والمرتدّ ، وتقدّم (١) أنّه لا يمكن العفو عنه ، فيتأكّد الحكم عند اجتماع السببين لا محالة. لكن ذلك لا يخرجه عن التداخل ، غايته أنّه تداخل المسبّب بالتأكّد. والأولى التمثيل للقسم الثالث بما لو قال : ( إن نمت انتقض وضوءك ) فإنّه لو نام ثانيا لا يكون نومه مؤثّرا ، لأنّ الانتقاض ليس بقابل للتكرار لكي يكون من قبيل القسم الأوّل ، كما أنّه غير قابل للتقييد والتأكيد لكي يكون من القسم الثاني ، فلا أثر فيه لاجتماع الأسباب كي نتكلّم فيه على أنّ مقتضى الأصل هو عدم التداخل وأنّه هل يتأتّى فيه التداخل في السبب أو التداخل في المسبّب ، فإنّ مثل هذا المثال خارج عن هذا البحث بالمرّة.
ومن ذلك يظهر لك أنّ باب الوضوء خارج عن التداخل ، فإنّ النوم مثلا ليس بسبب للوضوء ، بل هو سبب لتحقّق الحدث وناقضية الوضوء ، والمفروض أنّه غير قابل للتداخل ، ووجوب الوضوء إنّما هو لكونه محدثا ، والحدث لا تكرّر فيه ولا تأكّد. وأمّا باب الخيار ونحوه باب القصاص وباب الحدود فهي أيضا خارجة ، إذ لم يقل أحد بسقوط الحقّ في ذلك باسقاط أو سقوط بعضه ، فلم يبق إلاّ باب الأغسال ، وهي من كفاية الغسل الواحد عن جنابات متعدّدة بمنزلة كفاية الوضوء الواحد في اجتماع أسبابه. نعم باب كفاية غسل الجنابة عن الوضوء وعن باقي الأغسال ، وهكذا كفاية الغسل الواحد عن الأغسال المتعدّدة كلّ ذلك على خلاف القاعدة ، وهو من قبيل التداخل في المسبّبات.
قوله : فانقدح من جميع ما ذكرناه أنّ مقتضى ظهور القضية الشرطية هو عدم التداخل إلاّ فيما إذا كان الجزاء غير قابل ... الخ (٢).
استثنى شيخنا قدسسره من أصالة عدم تداخل الأسباب مسألة وجوب القتل ، إذا
__________________
(١) في أجود التقريرات قبل عبارة المتن آنفة الذكر.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٧١ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة المحشاة ].