موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ١

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

الثالث وخطب الشيخ ظهير الدين محمد بن عبد القادر فلم يسقوا ماء الغيث إنما زادت الفرات عقيب ذلك وسقت الزروع.

٢ ـ وفي آذار جاء برد عظيم جمد الماء منه وأتلف الأشجار

ووقع في نيسان ببغداد برد كبار أهلك الزروع وقتل المواشي والغنم والطيور.

وقائع سنة ٦٧٥ ه‍ (١٢٧٦ م)

وقائع المغول :

في هذه السنة سار الملك الظاهر البندقدار بعساكره إلى بلاد الروم فخرج المغول إلى لقائه وكانوا نحو ثلاثة آلاف فارس فالتقوا به في قيسارية وقاتلوه فاستظهر عليهم وقتل أكثرهم وانهزم الباقون.

وقائع بغداد :

في هذه السنة تكرر وقوع النار في أسواق بغداد ومساكنها من منتصف المحرم إلى آخر صفر فلم يخل الانذار بوقوعها ليلا ونهارا.

واشتد خوف الناس لذلك. وأمر علاء الدين صاحب الديوان بعمل حياض في دروب بغداد وأن تملأ ماء ويستعد الناس في السطوح بالماء لإطفاء النار ولم يعلم سبب ذلك. إنما كان الإنسان يرى النار في كيسة داره أو خصها ...

وحكي أن بعض الفقراء كان نائما على الجسر فاستيقظ والنار في خلقانه واشتغل الناس بحفظ مساكنهم ولم يبق لهم اهتمام بغير الرصد لما يقع من الحريق وإطفائه.

وفيات :

١ ـ توفي شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الله الهاشمي الكوفي الواعظ ببغداد وهو من مشاهير شعراء هذا العصر وفي الفوطي

٣٢١

كثير من قصائده ومقطوعاته وقد تقدم ذكر بعضها أثناء الكلام على مصاب بغداد ... وكان ولي التدريس بالمدرسة النششية ...

وجاء في فوات الوفيات بلفظ شمس الدين محمود وأورد جملة صالحة من شعره (١).

٢ ـ أبو محمد التكريتي :

هو عبد السلام بن يحيى بن القاسم بن المفرج التكريتي أخو أحمد ابن عبد الرحمن وهو الأكبر تفقه على والده وحفظ القرآن وقرأ الأدب وبرع فيه. وله النظم والنثر والخطب والمكاتبات والمصنفات الأدبية. ولد سنة ٥٧٠ ه‍ وتوفي سنة ٦٧٥ ه‍ وقد ذكر في فوات الوفيات جملة من شعره (٢).

٣ ـ التلعفري :

الأديب البارع شهاب الدين محمد بن يوسف بن مسعود بن بركة الشيباني التلعفري الشاعر المشهور. ولد في الموصل سنة ٥٩٣ ه‍ واشتغل بالأدب ومدح الملوك والأعيان وكان خليعا ، معاشرا ، امتحن بالقمار ... توفي سنة ٦٧٥ ه‍ وديوانه طبع في بيروت سنة ١٣٢٦ ه‍ (٣).

٤ ـ أبو إسحق البرهان الخياط :

إبراهيم بن أحمد أبي المفاخر الازجي أبو إسحق الخياط المنعوت بالبرهان. سمع من أبي الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعي ، وعلي ابن أبي بكر بن روزبة وأبي النجا عبد الله بن عمر بن اللتي ، ومن محمد ابن محمد بن السباك ، ومن عبد اللطيف بن محمد القبيطي ، وحدث

__________________

(١) فوات الوفيات ج ٢ ص ٣٦٦.

(٢) كذا ج ١ ص ٣٥١.

(٣) كذا ج ٢ ص ٣٤ والشذرات ج ٥ ص ٣٤٩.

٣٢٢

سمع منه أبو محمد عبد العزيز بن أبي القاسم بن عثمان البغدادي البابصري ، وأجاز لشيخنا أبي إسحق إبراهيم بن عمر الجعبري ، وأبي العباس أحمد بن محمد بن علي الكازروني. توفي هذا الشيخ في ليلة الجمعة خامس محرم سنة ٦٧٥ ه‍ ببغداد ومولده سنة ٦٠٦ ه‍ (١).

وقائع سنة ٦٧٦ ه‍ (١٢٧٧ م)

قتل والي الموصل ونصب غيره :

في هذه السنة أنهى مسعود البرقوطي والي الموصل وأشموط (٢) الشحنة بها إلى السلطان آباقاخان أنهما ظلما في المحاسبة على ضمان الموصل فأمر بتحقيق ذلك. فلما علموا حسابهما أثبتوا أن البابا كان على الباطل فيما اعتمده معهما فأمر بقتله فقتل وولاهما الموصل وإربل فعادا برأسه وطافا به وعلق على باب الجسر.

