلاب ، وبني مهدي فقال موسى : يا خوند أقول الصحيح أو أسكت قال قل الصحيح قال : وحياة رأسك ورأس مهنا إن فضلا لو جمع له مائة ألف بدوي لا يقدر أن يقاتل مهنا ولا كان يرمي أخاه ابدا ولا يسل احد منهما سيفا في وجه أخيه ، والله تعالى يحفظ مولانا السلطان لا يقل أحد إن فضلا يرمي مهنا ، أو مهنا يرمي فضلا ، وأي من ترضى منه كان في خدمتك إذا رأى مهنا أخاه يأكل خبزه ما يعظم عليه ذلك ، وإذا رددت خبزه عليه كذلك ما يعظم على فضل : فالغريب ما يدخل بيننا. ولما سمع السلطان ذلك لم يرد عليه جوابا ثم قاموا من المجلس. ولما رأى الأمراء أن السلطان قد انحرف من هذا الكلام انحرافا عظيما قال له الأمير عز الدين الخطيري يا خوند هذا وقتك فإن أولاد مهنا أربعة قد حصلوا عندك فاقبض عليهم وجردني أنا والأمير سيف الدين الأبو بكري ومقدرين من الشام ونحن نقيم في بلاد الرطبة سنة كاملة ونأكل اقطاع العرب ولا ندع مهنا ولا غيره ينظر إلى البلاد ابدا ويدخلون تحت طاعتك فكان جواب السلطان له : يا أمير عز الدين احذر أن تذكر شيئا من هذا فمثل مهنا وأولاده ما يفرط فيهم. ولما سمع الأمراء ذلك سكتوا ولم يردوا عليه جوابا وبعد أيام طلب السلطان موسى وإخوته وخلع عليهم وأكرمهم وأعطاهم أنعاما كثيرا ، واتفقوا معه على أنهم يرسلون إليه محمدا أخا مهنا ليضمن حضور أخيه إلى طاعته فخرجوا على ذلك وسافروا ...» ا ه (١).

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٢ ص ٢١٦.

٥٢٣

قاصد وهدايا ـ أوضاع العشائر :

«وفي هذه السنة جاء مصر قاصد قدم إليها من عند علي شاه وزير ملك التتار وصحبته تقادم وهي بخاتي وقماش وجوار ومماليك ، وذكر أن سلطانهم قطع اخباز العربان من عنده وهم مهنا وأولاده وإخوته وأقاربه وكان لهم معظم العراق.

وكذا الخواجة مجد الدين إسماعيل السلامي التاجر المشهور حضر إلى القاهرة من المدينة السلطانية ومعه هدية سنية جليلة من جملتها خركاه مجوهرة وخيمة سقلاط ومماليك وجوار ترك ملاح وجمال بخاتي وقماش نفيس وغير ذلك فتكلم في الصلح بين السلطان الملك الناصر والسلطان أبي سعيد.

قال صاحب النزهة لما وصل مجد الدين خرج القاضي كريم الدين إلى قبة النصر تلقاه ولما حضر مجلس السلطان سأله عن أخبار أبي سعيد وچوبان وعن أحوال البلاد فقال الجميع داعون لمولانا السلطان وليس لهم مراد إلا رضى السلطان وهم مجتهدون في الصلح. وكان مجد الدين سبق التقادم التي سيرها أبو سعيد.

ثم ورد الخبر من نائب حلب أن سليمان بن مهنا عارض الرجال الذين معهم التقادم وأخذ ما كان معهم ، وأنه خرج عن الطاعة ... وكان سبب خروجه أن السلطان كان طرد أباه مهنا عن البلاد وأخرج الإمرة عنه ، وكان السلطان أرسل إليه شهاب الدين قراطاي بأن يخرج عن البلاد فقال له مهنا : أي شيء رسم لك السلطان رسم بقتالنا أو غيره قال ما رسم لي إلا بطردك أنت وأولادك عن بلاد السلطان فقال مهنا : أما رحيل عن بلادنا فلنا غيرها وإن طلبنا العوض وجدنا ولكن هو عوضنا ما يجد وإن كان قد ضاقت أرضه بنا فالفلاة واسعة ثم أنشد :

إن ضاق نزل يا فتى بدياركم

فزمامها بيدي وما ضاق الفضا

٥٢٤

ثم رحل منها إلى أن قارب أرض العراق وتفرق أولاده في نواحيها.

