وتكون تلك المصلحة من قبيل المصلحة في الجعل لا في المجعول ، وحينئذ يكون الحكم حكما حقيقيا ، ويكون نسخه رفعا حقيقيا ، ولا يكون من قبيل الدفع.
نعم ، يتوجّه على هذا الأخير أنّه خلاف مسلك شيخنا قدسسره من أنّ المصالح إنّما تكون في المجعول والمتعلّق لا في الجعل ، وسيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى (١).
وأمّا ما في الحاشية الثانية على ص ٥٠٧ (٢) من التفصيل بين كون الموضوع أو الشرط من قبيل موارد جعل القصاص أو من غيره من الموارد ، بتأتّي اللغوية في الثاني وعدم تأتّيها في الأوّل ، فقد تقدّم الجواب عنه في مبحث جواز الأمر مع علم الآمر بانتفاء الشرط (٣) ، فراجع.
وحاصل الجواب : أنّ جعل الآمر الوجوب المشروط بشرط اتّفق أنّ الآمر كان عالما بعدم تحقّق ذلك الشرط ، لا يوجب كون جعل الوجوب المشروط بالشرط المذكور لغوا ، لأنّ مرجع ذلك الجعل إلى جعل الملازمة بين الوجوب وبين الشرط ، وهذه الملازمة لا تستدعي تحقّق أحد المتلازمين أو كليهما.
نعم ، لا بدّ في جعل هذه الملازمة التي هي عبارة عن جعل الوجوب معلّقا على الشرط المذكور من مصلحة تقتضي ذلك الجعل ، أو من مصلحة في ذلك المجعول ، أو من مصلحة في نفس الفعل على تقدير تحقّق شرط وجوبه ، وأين
__________________
(١) في الصفحة : ٣٩١.
(٢) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٣٩٥.
(٣) راجع الحاشية المتقدّمة في المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة : ٤٣٩ وما بعدها.