الأسباب حتّى الأسباب الشرعية ، لأنّا نعلم من الخارج أنّ انتقاض الوضوء بالبول لا يتوقّف على انضمام النوم إليه ، فلا يكون تعدّد هذه القضايا إلاّ في مقام بيان تعدّد السبب ولا يحتمل فيها أنّها لبيان جزء السبب. ولو احتمل فيها ذلك كان حالها حال القضايا التي يكون الجزاء فيها تكليفيا ، مثل إذا سافرت فقصر وإذا خفت العدو فقصر ، في احتمال كلّ من الطريقتين ، فيكون مقتضى صناعة الاطلاق والتقييد هو ما عرفت من تقييد التكليف بكلّ من القيدين ، ومقتضاه اعتبار الاجتماع على ما عرفت تفصيله ، وقد عرفت ما فيه من التأمّل الذي مرّت الاشارة إليه فتأمّل ، هذا.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ هاتين الجهتين من العموم المتقدّم وإن كانا معا في رتبة واحدة ، لكن بعد فرض أنّه لا بدّ من رفع اليد عن إحدى الجهتين ، يكون المتعيّن هو رفع اليد عن الجهة الأولى ، وذلك لأنّ محصّل رفع اليد عن العموم من الجهة الأولى هو أن نقول : إنّ قوله كلّما سافرت حدث وجوب القصر ، يخرج منه ما لو تقدّمه الخوف ، وهذا المقدار من الاخراج لا بأس به ، بخلاف ما لو رفعنا اليد عن الجهة الثانية ، لأنّ محصّل ذلك هو أن نقول : كلّما حدث السفر حدث وجوب القصر إلاّ إذا كان قد حدث السفر مجرّدا من الخوف فإنّه لا يحدث الوجوب عند حدوثه. ولا ريب أنّ اخراج هذه الصورة ـ أعني صورة انفراد السفر وحصوله مجرّدا عن الخوف ـ وبقاء العموم على صورة اجتماعه مع الخوف لا يكون إلاّ من قبيل تخصيص الأكثر البالغ حدّ الاستهجان ، ومن هذه الجهة يكون التصرّف الأوّل في مقام المزاحمة مقدّما على التصرّف الثاني ، هذا.
مضافا إلى أنّ التصرّف الأوّل لا يوجب سقوط الوجوب بالمرّة ، وإنّما أقصى ما فيه هو أن يكون موجبا لسقوط الجهة الزائدة على وجود الوجوب وهي