ولما بلغ سليمان حضور الرسل ركب وقصد استغنام الفرصة ، ولما رآهم اصحاب أبي سعيد وجدوهم ومعهم كثير من العرب فتحققوا أن سليمان قاصد الفتنة فلم يواجهوهم بشر بل وقفوا وسيروا إليه قاصدا من جهتهم وقالوا : إنا رسل أبي سعيد إلى السلطان الملك الناصر وايش الغرض منا فقال ارجع إليهم وعرفهم أن البلاد التي للملك الناصر قد طردنا منها وخرجنا عن طاعته ، وأعطى اخبازنا لغيرنا من العرب وما بقي لنا معاش ومكسب إلا قطع الطريق وإخافة السبيل والذي معكم نأخذه ، وبعد ذلك إما ارجعوا إلى بلادكم وإما روحوا إلى الملك الناصر.

وكان في الرسل من يعرف سليمان وأباه عند ما دخلوا إلى خربندا وصار له معهم صحبة ولما عرف أنه سليمان أخذ معه هدية حسنة وركب في جماعة من المغل إليه فرآه وسلم عليه وقدم له ما أحضره واعتذر إليه ، وترفق له في السؤال فترك لهم سليمان أمرهم ورجع عنهم رعاية لذلك الرجل.

(الرسل عند سلطان مصر : (التقادم))

«ثم لما وصلوا إلى السلطان أكرمهم وسأل عن أبي سعيد ونائبه چوبان والوزير ثم أحضروا التقادم وكان فيها خوذة فولاذ منقوش عليها القرآن كاملا وجميعه ذهب ولم ير احد هدية أفخر منها وثلاث قطر بخاتي وعشر جوار وستة مماليك وقليل من اللؤلؤ وقالوا للسلطان : إن أخاك الملك أبا سعيد يسلم عليك ويقول إن أباه خربندا كان يقول أنا والسلطان الملك الناصر شيء واحد ، والمسلمون جيش واحد ، ونسكن الفتن القديمة ، ونقيم الملة الإسلامية ...

٥٢٥

ثم انزلهم السلطان دار الضيافة.

أمر الصلح :

«وكان أبو سعيد ذكر في كتابه شروطا عديدة منها :

١ ـ أن يمنع حضور الفداوية في بلاده فلا يدخل أحد منهم.

٢ ـ أن من حضر من مصر إلينا فلا يطلب ، وأن من حضر من عندنا إليكم فلا يعود إلا أن يكون برضاه.

٣ ـ أن لا يدخل في بلادنا غارة من عرب ولا تركمان.

٤ ـ أن تكون الطريق بيننا مفتوحة يدخل من عندنا إليكم التاجر وغيره فلا يعارض وكذلك إذا حضر منكم أحد.

٥ ـ أن يكون لنا سنجق سلطاني (علم) يحمل في الركب الذي يخرج من عندنا إلى مكة.

٦ ـ إن لا يطلب قراسنقر ولا يذكر لأنه نزيل عندنا فوجبت حرمته علينا.

٧ ـ أن يبعث السلطان إلينا رجلا معروفا بالجودة وممن يوثق به في الأمور ويكون معه نسخة يمين من السلطان ونحن أيضا نحلف وچوبان كذلك يحلف فيستمر الصلح فيما بيننا ويصير الإقليمان إقليما واحدا.

فلما وقف السلطان على ذلك شاور الأمراء وقرأ عليهم الكتاب فأشاروا عليه بأن يفعل ما في خاطره.

ثم إن الرسل أقاموا أياما قليلة ثم جهزهم السلطان بأحسن جهاز وأنعم على الرسول شيئا كثيرا سوى الخلع والحوايص ، وجهز برسم أبي سعيد هدية وهي فوقاني اطلس بطراز. وزاير بأولي مزركش ، وقباتيري ،

٥٢٦

وقرقلات ، وبركستوانات وخود. وجهز لكل واحد من نوابه وخواصه هدية تصلح لهم.

وكتب الجواب بجميع ما سألوه ... وأن العرب آل عيسى قد كثر فسادهم في البلاد وخرجوا عن طاعتي وقد أخرجتهم من بلادي ، وأريد أنا أيضا أن لا تمكنوهم من الدخول إلى بلادكم وتمنعوهم وأنا أخرج عسكرا من عندي ، وأنتم أخرجوا عسكرا من عندكم فنشيل سائر العرب ...» ا ه (١).

وفي هذا ما يبصر بالأوضاع السياسية بيننا وبين مصر وسورية ، وحالة العشائر البدوية في ذلك الزمن وروحيتها نحو الحكومات المجاورة ...