غرق بغداد :

في هذه السنة زادت دجلة وغرق ببغداد عدة أماكن وانفتح في القورج فتحة عظيمة فخرج علاء الدين صاحب الديوان وكافة الولاة والأكابر والعوام وأخذ الصاحب باقة شوك وضعها على فرسه فلم يبق أحد إلا وفعل مثله ونزل الصاحب وعمل بيده وتكاثر الناس وتساعدوا فاستدركوها وسدوها.

برد في بغداد :

وفي آذار وقع برد كبار أتلف كثيرا من الزروع في الحلة ونهر ملك ونهر عيسى.

__________________

(١) المنتخب المختار.

(٢) ورد بلفظ «اشموت».

٣٢٣

خصومة في ثلاثة فلوس :

وفي هذه السنة تحاكم نفران عند قاضي بغداد في ثلاثة فلوس. وقيل إنه في سنة ٦٥٢ تحاكم رجلان عند قاضي تكريت في نصف درهم.

وفيات :

١ ـ توفي بهاء الدين أحمد بن عثمان البروجردي ببغداد.

٢ ـ ثم توفي أخوه شمس الدين محمد في جمادى الآخرة.

٣ ـ توفي العميد شمس الدين علي بن الأعوج. كان حمالا ثم صار بائعا للغلة والتمور في الخانات. كان أميا ، ثم تولى (تمغات بغداد) فأثرت حاله مع الناس والمتصرفين وأهل البيوتات والمروءة وواصلهم وأحسن إليهم ، وتجمل تجملا ظاهرا وصار له المماليك ... وبقي على ذلك مدة ، ثم رتب صدر الأعمال الحلية والفراتية ، فلما قدم ششي بخشي والأمراء لتصفح حال العراق قال في علاء الدين صاحب الديوان أشياء ، فلما انتصر الصاحب وعاد إلى منصبه عزله وأخذ أمواله ، فرقت حاله وسافر إلى توريز (تبريز) فمات بها.

٤ ـ توفي الشيخ مجد الدين عبد الصمد بن أحمد البغدادي الحنبلي المقرىء أمام مسجد قمرية ، ثم نقل إلى مشيخة رباط دار سونيسان وبعد واقعة بغداد رتب خازنا بالديوان ، ثم أعيد إلى مسجد قمرية. ولد سنة ٥٩٣ ه‍ (١).

٥ ـ توفي عز الدين عبد السلام بن الكبوش البصري الشاعر. سكن في آخر وقته في المدرسة النظامية ، وكان مولعا بالكيماء وقد أورد له الفوطي جملة من شعره.

__________________

(١) الفوطي وتذكرة الحفاظ ج ٤ ص ٢٥٥ والشذرات ج ٥ ص ٣٥٣.

٣٢٤

٦ ـ نجم الدين علي اسفنديار بن موفق الدين البغدادي بدمشق. عاش ٦٠ سنة وهو واعظ مشهور ، حسن الإيراد ، وله لطف شمائل ، وبهجة محاسن ، توفي في رجب (١).

وقائع سنة ٦٧٧ ه‍ (١٢٧٨ م)

ضريبة واضطراب :

في هذه السنة ورد تقدم إلى علاء الدين صاحب الديوان باستيفاء خمسين ألف دينار بالعسف والقهر. ثم أمر بإثبات الادؤر ببغداد فأثبتت جميعها وطالبوا أربابها بالأجرة عنها عن شهرين. فبينما هو على ذلك وصل من طلبه إلى الأردو المعظم للموافقة على ما نسب إليه من مكاتبته سلطان مصر والشام ، وقبض على شرف الدين علي بن اميران كاتب الإنشاء وطوق وحمل صحبته. وقبض على حمزة التكريتي التاجر ونهبت داره وطوق وحمل صحبته أيضا.

وانفرد مجد الدين ابن الأثير باستيفاء ما قرر على الناس فغلقت الأسواق واختفى أكثر الناس فطولب النساء بما قرر على رجالهن ، ولم يخلص من هذا أحد حتى أن العلويين والقضاة والعدول استوفي منهم بالقهر والمضايقة العنيفة ...

وكذلك جرى في أعمال بغداد جميعها.

أما الصاحب علاء الدين فإنه حيث قوبل على ما نسب إليه ظهر كذب القائل فأمر بقتله وحملت اطرافه إلى البلاد. وكتب الصاحب إلى بغداد مع الواصلين برأس المذكور كتابا قرىء ببغداد في الجامع بعد صلاة الجمعة مضمونه :

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ج ٤ ص ٢٥٥ والشذرات ج ٥ ص ٣٥٣.

