لكن لا يمكن تقديم هذا العموم على المفهوم ليكون المتحصّل هو كون الشرط في المضي وعدم الاعتناء بالشكّ في السجود هو أحد الأمرين من الدخول في القيام أو الدخول في النهوض ، لأنّهما من قبيل الأقل والأكثر الذي هو الدخول في القيام ، ولا محصّل لكون الشرط هو أحد الأمرين اللذين يكون أحدهما هو الأقل والآخر هو الأكثر ، لأنّ ذكر الأكثر حينئذ يكون لغوا ، لعدم إمكان استناد الحكم إليه لكونه مسبوقا دائما بالأقل ، وحينئذ ففي مثل هذه الصورة يتعيّن تقديم المفهوم على الدليل المقابل وإن كان بينهما عموم من وجه.
والأولى أن يقال : إنّه يجمع بينهما بطريقة الواو ، فيكون المدار حينئذ على الأكثر وهو الدخول في القيام ، اللهمّ إلاّ أن يدّعى أنّ ذكر القيام من باب كونه الغالب ، وأنّ الشرط في الحقيقة هو الدخول في النهوض ، فتأمّل.
والفرق بين مثل هذه الرواية وبين ما تقدّم من مثل أخبار الكرّ بالقياس إلى قوله خلق الله الماء طهورا ، ومثل القضية الشرطية من آية النبأ بالقياس إلى عموم المنع عن العمل بالظنّ ، في كون نقيض الخاصّ أخصّ من العام في تلك الأمثلة ، وفي مثل هذه الرواية يكون نقيض الخاصّ أعمّ من وجه من العام ، هو ما تقدّمت (١) الاشارة إليه من كون العام في تلك الأمثلة محفوظا في كلّ من النقيضين ، المنطوق والمفهوم ، ولا ريب أنّ نقيض الخاصّ المحفوظ معه العام يكون أخصّ مطلقا من العام ، بخلاف الرواية المزبورة فإنّ العام فيها لم يؤخذ في منطوق القضية الشرطية ولا مفهومها ، وحينئذ تدخل في القاعدة القائلة إنّ نقيض الأخصّ أعمّ من وجه من عين الأعمّ ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) في الصفحة ٣٢٦ ـ ٣٢٧.