الفداوية من الإسماعيلية :

وفي هذه السنة عاث الفداوية من الإسماعيلية وحاولوا كثيرا قتل قراسنقر ، وعلم أنهم لم يقفوا عنده ، وأن أبا سعيد وچوبان وعلي شاه خافوا منهم ... فسيروا الرسل إلى الملك الناصر يخبرونه بالأمر ، وقد ارتبك بهم الحال وخافوا حتى أن أبا سعيد لم يخرج من الخركاه أياما ، ولاموا السلطان الملك الناصر بأنه يريد أن يتم الصلح ويبعث بالفداوية ليعيثوا ... (٢).

الركب العراقي ـ عودته من الحج :

مر القول عن ذهاب الركب العراقي إلى الحج ووصوله إلى هناك وكان معه خال السلطان أبي سعيد وغياث الدين صاحب هراة وهو أمير الركب وشحنة بغداد والشيخ صدر الدين ابن حمويه من خراسان وجمع

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٢ ص ٢٢١.

(٢) كذا ص ٢٢٣.

٥٢٧

عظيم وتحمل زائد ومحملهم مذهب وفيه احجار جوهرية بديعة ، وعمل چوبان نائب أبي سعيد والخواجة علي شاه الوزير صدقات كثيرة ومعروفا من أنواع القربات حتى أنه كان في كل منزلة من منازل الركب العراقي يضرب لكل من أبي سعيد وچوبان والوزير حوض سبيل فيه سكر سويق وينادي هذا سبيل فلان. ثم إن الركب تعرض إليهم مهنا كما قدمنا ولم يأخذ منهم شيئا ، ثم خرج عليهم من عرب البحرين نحو ألف فارس ومشاة كثيرة وقطعوا عليهم الطريق ، وكان أكابر هؤلاء قد حضروا إلى الملك الناصر ... فأنعم عليهم أنعاما كثيرا ... ولما رآهم أكابر الركب العراقي الذين هم من اصحاب أبي سعيد وچوبان ... وعرفوهم أن معهم كتاب السلطان الملك الناصر وسنجقه وهو منشور في محملهم وفي كتابه إلى سائر العرب بالإكرام والإحسان إلى الركب فلما وقفوا على الكتاب ورأوا السنجق قالوا (السمع والطاعة) للملك الناصر ثم فسحوا لهم الطريق. قال صاحب النزهة : ثم ساروا آمنين (١) ...

وفيات

١ ـ ابن عصبة البغدادي :

في هذه السنة توفي القاضي جمال الدين أحمد المعروف بابن عصبة البغدادي الحنبلي. قال الطوفي حضرت درسه وكان بارعا في الفقه والتفسير والفرائض. وأما معرفة القضاء والأحكام فكان أوحد عصره في ذلك (٢).

٢ ـ حميضة بن أبي نمي :

هو الشريف عز الدين أمير مكة كان هو وأخوه رميثة وليا إمرة مكة ... وجرت له وقائع في العراق وناصره السلطان خربندا قتل في جمادى الآخرة سنة ٧٢٠ ه‍ (٣).

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٢ ص ٢٢٣.

(٢) شذرات الذهب ج ٦ ص ٥٣.

(٣) التفصيل في الدرر الكامنة ج ٢ ص ٨١.

٥٢٨

حوادث سنة ٧٢١ ه‍ (١٣٢١ م)

مهنا ابن عيسى أمير العرب :

وفي هذه السنة عبر مهنا بن عيسى الفرات وتوجه إلى السلطان أبي سعيد ملك التتر مستنصرا به على سورية وأخذ معه تقدمة برسم التتر سبعمائة بعير وسبعين فرسا وعدة من الفهود (١).

هدايا السلطان أبي سعيد :

وفي هذه السنة أهدى السلطان أبو سعيد إلى سلطان مصر صناديق ودقيقا وجمالا وتحفا (٢).

وفي عقد الجمان أن الرسل وصلت في ٢٩ المحرم ... وكانت الرسل أيضا قد توالى توافدهم من أوزبك نظرا لتوتر العلاقات بينهم وبين السلطان أبي سعيد والكل منهم يخطب ود ملك مصر حذرا من وقوع حرب بينهما أو توقع حدوثها ...

كتاب من بغداد :

قال ابن الوردي : «وفي هذه السنة في آخر جمادى الآخرة ورد كتاب من بغداد مؤرخ بالحادي والعشرين من جمادى الآخرة وفيه أنه جرى ببغداد شيء ما جرى من زمان الخليفة إلى الآن وذلك أنهم خربوا البازار من أوله إلى آخره وما يعلم ما عزموا عليه إلا الله تعالى ما تركوا بالبلد خاطئة إلا توبوها وزوجوها وأراقوا الشراب ومنعوا الناس من العصير ونودي أن من تخلف عنده شيء من الشراب حل ماله ودمه للسلطان فطلع بعد ذلك عند شخص جرة فقتلوه وعند آخر جرتان فقطعوا

__________________

(١) أبو الفداء ج ٤ ص ٩٧.