٣٢٥

«ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي انعمت عليّ وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه» ، إن لله تعالى ألطافا خفية ترى في أول الأمر خشنة جفية ، ويحسب الجاهل أنها نقمة ، فإن انتهت عرف كل احداثها نعمة ، ومعنى هذا الكلام ، لا يخفى على الخاص والعام ، وذلك فضل الله في إيراد كل امر وإصداره ، وقد اردنا أن نوضح من أول الأمر إلى آخره كيفية الحال جليا ، ونتلو عليكم آيات رحمته التي انزلها علينا بفضله بكرة وعشيّا ، فألهمنا الله العظيم قوله الكريم (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ ...) فهذه الآية قضية امورنا التي جرت ، وعنه الحال أسفرت ، فكأنما انزلت في هذا الشأن ، فما احتجنا معها إلى زيادة تفصيل وبرهان ، وفي الساعة التي قدم الكذاب المزور بين يدي الامراء ظهر من فلتات لسانه أنه كذب وافترى ، فما احتجنا في تكذيبه إلى شاهد يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعلمون :

وهبني قلت هذا الصبح ليل

أيعمى العالمون عن الضياء؟

فلما عرضوا كلامه على الآراء الشريفة برز التقدم المطاع لا زال نافذا بعرضه على السيف على ملأ من الناس وأنفذوا يديه إلى بغداد وإلى الروم الرأس ، ونادوا في الأسواق هذا جزاء من يقدم على عبيدنا المخلصين بالزور والالتباس ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.

وحيث نعرف التفات قلوب أهل بغداد حفظهم الله من كل سوء وفساد أنفذنا الأمير محمدا يبشر بطيبة نفوسنا ليعلموا خلو بالنا من كل ما يكدر بواطنهم ويشوش خواطرهم ويعلم أن كل ما يصل من خير وفضل هو بصالح دعاء أهل بغداد وحسن نيتهم وصفاء قلوبهم فليقابلوا هذه المراحم بإعلان الدعوات الصالحات لهذه الدولة القاهرة التي ما اندحض فيها حق ولا غلب فيها باطل ونحن واصلون عقيب هذا إن شاء الله». انتهى.

٣٢٦

ووصل بعد ذلك شرف الدين بن اميران والصاحب علاء الدين بعده.

شغب آخر على الصاحب :

وفي هذه السنة التجأ إلى تتارقيا شحنة بغداد رجل يعرف بالمنجم ابن حسين ويلقب بالكيباية كان من دلالي العقار يتمسخر ويضحك بنفسه ويضحك عليه من يعاشره ...

وكان سبب قربه من الشحنة التزامه بأحمد الشربدار. وهذا أحمد من أهل واسط يعرف بابن بقا أسر في الواقعة ثم خلص وخدم في بغداد في اسطبل اليام ثم صار يتولى عصر الشراب في شرابخانة الديوان فصار له قرب بالشحنة والتزام تام فأثرت حاله واشتهر اسمه فشرع في البحث عن أحوال صاحب الديوان وعرف باطن حاله وما يعتمده. ثم إنه اتفق هو والكيباية على أن نسبا أكابر أهل بغداد إلى مكاتبة سلاطين الشام باتفاق صاحب الديوان فتحدث الكيباية بذلك عند الأمراء والحكام فأحضروا صاحب الديوان وجماعة من الأكابر الذين نسبهم إلى المكاتبة واستعادوا كلامه فقال أشياء كثيرة فطولب بالبرهان على صحتها فلم يقدر على ذلك. فلما شدد عليه وضويق قال إني كاذب في كل ما قلته والذي بعثني على الكلام نصرة الدين ابن أرغش وأخوه وولده فأحضروا وسئلوا عن ذلك فاعترفوا به وقالوا إن تتارقيا الشحنة وضع القائل على ما قاله فأمروا بحبس الجميع واحضر ابن بقا الشربدار وسئل عن الحال فاعترف بها فسلم إلى صاحب الديوان فأمر بحبسه فحبس أياما ثم عمل له حجلة وسمر عليها وجعل على رأسه مسخرة كان ببغداد يعرف بالموصلي يصفعه بنعل ويروحه به ثم يبول عليه والناس يمدون الحجلة بالحبال في الأسواق والدروب في جانبي بغداد فأخذ في سب الصاحب وبسط لسانه فيه فنفذ إليه من قال له إن

٣٢٧

الصاحب قد عفا عنك وأمر بتخليصك من الحديد على أن يقطع لسانك فإن آثرت ذلك فأخرج لسانك لنقطعه فأخرجه فوضعوا فيه مسلة فامتنع من الكلام. وما زالوا يعذبونه بمد الحجلة واضطرابها إلى آخر النهار ثم قطع رأسه ووضع مكانه رأس معز بأسلحته وطيف به وأحرق العوام جثته ورفع رأسه على خشبة وطيف به.

ثم إن ابن أرغش أحضر رجلا من العرب وأعطاه كتبا ملصقة وأشار إليه ان يقول هذه سلمها إلى صاحب الديوان. فلما قال ذلك اخذ وحبس. أما الكيباية فإنه قال إن فخر الدين بغدي بن قشتمر كان أيضا من جملة الجماعة الذين اتفقوا على المكاتبة مع ابن ارغش فأحضر وسئل عن ذلك فأنكر فوكل به فقال الكيباية إن العدل جمال الدين أحمد ابن عصية هو كان يكتب عن بغدي فأحضر وسئل فأنكر فوكل به.

ثم إن الصاحب عرف صدق العدل وبراءة ساحته فأفرج عنه وخلع عليه وتقدم له بمال ولم يزل الكيباية والبدوي في السجن إلى أن توجه الصاحب إلى الأردو المعظم وأخذ بهما صحبته وقتلا هناك. وفي هذه وسوابقها لسان حاله يقول : «وكم مثلها فارقتها وهي تصفر».

