نعم ، لو كان الدليل الأجنبي معارضا لنفس المورد كأن يقال الخمر حرام للاسكار ، واستفدنا منه العلّة المنصوصة التي يدور الحكم مدارها وجودا وعدما على وجه يكون الاسكار واسطة في العروض بحيث يكون موضوع الحكم هو المسكر ، فكان ذلك بمنزلة الصغرى والكبرى ، وهي أنّ الخمر مسكر وكل مسكر حرام ، ثمّ بعد هذا يقال الخمر ليست محرّمة ، فهذا القول الثاني وإن كان أخصّ من تلك الكبرى الكلّية ، لكنّه لأجل معارضته مع المورد الذي وردت فيه الكلّية المذكورة يعامل معه معاملة المباين. ومنه قولهم إنّ العام نصّ في مورده ، فما كان دالا على نفي الحكم العام عن مورده يعامل معه معاملة المباين ، وذلك أمر آخر غير ما نحن فيه من كون ذلك الدليل معارضا للمنطوق.
وبالجملة : أنّ الحاق مفهوم المساواة بما نحن فيه من مفهوم الأولوية مبني على كون المورد من قبيل المنطوق ، وتوسعة الحكم إلى كلّ ما وجدت فيه العلّة من قبيل المفهوم الناشئ عن الملازمة العقلية بين الحكمين على وجه يمتنع عقلا التفكيك بينهما ، لاستحالة التفكيك بين معلولي العلّة الواحدة ، بناء على أنّ العلّة من قبيل الواسطة في الثبوت ، غايته أنّها مطّردة ومنعكسة ، فيكون الحكم دائرا معها وجودا وعدما ، ويكون ما دلّ على نفي الحكم في ناحية المفهوم موجبا لنفي الحكم في ناحية المنطوق ، فمثل قوله يحلّ شرب النبيذ يكون معارضا لحرمة شرب الخمر المعلّلة بالاسكار على نحو الواسطة في الثبوت.
ولكن شيخنا قدسسره فيما تقدّم قد حصر العلّة المطردة المنعكسة بالواسطة بالعروض ، فقال : والثاني ( يعني ما كان المفهوم فيه بالمساواة ) يتحقّق في منصوص العلّة ، ونعني به ما كان العلّة المذكورة فيه واسطة في العروض لثبوت الحكم للموضوع المذكور في القضية ، بأن يكون الموضوع الحقيقي هو العنوان