(٢) ابن الوردي ج ٢ ص ٢٧١.

٥٢٩

رأسه وعلموا اليهود والنصارى بالعلائم وأسلم جماعة في كل يوم جمعة يسلم جمع ...» ا ه (١).

وجاء في عقد الجمان : «ابطل أبو سعيد ابن خربندا مكس الغلة ورسم على الخمارين وألزمهم بإحضار الخمور في الظروف فاجتمع نحو عشرة آلاف ظرف فاهريقت وأحرقت الظروف ، وفعل ذلك في جميع بلاده.» ا ه.

وفيات :

١ ـ وفاة محمد بن قيصر بن عبد الله البغدادي : أصله بغدادي ثم توطن ماردين. وهو نجم الدين النحوي. كان أبوه مملوكا لبعض التجار واشتغل هو ففاق في النحو والتصريف والمعاني والقراءات والعروض وغير ذلك وصنف في جميع ذلك. وله قصيدة على وزن الشاطبية بغير رمز. ولحق ياقوت المستعصمي فكتب عليه وجوّد طريقته وعليه كتب أهل ماردين : وكان كثير الهجاء سيىء السيرة. مات في ذي القعدة سنة ٧٢١ ه‍ (٢).

٢ ـ ابن جار الله : هو محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن فضل الله الواسطي أبو عبد الله بن الطحان ويعرف بابن جار الله ولد سنة ٦٥٢ سمع من عمر الكرماني وغيره. مات في ١٧ جمادى الأولى سنة ٧٢١ (٣).

٣ ـ محمد بن مقلد بن علي العاني : هو الدلال المقسمي ولد سنة ٦٥٣ مات بالقاهرة في ١٣ ذي الحجة سنة ٧٢١ ه‍.

٤ ـ أحمد بن حامد بن عصبة : توفي في هذه السنة أو التي قبلها.

__________________

(١) ابن الوردي ج ٢ ص ٢٧٢.

(٢) الدرر الكامنة ج ٤ ص ١٤٨.

(٣) كذا ص ١٦٤ ج ٤. كذا ص ٢٦٢.

٥٣٠

حوادث سنة ٧٢٢ ه‍ (١٣٢٢ م)

رسل أبي سعيد ـ شروط الصلح :

«بتاريخ العشر الأخير من ربيع الأول وصلت إلى الأبواب العالية رسل أبي سعيد ملك العراقيين وهم حسن بن شادي بن صنوجق ومملوك چوبان نائب أبي سعيد والقاضي نصير الدين محمد ابن القزويني الشافعي قاضي تبريز وصحبتهم ابن خاله السلطان أحمد وكان مجيئهم بسبب المصاهرة بين الملكين فأنعم السلطان عليهم وسفر معهم ايتمش المحمدي أحد مقدمي الألوف رسولا بهدية سنية من الخيول الاصائل والحوايص المجوهرة وحمار الوحش مخطط بأبيض وأسود وصل من اليمن. وقال صاحب النزهة وكان رسل أبي سعيد المذكورين قرروا مع السلطان أن يستمر الصلح بينهم وبين المسلمين فإنهم قد لحقوا بالإسلام وتلفظوا بالشهادة وأقيمت عندهم الخطبة والصلوات وأن يكون بينهم يمين أن لا يدخل بلادهم فداوي ، وأن يكون الحاج مستمرا ، وأن كل من يحضر إلى بلادهم يرجع إلى مصر وكل من يحضر منا إليهم يرجع إلى بلادنا ، وأن الرسول الذي يحضر من جهة السلطان يكون ممن يوثق بدينه وأمانته.