ظهور مفسدين ببغداد :

وفي هذه السنة ظهر ببغداد صبيّان من الشطار يعرف أحدهما (بابن الحماس) والآخر (بالتاج الكفني) وانضم إليهما جماعة من الجهال وقويت شوكتهم وانتشر ذكرهم فأعمل صاحب الديوان الحيلة حتى احضر ابن الحماس إليه وعين عليه واليا في الشرطة فبقي على ذلك أياما واستعفى فعفاه وجعله ملازما باب داره ثم أشار إليه بإحضار التاج الكفني فأحضره وطيب قلبه وجعله رفيقا له فكبس جماعة من اهل الحلة بباب الصاحب في بعض الليالي عليهما فلم يظفروا بهما ولا يمكن الصاحب من تحصيلهم.

٣٢٨

ثم إن قتادة نائب الشرطة حكى لصاحب الديوان عن ابن الحماس والكفني أشياء من الفساد والتجريء على الناس وتكليفهم سرا وتخويفهم إن امتنعوا عن مساعدتهم فجمع بينهم وسئل قتادة عما قاله عنهما فقال أشياء أثبتها عليهما فأمر بقتلهما وطيف برأسيهما. فكبس على قتادة بعض اصحابه فأمر صاحب الديوان بنبش جثتي ابن الحماس والكفني وحرقهما.

عزل ناصر الدين قتلغ شاه :

وفي هذه السنة عزل الملك ناصر الدين قتلغ شاه الصاحبي من الأعمال الواسطية ورتب بها فخر الدين مظفر بن الطراح.

القضاء بالجانب الغربي : (وفاة القاضي)

وفيها أعيد صدر الدين محمد بن شيخ الإسلام الهروي إلى القضاء بالجانب الغربي من بغداد وتدريس المدرسة البشيرية فبقي على ذلك مدة شهرين وأصبح ميتا فقال أكثر الناس إن ابنه خنقه. وكان قد ولي القضاء قبله والتدرس بالبشيرية ابن يونس الموصلي. وتوفي بعد ذلك بشهور قليلة فقال زين الدين ابن الدهان :

اظن قاضي القضاة ايده اللّ

ه إلى كردكوه ينتسب

إذ كل قاض يقضي إلى الجا

نب الغربي يقضي وماله سبب

يا صاحب الملك يا عطا ملك

يا من به المكرمات تكتسب

ولّ الأعادي اللئام لجانب الغر

بي فصل القضا وقد نكبوا

٣٢٩

نقل من يوجد له قبر :

في هذه السنة رأى الناس في الليلة التاسعة من شهر رمضان بظاهر بغداد نورا متصلا بالسماء وفي صبحها قال بعضهم إنه رأى قبرا فيه أحد أولاد الحسن بمحلة الهروية فانهال الناس لزيارته ثم شرعوا في عمارته وتواترت بعد ذلك أخبار العوام يرون المنامات وكثرة الظواهر وتحدثوا بقيام الزمنى والمرضى وفتح أعين الأضراء ونقل قوم عن قوم أشياء لا أصل لها غير أهوية العوام وبطل الناس من معايشهم وأشغالهم بسبب ذلك فتقدم صاحب الديوان بنقل كل من يوجد له قبر إلى مشهد موسى ابن جعفر عليه السّلام ففعلوا ذلك وسكن العوام.

دعوى :

ثم حضر بعض من يدعي أنه علوي وزعم أنه رأى في منامه ما يدل على ظهور قبر بعض أولاد الائمة عليهم السّلام بتل الزبيبة فانهرع العالم إليه فلما كشفوا التراب عنه وجدوا صبيا مقتولا وعليه قميص وفي جيبه كعاب كان يلعب بها فعرفه بعض الناس وقال هذا ولدي وإني فقدته منذ أيام وذكر فيه علامات فلما لمح بان صدقه ووجدوا عند رأسه صخرة عليها مكتوب هذا قبر عمر بن عبد الله فلما أخبر صاحب الديوان بذلك عزم على قتل العلوي الذي اخبر به فسأله أكابر الناس الصفح عنه فأجابهم إلى ذلك وافتضح المشار إليه بين العالم وعرفوا قلة دينه وفساد عقله.

وهذه نقلها صاحب (غاية الاختصار في أخبار البيوتات العلوية المحفوظة عن الغبار) بشكل آخر قال «ظهر ببغداد سنة ٦٧٥ ه‍ بتل الزبيبة وهي محلة من محال مدينة السلام قبر زعم جماعة أنه قبر عبد الله الباهر ... وبنوا عليه الأبنية الجليلة ووضعوا عليه ضريحا ... وها هو إلى اليوم من المشاهد المعتبرة وليس بصحيح ما زعموه فإن عبد الله

٣٣٠

الباهر مات بالمدينة ودفن بها (١) ...

وفيات :

١ ـ توفي بهاء الدين حسن بن محاسن التاجر الصرصري.

