وشيخنا قدسسره (١) أخذ البيان بمعنى إفهامهم ما له الدخل في متعلّق حكمه ، ومجرّد فهمهم أنّ مورد القيد مراد مع شكّهم في الانحصار لا ينفع في البيان المذكور ، إذ لم يحصل لهم فهم المدخلية وعدمها ، وحينئذ لا يكون فهمهم أنّ مورد القيد مراد إلاّ من قبيل القدر المتيقّن الخارجي الذي لا أثر له في إسقاط الاطلاق.
وهذا الذي أفاده شيخنا قدسسره من أنّ المراد من البيان هو بيان المدخلية وعدمها لا مجرّد إيصال مراده إليهم من دون فهم المدخلية ، هو الحقّ الذي لا محيص عنه ، لأنّ مجرّد إيصال مراده إليهم من دون أن يفهموا المدخلية إنّما يحسن في مقام كون الغرض هو حصول مراد المولى منهم ، وهذا المقدار من تفهيمهم كاف في حصول ذلك الغرض ، وهو سعيهم إلى الامتثال فيما فهموه من مراد المولى ، وهو فيما يكون واجدا للقيد ، فإنّه محصّل لمراد المولى على كلّ حال ، سواء كان مراده هو المقيّد أو كان مراده هو المطلق. على أنّه إنّما يتمّ ذلك فيما لو كان الاطلاق بدليا دون ما لو كان شموليا ، بل يكون الأمر فيه بالعكس ، بمعنى أنّه لو ورد أكرم العالم في مقام السؤال عن الفقهاء ، لا يكون فهمهم حكم الفقهاء وأنّه يريد إكرامهم محقّقا لمراد المولى على كلّ حال ، لجواز أن يكون مراده هو المطلق الذي يستدعي في المقام الشمول والعموم لكلّ عالم.
نعم يبقى شيء : وهو أنّه بناء على ما أفاده شيخنا قدسسره هو أنّ الاطلاق يكون ساقطا فيما لو كان الكلام مكتنفا بما يحتمل أن يكون بيانا وقرينة على التخصيص ومدخلية وجود القيد ، مثل ما لو قال : اعتق رقبة قارئة للقرآن ، واحتملنا أن يكون اعتبار القراءة فيها كناية عن الإسلام ، لأنّ ذلك لازم الإسلام ، على وجه لو كان
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٣٣.