ذلك الاسم المشتق بمنزلة المبتدأ الذي يكون فاعله سادّا مسدّ الخبر ، نظير ما مضروب إلاّ عمرو ، فيكون قولنا : ( لا إله إلاّ الله ) بمنزلة قولك : ( ما معبود إلاّ الله ) في كون الاسم بعده مفعولا نائبا عن الفاعل سادّا مسدّ الخبر ، فهو من هذه الجهة بمنزلة قولك : ( ما مضروب إلاّ عمرو ) في كون عمرو مفعولا نائبا عن الفاعل وسادّا مسدّ الخبر.
ولك أن تقول إنّ ذلك أيضا تكلّف ، بل إنّ لفظ الجلالة بنفسه خبر ، فكأنّ قائلا يقول إنّ الإله والمعبود هو الصنم فيقال في جوابه لا إله ولا معبود إلاّ الله ، وذلك من هذه الجهة نظير أن يقول إنسان إن ولد زيد هو هاشم وإنّ ولده أيضا هو خالد فتقول له لا ولد لزيد إلاّ هاشم ، فكان هاشم بنفسه خبرا عن الولد في جملة النفي ، كما كان بنفسه خبرا عن الولد في جملة الاثبات.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا الوجه يحتاج أيضا في تصحيح النفي فيه إلى كون المنفي هو الولدية ، فيكون راجعا إلى الوجه الأوّل ، فتأمّل فإنّ ذلك لو كان النفي مسلّطا على نفس الذات ، وأمّا لو كان مسلّطا عليها باعتبار الخبر فلا إشكال فيه ، فتكون هذه الكلمة الشريفة بمنزلة قوله تعالى : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ )(١) في أنّ ما بعد « إلاّ » يكون بنفسه هو الخبر ، من دون حاجة إلى تقدير شيء ، فتأمّل.
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١٤٤.