٢ ـ توفي أيضا عبد الغني بن الدرنوس ودفن في داره وكان في مبدأ أمره يعمل في (الكلة) مع ارباب تنانير (٢) الآجر وهو الذي ينقل اللبن إلى التنور ثم يحطه بعد طبخه ثم ولع بالطيور الحمام فكتب في جملة البراجين بدار الخليفة ثم ترقت حاله إلى أن صار مقربا عند الخليفة يراسل به الوزير ويشاوره في الأمور ويعمل برأيه ولقب (نجم الدين) ورتب بعد واقعة بغداد خازنا بالديوان ثم نقل خازنا إلى الكارخاناه فبقي على ذلك إلى أن مات (٣).

٣ ـ الشيخ نجم الدين البادراني البغدادي. ذكره صاحب عقد الجمان.

حوادث سنة ٦٧٨ ه‍ (١٢٧٩ م)

سعال :

فسد الهواء في أكثر بلاد العجم والموصل وبغداد والحلة والكوفة وواسط والبصرة وجميع نواحي العراق. فأصاب الناس السعال وكثر ذلك فيهم حتى صار الطباخون في الأسواق يعملون المزاوير حسب وغلا الماش والعدس والحمص والسلق ودام ذلك شهورا.

__________________

(١) ص ٦٦ من الكتاب وهو للسيد تاج الدين بن محمد بن حمزة بن زهرة الحسيني نقيب حلب. طبع ببولاق مصر سنة ١٣١٠ ه‍.

(٢) تعرف اليوم بالكورة.

(٣) الفوطي. قد مضى الكلام عنه نقلا عن الفخري.

٣٣١

تزييف النقود :

نسب جماعة من أهل بغداد إلى ضرب الدراهم الزيوف فأخذ بعضهم وضرب فأقر على جماعة منهم نجم الدين حيدر بن الايسر وكان من أعيان المتصرفين وأمر الصاحب بقطع ايدي جماعة منهم ابن الاخضر كان ينقش السكة ، وقرر على ابن الايسر مالا فأدّاه.

غلاء :

انقطعت الغيوث في هذه السنة وغلت الأسعار وتعذرت الأقوات ومات أكثر المواشي.

عمارة منارة جامع الخليفة :

تمت عمارة جامع الخليفة وكانت قد سقطت في شهر رمضان سنة ٦٧٠ ه‍ وهذا هو المعروف بجامع الخلفاء وقد سبق الكلام عليه والآن أعيد بناؤها بإتقان وهي المعروفة بمنارة سوق الغزل وقد أشير إلى النقل عن تاريخ الغياثي واسمها لا يزال معروفا بالسوق المجاور لها (الايكجية) وهو سوق الغزل أو المغازل ... ولا يزال سوق الغزل والمغازل معروفا إلى اليوم ... والجامع كان كبيرا فصغر ...

عمارة مسجد معروف الكرخي :

وكملت عمارة الشيخ معروف الكرخي بالجانب الغربي من بغداد على شاطىء دجلة أمر بعمارته شمس الدين محمد ابن الجويني صاحب ديوان الممالك. وكان قد خرب لما غرقت بغداد سنة ٦٥٣ ه‍. كذا في التاريخ المعروف بابن الفوطي مع أن المشهور إلى اليوم أنه خارج البلد من جانب الكرخ ...

٣٣٢

وفيات :

١ ـ توفيت شمس الضحى شاهلتي بنت عبد الخالق بن ملكشاه بن أيوب زوجة علاء الدين عطا ملك الجويني صاحب الديوان فدفنت في التربة التي انشأتها مجاور مدرستها المعروفة بالعصمتية ظاهر بغداد عند (مشهد عبيد الله) (١) وكانت كثيرة الصدقات والإحسان والمبرات كانت تحب أهل بغداد وترى مصالحهم وتقوم في حوائجهم وتساعدهم. كانت أولا لأبي العباس أحمد ابن الخليفة المستعصم بالله وهي والدة ابنته رابعة التي تزوجها الخواجة شرف الدين هارون ابن الصاحب شمس الدين محمد ابن الجويني. ورابعة هذه لها من هارون ثلاثة أولاد زبيدة والأمين والمأمون ... وزبيدة هذه سيأتي الكلام عليها في حوادث سنة ٧٠٦ ه‍ عند وفاة ظهير الدين محمد بن الحسن الصرصري زوجها ...

ولشمس الضحى من علاء الدين بنات إحداهن زوجة الشيخ صدر الدين الجويني ...

٢ ـ توفي بهاء الدين محمد ابن الصاحب شمس الدين الجويني وكان ملكا بأصفهان ظالما سيىء السيرة متفننا في الظلم جدد القتل بالقنارة (٢) التي كان وضعها البساسيري في ايامه وقد نسيت لطول العهد بها.

٣ ـ توفي كمال الدين علي ابن الصلايا العلوي. كان قد ولي نهر ملك فالتقاه جماعة من المغول ومعه نفر قليل من اصحابه فقتلوهم وكتفوه وألقوه في دجلة فسار نحو فرسخ فوجده بعض صيادي السمك

__________________

(١) وعبيد الله هذا ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وقبره يقال له «قبر النذور ، في مقبرة باب البردان عند المصلى المرسوم بصلاة العيد. مصلى الأعياد ، في الجانب الشرقي من مدينة السلام راجع «تاريخ بغداد ج ١ ص ١٢٣».

