الذي لا ينفعل بكونه كرّا لا يجتمع مع التصرّف فيه بأنّ القليل أيضا لا ينفعل ، لأنّ هذه التوسعة موجبة للغوية التقييد.
ومع قطع النظر عن ذلك نقول : إنّ ظهور الشرط في رجوعه إلى الحكم لا إلى الموضوع أقوى من ظهور العام في العموم ، فيكون هو المقدّم على العموم دون العكس. ثمّ لو سلّمنا رجوع القيد إلى الموضوع ليكون المتحصّل أنّ الماء الكرّ لا ينفعل ، لكان ذلك بالقياس إلى قوله الماء لا ينفعل من قبيل المقيّد بالنسبة إلى المطلق ، فيكون مقيّدا لذلك المطلق ، لأنّ ظهور التقييد في ضيق دائرة الموضوع أقوى من ظهور المطلق في توسعة الدائرة ، وإن لم نقل بحجّية مفهوم القيد والوصف.
ويحذو حذو هذه الوجوه التصرّف في أصل الشرط بجعله غير مسوق للشرطية ، ليكون على حذو قوله تعالى : ( إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً )(١) كما قيل في آية النبأ (٢) من التقييد بالفاسق تنبيها على فسق الوليد.
وأمّا ما أجاب به شيخنا قدسسره فيما حكي عنه (٣) من كون هذا الظهور وضعيّا ، ففيه تأمّل ، أمّا أوّلا : فلإمكان القول بأنّ مفاد لفظ الشرط ليس هو إلاّ الربط ، وكون المربوط به هو الحكم أو موضوع الحكم أمر آخر خارج عن وضع الأداة.
نعم هي ظاهرة في الرجوع إلى الحكم. بل قد يقال : إنّ رجوعها إلى الموضوع رجوع بالأخرة إلى الحكم ، إذ لا معنى لتقييد الموضوع إلاّ بلحاظ
__________________
(١) النور ٢٤ : ٣٣.
(٢) الحجرات ٤٩ : ٦.
(٣) أجود التقريرات ٢ : ٣٨٧.