فلما سمع السلطان أجاب إلى ذلك وأمر القاضي كريم الدين أن يستعمل بالإسكندرية تفاصيل عليها اسم السلطان أبي سعيد ونائبه چوبان ، وجهز له تحفا كثيرة وعشر قوافل وعشر بركستوانات وخوذا وسيوفا وخيلا عربية كاملة العدد وأشياء فاخرة وعين للسفر الأمير ايتمش المحمدي لأنه كان رجلا جيدا صادق اللسان عاقلا يعرف لسان التتار وكتب معه وذكر في الجواب عن جميع ما في كتاب أبي سعيد غير أنه خالف في قولهم أن كل من يحضر إلى بلادهم يرجع إليهم وذكر أيضا أنه يخطب باسمه في بلادهم ويذكر اسمه قرين اسم أبي سعيد وأن يكون

٥٣١

له تاجر مقيم في الأردو برسم شراء مماليك وجوار وهو مجد الدين السلامي وأن من كان في بلادهم من الزام السلطان يرسلونه إليه ولا يمنعوا احدا من الدخول في بلاد السلطان وأن السلطان فسح لركب العراق في الحج وأوصى أمراء مكة بهم ، وأن عرب آل مهنا لا يقربونهم ، وذكر أنه يكون هو وإياه متفقين على إخراجهم من البلاد وإن كان لأبي سعيد أخت أو واحدة من عظم الخان برسم المصاهرة بينهم يكون ذلك لأنه آكد للصلح ، ثم إن السلطان أنعم على ايتمش بألفي دينار وأمره بالسفر وكتب معه إلى نائب الشام ونائب حلب بإكرامه والقيام بخدمته.» ا ه (١).

الأمير فضل بن عيسى :

عاد إلى سورية من الحجاز صحبة الادر السلطانية داخلا عليهم مستشفعا بهم فرضي عنه سلطان مصر وأقره على أمرة العرب موضع محمد بن أبي بكر أمير آل عيسى وكان اقامه السلطان مقام مهنا سنة ٧٢٠ ه‍ والأمير فضل هو أخو مهنا المذكور (٢).

وفيات :

١ ـ وفاة عبد الله بن محمد بن عبد العظيم الواسطي : المقري نجم الدين. قرأ بواسط على الشيخ خريم ، وعلى حسن الكوساني ، وأحمد ومحمد امين غزال وغيرهم ، ثم قدم دمشق فقطنها وجلس للإفادة ونظم قراءة يعقوب في كراسة. قال الذهبي جودها ومات في شوال سنة ٧٢٢ ه‍ (٣).

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٢.

(٢) أبو الفداء ج ٤ ص ٩٤ وص ٩١.

(٣) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٢٩٥.

٥٣٢

٢ ـ وفاة نصير الدين بن وجيه الدين التكريتي : هو عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد بن معالي الربعي التغلبي التكريتي ثم الدمشقي ولد في شوال سنة ٥٧ وسمع من الرضى ابن البرهان (والبرهان) والنجيب وعبد الدائم فأكثر وأجاز له محمد بن عبد الهادي وعبد الله بن بركات الخشوعي وغيرهما ... وهو من بيت كبير ، وصدر محترم وكان أبوه تاجرا ... مات في العشرين من رجب سنة ٧٢٢ ه‍ (١).

٣ ـ وفاة الشيخ صدر الدين الجويني :

صدر الدين أبو المجامع : هو إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الجويني وجاء في روضات الجنات صحيفة ٤٩ تفصيل عن المترجم وضبط لفظ حمويه وذكر له من المصنفات (فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين) فرغ منه في سنة ٧١٨. وشاهد صاحب الروضات تأليفه هذا وترجمه بالاستناد إليه وعرّف آل حمويه فكان بحثه مهما. ولد سنة ٤٤ وسمع من عثمان بن الموفق صاحب المؤيد الطوسي وسمع على علي بن أنجب وعبد الصمد بن أبي الخير وابن أبي الدنية وأكثر عن جماعة بالعراق والشام والحجاز وله رحلة واسعة وكان دينا وقورا مليح الشكل جيد القراءة وعلى يده أسلم غازان. وتزوج بنت علاء الدين صاحب الديوان سنة ٧١ وكان الصداق خمسة آلاف دينار ذهبا. وقال عنه الذهبي حاطب ليل. ومات سنة ٧٢٢ في ٥ المحرم بالعراق وفي عقد الجمان أنه توفي سنة ٧٢٣ ه‍ (٢).

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٠٠ وعقد الجمان ج ٢٢ ص ٣٤٧.

(٢) الدرر الكامنة ج ١ ص ٦٨ وعقد الجمان ج ٢٢.

٥٣٣

حوادث سنة ٧٢٣ ه‍ (١٣٢٣ م)

رسل السلطان أبي سعيد :

في هذه السنة ذهبت رسل السلطان أبي سعيد ورسل نائبه الأمير چوبان وتوجهوا إلى سلطان مصر بالقاهرة ثم عادوا إلى بلادهم (١).