(٢) القنارة لا تزال شائعة لفظتها وينطقها العوام «كنارة» ويقصدون منها آلة الصلب ، وفي تاريخ المغول نرى أنواع العقوبات مما لم يقررها شرع وفيها مثلة.

٣٣٣

فأخرجه وبه رمق وكان الزمان شتاء فدثروه وحملوه إلى المدائن فعاش بعد ذلك عدة سنين وظهر عليه رمد فكان سبب وفاته.

الحج :

وفي هذه السنة حج جماعة من العراق وعادوا سالمين.

حوادث سنة ٦٧٩ ه‍ (١٢٨٠ م)

منصب مشرف الممالك :

في هذه السنة اتصل مجد الدين اليزدي الذي كان ينوب عن عماد الدين القزويني ببغداد بعد فتحها بالسلطان (أباقاخان) وتحدث في الصاحبين شمس الدين وعلاء الدين فرتبه مشرفا (في جميع الممالك) وعين بها نوابا وكانت علامته مشرف الممالك.

عمل جسر لتستر :

وفي هذه السنة أمر علاء الدين صاحب الديوان بعمل جسر وحمله إلى تستر مكملا بسلاسله وآلاته فنصب تحت البند عند دزدبول (١).

غلاء في بغداد :

وفي هذه السنة غلت الأسعار ببغداد واشتد الغلاء وانسلخ العام على ذلك.

حادثة غريبة :

وفيها دخل تاج الدين عمر الهمذاني كاتب الكارخانة (٢) إلى علاء

__________________

(١) هكذا لفظها ابن الفوطي ، والمعروف أنها دزفول أو كما ينطقها الناس دسبول.

(٢) تكرر ذكر هذه اللفظة وقد جاءت في ترجمة ابن الدرنوس ولفظها ابن الفوطي

٣٣٤

الدين صاحب الديوان وبين يديه مسخرة اسمه علي فادعى علي المذكور بمال فأنكر ذلك فقال للصاحب لي عليه بينة ولي فيه علامة وقد كنت طالبته من قبل فجحد فلكمته وكسرت بعض أسنانه فتقدم إليه ان يريني فمه فلما فتح فاه لطمه المسخرة بدقيق كان في يده فطار في خياشيمه فاختنق في الحال.

ابن ميثم :

هو الشيخ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني صاحب شرح نهج البلاغة. كان من العلماء المبرزين في فنون عديدة ، وشهد له النصير الطوسي بالتبحر في الحكمة والكلام ... صنف شرح نهج البلاغة للصاحب الخواجة عطا ملك الجويني. كان ورد بغداد ومن مصنفاته شرحه الصغير على نهج البلاغة ، وكتاب الاستعانة ، وكتب النجاة في الإمامة ، وكتاب شرح الإشارات للشيخ علي بن سليمان البحراني وهو استاذه مات في البحرين سنة ٦٧٩ ه‍ في قرية هلتا من قرى الماخونة وقبر جده ميثم في قرية الدونج (١).

حوادث سنة ٦٨٠ ه‍ (١٢٨١ م)

قدوم السلطان آباقاخان :

في هذه السنة قدم السلطان آباقاخان إلى بغداد. وكان قد ارسل

__________________

كارخاناه ويراد بها دار الحكومة ، أو محل اعمالها «الدائرة أو المصلحة». ولا تزال تطلق على بعض المعامل في بغداد وتلفظ «كرخانة».

(١) كنز الاديب. وكتاب الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء والخلفاء والملوك. لأحمد بن الحسن العاملي. رأيت منه نسخة مخطوطة في مكتبة الأستاذ الجليل محمد أحمد المحامي.

٣٣٥

أخاه منكوتمر (١) وعدة من الجند في آخر السنة الماضية إلى الشام حيث كاتبه سنقر الاشقر يسأله انفاذ جيش ليأخذ به الشام ومصر وكان الاشقر المذكور قد حارب الملك المنصور الألفي فجهز عليه الألفي ستة آلاف فارس مقدمهم أيبك الحلبي فلما قرب من دمشق خرج سنقر الاشقر لقتاله في اثني عشر الفا فالتقوا واقتتلوا ساعة فانهزم اصحاب الاشقر. ومضى الاشقر في خواصه إلى عيسى (٢) بن مهنا بنواحي الرطبة فأقام هناك وراسل السلطان أباقاخان ، فجهز إليهم خمسين ألف فارس جعل عليهم أخاه منكو تمر فدخل بهم الشام أما الاشقر فإنه لما بلغه مسير منكو تمر إليه ندم على ما فرط منه وأخذ عياله وأصحابه ولحق بقلعة صهيون وتحصن بها. فنزل منكوتمر على الرطبة وحصرها مدة أربعين يوما ولم يحضر سنقر الاشقر إليه وتحصن بقلعة صهيون. فلما رأى ذلك بالغ في القتل والنهب والخراب. ثم سار يريد دمشق فخرج الألفي منها في جيوشه ونزل إليه سنقر الاشقر من القلعة وسار معه فالتقوا بالقرب من حمص واقتتلوا فانهزمت المغول وقتل منهم خلق كثير وعادوا إلى بغداد ثم انحدروا إلى السيب وأطراف بلاد واسط فنهبوا من الاعراب المفسدين خلقا كثيرا وعادوا إلى بغداد ومعهم الاسرى والأموال ...

