مؤلّفا من بعض القسمين الأخيرين ، بأن يكون بعض الجمل يختلف مع البعض موضوعا ومحمولا ، وربما كان البعض متّحدا مع البعض موضوعا أو متّحدا [ محمولا ] كلّ ذلك تكثير للأقسام وتطويل بلا طائل.
كما أنّ الظاهر أنّ البحث لا يختصّ بالاستثناء بل يجري في جميع القيود المتأخّرة ، كما وقع النزاع في آية التيمّم أعني قوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) الخ (١) ، في أنّ هذا القيد وهو لم تجدوا راجع إلى الجميع من قوله تعالى : ( كُنْتُمْ ) إلى آخره ، أو إلى الأخيرين ، أو خصوص الأخير.
والأولى أن يقال : إنّ الأمثلة تختلف ، فربما كان لنا موضوع واحد وأورد عليه أحكام متعدّدة ، سواء كان متأخّرا مثل قولك أكرم وعظّم وقلّد العلماء إلاّ الفسّاق منهم ، أو كان متقدّما مثل قولك إذا دخل العلماء البلد فافتح أبواب المساجد واجمع الناس وافرش السوق وهيّئ الاستقبال إلاّ الفسّاق منهم ، فإنّه لا ينبغي [ الريب ] في رجوع الاستثناء إلى عقد الوضع ، وأنّه يوجب التخصيص في الجميع. ولو كانت هناك موضوعات متعدّدة وأحكام متعدّدة مثل أحسن إلى النحويين وتعلّم من الكتّاب وبالغ في إكرام الهاشميين إلاّ الفسّاق ، أو كان هناك موضوع واحد متكرّر مثل أكرم العلماء وقلّد العلماء وتعلّم من العلماء إلاّ الفسّاق منهم ، فهو الذي وقع الكلام فيه في الرجوع إلى خصوص الأخيرة أو إلى الجميع.
والظاهر أنّ الآية الشريفة من قبيل الثاني ، فإنّ ذكر الضمير في كلّ جملة عبارة أخرى عن تكرار عقد الوضع ، وإلاّ فكيف كان عقد الوضع موجودا في الأخيرة مع أنّ الموجود فيها إنّما هو اسم الاشارة وهو كالضمير. كما أنّ الأولى
__________________
(١) النساء ٤ : ٤٣ ، المائدة ٥ : ٦.