وفي عقد الجمان ما نصه :

«ورد رسل أبي سعيد بسبب الأيمان التي عليها الصلح الذي بينه وبين الملك الناصر ورسم السلطان للأمير ايتمش بالخروج إلى ملتقاه وصحبته المهمندار وأن يأخذ معه كل ما يحتاج إليه من سائر الأشياء فركب إليهم في جماعة وتلقاهم من الصالحية ... وعند دخولهم أمر السلطان للأمراء بلبسهم على العادة المستمرة فدخلوا ورأوا موكبا عظيما وحصل لهم من السلطان إقبال وقدموا تقدمة أبي سعيد فكانت شيئا كثيرا من البخاتي والأكاديش والتفاصيل المثمنة ، ومعهم كتاب يترفق فيه أبو سعيد ويعرف السلطان الذي قصده من الأمور لم يخرج عن شيء من ذلك وأن الذي طلبه من أمر الخطبة والرغبة في المصاهرة فإنه يقصد المهلة في ذلك إلى حين يقع الغرض ويعلم أنه يصلح لمثله وكتب في كتابه أيضا أن يعرف نائب حلب ونائب الشام أن لا يمنعوا أحدا من دخول الفرات ولا الإقامة في مدينة يختارها وتكون مصر والشام وبلاد الشرق بلادا واحدة ، وكذلك نائبه چوبان والوزير أيضا كتب وأرسل كل منهما هدية على قدره وأرسلوا أيضا هدية للقاضي كريم الدين وكاتبه الوزير من جهته يعرفه أن جميع ما قصده مولانا قد فعله المملوك فإن أساس الصلح بين هذين الملكين كان كريم الدين بمصر والوزير الخواجة علي شاه ، فإن الرسالات كانت متصلة بين الوزيرين والهدايا متوالية ،

__________________

(١) أبو الفداء ج ٤ ص ٩٥.

٥٣٤

وكان السفير في ذلك مجد الدين السلامي ، وكان القاضي كريم الدين قد أذهل هذا الوزير بأنواع العطايا والهدايا التي كان يرسلها إليه بحيث استجلبه إلى أن حكم على چوبان وحكم چوبان على أبي سعيد وأكابر المغل وأراد الله أن يجمع شمل الإسلام على كلمة واحدة.

ولما قرب سفر الرسل أحضرهم وأحضر الأمراء وحلف اليمين التي عقد عليها الصلح وكتب بها نسخة على العادة وسير صحبتهم ما حسن وافتخر به من كل شيء ، وخلع على كبير الرسل ثلاث خلع مكملة بحوايص ذهب وأعطاه ألفي دينار وأنعم على سائر من كان معه وأطلق له شراء الخيل العربيات وجميع ما يختاره وأمر أن لا يتعرض إليه أحد من النواب ولا الولاة وكذلك القاضي كريم الدين أرسل من جهته أشياء مناسبة وأشياء مفتخرة هدية لأبي سعيد وچوبان والوزير وكتب السلطان أيضا إلى نائب الشام وإلى نائب حلب وسائر المملكة أن لا يمنع من يريد دخول الفرات ولا من يريد النزول بأراضيه ، وأن يكون كل من يحضر آمنا على نفسه وماله وكذلك التجار والمسافرون وسائر أرباب الصنائع ، وأن الشرق وبلاد مصر بلاد واحدة ، والإسلام قد جمع بين الكل.

وكتب القاضي كريم الدين إلى مجد الدين السلامي وعرفه أن السلطان أقبل على الرسل إقبالا عظيما وسأله أن يحضر إلى مصر ليجتمع بالسلطان ويعود في أمر مهم يختص به. وكان طلب السلامي ليرسل معه فداويا متنكرا ليغتال قراسنقر وقد اعتذر السلامي فلم يقبل عذره ، وأوعز إليه أن يبقى مدة بصفة مملوك ثم يجري فعلته. فلم يوفق لغرضه فأعيد ومعه هدايا من السلطان ومن القاضي ...

رسول مصر إلى السلطان أبي سعيد :

وفي هذه السنة وصل الأمير ايتمش المحمدي إلى تبريز فتلقاه الوزير وقد عرف منزلته من قراسنقر وجاء بحشمة وأبهة لا مزيد

٥٣٥

عليهما ... وقد تكلم العيني عن ذلك مفصلا وبين أن مكالمته كانت بالمغولية ، وأنه مغولي فأقيمت له الضيافات وامتنع من شرب الخمر ... وقد قضى الأمور التي ذكرها السلطان في كتابه والشروط المبسوطة فيه ... والتمس چوبان من الرسول عفو السلطان من إرسال فداوية متوالين إلى قراسنقر لاغتياله ، وطلب العفو عن الغدر به ... وبعدها صعد الخطيب يوم الجمعة فدعا للسلطانين وبين ما جرى عليه الصلح ، وأن الإسلام ملة واحدة ، فعاد إلى مصر مزودا بالهدايا للسلطان (١).

