على ما عرفت ، وقد عرفت (١) ما فيه من المناقشة ، كما عرفت (٢) المناقشة في كونه من هذا القبيل ، وأنّ الظاهر كون ذلك من قبيل المعلوم المرسل فإنّه لا يعلم إلاّ بأنّ دفتره مشتمل على مقدار من الدين ، فيكون ذلك بمنزلة العلم بأنّ هذا القطيع مشتمل على ما هو الحرام ، وأنّ أقصى ما في البين هو أنّه يعلم إجمالا بأنّه مديون لزيد ، وأنّ ذلك الدين مذكور في دفتره ، فيكون حاله حال من علم بأنّ في غنم هذه القرية ما هو حرام ، وأنّ ذلك الحرام موجود في ضمن هذا القطيع.
قوله في الحاشية المذكورة : كما ادّعي ذلك في موارد الشكّ في بلوغ المال حدّ النصاب وفي حصول الاستطاعة ... الخ (٣).
يعني بذلك الشبهات الموضوعية المبنية على الحساب. ولكن يمكن أن يقال إنّ ما نحن فيه أسهل من ذلك ، فإنّ الشبهة البدوية في أصل وجود الدين المذكور في الدفتر من قبيل الشبهة في أنّ هذا الحيوان أرنب أو غنم مع وجود الظلمة المحتاجة إلى الاستضاءة ، فتكون الشبهة من قبيل تغميض العين عمّا لو فتح عينه عليه لارتفعت ، وهذا النحو من الشبهات والشكّ والتردّد لا يكون بحسب النظر العرفي معدودا في الشبهات كي تشمله الأدلّة اللفظية للبراءة ، بل ولا العقلية لأنّ العقل لا يحكم في أمثاله بعدم البيان.
ومن ذلك تعرف الإشكال فيما ذكره في هذه الحاشية من قوله : ويدلّ على ما ذكرناه ـ إلى قوله ـ مع أنّه لا يشكّ في أنّ المرجع حينئذ إنّما هي أصالة البراءة الخ ، فإنّك بعد أن عرفت أنّ هذا العلم الاجمالي ليس من قبيل ذي العلامة ، وأنّه من قبيل غير المعلّم بعلامة خاصّة الذي ينحلّ بالاطّلاع على المقدار
__________________
(١ و ٢) تقدّما في الهامش ١ و ٢ من الصفحة ٢٥٠.
(٣) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٣٥٨ ـ ٣٥٩.