الصاحب علاء الدين :

ونزل من الجيش في هذه السنة خلق كثير في الأدؤر ببغداد وأخرجوا أهلها منها وقبض السلطان على علاء الدين صاحب الديوان وأصحابه ونوابه وأتباعه وسلم الصاحب إلى (مجد الملك) فاستوفى منه أموالا كثيرة وبيع من اعلاقه وأسبابه جملة طائلة ودوشخ وألقي تحت

__________________

(١) منكوتيمور.

(٢) وعيسى بن مهنا هذا رئيس آل فضل أمير العرب من طيىء وكانت له المنزلة العالية عند حكومة سورية ... راجع حوادث سنة ٦٨٣ ه‍.

٣٣٦

(دار المسناة) (١) التي بأعلى بغداد على شاطىء دجلة مكتوفا عليه قميص واحد وكان البرد شديدا جدا وضرب خواصه وخدمه وأتباعه واستوفيت الأموال منهم.

وكان قد انضم إلى مجد الملك في الرفع على الصاحب علاء الدين رجلان نصرانيان احدهما من بيت الجمل بغدادي اسمه عبد اليشوع والآخر من ماردين اسمه يعقوب. وقالا فيه قولا كثيرا وكشفا من أحواله وأموره أشياء.

وقد حكى علاء الدين ذلك كله مفصلا في رسالته (تسلية الإخوان) وبين الإهانات من ضرب وقيد وتحكم فيه ما يقشعر منه بدن الإنسان إلا أنه أفرج عنه في ٤ رمضان لسنة ٦٨٠ ه‍ وبهذا التاريخ ختم رسالته المذكورة (٢) ...

وفاة السلطان آباقاخان :

أما السلطان فإنه توجه إلى بلاد الجبل. فلما وصل همذان مرض فعهد بالملك إلى ابنه ارغون وكان بخراسان واشتد مرضه فتوفي في ذي الحجة فسارت الرسل إلى أخيه (منكوتيمور) بالخبر فصادفوا الرسل من

__________________

(١) ويقال إنها البناية الموجودة في القلعة ولا تزال بقاياها قائمة وكانت أيام الترك العثمانيين قد اتخذت بمقام متحف للأسلحة القديمة على اختلاف أنواعها ، وزيارتها تشعر بأنها ليست من صنع العصور المتأخرة والظاهر من وصف الفوطي أنها هي أو من الأبنية المماثلة ، القريبة منها ، ولا يصح القطع ما دامت الصلة مفقودة ...

وأقول : كانت آنئذ في إدارة محمد المندو الملازم الأول مأمور الاسلحة إلى آخر أيام العثمانيين في العراق ، وهو حي يرزق إلى هذا اليوم (١ أيلول سنة ١٩٣٦) وعاد اليوم متحفا بديعا وأجريت فيه تحسينات مهمة ويسمى ب (القصر العباسي) ونشرت دار الآثار رسالة في وصفه وتصوير بقايا رسومه.

(٢) خلاصتها في مقدمة جهانگشاي جويني وفي تاريخ مفصل ايران.

٣٣٧

اصحابه تخبر السلطان آباقاخان بوفاته وهذا من غريب الاتفاق وكانت وفاته بسبب انهماكه في الشرب في مرض هذيان السكارى. وفي دائرة المعارف الإسلامية أنه توفي في أول نيسان سنة ١٢٨٢ م.

ترجمة السلطان آباقاخان :

قد مر من الوقائع ما ينبىء عن ناحية من حياته وقد كتب عنه مؤرخون كثيرون من معاصريه فمنهم من أوضح وقائعه في سورية وبلاد الروم مثل ابن العبري ، ومنهم من بسط القول عن وقائعه في العراق كالتاريخ المنسوب للفوطي ، ومنهم من اشبع وقائعه وفصلها عن حوادث المغول والقفجاق كالخواجة رشيد الدين ، ووصاف وكانت طاحنة جدا ... وقد أوضحت دائرة المعارف الإسلامية علاقاته مع الغربيين كما أن البستاني وصاحب شجرة الترك قد بينا وقائعه بصورة عامة ...

ومن هذه كلها أو مجموعها نحصل على فكرة صادقة وصحيحة عن حياة هذا السلطان ...