حج بنت السلطان ابقا :

وفي هذه السنة ذهبت الملكة بنت ابقا واسمها قطلو وفي خدمتها عدة كثيرة من التتر إلى الحج ورسم السلطان ورتب لها في الطرقات الإقامات الوافرة (٢). سماها صاحب الدرر الكامنة يلقطو وهي عمة غازان. كانت جيدة الإسلام كثيرة المناصحة للمسلمين وكان يقال لزوجها عرب طيىء ولما قتل ركبت بنفسها فقتلت قاتله وخطبها الافرم وهو نائب دمشق فنهرت رسله وامتنعت بعد أن كان بذل لها حمص وبلادها مهرا. وحجت سنة ٧٢٣ ه‍ في تحمل زائد فيقال تصدقت في الحرمين بثلاثين ألف دينار وكانت تركب بالجتر وتتصدق في طول الطريق ودخلت دمشق فتلقاها تنكز وبالغ في إكرامها ورجعت إلى بلادها إلى أن ماتت سنة ٧٢٣ ه‍ (٣) ...

__________________

(١) عقدة الجمان ج ٢٢.

(٢) أبو الفداء ج ٤ ص ٩٥.

(٣) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٤٤٣.

٥٣٦

وفيات

١ ـ وفاة مؤرخ عراقي (ابن الفوطي):

ترجمه جماعة. توفي في ثالث المحرم هذه السنة وقد مر وصف الكتاب المنسوب إليه المسمى (بالحوادث الجامعة). قال صاحب الشذرات : مؤرخ الآفاق ، العالم ، المتكلم كمال الدين عبد الرزاق بن أحمد بن عمر بن أبي المعالي محمد بن محمود بن أحمد بن محمد بن أبي المعالي الفضل بن العباس بن عبد الله بن معن بن زائدة الشيباني المروزي الأصل البغدادي الأخباري الكاتب المؤرخ الحنبلي ابن الصابوني ويعرف بابن الفوطي ـ (محركا نسبة إلى بيع الفوط) ـ وكان الفوطي المنسوب إليه جده لأمه. ولد في ١٧ المحرم سنة ٦٤٢ بدار الخلافة من بغداد وسمع بها من ابن الجوزي ثم أسر في واقعة بغداد وخلصه النصير الطوسي الفيلسوف وزير الملاحدة فلازمه وأخذ عنه علوم الأوائل وبرع في الفلسفة وغيرها وأمده بكتابة الزيج وغيره من علم النجوم واشتغل على غيره في اللغة والأدب حتى برع ومهر في التاريخ والشعر وأيام الناس وأقام بمراغة مدة ولي بها كتب الرصد بضع عشرة سنة وظفر بها بكتب نفيسة وحصل من التواريخ ما لا مزيد عليه وسمع بها من المبارك بن المستعصم بالله سنة ٦٦٦ ه‍ ثم عاد إلى بغداد وبقي بها إلى أن مات.

وقال في عقد الجمان : «الشيخ الإمام الحافظ المحدث المؤرخ العلّامة الأخباري الأديب ... صاحب التصانيف ... وله شعر كثير بالعربي والعجمي ... أسر في واقعة بغداد وسار إلى النصير الطوسي وأشتغل عليه بعلوم الأوائل وبرع في الأدب والنظم والنثر ومهر في التاريخ ، وكان قلمه سريعا مع خط بديع ... لهج بالتاريخ وأطلع على كتب نفيسه ثم تحول إلى بغداد وصار خازن كتب المستنصرية واكب على التصنيف رحمه الله.» ا ه (١).

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٢ ص ٤٢٢.

٥٣٧

ومن مؤلفاته :

١ ـ تاريخه الكبير :

٢ ـ مجمع الآداب في معجم الأسماء على معجم الألقاب. منه مجلد واحد في المكتبة الظاهرية بدمشق.

٣ ـ كتاب درر الاصداف في غرر الأوصاف مرتب على وضع الوجود من المبدأ إلى المعاد في عشرين مجلدا.

٤ ـ كتاب المؤتلف والمختلف وهو المسمى تلقيح الأفهام.

٥ ـ كتاب التاريخ على الحوادث من آدم إلى خراب بغداد.

٦ ـ كتاب حوادث المائة السابعة وإلى أن مات.

٧ ـ كتاب الدرر الناصعة في شعراء المائة السابعة.

