عن كليهما ، يكون مقتضى هذين العمومين هو ما ذكرناه من الاكتفاء بذلك الفعل الواحد امتثالا لهما معا ولزوم قصدهما معا ، على وجه يكون العمومان دالّين بالدلالة الالتزامية على لزوم قصد الجهتين وعلى الاكتفاء بذلك الصوم الواحد ، هذا كلّه فيما لا يكون قابلا للتكرار.
أمّا ما يكون قابلا لذلك كما فيما نحن فيه ، فلا يكون اجتماع الوجوبين في الطبيعة الواقعة في ناحية الجزاء إلاّ كاجتماعهما في صوم اليوم المذكور ، غايته أنّ العقل يحكم بالتقييد فيلزمه بامتثال كلّ من الوجوبين بالاتيان بالفعل مرّتين ، مرّة لأحدهما ومرّة أخرى للآخر ، لما ذكرناه من أنّ كلّ وجوب يستدعي امتثالا ، والمفروض أنّه يمكنه التكرار ، فيكون التكرار لازما من هذه الناحية ، لا من ناحية دلالة تعليق المادّة بما أنّها مورد للنسبة الطلبية كما أفاده شيخنا قدسسره (١) في الجواب عن الإشكال المزبور ، فإنّ تعليق المادّة التي هي مورد للنسبة الطلبية عبارة أخرى عن تعليق الطلب الوجوبي ، فلا يكون المتكرّر بتكرّر الطلب الوجوبي إلاّ نفس الوجوب دون متعلّقه ، إلاّ بضميمة ما ذكرناه من أنّ كلّ وجوب يستدعي إيجاد ذلك الواجب ، فيلزم الايجاد مرّتين ، ولا يرفع اليد عن ذلك إلاّ بدليل.
وينبغي أن يعلم أنّ وجوب الوضوء عند البول وعند النوم يمكن القول بخروجه عمّا نحن فيه ، فإنّ كلا من هذين السببين إنّما يكون مؤثّرا في ناحية تحقّق الحدث للقدر الجامع بينهما ، وبعد أن تحقّق منه الحدث يجب عليه الوضوء للصلاة مثلا ، فليس لنا أحداث متعدّدة وإلاّ لكانت حقيقة الوضوء مختلفة. نعم ، لو اجتمعت جهات تقتضي وجوب الوضوء كالصلاة والطواف ومسّ المصحف كان الواجب هو رفع الحدث ، ويكون قصد أحدها كافيا في رفع
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٧٠.