وصار الحاصل هو الشمول لكلّ فرد ، كانت صيغة الجمع حينئذ ملغاة.
وبالجملة : إن كانت الأداة هي للاستغراق كان محتاجا إلى إثبات وضعها للعموم في قبال وضعها لتعريف الجنس أو الآحاد ، وكان ذلك موجبا لالغاء مفاد صيغة الجمع. وإن لم تكن الأداة للعموم ، بل كانت لمحض التعريف كما هو ظاهر المستدلّ ، كان الحكم باستفادة العموم منه بلا دليل. مضافا إلى أنّ العموم للآحادي يوجب إلغاء الجميعية.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ مفاد اللام ليس هو إلاّ الاشارة إلى الطبيعة ، لكن المشار إليه وهو الطبيعة تارة يكون مأخوذا من حيث نفسه ، لا من حيث وجوده في ضمن الأفراد ، وحينئذ تكون القضية طبيعية وتكون خارجة عمّا نحن فيه وأخرى تكون مأخوذة من حيث الانطباق على فرد معيّن ، وهي لام العهد الخارجي أو الذهني ، وهي أيضا خارجة عمّا نحن فيه. وتارة تكون مأخوذة من حيث الانطباق على الأفراد من دون تصريح بالجميع أو البعض ، وهي حينئذ إن كانت واردة في مقام البيان حملت على جميع الأفراد ، مثل قوله تعالى : ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(١) ، وإن أخذت من حيث الانطباق على جميع الأفراد وجب إيراد المدخول بصيغة الجمع ، لتكون صيغة الجمع إشارة إلى أنّ المراد بتلك الأفراد التي لوحظ انطباق الطبيعة عليها هو تمام الأفراد ، لأنّ ذلك هو مقتضى الجمع بين اللام الدالّة على إرادة الطبيعة من حيث الأفراد ، وبين صيغة الجمع الدالّة على إرادة الجمع من تلك الطبيعة المحمول على أقصى مراتبه ، فتأمّل.
وإن شئت فقل : إنّه قد جرى متعارف أهل اللسان على أنّهم عند ما يريدون
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.