٨ ـ معجم شيوخه.

٩ ـ ذيل تاريخ ابن الساعي.

١٠ ـ تلقيح الأفهام عن تنقيح الأوهام.

وله مؤلفات أخرى وترجمه الذهبي في تذكرة الحفاظ والكتبي في فوات الوفيات وجاء وصف بعض مؤلفاته في كشف الظنون ... وله خط بديع جدا ويد بيضاء في النظم وترصيع التراجم وبصر بالمنطق والحكمة (١).

٢ ـ وفاة مدرس البشيرية :

في هذه السنة توفي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمود الجيلي نزيل بغداد المدرس للحنابلة بالبشيرية. كان إماما ، فقيها ، عالما ، فاضلا ، له مصنف في الفقه لم يتمه سماه (الكفاية) ذكر فيه أن

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٦٥.

٥٣٨

الإمام أحمد نص على أن من وصى بقضاء الصلاة المفروضة نفذت وصيته. توفي ببغداد يوم الثلاثاء ١٠ جمادى الأولى.

٣ ـ قاضي المغول :

وتوفي برهان الدين محمد بن أبي بكر بن عمر بن محمد السمرقندي النوجاباذي الحنفي قاضي المغول (المغل) برهان الدين. ولد سنة ٦٤٣ وتفقه ببلاده وقدم بغداد مرارا ... وكان صدرا معظما كثير اللطائف ، حسن المذاكرة اتفق أنه لما أكمل ثمانين سنة عمل وليمة حافلة فمات بعدها بجمعة في رمضان سنة ٧٢٣ سمع من محمد بن يوسف الزرندي والسراج القزويني (١) ...

٤ ـ صفي الدين الأرموي العراقي :

هو صفي الدين محمود بن محمد الأرموي العراقي المتوفى سنة ٧٢٣ ه‍ وهذا قد هذب (كتاب المحكم والمحيط الأعظم) لابن سيده وله ترتيب خاص من حروف الهجاء غير النسق المعروف بينه صاحب كشف الظنون في مادة المحكم ...

حوادث سنة ٧٢٤ ه‍ (١٣٢٤ م)

مهنا بن عيسى أمير العرب :

في هذه السنة نزل الأمير مهنا بن عيسى بظاهر سلمية من بلاد حمص عند تل اعدا وكان له ما يزيد على عشر سنين لم ينزل بأهله هناك وكان الأمر والنهي إليه في العرب وخبز الأمرة لأخيه فضل بن عيسى (٢).

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٤٠٦.

(٢) أبو الفداء ج ٤ ص ٩٥.

٥٣٩

وفي هذه السنة توفي محمد بن عيسى بن مهنا أمير العرب وكان عاقلا نبيلا فيه خير وهو أخو مهنا توفي بسلمية عن نيف وسبعين سنة ودفن عند أبيه (١) ...

وجاء في الدرر الكامنة أن محمد بن عيسى هذا لما جهز خربندا مع حميضة عسكرا ليأخذ له مكة كبسهم محمد المذكور وقتل منهم كثيرا وأرسل إلى الناصر منهم أربعمائة أسير فأعجب الناصر ذلك وبالغ في الإحسان إليه (٢).

رسل السلطان أبي سعيد في مصر :

في هذه السنة حضر مصر رسل السلطان أبي سعيد وهم طوغان بغا وخادمه الخر بدار ورسل من جهة چوبان ومعهم هدايا وتحف كثيرة من خيل وسروج محلاة بالذهب مرصعة بالجواهر وسيف ومنطقة وأربع قطر بخاتي محملة صناديق ملونة الجلود وبرانس الجمال بمحمل وجوخ وغير ذلك من أنواع الثياب النفيسة وقضيت اشغالهم وسفروا (٣).

وفاة الوزير علي شاه :

وفي هذه السنة توفي الوزير علي شاه وقد مر الكلام عن وقائعه مع الخواجة رشيد الدين واتفاقهما للوقيعة بالخواجة سعد الدين ثم مخالفته للخواجة رشيد الدين إلى أن سعى بقتله ونال الوزارة بالاستقلال وكان قد شنع على الخواجة رشيد الدين فوجد آذانا صاغية ... قال أبو الفداء : «وكان قد بلغ منزلا عظيما من أبي سعيد وغيره. وأنشأ بتبريز الجامع الذي لم يعهد مثله ومات قبل إتمامه.

__________________

(١) الشذرات ج ٦ ص ٦٦.

(٢) الدرر الكامنة ج ٤ ص ١٣١.

(٣) عقد الجمان ج ٢٢.

٥٤٠