كلّ مسكر حرام ، وهذا التخصيص لا مانع منه ولا يكون مصادما لحرمة شرب الخمر.
نعم ، لو كان ذلك الدليل نافيا للحكم عن المورد المذكور مثل أن يقول إنّ الخمر حلال ، لعومل معه معاملة التباين ، فإنّ هذا القول وإن [ كان ] أخصّ من الحكم الكبروي أعني كلّ مسكر حرام ، إلاّ أنّه لمّا كان رافعا للحكم عن مورد ذلك الحكم الكبروي ، كان من قبيل تخصيص المورد وإخراجه عن الحكم العام الوارد فيه ، وقد حقّق في محلّه أنّه يعامل معه معاملة التباين ، لا من جهة التلازم ونحوه ، بل من جهة كون العام نصّا في مورده.
بل فيما نحن [ فيه ] زيادة على مجرّد الموردية ، وهي أنّ قوله لا تشرب الخمر لأنّه مسكر مشتمل على التصريح بحرمة شرب الخمر ، فيكون ما دلّ على حلّيته مصادما لهذا التصريح ، بخلاف مجرّد الموردية فإنّه إنّما يكون في مثل أن يسأل السائل عن حكم شرب الخمر ، فيقال له في الجواب إنّ كلّ مسكر حرام من دون أن يصرّح بقوله إنّ شرب الخمر حرام لأنّه مسكر وكلّ مسكر حرام ، فإنّ التصريح بذلك أقوى دلالة على حكم الخمر من كونه من مجرّد الموردية.
وعلى كلّ حال أنّ هذا وأمثاله لا يدخل في باب المفاهيم ، بل من قبيل العمومات الكبروية كما صرّح به المرحوم الشيخ محمّد علي فيما تقدّم من قوله إنّهم لم يصطلحوا عليه (١) ، ومن الواضح أنّ ذلك كلّه لا ينطبق على ما يكون الانتقال فيه من حكم على موضوع إلى حكم آخر على موضوع آخر لأجل اشتراكهما في العلّة ، فإنّ هذا لو وجد هو الذي ينبغي أن يسمّى بمفهوم المساواة ، وهو من باب المفاهيم الناشئة عن التلازم العقلي بين الحكمين ، لاشتراكهما في
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٥٥٥ ، وقد تقدّم في الصفحة : ٣١٦.