وحاصل ترجمته أنه ولي الحكومة لمدة ثماني عشرة سنة في خلالها قام بأعمال كبرى من اصلاحات كتخفيض الضرائب. ومن حروب كبرى أهمها انفصاله عن حكومة المغول الاصلية ووقائعه مع القفجاق ، واتخاذه الوسائل السياسية المهمة للانتصار على سورية ومصر فأنشأ علاقات مع الغربيين ففي سنة ٦٧٣ ه‍ (١٢٧٤ م) وصلت وفوده إلى ليون وفي سنة ١٢٧٧ م إلى روما فنالوا مكانة لدى الغربيين ومن ثم راسله كل من ادوارد الأول ملك انكلترا عام ١٢٧٤ م والبابا كلمنت الرام سنة ١٢٦٧ م وغريغوار العاشر (١٢٧٤ م) ونقولا الثالث (١٢٧٧ م) ومع كل هذا لم يتمكن من الانتصار على حكومات مصر وسورية بل خذل في بعض هذه الحروب بمخذولية كبرى ... وكان قد تزوج ابنة ملك القسطنطينية التي كان ابوه خطبها وتوفي قبل وصولها إليه فبنى بها آباقا

٣٣٨

خان سنة ١٢٦٥ م وكان في أيامه وأيام والده علماء كثيرون ذاع صيتهم مثل الخواجة نصير الدين الطوسي وغيره. وقد مضى ذكر جماعة من المؤرخين والعلماء في العراق كما أنه سيأتي القول عن الباقين في بغداد وسائر انحائها فلا تزال بقايا رجال العباسيين وعلمائهم ومن تلقى العلوم عنهم في العراق وفي خارجه ... وقد رأى العلماء توجها زائدا وحماية كبرى بسبب شمس الدين الجويني وأخيه علاء الدين ... إلا أن هؤلاء رأوا نكبة في أواخر أيامه بوشاية من مجد الملك اليزدي الذي توصل إلى ارغون بها ...

وفي البستاني أنه توفي يوم الأربعاء ٢٠ ذي القعدة بخلاف ما جاء عن الفوطي.

وقال الفوطي عنه إنه كان عمر السلطان آباقاخان نحو خمسين سنة ... وكان عادلا حسن السيرة محبا لعمارة البلاد ، ولا يرى سفك الدماء ، عفيفا عن أموال الرعية وفي الشذرات له ترجمة مختصرة وسماه (أبغا). ولا يسع الكلام فيما يتعلق بالعراق بأكثر من هذا ...

وقائع أخرى

رباط في مشهد سلمان الفارسي :

وفي هذه السنة عمر ناصر الدين قتلغ شاه الصاحبي رباطا للفقراء في مشهد سلمان الفارسي رضي الله عنه وأسكن فيه جماعة ووقف عليه قرى بواسط وعدة مواضع ببغداد.

وفيات

١ ـ وفاة مجد الدين صالح بن الهذيل :

توفي مجد الدين صالح بن الهذيل بواسط وكان عمره نيفا وستين

٣٣٩

سنة وكان جوادا كريما ذا معرفة وكفاءة ومروءة من أكابر المتصرفين بواسط وغيرها خدم بها نائبا في ديوانها في زمن الخليفة ورتب بعد واقعة بغداد صدرا في نهر ملك ونهر عيسى ثم نقل إلى صدرية واسط ولقب (بالملك) ثم اخذ ودوشخ وطولب بأموال واسط واستوفي منه جملة كبيرة وبيعت أملاكه وأسبابه ، ثم رتب بعد ذلك حاكما في إربل ، ثم عزل ورتب صدرا في طريق خراسان ثم اخذ وخزم انفه وطيف به ببغداد ثم رتب بعد ذلك ناظرا بقوسان. ثم عزل فرتبه شمس الدين محمد بن البروجردي نائبا عنه في ديوان واسط وفوض إليه تدبير الأعمال فبقي على ذلك إلى أن توفي شمس الدين المذكور وأعيد فخر الدين ابن الطراح إلى صدرية الأعمال الواسطية فرتبه علاء الدين صاحب الديوان مشرفا عليه فبقي إلى أن توفي ...

٢ ـ علاء الدين أبو الحسن اليشكري :

علي بن محمد بن حسن بن نبهان بن سند اليشكري الربعي البغدادي الأصل البصري المولد ، الشاعر المنجم ، ولد سنة ٥٧٥ ه‍ وتوفي سنة ٦٨٠ ه‍ كانت له اليد الطولى في علم الفلك وحل التقاويم مع النظم وحسن الخط. وكانت وفاته بدمشق. وله شعر أورده صاحب فوات الوفيات (١).

٣ ـ الشيخ موفق الدين الكواشي :

(نسبة إلى كواشة قلعة بالموصل) وهو أبو العباس أحمد بن يوسف الشيباني الموصلي الشافعي. ولد بكواشة سنة ٥٩١ ه‍ كان منقطع القرين ... وله تفسير صغير وكبير. أخذ عنه القراءات محمد بن علي بن خروف الموصلي وغيره. توفي في ١٧ جمادى الآخرة (٢).

__________________

(١) فوات الوفيات ج ٢ ص ١٠٧.

(٢) الشذرات ج ٥ ص ٣٦٥ وتذكرة الحفاظ ج ٤ ص ٢٤٧.

٣٤٠